الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

سنة 4 مكتب فني إدارية عليا (من أول أكتوبر سنة 1958 إلى آخر سبتمبر سنة 1959)

------------------------
الطعن 577 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 98 ص 1112
الطعن 678 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 99 ص 1119
الطعن 742 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 100 ص 1129
الطعن 673 لسنة 3 ق جلسة 25 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 101 ص 1136
الطعن 854 لسنة 3 ق جلسة 25 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 102 ص 1145
الطعن 501 لسنة 4 ق جلسة 25 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 103 ص 1162
الطعن 816 لسنة 4 ق جلسة 25 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 104 ص 1175
الطعن 874 لسنة 4 ق جلسة 25 / 4 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 105 ص 1188
الطعن 1782 لسنة 2 ق جلسة 9 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 106 ص 1207
الطعن 753 لسنة 3 ق جلسة 9 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 107 ص 1236
الطعن 217 لسنة 4 ق جلسة 9 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 108 ص 1242
الطعن 288 لسنة 4 ق جلسة 9 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 109 ص 1252
الطعن 589 لسنة 4 ق جلسة 9 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 110 ص 1273
الطعن 236 لسنة 4 ق جلسة 16 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 111 ص 1286
الطعن 288 لسنة 5 ق جلسة 16 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 112 ص 1297
الطعن 587 لسنة 4 ق جلسة 23 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 113 ص 1309
الطعن 817 لسنة 4 ق جلسة 23 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 114 ص 1315
الطعن 817 لسنة 4 ق جلسة 23 / 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 115 ص 1315
الطعن 87 لسنة 4 ق جلسة 30/ 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 116 ص 1320
الطعن 721 لسنة 4 ق جلسة 30/ 5 / 1959 مكتب فني 4 ج 2 ق 117 ص 1328
------------------------------

الطعن 380 لسنة 8 ق جلسة 12 / 2 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 64 ص 621

جلسة 12 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد المستشارين.

-------------------

(64)

القضية رقم 380 لسنة 8 القضائية

(أ) دعوى. "رسوم قضائية". 

شطب الدعوى. لا تطبيق لهذا النظام في الدعاوى الإدارية ولا في طلبات الإعفاء من الرسوم القضائية - قرار بشطب طلب الإعفاء من أداء رسوم دعوى إدارية - لغو ولا أثر له.
(ب) عامل يومية. تعيينه. شرط اللياقة الطبية. موظف. 

شرط اللياقة الطبية هو من الشروط الجوهرية اللازمة للصلاحية في الخدمة والاستمرار فيها - المصدر التشريعي لهذا الشرط بالنسبة لعمال اليومية الدائمين.
(ج) عامل يومية "إنهاء خدمته". عامل. "شرط اللياقة الطبية" قرار إداري. "تحصنه". 

ثبوت عدم لياقته الطبية - إنهاء خدمته مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة صحيح - طول العهد على العامل دون استيفاء شرط اللياقة الطبية بالنسبة إليه - لا يعتبر إعفاء ضمنياً له - عدم تحصن قرار التعيين غير المقترن بثبوت اللياقة الطبية (1).

-----------------
1 - حيث إن نظام الشطب لا يطبق في الدعاوى الإدارية التي تعتمد أساساً على المذكرات المكتوبة، وحتى لو سلم بنظام الشطب في هذه الدعاوى فإن ذلك لا يسرى على طلبات الإعفاء من الرسوم لأنها ليست دعاوى وإنما طلبات ترفع للجنة المساعدة القضائية للإعفاء من الرسوم تمهيداً لرفع الدعاوى. ولذلك فإن قرار الشطب في طلب الإعفاء لغو لا يعتد به ولا أثر له.
2 - إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية اللازمة للصلاحية للتعيين في الخدمة والاستمرار فيها. وقد رددت هذا الأصل بالنسبة إلي عمال اليومية الدائمين - ومن قبل صدور كادر العمال - التعليمات المالية الصادرة في عام 1922 والمتضمنة للأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على "ألا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة ينتدبها القومسيون لهذا الغرض" وأنه لا شبهة في أن اللياقة الطبية التي تشترط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً للتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة بطبيعتها ودون حاجة إلى نص لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.
3 - إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعى باليومية الدائمة مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة يعد إعمالاً صائباً للأصل المقرر القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية، وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته الناتج عن عدم لياقته الطبية. وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعى طبقاً لأحكام كادر العمال بوصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه في حينه تعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي، إذ الأصل أن الإعفاء من شرط اللياقة الطبية هو استثناء من وجوب توفر هذه اللياقة للصلاحية للتعيين في الوظيفة والبقاء فيها، وهذا الاستثناء لا يكون إلا بنص في القانون أو بقرار صريح ممن خوله القانون رخصة هذا الإعفاء. أما طول العهد على تعيين العامل دون استيفاء شرط اللياقة الطبية بالنسبة إليه، فلاً يعتبر إعفاء ضمنياً له من هذا الشرط يترتب عليه سقوط حق الإدارة في التمسك به قبله ولا ينطوي على هذا المعنى لتعلق الأمر بصلاحية متجددة تتطلبها مصلحة الوظيفة العامة ذاتها. وهذه الصلاحية الواجب استمرارها والتي هي حق الوظيفة العامة على المكلف بعملها هي شرط جوهري لازم لقيام العلاقة الوظيفية وطوال قيامها، وبهذه المثابة فإن الإعفاء فيها أو النزول عنها لا يفترض. ومتى انتفى هذا الافتراض سقطت بالتالي حجة تحصن قرار التعيين غير المقترن بثبوت اللياقة الطبية بل إن فقدان هذه اللياقة لسبب ما بعد سابقة ثبوتها هو في ذاته سبب مبرر لإنهاء خدمة العامل وهو من باب أولى موجب لهذا الإنهاء في حالة عدم ثبوتها أصلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع الشكلية باعتبار أن نهاية ميعاد الستين يوماً المقرر لرفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا قد صادف يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل تال لها طبقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو يوم السبت الموافق 27 من يناير سنة 1962 الذي تم فيه إيداع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة وعلى هذا يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن - المدعى أقام الدعوى رقم 271 لسنة 8 القضائية ضد وزارة الأشغال بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 4 من فبراير سنة 1961 بناء على قرار لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة الصادر في 11 من يناير سنة 1961 بقبول طلب الإعفاء من الرسوم المقدم منه والمقيد بجدولها تحت رقم 1352 لسنة 6 القضائية. وطلب المدعى الحكم "بإلغاء القرار الإداري الصادر بتاريخ أول مايو سنة 1959 القاضي بتحويله من اليومية المستديمة إلى اليومية المؤقتة ومنحه العلاوات المستحقة إليه بعد صدور القرار المذكور وكافة ما يترتب على ذلك من آثار ومع حفظ كافة حقوقه الأخرى حالاً ومستقبلاً وتحميل الحكومة بالمصاريف وأتعاب المحاماة". وقال شرحاً للدعوى أنه عين باليومية المستديمة بتفتيش قناطر الدلتا منذ 1940 وظل يتقاضى أجره وعلاواته ويتمتع بما يتمتع به أمثاله من عمال اليومية المستديمة، ولكنه فوجئ في عام 1955 بامتناع الإدارة عن صرف علاوته الدورية المستحقة له، فتقدم بطلب استحقاقه لهذه العلاوة إلى المحكمة الإدارية التي قضت بإجابته إلى طلبه. ثم عادت الإدارة وأصدرت في أول مايو 1959 قراراً بفصله من الخدمة وتحويله إلى عامل مؤقت باليومية بحجة أنه لم يوقع عليه الكشف الطبي مع أن سكوت الإدارة عن تحويله إلى الكشف الطبي عند تعيينه يتضمن إعفاء له من هذا الكشف الطبي، فضلاً عن أنه ضيع عليه فرصة ثبوت لياقته الصحية قبل أن تضعف صحته نتيجة العمل أبان مدة خدمته الطويلة. وأضاف إلى ما تقدم أنه تظلم من هذا القرار في 31 من مايو سنة 1959 ثم بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية المستحقة على الدعوى الراهنة في 28 من سبتمبر سنة 1959 أي في الميعاد القانوني. وبجلسة 27 من نوفمبر سنة 1961 حكمت المحكمة الإدارية "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 22 من إبريل سنة 1959 بتحويل المدعى من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات وبأن تدفع للمدعى مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً على أن القرار المطعون فيه قد صدر في 24 من إبريل سنة 1959 فتظلم منه المدعى في 31 من مايو سنة 1959، ثم قدم طلباً لإعفائه من الرسوم القضائية في 28 من سبتمبر سنة 1959، وفي 20 من يناير سنة 1960 قررت اللجنة شطب الطلب، فقدم في 16 من يوليه سنة 1960 طلباً مجدداً له قررت اللجنة قبوله في 11 من يناير سنة 1961، ثم أقام دعواه الراهنة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية في 4 من فبراير سنة 1961 أي في الميعاد القانوني، ذلك أن نطاق الشطب لا يطبق في الدعاوى الإدارية التي تعتمد أساساً على المذكرات المكتوبة، وحتى لو سلم بنظام الشطب في هذه الدعاوى فإن ذلك لا يسرى على طلبات الإعفاء من الرسوم لأنها ليست دعاوى وإنما طلبات ترفع للجنة المساعدة القضائية للإعفاء من الرسوم تمهيداً لرفع الدعاوى. ولذلك فإن قرار الشطب في طلب الإعفاء لغو لا يعتد به ولا أثر له فضلاً عن أن المدعى قد قدم بعد الشطب طلب إعفاء صدر فيه قرار بالقبول فقام برفع دعواه خلال ستين يوماً من قرار القبول هذا وبالنسبة إلى الموضوع أسست المحكمة قضاءها على أن المدعى عين باليومية الدائمة في سنة 1945 دون كشف طبي، وظل كذلك حتى سنة 1954 مما يقطع بأن الجهة الإدارية قد قصدت إعفاءه من هذا الشرط من شروط التعيين، ثم عادت فأوقعت عليه الكشف الطبي في 14 من سبتمبر سنة 1954 حيث ثبت عدم لياقته صحياً ومع هذا ظل باليومية الدائمة بعد ذلك حتى صدر قرار بفصله في 22 من إبريل سنة 1959 وبذلك تكون قد فصلته من وظيفته الدائمة بالمخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً المبدي من هيئة مفوضي الدولة لدى المحكمة الإدارية، وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية اللازمة للصلاحية للتعيين في الخدمة والاستمرار فيها. وقد رددت هذا الأصل بالنسبة إلى عمال اليومية الدائمة - ومن قبل صدور كادر العمال - التعليمات المالية الصادرة في عام 1922، والمتضمنة للأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8 من مايو سنة 1922، إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ألا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة ينتدبها القومسيون لهذا الغرض". وأنه لا شبهه في أن اللياقة الطبية التي تشترط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً للتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة بطبيعتها ودون حاجة إلى نص لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، يعد إنهاء الإدارة لخدمة المدعى باليومية الدائمة مع تحويله على سلك اليومية المؤقتة إعمالاً صائباً للأصل المقرر القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية، وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته الناتج عن عدم اللياقة هذه. وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعى طبقاً لأحكام كادر العمال بوصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه في حينه بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي، إذ الأصل أن الإعفاء من شرط اللياقة الطبية هو استثناء من وجوب توفر هذه اللياقة للصلاحية للتعيين في الوظيفة والبقاء فيها، وهذا الاستثناء لا يكون إلا بنص في القانون أو بقرار صريح ممن خوله القانون رخصة هذا الإعفاء. أما طول العهد على تعيين العامل دون استيفاء شرط اللياقة الطبية بالنسبة إليه، فلاً يعتبر إعفاء ضمنياً له من هذا الشرط يترتب عليه سقوط حق الإدارة في التمسك به قبله ولا ينطوي على هذا المعنى لتعلق الأمر بصلاحية متجددة تتطلبها مصلحة الوظيفة العامة ذاتها. وهذه الصلاحية الواجب استمرارها والتي هي حق الوظيفة العامة على المكلف بعملها هي شرط جوهري لازم لقيام العلاقة الوظيفية وطوال قيامها، وبهذه المثابة فإن الإعفاء فيها أو النزول عنها لا يفترض. ومتى انتفى هذا الافتراض سقطت بالتالي حجة تحصن قرار التعيين غير المقترن بثبوت اللياقة الطبية بل إن فقدان هذه اللياقة لسبب ما بعد سابقة ثبوتها هو في ذاته سبب مبرر لإنهاء خدمة العامل وهو من باب أولى موجب لهذا الإنهاء في حالة عدم ثبوتها أصلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ ذهب غير هذا المذهب، يكون قد خالف القانون وجانب الصواب في تأويله وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بإلغاء وبرفض الدعوى وإلزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى بالمصروفات.


(1) يراجع حكم المحكمة الصادر بجلسة 18/ 2/ 1967 في القضية رقم 487 لسنة 10 القضائية.

الطعن 699 لسنة 11 ق جلسة 11 / 2 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 63 ص 610

جلسة 11 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر المستشارين.

-----------------

(63)

القضية رقم 699 لسنة 11 القضائية

(أ) جريمة. جريمة التهريب من غير المسافرين. قرار إداري "سببه". 

تعليق رفع الدعوى العمومية عنها أو اتخاذ أي إجراء فيها عن إذن وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه - يكون له في حالة عدم الإذن أن يأمر بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً - قراره في هذه الحالة هو قرار إداري وليس قضائياً - يتعين أن يقوم هذا القرار على سببه.

(ب) جريمة. جريمة التهريب الجمركي من غير المسافرين. أركانها - 

ضرورة توافر القصد الجنائي الخاص بأن تنصرف نية الحائز إلى تهريب الأشياء موضوع الجريمة.

----------------
1 - لما كانت الجرائم المعاقب عليها طيقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1957 ومنها جريمة التهريب من غير المسافرين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة تغلب عليها الصفة المالية فقد نص القانون على تعليق رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها على إذن وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه، وأجاز له أو لمن ينيبه في حالة عدم الإذن - بالنظر إلى الظروف والملابسات - أن يأمر بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً. ويترتب على عدم الإذن أن يمتنع على النيابة العامة رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها فلا تتصل بالدعوى ولا تمتد إليها ولايتها، ويكون القرار الذي يصدره الوزير أو من ينيبه بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة قراراً إدارياً وليس قراراً قضائياً ويلزم لقيام هذا القرار أن يقوم على سببه المبرر له، فلا تتدخل الإدارة بإجراء المصادرة إلا إذا قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها هي ثبوت وقوع المخالفة لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1957، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني، وتتمثل المخالفة في الدعوى الراهنة في ثبوت إخفاء المطعون ضده للنقود المضبوطة بقصد تهريبها.
2 - إنه يلزم لقيام جريمة التهريب من غير المسافرين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 أن يثبت إخفاء الجاني من غير المسافرين نقوداً أو أشياء مما نص عليه في المادة الأولى، وأن يكون ذلك بقصد تهريبها. ويتحقق فعل الإخفاء recel بتسلم الشيء المراد تهريبه أو حجزه أو حيازته وعدم التبليغ به عند الدخول إلى الدائرة الجمركية، فلا يشترط أن يكون الحائز قد خبأ الشيء كما يتبادر من ظاهر النص. ولا يكفي لقيام هذه الجريمة مجرد القصد الجنائي العام، وإنما يتطلب القانون توافر قصد جنائي خاص، بأن تنصرف نية الحائز إلى تهريب هذه الأشياء، وذلك على خلاف الحال بالنسبة إلى جريمة حمل المسافر نقوداً أو مصوغات بغير ترخيص والتي يكفي فيها القصد الجنائي العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 490 لسنة 17 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بصحيفة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 12 من يناير سنة 1963 ضد السيد وزير الاقتصاد والسيد وزير الخزانة طالباً "الحكم بإلغاء القرار الصادر من مراقبة النقد فيما تضمنه من مصادرة مبلغ 805 جنيهاً استناداً إلى أن هذه المصادرة وقعت على خلاف القانون مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال - في شرح دعواه - إن مصلحة الجمارك، قسم منه فيه، كانت قد أعلنت في 23 من أغسطس سنة 1962 بعدد الوقائع المصرية رقم 66 عن بيع بعض البضائع بالمزاد العلني وحددت لهذا البيع يوم 15 من سبتمبر سنة 1962، وكان هو من بين المزايدين الذين سجلوا أسماءهم لهذا الغرض. وفي اليوم المحدد لإجراء المزاد دخل بإذن المسئولين إلى مخزن المهمل الواقع بالدائرة الجمركية ثم علم بأن البيع أجل بأمر من السيد الوزير إلى حين صدور تعليمات أخرى، وعندما أراد الخروج اعترضه أحد رجال الحرس الجمركي وسأله عما في جيبه فقرر له على الفور أن معه نقوده التي سيقوم بالدفع منها عند رسو المزاد فطلب منه إخراجها وقام بضبطه واقتاده إلى قسم أول الحرس حيث حرر له محضر أثبت فيه أنه تاجر ومن المزايدين المحترفين لدى رجال الجمارك، فتقدم بشكوى إلى السيد وزير الخزانة فتلقى رداً من إدارة قضايا الجمارك قسم التهريب متضمناً أن نيابة الشئون المالية قررت بكتابها رقم 5966 المؤرخ 16 من نوفمبر سنة 1962 حفظ القضية إدارياً مع الاكتفاء بمصادرة النقود التي ضبطت معه وقدرها 805 جنيهاً، ومضى المدعي إلى القول بأن الواقعة على هذا النحو لم تكيف بأنها عملية تهريب بدليل أن مراقبة النقد لم تأذن للنيابة العامة برفع الدعوى العمومية ضد الطالب توطئة لمحاكمته.
دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه صادر من نيابة الشئون المالية في حدود اختصاصهيا القضائي، ومن ثم فهو عمل قضائي يخرج من اختصاص القضاء الإداري. وفيما يتعلق بالموضوع طلبت احتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها استناداً إلى أن المدعي سيء النية إذ ضبط وهو يحاول الخروج مسرعاً من باب الجمرك ولا يقبل منه الادعاء بجهله بالتعليمات والإجراءات إذ لا يقبل من أحد العذر بجهل القانون، كما أن مخزن منه فيه الذي كان مقرراً أن يجرى فيه المزاد يقع خارج أبواب الجمرك بجوار باب 14 ومن ثم فلم تكن هناك ضرورة لدخول المدعي من باب 7، 8، وقد عقب المدعي على الدفع بعدم الاختصاص بأن المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 المعدل للقانون رقم 80 لسنة 1947 صريحة في أن قرار المصادرة إنما يصدر من وزير المالية والاقتصاد في حالة عدم الإذن برفع الدعوى العمومية وأنه على فرض أن النيابة العامة قد ذكرت في قرارها عبارة "مصادرة المبلغ المضبوط" فإن ذلك لا يعود أن يكون مجرد تزيد لقرار الوزير القاضي بالمصادرة، وقرار الوزير يعتبر قراراً إدارياً تختص بنظره محكمة القضاء الإداري.
وبجلسة 20 من إبريل سنة 1965 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها السابق الإشارة إليه، وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أنه يبين من المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب أن المشرع قد منع النيابة العامة من رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء بالنسبة إلى جرائم التهريب المعينة بالنص المتقدم إلا بعد الحصول على إذن من وزير المالية والاقتصاد فإذا لم يصدر هذا الإذن امتنع على النيابة العامة اتخاذ أي إجراء بالنسبة إلى هذه الجرائم أو رفع الدعوى العمومية عنها وقد أجاز المشرع في هذه الحالة لوزير المالية والاقتصاد أو لمن ينيبه أن يصدر قراراً إدارياً بالمصادرة وهذا القرار الإداري يصدره الوزير استناداً إلى سلطته العامة وليس للنيابة العامة أو للمحكمة الجنائية أية ولاية بالنسبة إلى هذا القرار، ومن ثم يكون قرار السيد المدير العام للإدارة العامة للنقد بوصفه نائباً عن الوزير بمصادرة المبلغ موضوع الدعوى قراراً إدارياً اكتملت له كل مقومات القرار الإداري ولقد حرص المشرع على وصف المصادرة التي تتم في هذه الحالة بأنها مصادرة إدارية وليست قضائية.
وفيما يتعلق بالموضوع ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن المستفاد من نص المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 المشار إليه أنه يلزم لقيام الجريمة التي تناولها بالتأثيم أن يكون المتهم قد أخذ من غير المسافرين أشياء مما نص عليه في المادة الأولى من القانون وأن يكون قد تعمد إخفاء هذه الأشياء وأن يكون هذا الإخفاء بقصد تهريبها. وأن الثابت من الاطلاع على ملف قضية الجنحة رقم 2563 لسنة 1962 نيابة الشئون المالية بالإسكندرية أن جمرك الإسكندرية أعلن عن بيع الطرود المهملة التي لم تسحب من الجمرك بالمزاد في يوم السبت الموافق 15 من سبتمبر سنة 1962 الساعة التاسعة صباحاً والأيام التالية إذا اقتضى الحال في مخزن، منه فيه "وأن المدعي توجه في هذا اليوم إلى الجمرك يحمل المبلغ موضوع المصادرة للتقدم في هذا المراد وأنه قصد إلى مخزن الأشياء المهملة داخل الدائرة الجمركية فعلم أن الأشياء المهملة المعروضة للبيع نقلت من مخزن منه فيه خارج الدائرة الجمركية وعند خروجه ضبطه الحارس المختص وقام بتفتيشه فعثر معه على المبلغ موضوع المصادرة. وعند سؤاله في محضر ضبط الواقعة قرر أنه وصل من باب الجمرك رقم 7 و8 وأنه تقابل مع موظف الجمرك علي الغاوي وذكر له أنه متوجه إلى مخزن الأشياء المهملة لحضور المزاد وعند وصوله إلى المخزن تقابل مع المخزنجي الذي يعرفه شخصياً حيث أخبره أن البضائع المعروضة للبيع قد نقلت إلى مخزن منه فيه عند الباب رقم 14 وعند خروجه من الباب رقم 18 اعترضه القائم بالحراسة وقام بضبطه وقرر أن عملية خروجه ودخوله لم تستغرق أكثر من خمس دقائق وأضاف أنه لم يكن يعلم أن الدخول إلى مخزن الأشياء المهملة يستلزم الحصول على تصريح وذكر أنه اعتاد حضور المزادات التي يعقدها الجمرك لبيع الأشياء المتروكة وأشهد السيدين أحمد نافع رئيس المخزن وحسن وحيده رئيس جلسة المزاد على ذلك بيد أن المحقق لم يسمع أقوال الشهود الذين أشهدهم. ومضى الحكم إلى القول بأن الثابت من أقوال الحارس الذي ضبط المدعي أن المبلغ وجد في جيب بنطلونه الأيمن داخل منديل وأنه ليس ثمة شك في أن مثل هذا الوضع لا يتوافر فيه معنى الإخفاء الذي يتطلبه القانون إذ أنه هو الوضع المألوف لحمل الشخص نقوده ولم يكن المبلغ مخبأ في طيات ثيابه أو موارى على نحو يستشف منه قصد الإخفاء. وأن المدعي قد علل وجود هذا المبلغ الكبير معه بأسباب مبررة تؤيدها وقائع ثابتة وهي أنه كان يزمع التقدم للمزاد الذي حدده الجمرك لإجرائه في ذات اليوم والميعاد الذي ضبط فيه وأن الثابت من الاطلاع على الشهادة التي قدمها المدعي المؤرخة 12 من يناير سنة 1963 والصادرة من جمرك الإسكندرية أن المذكور من الأشخاص الذين يترددون على مخزن منه فيه لشراء ما يلزمه من الرسائل التي تعرض للبيع في جلسات المزاد المختلفة وأن جلسة المزاد التي كان محدداً لها يوم 15 من سبتمبر سنة 1962 قد أوقف بناء على طلب وزارة التموين وخلص الحكم إلى أن دخول المدعي إلى الدائرة الجمركية في 15 من سبتمبر سنة 1962 بغير تصريح بالدخول وهو من التجار المعروفين لرجال الجمارك والمترددين على المزادات بمخزن منه فيه كان لأسباب مبررة سواء بالنسبة لواقعة الدخول ذاتها أو إلى حمل المبلغ المضبوط لوجود مزاد في ذلك التاريخ وأنه لم تنهض أية قرينة على أنه كان يحمل هذا المبلغ بقصد تهريبه إخراجاً أو إدخالاً كما أنه لم يكن يخفي المبلغ المذكور الأمر الذي لا تتحقق معه أركان جريمة التهريب بمفهومها المعنى بالقانون ومجرد عدم حصوله على تصريح بالدخول سواء ثبت أنه كان يجهل تعليمات الجمرك فعلاً أو يعلم بها لا يعدو أن يكون مخالفة إدارية لا تصلح بذاتها دليلاً على سوء النية أو قصد التهريب أو الشروع فيه إذ أن ظروف الحال على الوجه الذي سلف بيانه لا تشفع في قيام هذا القصد ومن باب أولى في ثبوت واقعة التهريب ولا سيما أن الظاهر يؤيد دفاع المدعي وأن الجهة الإدارية لم تقم الدليل على ما ينقضه ولم يثبت اتصال المذكور بأحد من المسافرين أو من غيرهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله فعلى الرغم من أن المحكمة تسلم بأن دخول المطعون ضده بغير تصريح إلا أنها ترى أنه مع ذلك كان لأسباب مبررة وأنه مهما كانت قوة هذه الأسباب إلا أنها لا تغني عن الحصول على تصريح بدخول الدائرة الجمركية وهو أمر يخضع لتقدير السلطات الجمركية المختصة. وأنه على فرض التسليم الجدلي بأن دخول المطعون ضده الدائرة الجمركية له ما يبرره من وجود مزاد في ذلك التاريخ إلا أن ذلك قاصر على دخول المكان المخصص للمزايدة وهو مخزن منه فيه وهذا المخزن خارج أبواب الجمرك بجوار باب 14 وعليه فلم يكن هناك داع أو ضرورة لدخول المطعون ضده باب 7، 8 بما يؤكده سوء نيته وعدم صدق أقواله. وأن مجرد وجود مبلغ نقدي في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وبدون ترخيص سابق من وزير المالية وفقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1957 بالإضافة إلى وجود هذا المبلغ مع شخص داخل الدائرة الجمركية بغير تصريح بالدخول كل ذلك يدل دلالة واضحة على نية التهريب وأن وجود المبلغ المضبوط في جيب بنطلون المطعون ضده لا ينفي الإخفاء فضلاً عن أنه خير مكان للإخفاء هو المكان الظاهر.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنه متى كان الثابت أن الإدارة اكتفت بسماع أقوال الشرطي الذي استوقف المطعون ضده أثناء خروجه واتخذت منها دليلاً على توافر نية التهريب لديه دون أن تحقق دفاعه الذي أبداه في هذا الشأن والذي إن صح لأصبح وجوده بالدائرة الجمركية ومعه النقود له ما يبرره ولأصبحت نية التهريب لديه محل شك كبير - إن الإدارة تكون قد استخلصت النتيجة التي انتهى إليه قرارها استخلاصاً غير سائغ من أصول لا تكفي لإنتاجها خصوصاً وأن الظاهر يؤيد دفاعه إذ الثابت أنه من الأشخاص الذين يترددون على مخازن الجمرك وأن المصلحة كانت قد أعلنت عن بيع بعض المنقولات بالمزاد في اليوم الذي تم ضبطه فيه ولم تقدم الإدارة دليلاً على أنه كان على اتصال بأحد المسافرين أو أن له نشاطاً في تهريب النقد ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب تنص على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في محاولتها أو حاول ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة تعادل ضعف الأشياء التي رفعت الدعوى الجنائية بسببها على ألا تقل عن مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين" ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أخفى من غير المسافرين أشياء من المنصوص عليها في المادة الأولى بقصد تهريبها وفي حالة العودة يحكم بالحبس والغرامة معاً ويجوز رفع الحبس إلى عشر سنوات والغرامة إلى ما يعادل خمسة أمثال قيمة الأشياء موضوع الدعوى على ألا تقل على ألف جنيه. ولا يجوز الحكم بوقف التنفيذ.
ولا يجوز رفع الدعوى بالنسبة للجرائم المتقدمة ذكرها أو اتخاذ أي إجراء فيها إلا بعد الحصول على إذن من وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه، وفي حالة عدم الإذن يجوز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً وقد كشفت المذكورة الإيضاحية للقانون رقم 98 لسنة 1957 عن الحكمة التي وضع هذا النص من أجلها وهي معالجة حالات أخرى من التهريب كتلك التي تهرب بواسطة المودعين للمسافرين وغير ذلك من صور المعاونة على التهريب مما لا يشملها نص المادة الثانية.
ولما كانت الجرائم المعاقب عليها طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1957 ومنها جريمة التهريب من غير المسافرين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة، تغلب عليها الصفة المالية فقد نص القانون على تعليق رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها على إذن وزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه، وأجاز له أو لمن ينيبه في حالة عدم الإذن - بالنظر إلى الظروف والملابسات - أن يأمر بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة إدارياً. ويترتب على عدم الإذن أن يمتنع على النيابة العامة رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أي إجراء فيها فلا تتصل بالدعوى ولا تمتد إليها ولايتها، ويكون القرار الذي يصدره الوزير أو من ينيبه بمصادرة الأشياء موضوع المخالفة قراراً إدارياً وليس قراراً قضائياً. ويلزم لقيام هذا القرار أن يقوم على سببه المبرر له، فلا تتدخل الإدارة بإجراء المصادرة إلا إذ قامت حالة واقعية أو قانونية تسوغ تدخلها هي ثبوت نوع المخالفة لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1957، وللقضاء الإداري أن يراقب صحة قيام هذه الوقائع وصحة تكييفها القانوني وتتمثل المخالفة في الدعوى الراهنة في ثبوت إخفاء المطعون ضده للنقود المضبوطة بقصد تهريبها.
ومن حيث إنه يلزم لقيام جريمة التهريب من غير المسافرين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 98 لسنة 1957 أن يثبت إخفاء الجاني من غير المسافرين نقوداً أو أشياء مما نص عليه في المادة الأولى، وأن يكون ذلك بقصد تهريبها. ويتحقق فعل الإخفاء recel بتسلم الشيء المراد تهريبه أو حجزه أو حيازته وعدم التبليغ عنه عند الدخول إلى الدائرة الجمركية. فلا يشترط أن يكون الحائز قد خبأ الشيء كما يتبادر من ظاهر النص. ولا يكفي لقيام هذه الجريمة مجرد القصد الجنائي العام، وإنما يتطلب القانون توافر قصد جنائي خاص، بأن تنصرف نية الحائز إلى تهريب هذه الأشياء، وذلك على خلاف الحال بالنسبة إلى جريمة حمل المسافر نقوداً أو مصوغات بغير ترخيص والتي يكفي فيها القصد الجنائي العام.
ومن حيث إن محصل الوقائع أن المطعون ضده شوهد ظهر يوم 15 من سبتمبر سنة 1962 خارجاً من باب 7 و8 بالدائرة الجمركية لميناء الإسكندرية راكباً دراجته بصورة مسرعة ولم يكن يحمل تصريحاً بالدخول، فاستوقفه الحارس وفتشه فعثر بجيب بنطلونه على ثمانمائة جنيه وخمسة منها 127 ورقة من فئة الخمسة جنيهات و17 ورقة من فئة العشرة جنيهات فاستاقه إلى قسم بولس الميناء، وبسؤال المطعون ضده - وهو من تجار مخلفات الجمارك - قال إنه قدم في هذا اليوم ومعه المبلغ المضبوط لحضور مزاد بيع المخلفات الذي سبق الإعلان عنه بعدد الوقائع المصرية في 23 من أغسطس سنة 1962، كما سبق له أن عاين المخلفات بمخزن المهمل داخل الدائرة الجمركية وقال إنه حضر متأخراً بعض الوقت فقصد لتوه إلى مخزن المهمل ظناً منه أن المزاد سيجرى فيه، ولم يعترض أحد سبيله عند الدخول، إلا أن أمين المخزن أعلمه بأن المزاد بمخزن منه فيه خارج الدائرة الجمركية فأسرع للحاق به، وبينما هو يهم بالخروج من باب 7 و8 اعترضه الحارس وسأله عن وجهته فأخبره بما كان من أمره وأظهر له ما معه من نقود، فاقتاده إلى قسم بوليس الميناء، وتذرع بجهله بالقانون فيما يتعلق بوجوب الحصول على تصريح بالدخول، والإقرار بما يحمله من نقود.
وبعرض الأوراق على السيد المدير العام لإدارة النقد - الذي أنابه السيد وزير المالية والاقتصاد في اختصاصاته في هذا الشأن - أصدر في 4 من نوفمبر سنة 1962 قراره بعدم الإذن برفع الدعوى العمومية ومصادرة المضبوطات إدارياً، وذلك بناء على مذكرة أعدها كبير الخبراء ضمنها، أن طبيعة عمل المطعون ضده كمقاول نقل ومخلفات الجمارك ومزاد منه فيه تقتضي أن يكون ملماً تمام الإلمام بإجراءات وتعليمات الجمارك من حيث الدخول والخروج والإقرار عما معه، مما يناقض ما ذكره بأقواله من أنه يجهل الإجراءات هذا فضلاً عن أنه بالإطلاع على العدد 66 الصادر في 23 من أغسطس سنة 1962 من الوقائع المصرية تبين أن إعلان البيع بالمزاد المنوه عنه سيكون في مخزن منه فيه وهذا المخزن خارج أبواب الجمارك بجوار باب 14، وعليه فلم يكن هناك داع لدخول المتهم من باب 7 و8 للجمارك مما يدل على عدم صحة أقواله، واقترح عدم الإذن مع مصادرة المضبوطات.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن قرار مدير إدارة النقد بمصادرة المضبوطات إدارياً بني على ثبوت نية التهريب لدى المطعون ضده، وأنه استخلص هذه النية من دخوله إلى الدائرة الجمركية دون تصريح وبغير موجب إذ كان مقرراً إجراء المزاد خارجها، ومن محاولته الخروج من الدائرة الجمركية ومعه المبلغ المضبوط دون أن يقدم نفسه إلى حرس الجمارك، ولأنه من غير المقبول أن يتذرع بجهلة بالقانون، سواء فيما يتعلق بالحصول على تصريح بالدخول أو يتعلق بالإقرار بالمبلغ الذي كان يحمله، وهو من تجار بيع المخلفات ومن المترددين على الجمارك من وقت لآخر.
ومن حيث إن هذه القرائن لا تنتهي لثبوت نية التهريب لدى المطعون ضده، فالثابت أنه دخل إلى الدائرة الجمركية دون أن يعترض أحد سبيله مما كان يستتبع بطبيعة الحال أن يخرج دون أن يقدم نفسه للحارس وهو يعد من المعروفين لرجال الجمارك بحكم تردده الدائم عليهم، وخروجه من الدائرة الجمركية معتلياً دراجته ظاهراً أمره للعيان لا يدل على أنه مريب، فليس ذلك شأن من يريد أن يخفي أو يجانب ما يدل عليه، لكنه شأن الواثق المطمئن إلى شيء من التسامح من جانب القائمين بالحراسة لاعتياده التردد على هذا المكان، كذلك فإن خروجه من الدائرة الجمركية راكباً غير راجل ينم في حد ذاته على قدر كبير من التسامح، وما كان لمثله أن يجرؤ على الخروج على هذا النحو إلا وثوقاً منه بتسامح الواقفين عند الباب وأن تنكب به الحظ العاثر في هذا المرة التي ضبط فيها ربما لأن الحارس لم يكن يعرفه أو لسبب آخر لم تكشف عنه الاستدلالات.
ومن حيث إن وجود المتهم بالجمارك يوم ضبطه ومعه المبلغ المضبوط يبرره ما ثبت من كونه من تجار مخلفات الجمارك ومن تقدمه في هذا اليوم لمزاد بيع المخلفات الذي سبق أن أعلنت عنه الجمارك، ولا عليه أن غم الأمر فلم يتثبت من مكان إجراء المزاد فظن أنه سيجرى بمخزن المهمل داخل الدائرة الجمركية في حين كان من المقرر إجراؤه بمخزن منه فيه خارج هذه الدائرة لما بين المخزنين من ارتباط مرجعه أن الأشياء المطروحة في المزاد تنتقل إلى المخزن الثاني من المخزن الأول قبيل إجراء المزاد مما قد يدعو إلى الخلط بينهما.
ومن حيث إنه مما يزيد الدليل وهنا على وهن أن المبلغ الذي ضبط من المطعون ضده لم يكن مخبأ ولا مستوراً على نحو يستشف منه الإخفاء بقصد التهريب، فقد كان جله أوراقاً نقدية من فئة الخمسة جنيهات، وكان مودعاً كله على ضخامة حجمه في جيب بنطلونه بطريقة لا يمكن معها أن يخفي أمره للوهلة الأولى على مثل رجال حرس الجمارك.
ومن حيث إنه إذا أضيف إلى ما تقدم أنه لم يقم دليل على أن المطعون ضده اتصل بأحد المسافرين، ولم تدل تحريات مسبقة على شيء من ذلك أو على كونه من المشتغلين بالتهريب دل ذلك في مجموعة على عدم إمكان نسبة التهريب إليه وعلى أن الأمر لا يبدو أن يكون واقعة دخول إلى الدائرة الجمركية بغير تصريح، وليس فيما تذرع به المطعون ضده من جهلة بالأحكام المتعلقة بوجوب الحصول على تصريح بالدخول إلى الدائرة الجمركية أو الإقرار بما يحمله من نقود مع كونه من تجار مخلفات الجمارك المترددين عليها ما يزيد نسبة التهريب إليه، إذ لا يعدو كل ذلك أن يكون سوء دفاع عن نفسه أو محاولة منه لدفع أية تهمة أخرى يمكن توجيهها إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم، فإن القرار الإداري الصادر من السيد مدير عام إدارة النقد في 4 من نوفمبر سنة 1962 بمصادرة النقود التي ضبطت مع المطعون ضده يكون مفتقداً ركن السبب المبرر له حقيقاً بالإلغاء ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه مما يتعين معه رفض الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 191 لسنة 11 ق جلسة 11 / 2 / 1967 إدارية عليا مكتب فني 12 ج 1 ق 62 ص 601

جلسة 11 من فبراير سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار وعبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي المستشارين.

-----------------

(62)

القضية رقم 191 لسنة 11 القضائية

موظف. تعيين. تحديد السن. حالة مدنية.
القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية - وجوب التبليغ عن المواليد وقيدها بالسجلات وتحرير شهادة الميلاد - عدم جواز قيد شخص في السجلات المذكورة إذا كان قد سبق قيده بها - الاعتداد بتاريخ القيد الأول في حساب سن الموظف.

----------------
إن المواد من 15 إلى 19 من القانون رقم 260 لسنة 1960، في شأن الأحوال المدنية قد أوجبت التبليغ عن المواليد وقيدها بالسجلات وتحرير شهادة الميلاد. ثم نصت المادة 40 على أن المواليد التي لم يكن قد بلغ عنها خلال السنة التالية للولادة لا تقيد في تلك السجلات إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 من القانون المذكور. ويستفاد من نصوص هذه المواد أنه لا يجوز قيد شخص في السجلات المذكورة إذا كان قد سبق قيده بها. ولما كان الثابت مما تقدم أن المدعي مقيد بسجلات مواليد ناحية محلة أحمد في 10 من مارس سنة 1898 طبقاً للشهادة الرسمية المرفقة بملف خدمته فإنه لا يجوز قيده بها مرة أخرى ومن ثم يكون التاريخ الوارد بهذه الشهادة هو الذي يعول عليه في تحديد سن المدعي. ولا يغير من ذلك أنها قد استخرجت بناء على طلب جهة الإدارة لأن هذه الجهة إنما طلبتها بطبيعة الحال، بناء على بيانات قدمها لها المدعي لأنه هو صاحب المصلحة في إرفاقها بملف خدمته باعتبارها المستند المثبت لتاريخ ميلاده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي السيد/ عبد الجليل مبروك سيد جنيدي العامل بأرصاد مطار إمبابة أقام الدعوى رقم 585 لسنة 10 القضائية بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 8 من يوليه سنة 1963 ضد وزارة الحربية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الأرصاد الجوية في 2 من ديسمبر سنة 1962 بإنهاء مدة خدمته اعتباراً من اليوم التالي ليوم 6 من مارس سنة 1963 واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال - شرحاً لدعواه - إنه عين في سنة 1920 وقدم مسوغات التعيين في ذلك الوقت شهادة الإعفاء من التجنيد المسلمة إليه من مركز إمبابة في سنة 1919 واستمر في عمله حتى فوجئ بكتاب مصلحة الأرصاد الجوية في 21 من نوفمبر سنة 1961 تطلب فيه منه تقديم مسوغات تعيينه ومنها شهادة ميلاده. وأنه لما كان من سواقط القيد فقد أعد الأوراق المطلوبة وأرسلها للمصلحة ومن بينها شهادة ميلاد صادرة من مصلحة الأحوال المدنية في 12 من سبتمبر سنة 1962 تفيد أن اسمه عبد الجليل مبروك سيد جنيدي مولود بناحية إمبابة في 22 مارس سنة 1905 وبالرغم من ذلك أصرت المصلحة على عدم قانونيتها مستندة في ذلك إلى أن شهادة الميلاد لا تخصه لأنها باسم عبد الجليل مبروك خير مولود بدمنهور. وعلى أساس هذه الشهادة قررت في 2 من ديسمبر سنة 1962 انتهاء مدة خدمته اعتباراً من اليوم التالي ليوم 9/ 3/ 1963 لبلوغه السن القانونية. ونعى المدعي على القرار المذكور مخالفته لقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، وقرر أنه قد تظلم منه في 24 من يناير سنة 1963 وفي 18 من فبراير سنة 1963 أخطر بما يفيد رفض تظلمه فتقدم بطلب لمعافاته من رسوم الدعوى فقرر قبوله في أول مايو سنة 1963 فأقام هذه الدعوى.
وردت الحكومة على الدعوى بأن المدعي عين اعتباراً من أول أغسطس سنة 1920 فراشاً من الدرجة الثانية باسم عبد الجليل مبروك وأنه مرفق بملف خدمته الأوراق الآتية:
(1) مستخرج رسمي لشهادة ميلاد ثابت به أنه قيد بدفتر مواليد ناحية محلة أحمد بحيرة في 10 من مارس سنة 1898 باسم عبد الجليل مبروك خير واسم والدته كعب الخير.
(2) شهادة تحقيق شخصية من إدارة الأمن العام بوزارة الداخلية في 6 من سبتمبر 1920 باسم عبد الجليل مبروك وأن سنه عشرون سنة.
(3) طلب مقيد برقم 12599 في 5 من أغسطس سنة 1961 طلب فيه إعفاؤه من العمل ليلاً (النوباتجية) وأقر فيه بأنه من مواليد سنة 1898.
ثم قالت الحكومة إن المدعي قد اعترف بأنه عين بمقتضى شهادة الإعفاء من التجنيد ولما كانت هذه الشهادة مؤرخة في 23 من يوليه سنة 1919 فإنها تدل على أن المدعي لا بد وأن يكون قد ولد قبل سنة 1900 لأن الشخص لا يطلب للتجنيد إلا إذا بلغ من العمر 19 سنة على الأقل وأنه طبقاً للشهادة المقدمة منه أخيراً يكون سنه وقت صدور شهادة الإعفاء من التجنيد 14 سنة ولا يعقل أن يطلب للتجنيد من يبلغ هذه السن. وأن المصلحة لما رأت عدم استيفائه مسوغات تعيينه طالبته بتقديمها فاعترض بأن اسمه عبد الجليل مبروك سيد وأبدى استعداده لتقديم شهادة ميلاد باسمه الصحيح إلا أنه أحضر مستخرجاً من شهادة ميلاده باعتباره من سواقط القيد ومولود بناحية إمبابة ولذلك فإنها قد عرضت الأمر على إدارة الفتوى والتشريع فأفتت - للأسباب الواردة بها - أنه لا يحتج بهذا المستخرج الأخير ولذلك فقد صدر قرار في 2 من ديسمبر سنة 1962 بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 10 من مارس سنة 1963 استناداً إلى المستخرج الرسمي المرفق بملف خدمته والذي يتمشى مع شهادة إعفائه من التجنيد وهي المسوغ الوحيد المعين على أساسه ولذلك فإنه يكون قد صادف محله مستند إلى أساس سليم من القانون - وأضافت الحكومة أنه لم يتظلم من ذلك القرار وانتهت إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً واحتياطياً برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات.
وعقب المدعي على رد الحكومة بمذكرة رد فيها ما سبق أن أبداه بصحيفة الدعوى وأضاف إليه أن شهادة الإعفاء من التجنيد المقدمة منه عند التعيين ثابت بها أن اسمه عبد الجليل مبروك سيد ولما طولب بمسوغات التعيين قدم شهادة ميلاد بهذا الاسم ثابت بها أنه من مواليد 22 من مارس سنة 1905 كما أن الاسم المذكور ثابت في وثيقة زواجه وفي شهادة ميلاد أبنائه وبالقرار الصادر بترقيته في 21 من ديسمبر سنة 1959 وفي الحكم الصادر من محكمة روض الفرج الشرعية في 27 من يونيه سنة 1957 بتقرير نفقة شرعية لزوجة ابنه. كما أن الثابت أن من يتقدم لمصلحة الأحوال المدنية طالباً استخراج شهادة ميلاد باعتباره من سواقط القيد فإن عليه أن يقوم بإجراءات معينة وقد قام بهذه الإجراءات وانتهت بمنحه شهادة ميلاد باعتباره من مواليد 22 من مارس سنة 1905 وقام بنشر ذلك في الصحف وله تعترض المصلحة ومن ثم فإنه لا يجوز لها بعدم ذلك أن تعترض على تاريخ ميلاده أو اسمه. وقدم المدعي حافظة بمستنداته.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلى التوصية بالحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بمصروفاتها.
عقب المدعي على تقرير هيئة مفوضي الدولة بأن الذي حال بينه وبين رفع الدعوى في الميعاد القانوني هو إصابته بمرض أعجزه تماماً عن الحركة إثر تسلمه لقرار معافاته من الرسوم، ثم ردد دفاعه السابق وانتهى إلى طلب الحكم بصفة أصلية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع باقي طلباته المبينة بصحيفة الدعوى واحتياطياً بإلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت من جراء إحالته إلى المعاش باسم عبد الجليل مبروك خير مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة..
وقد دفع محامي الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب الاحتياطي إذ أنه لا يدخل ضمن المنازعات المحددة في قانون مجلس الدولة.
وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي وباختصامها بنظرها، وبعدم قبول طلب المدعي الأصلي شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للطلب الاحتياطي بإلزام الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الحكومة بالمصروفات وبأن تدفع له مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة وأقامت قضاءها بإلزام الحكومة بهذا التعويض - على أن المستفاد من الأوراق المودعة ملف الدعوى أن المدعي دخل الخدمة ابتداء دون أن يكون لديه شهادة ميلاد، وإلا لقدمت عند التعيين، وأن كل مسوغات تعيينه لم تكن سوى شهادة الإعفاء من التجنيد. وأن شهادة الميلاد التي هي المستند الأول في تحديد سن الموظف فإنها تطلب منه أو يطالب بمستخرج رسمي منها ابتداء عند التعيين أما الشهادة التي أخذت بها المصلحة فإنها مودعة ملف المدعي بعد ثمانية عشر عاماً من التحاقه بالخدمة ومستخرجة بناء على طلب المصلحة وينكر المدعي أنها تخصه بل ينكر معرفته بها كما أن المصلحة ذاتها تشككت في كونها تخص المدعي وذلك بطلبها منه، في 21 من نوفمبر سنة 1961، مسوغات تعيينه التي من ضمنها مستخرج رسمي لشهادة ميلاده - مما اضطره إلى استخراج شهادة ميلاد كساقط قيد، وهذه مبين بها أنه من مواليد سنة 1905 وأن المدعي قد دلل على صحة أقواله بما قدمه من مستندات أخرى أودعها حافظة مستنداته أهمها وثيقة زواجه وبطاقته الشخصية وحكم شرعي صادر ضده لزوجة ابنه بنفقة شرعية تجري المصلحة خصمها من مرتبه وكلها باسم عبد الجليل مبروك سيد وانتهت المحكمة إلى أنه لما تقدم تكون الشهادة المستخرجة من مكتب السجل المدني بهذا الاسم الأخير والمبين بها أن المدعي من مواليد عام 1905 هي المعول عليها في تحديد سنه مما يتعين معه الحكم له بالتعويض والذي قدره مؤقتاً بمبلغ قرش صاغ واحد.
وردت المحكمة على ما أثارته الحكومة من أن شهادة الإعفاء من التجنيد مؤرخة في سنة 1919 فإذا كان المدعي من مواليد سنة 1905 فإنه على هذا الأساس يكون سنه عند تقديم هذه الشهادة لا يزيد على الأربعة عشر عاماً - ردت المحكمة على ذلك بأن المدعي، وهو من سواقط القيد، فإن الذي يحدد سنه عند طلبه للخدمة العسكرية هو العمدة أو شيخ البلد وأن تقديرهما لسن المدعي قد يشوبه الخطأ تبعاً لطول قامته أو لاكتمال رجولته قبل بلوغه السن التي تكتمل فيها الرجولة عادة.
وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 20 من يناير سنة 1965 طالبة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون عليه مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبنت طعنها على أن المحكمة قد أخطأت في تقديرها لوقائع الدعوى وانتهت في حكمها إلى نتيجة لا تتفق مع التقدير السليم لقيمة ودلالة هذه الوقائع واستندت في ذلك إلى ما استندت إليه في ردها على الدعوى وأضافت إليه أنه لا يجوز للمحكمة أن تهدر قرينة قوية مستندة من ورقة رسمية - هي شهادة الإعفاء من التجنيد - بناء على مجرد افتراض من عندها، وهو افتراض ساذج غير متصور لأن الخطأ في تقدير السن إذا جاز أن يحدث في سنة أو سنتين فإنه مستحيل في سبع سنوات وأن المحكمة لم ترد على القرائن الأخرى التي أشارت إليها الوزارة في ردها على الدعوى والتي تدل على أن المدعي من مواليد عام 1898.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الحكومة بالمصروفات واستندت في ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه قد صادف محله لأنه قد وازن بين القرائن والأدلة المقدمة من طرفي الخصومة واقتنع بصحة المستندات المقدمة من المطعون عليه وكان اقتناعه مبنياً على تقدير سليم لوقائع لها أصل ثابت بالأوراق وانتهى إلى نتيجة تتفق مع هذا التقدير وإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي أغفلت الرد على بعض القرائن التي ساقتها جهة الإدارة ذلك أنها أيضاً لم تتناول كل ما قدمه المطعون عليه من مستندات واكتفت بإسراد الوقائع والمستندات التي تؤدي إلى اقتناعها بالنتيجة التي توصلها إليها.
ثم قدمت الحكومة مذكرة رددت فيها دفاعها السابق وأضافت إليه أن الشهادة المقدمة من المطعون عليه مؤخراً ليست بذات قيمة ذلك أن المستفاد من نص المادة 40 من القانون رقم 260 لسنة 1960 - في شأن الأحوال المدنية - أنه لا يجوز قيد شخص في السجلات إذا كان قد سبق قيده. ولما كان المدعي قد قيد بدفاتر مواليد ناحية محلة أحمد بحيرة باعتباره من مواليد 10 مارس سنة 1898 فإنه ما كان يجوز له طلب قيد اسمه باعتباره من سواقط القيد. وانتهت الحكومة إلى التصميم على طلباتها الواردة في صحيفة الطعن.
ومن حيث إن المحكمة - بحكمها المطعون فيه - قد قضت للمدعي بالتعويض المؤقت استناداً إلى أن قرار إنهاء خدمته اعتباراً من 10 من مارس سنة 1963 لبلوغه السن القانونية، غير صحيح بمقولة إنه لم يكن قد بلغ هذه السن في ذلك التاريخ لأن المعول عليه في تحديد سنة هي الشهادة المستخرجة من مصلحة الأحوال المدنية والثابت بها أنه من مواليد 22 من مارس سنة 1905.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي وباقي أوراق الطعن أنه عين اعتباراً من أول أغسطس سنة 1920 فراشاً بمصلحة الطبيعيات باسم عبد الجليل مبروك ولم يقدم حينذاك شهادة ميلاده أو مستخرجاً منها وفقط قدم شهادة إعفاء من التجنيد مؤرخة 23 من يوليه سنة 1919 باسم عبد الجليل مبروك سيد. وفي سنة 1938 طلبت المصلحة مستخرجاً رسمياً من شهادة ميلاده من مديرية البحيرة فتبين أنه مقيد بدفتر مواليد ناحية محلة أحمد التابعة لهذه المديرية في 10 من مارس سنة 1898 باسم عبد الجليل مبروك خير. ونظراً لأن اسم الجد في هذا المستخرج يختلف عما جاء في شهادة الإعفاء من التجنيد فقد زعم المدعي أنه لا يخصه وأنه من سواقط القيد وقد قيد بمحافظة البحيرة على أنه من مواليد سنة 1905. وقد رأت الجهة الإدارة عدم الالتفات إلى هذا التاريخ الأخير والأخذ بالتاريخ الوارد في الشهادة المستخرجة في سنة 1938 التي تفيد أنه من مواليد 10 مارس سنة 1898 وأصدرت قرارها المطعون فيه بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 10 من مارس سنة 1963 لبلوغه سن إنهاء الخدمة وهي 65 سنة.
ومن حيث إن المواد من 15 إلى 19 من القانون رقم 260 لسنة 1960، في شأن الأحوال المدنية، قد أوجبت التبليغ عن المواليد وقيدت بالسجلات وتحرير شهادة الميلاد. ثم نصت المادة 40 على أن المواليد التي لم يكن قد بلغ عنها خلال السنة التالية للولادة لا تقيد في تلك السجلات إلا بناء على قرار يصدر من اللجنة المنصوص عليها في المادة 41 من القانون المذكور. ويستفاد من نصوص هذه المواد أنه لا يجوز قيد شخص في السجلات المذكورة إذا كان قد سبق قيده بها.. ولما كان الثابت مما تقدم أن المدعي مقيد بسجلات مواليد ناحية محلة أحمد في 10 من مارس سنة 1898 طبقاً للشهادة الرسمية المرفقة بملف خدمته فإنه لا يجوز قيده بها مرة أخرى ومن ثم يكون التاريخ الوارد بهذه الشهادة هو الذي يعول عليه في تحديد سن المدعي. ولا يغير من ذلك أنها قد استخرجت بناء على طلب جهة الإدارة لأن هذه الجهة إنما طلبتها، بطبيعة الحال، بناء على بيانات قدمها لها المدعي لأنه هو صاحب المصلحة في إرفاقها بملف خدمته باعتبارها المستند المثبت لتاريخ ميلاده. أما عن اختلاف اسم الجد الوارد بها - وهو خير - عن ذلك الوارد بشهادة الإعفاء من التجنيد - وهو سيد - فإنه خطأ مادي أما في الشهادة الأولى أو الثانية. يعزز ذلك أن اسم والده المدعي الوارد بشهادة الميلاد المنوه عنها - وهو كعب الخير - هو نفس اسم والدته في الشهادة التي قدمت أخيراً منه. كما أن ملف خدمته زاخراً بأوراق أخرى تدل دلالة قاطعة على أنه من مواليد سنة 1898 منها محضر التحقيق الذي أجري مع المدعي في 14 من يناير سنة 1961، والموقع عليه منه، فقد سأله المحقق عن سنه حينذاك فقرر أنه 63 سنة. وكذلك الطلب المقدم منه للجهة الإدارية في 5 من أغسطس سنة 1961 الذي طلب فيه، مراعاة لكبر سنه وضعف بصره، إعفاءه من العمل ليلاً "النوباتجية" وقد أقر في هذا الطلب أنه من مواليد سنة 1898 وأن عمره وقتذاك هو 64 سنة. كما أن المدعي سبق أن تقدم بشهادة من الإدارة العامة لمكافحة الأمية مؤرخة في 3 من ديسمبر سنة 1957 وقد ورد بها أن سنه في ذلك التاريخ كان 59 سنة وذلك فضلاً عن شهادة الإعفاء من التجنيد المؤرخة 23 من يوليه سنة 1919 والتي قدمها كمسوغ لتعيينه في سنة 1920 لأنه إذا كان حقيقة من مواليد سنة 1905، كما يزعم، فإنه يكون قد جند وهو في الرابعة عشرة من عمره مع أن الشخص لا يطلب للتجنيد إلا بعد بلوغه سن التاسعة عشرة. ولا اعتداد بما ذكرته المحكمة بحكمها المطعون فيه - من أن الذي حدد سن المدعي عند طلبه للتجنيد هو العمدة أو شيخ البلد وأن تقديرهما لسنه قد شابه الخطأ تبعاً لطول قامته أو لاكتمال نموه واشتداد عوده - لا اعتداد بذلك لأن الخطأ في تقدير السن، كما قالت الحكومة بحق، إن جاز أن يحدث في حدود سنة أو سنتين فإنه يستحيل حدوثه لفارق بلغ ست أو سبع سنين.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المدعي من مواليد 10 من مارس سنة 1898 طبقاً لشهادة الميلاد المعمول عليها والمرفقة بملف خدمته فإن قرار إنهاء خدمته اعتباراً من اليوم التالي ليوم 9 من مارس سنة 1963 - وهو القرار المطعون فيه - يكون قد صدر صحيحاً بمراعاة أن السن المقررة لإنهاء خدمة مثل المدعي هي الخامسة والستين على اعتبار أنه من الموظفين الخارجين عن الهيئة، ومن ثم يكون طلب المدعي الاحتياطي بتعويضه عن هذا القرار غير قائم على أساس سليم من القانون متعين بالرفض. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً، فيما قضى به بالنسبة لهذا الطلب - من إلزام الوزارة بأن تدفع للمدعي مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت - هذا القضاء يكون قد جانب الصواب ويتعين من ثم الحكم بإلغائه في هذا الشق من قضائه والحكم برفض هذا الطلب الاحتياطي مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الحكم للمدعي بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد وبرفض هذا الطلب وألزمت المدعي بالمصروفات.