برئاسة السيد المستشار /محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين / رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة.
ومصطفى عبد المجيد.
--------
- 1 إعدام . حكم " بيانات حكم الادانة". نقض " نظر الطعن والحكم فيه". نيابة عامة
اثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الاعدام . غير لازم . علة
ذلك ؟ اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها .دون
التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
ان النيابة العامة وأن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذ المحكمة
عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أم
محكمة النقض مشفوعة بمذكرتين برأيها طلبت فيهما اقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن
دون اثبات تاريخ وتقديمهما بحيث يستدل منه على أنه روعي فيهما عرض القضية في ميعاد
الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون ـ المعدل بالقانون رقم 3 لسنة
1992 ـ الا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا
يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل ان محكمة النقض تفصل بالدعوى بمجرد عرضها
عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذى ضمنته
النيابة العامة مذكرتها ـ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن
يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة
لهاذه القضية .
- 2 قتل عمد . حكم " بيانات الادانة ".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي
وقعت فيها والادلة التي استخلصت منها المحكمة الادانة .
إن القانون أوجب كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة
للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة و الظروف التي وقعت فيها والأدلة التي
استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه
استدلالها بها وسلامة مأخذها والا كان قاصراً .
- 3 حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". سبق اصرار
سبق الإصرار . ماهيته وتحقيقه . مثال لتسبيب معيب لإثبات توافر سبق
الاصرار في جريمة قتل عمد .
من المقرر أن سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع أحد
أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا
مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وبشرط لتوافره
في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى له فيها التفكير في عمله و التصميم عليه في رويه
وهدوء . لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم عن سبق الاصرار فيما تقدم وان توافرت له
في ظاهر الأمر مقومات هذ1ا الظرف كما هو معروف به في القانون الا أن ما ساقه الحكم
في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته الا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها
في صدره وبسطا لمعنى سبق الاصرار وشروطه ز ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة
التي تقوم بنفس الجاني و التي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن
تبين الوقائع و الامارات و المظاهر الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على
المحكمة معه أن توضح كيف انتهت الى ثبوت توافر ظروف سبق الاصرار في حق الطاعن ،
وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى المتمثلة في اعتراف الطاعن وأقوال شهود الاثبات مما
يدل على ذلك يقينا ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن فكر
في سرقة أموال المجنى عليه وصمم على ذلك لأن توافر نية السرقة و التصميم عليها في حق
الطاعن لا ينعطف أثره حتما الى الاصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين .
- 4 ارتباط . ظروف مشددة . قتل "
قتل عمد".
تغليظ العقاب عملا بالمادة 334/ 3 عقوبات كفاية ان يثبت الحكم استقلال
الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما .
وأن كان يكفى لتغليظ العقاب عملاً بالمادة 3/234 عقوبات أن يثبت الحكم
استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي
بينهما - وهو مالم يخطئ الحكم في تقديره - الا انه لا جدال في أن لكل من الجريمتين
أركانها وظروفها و العقوبة المقررة لها .
- 5 ارتباط . حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". عقوبة " توقيعها".
عقوبة جناية القتل العمد مع سبق الاصرار أو الترصد المنصوص عليها في المادة
230 عقوبات . وجناية القتل العمد المجرد من سبق الاصرار والترصد المرتبط بجنحة
المنصوص عليها في المادة 3/234 عقوبات . الاعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة . جمع
الحكم المطعون فيه في قضائه بين الاصرار والارتباط وجعلهما عماده في إنزال عقوبة
الاعدام بالطاعن . قصور الحكم في استدلاله على ظرف سبق الاصرار . عيب . يستوجب
نقضه .
أوجبت المادة 230 من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة انزال
العقوبة الوحيدة وهى عقوبة الاعدام لكل من قتل نفسا عمداً مع سبق الاصرار على ذلك
و الترصيد في حين قضت المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه
" ..... وإما اذا كان القصد منها - أي من جناية القتل العمد المجرد من سبق
الاصرار و الترصد - التأهب لفعل جنحه أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبها أو
شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة
المؤبدة " لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته -
قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين سبق الاصرار و الارتباط - وجعلهما معاً
عماده في انزال عقوبة الاعدام بالطاعن . فإنه وقد شاب استدلال الحكم على ظروف سبق
الاصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف على ما كانت تنتهى اليه
المحكمة لو انها تفطنت الى ذلك ولا يعرف مبلغ الاثر الذى كان يتركه تخلف الظروف
المشار اليه في وجدان المحكمة لو انها اقتصرت على اعمال الظروف المشدد الأخر- وهو
الارتباط الذى يبرر عند توافره بتوقيع عقوبة تخيريه أخرى مع الاعدام .
- 6 إعدام . نقض "
نظر الطعن والحكم فيه".
وجوب عرض النيابة العامة الاحكام الصادرة حضوريا بالإعدام على محكمة
النقض بمذكرة برايها في الحكم . اندراج العيب الذى شاب الحكم تحت حكم المادة .30 /
2 . اثره ؟
لما كانت المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - سالف البيان - تنص
على انه مع عدم الاخلال بأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضوريا بعقوبة
الاعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة
برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو
مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 و الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 39
" . وكان العيب الذى لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 - التي
أحالت اليهما الفقرة الثانية من المادة 39 . فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة
للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه . بغير حاجة الى بحث ما يثيره
الطاعن في أوجه طعنه .
- 7 نقض " الطعن للمرة الثانية".
كون الطعن مقدما للمرة الثانية وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة
45 من القانون 57 لسنة 1959.
لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع
إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: قتل .... عمداً مع سبق
الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم علي ذلك وأعد لهذا الغرض أداه
"قطعة من الحديد" وتوجه إليه بالمكان الذي أيقن سلفاً وجوده فيه وما أن
ظفر به حتي انهال عليه ضرباً علي رأسه بالأداة سالفة الذكر قاصداً من ذلك قتله
فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد ارتكب
هذه الجناية بقصد تسهيل ارتكاب هذه السرقة المبينة بوصف التهمة الثانية 2- سرق
ساعة اليد المبينة الوصف ومبلغ النقود المبين قدراً بالتحقيقات والمملوكين للمجني
عليه سالف الذكر وكان ذلك من مسكنه ليلاً. 3- أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض
"مطواه قرن غزال" وأحالته إلي محكمة جنايات طنطا قضت بإجماع الآراء
بإحالة ملف القضية إلي فضيلة مفتى الجمهورية لأخذ رأيه وحددت جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 1/334-3 من
قانون العقوبات والمواد 1/1، 25 مكرر/1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل
بالقانونين 26 لسنة 1987، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم
بالإعدام شنقا وبمصادرة المطواة المضبوطة فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض كما عرضت النيابة العامة مذكرة برأيها قيد بجول محكمة النقض برقم ....
لسنة 60 القضائية. ومحكمة النقض قضت أولاً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية وقبول
طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم
عليه وإعادة القضية إلي محكمة جنايات طنطا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة -بهيئة أخرى- قضت وبإجماع الآراء بإرسال الأوراق إلي
فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ رأيه وحدد جلسة للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231،
1/334-3 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 25 مكرراً، 3 من القانون 394 لسنة 1956
المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة
المتهم بالإعدام شنقاً وبمصادرة المطواة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية كما عرضت
النيابة القضية مشفوعة بمذكرتين برأيها.
-----------
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه
المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشان حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرتين برأيها طلبت فيهما إقرار الحكم الصادر
بإعدام الطاعن دون إثبات تاريخ تقديمهما بحيث يستدل منه على أنه روعي فيهما عرض
القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون - المعدل
بالقانون رقم 3 لسنة 1992- إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تفصل
بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى
الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب
يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته, ومن ثم يتعين
قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه إنه بين واقعة الدعوى
في قوله ((انه في مساء يوم 5/8/1989 الساعة 11 مساء أثناء تواجد المجني عليه .......
حضر إليه المتهم .... الشهير .......بمسكنه بالشارع الذي يقيم به المذكور لوجود
علاقة معرفة قديمة بينهما حيث كان يحضر المجني عليه من المملكة العربية السعودية
ويقوم المتهم بقضاء طلباته بمحل إقامته بمدنية طنطا وذلك بسبب الضائقة المالية
التي كان يعاني منها المتهم لمديونيته بمبلغ خمسين جنيها للمدعو ......... بموجب
إيصال أمانة محرر ضده ولتهديده له بالشكوى فقد قاده تفكيره إلى قتل المجني عليه
المذكور للاستيلاء على نقوده ومتعلقاته وأعد لذلك وسيلة الاعتداء - قطعة من الحديد
- أخفاها في ملابسه حين ذهب إليه فقام المجني عليه باستقباله في مسكنه ليلاً على
النحو سالف الذكر وسلمه مبلغ عشرة جنيهات لشراء لب لتسليه الوقت فاستجاب له واحضر
له ذلك وأخذ باقي المبلغ لنفسه واستغرقا سوياً في الحديث فانتهز المتهم هذه الفرصة
ليلاً وفاجأه بالضرب بقوة بقطعة الحديد على رأسه عدة ضربات فأخذت به الإصابات الموصوفة
بتقرير الصفة التشريحية حتى أزهق روحه وتأكد إنه فارق الحياة فاستولى على ساعة يده
ومبلغ ثلاثون جنيها كانت بجيوب ملابسه وتضليلاً لسبب الوفاة قام بلف حبل الغسيل
حول رقبته وربط طرفيه بالنافذة وباب الحجرة للإيهام بأن الحادث انتحار وأحاط الجثة
بجوال من الخيش لمنع تسرب الدماء إلى خارج الشقة وأغلق الأبواب من الخارج واستمرار
المجني عليه قتيلاً بمسكنه حتى تعفنت جثته وانبعثت رائحتها إلى الخارج حتى وصلت
للجيران الذين قاموا بإبلاغ الشرطة يوم 10/8/1989 وعقب الحادث أعطى المتهم الساعة
المسروقة الخاصة بالمجني عليه إلى دائنه سالف الذكر مقابل ثلاثين جنيهاً خصمها من
إيصال الأمانة ولما قبض عليه إثر تحريات الشرطة عن الحادث اعترف تفصيلاً ارتكابه
للحادث موضحاً ما اتخذه من خطوات لتنفيذه تنبئ من صدق الاعتراف كما عرض الحكم إلى
ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله ((وحيث أنه من ظرف سبق الإصرار فقد توافر في حق
المتهم من التفكير في قتل المجني عليه في هدوء وروية وإعداد وسيلة التعدي عليه -
قطعة الحديد الثقيلة - قبل الحادث بحوالي ثلاثة أيام ثم توجه ليلاً إلى المجني
عليه بمسكنه وغافله في الحديث واعتدى عليه على رأسه عدة ضربات حتى أزهق روحه ثم قام
بربط جثة الجني عليه بحبل الغسيل للإيهام بأن الحادث انتحاراً وأغلق الباب عليه
وعاد إلى مسكنه)).
وحيث إن القانون أوجب كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة
التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه
استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً. ولما كان من المقرر أن سبق الإصرار
حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني فلا يستطيع احد آن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من
وقائع خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا
يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ويشترط لتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسنى
له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء. لما كان ذلك, وكان ما أورده
الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما
هو معرف به في القانون إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في
حقيقته ألا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار
وشروطه. ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين
على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والإمارات والمظاهر
الخارجية التي تكشف عنها مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى
ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن, وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى المتمثلة
في اعتراف الطاعن وأقوال شهود الإثبات مما يدل على ذلك يقيناً ولا يقدح فيما تقدم
ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن الطاعن فكر في سرقة أموال المجني عليه وصمم على
ذلك لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حق الطاعن لا ينعطف أثره حتماً إلى
الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين. لما كان ما تقدم, فإن الحكم
المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه ولا يعترض على ذلك بأن عقوبة الإعدام
الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234
فقرة ثالثة من قانون العقوبات ذلك بأنه وإن كان يكفي لتغليظ العقاب عملاً بهذه
المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المرتبطة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام
الارتباط السببي بينهما - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - إلا أنه لا جدال في أن
لكل من الجريمتين أركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها. فقد أوجبت المادة 230 من
قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام
لكل من قتل نفساً عمداً مع سبق الإصرار على ذلك والترصد في حين قضت المادة 234 من
قانون العقوبات في فقرتها الثالثة على أنه ((........ وأما إذا كان القصد منها -
أي من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد - التأهب لفعل جنحة أو
تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة
فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة)) لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه
- وعلى ما يبين من مدوناته - قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين سبق الإصرار
والارتباط - وجعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالطاعن. فإنه وقد شاب
استدلال الحكم على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن - والحالة هذه - الوقوف
على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو إنها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان
يتركه تخلف الظرف المشار إليه في وجدان المحكمة لو أنها اقتصرت على إعمال الظرف
المشدد الأخر - وهو الارتباط الذي يبرر عند توافره بتوقيع عقوبة تخييرية أخرى مع
الإعدام - لما كان ما تقدم, وكانت المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - سالف
البيان - تنص على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً
حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض
مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة
طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من
المادة 39)). وكان العيب الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة
30 - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39. فإنه يتعين قبول عرض النيابة
العامة للقضية ونقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. بغير حاجة إلى بحث ما يثيره
الطاعن في أوجه طعنه. ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر
الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 السالف الإشارة إليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق