الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 يوليو 2018

الطعن 5011 لسنة 63 ق جلسة 22 / 3 / 1995 مكتب فني 46 ق 90 ص 609

جلسة 22 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي ومصطفى محمد صادق نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفه.

------------------

(90)
الطعن رقم 5011 لسنة 63 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". تسجيل المحادثات "الإذن بتسجيل المحادثات التليفونية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التسجيل والضبط والتفتيش. موضوعي.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً ما دام لم يكن له من أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
(3) نيابة عامة. محكمة أمن الدولة. إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره".
للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا. أساس ذلك؟
(4) تسجيل المحادثات "الإذن بتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره".
لقاضي التحقيق أن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراءات التسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص. متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية. المادة 95 إجراءات.
(5) نيابة عامة "اختصاصها". قرارات وزراية. اختصاص "الاختصاص النوعي".
قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا. تنظيمي. لا يسلب النيابات العادية اختصاصها العام.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الدليل. موكول لمحكمة الموضوع.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته. ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه.
(8) رشوة. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون للموظف المرشو علاقة بالعمل المتصل بالرشوة أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة.
مثال.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت. مفاده إطراحها لها.
(10) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(11) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. كفاية أن يثبت الحكم أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم.
(12) إثبات "بوجه عام" "شهود" "قرائن". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التشكيك في أقوال شهود الإثبات وما ساقه الحكم من قرائن بقالة تلفيق التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. إثارته أمام النقض. غير مقبولة.

------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت هذه المحكمة - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها أمر التسجيل وإذن الضبط والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا القانون.
2 - لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً من أن الطاعن رفض استلام جزء من مبلغ الرشوة قبل الضبط - إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها. ما دام أنه أقام قضاءه برفض الدفع على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
3 - إن المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 الخاص بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت في فقرتها الثانية على أن يكون للنيابة العامة بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا.
4 - لما كانت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية قد أناطت بقاضي التحقيق أن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء التسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية، وإذ كانت التسجيلات التي تمت بإذن من نيابة أمن الدولة العليا قد وافقت هذا النظر، فإن الدفع ببطلانها على ما تقدم إيراده يكون غير قائم على سند من صحيح القانون.
5 - لما كان قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا هو قرار تنظيمي لم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً للنيابات بالمحاكم العادية أو ينقص من اختصاصها الشامل لكافة أنواع الجرائم وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أية جريمة من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا فإن مباشرة نيابة بولاق التحقيق في الدعوى موضوع الطعن الماثل بعد ضبط الطاعن بناء على إذن بالمراقبة والضبط والتفتيش صدر من نيابة أمن الدولة العليا يتفق وصحيح القانون وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له.
6 - لما كان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره الطاعن بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية التي جرت بينه وبين المبلغ يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه.
8 - من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح - أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن معين مفتش تموين بوزارة التموين وأنه قرر للمبلغ اختصاصه بتحرير محاضر التموين لمخبزه أو عدم تحريرها وطلب منه مبلغاً من النقود للامتناع عن تحرير محاضر تموينية مستقبلاً بعد أن حرر له محضراً بذلك، بالإضافة إلى زعمه عدم تقديم مذكرة بإنقاص حصة الدقيق المقرر صرفها لمخبزه لما نسب إليه من مخالفة سابقة، مما يكون لازمه أن للطاعن نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
9 - من المقرر أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي أعرضت عن أقوال شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، ولأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها، دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
10 - من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
11 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم.
12 - لما كان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال شهود الإثبات وما ساقه من قرائن بقالة تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات والتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن، ومن ثم فإن ما يثره الطاعن في وجه طعنه إنما ينحل في واقعه إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "مفتش تموين بوزارة التموين" طلب وأخذ رشوة للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وآخر زعم أنه من أعمال وظيفته بأن طلب من.... مبلغ مائة وخمسين جنيهاً شهرياً على سبيل الرشوة مقابل الامتناع عن تحرير محاضر بالمخالفات التموينية التي يرتكبها بمخبزه ومبلغ ألف جنيه أخذه منه مقابل عدم تحرير مذكرة لتخفيض حصته من الدقيق المقرر صرفها لمخبزه لما نسب إليه من مخالفات في المحضر رقم.... لسنة 1992 جنح أمن دولة طوارئ السيدة زينب. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103 مكرراً، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفي جنيه لما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الارتشاء، قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه دفع بعدم جدية التحريات التي بني عليها إذن المراقبة التليفونية والضبط والتفتيش بدلالة أن الضابط اكتفى بإثبات ما قرره المبلغ له دون تحر منه عن الواقعة فضلاً عن تناقضه في توقيت إجراء تلك التحريات، كما دفع ببطلان التسجيلات التليفونية إذ صدرت بناءً على إذن من نيابة أمن الدولة العليا دون أن تصدر من القاضي الجزئي حسبما توجبه المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية، وأن النص في المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 على منح النيابة العامة سلطات قاضي التحقيق عن تحقيقها بعض الجرائم المحددة قانوناً لا ينصرف إلا إلى نيابة أمن الدولة العليا دون نيابة بولاق التي باشرت التحقيق في القضية محل الطعن الماثل مما كان لازمه حصول النيابة الأخيرة على إذن القاضي الجزئي بالتسجيل قبل إجرائها التحقيق، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذين الدفعين بما لا يصلح رداً، وعول على ما أسفرت عنه تلك التسجيلات رغم إمكانية تعرضها للتحريف من قبل رجال الضبط، وأطرح دفاعه بأنه غير مختص بمفرده بالعمل الذي طلبت الرشوة من أجله، وبتلفيق التهمة من المبلغ لوجود خلافات سابقة بينهما تأيدت بأقوال شاهدي النفي وما ساقه الدفاع من دلائل، بالإضافة إلى عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة للشواهد التي ساقها المدافع عنه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الارتشاء التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما أسفرت عنه التسجيلات التي تمت بين المبلغ والطاعن ومن تقاضيه مبلغ الرشوة، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتسجيل والضبط والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت هذه المحكمة - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها أمر التسجيل وإذن الضبط والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا القانون، ولا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً من أن الطاعن رفض استلام جزء من مبلغ الرشوة قبل الضبط - إذ لم يكن بحاجة إلى هذا الاستطراد في مجال الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها - ما دام أنه أقام قضاءه برفض الدفع على ما يحمله وكان لا أثر لما تزيد إليه في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 الخاص بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت في فقرتها الثانية على أن يكون للنيابة العامة بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا. لما كان ذلك، وكانت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية قد أناطت بقاضي التحقيق أن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء التسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية، وإذ كانت التسجيلات التي تمت بإذن من نيابة أمن الدولة العليا قد وافقت هذا النظر، فإن الدفع ببطلانها على ما تقدم إيراده يكون غير قائم على سند من صحيح القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان قرار وزير العدل بإنشاء نيابة أمن الدولة العليا هو قرار تنظيمي لم يأت بأي قيد يحد من السلطات المخولة قانوناً للنيابات بالمحاكم العادية أو ينقص من اختصاصها الشامل لكافة أنواع الجرائم وليس من شأنه سلب ولايتها في مباشرة تحقيق أية جريمة من الجرائم التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا فإن مباشرة نيابة بولاق التحقيق في الدعوى موضوع الطعن الماثل بعد ضبط الطاعن بناء على إذن بالمراقبة والضبط والتفتيش صدر من نيابة أمن الدولة العليا يتفق وصحيح القانون وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه النعي عليه في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك. وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره الطاعن بصدد الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية التي جرت بينه وبين المبلغ يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الطعن الماثل ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح - أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن معين مفتش تموين بوزارة التموين وأنه قرر للمبلغ اختصاصه بتحرير محاضر التموين لمخبزه أو عدم تحريرها وطلب منه مبلغاً من النقود للامتناع عن تحرير محاضر تموينية مستقبلاً بعد أن حرر له محضراً بذلك، بالإضافة إلى زعمه عدم تقديم مذكرة بإنقاص حصة الدقيق المقرر صرفها لمخبزه لما نسب إليه من مخالفة سابقة، مما يكون لازمه أن للطاعن نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي أعرضت عن أقوال شهود النفي ما دامت لم تثق بما شهدوا به، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، ولأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها، دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم، لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال شهود الإثبات وما ساقه من قرائن بقالة تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات والتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن، ومن ثم فإن ما يثره الطاعن في وجه طعنه إنما ينحل في واقعه إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق