الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 نوفمبر 2014

امتداد اختصاص هيئة الرقابة الإدارية إلى ما يشوب اعمال مستشاري هيئة قضايا الدولة من مخالفات

لما كان البين من نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية انه "تباشر الرقابة الإدارية اختصاصها في الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاصة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر اعمالاً عامة ، وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأى وجه من الوجوه " . فغنه في صريح لفظه وواضح دلالته ، قد حدد المشرع الأشخاص الذين تباشر الرقابة الإدارية اختصاصاتها بالنسبة لهم ـ دون غيرهم ـ وانه ينطبق على فئة من الأفراد معينة بأوصافها لا بذواتها ، هم موظفي الجهاز الحكومي وفروعه والهيئات العامة والمؤسسات والشركات التابعة لها والجمعيات العامة والخاضعة وأجهزة القطاع الخاص التي تباشر أعمالاً عامة ، وكذلك جميع الجهات التي تسهم الدولة فيها بأى وجه من الوجوه . لما كان ذلك وكان رجال السلطة القضائية ـ طبقاً للدستور ـ ليسوا من موظفي الجهاز الحكومي وفروعه ، ونص الدستور في المادة 165 وما بعدها في الفصل الرابع من الباب الخامس تحت مسمى السلطة القضائية على ان "السلطة القضائية مستقلة " ونصت المادة 168 على أن "القضاة غير قابلين للعزل ، وينظم القانون مساءلتهم تأديباً " . ثم جاء قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار رقم 46 لسنة 1972 ، ونص في المادة 67 منه على أن رجال القضاء غير قابلين للعزل ، ونص في الفصل التاسع من الباب الثاني على كيفية مساءلة القضاة تأديبياً في المواد من 93 الى 115 ومنها ما تضمنه نص المادة 96 من عدم جواز اتخاذ اى اجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي او رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية او جنحة ، إلا باذن من اللجنة المذكورة وبناء على طلب النائب العام . كذلك نص الدستور في المادة 172 منه على أن " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة " . ونص ايضاً في المادة 174 منه على أن "المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة " . . ثم جاء قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 ونص في المادة 91 منه على "عدم قابلية أعضاء المجلس للعزل وعلى سريان الضمانات التي يتمتع بها القضاة على اعضاء المجلس وأن تكون الهيئة المشكل منها مجلس التأديب هي الجهة المختصة في كل ما يتصل بهذا الشأن ". ونص في المواد من 112 حتى 120 على كيفية مساءلة اعضاء المجلس تأديبياً . كما صدر القانون رقم 48 لسنة 1979 في شأن المحكمة الدستورية العليا ونص في المادة 11 منه على "عدم قابلية اعضاء المحكمة للعزل " ثم نص في المدتين 19 ، 20 على كيفية مساءلة اعضاء المحكمة تأديبياً وناط بذلك الى الجمعية العامة للمحكمة وخول لها اختصاصات اللجنة المنصوص عليها في المادتين 95 ، 96 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 واختصاصات مجلس التأديب المنصوص عليها في المادة 97 من القانون آنف البيان ، ثم نص في عجز المادة 20 من قانون المحكمة الدستورية العليا على سريان جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة لمستشاري النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية على اعضاء المحكمة الدستورية ، وذلك فيما لم يرد به نص . ومفاد ما سلف ايراده ان القضاة ليسوا فوق المساءلة ، وانما حدد المشرع الدستوري والقانوني هذه القواعد حرصاً على استقلال القضاء وحصانته ومواجهة الكيدية وخطر التعسف أو الحكم مما يعصف بمبدأ استقلال القضاء ويفرغ الحصانة القضائية من مضمونها . ومن ثم ، فإن اختصاص الرقابة الإدارية طبقاً لنص قانونها القائم مقصور على موظفي الجهات المبينة بنص المادة الرابعة من القانون سالف الذكر ، وانحسار اختصاصها عن مراقبة القضاة والكشف عن المخالفات التي تقع منهم اثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم او بسببها والتي تخضع للقواعد المنصوص عليها في القاونين آنفة البيان بالإضافة الى قانون الإجراءات الجنائية . لكن مدلول القضاة ـ وفق ما سلف بيانه ـ وفي مقام الحصانة وضمانات الحيدة والإستقلال ، هم الذين يمسكون بزمام العدالة وينفردون على وجه الإستقلال بالفصل في القضايا على اسس موضوعية ووفقاً لقواعد اجرائية تكون منصفة في ذاتها بما يكفل الحماية الكاملة لحقوق من يلوذون بها . وهؤلاء حددهم الدستور وحصرهم في محاكم جهتى القضاء العادي والإداري والمحكمة الدستورية العليا . لما كان ذلك ، وكان الطاعن ـ وهو يعمل مستشاراً بهيئة قضايا الدولة ـ لا يعد قاضياً بالمفهوم آنف البيان ، اذ لا ولاية له في الفصل في أقضية الأفراد ، أو الأفراد والدولة بأحكام قضائية حدد المشرع طرق الطعن عليها . وإنما ناط به المشرع في المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 ـ في شأن قضايا الدولة ـ الإنابة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة ، فيما يرفع منها او عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً . ولا يقدح في ذلك ، ما أورده المشرع في المادة الأولى من قانون هيئة قضايا الدولة آنف البيان بالنص على أن "هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل " ذلك ان العبرة في هذا المقام هي بتحقق الحصانة وضمانات الحيدة والإستقلال الواردة بالدستور وقوانين انشاء هذه الهيئات . وكان الثابت من قانون هيئة قضايا الدولة المار بيانه انه نص في المادة 6 مكرراً منه على انه "لا يجوز اجراء تحقيق جنائي مع عضو الهيئة الا بمعرفة احد اعضاء النيابة العامة ، وفي غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على عضو الهيئة او حبسه أو رفع الدعوى الجنائية الا بأمر من المحامي العام المختص مع اخطار الهيئة بذلك " . وهذه الضمانات التي أوردها المشرع في هذا القانون هي ذات الضمانات المقررة للمحامين في المواد 49 ،50 ، 54 من قانون المحاماه رقم 17 لسنة 1983 ، كما تضمنت المادة آنفة البيان ذات القيد الوارد في المادة 63/3 من قانون الإجراءات الجنائية بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف العام ومن في حكمه اذا ما ارتكب الجريمة ـ جناية او جنحة ـ أثناء تأدية اعمال وظيفته او بسببها ، لغير النائب العام او المحامي العام او رئيس النيابة العامة . ومن ثم ، فإن الطاعن على ضوء ما تقدم يعد من الموظفين العموميين ، وليس من أعضاء السلطة القضائية والتي ناط بها الدستور والقانون النظر في الخصومات وإصدار الأحكام بشأنها ، وهو جوهر ما تتولاه المحاكم والقضاة المستقلين القائمين عليها . ومن ثم ، فلا ينحسر عنه اختصاص هيئة الرقابة الإدارية بالتحري عما يشوب اعماله من مخالفات ، شانه في ذلك شان كافة من ورد ذكرهم في المادة الرابعة من قانون هيئة الرقابة الإدارية آنف البيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وإن اورد بعض التقريرات القانونية الخاطئة بشان الحصانة القضائية ، الا انه وقد انتهى في اسبابه برفض دفاع الطاعن بانحسار اختصاص هيئة الرقابة الإدارية عن أعماله يكون سديداً
(الطعن رقم 4144 لسنة 75 ق جلسة 20/2/2007)

الطعن رقم 18793 لسنة 83 ق جلسة 11/ 3 / 2014

باســــــــم الشعــــــــــــــب
محكمـــة النقـــض
الدائرة الجنائيــــة
الثلاثاء ( ج )
ــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / أحمد عبد الباري سليمـان        " نـــائـــب رئيس المحكمــة "
وعضويــــــة السادة المستشارين  / أسامة توفيق عبد الهادي   و   مجـــــدى عبــــــد الحليــــــــــم    
                                   إبراهيــــــــــم عبــــــــد اللـــــــــه      " نـــواب رئيس المحكمـــــة "
                                وإيهاب علـــــى خليف                           
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عبد السلام .
وأمين السر السيد / سمير عبد الخالق.
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
فى يوم الثلاثاء 10 من جمادى الأولى سنة 1435 هـ الموافق 11 من مارس سنة 2014 م .
أصدرت الحكم الآتـــي :
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقـــم 18793 لسنة 83 القضائية .
المرفوع من
............                                            " المحكوم عليه "
ضـــــــد
النيابـــــــــــــــــــــــــة العامـــــــــــــــــــــــة
        اتهمت النيابة العامة الطاعن فى قضية الجناية رقم 338 لسنة 2011 مركز التل الكبير ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 192 لسنة 2011 ) . بأنه فى غضون سنة 2009 بدائرة قسم العرب ومركز التل الكبير – محافظتي بورسعيد والإسماعيلية . هتك عرض / ......... بالقوة بأن ادعى بقدرته على علاجها بالقرآن الكريم من حالة نفسية اعترتها استغلها فى ارتياد مسكنها مرات عدة إحداها بشهر رمضان المعظم طالباً منها عدم ارتداء ملابسها الداخلية وأصَّر على الاختلاء بها بغرفة نومها وفيها مارس عليها طقوساً من التمتمة بكلمات وقراءات وإشعال البخور بكثافة مرسخاً لديها يقينياً بإصابتها بمس شيطاني سكن مواطن العفة منها مما كان له أبلغ الأثر فى سلب إرادتها وشل مقاومتها بما مكَّنه من تحسس صدرها وفخذيها وفرجها الذى أولج فيه هاتفه المحمول واحتضنها مراوداً إياها عن نفسها حال كونه ممن لهم سلطة عليها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . 
وأحالته إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجنى عليها / ........ مدنياً قبل المتهم بأن يؤدى لها مبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 14 من مايو سنة 2013 عملاً بالمادتين 267/2 ، 268/1، 2 من قانون العقوبات أولاً :ــــــ بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليه . ثانياً / بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن الأستاذ / ........ المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 22 من يونيه سنة 2013 .
وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن الأولي فى 4 من يوليه سنة 2013 موقع عليها من الأستاذ / ........ المحامي ، والثانية فى ذات الشهر والعام موقع عليها من الأستاذ / ........ المحامي والثالثة بذات التاريخ موقع عليها من الأستاذ / ........ المحامي .
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض المجنى عليها بالقوة حال كونه ممن له سلطة عليها قد شابه فساد فى الاستدلال ، وخالف القانون ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه عول فى الإدانة على شهادة المجنى عليها برغم ما تمسك به الدفاع من بطلانها لأنها مصابه بمرض نفسى ، ودون أن يعنى بتحقيق هذا الدفاع بواسطة المختص فنياً وبرغم ما قدمه من مستندات تدليلاً على صحته ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع الأول عن الطاعن قال أن المجنى عليها قررت بالتحقيقات بأنها كانت مخطوبة منذ خمس سنوات وكانت تشكو من حالة نفسية وذهبت إلى أطباء كثيرة لعلاج هذه الحالة ثم قدم حافظتي مستندات قرر أنها تضم رأى طبيب نفسى وشرعي يفيد عدم التعويل على رواية المبلغة لأنها مصابة بهلاوس ، كما أضاف الرابع دفعاً ببطلان أقوال المجنى عليها للمرض النفسي ، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى وعول فى قضائه بالإدانة – من بين ما عول عليه – على أقوال المجنى عليها ، أورد منها فى مدوناته أنه تم فسخ خطوبتها فساءت نفسيتها فلجأت للمتهم بعد أن قرر لها الأطباء عدم وجود مرض عضوي بها ، وأضافت بأنه كان يطلب منها ارتداء قمصان النوم المثيرة ويشترط الاختلاء بها بحجرة نومها .... وقام بإطلاق البخور والنفخ فى وجهها حتى تفقد وعيها وقام باحتضانها وبملامسة مواطن عفتها وقام بوضع هاتفه المحمول بفرجها بعد رفضها وضع أصابعه داخل فرجها، وأفهمها أنه قام بعمل ربط لها بحيث لا تستطيع الزواج بغيره.... وكانت تخاله متواجداً معها بحجرتها وتصاب بالصداع لا يزول إلا بالذهاب إليه ورؤيته ولو من بعيد. لما كان ذلك ، وكانت المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التميز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر " ، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفى عن الأقوال التي يدلى بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة ، وإذ كان الطاعن قد طعن ببطلان أقوال المجنى عليها للمرض النفسي بيد أن المحكمة قعدت عن بحث إدراكها العام أو خصائص إرادتها استيثاقا من قدرتها على تحمل الشهادة وقت ادائها لها وعولت على شهادتها فى قضائها بالإدانة ، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال معيباً بمخالفة القانون ، ولا يغنى عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى ، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأي الذى انتهت إليه المحكمة أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم ، بما يتعين معه إعادة النظر فى كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، لما كانت المادة الأولى الواردة فى الباب الأول من القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي والمعمول به اعتباراً من 14 من مايو سنة 2009 ، قد نصت على أنه " فى تطبيق أحكام هذا القانون ، يقصد بالكلمات والعبارات الآتية المعاني المبينة قرين كل منها :- أ - .... ب- المريض النفسي الشخص الذى يعانى من اضطراب نفسى " عُصابي " أو عقلي " ذُهاني " ج – الاضطراب النفسي أو العقلي : هو اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية ولا يشمل الاضطراب النفسي أو العقلي من لديه فقط الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسى أو عقلي واضح ، د ، هـ ، و ، ز ، ح – ط " ، فإن مفاد هذا النص فى واضح عبارته وصريح دلالته ، وعنوان الفصل الذى وضع فيه – فى شأن نطاق تطبيق القانون وتعريفاته – أن المريض النفسي هو الإنسان الذى يعانى من اضطراب نفسى " عُصابي " أو عقلي " ذُهاني " ولا يعتبر مريض نفسى من يعانى فقط من الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسى أو عقلي واضح ، ومن ثم فإن تحديد ماهية المريض النفسي وصولاً إلى عدم تكامل أهليته أو تكاملها لأداء الشهادة يعتبر من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها ، بل يتعين عليها تحقيقها عن طريق المختص فنياً ، ولما كان من المقرر أن الأصل فى الشهادة هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز ، إذ أن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها ، ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبى أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أثار بأسباب طعنه بأن المحكمة لم تفطن لدفاعه المؤيد بالمستندات والقائم على عدم التعويل على رواية المجنى عليها لأنها مصابه بهلاوس ومرض نفسى ، وكان ملف الطعن قد تتضمن إفادة من نيابة الإسماعيلية الكلية تفيد حرق الحوافظ والمستندات المقدمة بالكامل وأن جوانب القضية والتحقيقات قد تم حرقها وذلك فى أحداث حريق مجمع المحاكم بالإسماعيلية فى 14/8/2013 ، وحتى لا يضار – الطاعن – لسبب لا دخل لإرادته فيه – فإنه لا يكون فى وسع هذه المحكمة – محكمة النقض – أن تصدقه بقوله فى قيام هذا الدليل فى الأوراق ولم تفطن له المحكمة ولم تعرضه ولم تُدل المحكمة برأيها فيه ، رغم كونه دفاعاً جوهرياً فى صورة الدعوى ومؤثراً فى مصيرها إذ قد يترتب على تحقيقه تغير وجه الرأي فيها ، فقد كان يتعين عليها أن تتخذ ما تراه من وسائل تحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها ، وذلك عن طريق المختص فنياً – الطبيب النفسي – أما وهى لم تفعل ذلك فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني فى مسألة فنية ، ولا يقدح فى هذا الشأن أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة ، ذلك بأن إثارة هذا الدفاع – فى خصوص الواقعة المطروحة – يتضمن فى ذاته المطالبة الجازمة بتحقيقه أو الرد عليه ، لما كان ما تقدم ، فإن الحكم يكون قد فسد استدلاله بتعويله على تلك الشهادة فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الطاعن فى الدفاع ومخالفة القانون ، مما معه يتعين نقضه والإعادة ، بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير من أوجه الطعن .              
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة / بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.

أمين الســـر                                                     نائب رئيس المحكمة

الطعن 20221 لسنة 83 ق جلسة 12/5/2014

باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائـــرة الجنائيــة
دائرة الاثنين ( ج )
-----
      برئاســة السيد القــاضـي/ زغــــــلـــــول البـــــلشـــــــــي        نـائب رئيـس الــمـحـكــمــة
     وعضوية السادة القضاة / مـــــهــــــاد خلــيـــــــفــــــــة   و   علي نور الدين الناطوري
                              ومــحـــمـــود عـــــــاكــــــــف        نـواب رئيـس الــمــحــكــمـة
ويـاســــــر جـــمــيـــل
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / إسلام منصور .
وأمين السر السيـد / حنا جرجس .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 13 من رجب سنة 1435 هـ الموافق 12 من مايو سنة 2014م .
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 20221 لسنة 83 القضائية .
المرفوع من
.......................                                             " محكوم عليهم "
ضــــــد
 النيـابــة العـــامــــة
ومنها ضــــــد
..............                                                    " مطعون ضده "

" الوقــائــع "

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين في قضية الجناية رقـم 2193 لسنـة 2012 قسم ثان أكتوبر (المقيدة بالجدول الكلي برقم 2492 لسنة 2012 جنوب الجيزة) بأنهم في يوم 12 من مارس سنة 2012 - بدائرة قسم ثان أكتوبر - محافظة الجيزة :
1- سرقوا ملفات القضايا أرقام 1273 ، 1249 ، 1253 ، 1157 لسنة 2012 جنح قسم ثان أكتوبر المملوكة للنيابة العامة وكذا الهاتف الجوال لـ/ ......." سكرتير نيابة قسم ثان أكتوبر " وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استوقفوه بالطريق العام حال عودته إلى سراي النيابة من جلسة نظر تجديد حبس المتهمين فى تلك القضايا بمحكمة أكتوبر وأشهر المتهم الأول فى وجهه سلاحًا ناريًا " بندقية آلية " مهددا إياه بالقتل إن لم يمتثل لأوامره بتسليمهم القضايا سالفة الذكر وما أن رفض حتى ضربه الثاني بسلاح أبيض " مطواة " فلم يمتثل لطلبهم فألقوه عنوة إلى داخل سيارتهم وفروا بها هاربين وقد ترك ذلك الإكراه أثر جروح والموصوفة بالتقرير الطبي المرفق وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شلِّ مقاومته والاستيلاء على المنقولات سالفة الذكر حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة ليشدوا من أزرهما.
2- قبضوا على المجنى عليه سالف الذكر واحتجزوه داخل السيارة قيادتهم وحرموه من حريته فترة من الزمن هددوه خلالها بالقتل وذلك بدون أمر أحد الحكام المختصين وفى غير الأحوال التى تصرح فيها القوانين واللوائح .
3- استعملوا القوة والعنف والتهديد مع المجني عليه سالف الذكر حال كونه موظفًا عامًا "سكرتير نيابة قسم ثان أكتوبر " لحمله بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو الحفاظ على ملفات القضايا آنفة البيان بأن أشهر المتهم الأول فى وجهه سلاحًا ناريًا " بندقية آلية " وهدده بالقتل وضربه الثاني بسلاح أبيض " مطواة " فأحدثوا إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق لإجباره على تسليمهم تلك القضايا لكونهم من ضمن المتهمين فيها وقد بلغوا بذلك مقصدهم حال حمل المتهمين الأول والثاني للأسلحة سالفة.
4- استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف والتهديد ضد المجني عليه سالف الذكر وذلك بقصد ترويعه وتخويفه بإلحاق أذى مادي به للتأثير فى إرادته بغرض السطوة عليه وإرغامه على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو الحفاظ على ملفات القضايا التي أوكل بحفظها بأن أشهر المتهم الأول فى وجهه سلاحًا ناريًا " بندقية آلية " مهددًا إياه بإزهاق روحه مطلقًا منه عيارًا ناريًا في الهواء ليحول دون نجدته وضربه الثاني بسلاح أبيض " مطواة " فأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي المرفق حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة ليشدوا من أزرهما قاصدين من ذلك تعطيل تنفيذ القوانين بسرقة تلك القضايا المتهمين فيها وقد كان من شأن ذلك الفعل والتهديد إلقاء الرعب فى نفس المجني عليه وتعريض حياته وسلامته للخطر حال حملهم للأسلحة السالف
بيانها وقد ارتكبت الجرائم محل الاتهام السابق بناء على ارتكابهم لتلك الجريمة .
5- المتهم الأول: أ- أحرز سلاحًا ناريًا مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .
ب - أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصًا له فى حيازته أو إحرازه .
6- المتهم الثاني: أحرز سلاح أبيض " مطواة قرن غزال " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.     
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا للأول والثاني والرابع والخامس وغيابيًا للثالث والسادس في 13 من فبراير سنة 2013 عملاً بالمواد 137 مكرر أ/1-2 ، 151 ، 152 ، 280 ، 282 ، 314 ، 315 ، 375 مكرر ، 375 مكرر أ/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 2 ، 6 ، 25 مكرر/1 ، 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والبند رقم (5) من الجدول رقم "1" والبند (7) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول المعدل ، مع إعمال المادة 32 من القانون الأول بالنسبة للمتهمين الأول والثاني بمعاقبة كل منهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه.
فقرر المحكوم عليهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض الأول في 28 من فبراير سنة 2013 ، والرابع في 5 من مارس سنة 2013 ، والخامس في 24 من مارس سنة 2013 ،  ووكيلة المحكوم عليه الثاني في 11 من إبريل سنة 2013 والمحكوم عليه الثاني بشخصه في 14 من يوليه سنة 2013 ، وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن الأولى في 4 من إبريل سنة 2013 عن المحكوم عليه الأول موقــع عليها من ..... المحامي ، والثانية والثالثة في 11 من إبريل سنة 2013 ؛ أولاهما عن المحكوم عليهم الأول والرابع والخامس موقع عليها من عبد العزيز محمد الجيار المحامي ، وثانيهما عن المحكوم عليه الثاني موقع عليها من .... المحامي .
كما قررت النيابة العامة بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 9 من إبريل سنة 2013 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقع عليها من محامٍ عامٍ بها . 
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
أولاً: بالنسبة للطعن المقدَّم من المحكوم عليهم ....:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون ، ومن ثم تعين قبوله شكلاً .
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ، بالطريق العام ، حالة كون اثنين منهم يحملان أسلحة ، والقبض على المجني عليه وحجزه في غير الأحوال المنصوص عليها في القانون ، واستعمال القوة والعنف مع موظف عام لحمله على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته . ودان الطاعن الأول أيضًا بإحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " لا يجوز الترخيص بها ، والطاعن الثاني أيضًا بإحراز سلاح أبيض " مطواة قرن غزال " دون ضرورة - شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وران عليه الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى ، وأدلة الثبوت عليها ومؤداها ، والتفت عن الدفع بانتفاء أركان الجريمة ، وعوَّل على أقوال الضابط وشهود الإثبات رغم تناقضها ، وأحال فى بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني رغم الخلاف بينهما ، وعوَّل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ، وعدم صلاحيتها دليل إدانة ، وأورد بمدوناته أن الحادث وقع الساعة 4:15 مساء يوم 12/3/2013 على خلاف الثابت فى الأوراق من أنه كان الساعة الواحدة ظهرًا ، والتفت الحكم عن المستندات المقدمة من الطاعن الثالث ودلالتها على عدم تواجده على مسرح الجريمة ، كما التفت عن الدفع ببطلان اعترافات الطاعنين لكونها وليده إغراء ، وقضى بالإدانة دون سماع شهود الإثبات ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه وأثناء عودة المجني عليه - سكرتير نيابة قسم ثان أكتوبر - إلى سراى النيابة بعد حضور الجلسة بمحكمة قسم ثان أكتوبر ومعه القضايا أرقام 1273 ، 1249 ، 1253 ، 1157 لسنة 2012 جنح قسم ثان أكتوبر ، مستقلاً السيارة قيادة الشاهد الثاني وبرفقته الشاهد الثالث ، اعترض الطاعنون طريقهم بسيارة كانوا يستقلونها، وأشهر الطاعن الأول في وجهه بندقية آلية وأجبره على النزول من السيارة
مهددًا إياه بإطلاق النار عليه إن لم يمتثل، ولما حاول المجني عليه مقاومته تعدى عليه الطاعن الثاني بمطواة قرن غزال كان يحملها ، فأوقعوا الرعب والخوف في نفسه وشلُّوا مقاومته وأجبروه على ركوب سيارتهم وانطلقوا به ، ثم ألقوا به في الطريق بعد أن استولوا منه على القضايا المذكورة وهاتفه المحمول ولاذوا بالفرار . وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات ، ومن أقوال ضابط المباحث وتحرياته ، ومن تقرير الأدلة الجنائية ، وهي أدلة سليمة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد الحكم مؤدى أدلة الإثبات على نحو كاف يتحقق به حكم القانون ، ولما كان ذلك ، وكان فيما أورده الحكم فيما تقدَّم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . ولما كانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله ، أو تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، ومادام لم يركن إلى تلك التفصيلات في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون في غير محله . ولما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، هذا إلى أنه يتعين أن يكون وجه الطعن واضحًا محددًا ، ولما كان الطاعنون لم يكشفوا عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الثالث مع أقوال الشاهد الثاني في الوقائع موضوع الشهادة ، وجاءت عبارتهم في هذا الشأن مرسلة مبهمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، مادامت قد اطمأنت إلى جديتها وصحتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان الاختلاف على وقت وقوع الجريمة على النحو المشار إليه بأسباب الطعن - بفرض حصوله - لا أثر له في عقيدة المحكمة ، ولا في منطق الحكم واستدلاله ، فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . ولما كان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دلـيـل الـنـفـي ولـو حمـلـته أوراق رسـمـية مادام يـصـح فـي العـقـل والـمـنـطـق أن يكـون غـيـر مـلـتـئـم مـع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن الثالث للتدليل على عدم تواجده على مسرح الجريمة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعترافات المدعى ببطلانها ، وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وتقرير الأدلة الجنائية ، فإنه لا محل لهذا الوجه من الطعن . ولما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُلِيَت ، ولم يثبت أن الطاعنين قد اعترضوا على ذلك ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلَب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ثانيًا: بالنسبة للطعن المقدَّم من النيابة العامة:                 
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة في القانون ، ومن ثم تعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتي السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ، وإحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص به ، خالف القانون وأخطأ تطبيقه ؛ ذلك بأن الحكم أعمل في حق المطعون ضده ما يقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات ، إلا أنه لم يُنزِل عليه عقوبة الجريمة الأشد وهى عقوبة إحراز السلاح الناري المششخن " بندقية آلية " الذي لا يجوز الترخيص به . لما كان ذلك ، وكان معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل ، وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور ، هو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة ، دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه ، وهى مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح من الداخل بواسطة أحد المختصين فنيًا ، لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة ، حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق ، وتطبيق القانون على الوجه الصحيح ، فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن المطعون ضده كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة ، أو ضبط مظروف فارغ عيار 7,62× 39 مما تستخدم على هذه البنادق . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده بجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ، بالطريق العام ، وإحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " لا يجوز الترخيص به ، وعاقبة بالمادتين 314 ، 315 من قانون العقوبات، والمواد 1/1 ، 2 ، 6 ، 25 مكرر/1 ، 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق به، وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط ، ولم يجر فحصه فنيًا ، ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المششخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور ، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ المطعون ضده بالقدر المتيقن في حقه ، وهو أنه كان يحرز سلاحًا ناريًا ، ويعاقبه بالمادة 26 من القانون سالف الذكر ، والجدول رقم (2) الملحق به ، ولما كان الحكم المطعون فيه أنه خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ تطبيقه ، مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق المطعون ضده ما تقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن المشدد خمس سنوات ، وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة لسرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات ، وهى الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا جدوى من النقض والإعادة ، ويكون الطعن المقدَّم من النيابة العامة على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .        
  فلهـذه الأسبــــاب
        حكمت المحكمة: بقبول الطعن المقدَّم من المحكوم عليهم والنيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضهما .

أمين الســـــــــــر                                                               رئيس الدائــــــــــرة   

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

الطعن 1565 لسنة 81 ق جلسة 7 / 10 / 2012

بـاسم الشعــب

محكمــة النقــض

الدائـــرة الجنائيــة

الأحــد ( ج )

ــــــــــ

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / سمـــير مصطفى                   نائب رئيـس المحكمـة
وعضوية السادة المستشاريـن  / ناجي عبد العظيـم       و      سعــيد فنجــــري    
                           وصفوت أحمد عبد المجيد       و      ســــيد حـــامـد
                                                " نواب رئيس المحكمة "

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد حسن .  

وأمين السر السيد / هشام موسى إبراهيم .             

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة .

في يوم الأحد 21 من ذي القعدة سنة 1433 هـ الموافق 7 من أكتوبر سنة 2012 م .

أصدرت الحكم الآتي :ـ

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1565 لسنة 81 القضائية .

المرفــوع مـــن :

1 – .................

2 – .........................                                  " محكوم عليهما "

ضـــــد

النيابـــة العامـــة

" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 7540 لسنة 2009 مركز كفر الشيخ (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 930 لسنة 2009 ) بأنهما في يوم 13 من يناير لسنة 2009 بدائرة مركز كفر الشيخ – محافظة كفر الشيخ :-
1 - قتلا ............ عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعدا لذلك سلاح أبيض " بلطة " وآخر ناري " فرد خرطوش " وأدوات "حبال" واستدرجاه إلى بقعة نائية ، حيث أوثقاه وهدداه بالسلاح الناري ثم انهالا عليه ضرباً بالسلاح الأبيض المذكور وأضرما النيران فيه فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخريات سبقتها ، أولهن : أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبلغ المالي المبين مقداره بالتحقيقات والمملوك للمجني عليه وكان ذلك ليلاً حال حملهما لأسلحة ظاهرة ، وثانيهن أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر هتكا عرض المجني عليه بالقوة وتحت وطأة تهديد السلاح بأن قام ثانيهما بحسر ملابسه عنه وحك قضيبه في دبره حال كون الأول على مسرح الجريمة يشد من أزره ، وثالثهن أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وضعا النار عمداً بمكان معد للسكنى هو عشه خفراء مملوكة لمديرية الزراعة بكفر الشيخ بأن أشعلا النار في مكوناتها من أخشاب وقش باستخدام مصدر حراري ذو لهب مكشوف " قداحة " فحدث الحريق المبين آثاره بالتحقيقات والذي أودى بحياة المجني عليه .
2 – حازا بغير ترخيص سلاح ناري غير مششخن " فرد خرطوش صناعة محلية " .
3 – حازا ذخائر " عدد اثنين طلقة " مما تستعمل على السلاح الناري موضوع الوصف السابق دون أن يكون مرخص لهما في حيازتها .
4 – حازا بغير ترخيص أو مسوغ من ضرورة حرفية أو مهنية سلاح أبيض " بلطة".
وأحالتهما إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 3 من نوفمبر لسنة 2010 ، بإحالة أوراق الدعوى لفضيلة المفتي لإبداء الرأي فيما نسب للمتهمين ، وحددت جلسة 6 من ديسمبر لسنة 2010 للنطق بالحكم وفيها قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة 8 من ديسمبر لسنة 2010 .
وبتلك الجلسة قضت المحكمة المذكورة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 234/2 ، 252/1 ، 257 ، 268/1 ، 316 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 25 مكرر/1، 26/5،1 ، 30/1 من القانون رقم 394 والبند رقم " 7 " من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول ، وتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً ومصادرة السلاح الناري المضبوط والذخيرة والسلاح الأبيض وإحالة الدعوى المدنية على المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في 11 ، 12 من ديسمبر سنة 2010 ، وأودعت مذكرتان بأسباب طعن المحكوم عليهما في 7 من فبراير لسنة 2011 الأولي للمحكوم عليه الأول موقع عليها من الأستاذ / .............. المحامي ، والثانية للمحكوم عليه الثاني موقع عليها من الأستاذ / ............. المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ الثامن من ديسمبر سنة 2010 بالإعدام شنقاً ، ومصادرة السلاح والذخيرة ، فقرر المحكوم عليهما بالطعن عليه في الميعاد ، إلا أنهما لم يُقدما أسباباً لطعنهما ، إلا بتاريخ السابع من فبراير سنة 2011 ، بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ، في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الثابت من ملف الطعن أنه قام عذر هو انقطاع العمل بالمحكمة – حسب الشهادة المُقدمة – نتيجة الأحداث المواكبة لثورة 25 يناير سنة 2011 ، حال دون تقديم الأسباب في الميعاد، وبادر الطاعنان بتقديمها فور زوال المانع موقعاً عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض، فإن طعنهما يكون مقبول شكلاً .
من حيث إن النيابة العامة ، وإن عرضت القضية على محكمة النقض دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يُستدل منه على أنه روعي في عرضها الميعاد المُقرر بالمادة 34 سالفة الذكر ، إلا أن تجاوز هذا الميعاد ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتستبين من نفسها – دون أن تتقيد بالرأي الذي انتهت إليه النيابة في عرضها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبوله .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه والطاعن الثاني بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجرائم السرقة ليلاً مع التعدد وحمل السلاح ، وهتك العرض بالقوة والحريق العمد ، كما دانهما بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص وإحراز سلاح أبيض بغير مقتض قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن رد بما لا يصلح على دفعه ، بانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض نفسي وقت ارتكابه ما نسب إليه من جرائم ، وعلى دفاعه بطلب عرضه على أهل الخبرة لفحص حالته العقلية وتحديد مسئوليته عن الجريمة ، وعلى الدفع ببطلان اعترافه لكونه كان في حال سكر أفقده شعوره وإدراكه ، لتناوله حبوب مخدرة مع الطاعن الثاني والمجني عليه ، بدلالة ما كشف عنه تقرير الصفة التشريحية للأخير من العثور بعينة الدماء على عقار الديازيبام أحد مشتقات البنزوديازيبين ، والتفتت المحكمة عن طلب إعادة سماع شهود الإثبات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعات الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ومن بينها اعتراف الطاعن الأول بتحقيقات النيابة ، حصل دفع الطاعن الأول بانتفاء مسئوليته لإصابته بمرض نفسي وقت اقتراف الجريمة ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع بعدم مسئولية المتهم الأول عن أفعاله لإصابته بحالة ذهول متقطع واكتئاب وجداني ... فمردود بأن من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور التي تستقل بها هذه المحكمة وهي غير مُلزمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة في هذا الشأن ما دامت قد وضحت لديها الدعوى ، وكان المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هو المرض الذي من شأنه أن يُعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية " ، ورد الحكم على طلب الدفاع بعرض المتهم على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بقوله : " أن اعتراف المتهم يتفق وماديات الدعوى، وأن مسلكه قبل وأثناء المحاكمة يدل على سلامة قوة العقلية ، فضلاً على أنه لم يقدم شهادة طبية دالة على المرض ". لما كان ذلك ، وكان قد صدر القانون رقم 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونُشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 من مايو سنة 2009 ، والذي استبدل بنص المادة 62 من قانون العقوبات النص الآتي : " لا يُسأل جنائياً الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيا كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه ، ويظل مسئولاً جنائياًَ الشخص الذي يُعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره ، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة " ، ومن ثم فإن القانون رقم 71 لسنة 2009 سالف البيان - والذي أضاف إلى موانع المسئولية " الاضطراب النفسي للمتهم " إذا أفقده الاختيار أو الإدراك - هو الساري وقت اقتراف المتهم للواقعة . لما كان ذلك ، فإن دفاع الطاعن بأنه كان في حالة اضطراب نفسي وقت الجريمة يكون دفاعاً جوهرياً في خصوص هذه الدعوى ، إذا صح امتنع عقابه عن الفعل المسند إليه ، وإذ أسست المحكمة قضاءها برفض هذا الدفع على سريان المادة 62 عقوبات – غير المنطبقة على الواقعة – فإن حكمها يكون قد تعيب بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان . لما كان ذلك ، وكان تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية ، إن كانت في الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها ، إلا إنه كان يتعين عليها ليكون قضائها سليماً أن تُعين خبيراً للبت في هذه الحالة ، وجوداً وعدماً ، لما يترتب عليها من قيام أو امتناع عقاب المتهم ، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد في القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضائها برفض هذا الطلب، وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم ، أن قواه العقلية والنفسية سليمة ، ولما كان ما تساند إليه الحكم في تبرير رفض طلب الطاعن إلى طلبه فحص حالته العقلية بمعرفة المختص فنياً ، لا يُسوغ ما انتهى إليه في هذه الشأن ، ذلك أنه لا يصح أن تُقيم قضائها على مجرد قول مرسل ، بغير دليل تستند إليه ، إذ إن عدم تقديم الطاعن لشهادة طبية تفيد مرضه ، واعترافه ، وموقفه أثناء المحاكمة كل ذلك لا يدل بذاته – في خصوص الدعوى المطروحة – على سلامة الطاعن وقت ارتكاب الجريمة ، ومن ثم فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائماً على أساس سليم أن تُحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنياً للبت في حالة الطاعن العقلية والنفسية في وقت وقوع الفعل أو ترد عليه بما ينفيه بأسباب سائغة ، أما وهي لم تفعل اكتفاءً بما قالته في هذا الشأن فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بأنه كان في حالة سكر في الوقت الذي صدر فيه اعترافه لتناوله والطاعن الثاني حبوباً مخدرة مع المجني عليه ، وقد جاء بتقرير الصفة التشريحية للأخير أنه عُثر بالعينات الحشوية للمجني عليه ودمائه على عقار الديازيبام أحد مشتقات البنزوديازيبين واقتصر الحكم في الرد على هذا الدفع على قوله : " لما كان المتهمان قد ضبطا في اليوم التالي لارتكابهما الواقعة الأمر الذي يكون معه قد زال آثار المخدر المقول بتناوله ويكون الاعتراف قد جاء والمتهمين في حالة وعى كامل ، وتأخذ معه المحكمة بهذه الاعتراف الأمر الذي يكون معه الدفع على غير سند جدير بالرفض " . لما كان ذلك ، وكان يتعين أن يكون الاعتراف صادراً عن إرادة مميزة وحرة ، فإذا ثبت أن المتهم كان يُعاني من نوبة جنون أو كان سكراناً فلا قيمة لاعترافه ، وقاضي الموضوع هو المنوط بالقول بانتفاء التمييز وما يترتب عليه من إهدار قيمة الاعتراف ، وكان الحكم على الرغم أنه عول على اعتراف الطاعن في إدانته إلا أنه اقتصر في الرد على هذا الدفع على مطلق القول بأن الاعتراف في اليوم التالي لتناول المخدر ، ومن ثم فإنه قد زال أثر تناول المخدر دون أن تحقق المحكمة هذا الدفاع أو تستعين برأي فني لبيان حقيقة تناول الطاعن للمخدر ، ونوعه ، ومدى تأثيره على إدراك الطاعن وتمييزه وصولاً إلى توافر حالة السكر من عدمه ودرجتها ، ومدى تأثيرها على الاعتراف أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور ، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن طلب في ختام مرافعته أصلياً البراءة واحتياطياً إعادة سماع شهود الإثبات لتغير الهيئة وقد عرض الحكم لهذا الطلب ورد عليه في قوله " وحيث إنه عن طلبات الحاضر عن المتهم الأول ، فإن المحكمة لا ترى موجباً لإجابته لتلك الطلبات سيما وأنه بهيئة سابقة قد سمعت شهود الإثبات ... ومن ثم ترى أن تلك الطلبات ما هي إلا تعطيل الفصل في الدعوى من جانب محامي المتهم الأول فلا يسعها إلا أن ترفض تلك الطلبات لأنها غير منتجة في الدعوى " . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أن تبني على المرافعة التي تحصل أمام ذات القاضي الذي أصدر الحكم ، وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه إذ إن أساس المحاكمة هي حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكناً ، محصلاً هذه العقيدة من الثقة التي تُوحي بها أقوال الشاهد أو لا تُوحي ، ومن التأثير الذي تُحدثه هذه الأقوال في نفسه وهو ينصت إليها ، بما تُنبئ عليه أن على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشاهد ما دام سماعه ممكناً، ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمناً ، لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ، واستقامته ، وصراحته ، أو مراوغته واضطرابه هي من الأمور التي تُعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها ، وكان لا يجوز الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية الواجبة الإتباع أمام محاكم الجنايات عملاً بالمادة 381 من القانون ذاته، والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت ، إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ، فإذا لم تفعل ، تُوجب عليها أن تُبرر سبب عدم سماعه بأسباب سائغة . لما كان ذلك ، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة واحتياطياً استدعاء شهود الإثبات لمناقشتهم أمام الهيئة الجديدة التي فصلت في الدعوي يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة ، وكانت المحكمة قد بررت رفض الاستجابة لهذا الطلب بسبق سماع الشهود أمام هيئة سابقة وقيام الدفاع بمناقشتهم .. فإن ذلك لا يُسوغ لرفضها إجابة الطلب المذكور ، لما هو مقرر من أن حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يُخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ، ما دام باب المرافعة مازال مفتوحاً – وهو الحال في هذه الدعوى - .. وإن التحقيقات التي جرت في جلسة سابقة بمعرفة هيئة أخرى لا تخرج عن كونها من عناصر الدعوى المعروضة على المحكمة ، شأنها في ذلك شأن محاضر التحقيق الأولية . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد رفضت طلب سماع شهود الإثبات بما لا يسوغه فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الأول وأوجه طعن الثاني .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول طعن المحكوم عليهما وعرض النيابة العامة شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
أمين السر                                                              رئيس الدائرة

                                                                المستشار /             

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

( الطعن 928 لسنة 70 ق جلسة 28 /3 /2006 مكتب فني 57 ق 62 ص 297 )

برئاسة السيد المستشار / د . رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / على محمد على , حسين السيد متولى , محمد خليل درويش , محمد حسن العبادى نواب رئيس المحكمة .
-------------
( 1 ، 2 ) حكم " عيوب التدليل : مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه " . ضرائب " التصالح الضريبى " .
(1) التصالح في المنازعات الضريبية . جوازه أمام جميع المحاكم بما فيها محكمة النقض . المواد 1 ، 2 ، 3 ، 5 ق 159 لسنة 1997 . شرطه . طلب مصلحة الضرائب وقف الدعوى مدة تسعة أشهر . انقضاء هذا الميعاد . لا يرد للمحكمة سلطتها بالفصل في الدعوى . مؤداه . التزامها بالتريث حتى يصدر قرار بشأن التصالح . علة ذلك .
(2) تقديم الطاعن صورة من طلب تصالح مع مصلحة الضرائب الذي طلبت فيه من محكمة الاستئناف وقف السير في الدعوى . التفاتها عن هذا الطلب وتصديها للفصل في موضوع الاستئناف دون انتظار لما سوف تسفر عنه إجراءات التصالح . خطأ ومخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المواد 1 ، 2 ، 3 ، 5 من القانون رقم 159 لسنة 1997 في شأن التصالح في المنازعات الضريبية القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين أنه يجوز التصالح في المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين أمام جميع المحاكم بما فيها محكمة النقض متى طلبت هذه المصلحة وقف الدعوى لمدة تسعة أشهر بناءً على طلب الممول وهو ميعاد تنظيمي ليس من شأن انقضائه زوال أثر طلب الصلح واسترداد المحاكم سلطتها في الفصل في الدعاوى وإنما يتعين التريث حتى يصدر قرار بقبول الصلح أو بعدم الاستجابة إليه .
2 - البين من الأوراق - وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته - أن الطاعن قدم لمحكمة الاستئناف أثناء تداوله بالجلسات صورة من طلب التصالح المقدم منه لمصلحة الضرائب والمؤرخ .... طبقاً لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1997 في شأن التصالح في المنازعات الضريبية الذي وافقت عليه بتاريخ ..... وطلبت من المحكمة وقف السير في الدعوى إعمالاً لأحكام هذا القانون مما كان يتعين عليها أن توقف السير في الدعوى انتظاراً لما تسفر عنه إجراءات التصالح وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن هذا الطلب وتصدى للفصل في موضوع الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

       بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة , وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
       وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافى أرباح الطاعن من نشاطه في تجارة الآلات الزراعية عن السنوات من 1987 إلى 1990 ، وأخطرته بهذا التقدير على النماذج المقررة . فاعترض ، وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن ، التي قررت تخفيض التقديرات . طعن الطاعن في هذا القرار بالدعوى رقم .... لسنة ..... ضرائب المنصورة الابتدائية ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 من يناير 1998 بتأييد القرار المطعون فيه . استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم ... لسنة ... ق ، وبتاريخ 17 من مايو سنة 2000 قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه . وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه ، مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، وفى بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الاستئناف الدليل على أنه تقدم بطلب تصالح إلى مصلحة الضرائب طبقاً لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1997 ، وكان لزاماً على المحكمة أن تؤجل نظر الدعوى حتى يرد لها من مصلحة الضرائب إخطاراً بوقفها تمهيداً لإجراء التصالح أو ما يفيد عدم الموافقة على طلب الصلح إلا أنها سارت في نظر الدعوى ، وأصدرت الحكم المطعون فيه بمقولة إنه لم يصلها إخطاراً بطلب وقف الدعوى طبقاً للمادة الثانية من ذات القانون ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 159 لسنة 1997 في شأن التصالح في المنازعات الضريبية القائمة أمام المحاكم بين مصلحة الضرائب والممولين على أنه " يجوز التصالح في المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب ، وبين الممولين ، وذلك بالنسبة إلى الدعاوى المقيدة قبل العمل بهذا القانون أمام جميع المحاكم بما في ذلك محكمة النقض " وفى المادة الثانية على أنه " توقف الدعوى بقرار من المحكمة المختصة بناءً على طلب يقدم من مصلحة الضرائب للتصالح ما لم يمانع الممول في ذلك " وفى المادة الثالثة على أنه " تتولى النظر في التصالح المشار إليه لجان تشكل بقرار من وزير المالية برئاسة أحد العاملين التخصصين بمصلحة الضرائب من درجة مدير عام على الأقل . . . " وفى المادة الخامسة على أنه " إذا أسفرت إجراءات التصالح عن اتفاق بين اللجنة والممول ، يثبت ذلك في محضر يوقعه الطرفان ، ويكون لهذا المحضر - بعد اعتماده من وزير المالية أو من ينيبه – قوة السنـد التنفيذي ، وتخطر به المحكمة المختصة لاعتبار المنازعة منتهية بحكم القانون " مفاده أنه يجوز التصالح في المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين أمام جميع المحاكم بما فيها محكمة النقض ، متى طلبت هذه المصلحة وقف الدعوى لمدة تسعة أشهر بناءً على طلب الممول ، وهو ميعاد تنظيمى ليس من شأن انقضائه زوال أثر طلب الصلح ، واسترداد المحاكم سلطتها في الفصل في الدعاوى وإنما يتعين التريث حتى يصدر قرار بقبول الصلح أو بعدم الاستجابة إليه . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق – وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته – أن الطاعن قدم لمحكمة الاستئناف أثناء تداوله بالجلسات صورة من طلب التصالح المقدم منه لمصلحة الضرائب المؤرخ ....... طبقاً لأحكام القانون رقم 159 لسنة 1997 بشأن التصالح في المنازعات الضريبية الذي وافقت عليه بتاريخ ...... ، وطلبت من المحكمة وقف السير في الدعوى إعمالاً لأحكام هذا القانون مما كان يتعين عليها أن توقف السير في الدعوى انتظاراً لما تسفر عنه إجراءات التصالح . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، والتفت عن هذا الطلب وتصدى للفصل في موضوع الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون ، وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ