الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات نقض جزائي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نقض جزائي. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 27 مارس 2025

الطعن 14555 لسنة 87 ق جلسة 20 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 89 ص 847

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عاصم الغايش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بهاء محمد إبراهيم ، جمال حسن جوده وخالد الشرقبالي نواب رئيس المحكمة ومحمد يوسـف .
-----------------
(89)
الطعن رقم 14555 لسنة 87 القضائية
(1) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها . تبين ماهية المادة المخدرة عند المشاهدة . غير لازم . كفاية وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . حد ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس واطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي . موضوعي . ما دام سائغاً .
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط . لا ينال من سلامة أقواله كدليل .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
مفاد أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد ؟
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضابط الواقعة . صحيح . ما دام انتهى لصحة إجراءات القبض والتفتيش .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) استيقاف . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . مرور . دفوع " الدفع ببطلان الاستيقاف " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
حق رجال الضبط في استيقاف المركبات للاستعلام عن رخصة قائدها ورخصة تسييرها . وجوب تقديمها حال طلبها . إيقاف الضابط للسيارة النقل قيادة الطاعن نفاذاً لذلك . صحيح . التفات الحكم عن الدفع ببطلان الاستيقاف . لا يعيبه . أساس وعلة ذلك ؟
(4) مسئولية جنائية . مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " المصلحة في الطعن " .
المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة . مناطها ؟
انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة . كفايته لاعتباره حائزاً لها ولو لم تكن في حيازته . تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر . موضوعي . تحدث الحكم استقلالاً عن اتصال الجاني به وعن علمه كنهه . غير لازم . حد وأثر ذلك ؟
لا مصلحة للطاعن في المنازعة بشأن نبات الحشيش المخدر . ما دام وصف التهمة التي دين بها بقي سليماً لثبوت مسئوليته عن العقار المخدر المضبوط .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(6) قانون " تفسيره " . حكم " بطلانه " .
قصد المشرع باستبدال كلمة قاض بكلمة مستشار أينما وجدت في القانون . تحديد مدلول أكثر دقة متسقاً مع طبيعة عمله باعتباره يقضي فيما يطرح عليه من دعاوى ولا يستشار بشأنها . صدور الحكم تحت مسمى مستشار . لا ينال من مقومات وجوده قانوناً أو شرعيته أو يمس ذاتيته . النعي عليه بالبطلان في هذا الشأن . غير مقبول . أساس وحد ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس ، أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير مُعّقِب عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، كما أن التلبُّس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبيَّن ماهية المادة التي شاهدها ، بل يكفي في ذلك تحقُّق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس ، يستوي في ذلك أن تكون تلك الحاسة الشم أو حاسة النظر، متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكًّا، وإذ كان مفاد ما أثبته الحكم بيانًا لواقعة الدعوى ، وإيرادًا لمضمون ما شهد به الضابط الذي باشر إجراءاتها ، وردًّا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس أن ضابط الواقعة عقب استيقافه السيارة النقل التي يقودها الطاعن وبجواره آخر لفحص رخصها اشتم رائحة نبات الحشيش المخدر تنبعث من داخل السيارة ، وأنه شاهد شريط الترامادول يسقط من شماسة السيارة حال قيام الأول بإخراج التراخيص منها ، وهو ما يوفر في حقه حالة التلبس بجناية كما هي مُعَرَّفة به قانونًا ، تجيز له - بالتالي - القبض على الطاعن وتفتيشه والسيارة ، فإنَّ ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون صحيحًا في القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش ، وسكوته عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله ، وكفايتها كدليل في الدعوى ، ذلك أن وزن أقوال الشاهد ، وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته، وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدِّره التقدير الذي تطمئن إليه بغير مُعَقِّب عليها ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقْبَل منه الشهادة عليه ، إلَّا أنَّ ذلك لا يكون إلَّا عند قيام البطلان وثبوته ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة ضابط الواقعة ، وصِحَّة تصويره لها ، وصِحَّة ما باشره من إجراءات القبض والتفتيش ، وردَّت على ما أثاره الطاعن في شأن عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة ، وانفراده بالشهادة، وعدم إثباته المأمورية بدفتر الأحوال ، فاطرحته في منطق سائغ ، وتدليل مقبول ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مُجادلتها ، أو مُصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن نصوص قانون المرور واضحة لا لَبْسَ فيها في حق رجال الضبط استيقاف المركبات - دون تخصيص - للاستعلام عن رخصة قائدها ، ورخصة تسييرها ، وأوجبت على قائد المركبة أن يقدِّمها له حين طلبها - مُطلقة هذا الحق من أي قيد ، سواء في هذا القانون أو أي قانون آخر ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - والتي لا يماري فيها الطاعن - أن ضابط الواقعة استوقف السيارة النقل التي كان يقودها الطاعن ، وبجواره آخر للاستعلام عن تراخيصها ، فإن ما آتاه الضابط كان نفاذًا لحكم القانون ، وليس مخالفًا له ، ومن ثم فإنه بفرض إثارته للدفع ببطلان الاستيقاف ، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه ؛ لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان .
4- لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالًا مباشرًا ، أو بالوساطة ، وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن عِلم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية ، أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ، ولو لم تتحقَّق الحيازة المادية ؛ إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا للمادة المخدرة أن يكون مُحْرِزًا للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ، ولو لم تكن في حيازته المادية ، أو كان المُحْرِز للمخدر شخصًا غيره ، وكان تقصِّي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن اتصال الجاني بالمخدر ، وعن علمه بكنهه ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من الوقائع والظروف ما يكفي للدلالة على قيام أولهما ، وتوافر ثانيهما ، بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وإذ كان فيما ردَّ به الحكم على دفاع الطاعن بانتفاء صلته بمخدر الحشيش المضبوط ، وعلمه بوجوده في السيارة ، إضافة إلى ما حصَّله في صورة الواقعة ، ودلَّل على ثبوتها ، ما يكفي ويسوغ به اطراح ذلك الدفاع ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير قويم ، فضلًا عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره من منازعة بشأن نبات مخدر الحشيش المضبوط في السيارة ، ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليمًا ؛ لما أثبته الحكم عن مسئوليته عن العقار المخدر المضبوط الذي سقط من شماسة السيارة حال قيامه بإخراج التراخيص منها .
5- لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك القصور في تحقيقات النيابة العامة ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطْلَب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه ، ما دامت الواقعة وضحت لديها ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
6- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه صدر برئاسة المستشار/ .... ، وعضوية المستشارين/ .... ، ..... ، ثم تزيل بعبارة صدر هذا الحكم وتلي علنًا ، وتوقيع من رئيس الدائرة مُصدرة الحكم ، ومن حيث إن المشرع استبدل كلمة قاضي بكلمة مستشار أينما وجدت في قانون السلطة القضائية ، وفي أي قانون آخر بالنسبة لرجال القضاء قاصدًا منه تحديد مدلول أكثر دقة مُتَّسِقًا مع طبيعة عمله باعتباره يقضي فيما يُطْرَح عليه من دعاوى ، ومن ثم فهو لا يُستشار بشأنها . لما كان ما تقدم ، فإنه لا يقدح في سلامة الحكم ، ولا ينال من مقومات وجوده قانونًا أو ينال من شرعيته ، أو يمس ذاتيته صدوره تحت مسمى مستشار ، طالما انعقد اختصاص هؤلاء القضاة ، وسمعوا المرافعة ، واشتركوا في إصدار الحكم ، وحضروا تلاوته - وهو ما يتحقَّق في الدعوى المطروحة - ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- حاز جوهرًا مخدرًا " نبات القنب الحشيش " ، وكان ذلك بقصد الاتجار ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا ، على النحو المُبَيَّن بالتحقيقات .
2- حاز جوهرًا مخدرًا " ترامادول " وكان ذلك بقصد الاتجار ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا، على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمواد 1/1 ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ، المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 ، والبندين رقمي 56 ، 149 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول ، والمستبدل أولهما بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 ، والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 269 لسنة 2002 ، والمضاف ثانيهما بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليه ، وبتغريمه مائة ألف جنيه ، ومصادرة المخدرات المضبوطة ، باعتبار الإحراز مُجَرَّدًا من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات "الحشيش" وعقار " الترامادول " المخدرين بغير قصد من القصود المسماة ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانونًا قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالات التلبس - لما ساقه من قرائن -ومن ثم بطلان شهادة من أجراهما ، فضلًا عما أثاره من عدم معقولية تصويره للواقعة ، وانفراده بالشهادة ، وعدم إثباته المأمورية بدفتر الأحوال ، بَيْدَ أن الحكم اطرح كل ذلك بما لا يسوغ ، ولم يستظهر توافر مُبَرِّرَات الاستيقاف ، وردَّ بما لا يصلح ردًّا على دفعه بانتفاء علمه بوجود نبات مخدر بالكرتونة التي سلَّمها إليه شقيق من كان برفقته لتوصيلها إلى آخر ، ولم تُجر المحكمة تحقيقًا لاستجلاء القصور الذي شاب تحقيقات النيابة العامة في هذا الشأن ، كما أن حكمها المطعون فيه قد صدر باطلًا بالمخالفة للمادة الأولى من قانون السلطة القضائية المُعَدَّل لاستبدالها كلمة (قاضي) بكلمة (مستشار) ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس ، أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير مُعّقِب عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، كما أن التلبُّس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبيَّن ماهية المادة التي شاهدها، بل يكفي في ذلك تحقُّق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس ، يستوي في ذلك أن تكون تلك الحاسة الشم أو حاسة النظر، متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكًّا ، وإذ كان مفاد ما أثبته الحكم بيانًا لواقعة الدعوى ، وإيرادًا لمضمون ما شهد به الضابط الذي باشر إجراءاتها ، وردًّا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس أن ضابط الواقعة عقب استيقافه السيارة النقل التي يقودها الطاعن وبجواره آخر لفحص رخصها اشتم رائحة نبات الحشيش المخدر تنبعث من داخل السيارة ، وأنه شاهد شريط الترامادول يسقط من شماسة السيارة حال قيام الأول بإخراج التراخيص منها ، وهو ما يوفر في حقه حالة التلبس بجناية كما هي مُعَرَّفة به قانونًا ، تجيز له - بالتالي - القبض على الطاعن وتفتيشه والسيارة ، فإنَّ ما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون صحيحًا في القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، كما أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش ، وسكوته عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله ، وكفايتها كدليل في الدعوى ، ذلك أن وزن أقوال الشاهد ، وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته ، وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع ، تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدِّره التقدير الذي تطمئن إليه بغير مُعَقِّب عليها ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقْبَل منه الشهادة عليه ، إلَّا أنَّ ذلك لا يكون إلَّا عند قيام البطلان وثبوته ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى شهادة ضابط الواقعة ، وصِحَّة تصويره لها ، وصِحَّة ما باشره من إجراءات القبض والتفتيش ، وردَّت على ما أثاره الطاعن في شأن عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة ، وانفراده بالشهادة ، وعدم إثباته المأمورية بدفتر الأحوال ، فاطرحته في منطق سائغ ، وتدليل مقبول ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مُجادلتها ، أو مُصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نصوص قانون المرور واضحة لا لَبْسَ فيها في حق رجال الضبط استيقاف المركبات - دون تخصيص - للاستعلام عن رخصة قائدها ، ورخصة تسييرها ، وأوجبت على قائد المركبة أن يقدِّمها له حين طلبها - مُطلقة هذا الحق من أي قيد ، سواء في هذا القانون أو أي قانون آخر ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - والتي لا يماري فيها الطاعن - أن ضابط الواقعة استوقف السيارة النقل التي كان يقودها الطاعن ، وبجواره آخر للاستعلام عن تراخيصها ، فإن ما آتاه الضابط كان نفاذًا لحكم القانون ، وليس مخالفًا له ، ومن ثم ، فإنه بفرض إثارته للدفع ببطلان الاستيقاف ، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه ؛ لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالًا مباشرًا ، أو بالوساطة ، وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن عِلم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية ، أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ، ولو لم تتحقَّق الحيازة المادية ؛ إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا للمادة المخدرة أن يكون مُحْرِزًا للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ، ولو لم تكن في حيازته المادية ، أو كان المُحْرِز للمخدر شخصًا غيره ، وكان تقصِّي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن اتصال الجاني بالمخدر ، وعن علمه بكنهه ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من الوقائع والظروف ما يكفي للدلالة على قيام أولهما ، وتوافر ثانيهما ، بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كان فيما ردَّ به الحكم على دفاع الطاعن بانتفاء صلته بمخدر الحشيش المضبوط ، وعلمه بوجوده في السيارة ، إضافة إلى ما حصَّله في صورة الواقعة ، ودلَّل على ثبوتها ، ما يكفي ويسوغ به اطراح ذلك الدفاع ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير قويم ، فضلًا عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره من منازعة بشأن نبات مخدر الحشيش المضبوط في السيارة ، ما دام أن وصف التهمة التي دين بها يبقى سليمًا ؛ لما أثبته الحكم عن مسئوليته عن العقار المخدر المضبوط الذي سقط من شماسة السيارة حال قيامه بإخراج التراخيص منها . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك القصور في تحقيقات النيابة العامة ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطْلَب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه ، ما دامت الواقعة وضحت لديها ، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه صدر برئاسة المستشار/ ..... ، وعضوية المستشارين/ .... ، ....، ثم تزيل بعبارة صدر هذا الحكم وتلي علنًا ، وتوقيع رئيس الدائرة مُصدرة الحكم ، ومن حيث إن المشرع استبدل كلمة قاضي بكلمة مستشار أينما وجدت في قانون السلطة القضائية ، وفي أي قانون آخر بالنسبة لرجال القضاء قاصدًا منه تحديد مدلول أكثر دقة مُتَّسِقًا مع طبيعة عمله باعتباره يقضي فيما يُطْرَح عليه من دعاوى ، ومن ثم فهو لا يُستشار بشأنها . لما كان ما تقدم ، فإنه لا يقدح في سلامة الحكم ، ولا ينال من مقومات وجوده قانونًا أو ينال من شرعيته ، أو يمس ذاتيته صدوره تحت مسمى مستشار ، طالما انعقد اختصاص هؤلاء القضاة ، وسمعوا المرافعة ، واشتركوا في إصدار الحكم ، وحضروا تلاوته - وهو ما يتحقَّق في الدعوى المطروحة - ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمَّته يكون على غير أساس ، متعينًا رفضه موضوعًا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 13636 لسنة 87 ق جلسة 24 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 92 ص 875

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / حسن الغزيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د. عادل أبو النجا ، عاطف عبد السميع ، أحمد رضوان وهشام رضوان عبد العليم نواب رئيس المحكمة .
------------------
(92)
الطعن رقم 13636 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة . النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
استناد الحكم في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات والتقرير الفني وإيرادهما بصورة وافية . النعي عليه بالقصور في هذا الصدد . غير مقبول .
(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
مثال .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مواد مخدرة .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
إثارة الدفاع بتساند الحكم للتقرير الفني دون بيان تحليل الجوهر المخدر من عدمه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
(6) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
مثال .
(7) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تعييب الحكم بالتفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره بناءً على علاقة شخصية بين مصدره ومستصدره . غير مقبول . علة ذلك ؟
(8) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها رداً عليه .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نفي التهمة . من أوجه الدفاع الموضوعية . لا تستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(10) حكم " بيانات التسبيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم لبعض فقرات ومواد العقاب المطبقة . لا يبطله . لمحكمة النقض تصحيحه . أساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2- لما كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون لا محل له .
3- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية التي سردها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد في غير محله .
4- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنون لا يجادلون في أن ما نقله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الأول له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتيهما ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئاً عما إذا كان الجوهر المخدر المضبوط قد تم تحليله من عدمه ، وكانت مدونات الحكم لا تساند بذاتها هذا الدفاع ، فلا يقبل النعي على محكمة الموضوع قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها .
6- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
7- لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش ، فلا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره بناءً على علاقة شخصية بين مُصدره ومستصدره طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفعاً ظاهر البطلان .
8- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني ظاهر البطلان ولا تثريب عليها إن هي التفتت عن المستندات التي قدمها الطاعنون للتدليل على صحة دفعهم – بفرض حصول ذلك – لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان ما يثيره الطاعنون من اطراح الحكم لإنكارهم الاتهام المسند إليهم مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
10- لما كان إغفال الحكم لبعض فقرات ومواد العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلانه ولا يستوجب نقضه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - مع تصحيح أسباب الحكم المطعون فيه في شأن مواد العقاب بإضافة الفقرة الثانية إلى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والتي أغفل الحكم إيرادها وكذا إضافة المادة 17 من قانون العقوبات والتي أعملها الحكم في حق الطاعنين دون الإشارة إليها - .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة الطاعنين بأنهم :
حال تكوينهم تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة أحرز كلٌ منهم بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( هيرويناً ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناَ .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 ، والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق والمعدل حضورياً بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وتغريم كل منهم مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليه وألزمتهم المصاريف مع مصادرة الجوهر المخدر المضبوط ، وذلك باعتبار أن إحراز المخدر كان بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، وببراءتهم من التشكيل العصابي .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اكتفى بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة بصورة وافية ، وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، وتساند الحكم إلى الدليل المستمد من تقرير المعامل الكيماوية دون أن يبين ما إذا كان الجوهر المخدر قد تم تحليله من عدمه ، ورد على دفعهم ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ به اطراحه ، وأغفل ما قام عليه دفاعهم من بطلان الإذن لصدوره بناءً على علاقة شخصية بين مُصدِرِهِ ومُستَصدِرِهِ ، وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة ما قدمه من مستندات رسمية لم تعرض لها المحكمة ، ولم يعرض الحكم لإنكارهم بالتحقيقات وأمام المحكمة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون . وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية التي سردها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعنون لا يجادلون في أن ما نقله الحكم من أقوال شاهد الإثبات الأول له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتيهما ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئاً عما إذا كان الجوهر المخدر المضبوط قد تم تحليله من عدمه ، وكانت مدونات الحكم لا تساند بذاتها هذا الدفاع ، فلا يقبل النعي على محكمة الموضوع قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها . لما كان ذلك ، من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش ، فلا محل لتعييب الحكم بالتفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره بناءً على علاقة شخصية بين مُصدره ومستصدره طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفعاً ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الدفاع القانوني ظاهر البطلان ولا تثريب عليها إن هي التفتت عن المستندات التي قدمها الطاعنون للتدليل على صحة دفعهم – بفرض حصول ذلك – لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من اطراح الحكم لإنكارهم الاتهام المسند إليهم مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع تصحيح أسباب الحكم المطعون فيه في شأن مواد العقاب بإضافة الفقرة الثانية إلى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والتي أغفل الحكم إيرادها وكذا إضافة المادة 17 من قانون العقوبات والتي أعملها الحكم في حق الطاعنين دون الإشارة إليها . لما كان ذلك ، وكان إغفال الحكم لبعض فقرات ومواد العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلانه ولا يستوجب نقضه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 14605 لسنة 87 ق جلسة 27 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 94 ص 886

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / علي نور الدين الناطوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ياسر جميل ومحمد محمود محمد علي نائبي رئيس المحكمة وحاتم حميدة ومحمد هديب .
-----------------
(94)
الطعن رقم 14605 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) مسئولية جنائية . مواد مخدرة . قصد جنائي .
المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر . مناط تحققها ؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
(4) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(6) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه ".
لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن التفتيش تخير الظرف والوقت المناسبين لتنفيذه . ما دام قد تم بالمدة المحددة به . النعي بالتلاحق الزمني في الإجراءات . غير مقبول .
(7) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . مواد مخدرة .
الإذن بتفتيش الطاعن استناداً لما دلت عليه التحريات من حيازته وإحرازه للمواد المخدرة . مؤداه : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . التفات الحكم عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة . صحيح . علة ذلك ؟
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الجرائم باختلاف أنواعها . جائز بكافة الطرق القانونية . إلا ما استثني بنص خاص .
العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه . مطالبته بالأخذ بدليل معين . غير جائز . حد ذلك ؟
استناد الحكم في الإدانة بجريمة إحراز مواد مخدرة لتحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني . صحيح . الجدل الموضوعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(9) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . لا يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط البحث .
نعي الطاعن عدم إجابة المحكمة لطلبه المسطر على واجهة حافظة المستندات المقدمة منه بسماع شاهد إثبات . غير مقبول . ما دام أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقواله بالتحقيقات دون التمسك بسماعه بختام مرافعته .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
سكوت الحكم عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام . لا يعيبه . علة ذلك ؟
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة بأقوال شاهد . مفاده ؟
إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
المنازعة في تصوير الضابط للواقعة . غير مقبول . متى اطمأنت المحكمة لأقواله .
(12) محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(13) قانون " تطبيقه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال . لا ينال من سلامة إجراءات الضبط . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه دليلين استقاهما من شهادة ضابط الواقعة .... ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رُتب عليهما ، وقد أورد الحكم مؤدى كل منهما في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الواقعة وفق الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها – على النحو الثابت بمدونات الحكم – ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
2- من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، وإذ كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - وهو الحال في هذه الدعوى - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير قويم .
4- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً كافياً لاطراحه ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
6- من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة للإذن ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلاحق الإجراءات يكون غير سديد .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن النقيب .... استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص الطاعن حال تردده على دائرة القسم بعد أن دلت التحريات على أنه يحوز ويحرز مواد مخدرة وبناءً على هذا الإذن تم ضبطه ، مما يدل على أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان .
8- من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين والعبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، فلا تثريب على الحكم إذا استند إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني - تقرير المعمل الكيميائي - في الإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
9- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهد الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، وإن قدم حافظة مستندات أورى بأسباب الطعن أنه سطر على واجهتها طلب سماع شهادة شاهد الإثبات إذ أنه لم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات الذي تليت أقواله بموافقته ، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفاً تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية .
10- من المقرر أنه لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام ، ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا وجه له .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك ضابط الواقعة عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط وحجبها عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كشف الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم معقولية الواقعة لا يكون سديداً .
12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .
13- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات قيام الضابط بالمأمورية وعودته منها بدفتر الأحوال ، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات الضبط لأنه إجراء ليس بلازم ، هذا فضلاً عن أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً " هيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة بعد أن خلصت إلى أن الاتهام يشكل في حق المتهم : - جناية إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً - قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 36 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم " 2 " من القسم الأول من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 - مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه عمَّا أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، وبمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه صيغ في عبارة عامة معماة ومجهلة لا يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به ركني الجريمة المادي والمعنوي واطرح برد قاصر غير سائغ دفعه ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها بأسباب طعنه وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة أقوال شاهدي النفي والتلاحق الزمني السريع في الإجراءات وقعد عن الرد على دفعه ببطلان إذن التفتيش لحصوله عن جريمة مستقبلة واستند الحكم على التحريات وحدها في الإدانة والتفتت المحكمة عن طلبه سماع شاهد الإثبات المسطر بواجهة حافظة المستندات المقدمة منه والمحتوية على المحضر الإداري رقم .... لسنة .... إداري مركز .... والذي يثبت تلفيق الاتهام من قبل ضابط الواقعة ، واعتنق الحكم تصوير ضابط الواقعة لها رغم أنه يتسم بعدم المعقولية وانفراده بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة له ، ولم يثبت بمحضر الجلسة دفاع الطاعن كاملاً ، ولم تثبت المأمورية بدفتر الأحوال . كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه دليلين استقاهما من شهادة ضابط الواقعة .... ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رُتب عليهما ، وقد أورد الحكم مؤدى كل منهما في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الواقعة وفق الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها – على النحو الثابت بمدونات الحكم – ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، وإذ كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - وهو الحال في هذه الدعوى - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً كافياً لاطراحه ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة للإذن ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلاحق الإجراءات يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن النقيب .... استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص الطاعن حال تردده على دائرة القسم بعد أن دلت التحريات على أنه يحوز ويحرز مواد مخدرة وبناءً على هذا الإذن تم ضبطه ، مما يدل على أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكانت الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين والعبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، فلا تثريب على الحكم إذا استند إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني - تقرير المعمل الكيميائي - في الإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهد الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، وإن قدم حافظة مستندات أورى بأسباب الطعن أنه سطر على واجهتها طلب سماع شهادة شاهد الإثبات إذ أنه لم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات الذي تليت أقواله بموافقته ، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفاً تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام ، ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا وجه له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك ضابط الواقعة عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط وحجبها عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كشف الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم معقولية الواقعة لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات قيام الضابط بالمأمورية وعودته منها بدفتر الأحوال ، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات الضبط لأنه إجراء ليس بلازم ، هذا فضلاً عن أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 5652 لسنة 83 ق جلسة 16 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 107 ص 1010

جلسة 16 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نادي عبد المعتمد أبو القاسم ، هشام الشافعي ، أسامة محمود والسيد أحمد نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(107)
الطعن رقم 5652 لسنة 83 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " . فقد الأوراق .
فقد أسباب الطعن نتيجة إهمال حفظها . أثره : نقض الحكم المطعون فيه والإعادة . علة ذلك ؟
(2) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " " أثر الطعن " .
التقرير بالطعن بالنقض وتقديم الأسباب بعد الميعاد المقرر قانوناً . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . نقض الحكم المطعون فيه للمحكوم عليه الأول . يوجب نقضه لمن لم يقبل طعنه شكلاً . أساس وعلة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين من مطالعة الأوراق أن الطاعن الأول قرر بالطعن بالنقض بتاريخ 17/10/2012 وأودع أسباب طعنه بتاريخ 26/11/2012 وأن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 4/10/2012 ، بيد أن البين من الإفادة الواردة من نيابة .... الكلية والمرفقة بملف الطعن والمؤرخة في 5/10/2019 أن أسباب الطعن لم ترفق به ولم ترد من الإدارة الجنائية لمحكمة النقض نظراً لفقدها نتيجة إهمال بحفظها بالملف ، ولما كان فقد أسباب الطعن جعل الوقوف على وجه الطعن متعذراً وحتى لا يُضار الطاعن لسبب لا دخل لإرادته فيه ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
2- لما كان الحكم المطعون فيه صدر في 4/10/2012 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 17/10/2012 بيد أنه لم يقدم أسباب طعنه إلا بتاريخ 5/1/2013 ، وكان من المقرر أن تقرير الطعن بالنقض في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحداهما مقام الآخر ولا يغنى عنه . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد القانوني عملاً بالمادة 34 من القرار بقانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بيد أن أسباب طعنه لم تقدم إلا بعد فوات الميعاد القانوني ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة سبق وأن قضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للمحكوم عليه الأول / .... ، فإنه يتعين نقضه والإعادة للطاعن الثاني / .... الذي لم يقبل طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
ــــ حازا بقصد الترويج عملة ورقية متداولة قانوناً داخل البلاد ست ورقات نقدية من فئة المائتي جنيه مصري مصطنعة على غرار الأوراق النقدية الصحيحة من تلك الفئة مع علمهما بأمر تقليدها على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المرفق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 17 ، 30 ، 45 /1 ، 46/1 ، 202 /1 ، 202 مكرراً ، 213 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لكل منهما والمصادرة والمصاريف الجنائية ، بعد أن أضافت للمحكوم عليه الثاني وصف شرع في ترويج ورقة نقدية من ضمن العملات الورقية المضبوطة على النحو المبين بالتحقيقات .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الأول / .... :
من حيث إن البين من مطالعة الأوراق أن الطاعن الأول قرر بالطعن بالنقض بتاريخ 17/10/2012 وأودع أسباب طعنه بتاريخ 26/11/2012 وأن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 4/10/2012 ، بيد أن البين من الإفادة الواردة من نيابة .... الكلية والمرفقة بملف الطعن والمؤرخة في 5/10/2019 أن أسباب الطعن لم ترفق به ولم ترد من الإدارة الجنائية لمحكمة النقض نظراً لفقدها نتيجة إهمال بحفظها بالملف ، ولما كان فقد أسباب الطعن جعل الوقوف على وجه الطعن متعذراً وحتى لا يُضار الطاعن لسبب لا دخل لإرادته فيه ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

ثانياً بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني / .... :
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 4/10/2012 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في 17/10/2012 بيد أنه لم يقدم أسباب طعنه إلا بتاريخ 5/1/2013 ، وكان من المقرر أن تقرير الطعن بالنقض في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحداهما مقام الآخر ولا يغنى عنه . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد القانوني عملاً بالمادة 34 من القرار بقانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بيد أن أسباب طعنه لم تقدم إلا بعد فوات الميعاد القانوني ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة سبق وأن قضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للمحكوم عليه الأول / .... ، فإنه يتعين نقضه والإعادة للطاعن الثاني / .... الذي لم يقبل طعنه شكلاً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 26 مارس 2025

الطعن 15341 لسنة 87 ق جلسة 8 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 101 ص 964

جلسة 8 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد أحمد ، توفيق سليم ، شعبان محمود ووائل صلاح الدين الأيوبي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(101)
الطعن رقم 15341 لسنة 87 القضائية
(1) مرور . دفوع " الدفع ببطلان الاستيقاف " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المادتان 12 و 41 من قانون المرور 66 لسنة 1973 . مفادهما ؟
أمر الضابط بإيقاف السيارة استقلال الطاعنين ومطالبته بتراخيصها . إجراء مشروع لا مساس فيه بحريتهما . له تخير الظرف المناسب لإتمامه بطريقة مثمرة . التزام الحكم هذا النظر في اطراحه الدفع ببطلان الاستيقاف . صحيح . علة ذلك ؟
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(3) حظر التجوال . تلبس . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي بشأن فرض حظر التجوال إبان ارتكاب الواقعة . غير مجد . ما دام أن الضابط أبصر الجريمة متلبس بها حال ممارسته دوره الإداري بفحص تراخيص السيارات .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 12 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المعدل في فقرتها الثانية توجب أن تكون رخصة المركبة موجودة بها دائماً وأجازت لرجال الشرطة والمرور أن يطلبوا تقديمها في أي وقت كما أوجبت المادة 41 من القانون ذاته على المرخص له بقيادة سيارة حمل الرخصة أثناء القيادة وتقديمها لرجال الشرطة والمرور كلما طلبوا ذلك ، وكانت مطالبة ضابط الواقعة لتراخيص السيارة التي كان يستقلها الطاعنان يعد إجراء مشروعاً ، للضابط تخير الظرف المناسب لإتمامه بطريقة مثمرة في الوقت الذى يراه مناسباً ذلك أن المشرع ألزم كل مالك مركبة وكل قائد لها بأن تكون رخصة المركبة بها دائماً وبأن يحمل القائد رخصة قيادته أثناء القيادة وأن يقدمها لرجال الشرطة أو المرور كلما طلبوا ذلك ، وجاءت عبارة النص في هذا الخصوص واضحة لا لبس فيها ، عامة دون تخصيص طليقة من غير قيد ، ولا يعد أمر الضابط للطاعنين بإيقاف السيارة أن يكون تعرضاً مادياً ليس فيه أي مساس بحرية الشخص ولا يحمل بحال على أنه يمثل اعتداء على هذه الحرية إذ لم يقصد به الضابط سوى أن يتم مهمته التي خولها له القانون على النحو المار بيانه ، ومن البداهة في قضاء النقض أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه في اطراحه لدفع الطاعنين ببطلان الاستيقاف في تدليل سائغ يتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون غير سديد .
2- من المقرر أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجال الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب مادامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها في حكمها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي إزاء السيارة التي كان يستقلها الطاعنان وأن حالة التلبس نشأت عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة والتي تنبئ بوقوعها لمشاهدة الضابط بأرضية السيارة أمام قائدها خزينة آلية بها عشرون طلقة مما تستخدم على البنادق الآلية فإن الجريمة في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش فإذا ما أسفر ذلك عن ضبط المخدر يكون صحيحاً لا بطلان فيه ، فإن المحكمة إذ انتهت إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحاً .
3- لما كان لا جدوى في جميع ما يثيره الطاعنان بشأن فرض حظر التجوال إبان تاريخ ارتكاب الواقعة على النحو الذى يثيراه بأسباب طعنهما طالما أن الحكم قد أثبت أن ضابط الواقعة قد مارس دوره الإداري بفحص تراخيص السيارات وأثناء ذلك قد أبصر جريمة متلبس بها بغض النظر عن صدور قرار بحظر التجوال من عدمه فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
4- من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما أثبته بمدوناته حال سرده لأقوال شاهد الإثبات الأول ومرافقيه من شهود الإثبات أن حرز الحشيش المضبوط عثر عليه بجوار قائد السيارة بالمخالفة لأقوالهم بالتحقيقات من أنه تم العثور عليها بدرج أسفل المقعد الأمامي الأيمن المجاور لقائدها لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها ، فإن النعي على الحكم بالاستناد إلى غير الثابت في الأوراق يكون في غير محله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
1- حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً " حشيش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- حازا بدون ترخيص سلاحاً أبيض " سكين " دون مسوغ من الضرورة الشخصية والحرفية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، ۲ ، 7/ 1 ، 34/ 1 بند (أ) ، 42/ 1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) الملحق به أولاً: بمعاقبتهما بالسجن المؤبد وبتغريم كل منهما خمسمائة ألف جنيه عن التهمة الأولى وبحبس كل منهما ثلاث سنوات مع الشغل وتغريم كل منهما خمسمائة جنية عن التهمة الثانية . ثانياً: بمصادرة المخدر والسكين والهاتفين المحمولين والمبالغ النقدية المضبوطة . ثالثاً: بمصادرة السيارة .
فطعـن المحكوم عليهما في هــذا الحكم بطريق النقض " قيدت بجدولها برقم .... " ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ومحكمة الإعادة ( بهيئة مغايرة ) قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، ۲ ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمواد 1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (6) من الجدول رقم (1) الملحق به بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما مبلغ خمسين ألف جنيه عما أسند لكل منهما عن التهمة الأولى وبحبس كل منهما لمدة شهر واحد وتغريم كل منهما مبلغ مائتي جنيه عما أسند إليهما بالتهمة الثانية ومصادرة المخدر والسلاح الأبيض المضبوطين . وذلك باعتبار أن حيازة الطاعنين لجوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون .
فطعـن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي حيازة جوهر " الحشيش " المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وسلاح أبيض بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه اطرح برد قاصر غير سائغ الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود حالة من حالات التلبس لانتفاء مبررات استيقافهما سيما وأن الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار بحظر التجوال ونشره في الجريدة الرسمية بدلالة ورود خطاب من المطابع الأميرية يفيد بعدم نشر ثمة قرارات بفرض حظر التجوال خلال تاريخ الواقعة وهو ما خلا محضر الجلسة من إثباته فضلاً أن ما تساند إليه الحكم بشأن المنشور الصادر من جريدة الوطن لا يصلح لأن يكون دليلاً لإدانتهما ، وأخيراً أن الحكم قد أثبت حال سرده لأقوال شاهد الإثبات الأول وباقي شهوده الذي أحال إليها من أن مخدر الحشيش المضبوط عثر عليه بجوار قائد السيارة بالمخالفة لما هو ثابت بأقوالهم في التحقيقات من أنه تم العثور عليها داخل كيس قماش بدرج أسفل المقعد الأمامي الأيمن المجاور لقائد السيارة . كل ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 12 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المعدل في فقرتها الثانية توجب أن تكون رخصة المركبة موجودة بها دائماً وأجازت لرجال الشرطة والمرور أن يطلبوا تقديمها في أي وقت كما أوجبت المادة 41 من القانون ذاته على المرخص له بقيادة سيارة حمل الرخصة أثناء القيادة وتقديمها لرجال الشرطة والمرور كلما طلبوا ذلك ، وكانت مطالبة ضابط الواقعة لتراخيص السيارة التي كان يستقلها الطاعنان يعد إجراء مشروعاً ، للضابط تخير الظرف المناسب لإتمامه بطريقة مثمرة في الوقت الذى يراه مناسباً ذلك أن المشرع ألزم كل مالك مركبة وكل قائد لها بأن تكون رخصة المركبة بها دائماً وبأن يحمل القائد رخصة قيادته أثناء القيادة وأن يقدمها لرجال الشرطة أو المرور كلما طلبوا ذلك ، وجاءت عبارة النص في هذا الخصوص واضحة لا لبس فيها ، عامة دون تخصيص طليقة من غير قيد ، ولا يعد أمر الضابط للطاعنين بإيقاف السيارة أن يكون تعرضاً مادياً ليس فيه أي مساس بحرية الشخص ولا يحمل بحال على أنه يمثل اعتداء على هذه الحرية إذ لم يقصد به الضابط سوى أن يتم مهمته التي خولها له القانون على النحو المار بيانه ، ومن البداهة في قضاء النقض أن الإجراء المشروع لا يتولد عن تنفيذه في حدوده عمل باطل ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه في اطراحه لدفع الطاعنين ببطلان الاستيقاف في تدليل سائغ يتفق وصحيح القانون ، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون غير سديد . وكان من المقرر أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحته التي توكل بداءة لرجال الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها في حكمها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي إزاء السيارة التي كان يستقلها الطاعنان وأن حالة التلبس نشأت عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة والتي تنبئ بوقوعها لمشاهدة الضابط بأرضية السيارة أمام قائدها خزينة آلية بها عشرون طلقة مما تستخدم على البنادق الآلية فإن الجريمة في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش فإذا ما أسفر ذلك عن ضبط المخدر يكون صحيحاً لا بطلان فيه ، فإن المحكمة إذ انتهت إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحاً . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى في جميع ما يثيره الطاعنان بشأن فرض حظر التجوال إبان تاريخ ارتكاب الواقعة على النحو الذى يثيراه بأسباب طعنهما طالما أن الحكم قد أثبت أن ضابط الواقعة قد مارس دوره الإداري بفحص تراخيص السيارات وأثناء ذلك قد أبصر جريمة متلبس بها بغض النظر عن صدور قرار بحظر التجوال من عدمه ، فمن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، فإنه لا يجدى الطاعنين ما يثيراه عن خطأ الحكم فيما أثبته بمدوناته حال سرده لأقوال شاهد الإثبات الأول ومرافقيه من شهود الإثبات أن حرز الحشيش المضبوط عثر عليه بجوار قائد السيارة بالمخالفة لأقوالهم بالتحقيقات من أنه تم العثور عليها بدرج أسفل المقعد الأمامي الأيمن المجاور لقائدها لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها ، فإن النعي على الحكم بالاستناد إلى غير الثابت في الأوراق يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 25 مارس 2025

الطعن 16582 لسنة 87 ق جلسة 19 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 110 ص 1058

جلسة 19 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / أحمد مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيل الكشكي ، حسام خليل ، محمد أباظة وأشرف الفيومي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(110)
الطعن رقم 16582 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمتين اللتين دين بهما الطاعن وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الاشتراك في التزوير . تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .
مثال .
(3) جريمة " أركانها " . تزوير " أوراق رسمية " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
القصد الجنائي في جريمة التزوير في أوراق رسمية . تحققه : بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) تقليد . إثبات " بوجه عام " . تزوير " أوراق رسمية " .
العبرة في جرائم التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف . تحققها : متى كان التقليد من شأنه أن يخدع الجمهور في المعاملات . إتقانه . غير لازم . كفاية قبوله في المعاملات .
القانون لم يجعل لإثبات التقليد أو التزوير طريقاً خاصاً . كفاية اطمئنان المحكمة لثبوته من الأدلة السائغة التي أوردتها .
مثال .
(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم المطعون فيه مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيان واف . لا قصور.
(7) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . تزوير " أوراق رسمية " . اشتراك .
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
جرائم التزوير . لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
إيراد الحكم ما يكفي للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله في حق الطاعن . لا قصور .
(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . متى عرضت على بساط البحث . النعي بهذا الشأن . غير مقبول .
(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله إيراد الأدلة المنتجة على وقوع الجريمة من المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(10) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها .
لمحكمة الموضوع الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو المستندات . مفاده : اطراحها .
مثال .
(11) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى . موضوعي .
المحكمة هي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع الفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها . ما دامت المسألة المطروحة ليست فنية بحتة .
مثال .
(12) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " " استعمال أوراق مزورة " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إثبات الحكم اشتراك الطاعن مع موظف عام سيء النية في ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال المحررات المزورة . أثره : قيام مسئوليته عنهما عُرف الموظف أم لم يُعرف .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله تطبيقاً للقانون على وجهه الصحيح دون لفت نظر الدفاع . حد ذلك ؟
تعديل المحكمة وصف التهمة المحال بها الطاعن من اشتراكه مع مجهول في تزوير محررات رسمية إلى اعتباره شريكاً لموظف عام سيء النية ومعلوم . لا يعد تغييراً في الوصف يستلزم تنبيه الدفاع . علة ذلك ؟
(13) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
نعي الطاعن عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المزورة . غير مقبول . ما دام لم يدع أنها كانت بحرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها اللتين دان الطاعن بهما ، وساق على صحة إسنادهما إليه وثبوتهما في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن إفادتي مباحث مرور... و قسم .... بمحافظة .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .
2- من المقرر أن الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابستها ، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وإذ كان في جماع ما حصلّه الحكم من أقوال الشهود والأدلة في الدعوى - التي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق - ما يصح به استدلال الحكم على ثبوت اشتراك الطاعن في التزوير ويسوغ به ما انتهى إليه من إدانته عن تلك الجريمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم تحديد الحكم للأعمال الدالة على اشتراكه في التزوير يكون غير سديد .
3- من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية من تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير أوراق السيارة النقل بقصد ترخيصها وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعن ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديه ، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء علمه بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض .
4- لما كانت القاعدة القانونية المقررة في جرائم التقليد تقضي بأن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف ، وأن الجريمة تتحقق متى كان التقليد من شأنه أن يخدع الجمهور في المعاملات ، لأن القانون لا يشترط أن يكون التقليد مُتقناً بحيث يخدع المدقق ، بل يكفي أن يكون بين المحررات والأختام المقلدة والصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التعامل ، فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذه القواعد واستند في قضائه بإدانة الطاعن إلى ما أورده من أن أوراق بيع السيارة النقل بالمزاد العلني باللوط .... بجلسة .... غير صحيحة ومصطنعة ، وذلك بما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من أقوال شهود الإثبات وإفادتي مباحث مرور .... وقسم .... بمحافظة .... ، وكان القانون لا يجعل لإثبات التقليد أو التزوير طريقاً خاصاً ما دامت المحكمة قد اطمأنت من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة ، ومن ثم يكون هذا الوجه في غير محله .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة- ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
7- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كاف للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في التزوير واستعمال محررات مزورة مع العلم بتزويرها التي دان الطاعن بهما ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب .
8- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
9- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دلالة الإفادتين المرفقتين بالأوراق وما جاء بتحريات مباحث مرور .... ومرور .... وهو ما تنتفي به التهمة في حقه – مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات صحة الإجراءات التي تمت بخصوص بيع السيارة بالمزاد ، ذلك أن المقرر في أحوال الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد .
11- لما كان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ، وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيها بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات من اشتراك الطاعن مع موظف عام سيئ النية في تزوير أوراق السيارة النقل - بطريق الاصطناع - فإنها بذلك تكون قد فصلت في أمر موضوعي لا إشراف لمحكمة النقض عليه ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
12- لما كان الحكم قد أثبت اشتراك الطاعن مع موظف عام سيئ النية في ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة فقد وجب مساءلته عنهما سواء عُرف الموظف أم لم يُعرف ، ومن ثم فلا يعيب الحكم إن هو نسب إلى الطاعن مقارفته لهاتين الجريمتين مع موظف معلوم في حين أن وصف التهمة المرفوع بها الدعوى قد نسب له اشتراكه مع موظف مجهول دون لفت نظره إلى ذلك ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم بها دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الطاعن شريكاً مع موظف عام سيء النية - معلوم - وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن ، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه ، ومن ثم فقد بات النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله .
13- لما كان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة ، فلا يقبل منه الادعاء بعدم إطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر سبق الحكم عليه :
1- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو أوراق السيارة رقم ....، وكان ذلك بطريق الاصطناع بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقا مع ذلك المجهول على اصطناعه وساعداه على ذلك بأن أمداه بالبيانات اللازمة فأصطنعه على غرار نظيره الصحيح ، ومهره بأختام مقلدة منسوبة لقسم .... بإدارة .... بمحافظة .... . فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
2- قلدا بواسطة شخص مجهول خاتم شعار الجمهورية الخاص بإدارة .... بمحافظة .... واستعملاه على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمهما بتقليده .
3- استعملا المحرر المزور موضوع التهمة الأولى فيما زور من أجله بأن قدماه للموظف المختص بإدارة مرور .... محتجين بصحة ما دوّن به مع علمهما بتزويره .
4- استحصلا بغير حق على خاتم جهة حكومية هي إدارة مرور .... ، إدارة مرور .... و إدارة مرور .... واستعملاه استعمالاً ضاراً بمصلحة عامة بأن بصما على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثا ، 41 /1 ، 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 30/2 ، 32 /2 من القانون ذاته . بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة . بعد أن عدلت الوصف إلى : المتهم 1- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك وآخر سبق الحكم عليه بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عام سيء النية لم يقدم للمحاكمة الجنائية في التزوير في محررات رسمية هي أوراق السيارة رقم ....، وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمداه بالبيانات اللازمة فقام بإنشائها وضمنها على خلاف الحقيقة بأن قسم .... التابع لإدارة .... بمحافظة .... قد باعها للمتهم باللوط رقم ....بجلسة بيع بالمزاد وزيلها بتوقيعه وبصمها بخاتم شعار الجمهورية والخاتم الكودي والخاتم البيضاوي لتلك الجهة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
2- استعمل وآخر سبق الحكم عليه المحررات المزورة موضوع الوصف السابق بأن احتجا بها وقدماها إلى جهة المرور المختصة مع علمهما بأمر تزويرها .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى - بمذكرتي أسباب طعنه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظف عام حسن النية في تزوير محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه أورد وقائع الدعوى ومضمون الأدلة فيها بصورة مجملة ، ودانه بتهمة الاشتراك مع موظف عام سيئ النية دون أن يورد الأعمال المادية الإيجابية التي ارتكبها الطاعن ، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي في حقه رغم انتفاء علمه بتزوير تلك المحررات ، ولم يدلل على أوجه التشابه والاختلاف بين المستندات المزورة والصحيحة وبين الأختام الصحيحة والمقلدة ومدى انخداع الجمهور بها ، كما عول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وتناقض أقوالهم وتضاربها ولم يورد مضمون أو مؤدى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني في بيان جلي ومفصل ، كما استند إلى أقوال شاهدة الإثبات الثالثة رغم إقرارها بأنها مارست عملها بتاريخ لاحق على تاريخ الواقعة وأنه ليست لديها أية معلومات عن نظام جلسات المزاد ، وعول على تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلاً بذاتها ، والتفت الحكم عن دلالة الإفادتين المرفقتين بالأوراق وتحريات مباحث مرور .... ، .... والتي تفيد نفي الاتهام عن الطاعن ، والتفت إيراداً ورداً على دفعه بتلفيق الاتهام ، وأعرض عن دلالة المستندات الصادرة من رئيس قسم .... وقت الضبط ، وخلت الأوراق من دليل فني على التزوير ، ولم تلفت المحكمة نظر الطاعن لتعديلها وصف التهمة الوارد بأمر الإحالة حين اعتبرته مشتركاً مع موظف عام سيئ النية معلومة شخصيته ، كما أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها مع العلم بتزويرها اللتين دان الطاعن بهما ، وساق على صحة إسنادهما إليه وثبوتهما في حقه أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن إفادتي مباحث مرور... و قسم .... بمحافظة .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة ، لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابستها ، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وإذ كان في جماع ما حصلّه الحكم من أقوال الشهود والأدلة في الدعوى - التي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق - ما يصح به استدلال الحكم على ثبوت اشتراك الطاعن في التزوير ويسوغ به ما انتهى إليه من إدانته عن تلك الجريمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم تحديد الحكم للأعمال الدالة على اشتراكه في التزوير يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية من تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير أوراق السيارة النقل بقصد ترخيصها وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعن ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديه ، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء علمه بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت القاعدة القانونية المقررة في جرائم التقليد تقضي بأن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف ، وأن الجريمة تتحقق متى كان التقليد من شأنه أن يخدع الجمهور في المعاملات ، لأن القانون لا يشترط أن يكون التقليد مُتقناً بحيث يخدع المدقق ، بل يكفي أن يكون بين المحررات والأختام المقلدة والصحيحة من التشابه ما تكون به مقبولة في التعامل ، فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذه القواعد واستند في قضائه بإدانة الطاعن إلى ما أورده من أن أوراق بيع السيارة النقل بالمزاد العلني باللوط .... بجلسة .... غير صحيحة ومصطنعة ، وذلك بما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من أقوال شهود الإثبات وإفادتي مباحث مرور .... و قسم .... بمحافظة .... ، وكان القانون لا يجعل لإثبات التقليد أو التزوير طريقاً خاصاً ما دامت المحكمة قد اطمأنت من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة ، ومن ثم يكون هذا الوجه في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة- ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كاف للتدليل على ثبوت جريمتي الاشتراك في التزوير واستعمال محررات مزورة مع العلم بتزويرها التي دان الطاعن بهما ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دلالة الإفادتين المرفقتين بالأوراق وما جاء بتحريات مباحث مرور .... ومرور .... وهو ما تنتفي به التهمة في حقه – مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعن للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات صحة الإجراءات التي تمت بخصوص بيع السيارة بالمزاد ، ذلك أن المقرر في أحوال الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ، وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع هي أن تفصل فيها بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات من اشتراك الطاعن مع موظف عام سيئ النية في تزوير أوراق السيارة النقل - بطريق الاصطناع - فإنها بذلك تكون قد فصلت في أمر موضوعي لا إشراف لمحكمة النقض عليه ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وإذ كان الحكم قد أثبت اشتراك الطاعن مع موظف عام سيئ النية في ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة فقد وجب مساءلته عنهما سواء عرف الموظف أم لم يعرف ، ومن ثم فلا يعيب الحكم إن هو نسب إلى الطاعن مقارفته لهاتين الجريمتين مع موظف معلوم في حين أن وصف التهمة المرفوع بها الدعوى قد نسب له اشتراكه مع موظف مجهول دون لفت نظره إلى ذلك ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذى تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم بها دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الطاعن شريكاً مع موظف عام سيء النية - معلوم - وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن ، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه ، ومن ثم فقد بات النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة ، فلا يقبل منه الادعاء بعدم إطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ