الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 ديسمبر 2020

الطعن 383 لسنة 39 ق جلسة 30 / 4 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 169 ص 873

جلسة 30 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، والدكتور محمد زكي عبد البر، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي.

-------------------

(169)
الطعن رقم 383 لسنة 39 القضائية

(1،  (2 حجز "الحجز الإداري". ضرائب.
 (1)الأمر الصادر بتوقيع الحجز الإداري. شرط صحته. لا عبرة بالاختصاص المكاني للآمر بالحجز طالما أنه مفوض قانوناً بإصداره.
 (2)صدور أمر الحجز التنفيذي الإداري ممن له صفة في إصداره لتحصيل الضريبة. لا وجه للتحدي بوجوب تقديم قرار مدير عام مصلحة الضرائب الذي أناب مصدر الأمر للتحقق من نطاقه وحدوده.
 (3)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". محكمة الموضوع. نظام عام.
عدم إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لإعلان المحجوز لديه. جزاؤه. اعتبار الحجز كأن لم يكن. م 29/ 1 ق 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري. هذا الجزاء غير متعلق بالنظام العام. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. التقرير بما في الذمة لا يعد تنازلاً عن العيب. لقاضي الموضوع سلطة استخلاص النزول الضمني.
 (4)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير" بطلان.
النعي ببطلان حجز ما للمدين لدى الغير لعدم إرفاق الحاجز صورة من التقرير بما في الذمة بأوراق التنفيذ. ثبوت إرفاق تقرير آخر حاصل بشأن حجز سابق لذات الدين، تضمن ذات المبالغ التي في ذمة المحجوز لديه. تحقق الغاية من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه. علة ذلك.
( 5و6) حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". تقادم "تقادم مسقط".
 (5)حجز ما للمدين لدى الغير. يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه. هذا الإعلان ينقطع به التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه كما ينقطع به التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز.
 (6)الحجز الصحيح. بقاؤه منتجاً لآثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو رضاء أصحاب الشأن أو سقوطه لسبب عارض بحكم القواعد العامة. توقيع الحجز الإداري بما للمدين لدى الغير. عدم سقوطه بالتقادم أسوة بالحجز على المنقول لدى المدين. علة ذلك.
 (7)نقض "سلطة محكمة النقض" حكم "عيوب التدليل".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة. لمحكمة النقض تقويم الحكم على أساس التطبيق القانوني السليم.
(8) قانون "تنازع القوانين من حيث المكان". حجز. اختصاص.
توقيع حجز ما للمدين لدى الغير في مصر على أموال موجودة فيها لمدين مصري الجنسية، هي قيمة وثائق تأمين أبرمت في مصر. الدعوى ببطلان هذا الحجز. اختصاص المحاكم المصرية بنظرها. وجوب تطبيق القانون المصري بشأنها.
 (9)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير".
توقيع حجز ما للمدين لدى الغير. أثره. وفاء المحجوز لديها إلى المحجوز عليه بالمبالغ المحجوزة لا تحاج به الحاجزة.

------------------
1 - النص في المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، يدل على أن المشرع استلزم لصحة إجراءات الحجز الإداري أن تصدر بناء على أمر حجز مكتوب وأن يكون أمر الحجز الذي يوقع بمقتضاه صادراً من شخص مفوض قانوناً بإصدار الأمر وخول رئيس الجهة الإدارية الحاجزة أو لمن ينيبه تحديد الدين المراد الحجز بمقتضاه مستهدفاً بذلك - طبقاً لما جلته المذكرة الإيضاحية للقانون - ألا يؤدي غياب ممثل الجهة الحاجزة أو بعده عن محل الحجز إلى تعطيل توقيع الحجز وتحصيل المبالغ المستحقة، مما مفاده أنه متى صدر الأمر مستوفياً هذه الشرائط فلا عبرة بالاختصاص المكاني للأمر بالحجز تفادياً لتطويل الإجراءات وتعقيدها.
2 - لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضريبية ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة، وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، والقانون رقم 99 لسنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له. وتقضي المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بأن يقصد بمصلحة الضرائب في حكم هذا القانون وزارة المالية والمصالح أو الموظفون الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح في تنفيذ هذا القانون، وإذ كان هذا النص يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً، وقد أعطت اللائحة التنفيذية لهذا القانون في المادة 47 معدلة بالقرار الوزاري رقم 36 لسنة 1954 رؤساء المأموريات التي يحددها مدير مصلحة الضرائب حق إصدار الأوراد التي تحصل بمقتضاها الضريبة طبقاً للمادة 92 من القانون كما خولت مأموري الضرائب سلطة تحصيلها. لما كان ما تقدم، وكان أمر الحجز التنفيذي الإداري قد صدر بناء على قرار مدير عام مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1955 بإنابة مأموري الضرائب ومساعديهم بالمأموريات بإصدار أوامر الحجز الإداري، وكان الأمر قد صدر من مأمورية ضرائب عطارين ثان الكائنة بمدينة الإسكندرية، فإنه لا وجه للتحدي بوجوب تقديم هذا القرار للتحقيق من نطاقه وحدوده طالما أن هذه الإنابة العامة لها سندها من نصوص القوانين الضريبية وقانون الحجز الإداري على سواء.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجز الإداري تحت يد الغير يقع بنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري بموجب محضر حجز يعلن إلى المحجوز لديه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وإن تخلف ما أوجبه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة من إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان المحضر للمحجوز لديه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن لا يؤثر على الحجز الذي سبقه وأن ما قرره المشرع من اعتبار الحجز كأن لم يكن إنما هو جزاء غير متعلق بالنظام العام، فيجوز لكل ذي مصلحة في التحلل من الواجبات التي يفرضها عليه قيام الحجز النزول عنه صراحة أو ضمناً ولئن كان مجرد تقرير المحجوز لديه للجهة الحاجزة بما في ذمته للمحجوز عليه إذ عانا لما تفرض عليه المادة 30 من القانون لا يمكن أن يعتبر وحده تنازلاً عن ذلك العيب الذي شاب الإجراء اللاحق، إلا أنه لما كان البين من الاطلاع على الإخطارين الصادرين من الشركة الطاعنة أنها لم تقتصر فيهما على التقرير بما في ذمتها للمحجوز عليه ببيان كافة ما تحت يدها لمدين مصلحة الضرائب بل أردفت ذلك باستعدادها لأداء مبالغ وثائق التأمين فور الحصول على إذن مراقبة النقد. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ذلك نزول الطاعنة عن العيب - وهو عدم إعلان المحجوز عليه بالحجز في الميعاد المحدد - فإنه مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً له سنده من الأوراق ولا يخرج عن حدود المقبول منطقاً وعقلاً.
4 - النص في المادة 31 من قانون الحجز الإداري معدلة بالقانون رقم 181 لسنة 1959، يدل على أن القانون لم يعتبر التقرير بما في الذمة هو السند التنفيذي الذي يجرى به التنفيذ على المحجوز لديه بل اعتد بسند الحاجز على المحجوز عليه مستهدفاً بإرفاق صورة من تقرير المحجوز لديه بما في ذمته بمحضر الحجز مجرد تكملة السند التنفيذي من ناحية أنه يعين ويحدد المبلغ الثابت في ذمة المحجوز لديه للمحجوز عليه. وإذ كان الثابت من الاطلاع على محضر الحجز التنفيذي المؤرخ أول إبريل 1967 أنه أرفق به صورة طبق الأصل من التقرير بما في الذمة المقدم من الشركة بتاريخ 29/ 11/ 1960 - بشأن حجز أول - وكانت البيانات الواردة بهذا التقرير لا تختلف عن البيانات التي جاءت بالتقرير المؤرخ 6 من فبراير 1962 - بشأن حجز ثان - وتضمن التقريران نفس المبالغ التي في ذمة الشركة الطاعنة لمدين مصلحة الضرائب بما يستوعب المبلغ المحجوز عليه بأكمله، فإن غاية المشرع من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه تكون قد تحققت، ويكون النعي عليه - بأن مأمورية الضرائب الحاجزة لم ترفق صورة من التقرير بما في الذمة - على غير أساس.
5 - مقتضى الحجز أياً كان نوعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه الوفاء به لدائنه أو تسليمه إليه، كما يمتنع على المحجوز عليه التصرف فيه بما يؤثر في ضمان الحاجز، وحجز ما للمدين لدى الغير يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، وإذ كانت المادة 383 من التقنين المدني تقضي بأن التقادم الساري ينقطع بالحجز وهي عبارة عامة تسري على حجز ما للمدين لدى الغير، فإنه يترتب على إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه قطع التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه اعتباراً بأن الحجز من أسباب قطع التقادم وكذلك قطع التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز، لأن الحجز وإن كان يعلن إلى المحجوز لديه إلا أنه يقصد توجيهه فعلاً إلى المحجوز عليه وينصب على ماله.
6 - الحجز الصحيح يبقى منتجاً كل آثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو برضا أصحاب الشأن أو يسقط بسبب عارض بحكم القواعد العامة، وإذ خلا الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون الحجز الإداري الخاص بحجز ما للمدين لدى الغير من نص يسمح باعتبار الحجز الإداري تحت يد الغير يسقط بالتقادم أسوة بما قررته المادة 20 من ذات القانون في شأن حجز المنقول لدى المدين كما خلا قانون المرافعات السابق - المنطبق على واقعة الدعوى - من نص مماثل فيما عدا المادة 574 الخاصة بالحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية وهي المقابلة للمادة 350 من قانون المرافعات الحالي، فإنه يترتب على توقيع الحجزين التنفيذيين المؤرخين 16/ 11/ 1960 و24/ 2/ 1962 تحت يد الشركة الطاعنة قطع التقادم سواء لمصلحة الشركة الطاعنة ضد المحجوز عليه بالنسبة لمبالغ التأمين المستحقة للمحجوز عليه أو لمصلحة هذا الأخير قبل مصلحة الضرائب الحاجزة في شأن مبلغ الضريبة ما دامت إجراءاتهما متعاقبة على النحو الذي قرره القانون، وإذ كانت الطاعنة تقرر أن مبالغ التأمين مستحقة في 15 مارس سنة 1960 كما لا تجادل في أن المطالبة بالضريبة لم تكن قد سقطت بالتقادم عند توقيع الحجزين سالفي الذكر، تبعاً لما هو الثابت من توجيه التنبيه بالدفع إلى المدين في 12 من أكتوبر سنة 1960، وإذ أعقبت المصلحة هذين الحجزين بحجز تنفيذي آخر ضد الطاعنة في أول إبريل سنة 1967 بما يترتب عليه استمرار قطع التقادم فإنه لا محل للتذرع بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغين، وذلك دون ما حاجة للتعرض لمدى اعتبار التقرير بما في الذمة إقراراً قاطعاً للتقادم أو لمدة التقادم الجديدة بعد الانقطاع.
7 - متى انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة فحسب محكمة النقض أن تبين التطبيق القانوني السليم مقومة الحكم على أساسه.
8 - تقضي الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني بسريان قانون الدولة التي تم فيها العقد عند اختلاف الموطن ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، وتنص المادة 22 من هذا القانون على أنه يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات وإذ كان الثابت من الأوراق أن وثائق التأمين قد أبرمت في مصر وأن المستأنف وهو المدين المحجوز عليه مصري الجنسية وأن الدعوى الماثلة دعوى بطلان حجز ما للمدين لدى الغير موقع في مصر على أموال موجودة فيها فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق علاوة على أن المحاكم المصرية تكون هي المختصة وحدها بنظر دعوى البطلان والطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
9 - من آثار توقيع حجز ما للمدين لدى الغير طبقاً للفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الحجز الإداري نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في ذمته للمحجوز عليه، لما كان ذلك، فإن وفاء الشركة الطاعنة - المحجوز لديها - إلى المحجوز عليه بمبالغ وثائق التأمين لا تحاج به مصلحة الضرائب الحاجزة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة....... للتأمين على الحياة - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 977 لسنة 1967 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وإدارة النقد المركزية بطلب الحكم ببطلان الحجز التنفيذي الإداري الموقع من مأمورية ضرائب العطارين ثان بتاريخ أول إبريل 1967 تحت يد بنك الإسكندرية على أموال الشركة وبعدم الاعتداد به واعتباره معدوم الأثر، مع إلزام مصلحة الضرائب برد مبلغ 9746 ج و670 م وفوائده القانونية بمعدل أربعة لكل مائة سنوياً من يوم المطالبة الرسمية حتى السداد وقالت شرحاً لها إن مأمورية ضرائب العطارين ثان بالإسكندرية - المطعون عليها الأولى - أوقعت بتاريخ أول إبريل 1967 حجزاً تنفيذياً تحت يد بنك الإسكندرية المطعون عليه الثاني على أموال شركة....... للتأمين - الطاعنة - لاستيفاء ما يعادل مبالغ 2663.8 جنيهاً استرلينياً، 3551.310 جنيهاً استرلينياً و10321.71 دولاراً أمريكياً قيمة ثلاث وثائق للتأمين معقودة باسم السيد/....... باعتبارها قيمة ما أقرت به الشركة بما في ذمتها بناء على الحجزين الإداريين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 الموقعين تحت يدها على أموال ذلك الأخير باعتباره مديناً لمصلحة الضرائب نظير مبلغي 5677 ج و296 م، 12291 ج و300 م يمثلان قيمة ضريبة الأرباح التجارية وضريبة الإيراد العام المستحقة عليه، وإذ كانت هذه الحجوز التنفيذية باطلة وكانت الضرائب المحجوز من أجلها قد سقطت بالتقادم، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 25 من مارس سنة 1968 حكمت المحكمة ببطلان الحجز المؤرخ أول إبريل سنة 1967 والموقع على أموال الشركة الطاعنة تحت يد المطعون عليه الثاني واعتباره كأن لم يكن وإلزام المطعون عليه الأول بصفته - مصلحة الضرائب - بأن ترد للطاعنة مبلغ 9746 ج و670 م والفوائد بمعدل 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 476 لسنة 24 ق الإسكندرية، ومحكمة الاستئناف حكمت في 20 من إبريل سنة 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في مرحلة الاستئناف بأن الحجز التنفيذي الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 جاء على خلاف ما تقضي به المادة الثانية من قانون الحجز الإداري التي لا تجيز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر كتابي من ممثل الجهة الحاجزة، ولا تغني الإشارة إلى قرار مدير مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر 1955 عن تقديمه للوقوف على نطاقه ومدى جواز الإنابة فيه والأشخاص الصادرة إليهم وحدوده الزمانية والمكانية علاوة على أن مأمورية ضرائب العطارين ثان الكائنة بالإسكندرية قد تجاوزت اختصاصها المكاني وأوقعت الحجز التنفيذي على الشركة الطاعنة في مقرها بمدينة القاهرة، وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه بأن هذا الدفاع لا أساس له من القانون، فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب علاوة على مخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 بأنه "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو ممن ينيبه كل من هؤلاء في ذلك كتابة"، يدل على أن المشرع استلزم لصحة إجراءات الحجز الإداري أن تصدر بناء على أمر حجز مكتوب، وأن يكون أمر الحجز الذي يوقع بمقتضاه صادراً من شخص مفوض قانوناً لإصدار الأمر، وخول رئيس الجهة الإدارية الحاجزة أو لمن ينيبه تحديد الدين المراد الحجز بمقتضاه، مستهدفاً بذلك طبقاً لما جلته المذكرة الإيضاحية للقانون - ألا يؤدي غياب ممثل الجهة الحاجزة أو بعده عن مجال الحجز إلى تعطيل توقيع الحجز وتحصيل المبالغ المستحقة - مما مفاده أنه متى صدر الأمر مستوفياً هذه الشرائط فلا عبرة بالاختصاص المكاني للأمر بالحجز تفادياً لتطويل الإجراءات وتعقيدها.
لما كان ذلك وكان لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضريبية - ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، والقانون رقم 99 لسنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد - حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له، وكانت المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تقضي بأنه يقصد "بمصلحة الضرائب" في حكم هذا القانون وزارة المالية والمصالح أو الموظفين الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح في تنفيذ هذا القانون، وإذ كان هذا النص يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً، وقد أعطت اللائحة التنفيذية لهذا القانون في المادة 47 معدلة بالقرار الوزاري رقم 36 لسنة 1954 "رؤساء المأموريات التي يحددها مدير مصلحة الضرائب" حق إصدار الأوراد التي تحصل بمقتضاها الضريبة طبقاً للمادة 92 من القانون كما خولت مأموري الضرائب سلطة تحصيلها، لما كان ما تقدم وكان أمر الحجز التنفيذي الإداري الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 قد صدر بناء على قرار مدير عام مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1955 بإنابة مأموري الضرائب ومساعديهم بالمأموريات ب في إصدار أوامر الحجز الإداري، وكان الأمر قد صدر من مأمورية ضرائب عطارين ثان الكائنة بمدينة الإسكندرية، فإنه لا وجه للتحدي بوجوب تقديم هذا القرار للتحقق من نطاقه وحدوده طالما أن هذه الإنابة العامة لها سندها من نصوص القوانين الضريبية وقانون الحجز الإداري على السواء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص ولا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم قضى بصحة الحجزين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، و24 من يناير سنة 1962 على سند من القول بأن الشركة المحجوز لديها ردت على الحجزين بما يفيد اعتبارهما صحيحين بقيامها بالتقرير بما في ذمتها وإبداء استعدادها لسداد الدين، في حين أن كلاً من الحجزين المشار إليهما يعتبر كأنه لم يكن وفق الفقرة الأخيرة من المادة 29 من القانون رقم 308 لسنة 1955، تبعاً لعدم قيام مأمورية الضرائب بإعلان المحجوز عليه بصورة من محضرهما مبينة تاريخ إعلانهما للمحجوز لديه خلال ثمانية الأيام التالية ولا يعد التقرير بما في الذمة تنازلاً عما شاب الحجز من بطلان لأنه إنما جاء تنفيذاً لالتزام قانوني ملقى على عاتق الطاعنة بوصفها محجوزاً لديها يجب عليها القيام به في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانها بمحضر الحجز طبقاً للمادة 30 من القانون، ولا دخل لتنفيذ هذا الالتزام بما يتعين على الجهة الحاجزة استيفاؤه بإجراءات تالية. ويترتب على بطلان هذين الحجزين بطلان الحجز التنفيذي الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 على أموال الشركة الطاعنة لاستناده عليهما. هذا إلى أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان الحجز الأخير لأن مأمورية الضرائب لم ترفق بأوراق التنفيذ صورة من التقرير بما في الذمة إعمالاً لحكم المادة 31 من ذات القانون، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع رغم جوهريته وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب علاوة على خطئه في التطبيق القانوني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في - قضاء هذه المحكمة - أن الحجز الإداري تحت يد الغير يقع بنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري بموجب محضر حجز يعلن إلى المحجوز لديه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وإن تخلف ما أوجبه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة من إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان المحضر للمحجوز لديه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن، لا يؤثر على الحجز الذي سبقه، وأن ما قرره المشرع من اعتبار الحجز كأن لم يكن إنما هو جزاء غير متعلق بالنظام العام فيجوز لكل ذي مصلحة في التحلل من الواجبات التي يفرضها عليه قيام الحجز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ولئن كان مجرد تقرير المحجوز لديه للجهة الحاجزة بما في ذمته للمحجوز عليه إذعاناً لما تفرضه عليه المادة 30 من القانون لا يمكن أن يعتبر وحده تنازلاً عن ذلك العيب الذي شاب الإجراء اللاحق، إلا أنه لما كان البين من الاطلاع على الإخطارين المؤرخين 29 نوفمبر 1960، 6 فبراير 1962 أن الشركة الطاعنة لم تقتصر فيهما على التقرير بما في ذمتها للمحجوز عليه ببيان كافة ما تحت يدها لمدين مصلحة الضرائب، بل أردفت ذلك بإبداء استعدادها لأداء مبالغ وثائق التأمين فور الحصول على إذن مراقبة للنقد تبعاً لأن هذه المبالغ مقومة بعملة أجنبية ومستحقة لغير مقيم، كما أكدت الشركة هذا المعنى بكتابها الذي وجهته إلى شعبة التحصيل والحجز بالمأمورية بتاريخ 10 من مايو سنة 1961، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ذلك نزولاً الطاعنة عن العيب، فإنه مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق ولا يخرج عن حدود المعقول منطقاً وعقلاً. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 31 من قانون الحجز الإداري معدلة بالقانون رقم 181 لسنة 1959 بأن "على المحجوز لديه خلال أربعين يوماً من تاريخ إعلانه بمحضر الحجز أن يؤدي إلى الحاجز ما أقر به أو ما يفي منه بحق الحاجز والمصروفات أو يودعه خزانة الجهة الإدارية الحاجزة لذمتها..... فإذا لم يؤد المحجوز لديه أو يودع المبالغ المنصوص عليها في الفقرات السابقة جاز التنفيذ على أمواله إدارياً بموجب محضر الحجز المنصوص عليه في المادة 29 مصحوباً بصورة من الإخطار المنوه عنه في المادة 30....." يدل على أن القانون لا يعتبر التقرير بما في الذمة هو السند التنفيذي الذي يجرى به التنفيذ على المحجوز لديه، بل اعتد بسند الحاجز على المحجوز عليه، مستهدفاً بإرفاق صورة من تقرير المحجوز لديه بما في ذمته بمحضر الحجز مجرد تكملة السند التنفيذي من ناحية أنه يعين ويحدد المبلغ الثابت في ذمة المحجوز لديه للمحجوز عليه، وإذ كان الثابت من الاطلاع على محضر الحجز التنفيذي المؤرخ أول إبريل 1967 أنه أرفق به صورة طبق الأصل من التقرير بما في الذمة المقدم من الشركة بتاريخ 29 من نوفمبر 1960، وكانت البيانات الواردة بهذا التقرير لا تختلف عنه البيانات التي جاءت بالتقرير المؤرخ 6 من فبراير 1962 وتضمن التقريران نفس المبالغ التي في ذمة الشركة الطاعنة لمدين مصلحة الضرائب بما يستوعب المبلغ المحجوز عليه بأكمله، فإن غاية المشرع من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه تكون قد تحققت، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثالث والرابع والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بسقوط حق مدين مصلحة الضرائب المحجوز عليه في مطالبتها بمبالغ التأمين بانقضاء ثلاث سنوات على استحقاقه لها في 15 من مارس سنة 1960 تطبيقاً للمادة 752 من القانون المدني على سند من انقطاع ذلك التقادم بتقرير الشركة الطاعنة ببقاء هذه المبالغ في ذمتها بما يعد إقراراً صريحاً منها بحق مدين المصلحة فيها، في حين أن التقرير بما في الذمة ليس من قبيل الإقرار باعتباره تنفيذاً لالتزام قانوني يتعين عليها القيام به. وبفرض اعتباره إقراراً قاطعاً للتقادم فإن المدة الجديدة تحتسب على أساس مدة التقادم الأول أي ثلاث سنوات تسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وفق المادة 385 من التقنين المدني، وإذ قررت الشركة بما في ذمتها بتاريخ 6 من فبراير سنة 1962 فإن التقادم الجديد تنتهي مدته في 5 من فبراير سنة 1965 ويكون الحجز التنفيذي على أموال الشركة في أول إبريل سنة 1967 عديم الأثر لتوقيعه بعد اكتمال مدة التقادم هذا إلى أن الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن الضريبة المطلوبة من المحجوز عليه والمحجوز من أجلها تحت يد الطاعنة مستحقة عن السنوات من سنة 1950 حتى آخر سنة 1955 ولم تتخذ مأمورية الضرائب أي إجراء قاطع للتقادم بشأنها منذ توقيع الحجزين في سنتي 1960، 1962 فتكون قد لحقها التقادم هي الأخرى عملاً بحكم المادة 97 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفوات أكثر من خمس سنوات. كما تمسكت أيضاً بأن مبالغ الضريبة المطالب بها ليست كلها مستحقة على المحجوز عليه بل تضمنت مبالغ على آخرين هم سائر الشركاء معه في شركة التوصية، وإذ أغفل الحكم هذين الدفاعين رغم أن من شأن تمحيصها تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه علاوة على مخالفة القانون يكون قاصر التسبيب.
حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مقتضى الحجز أياً كان نوعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه الوفاء به لدائنه أو تسليمه إليه، كما يمتنع على المحجوز عليه التصرف فيه بما يؤثر في ضمان الحاجز، وكان حجز ما للمدين لدى الغير يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، وكانت المادة 383 من التقنين المدني تقضي بأن التقادم الساري ينقطع بالحجز وهي عبارة عامة تسري على حجز ما للمدين لدى الغير فإنه يترتب على إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه قطع التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه اعتباراً بأن الحجز من أسباب قطع التقادم، وكذلك قطع التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز لأن الحجز وإن كان يعلن إلى المحجوز لديه إلا أنه يقصد توجيهه فعلاً إلى المحجوز عليه وينصب على ماله، لما كان ذلك، وكان قد تقرر في السبب السابق صحة الحجزين التنفيذيين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 وكان الحجز الصحيح يبقى منتجاً كل آثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو برضا أصحاب الشأن أو يسقط لسبب عارض بحكم القواعد العامة، وكان الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون الحجز الإداري الخاص بحجز ما للمدين لدى الغير قد خلا من نص يسمح باعتبار الحجز الإداري تحت يد الغير يسقط بالتقادم أسوة بما قررته المادة 20 من ذات القانون في شأن حجز المنقول لدى المدين، كما خلا قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة الدعوى من نص مماثل فيما عدا المادة 574 الخاصة بالحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية وهي المقابلة للمادة 350 من قانون المرافعات الحالي، فإنه يترتب على توقيع الحجزين سالفي الذكر قطع التقادم الساري سواء لمصلحة الشركة الطاعنة ضد المحجوز عليه بالنسبة لمبالغ التأمين أو لمصلحة هذا الأخير قبل مصلحة الضرائب الحاجزة في شأن مبلغ الضريبة ما دامت إجراءاتها متعاقبة على النحو الذي قرره القانون، وإذ كانت الطاعنة تقرر أن مبالغ التأمين مستحقة في 15 من مارس سنة 1960، كما لا تجادل في أن المطالبة بالضريبة لم تكن قد سقطت بالتقادم عند توقيع الحجزين في 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 تبعاً لما هو ثابت من توجيه التنبيه بالدفع إلى المدين في 12 من أكتوبر سنة 1960، وإذ أعقبت المصلحة هذين الحجزين بحجز تنفيذي آخر ضد الطاعنة في أول إبريل سنة 1967 بما يترتب عليه استمرار قطع التقادم فإنه لا محل للتذرع بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغين وذلك دون ما حاجة للتعرض لمدى اعتبار التقرير بما في الذمة إقراراً قاطعاً للتقادم أو لمدة التقادم الجديدة بعد الانقطاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فحسب محكمة النقض أن تبين التطبيق القانوني السليم مقومة الحكم على أساسه. لما كان ما تقدم، وكانت أوراق الدعوى خلواً مما يفيد أن المبالغ المستحقة لمصلحة الضرائب قبل المحجوز عليه تخالطها مبالغ أخرى مستحقة على بقية الشركاء في شركة التوصية التي يسهم فيها، وكان لا محل للنعي على الحكم بالقصور لعدم رده على وجه من وجوه الدفاع لا أثر له في الأوراق، فإن النعي بأكمله يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب السابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بأن المحجوز عليه استصدر ضدها حكماً من المحاكم الإنجليزية بدفع المبالغ المستحقة بموجب وثائق التأمين المعقودة لديها على أساس عدم انطباق القانون المصري استناداً إلى أنها شركة كندية مركزها بالخارج ويوقع رئيسها على كافة وثائق التأمين وتدفع مبالغها بعملات أجنبية، واضطرت الطاعنة إلى سدادها مما يحق لها التمسك بذلك الحكم في النزاع القائم لتحديد القانون الواجب التطبيق من حيث مكانية عقد التأمين بعد إذ لم يعد للمحجوز عليه أموال تحت يدها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني تقضي بسريان قانون الدولة التي تم فيها العقد عند اختلاف الموطن ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، وكانت المادة 22 من هذا القانون تنص على أنه يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، وكان الثابت من الأوراق أن وثائق التأمين قد أبرمت في مصر وأن المستأمن وهو المدين المحجوز عليه مصري الجنسية وأن الدعوى الماثلة دعوى بطلان حجز ما للمدين لدى الغير موقع في مصر على أموال موجودة فيها، فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق، علاوة على أن المحاكم المصرية تكون هي المختصة وحدها بنظر دعوى البطلان والطلبات الموضوعية المرتبطة بها. لما كان ذلك، وكان من آثار توقيع حجز ما للمدين لدى الغير طبقاً للفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الحجز الإداري نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في ذمته للمحجوز عليه فإن وفاء الشركة الطاعنة إلى المحجوز عليه بمبالغ وثائق التأمين لا تحاج به مصلحة الضرائب الحاجزة وإذ كانت المحكمة الاستئنافية قد أصابت بتطبيق القانون المصري على واقعة الدعوى المرفوعة أمامها فإنه لا تثريب عليها إذا هي لم تتحدث عن الحكم الصادر من المحاكم الإنجليزية طالما أن الاختصاص معقود للمحاكم المصرية وحدها.
وحيث إن مفاد السبب الثامن أن للطاعنة حقاً في المطالبة بالفوائد عند نقض الحكم لأن المادة 101 من القانون رقم 114 لسنة 1939 غير منطبقة على واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي أضحى غير ذي موضوع بعد أن تبين أن الطعن برمته غير سديد.

الطعن 22 لسنة 39 ق جلسة 30 / 4 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 أحوال شخصية ق 168 ص 860

جلسة 30 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، والدكتور محمد زكي عبد البر، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

---------------

(168)
الطعن رقم 22 لسنة 39 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)نقض "رفع الطعن". أحوال شخصية.
الطعن بالنقض في مسائل الأحول الشخصية. رفعه بتقرير في قلم الكتاب في ظل قانون المرافعات 13 لسنة 1968. صحيح. وجوب اتباع الإجراءات المقررة في المادتين 881 و882 مرافعات.
 (2)نقض "أثر نقض الحكم". استئناف "سلطة محكمة الإحالة".
نقض الحكم. أثره. عودة الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض. لمحكمة الإحالة إقامة حكمها على فهم جديد لواقعة الدعوى.
( 3و4) إثبات "الإحالة للتحقيق". حكم "حجية الحكم".
 (3)الحكم القطعي. ماهيته. إحالة الدعوى للتحقيق توصلاً لتكوين عقيدة المحكمة. لا يعد مانعاً من الفصل في الدعوى بعد إجراء التحقيق، على ضوء المستندات المقدمة فيها.
 (4)الإثبات بشهادة الشهود للمحكمة أن تأمر به من تلقاء نفسها. شرطه.
(5 و6) أحوال شخصية إثبات. "البينة". حكم "تسبيب الحكم".
(5)ا لشهادة بالتسامع. أحوالها وشروطها.
(6) عدم بيان الحكم شروط الشهادة بالتسامع في أقوال الشهود. لا عيب.
( 7و8) إثبات "البينة". محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
 (7)تقدير أقوال الشهود والترجيح بين البينات. مما يستقل به قاضي الموضوع. عدم بيان الحكم أسماء الشهود أو نص أقوالهم.
لا يعيبه طالما أشار إليهم وأورد مضمون أقوالهم.
(8) عدم تتبع الحكم للخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً. لا عيب. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة.
( 9و10) نقض "أسباب الطعن".
 (9)عدم بيان مواطن النعي على أقوال الشهود. نعي مجهل غير مقبول.
 (10)النعي بوجود صلة قرابة تربط المطعون عليهم بشهودهم. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
( 11و12) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع.
 (11)لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى. شرطه.
 (12)إغفال الحكم ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها. لا عيب ما دام أنها مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم.
 (13)إرث. حكم "حجية الحكم". دفوع.
إشهاد الوفاة والوراثة. له حجيته ما لم يصدر حكم على خلافه. لذوي الشأن طلب بطلانه سواء في صورة دفع أو إقامة دعوى مبتدأة.

------------------
1 - إذ كان الثابت من الاطلاع على أوراق الطعن أنه رفع بتقرير وفق المادتين 881/ 2 و882/ 2 من قانون المرافعات. وكان يتعين طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 628 لسنة 1955 بشأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف والمادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات أن يكون الطعن بطريق النقض بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وفق الإجراءات المقررة في المادتين 881 و882 من قانون المرافعات، وقد أتبع في تحضير الطعن هذه الإجراءات. لما كان ذلك، فإنه يتعين رفض الدفع - الدفع ببطلان الطعن بالنقض - لأنه أقيم بتقرير في قلم الكتاب وليس بصحيفة ولأنه اتبع في تحضيره المادتان 881 و882 مرافعات.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على نقض الحكم المطعون فيه عودة الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض كما يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى بما كانوا قد أبدوه في دفاع وما تمسكوا به من مستندات على أن تلتزم محكمة الإحالة برأي محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها ويكون لها مطلق الحرية من بعد في إقامة حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله - حرة - من جميع عناصرها، وإذ كان البين من حكم النقض السابق أنه عاب على حكم محكمة الاستئناف المنقوض قضاءه في الدعوى على أساس شهادة الوفاة وحصر الإرث الصادرة من الكنيسة - المقدمة من المطعون عليهم - مع تقريره وجود تعارض بينها وبين مستندات الطاعنة وأن ما تعللت به لإيثار مستندات المطعون عليهم لا يصلح مرجحاً دون أن يعرض لأية مسألة قانونية يتحتم اتباعها مما مفاده أن قضاء النقض لم يهدر مستندات المطعون عليه بما يترتب عليه استبعادها أمام محكمة الإحالة، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استند في حدود سلطته التقديرية إلى الشهادة المشار إليها علاوة على ما اطمأن إليه من أقوال الشهود وإلى مستندات جديدة قدمها المطعون عليهم بعد الإحالة ورجحها على مستندات الطاعنة.
3 - الحكم القطعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته، وإذ كان ما أورده الحكم - الصادر من محكمة الإحالة بإحالة الدعوى للتحقيق - من أن "الشهادات المقدمة من الفريقين مناقض بعضها البعض الآخر الأمر الذي لا تستطيع معه المحكمة التعرف على الورثة الحقيقيين للمورث، وكان إثبات الوفاة والوراثة بالبينة جائزاً، ولهذا ترى المحكم إحالة الدعوى إلى التحقيق...." لا ينطوي على قضاء قطعي بأن مستندات المطعون عليهم لا تثبت مدعاهم وإنما يفيد أن المحكمة لم تجد في مستندات الخصوم بالحالة التي كانت عليها ما يكفي لتكوين عقيدتها فرأت استجلاء للحقيقة إحالة الدعوى إلى التحقيق فإنه لا يكون مانعاً لها بعد تنفيذه من الفصل في الدعوى على ضوء المستندات المقدمة فيها.
4 - لمحكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود طالما أنه جائز قانوناً والوقائع التي أحيلت للتحقيق وقائع مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات.
5 - الشهادة بالتسامع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1جائزة عند الحنفية في مواضع منها النسب وشرطها أن يكون ما يشهد به الشاهد أمراً متواتراً مشتهراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتوافر به الأخبار ويقع في قلبه صدقها، أو أن يخبره به رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول.
6 - لا محل لتعييب الحكم بأنه لم يبين شروط الشهادة بالتسامع في أقوال الشهود لأنها أمور تتصل بتحمل الشهادة وصلتها للشاهد.
7 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عن مدلولها، ولا على الحكم بعد ذلك إذا هو لم يذكر أسماء الشهود أو لم يورد نص أقوالهم متى كان قد أشار إليهم وأورد مضمون هذه الأقوال.
8 - لا يعيب الحكم أنه لم يتتبع الخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً متى كان ما أورده يحمل الرد الضمني عليها إذ بحسب الحكم أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
9 - إحالة الطاعنة إلى مواطن النعي على أقوال الشهود التي أوردتها أمام محكمة الاستئناف دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما تتحدى به يجعل طعنها في هذا الخصوص مجهلاً وغير مقبول.
10 - النعي بوجود صلة قرابة تربط الشهود بالمطعون عليهم هو جدل موضوعي يتعلق بتقدير الأدلة غير جائز أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر في قضاء النقض أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما كان له سنده، وكان لا خروج فيه على الثابت بالأوراق.
12 - لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بما يكفي معه مجرد الإشارة إليها.
13 - مؤدى نص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أراد أن يضفي على إشهاد الوفاة والوراثة حجية ما لم يصدر حكم على خلافه ومن ثم أجاز لذوي الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن عليه طلب بطلانه سواء في صورة الدفع في دعوى قائمة أو إقامة دعوى مبتدأة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 186 لسنة 1953 أمام محكمة القاهرة الشرعية والتي أحيلت عقب توحيد القضاء إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 68 لسنة 1958 أحوال شخصية ضد الطاعنة طالبين الحكم بثبوت وفاة...... واستحقاقهم نصف تركته تعصيباً. وقالوا شرحاً لدعواهم إن المرحوم...... توفى بمدينة باريس في سنة 1952 وخلف تركة وانحصر إرثه في شقيقته - الطاعنة - وتستحق النصف فرضاً وفيهم بصفتهم أولاد عم ويستحقون النصف الباقي تعصيباً مرابعة بينهم استناداً إلى أن جدهم الصحيح....... كان شقيقاً لـ...... جد الطاعنة والمتوفى، وإذ استصدرت الطاعنة في 23 من ديسمبر سنة 1952 من محكمة عابدين الشرعية إعلاماً بانحصار الإرث فيها دونهم، فقد أقاموا دعواهم بطلباتهم سالفة البيان. وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة بثبوت وفاة..... المصري الجنسية بباريس سنة 1952 وانحصار إرثه في شقيقته...... - الطاعنة - وفي أولاد عمه الشقيق وهم..... و...... ولدي...... المطعون عليهما والأول والثاني وفي....... ولدي...... المطعون عليهما الثالث والرابع - للأخت الشقيقة النصف ولأولاد أولاد العم النصف الباقي تعصيباً بالسوية بينهم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1397 لسنة 76 ق القاهرة طالبة إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليهم، وبتاريخ أول فبراير سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف وفي الموضوع بثبوت وفاة المرحوم...... المصري الجنسية بباريس في سنة 1952 وانحصار إرثه في أخته الشقيقة الطاعنة بحق النصف وفي المطعون عليهم أولاد ولدي عم المتوفى بحق النصف الباقي بالتساوي فيما بينهم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وفي 4 من مارس سنة 1964 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبعد تعجيلها حكمت المحكمة في 27 من فبراير سنة 1967 ببطلان الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم وفاة المرحوم....... وانحصار إرثه في أخته الشقيقة - الطاعنة - ويخصها النص فرضاً وفيهم باعتبارهم أولاد أولاد عم المورث ويستحقون باقي تركته تعصيباً دون شريك ولا وراث وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 12 من مايو سنة 1969 بثبوت وفاة المرحوم....... المصري الجنسية بباريس في سنة 1952 وانحصار إرثه في أخته الشقيقة الطاعنة وفي المطعون عليهم أولاد ولدي عم والد المتوفى بحق النصف للأخت الشقيقة والنصف الآخر للباقين بالتساوي فيما بينهم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليهم ببطلان الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان أن الطعن بالنقض أقيم بتقرير في قلم الكتاب خلافاً لنص المادة 253 من قانون المرافعات الحالي رقم 13 لسنة 1968 التي أوجبت رفعه بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كما اتبعت في تحضيره المادتان 881 و882 من قانون المرافعات في حين أنه يجب أن يكون الطعن بطريق النقض بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية وفق الإجراءات المقررة للنقض في الفصل الرابع من الباب الثاني عشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع بالبطلان في غير محله ذلك أنه لما كان الثابت من الاطلاع على أوراق الطعن أنه رفع بتقرير وفق المادتين 881/ 2 و882/ 2 من قانون المرافعات وكان يتعين طبقاً للمادة الثالثة من القانون رقم 628 لسنة 1955 بشأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف والمادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات أن يكون الطعن بطريق النقض بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وفق الإجراءات المقررة في المادتين 881 و882 من قانون المرافعات وقد اتبع في تحضير الطعن هذه الإجراءات لما كان ذلك، فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالوجهين الأولين لكل منهما مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى حكم النقض الصادر بتاريخ 4 من مارس سنة 1964 في الطعن رقم 20 لسنة 31 ق أحوال شخصية لا يفيد استبعاد المستندات المقدمة في الدعوى ولا يحول دون محكمة الاستئناف والاعتماد على ما تطمئن إليه منها بعد الإحالة، وأن حكم التحقيق الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتاريخ 27 من فبراير سنة 1967 لم يقطع برأي في الموازنة بين المستندات المتبادلة، في حين أن محكمة النقض إنما نقضت حكم محكمة الاستئناف أول مرة لإقامته على سند من الشهادة المؤرخة 14 شباط سنة 1953 وهي ذات الشهادة التي استند إليها الحكم المطعون فيه، مع أن ذلك كان يستوجب أن تمتنع محكمة الإحالة عن تأسيس حكمها عليها. هذا إلى أن حكم التحقيق أشار في أسبابه إلى أن الشهادات المقدمة من طرفي الخصومة يناقض بعضها الآخر وهو يعني إهدار هذه المستندات بقضاء قطعي يقيد محكمة الموضوع، بما لا يجوز بعده الاعتماد عليها وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على نقض الحكم المطعون فيه عودة الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض، كما يعود الخصوم إلى مراكزهم الأولى بما كانوا قد أبدوه من دفاع وما تمسكوا به من مستندات، على أن تلتزم محكمة الإحالة برأي محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها، ويكون لها مطلق الحرية من بعد في إقامة حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها، وكان البين من حكم النقض الصادر في الطعن رقم 20 لسنة 31 ق أحوال شخصية أنه عاب على حكم محكمة الاستئناف المنقوض قضاءه في الدعوى على أساس شهادة الوفاة وحصر الإرث الصادرة من الكنيسة المؤرخة 14 شباط سنة 1953 مع تقريره وجود تعارض بينها وبين مستندات الطاعنة، وأن ما تعللت به لإيثار مستندات المطعون عليهم لا يصلح مرجحاً دون أن يعرض لأية مسألة قانونية يتحتم إتباعها، مما مفاده أن قضاء النقض لم يهدر مستندات المطعون عليهم بما يترتب عليه استبعادها أمام محكمة الإحالة، وكان لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استند في حدود سلطته التقديرية إلى الشهادة المشار إليها علاوة على ما اطمأن إليه من أقوال الشهود وإلى مستندات جديدة قدمها المطعون عليهم بعد الإحالة ورجحها على مستندات الطاعنة، لما كان ذلك وكان الحكم القطعي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته وكان ما أورده الحكم الصادر بتاريخ 27 من فبراير سنة 1967 من أن الشهادات المقدمة من الفريقين مناقض بعضها البعض الآخر الأمر الذي لا تستطيع معه المحكمة التعرف على الورثة الحقيقيين للمورث وكان إثبات الوفاة والوراثة بالبينة جائزاً لهذا ترى المحكمة أن إحالة الدعوى إلى التحقيق لا ينطوي على قضاء قطعي بأن مستندات المطعون عليهم لا تثبت مدعاهم، وإنما يفيد أن المحكمة لم تجد في مستندات الخصوم بالحالة التي كانت عليها ما يكفي لتكوين عقيدتها فرأت استجلاء للحقيقة إحالة الدعوى إلى التحقيق، فإنه لا يكون مانعاً لها بعد تنفيذه من الفصل في الدعوى على ضوء المستندات المقدمة فيها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثالث من السبب الأول وبالوجه الخامس من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجوه أولها أن الحكم المطعون فيه قبل البينة كدليل إثبات مع أنها لا تجوز في واقعة الدعوى بعد صدور حكمين انتهيا إلى استبعاد مستندات المطعون عليهم وهما حكم النقض وحكم 27/ 2/ 1967 بما لا يصح معه التحايل على هذين الحكمين عن طريق الشهود بترديدهم ما حوته تلك المستندات (الثاني) وصف الحكم البينة بأنها شهادة تسامع دون أن يوضح معناها أو توافر شروطها، وهي ليست كذلك إذ انصبت أقوال شهود المطعون عليهم إما على وقائع محددة عاصروها وشهدوها أو جاءت نقلاً عن رجل واحد، وهو لا يكفي في قبولها تسامعاً (الثالث) لم يوضح الحكم أقوال شهود المطعون عليهم واكتفى باستخلاص النتيجة منها رغم ما عددته الطاعنة عليها من مطاعن جوهرية أبدتها أمام محكمة الموضوع، واقتصر على نفي الاصطناع عنها دون تبرير لذلك (الرابع) استبعد الحكم أقوال شهود الطاعنة بمقولة إنها مجهلة وقاصرة دون أن يفصح عما يأخذه عليها.
وحيث إن النعي بكافة وجوهه غير سديد، فهو مردود في الوجه (الأول) أنه فضلاً عن أن أياً من الحكمين المشار إليهما لم يستبعد مستندات المطعون ضدهم فإن لمحكمة الموضوع من تلقاء نفسها أن تأمر بالإثبات بشهادة الشهود، طالما أنه جائز قانوناً، والوقائع التي أحيلت للتحقيق وقائع مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات. ومردود في الوجه (الثاني) بأن الشهادة بالتسامع، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جائزة عند الحنفية في مواضع منها النسب وشرطها أن يكون ما يشهد به الشاهد أمراً متواتراً مشتهراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتوافر به الأخبار ويقع في قلبه صدقها أو أن يخبره به رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول.
وإذ كان الثابت من الصورة الرسمية لمحاضر التحقيق أن الشاهد الأول للمطعون عليهم....... عندما سئل عن مصدر سلسلة النسب قال "علشان أنا من العائلة واحنا كنا ساكنين في محل واحد" وأن الشاهدة الثانية....... زوجة الشاهد الأول عللت مصدر معلوماتها بأنها من عائلة....... كما أوردت الشاهدة الثالثة...... بأنها بنت....... ومن العائلة". فإن هذه الأقوال تعد من قبيل شهادة التسامع بالمعنى المعرفة به في فقه الحنفية والراجح في المذهب في هذا الخصوص، ولا يغير من هذا الوصف أنها في سياقها تضمنت الإدلاء بوقائع أخرى لا تعد من قبيل التسامع. علاوة على أن مصدرها ليس رجلاً واحداً فإن أول الشهود تسامع من حماته وشقيق صهره ووالده، وثالثة الشهود تسامعت من أبيها وأمها وأولاد عمها، كما أن الشاهد الرابع....... تسامع من صهره وخالته وإحدى قريباته، ولا محل لتعييب الحكم بأنه لم يبين شروط الشهادة بالتسامع في أقوال هؤلاء الشهود لأنها أمور تتصل بتحمل الشهادة وصلتها للشاهد ومردود في الوجهين (الثالث والرابع) بما أورده الحكم المطعون فيه خاصاً بالشهود من أنه "...... بالإضافة إلى ما تقدم فقد أشهد المستأنف عليهم المطعون عليهم - على صحة دعواهم - شهوداً من العائلة هم الأول والثانية والثالث والخامسة ووضح هؤلاء الشهود في مجموع شهادتهم بأن المستأنف عليهم الأربعة الأول هم أولاد عمومة للمستأنفة - الطاعنة - وأن طرفي الخصومة ينتسبون معاً إلى الجد الأعلى....... كما يبين هؤلاء الشهود في مجموع شهادتهم سلسلة النسب صعوداً من...... و....... المطعون عليهما الثالث والرابع إلى أبيهم........ ثم إلى جدهم....... ثم إلى ابنه..... وسلسلة النسب صعوداً من..... و..... المطعون عليهما الأول والثاني إلى والدهم ثم إلى جدهم...... ثم إلى ابنه...... وسلسلة النسب صعوداً من....... الطاعنة وشقيقها....... المتوفى إلى والدهم...... ثم إلى جدهم....... الذي لم يعقب سوى...... وسوى....... الذي عقب بنات وليس ذكوراً، أما الخمسة الأخوة أولاد...... وهم...... و....... و...... و..... و...... فقد توفى منهم........ و....... و....... في حال حياة....... و....... ثم توفى....... شقيق....... المستأنفة، وأن....... توفى دون أن يخلف ذرية بينما جاءت شهادة شهود النفي الذين أشهدتهم المستأنفة مجهلة وقاصرة وعاجزة عن نفي ما أثبته المستأنف عليهم بشهودهم وآية ذلك أن الشاهد الأول رغم أنه قرر بأنه يمت بصلة القرابة للمستأنفة باعتبار أن والدتها ووالده أولاد عم فإنه عندما سئل عما إذا كان يعرف والد...... قرر أنه يسمع أن اسمه....... وأنه يعرف من أخوات المستأنفة واحداً اسمه......... وواحداً اسمه...... وكلهم توفوا وأنه لا يعرف أحد من المستأنف عليهم، وبينما شهد الشاهد الثاني أنه لا يعرف أن المستأنف عليهم، أولاد أولاد عم...... وأن....... توفوا بالإسكندرية ولا يعرف شيئاً عن والد...... بينما قرر الشاهد الثالث أن....... توفى بفرنسا وأن أخوات ماري هم....... وليس لهم أقارب، وإذ كان ذلك، فإن ما تدعيه المستأنفة من أن هناك اصطناعاً في شهادة شهود الإثبات مبناه الزعم المجرد، ومردود عليه بأن شهادتهم جاءت قاطعة في صحة النسب فهم جميعاً عدا الرابع من عائلة....... مما يجعلهم أوثق الناس علماً بالحقيقة وتسامعاً بها......."، ذلك أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عن مدلولها، ولا على الحكم بعد ذلك إذا هو لم يذكر أسماء الشهود أو لم يورد نص أقوالهم متى كان قد أشار إليهم وأورد مضمون هذه الأقوال، ولا عليه أيضاً إذا لم يتتبع الخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً متى كان ما أورده يحمل الرد الضمني عليها، إذ حسب الحكم أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك، وكانت إحالة الطاعنة إلى مواطن النعي على أقوال الشهود التي أوردتها أمام محكمة الاستئناف دون بيان مضمونها للوقوف على صحة ما تتحدى به يجعل طعنها في هذا الخصوص مجهلاً وغير مقبول، وكان ما يثيره كذلك من وجود صلة قرابة تربط الشهود بالمطعون عليهم هو جدل موضوعي يتعلق بتقدير الأدلة غير جائز أمام محكمة النقض فإن النعي بكامله يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأوجه الثالث والرابع والسادس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم وهو بسبيل الموازنة بين مستندات الخصوم أغفل مستندين جوهريين للطاعنة أولهما شهادة السجل المدني المؤرخة 11 من إبريل 1960، والثاني ما جاء بالشق الخاص بالسجل المدني من الشهادة المؤرخة 13 من فبراير 1965، وهما صريحتان في انصراف قيود السجل إلى ورثة....... الذي ادعى المطعون عليهم وفاته دون ذرية. هذا إلى أن الحكم بنى قضاءه بأن....... الذي تدعيه الطاعنة والمشار إليه في الشهادتين السالفتين لا يمت بأية صلة لأولاد..... الجد الأعلى للمتوفى على سند من مقارنة القيود الخاصة والتأشيرات الرسمية دون أن يوضح ماهية هذه القيود والتأشيرات أو كيفية إجراء المقارنة، ملتفتاً عن الحقائق التي أبرزتها الطاعنة من أن شخصي الموسيين ينتميان إلى طائفة وكنيسة واحدة وتوفيا في سنة واحدة وأن الشهادتين تحملان رقماً مسلسلاً واحداً علاوة على أن الحكم أطرح شهادة قدمتها الطاعنة من بطريكية الروم الكاثوليك بالإسكندرية مثبتة لميلاد طفل لمن يدعى....... سنة 1923 اعتماداً على شهادة قدمها المطعون عليهم من نفس البطريكية بالقاهرة تثبت وفاة الوالد في سنة 1917، وفاته أن الشهادة الثانية لا تصلح للمقارنة لأنها مستخرجة من جهة أخرى، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه استناداً إلى أن....... هو ابن الجد الجامع لأسرة المتوفى المدعو.......، وأن ما قدمته الطاعنة من شهادات تشير إلى من يدعى........ - دون ذكر اسم الوالد - لا يمت بأية صلة أو رابطة للأسرة وأنه خلاف........ المتوفى من غير عقب، واستند الحكم في ذلك إلى مستندات قدمها المطعون عليهم ومن بينها الشهادة المؤرخة 25 من إبريل سنة 1965 الصادرة من نفس الشخص الذي سبق له أن أصدر الشهادة المقدمة من الطاعنة بتاريخ 13 من فبراير سنة 1965 وقرر فيها أن هذه الشهادة الأخيرة لم تكن بياناتها صحيحة أو صادقة، علاوة على ما اطمأن إليه من أقوال شهود المطعون عليهم، وكانت الطاعنة لا تجادل في أن شهادتها المؤرخة 13 من فبراير سنة 1965 تحوي ذات البيانات المثبتة في شهادتها الأولى المؤرخة 11 من إبريل سنة 1960، وكان المقرر في قضاء النقض أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما كان له سنده وكان لا خروج فيه على الثابت بالأوراق، وكان لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، فإن المحكمة الاستئنافية وهي في مجال الموازنة والترجيح بين المستندات لم تتعد سلطتها في تقدير الدليل لما كان ذلك، وكان إهدار الحكم دلالة الشهادة المقدمة من الطاعنة استناداً إلى أنه لا يتصور ولادة طفل لوالد توفى قبل ميلاد ابنه بست سنوات يعتبر رداً سائغاً عقلاً ومنطقاً، فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه السابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في فهم الواقع في الدعوى، ذلك أنه نسب إلى الطاعنة تمسكها بالإعلام الشرعي الذي حصر الميراث فيها، على حين أن دفاعها في خصومة يقوم على أن عجز المطعون عليهم عن إقامة الدليل على وراثتهم من شأنه أن يقر للإعلام حجيته.
وحيث إنه لما كان مؤدى نص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أراد أن يضفي على إشهاد الوفاة والوراثة حجية ما لم يصدر حكم على خلافه، ومن ثم أجاز لذوي الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن عليه طلب بطلانه سواء في صورة الدفع في دعوى قائمة أو إقامة دعوى مبتدأة، وكان ما قرره الحكم بعد أخذه بدليل المطعون عليهم لا يخرج عن هذا المعنى فإن النعي يكون ولا محل له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


(1)نقض 27/ 3/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 614.
ونقض مدني 4/ 1/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 54.

الطعن 11357 لسنة 83 ق جلسة 24 / 11/ 2014 مكتب فني 65 ق 148 ص 944

جلسة 24 من نوففمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد صادق، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني نواب رئيس المحكمة وطارق عمران. 
----------------
(148)
الطعن 11357 لسنة 83 القضائية
(1 - 5) حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". ملكية فكرية "حقوق الملكية الفكرية" "براءة الاختراع".
(1) حقوق الملكية الفكرية. ماهيتها. حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته. علة ذلك. 

(2) براءة الاختراع. شروط منحها. انطواؤه على خطوة إبداعية وقابليته للاستغلال الصناعي وألا يكون فيه مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو النظام العام. المواد 1، 2، 3 من القانون 82 لسنة 2002. 

(3) براءة الاختراع. ماهيتها. 

(4) براءة الاختراع. إجراءات الحصول عليها. 

(5) استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات للدعاية والإعلان. فكرة مجردة. مؤداه. انتفاء وصف الابتكار عنها. أثره. انحصار الحماية التي قررها المشرع بق 82 لسنة 2002 عنها. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ. 
----------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض– أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك، لأن الحقين من ثمرات الفكر والابتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافي طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته التي ترجع إلى أنه يقع على شيء غير مادي، فهو إذن حق عيني أصلي منقول. 

2 - إن النص في المواد 1، 2، 3 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 يدل على أن الشروط الواجب توفرها في الاختراع لمنح براءة تحميه هي أن ينطوي الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أي يكون جديدا، بمعنى أنه ينطوي على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعي المألوف، وأنه لم يكن معروفا من قبل بأن يكون المخترع الذي يطلب براءة الاختراع قد سبق غيره في التعريف بهذا الاختراع، وألا يكون سبق النشر عنه في أي بلد، فشرط الجدة المطلقة الذي يجب توفره في الابتكار محل الاختراع لا يشترط في الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهي ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقا لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعي، ويشترط أخيرا ألا يكون في الاختراع مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة. 

3 - إن القانون رقم 82 لسنة 2002 بنص المادة 12 وما بعدها قد أورد الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على براءة الاختراع يفحص براءة الاختراع وهي سند رسمي يخول مالكه دون غيره الحق في استغلال ما توصل إليه من ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي. 

4 - إن مكتب براءات الاختراع يفحص الطلب المقدم من طالب البراءة ومرفقاته للتحقق من توفر الشروط سالفة البيان "الواردة في المواد 1، 2، 3ق 82 لسنة 2002"، فإذا توفرت وروعيت في طلب البراءة أحكام المادتين 12، 13 من ذات القانون، قام المكتب بالإعلان عن قبول الطلب في جريدة براءة الاختراع بالطريقة التي تحددها اللائحة التنفيذية، ويجوز لكل ذي شأن الاعتراض على السير في إجراءات طلب البراءة ولا يتم الإعلان عن قبوله إلا بعد انقضاء سنة تبدأ من تاريخ تقديمه على النحو الوارد بنص المادة 19 من القانون سالف البيان. 

5 - إذ كان استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات للدعاية والإعلان لا تعدو عن كونها فكرة مجردة ينتفي عنها وصف الابتكار وتنحسر عنها الحماية التي قررها المشرع بالقانون سالف البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على اعتبار فكرة المطعون ضده الأول ذات طابع ابتكاري، ورتب على ذلك إلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، فإن يكون معيبا. 
------------ 
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم ... لسنة 4ق اقتصادية القاهرة ضد الشركة الطاعنة بطلب التعويض المناسب لما أصابه من أضرار مادية وأدبية- مع زيادته نظرا للتكرار– نتيجة لاستخدام الشركة الطاعنة الابتكار المسجل باسم المطعون ضده الأول بوزارة الثقافة بغير إذنه، على سند من القول من إن المطعون ضده الأول صاحب شركة دعاية وإعلان وأنه سجل أحد إعلاناته الابتكارية في مجال الدعاية والإعلان تحت رقم إيداع ... بتاريخ 3/7/2009 بوزارة الثقافة، وهو عبارة عن استغلال سواتر تغطية المباني تحت الإنشاء أو الترميم بوضع إعلان لسلعه على الساتر، وحيث فوجئ بأن الطاعنة قامت باستغلال هذه الفكرة بأن وضعت إعلانا لمنتجات أحد عملائها مشروب (...) على ساتر تغطية أحد العقارات، فكانت الدعوى. أدخلت الطاعنة الشركة المطعون ضدها الثانية للحكم عليها بالتعويض المطلوب، وبتاريخ 8/5/2013 قضت المحكمة بعدم قبول إدخال المطعون ضدها الثانية شكلا، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون رأت أنه جدير بالنظر، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الطاعن تعدى على حقوق الملكية الفكرية للمطعون ضده الأول بصفته واستغل فكرته الإعلانية بما يتحقق معه ركن الخطأ رغم خلو الأوراق مما يفيد تسجيل الطاعن لابتكاره في السجل المعد لذلك في مصلحة التسجيل التجاري وفقا لنص المادة 122 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، كما أن فكرة استخدام واستغلال السواتر لتغطية واجهات العقارات لا تعد وفقا لقانون الملكية الفكرية من الأعمال الفنية أو الأدبية أو العلمية، وبالتالي لا تتمتع بالحماية الفكرية، وإذ ألزم الحكم المطعون فيه الطاعن بصفته بالتعويض دون أن يتطرق إلى بيان عما إذا كانت فكرة المطعون ضده الأول ابتكارا مما تشملها الحماية القانونية من عدمه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك لأن الحقين من ثمرات الفكر والابتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافي طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته التي ترجع إلى أنه يقع على شيء غير مادي، فهو إذن حق عيني أصلي منقول، وأن النص في المواد 1، 2، 3 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 يدل على أن الشروط الواجب توفرها في الاختراع لمنح براءة تحميه هي أن ينطوي الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أي يكون جديدا، بمعنى أنه ينطوي على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعي المألوف، وأنه لم يكن معروفا من قبل بأن يكون المخترع الذي يطلب براءة الاختراع قد سبق غيره في التعريف بهذا الاختراع، وألا يكون سبق النشر عنه في أي بلد، فشرط الجدة المطلقة الذي يجب توفره في الابتكار محل الاختراع لا يشترط في الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلا للاستغلال الصناعي، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهي ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقا لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعي، ويشترط أخيرا ألا يكون في الاختراع مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة، وقد أورد القانون رقم 82 لسنة 2002 بنص المادة 12 وما بعدها الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على براءة الاختراع وهي سند رسمي يخول مالكه دون غيره الحق في استغلال ما توصل إليه من ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي، ويفحص مكتب براءات الاختراع الطلب المقدم من طالب البراءة ومرفقاته للتحقق من توفر الشروط سالفة البيان، فإذا توفرت وروعيت في طلب البراءة أحكام المادتين 12، 13 من ذات القانون، قام المكتب بالإعلان عن قبول الطلب في جريدة براءة الاختراع بالطريقة التي تحددها اللائحة التنفيذية، ويجوز لكل ذي شأن الاعتراض على السير في إجراءات طلب البراءة ولا يتم الإعلان عن قبوله إلا بعد انقضاء سنة تبدأ من تاريخ تقديمه على النحو الوارد بنص المادة 19 من القانون سالف البيان. لما كان ذلك، وكان استخدام السواتر لتغطية واجهات العقارات للدعاية والإعلان لا تعدو عن كونها فكرة مجردة ينتفي عنها وصف الابتكار وتنحسر عنها الحماية التي قررها المشرع بالقانون سالف البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على اعتبار فكرة المطعون ضده الأول ذات طابع ابتكاري، ورتب على ذلك إلزام الطاعنة بالتعويض المقضي به، فإن يكون معيبا بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

وحيث إنه إعمالا للمادة الثانية عشرة من قانون المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى، وكانت المحكمة قد انتهت على نحو ما سلف بيانه إلى انحسار الحماية المقررة بقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 عن فكرة المطعون ضده الأول موضوع الدعوى، ومن ثم تقضي المحكمة في الدعوى الأصلية رقم ... لسنة 4 اقتصادية القاهرة برفضها.