الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 يوليو 2018

الطعن 6367 لسنة 60 ق جلسة 16 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ق 41 ص 287


برئاسة السيد المستشار /محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد اللطيف على أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق.
---------
- 1  وكالة
صدور التوكيل بعد الحكم المطعون فيه وقبل التقرير بالطعن . دلالته : انصراف إرادة الطاعن إلى توكيل محاميه بالتقرير بالطعن بالنقض وأن لم ينص فيه على ذلك .
لما كان الطعن قد قرر به محام نيابة عن المحكوم عليهما بموجب التوكيل المرفق الذى اقتصرت عبارته على التقرير بالمعارضة وبالاستئناف إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في العاشر من يناير سنة 1990 وكان هذا التوكيل قد أجرى في 24 من يناير سنة 1990 أى في تاريخ لاحق لصدور الحكم وسابق بثلاثة أيام على 27 من يناير سنة 1990 تاريخ التقرير بالطعن بالنقض، فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعنين إلى توكيل محاميهما بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
- 2  حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل".
الإجمال أو الإبهام الذى يجب ألا يشوب الحكم . ماهيته ؟ . إشارة حكم الإدانة بعبارة مبهمة إلى أن التهمة ثابته قبل المتهم من أقوال المجنى عليه و التقرير الطبي دون أن يحدد المتهم المقصود بهذه العبارة أو التهمة الثابتة في حقه بالرغم من ثنائية الاتهام . يعيب الحكم بالغموض .
من المقرر أنه يتعين ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة أو فيما أثبته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذى ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عم أعمال رقابتها على الوجه الصحيح، ولما كان الحكم في تدليله على ثبوت الواقعة قد اقتصر على الإشارة بعبارة مبهمة إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال المجنى عليه والتقرير الطبي دون أن يحدد المتهم المقصود بهذه العبارة أو التهمة الثابتة في حقه على الرغم من أن الدعوى أقيمت ضد متهمين أثنين وخلص الحكم إلى إدانتهما مما لا يبين منه أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام- لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالغموض والإبهام والقصور مما يعيبه.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا ...... فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام أداه. وطلبت عقابهما بالمادة 1/242، 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بندر الفيوم قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. عارضا وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهمين أسبوعا مع الشغل. استأنفا ومحكمة الفيوم الابتدائية -بهيئة استئنافية- قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
فطعن الأستاذ/....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

--------------
المحكمة 
من حيث إنه وإن كان الطعن قد قرر به محام نيابة عن المحكوم عليهما بموجب التوكيل المرفق الذي اقتصرت عبارته على التقرير بالمعارضة وبالاستئناف إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في العاشر من يناير سنة 1990 وكان هذا التوكيل قد أجرى في 24 من يناير 1990 أي في تاريخ لاحق لصدور الحكم وسابق بثلاثة أيام على 27 من يناير سنة 1990 تاريخ التقرير بالطعن بالنقض, فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعنين إلى توكيل محاميهما بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم, ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة الضرب قد شابه القصور في التسبيب, ذلك أنه جاء خلواً من بيان واقعة الدعوى وأداة ثبوتها في حقهما بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله ((تخلص واقعة الدعوى فيما أبلغ به وقرره المجني عليه من أن المتهم تعدى عليه بالضرب وأحدث ما به من الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق. وحيث إن المحكمة تطمئن إلى صحة ثبوت الاتهام وذلك من أقوال المجني عليه ودليله التقرير الطبي المرفق. وحيث إن الأوراق جاءت خالية مما ينال من سلامتها في الإسناد والإثبات وحيث إن المتهم أعلن قانوناً بالجلسة ولم يحضر، الأمر الذي يتعين معه معاقبته بمواد الاتهام وعملاً بنص المادة 304/2 أ. ج)) لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يتعين ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى, وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح, ولما كان الحكم في تدليله على ثبوت الواقعة قد اقتصر على الإشارة بعبارة مبهمة إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال المجني عليه والتقرير الطبي دون أن يحدد المتهم المقصود بهذه العبارة أو التهمة الثابتة في حقه على الرغم من أن الدعوى أقيمت ضد متهمين اثنين وخلص الحكم إلى إدانتهما مما لا يبين منه أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام. لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالغموض والإبهام والقصور مما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة, وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 5207 لسنة 62 ق جلسة 15 / 2 / 1994 مكتب فني 45 ق 40 ص 267


برئاسة السيد المستشار /محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
-----------
- 1  تفتيش " إذن التفتيش . إصداره". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي . عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض .
من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت ـ وعلى ما سلف بيانه ـ بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
- 2 تفتيش " بياناته". مأمورو الضبط القضائي
تولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب إذن التفتيش . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم . مجرد الخطأ في بيان محل إقامة المتهم . لا ينال بذاته من جدية التحريات .
ان القانون لا يوجب حتما أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم على أن يتعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال الشرطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم مادام أنه اقتنع شخصيا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات وكان مجرد الخطأ في بيان محل إقامة المتهم ـ بغرض حصول ذلك ـ لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري.
- 3  مأمورو الضبط القضائي
عدم الإفصاح عن شخصية المرشد من مأمور الضبط القضائي . لا يعيب الإجراءات .
لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصيه المرشد غير معروفه وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذى اختاره لمعاونته في مهنته.
- 4  دفوع " الدفع ببطلان التفتيش".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن . رداً عليه .
من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي فإنه يكفى للرد عليه اطمئنان محكمة الموضوع إلى وقوع الضبط بناء على الإذن بالأدلة التي أوردتها.
- 5   تفتيش" إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة
التفتيش الذى تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه . شرط صحته .
من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة ـ قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة.
- 6  تفتيش "إذن التفتيش . إصداره". مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
صدور الإذن بالتفتيش استناداً إلى ما جاء بالتحريات من أن المتهم يحوز مواد مخدره . الادعاء بأن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة . غير صحيح .
لما كان الواضح من مدونات الحكم ـ أن الجريمة التى دان الطاعن بها كانت قد وقعت بالفعل حين أصدرت النيابة العامة الإذن بالضبط والتفتيش بدلالة ما نقله الحكم من محضر التحريات من أن الطاعن يحرز بالفعل المخدر، فإن ما استخلصه الحكم من أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبله أو محتمله يكون استخلاصا سائغا، ويكون منعاه في هذا الشأن على غير سند.
- 7  اختصاص
الاختصاص بإصدار إذن التفتيش يتحدد بمكان وقوع الجريمة أو بمحل إقامة المتهم أو بالمكان الذى يضبط فيه . المادة 217 إجراءات .
لما كان الطاعن يسلم في طعنه بأن الإذن بالضبط والتفتيش صدر من وكيل نيابة مخدرات القاهرة، وكان الحكم قد افصح ـ على ما سلفه بيانه عن اقتناعه بأن للطاعن محل إقامة بدائرة محافظة القاهرة، فإن الإذن بالضبط والتفتيش والذى صدر بضبط وتفتيش الطاعن المذكور يكون قد صدر مما يملك ولاية إصداره ذلك لان الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضا بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذى يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون لا أساس له.
- 8  تفتيش " تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي
طريقة تنفيذ إذن التفتيش موكول إلى مأمور الضبط المأذون له. تكليف المأذون له أحد زملائه بوزن المخدر المضبوط بإحدى الصيدليات. لا عيب.
من المقرر أنه متى كان التفتيش الذى قام به مأمور الضبط مأذوناً به قانونا يقترح أن يكون متروكه لرأى القائم به، ومن ثم فلا تثريب على الضابط إن هو رأى في سبيل تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به تكليف أحد زملائه بوزن المضبوط بإحدى الصيدليات، ومن ثم فلا يعيب الإجراءات - ففي الدعوى المطروحة - أن العقيد .... المأذون له بالضبط والتفتيش عهد إلى زميله الرائد.....بوزن المخدر المضبوط بإحدى الصيدليات.
- 9  إثبات " خبرة". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها . عدم جواز مجادلتها فيه . حق المحكمة في الالتفات عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر الذى جرى ضبطه هو الذى جرى وزنه ثم تحريزه وإرسال عينة منه للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هى قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن دفع الطاعن ببطلان الدليل المستمد من المخدر المضبوط ومن تحليله بعد أن انفرد الرائد .... بوزنه قبل تحريزه ما دام أنه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
- 10  دفوع " الدفع بتلفيق التهمة". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
الدفع بتلفيق التهمة . موضوعي . الجدل الموضوعي . لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة أو عدم ارتكابها هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل ردا صريحا بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفادا من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم ارتكاب الجريمة وتلفيقها له يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه إثارته أمام محكمة النقض.
- 11  جريمة " أركان الجريمة". مواد مخدرة
تمام جريمة إحراز المخدرات. بوجود المخدر في حوزة محرزه مهما صغر مقدارها أو كان دون الوزن.
من المقرر أن جريمة إحراز المخدرات تتم بوجودها في حوزة محرزها مهما صغر مقدارها أو كانت دون الوزن .
- 12  دفوع "الدفع بالتزوير". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
الدفع بالتزوير . من وسائل الدفاع الموضوعية . تقديره . موضوعي . طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير . غير ملزم للمحكمة . طالما استخلصت عدم الحاجة إليه .
من المقرر أن الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث، وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل طلبات التأجيل لاتخاذ إجراء بما لا يلزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما قد خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه، وهى متى انتهت إلى رأى معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك.
- 13  إثبات" شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
طلب المتهم سماع شاهد لم تر المحكمة أن سماعه لازم لظهور الحقيقة هى في حل من صرف النظر عن سماعه .
ولما كان الطاعن يستهدف بطلبه نفى التهمة عنه، سواء قصد بطلبه الشهادة الصادرة من الصيدلية بميعاد غلقها أم قصد شهادتها بوزن المخدر ومن قام بهذا الوزن كما يذكر في طعنه، وكانت المحكمة قد فطنت إلى ذلك فأشارت في ردها على طلبه ـ على السياق المتقدم ـ إلى أن الطاعن لو كان جادا في طلبه لأعلن صاحب الصيدلية المنسوب لها هاتين ضمن شهود النفي الذين احضرهم بجلسات المرافعة والذين استمعت المحكمة إلى شهادتهم، وكان ما قالته المحكمة مما يجعلها في حل من صرف النظر عن سماع الشاهد الذى يشير إليه الطاعن إذا رأت هى من جانبها أن حضوره لم يكن ضروريا لظهور الحقيقة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
- 14  دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نقض" أسباب الطعن .  ما لا يقبل من الأسباب".
عدم التزام المحكمة بطلب ضم ملف السيارة . ما دام الهدف منه إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها . أساس ذلك .
من المقرر أن الطلب الذى لا يتجه مباشرة إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن الطلب ضم ملف السيارة ـ سالفة البيان ـ والمبدى بجلسة المحاكمة لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فضلا، عن أن الحكم رد على هذا الطلب ردا كافيا وسائغا وافصح في رده ـ على السياق المتقدم عن أن هذا الطلب غير منتج في الدعوى ومن ثم فلا على المحكمة أن هي أعرضت عنه والتفت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه في هذا الخصوص غير قويم.
- 15  إجراءات " إجراءات التحقيق". استدلالات
بقاء شخصية المرشد غير معروفه وعدم إفصاح مأمور الضبط عنها . لا يعيب الإجراءات .
من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد ـ إن وجد ـ غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذى اختاره لمعاونته في مهنته.
- 16  حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل"
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
- 17  قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة
إحراز المخدر بقصد الإتجار. واقعة مادية يستقل بالفصل فيها قاضي الموضوع.
من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها .
- 18 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل وفى تجزئته . أخذ المحكمة بأقوال الضابط مسوغاً للإذن بالتفتيش . لا يمنعها من عدم الأخذ بها في قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي .
للمحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدليل في الدعوى، وفى تجزئته، أن ترى في أقوال الضابط مجرى التحريات ما يسوغ الإذن بالتفتيش وما يثبت إحراز الطاعن للمخدر ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقض في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
- 19  وصف التهمة
تعيين الحكم تاريخ الجريمة . ليس تغييراً في التهمة ولا تعديلاً لوصفها مما يقتضى تنبيه الدفاع .
الأصل أنه لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالا غير التي رفعت بها الدعوى عليه، إلا أن التغيير المحظور هو الذى يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمة أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة هو أن يلم المتهم بموضوع الاتهام، فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ما دامت فيما تجريه لا يخرج عن نطاق الواقعة نفسها التي تضمنها أمر الإحالة، فلا يعيب الحكم ـ كما هو الحال في الدعوى الماثلة ـ ما دام أنه يتناول التهمة التي رفعت بها الدعوى بالتعديل وهى جريمة إحراز جوهر مخدر والتي كانت معروضة على بساط البحث ودارت عليها المرافعة، ومن ثم فلا تلتزم المحكمة ببيان سبب مثل هذا التعديل أو بلفت نظر الدفاع إليه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلي محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1، 24، 1/37، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1990 والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

-------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر ((هيروين)) بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات التي سبقته بدلالة أن من أجراها لم يجر مراقبة شخصية له وأخطأ في بيان محل إقامته ولم يفصح عن مصدر معلوماته, كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة بها, وببطلان إذن النيابة - في هذا الشأن لصدوره عن جريمة محتملة ومستقبلة وعدم اختصاص مصدره مكانياً, إلا أن المحكمة ردت على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً ورفضتها بغير سبب سائغ, فضلاً عن أن الحكم لم يتناول الرد على دفعيه ببطلان الدليل المستمد من المسحوق محل الاتهام ومن تحليله, وبتلفيق الاتهام له, ولم تجبه المحكمة على طلباته بإرسال حرز المخدر إلى معامل التحليل لإعادة تحليله لبيان نسبة الهيروين والكمية المضبوطة, والطعن بالتزوير في دفتر أحوال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات, والتصريح له بإعلان الصيدلي الذي أجرى وزن المخدر, وضم ملف السيارة التي استقلها الطاعن وإعلان المرشد السري وتكليف ضابط المباحث بالإفصاح عن شخصيته, ورد الحكم على هذه الطلبات بما يخالف الثابت بالأوراق وما ساقه الطاعن في دفاعه, كما أن الحكم استبعد قصد الاتجار لدى الطاعن بما مؤداه تسليمه بدفاع الطاعن وهو ما يخالف ما انتهى إليه قضائه, وعدل تاريخ الواقعة دون بيان سبب ذلك, مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات - العقيد ...... والرائد ....... ومما ثبت من الاطلاع على دفتري أحوال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ومما جاء بتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, وعرض الحكم لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله ((حيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة لانعدام التحريات فمردود عليه بأن الثابت للمحكمة من مطالعة محضر التحريات المؤرخ ....... الساعة 8 مساء أن محرره قد أثبت فيه اسم المتهم بالكامل ومحل أقامته ...... كما أثبت فيه أن تحرياته قد دلت على إحراز المتهم كمية من مخدر الهيروين وأنه سوف يتواجد محرزاً المخدر مساء ذات اليوم أمام مستشفى ...... بالمعادي لتسليم المخدر لأحد الأشخاص وهذه البيانات عناصر كافية تمثل تحريات جدية كافية لتسويغ صدور إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش وترى المحكمة كفايتها. ومن المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولا معقب على المحكمة فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع)) لما كان ذلك, وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض, وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم عليه أن يتعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام انه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات وكان مجرد الخطأ في بيان محل إقامة المتهم - بفرض حصول ذلك - لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجال الضبط القضائي الذي أختاره لمعاونته في مهنته, فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وأطرحه في قوله ((وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة فمردود عليه بأنه قول مرسل لا دليل عليه في الأوراق ولم يقدم الدفاع أي دليل سوى شاهدي النفي الذي أشهدهما وهما ...... و...... وكلاهما يعمل في محل المتهم والمحكمة لا تطمئن إلى أقوالهما من أن المتهم ضبط يوم ..... ذلك لأنهما لم يشهدا واقعة الضبط وإنما أنصبت أقوالهما على أن المتهم خرج من المحل يوم ..... مع شخصين لشراء قماش ولم يعد لمحله في تلك الليلة وهذه القالة ليست دليلاً على أن المتهم قبض عليه في ذلك اليوم ومن ثم فإن المحكمة تطرح شهادتهما ولا تعول عليها وتطمئن تمام الاطمئنان إلى ما جاء بمحضر الضبط وشهادة شاهدي الإثبات في أن المتهم ضبط محرزاً المخدر الساعة 11.30 مساء يوم ...... ويتعين رفض هذا الدفع)). لما كان ذلك, وكان الحكم قد أفصح - على ما سلف بيانه - عن اطمئنانه إلى أن التفتيش كان لاحقاً على صدور الإذن به, استناداً إلى حصول الضبط في الحادية عشرة والنصف من مساء يوم ......, وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي فإنه يكفي للرد عليه اطمئنان محكمة الموضوع إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة لصدوره عن جريمة محتملة ومستقبلة وأطرحه في قوله ((وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة لصدوره عن جريمة محتملة ومستقبلة فإنه مردود عليه بأن الثابت من مطالعة محضر التحريات أن الضابط ....... أثبت فيه أن تحرياته السرية دلت على أن المتهم له نشاط كبير في الإتجار وترويج مادة الهيروين وأن لديه حالياً كمية كبيرة من الهيروين يقوم بتوزيعها على عملائه من تجار المخدرات كما أكدت التحريات أن المتهم يقوم بتسليم عملائه كمية من الهيروين بجوار مستشفى ..... بالمعادي وهذا الذي أثبته الضابط في محضر التحريات يقطع في إحراز المتهم للمخدر قبل استصدار الإذن بعبارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض أي يقطع بوقوع جريمة الإحراز وقيامها في حق المتهم قبل صدور الإذن أما واقعة قيام المتهم بتسليم المخدر لأحد عملائه أمام المستشفى فهي التي تعتبر لاحقة على صدور الإذن وهذه الواقعة مستقلة تماماً عن جريمة الإحراز ولا تنفي وقوع تمام جريمة إحراز المتهم للمخدر قبل صدور إذن النيابة ومن ثم يكون الدفع فاسداً يتعين رفضه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة, وكان الواضح من مدونات الحكم - وعلى ما سلف بيانه - أن الجريمة التي دان الطاعن بها كانت قد وقعت بالفعل حين أصدرت النيابة العامة الإذن بالضبط والتفتيش بدلالة ما نقله الحكم عن محضر التحريات من أن الطاعن يحرز بالفعل المخدر, فإن ما استخلصه الحكم من أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة يكون استخلاصاًَ سائغاً, ويكون منعاه في هذا الشأن على غير سند. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً وأطرحه في قوله: ((وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة لصدوره من وكيل النيابة غير مختص مكانياً بمقولة أن المتهم يقيم بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة وليس له إقامة بدائرة محافظة القاهرة فإنه مردود عليه بأن الثابت للمحكمة من محضر التحريات وإذن النيابة العامة أن المتهم محل إقامته بالمنزل ...... محافظة القاهرة وأن وكيل النيابة مصدر الإذن هو وكيل نيابة مخدرات القاهرة المختص مكانياً بجميع أقسام محافظة القاهرة وقد تأيد اقتناع المحكمة بأن للمتهم محل إقامة بالمنزل ..... من مطالعة بطاقته العائلية التي قدمها الدفاع بجلسة المحاكمة - وثبت منها أن محل إقامته الأصلي وقت صدور البطاقة هو ...... ثم قام المتهم بتغيير بيان محل الإقامة إلى ..... بتاريخ 21/7/1984 وهذا التغيير ليس دليلاً على انتفاء إقامة المتهم في المنزل رقم ....... ذلك أنه لا مانع أن يكون للشخص الواحد أكثر من محل إقامة واحد في المدنية الواحدة أو في عدة محافظات مختلفة ولا ينال من ذلك الكشف المستخرج من مصلحة الضرائب العقارية والمقدم من الدفاع ضمن مستنداته عن أسماء شاغلي وحدات العقار سالف الذكر والذي تخلو من اسم المتهم ذلك أن إقامة الشخص في مكان ما ليست مرهونة بضرورة تعاقد الشخص عن ذلك المكان بموجب عقد إيجار باسمه ومن الجائز أن تكون إقامة الشخص في سكن باسم زوجته أو أحد أقاربه. واقتناع المحكمة عن يقين بأن للمتهم إقامة في المنزل ....... هو المدون في صدر بطاقته العائلية وهو لم تكن تلك الإقامة بموجب عقد إيجار باسمه وغير مسجلة في دفاتر مصلحة الضرائب العقارية وحتى مع التسليم جدلاً بأن له إقامة ثانية أو سكن آخر بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة للأسباب سالفة الذكر وذلك من اقتناعها بجدية التحريات وشهادة شاهدي الإثبات مؤدية ببطاقة المتهم العائلية ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع, لما كان ذلك وكان الطاعن يسلم في طعنه بأن الإذن بالضبط والتفتيش صدر من وكيل نيابة مخدرات القاهرة, وكان الحكم قد أفصح - على ما سلفه بيانه عن اقتناعه بان للطاعن محل إقامة بدائرة محافظة القاهرة, فإن الإذن بالضبط والتفتيش والذي صدر بضبط وتفتيش الطاعن المذكور يكون قد صدر مما يملك ولاية إصداره ذلك لأن الاختصاص كما يتحدد بمكان وقوع الجريمة يتحدد أيضاً بمحل إقامة المتهم وكذلك بالمكان الذي يضبط فيه وذلك وفقاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون لا أساس له. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه متى كان التفتيش الذي قام به مأمور الضبط مأذوناً به قانوناً فإن طريقة إجرائه متروكة لرأي القائم به, ومن ثم فلا تثريب على الضابط إن هو رأى في سبيل تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به تكليف أحد زملائه بوزن المضبوط بإحدى الصيدليات, ومن ثم فلا يعيب الإجراءات - في الدعوى المطروحة - أن العقيد ......... المأذون له بالضبط والتفتيش عهد إلى زميله الرائد ......... بوزن المخدر المضبوط بإحدى الصيدليات ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر الذي جرى ضبطه هو الذي جرى وزنه ثم تحريزه وإرسال عينة منه للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ولا جناح عليها إن هي التفتت عن دفع الطاعن ببطلان الدليل المستمد من المخدر المضبوط ومن تحليله بعد أن انفرد الرائد ......... بوزنه تحيل تحريزه ما دام انه دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ذلك, وكان الدفع بتلفيق التهمة أو عدم ارتكابها هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم ارتكاب الجريمة وتلفيقها له يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إرسال حرز المخدر إلى معامل التحليل لبيان نسبة مخدر الهيروين في الكمية المضبوطة وأطرحه في قوله أن المحكمة تلتفت عنه وترى فيه مجرد تعطيل الفصل في الدعوى ذلك لأن تحديد نسبة الهيروين في المادة المضبوطة لا أهمية له في توافر جريمة إحراز المخدر إذ مهما تضاءلت نسبة المخدر في المادة المضبوطة فإنه لا ينفي وقوع الجريمة ولا يؤدي إلى القضاء بالبراءة ولا يوهن من الدليل ولا يغير وجه الرأي في الدعوى لما كان ذلك, وكانت جريمة إحراز المخدرات تتم بوجودها في حوزة محرزها منها صغر مقدارها أو كانت دون الوزن، فإن طلب الطاعن إعادة التحليل لبيان نسبة الهيروين في المخدر المضبوط يكون غير منتج, ويكون ما أورده الحكم فيما سلف رداً على هذا الطلب كافياً ويتفق وصحيح القانون. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير في دفتر أحوال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ورد عليه بأن الثابت للمحكمة أن الدفاع أسس هذا الطلب على وجود عبارة - افتتاح يوم جديد على بركة الله - في الصفحة التالية للصفحة رقم 21 مسلسل بتاريخ ........ رغم أن هذا الافتتاح مثبت في الصفحة السابقة على رقم 71 مسلسل بذات التاريخ وقد ثبت للمحكمة من مطالعة الدفتر أن محرر العبارة المذكورة والمثبتة في الصفحة اللاحقة للصفحة رقم 21 مسلسل قد ألغاها بأن أحاطها بقوسين وبكلمه صح عندما أدرك أنه أخطأ في إثباتها وأن افتتاح يوم ......... قد تم في الصفحة السابقة وهذا الإجراء لا يعد من قبيل التزوير إذ أن كاتب المحرر إذا أخطأ أثناء تحرير بيانات المحرر وأثبت عبارة تبين له خطأها فوضعها بين قوسين وألحقها بكلمة صح لا يعد مزوراً يؤيد ذلك أن المحكمة ثبت لها من مطالعة الصفحة التي بها افتتاح يوم ...... وما بعدها أن جميع الوقائع المثبتة بتلك الصفحات والخاصة بإثبات حضور رجال الإدارة وقيامها بالمأموريات وعودتهم وانصرافهم قد دونت بتسلسل منتظم وتتابع زمني بالساعة والدقيقة إلى إن انتهى يوم .... كما ثبت للمحكمة أن ضابط الواقعة العقيد ...... قد أثبت في الصفحة رقم 73 مسلسل في نهايتها أنه قائم والرائد ........ وقوة من الشرطة السريين بمأمورية سرية معلومة للسيد اللواء رئيس قسم النشاط الخارجي كما أنه بسؤال الرائد .......... بجلسة المحاكمة عن العبارة موضوع طعن الدفاع قرر أن هذه العبارة ملغاة بوضع قوسين حولها وكلمة صح وإن محررها أحد الضباط ظن أن يوم ....... لم يثبت بعد افتتاحه وأراد إثبات حضوره صباحاً فحرر تلك العبارة في صفحة تالية ولما اكتشف أن افتتاح يوم ...... تم بمعرفة غيره في الصفحة السابقة ألغى العبارة التي حررها بخطه والمحكمة تأخذ بهذا التبرير وتقطع بيقين بسلامة بيانات دفتر الأحوال فإذا أضيف إلى ذلك أن الثابت قيام الضابط بتنفيذ إذن النيابة في دفتر الأحوال أو عدم إثباته لا ينال من سلامة الإجراءات التي نص عليها قانون الإجراءات الجنائية إذ أن هذا الإجراء مجرد مسألة تنظيمية خاصة بجهة الإدارة تنظمها اللوائح لضمان حسن سير العمل وانتظام رقابة العاملين بتلك الجهة ومن ثم تلتفت المحكمة عن طلب الدفاع وتطرحه جانباً. لما كان ذلك, وكان الدفع بالتزوير هو من وسائل الدفاع الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع والتي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها على بساط البحث, وأن طلب المتهم تمكينه من الطعن بالتزوير هو من قبيل طلبات التأجيل لاتخاذ إجراء بما لا يلزم المحكمة بالاستجابة إليه طالما قد خلصت من واقعات الدعوى وعناصرها إلى عدم الحاجة إليه, وهي متى انتهت إلى رأي معين واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك. وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص من أن المحكمة قد انتهت إلى اقتناعها بسلامة بيانات دفتر الأحوال التي شاء الطاعن الطعن عليها بالتزوير وردت على طلبه في هذا الشأن - على السياق المتقدم بيانه رداً سائغاً وسليماً في الإعراض عن إجابة الطلب فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك, وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة ....... أن الطاعن طلب تمكينه من إعلان الصيدلي الذي قدم الشهادة, دون أن يفصح عما إذا كان يقصد بذلك الشهادة المقدمة منه لنفي التهمة عنه بميعاد غلق الصيدلية أم الشهادة الصادرة منها بوزن المخدر المضبوط, وكان الحكم قد عرض لهذا الطلب وتناول في رده عليه كل من هاتين الشهادتين وذلك في قوله ((وحيث إنه عن طلب الدفاع التصريح له بإعلان الصيدلي الذي حرر له الشهادة المقدمة منه والتي تفيد غلق الصيدلية الساعة 11.30 مساء فإن هذا الطلب مردود عليه بأن الورقة المقدمة من الدفاع تحمل توقيعاً غير مقروء لا يفصح عن اسم محررها وهي عبارة عن فاتورة حرر عليها هذا البيان والمحكمة لا تطمئن إلى ضم تلك الورقة وإلى صدورها من المدير المسئول للصيدلية ...... بالعتبة ذلك لأن شهادة وزن المخدر المرفقة بالتحقيقات والصادرة من تلك الصيدلية موقع عليها بتوقيع واضح ومقروء لصاحبها الدكتور ....... وأرخها بتاريخ ......... مما يقطع بأن وزن المخدر تم في ذلك اليوم ولم يطعن الدفاع على تلك الشهادة بأي مطعن ولو كان جاء في طلبه لأعلن الدكتور ........ صاحب الصيدلية ومحرر شهادة الوزن ضمن شهود النفي الذين أحضرهم بجلسات المرافعة والذين استمعت المحكمة إلى شهادتهم ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه الطلبات ولما كان الطاعن يستهدف بطلبه سالف البيان - نفي التهمة عنه - سواء قصد بطلبه الشهادة الصادرة من الصيدلية بميعاد غلقها أم قصد شهادتها بوزن المخدر ومن قام بهذا الوزن كما يذكر في طعنه, وكانت المحكمة قد فطنت إلى ذلك فأشارت في ردها على طلبه - على السياق المتقدم - إلى أن الطاعن لو كان جاداً في طلبه لأعلن صاحب الصيدلية المنسوب لها هاتين الشهادتين ضمن شهود النفي الذين أحضرهم بجلسات المرافعة والذين استمعت المحكمة إلى شهادتهم, وكان ما قالته المحكمة مما يجعلها في حل من صرف النظر من سماع الشاهد الذي يشير إليه الطاعن إذا رأت هي من جانبها أن حضوره لم يكن ضرورياً لظهور الحقيقة, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن ضم ملف السيارة رقم ......... ورد عليه بقوله صرحت المحكمة بهيئة سابقة للدفاع باستخراج كشف بيانات عن تلك السيارة ولم يقدم شيئاً, وترى المحكمة أن هذا الطلب غير منتج في الدعوى ولا يغير وجه الرأي فيها ذلك أنه مع التسليم جدلاً بأن المتهم قد استقل تلك السيارة مع مالكها يوم ......... لشراء قماش ولم يعد لمحله في مساء ذلك اليوم فلا علاقة بين هذه الواقعة وبين ما انتهت إليه المحكمة من ضبط المتهم مساء يوم 24/2/1988 محرزاً المخدر المضبوط بعد أن اطمأنت عن يقين إلى الأدلة المستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ودفتر أحوال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود, بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته, وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب ضم ملف السيارة - سالفة البيان - والمبدى بجلسة المحاكمة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة, فضلاً, عن أن الحكم رد على هذا الطلب رداً كافياً وسائغاً وأفصح في رده - على السياق المتقدم عن أن هذا الطلب غير منتج في الدعوى ومن ثم فلا على المحكمة أن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته ويكون ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن إعلان المرشد السري الذي أبلغ الضابط عن إحرازه للمخدر وتواجده أمام مستشفى ....... بالمعادي ورد عليه بقوله أن ضابط الواقعة ومحرر محضر التحريات العقيد ........ لم يذكر في محضر التحريات ولا في أقواله بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة أنه استعان بأحد المرشدين في تحرياته وحتى لو استعان بمصدر سري لم يفصح عنه فإن ذلك لا يعيب الإجراء ولا ينال منها أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ومن حق رجل الضبط القضائي أن لا يفصح عن شخصية المرشد الذي اختاره لمعاونته في مهمته ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب, ولما كان من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد - أو وجه - غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي الذي أختاره لمعاونته في مهنته - وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتفق وصحيح القانون ويكفي لرفض طلب الطاعن إعلان المرشد السري وتكليف ضابط المباحث بالإفصاح عن شخصيته ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان ما ساقه الحكم في معرض رده على دفوع الطاعن وطلباته - على ما سلف بيانه - له أصله الثابت في الأوراق, وكان جميع ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشان خطأ الحكم في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق - وبفرض حصوله لا أثر له في عقيدة المحكمة وفي الأدلة التي عول عليها الحكم في إدانته, ومن ثم لا تكون دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد مقبولة, لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها, ولما كان الحكم المطعون فيه, قد نفى عن الطاعن هذا القصد بقوله: ((وحيث إنه وقد ألمت المحكمة بظروف الدعوى ويتلفت بأدلة متساندة بثبوت جريمة إحراز مخدر الهيروين في حق المتهم إلا أنها لا تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه من توافر قصد الإتجار في حقه إذ لم يقم الدليل الكافي على توافر هذا القصد ولم تتأكد المحكمة من هدف تواجد المتهم محرز المخدر المضبوط أمام مستشفى ...... بالمعادي هل هو للإتجار أو لسبب آخر لم تفصح عنه الأوراق, ومن ثم ترى معاملته لمطلق الإحراز المجرد من أي قصد)). وكانت المحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدليل في الدعوى, وفي تجزئته, أن ترى في أقوال الضابط مجرى التحريات ما يسوغ الإذن بالتفتيش وما يثبت إحراز الطاعن للمخدر ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقص في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه لا يجوز للمحكمة أن تغير في التهمة بأن تسند إلى المتهم أفعالاً غير التي رفعت بها الدعوى عليه, إلا أن التغيير المحظور هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها التهمة أما التفصيلات التي يكون الغرض من ذكرها في بيان التهمة هو أن يلم المتهم بموضوع الاتهام, فإن للمحكمة أن تردها إلى صورتها الصحيحة ما دامت فيما تجريه لا يخرج عن نطاق الواقعة نفسها التي تضمنها أمر الإحالة, فلا يعيب الحكم بتعين تاريخ الجريمة حسبما يبين من الأوراق والتحقيقات التي أجرتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ما دام انه لم يتناول التهمة التي رفعت بها الدعوى بالتعديل وهي جريمة إحراز جوهر مخدر والتي كانت معروضة على بساط البحث ودارت عليها المرافعة, ومن ثم فلا تلتزم المحكمة ببيان سبب مثل هذا التعديل أو بلغت نظر الدفاع إليه. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 11745 لسنة 62 ق 12 / 5 / 1994 مكتب فني 45 ق 100 ص 648


برئاسة السيد المستشار / محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / صلاح البرجي ومجدى الجندي ومحمد حسين نواب رئيس المحكمة وابراهيم الهنيدي.
------------
- 1  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
اغفال الحكم التحدث عن مشاركة اخرين من اتباع المجنى عليهم والطاعنين في المشاجرة واصابتهم . لا يعيبه . طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنين.
لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن اغفال الحكم التحدث عن مشاركة آخرين من أتباع الطرفين - المجنى عليهم والطاعنين-  في المشاجرة واصابتهم فمردود بأن الحكم لم يكن بحاجه إلى التعرض لتلك الوقائع طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي تدين بها الطاعنان ومكن ثم لا يصح تعييب الحكم بالقصور.
- 2  إثبات " خبرة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني غير لازم كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق مثال ينفي التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي.
من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقتل المجنى عليه الثاني - ايضا - عمدا استنادا إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم هي أن الطاعن الأول اطلق عيارا ناريا على المجنى عليه الثاني فأصابه وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجنى عليه الثاني ترجع إلى أصابته بالظهر، فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما، ومن ثم فإن ما يثار بشأن التناقض بسين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية يكون غير سديد.
- 3  إثبات " خبرة". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قتل " قتل عمد".
جسم الانسان متحرك لا يتخذ وضعاً ثابتاً وقت الاعتداء جواز حدوث اصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذى يكون عليه وقت الاعتداء تقدير ذلك لا يحتاج لخبرة خاصة .
أن جسم الانسان متحرك ولا يتخذ وضعا ثابتا وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث اصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذى يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبره خاصة.
- 4  محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. شرط ذلك؟
من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهى في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق.
- 5  أسباب الاباحة وموانع العقاب " اسباب الاباحة وموانع العقاب". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي". نقض" اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما أنتهى إليه ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض .
- 6  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". نقض " اسباب الطعن. ما لا يقبل من الاسباب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
- 7 إثبات " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الاسباب".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي. اخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الاثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أنه كان يطلق العيار الناري في الهواء للإرهاب وأنه لم يكن يقصد اصابة المجنى عليها الثالثة بدلالة تمكن الشاهدة الثالثة زوجه المجنى عليه الأول من انتزاع السلاح من يده وتسليمه للشرطة - ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .
- 8  حكم "تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". قتل "قتل عمد". قصد جنائي
قصد القتل . أمر خفى . ادراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي. مثال لتسبيب للتدليل على توافر نية القتل .
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قولة ".... وكان الثابت في الأوراق مما شهد به شهود الاثبات أن المتهم الأول /...... قد استعمل في قتل المجنى عليهما أداة قاتلة " طبنجة " وأطلق عليهما أعيرة نارية وجهها إلى مقتل في جسد كل منهما وهى منطقة الصدر فأحدث بهما اصابات تتمثل في عيار ناري نافذ بالصدر وما صاحب ذلك من كسور بالأضلاع وتهتك ونزيف بالرئة اليمنى بالنسبة للمجنى عليه الأول وعيارين ناريين بالصدر من الخلف أحدهما نافذ من الأمام وما صاحبهما من تهتك ونزيف بالرئتين بالنسبة للمجنى عليه الثاني وقد اطلق المتهم الأول الأعيرة النارية على المجنى عليهما من مسافة قريبة تتراوح من ربع إلى نصف متر وهو ما يؤكد توافر نية ازهاق روحهما لدى المتهم الأول ذلك أن المجرى العادي للآمور أن اطلاق الأعيرة النارية في مقتل من مسافة قريبة يؤدى عادة إلى حدوث الوفاة هذا فضلا عما أورى به شهود الاثبات من أن المتهم الأول قد أطلق الاعيرة النارية متعمدا إلى مواضع قاتلة في جسد المجنى عليهما ومن ثم فإن قصد انتواء ازهاق روح المجنى عليهما يكون قد توافر في حق المتهم الأول ......" وحيث إن الثابت في الأوراق ومما قرره شهود الاثبات أن المتهم الثاني قد صوب سلاحه الناري متعمدا إلى مقتل من المجنى عليها الثالثة ..... إذ اطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها وأورى شهود الاثبات أنه كان متعمدا أن يصوب سلاحه الناري إلى هذا الموضوع القاتل في جسدها بقصد ازهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد ازهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني ......" ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهرة وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد ازهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجنى عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد ازهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني __.. ولما كان من المقرر في قضاء هذا الحكمة أن قصد قتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في استظهار نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد .
- 9  حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
تزيد الحكم فيما لم يكن في حاجة اليه . لا يعيبه . مثال
لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه _ من تحديد المسافة التي اطلق الطاعن الأول النار منها على المجنى عليهما بجزء المتر لان ذلك لا يعدو أن يكون تزيدا منه لا يعيبه بعد أن وصف مسافة الاطلاق بالقرب .
- 10  حكم " ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل ". إثبات " بوجه عام".
العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني. لا بالألفاظ والمباني مثال
من المقرر في الحكام أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وكانت عبارة تصويب السلاح الناري إلى المجنى عليها الثالثة التي أوردها الحكم في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن الثاني - تدخل في مدلول عبارة " اطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها " التي أوردها الحكم في ذات البيان فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم خطئه في اسناد العبارة الأولى إلى الشهود - يكون في غير محله .
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول (1) قتل ..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من (مسدس) في صدره قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل ..... عمداً بأن أطلق عليه النار بذات المسدس الذي أصابه في صدره قاصداً من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (2) حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخنا "مسدس" (3) أحرز ذخائر (عددها ثمانية وثلاثين طلقة) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه (4) أطلق أعيرة نارية داخل قرية ثانياً: المتهم الثاني: (1) شرع في قتل .... بأن أطلق عليها عياراً نارياً من سلاح ناري (مسدس) فأصابها في عنقها من الخلف قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج (2) أطلق أعيرة نارية داخل قريه (3) سلم سلاحه المرخص المضبوط للمتهم الأول حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه واحالتهما إلي محكمة جنايات بنها لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي كل من ورثة المجني عليهما مدنياً قبل المتهمان متضامنين بمبلغ 101 جنيه علي سبيل التعويض المؤقت لكل فريق. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 2/46، 234، 6/377، من قانون العقوبات والمواد 1/1، 3، 6، 2/26، 5، 29، 1/30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادتين 1/32، 17 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنوات ثالثاً: بمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة رابعاً: وفي الدعويين المدنيتين بإلزام المتهم الأول بأن يؤدي إلي كل من المدعيين بالحقوق المدنية مبلغاً وقدره 101 جنيه علي سبيل التعويض المؤقت خامساً: برفض الدعويين لمنيتين قبل المتهم الثاني
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

----------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجرائم القتل العمد المقترن بجناية قتل عمد وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وثانيهما بجرائم الشروع في القتل عمداً وإطلاق أعيرة نارية داخل القرية وتسليمه سلاحه المرخص له للأول الغير مرخص له به قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وأخطأ في الإسناد, ذلك أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بيانا كافيا لتفهمها فهي في حقيقتها مشاجرة بين فريقين المجني عليهم والطاعنين وقد أصيب فيها كل المشاركين وعول الحكم في إدانتهما على الدليلين القولي والفني رغم التعارض بينهما إذ مؤدى أقوال شهود الإثبات أن الطاعن الأول أطلق النار وهو في مواجهة المجني عليهما ومن مسافة قريبة وأن كلا منهما أصيب في صدره بينما ورد بتقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه الثاني........ كانت من الخلف إلى الأمام وأن مسافة الإطلاق جاوزت مدى الإطلاق القريب وقد أطرح الحكم دفع الطاعن الأول في هذا الشأن برد قاصر وغير سائغ ويخالف الثابت في الأوراق ودفع الطاعن الثاني بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وعن نفس أولاده إذ أنه أطلق العيار الناري في الهواء لرد فريق المجني عليهم عن الاعتداء فأصاب العيار - خطأ - المجني عليها الثالثة - إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع برد قاصر وغير سائغ لم يشر فيه إلى إصابته وإصابة أولاده. والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثاني بجلسة المحاكمة من أنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليها الثالثة بدليل قيام الشاهدة الثالثة زوجة المجني عليه الأول بنزع المسدس من يده واحتفاظها به حتى تسليمه للشرطة فلم تورده أو ترد عليه. ولم يدلل الحكم على توافر نية القتل في حق الطاعنين تدليلاً كافيا سائغا واستدل على توافر هذه النية في حقهما من قرب إطلاق النار وهو ما يخالف ما ورد بتقرير الصفة التشريحية, ومن تصويب الطاعن الثاني مسدسه إلى المجني عليها الثالثة وهو ما لا أصل له في أقوال الشهود. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "وحيث تخلص واقعات الدعوى حسبما استيقنتها المحكمة من مطالعة سائر أوراقها والتحقيقات التي تمت فيها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه في يوم وحال عودة المجني عليه الأول...... إلى مسكنه شاهد المتهمين..... ووالده.... وباقي أفراد أسرتهما يقومون بنقل بعض الأتربة من الشارع المطل عليه مسكنه ولما توجه لسؤالهم عن سبب قيامهم بذلك حدثت مشادة بينه وبين المتهم الثاني فما كان من المتهم الأول إلا أن دخل إلى مسكنه وعاد منه حاملا السلاح الناري (طبنجة) المرخصة باسم والده وأطلق منها عياراً نارياً صوب المجني عليه..... قاصداً من ذلك قتله فأصابه بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وحال محاولة المجني عليه الثاني..... إنقاذ شقيقه المجني عليه الأول من اعتداء المتهم الأول عليه فقد أطلق عليه الأخير عمداً عيارين ناريين من ذات السلاح الذي كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأصابه في ظهره محدثاً به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وحال محاولة المجني عليها...... قذف المتهم الأول بمجرف محاولة لإسقاط السلاح الناري من يده فقد تناوله منها المتهم الثاني وأطلق عليها عيارا ناريا قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابة المبنية بالتقرير الطبي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم الثاني فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج" وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان بشأن إغفال الحكم التحدث عن مشاركة آخرين من أتباع الطرفين - المجني عليهم والطاعنين - في المشاجرة وإصابتهم فمردود بأن الحكم لم يكن بحاجة إلى التعرض لتلك الوقائع، طالما أنها ليست من العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنان ومن ثم لا يصح تعييب الحكم بالقصور، لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الأول بقتل المجني عليه الثاني - أيضا - عمدا استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية وكان مؤدى أقوال الشهود حسبما حصلها الحكم هي أن الطاعن الأول أطلق عيارا ناريا على المجني عليه الثاني فأصابه وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية أفاد بأن وفاة المجني عليه الثاني ترجع إلى إصابته بالظهر, فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما, ومن ثم فإن ما يثار بشأن التناقض بين الدليلين القولي والفني في هذه الخصوصية يكون غير سديد, أما ما يثيره الطاعن الأول من اعتناق الحكم لصورة الواقعة حسبما صورها شهود الإثبات مع أن أقوالهم بالتحقيقات تتناقض مع ما ثبت بتقرير الصفة التشريحية إذ قرروا بأن المجني عليه الثاني والطاعن الأول كان كل منهما في مواجهة الآخر وقت الاعتداء بينما ثبت من تقرير الصفة التشريحية إصابة المجني عليه الثاني بظهره, فإنه لما كان جسم الإنسان متحركا ولا يتخذ وضعا ثابتا وقت الاعتداء مما يجوز معه حدوث إصابة الظهر والضارب له واقف أمامه أو خلفه حسب الوضع الذي يكون فيه الجسم وقت الاعتداء وتقدير ذلك لا يحتاج إلى خبرة خاصة, فإنه لا يكون هناك ثمة تناقض بين ما قرره الشهود وتقرير الصفة التشريحية. ولا يكون هناك تناقض مع العقل فيما قرره الشهود من أن الطاعن الأول كان يقف أمام المجني عليه الثاني عندما أطلق عليه العيار الناري ثم تكون إصابة المجني عليه المذكور - منها - بالظهر. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثير من دفاع في هذا الشأن وأطرحه برد كاف سائغ وله أصله الثابت في الأوراق مما لا نزاع فيه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لما دفع به الطاعن الثاني من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن أولاده وأطرحه تأسيسا على ما اطمأن إليه من أن المجني عليها الثالثة كانت في حالة دفاع شرعي تجاه الطاعن الأول - الذي قتل والدها وعمها - مما لا يبيح الاعتداء عليها بدعوى منع عدوانها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، كما أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه. ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي, فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر في دفاعه شيئا عن إصابته - أو إصابة الطاعن الأول - وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطلب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها, فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - وإذ كانت المحكمة في الدعوى الماثلة - قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة, فإن ما يثيره الطاعن الثاني من أنه كان يطلق العيار الناري في الهواء للإرهاب وأنه لم يكن يقصد إصابة المجني عليها الثالثة بدلالة تمكن الشاهدة الثالثة زوجة المجني عليه الأول من انتزاع السلاح من يده وتسليمه للشرطة ينحل إلى جدل موضوعي وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله "........ وكان الثابت في الأوراق مما شهد به شهود الإثبات أنه المتهم الأول/....... قد استعمل في قتل المجني عليهما أداه قاتلة (طبنجة) وأطلق عليهما أعيرة نارية وجهها إلى مقتل في جسد كل منهما وهي منطقة الصدر فأحدث بهما إصابات تتمثل في عيار ناري نافذ بالصدر وما صاحب ذلك من كسور بالأضلاع وتهتك ونزيف بالرئة اليمنى بالنسبة للمجني عليه الأول وعيارين ناريين بالصدر من الخلف أحدهما نافذ من الأمام وما صاحبهما من تهتك ونزيف بالرئتين بالنسبة للمجني عليه الثاني وقد أطلق المتهم الأول الأعيرة النارية على المجني عليهما من مسافة قريبة تتراوح من ربع إلى نصف متر وهو ما يؤكد توافر نية إزهاق روحهما لدى المتهم الأول ذلك أن المجرى العادي للأمور أن إطلاق الأعيرة النارية في مقتل من مسافة قريبة يؤدي عادة إلى حدوث الوفاة هذا فضلا عما أورى به شهود الإثبات من أن المتهم الأول قد أطلق الأعيرة النارية متعمدا إلى مواضع قاتلة في جسد المجني عليهما ومن ثم فإن قصد انتواء إزهاق روح المجني عليهما يكون قد توافر في حق المتهم الأول......". "وحيث إن الثابت في الأوراق ومما قرره شهود الإثبات أن المتهم الثاني قد صوب سلاحه الناري متعمدا إلى مقتل من المجني عليها الثالثة..... إذ أطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها وأورى شهود الإثبات أنه كان متعمداً أن يصوب سلاحه الناري إلى هذا الموضع القاتل في جسدها بقصد إزهاق روحها إلا أنه أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج ومن ثم فإن قصد إزهاق روح الأخيرة قد توافر في حق المتهم الثاني....." ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في استظهار نية القتل لدى الطاعنين فإن منعاهما في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ذلك. وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه عول فيما اطمأن إليه من أن الطاعن الأول أطلق النار على المجني عليهما من مسافة قريبة على أقوال الشهود - وهو ما لا ينازع الطاعن في أصله الثابت بالأوراق - على النحو الثابت بمذكرة أسباب طعنه فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان لا يبين أن هناك تناقضا بين ما عول عليه الحكم فيما سلف وبين ما ورد بتقرير الصفة التشريحية - كما أثبتها الطاعن الأول بمذكرة أسباب الطعن - مما تنتفي معه قالة الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال فإن منعي الطاعن الأول في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه - من تحديد المسافة التي أطلق الطاعن الأول النار منها على المجني عليهما بجزء المتر - لأن ذلك لا يعدو أن يكون تزيداً منه لا يعيبه بعد أن وصف مسافة الإطلاق بالقرب. لما كان ذلك, وكان من المقرر في الأحكام أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وكانت عبارة تصويب السلاح الناري إلى المجني عليها الثالثة التي أوردها الحكم في معرض تدليله على توافر نية القتل لدى الطاعن الثاني تدخل في مدلول عبارة (أطلق عليها عيارا ناريا في عنقها وهو موضع يعد مقتلا من جسمها) التي أوردها الحكم في ذات البيان فإن منعى الطاعن الثاني على الحكم خطئه في إسناد العبارة الأولى إلى الشهود يكون في غير محله لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.