الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 31 يوليو 2023

الطعن 111 لسنة 25 ق جلسة 3 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 110 ص 722

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------

(110)
الطعن رقم 111 لسنة 25 القضائية

(أ، ب) رسم الدمغة. ضرائب "الضرائب غير المباشرة" "ضريبة الدمغة". "رسوم الدمغة النوعية" "استهلاك الكهرباء والغاز". "عبء الرسم".
(1) في المعاملات الخاصة: يتحمله المستهلك.
(2) في التعامل مع الحكومة: يتحمله المتعامل معها المورد للكهرباء أو الغاز الذي تستهلكه. م 14 ق 11/ 41 معدلة للق 44/ 39 والجدول رقم 5 فقرة 10 مكرراً و10 ثالثاً والأحكام المضافة في ذيل الق 11/ 41.
ما يعتبر تعاملاً.
انطواء توريد الشركة للكهرباء والغاز واستهلاك الحكومة لهما في كل مرة على تعامل بينهما يندرج تحت نص الم 14 ق 11/ 41 وخضوعه لحكمها.
(جـ) تقادم "التقادم المسقط" "حساب المدة". رسم الدمغة "سقوط حق الخزانة في المطالبة بها". قانون "تطبيق القانون في الزمان".
حساب التقادم فيما قبل القانون المدني الجديد بالتقويم الهجري ما لم ينص على خلاف ذلك.
سقوط حق الخزانة في المطالبة برسوم الدمغة والتعويض المدني بخمس سنوات هجرية لعدم ذكر الم 24 ق 44/ 39 أنها ميلادية.
سقوط الحق في المطالبة بالرسوم المستحقة عن مدة سابقة على العمل بالقانون المدني الجديد بخمس سنوات هجرية.
(د) تقادم "التقادم المسقط" "في الضرائب والرسوم".
مبناه.
عدم قيامه على قرينة الوفاء وإنما على عدم إرهاق المدين بتراكم الديون عليه.
أثر ذلك.
جواز التمسك به رغم المنازعة في الالتزام والامتناع عن الدفع.
(هـ) تقادم "قطع التقادم".
"التنبيه":
اعتبار التنبيه على يد محضر قاطعاً للتقادم في القانون المدني الملغي.
تقادم "التقادم المسقط" "في الضرائب والرسوم". قانون "تطبيق القانون في الزمان" "عدم رجعية القوانين".
"انقطاعه".
التنبيه الذي يسبق المطالبة بأداء رسم الدمغة لا يكفي فيه أن يكون بخطاب عادي بطريق البريد. الأمر العالي سنة 1880 المعدل سنة 1885، الم 25 ق 44/ 39.
جواز انقطاع المطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه مع علم وصول. الم 23 ق 224/ 1951.
نص الم 23 ق/ 224/ 51 مستحدث فلا يسري على الوقائع السابقة عليه.
(و) حكم "عيوب التدليل" "التناقض بين الأسباب وبعضها الآخر" "ما لا يعد كذلك".
تقرير الحكم إلزام المستهلك ذاته برسم الدمغة نتيجة لاستعماله التيار الكهربائي إذا كان المستهلك خلاف الحكومة في غير نطاق الم 14 ق 44/ 39 لا يتناقض مع تقريره أن استهلاك الحكومة للكهرباء وإن كان قد حصل بمعرفتها إلا أن المتعامل معها بدونها هو الذي يتحمل الرسم إعمالاً للم 14. لكل مجال.

-------------------
1 - مؤدى نص المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم الدمغة والجدول رقم 5 الخاص برسوم الدمغة النوعية فقرة "10 مكرراً" و"10 ثالثاً" والأحكام العامة المضافة في ذيل القانون رقم 11 لسنة 1941 بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم - أن رسم الدمغة عن استهلاك الكهرباء والغاز يتحمله المستهلك إلا إذا كان المستهلك هو الحكومة فإن الذي يتحمل رسم الدمغة عن استهلاكها هو المتعامل معها، أي الذي يورد لها الكهرباء أو الغاز الذي تستهلكه.
2 - قيام شركة الإضاءة والتسخين بالغاز (الطاعنة) بتوريد الكهرباء أو الغاز واستهلاك الحكومة للكهرباء أو الغاز المورد ينطوي في كل مرة من مرات الاستهلاك على تعامل بين الشركة والحكومة يستند إلى عقد الالتزام الأصلي المحرر بينهما ويندرج تبعاً لذلك تحت نص المادة 14 معدلة من القانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم الدمغة ويخضع لحكمها من حيث وجوب تحمل الشركة الطاعنة برسم الدمغة المستحق على استهلاك الحكومة - ذلك أن استهلاك الحكومة للكهرباء والغاز وإن كان عملاً ذاتياً يجرى بمعرفتها إلا أنه في كل فترة يحصل فيها هذا الاستهلاك لا يمكن أن يتم إلا بإجراء من جانب الشركة الطاعنة هو قيامها بتوريد الكهرباء أو الغاز اللذين تستهلكهما الحكومة تنفيذاً لتعهد الشركة في عقد الالتزام المحرر بينها وبين الحكومة بحيث إذا كفت الشركة عن التوريد أو انقطع جريانه امتنع على الحكومة هذا الاستهلاك.
3 - القاعدة في حساب التقادم - فيما قبل القانون المدني الجديد المعمول به ابتداء من 15 من أكتوبر سنة 1949 - أنه ما لم ينص القانون على حساب التقادم بالتقويم الميلادي فإن المدة تحتسب بالتقويم الهجري، وإذن فإنه لما كانت المادة 24 من القانون رقم 44 لسنة 1939 قد نصت على أنه "يسقط حق الخزانة في المطالبة بدفع الرسوم المستحقة والتعويض المدني بمضي خمس سنوات من اليوم الذي استعملت فيه الورقة الخاضعة للرسم ويسقط الحق في طلب رد الرسوم المحصلة بغير حق بمضي سنتين" - ولم تذكر هذه المادة أن الخمس سنوات التي يسقط حق الخزانة في المطالبة بالرسوم بعد مضيها ميلادية، وكانت الرسوم المطالب بها في واقعة الدعوى مستحقة عن مدة سابقة على العمل بالقانون المدني الجديد، فإن هذه الخمس سنوات يتعين أن تحسب بالتقويم الهجري.
4 - التقادم في الضرائب والرسوم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما يقوم على عدم إرهاق المدين وإثقال كاهله بتراكم الديون عليه، وإذن فليس من القانون ما يمنع من التمسك بتقادم الرسوم المطالب بها رغم المنازعة في الالتزام بها والامتناع عن دفعها.
5 - الأصل طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني الملغي أن التنبيه الذي يقطع التقادم هو الذي يكون على يد محضر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - وإذن فلما كان الأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4 نوفمبر سنة 1885 الذي أحال إليه القانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم الدمغة في المادة 25 منه قد نص على أن يشتمل التنبيه الذي يسبق الحجز على بيان العقار المطلوب عليه المال أو العشور أو الرسوم ومقدار المبالغ المستحقة ويعلن على يد مندوب المديرية أو المحافظة إلى صاحب العقار... إلخ مما مؤداه أن التنبيه الذي يسبق المطالبة بأداء رسم الدمغة لا يكفي فيه أن يكون بخطاب عادي مرسل بطريق البريد، وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه أن الخطابات التي أرسلتها مصلحة الضرائب (المطعون عليها) إلى الشركة الطاعنة والتي اعتبرها الحكم المذكور قاطعة لتقادم الرسوم المطالب بها بموجبها قد استوفت الشكل والأوضاع التي نص عليها الأمر العالي السالف الذكر، فإن الحكم المذكور فيما رتبه على الخطابات المذكورة من أثر في قطع تقادم الرسوم المطالب بها يكون قد خالف القانون - ولا يغض من ذلك ما نصت عليه المادة 23 من قانون رسوم الدمغة رقم 224 لسنة 1951 من جواز انقطاع التقادم بالمطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، ذلك أن هذا النص مستحدث ولاحق لواقعة الدعوى فلا يسري عليها، كما وأن الخطاب الموصى عليه الذي يكون له أثر في قطع تقادم الضريبة أو الرسم يجب - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يستوفى الشكل الذي حدده القانون.
6 - إذا كان الحكم المطعون فيه وهو بصدد مناقشة استحقاق رسوم الدمغة على الاستهلاك الداخلي لمنشئات شركة الإضاءة والتسخين بالغاز (الطاعنة) قرر أنه لا يشترط لاستحقاق رسوم الدمغة أن يكون الاستهلاك نتيجة تعامل بين الأفراد فحسب وإنما تستحق الرسوم على الاستهلاك الذاتي وإن كان لا ينطوي على تعامل مع الغير، فواقعة الاستهلاك في ذاتها هي التي يستحق عنها رسم الدمغة، ولذا أخضع الحكم استهلاك الشركة الطاعنة للكهرباء في منشئاتها الداخلية للرسم مع أن هذا الاستهلاك لم يكن نتيجة لتعامل الشركة الطاعنة مع الغير، فليس فيما قرره الحكم في هذا الشأن أي تناقض مع ما قرره من أن استهلاك الحكومة للكهرباء وإن كان قد حصل بمعرفة الحكومة ذاتها، إلا أن الشركة الطاعنة دون الحكومة هي التي تتحمل رسم الدمغة المستحق عليه، ذلك أن الحكم إنما أجرى في ذلك حكم المادة 14 من القانون رقم 44/ 1939 معدلة بالقانون رقم 11/ 1941 من أنه في كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة، وهذا مجال يختلف عن مجال إلزام المستهلك ذاته برسم الدمغة نتيجة لاستعماله التيار الكهربائي إذا كان المستهلك خلاف الحكومة وفي غير نطاق المادة 14 سالفة الذكر طبقاً للأحكام العامة المضافة في ذيل القانون رقم 11 لسنة 1941 الخاصة بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أنه قام خلاف بين مصلحة الضرائب وشركة الإضاءة والتسخين بالغاز (ليبون وشركاه) حول التزام هذه الشركة برسم التمغة على استهلاك الكهرباء والغاز الموردين منها لمصالح الحكومة تطبيقاً للقانون رقم 44 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941، إذ ترى المصلحة أن الشركة ملزمة بهذا الرسم، وترى الشركة العكس، وقد تطور هذا الخلاف إلى أن الشركة المذكورة رفعت الدعوى رقم 2054 سنة 1949 تجاري ضرائب القاهرة ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم باعتبار المادة 14 من قانون الدمغة رقم 44 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941 غير واجبة التطبيق على توريد الغاز والكهرباء لمصالح الحكومة، وإلزام وزارة المالية برد مبلغ 11568 جنيهاً و760 مليماً وهو قيمة رسوم الدمغة التي دفعتها الشركة لمصلحة الضرائب عن استهلاك المصالح المذكورة وذلك مع الفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام الوفاء والمصاريف والأتعاب. كما رفعت الشركة ضد نفس المصلحة دعوى أخرى رقم 2119 سنة 49 تجاري ضرائب القاهرة بطلب الحكم أصلياً برد مبلغ 56561 جنيهاً و282 مليماً مع الفوائد من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام الوفاء والمصاريف واحتياطياً الحكم قبل تحديد المبالغ الواجب ردها (وهي كلها رسوم دمغة دفعتها الشركة إلى المصلحة عن استهلاكات للتيار الكهربائي والغاز اعتباراً من 3/ 4/ 1941) أولاً - بأن مدة التقادم لسقوط حق الدولة في اقتضاء الرسوم المتنازع عليها هي ثلاث سنوات ميلادية وأن هذا التقادم لا يقطع إلا من تاريخ المطالبة أمام القضاء. ثانياً - إن استهلاك الغاز والكهرباء بواسطة منشئات ومكاتب الشركة لا تخضع لرسم الدمغة. ثالثاً - إن التيار الكهربائي الذي تستهلكه الإدارات الحكومية للتدفئة والمراوح لا يخضع للرسم المذكور. رابعاً - إن التيار الكهربائي المستهلك مجاناً لإنارة ميدان عابدين لا يخضع للرسم المذكور. وعلى أساس القواعد الأربعة المتقدمة طلبت الشركة في هذه الدعوى الثانية حساب وتحديد المبالغ التي تلتزم المصلحة بردها إليها مع إلزام المصلحة بالرد مع الفوائد والمصاريف. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1950 حكمت المحكمة بضم الدعويين وأصدرت فيهما حكماً واحداً قضى. أولاً - باعتبار المادة 14 والفقرات "10 مكرر و10 ثالثاً" من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون رقم 44 لسنة 39 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941 الخاص برسوم الدمغة واجبة التطبيق على جميع ما تستهلكه المصالح والهيئات الحكومية أياً كانت من تيار كهربائي أو غاز، سواء في ذلك للتنوير أو للأغراض المنزلية فيما عدا حالة توريد التيار الكهربائي مجاناً، وبذلك تستبعد من الاستهلاكات الحكومية الخاضعة لرسم الدمغة الاستهلاكات الخاصة بإنارة ميدان عابدين. ثانياً - بأن النصوص القانونية المشار إليها تحت (أولاً) لا تنطبق على الاستهلاك الكهربائي أو الغازي الذي تجريه الشركة في مكاتبها أو مصانعها أو الطرق الخاصة المؤدية إليها، وبذلك تستبعد تلك الاستهلاكات ولا تخضع لرسم الدمغة. ثالثاً - بأن حق الحكومة في المطالبة برسوم الدمغة يسقط وفقاً للمادة 24 من القانون رقم 44 لسنة 1939 بمضي خمس سنوات هجرية من تاريخ استعمال الورقة محل الرسم، وهذا التاريخ في واقعة الدعوى الحالية هو تاريخ تقديم كشوف الاستهلاكات الحكومية من الغاز والكهرباء من الشركة المدعية إلى مختلف المصالح الحكومية للمطالبة بمقابل هذه الاستهلاكات وأن هذا التقادم المسقط لم ينقطع بالنسبة لمصلحة الضرائب إلا من تاريخ 23/ 10/ 1948. وندبت المحكمة بمقتضى هذا الحكم خبيراً حسابياً بمكتب الخبراء الحكومي لتسوية حساب رسوم الدمغة المستحقة على الشركة مع تطبيق القواعد الثلاثة سالفة الذكر وكلفت المحكمة الشركة بدفع أمانة الخبير - فلم تفعل - وقدمت للمحكمة حساب تلك الرسوم وفقاً لأسس الحكم المذكور وصممت على طلباتها، وطلبت من المحكمة العدول عن تنفيذ ذلك الحكم واعترضت مصلحة الضرائب على ذلك. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بالعدول عن حكمها التمهيدي القاضي بندب الخبير وباعتماد الحساب المقدم من الشركة وفقاً لأسس حكم 31/ 5/ 1950 وحكمت في الدعويين المضمومتين بإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى الشركة الطاعنة مبلغ 16845 جنيهاً و872 مليماً وألزمت كلاً من الطرفين بالمصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم وحكم 31/ 5/ 1950 أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 166 سنة 69 ق طالبة الحكم بعدم تطبيق المادة 14 من قانون الدمغة على الاستهلاكات الحكومية وبإلغاء الحكمين المذكورين فيما قضيا به من التزام الشركة بأداء الرسوم موضوع النزاع عن تلك الاستهلاكات وبتأييدهما فيما عدا ذلك وبإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى الشركة الطاعنة مبلغ 51284 جنيهاً و170 مليماً فوق المبلغ المقضى به لها بالحكمين سالفي الذكر ومقداره 16845 جنيهاً و872 مليماً مع إلزامها بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبجلسة 27/ 11/ 1952 استأنفت مصلحة الضرائب استئنافاً مقابلاً قيد برقم 608 سنة 69 ق بمذكرة طلبت فيها الحكم بقبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المستأنفين فيما قضيا به على خلاف وجهة نظر مصلحة الضرائب مع إلزام الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1954 حكمت المحكمة أولاً - بالنسبة لاستئناف الشركة برفضه وتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من وجوب انطباق المادة 14 من قانون الدمغة والفقرتين 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول الملحق بهذا القانون مع إلزام الشركة بمصاريف استئنافها. ثانياً - بالنسبة لاستئناف مصلحة الضرائب بقبوله وبإلغاء الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من إلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى شركة (ليبون وشركاه) مبلغ 16845 جنيهاً و872 مليماً وبرفض الدعويين رقمي 2054 و2119 سنة 1949 تجاري كلي مصر. ثالثاً - بإلزام شركة (ليبون وشركاه) بالمصاريف عن الدرجتين وخمسة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة فيهما. وبتاريخ 15 من مارس سنة 1955 طعنت شركة (ليبون وشركاه) في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم جزئياً للوجه الثاني من السبب الأول. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين تنعى الطاعنة في أولهما بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين ملخص أولهما - إن الحكم المطعون فيه قضى بتطبيق المادة 14 من قانون الدمغة على رسم الاستهلاك المقرر بالفقرة 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول رقم 5، ورتب على ذلك أن الرسم المستحق على استهلاك الحكومة يقع عبؤه على الشركة مع أن الظاهر من نص المادة المذكورة والفقرة 10 من الجدول رقم 5 أن القانون يفرض رسماً على التوريد ورسماً آخر على الاستهلاك وأن كلاً من هذين الرسمين منفصل عن الآخر ومستقل عنه تمام الاستقلال والواقعة المنشئة للرسم في أحدهما تختلف عن الواقعة المنشئة للرسم الآخر. وتحديد الواقعة المنشئة للرسم له كل الأهمية في بيان الحالات التي تنطبق عليها المادة 14 والحالات التي تخرج عنها. وذلك أن قانون الدمغة كما يفرض الرسم على طائفة من العقود والمحررات والمعاملات التي تجري بين الأفراد فإنه يفرضه على طائفة من الوقائع تمثل نشاطاً ذاتياً للفرد ولا تعتبر بحال ما معاملة بينه وبين الغير كالرسم السنوي المفروض على استعمال الدراجة بالفقرة 12 من الجدول رقم 5، ولتطبيق المادة 14 ينبغي أن تكون الواقعة محل الرسم نشاطاً ذاتياً استحال بداهة تطبيق المادة 14. لأن الغير الذي يلقى عليه عبء الرسم لا وجود له بالمرة. صحيح أن المادة 14 قد تعدلت بالقانون رقم 11 لسنة 1941. ولكن الفرق بين نص تلك المادة قبل تعديله وبعده أن حكم النص القديم كان قاصراً على العلاقة الناشئة عن العقود دون سواها فصار النص الجديد شاملاً لكل علاقة تكون الحكومة طرفاً فيها ولو لم تكن ناشئة عن عقد فاتسعت دائرة النص عن العقود إلى جميع مصادر الالتزام، ولكن ينبغي لتطبيقه أن تكون الواقعة المنشئة للرسم علاقة قانونية ذات طرفين. وإذا كان توريد التيار الكهربائي أو الغاز إلى الحكومة هو تعامل بينها وبين الشركة ينبني عليه أن تتحمل الشركة برسم التوريد إلا أن عملية استهلاك التيار أو الغاز ليست كذلك. فالاستهلاك هو انتفاع صاحب الشيء به أو هو مظهر من مظاهر تسلط المالك على ملكه. والرسم المفروض على استهلاك الكهرباء والغاز مشابه في طبيعته للرسم المفروض على استعمال الدراجة. ولهذه العلة يكون تطبيق المادة 14 على ما تستهلكه الحكومة من التيار الكهربائي والغاز وإلزام الشركة بالرسوم المستحقة على هذه الاستهلاكات مخالفاً للقانون. فالحكومة حين تستهلك التيار أو الغاز تقوم بعمل ذاتي لا شأن للشركة به وهي تقوم بهذا العمل بوصفها مشترية للتيار ومالكة له، إذ أن عملية الاستهلاك تتحلل إلى بيع ثم انتفاع. وهاتان العمليتان وإن امتزجتا في الواقع إلا أنهما منفصلتان من الناحية القانونية. ويبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تزعم أن عملية الاستهلاك التي هي محل الرسم تعتبر في ذاتها تعاملاً بين الحكومة والشركة ولكنها قالت إن هذه العملية هي أثر من آثار عقد الالتزام المحرر بين الطرفين فتعتبر بذلك عملية ذات طرفين وينصب عليها حكم المادة 14. فعملية التوريد إلزامية من قبل الشركة كما أن الاستهلاك اختياري للدولة والأفراد ولكن كليهما مصدره عقد الالتزام. وبغض النظر عما في القول من أن الاستهلاك ولو أنه اختياري للحكومة إلا أنه لا يعتبر عملاً من جانب واحد ما دامت الحكومة والشركة خاضعتين لشروط عقد الالتزام بغض النظر عما في هذا القول من فساد في الاستدلال لأنه لا ارتباط بين المقدمة والنتيجة. فإن ما ذهب إليه الحكم من أن المادة 14 تنطبق على عملية الاستهلاك لأنها أثر من آثار عقد الالتزام خطأ في تطبيق القانون. ذلك لأن هذه المادة لا تنطبق إلا حيث تكون الواقعة الخاضعة للرسم هي نفسها تعاملاً مع الغير. فإن كان الرسم مفروضاً على واقعة هي نشاط ذاتي تقوم به الحكومة استحال التطبيق حتى ولو كانت هذه الواقعة أثراً من آثار تعامل بين الحكومة والغير أضف إلى ذلك أن قول الحكم بأن عملية استهلاك الكهرباء والغاز أثر من آثار عقد الالتزام هو خطأ في تحديد الآثار الناشئة عن عقد الالتزام وفي تحديد المصدر القانوني لعملية الاستهلاك. فعقد الالتزام يلزم الشركة بالتوريد ولا يلزم الحكومة أو سواها بشراء التيار. والتوريد أو البيع ينقل إلى الحكومة ملكية التيار وهذه الملكية هي مصدر الحق في الاستهلاك. ويتخلص الوجه الثاني من سبب النعي الأول في أن الحكم قضى بأن مدة التقادم تحسب بالتقويم الميلادي وأنها تنقطع بالخطاب العادي الذي يتضمن المطالبة بالرسم ورتب الحكم على ذلك عدم سقوط حق المصلحة في شيء من الرسوم التي حصلتها جبراً. وتقول الطاعنة إنه وإن كان الحكم قد أصاب فيما قرره من أن سريان مدة السقوط يبدأ من تاريخ الواقعة المنشئة للرسم وهي فعل الاستهلاك نفسه إلا أنه خالف القانون في حساب المدة بالتقويم الميلادي. ذلك أن الأصل في القانون المدني الملغي هو حساب التقادم بالتقويم الهجري. وكان لا بد من نص خاص للخروج على هذا الأصل. ولاحظت الشركة أن المنازعة في الالتزام بالرسم كطلب أصلي لا يتعارض مع الدفع بسقوطه كطلب احتياطي على خلاف ما يقول الحكم المطعون فيه. وأضافت الشركة أن استشهاد الحكم بالمادة 383 مدني جديد والأعمال التحضيرية الخاصة بها يؤدي إلى عكس النتيجة التي انتهى إليها. فالمذكرة الإيضاحية لتلك المادة تتكلم عن الإجراءات المماثلة للمطالبة القضائية والأمثلة التي وردت فيها كلها إجراءات تحصل أمام القضاء. بل أن لجنة المراجعة كانت قد أضافت فقرة إلى المادة 383 تقضي بأن التنبيه الحاصل بإنذار رسمي يقطع التقادم فحذفتها لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ قائلة إن الإنذار الرسمي لا يقوم مقام المطالبة القضائية لا تنقطع به مدة السقوط، فأين هذا كله مما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن التنبيه بالوفاء يقطع التقادم حتى ولو كان بخطاب عادي. وقالت الشركة الطاعنة أن المادة 25 من قانون الدمغة تنص على أن الرسوم المستحقة بمقتضاه تحصل بالطريق الإداري طبقاً للأمر العالي الصادر في 25 سنة 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4 نوفمبر سنة 1885. فالتنبيه الذي يقطع التقادم هو الذي يحصل بالشكل والكيفية المنصوص عليها في ذلك الأمر. وقد نصت المادة الخامسة منه على شكل التنبيه بما مؤداه أن التنبيه القاطع للتقادم هو الذي يأخذ شكل الورد ويشتمل على بيان الاستهلاكات ومقدار الرسوم المستحقة عليها تحقيقاً لقاعدة اليقين التي نادى بها آدم سميث ويجب أن يعلن هذا التنبيه بالكيفية المنصوص عليها في المادة 5 المذكورة ما دام قانون الدمغة لم يتضمن نصاً يجعل للإعلان المرسل بخطاب موصى عليه بعلم الوصول قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية - أما ما نصت عليه المادة 23 من قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951 فهو يعفي الحكومة من إعلان التنبيه على يد مندوب ولكنه لا يعفيها من صياغة هذا التنبيه في الشكل الذي حدده الأمر العالي خصوصاً وأن نص المادة 25 ما زال باقياً على حاله. هذا إلى أن الحكم المذكور حكم مستحدث فلا يسري إلا من تاريخ العمل به. وتنعى الطاعنة في السبب الثاني من أسباب النعي ببطلان الحكم لتناقض أسبابه ذلك أن محكمة الموضوع قررت أن الواقعة الخاضعة للرسم عمل ذاتي محض يقع من جانب واحد هو المستهلك ورتبت على ذلك أن الرسم يستحق على استهلاكات الشركة وهو قضاء مبناه أن الرسم ليس مفروضاً على معاملة - في حين أنها في خصوص الطلب الأصلي (وهو استبعاد المادة 14 من دائرة التطبيق على الاستهلاكات الحكومية) تعتبر أن الرسم في الاستهلاكات الحكومية مفروض على معاملة بين الحكومة والشركة. وهذا تعارض في الأسباب يبطل الحكم.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول مردود ذلك أن القانون رقم 11 لسنة 1941 الذي صدر معدلاً للقانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم الدمغة والذي يحكم واقعة الدعوى قد أضاف إلى الجدول رقم 5 الخاص برسوم الدمغة النوعية الفقرة 10 مكررة ونصها "يخضع استهلاك الكهرباء لرسم مقداره مليمان عن كيلووات ساعة من الكهرباء الموردة للتنوير أو للأغراض المنزلية" كما أضاف إلى الجدول المذكور الفقرة 10 "ثالثاً" بالنص الآتي: "يخضع استهلاك الغاز لرسم مقداره مليمان عن كل متر مكعب..." وأضاف ذيله حكماً عاماً بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم بالنص الآتي: "في علاقات المتعاقدين فيما بينهم يقع عبء الدمغة على الأشخاص الآتي ذكرهم في حالة عدم وجود اتفاق خاص بينهم على غير ذلك، إلا إذا حرم القانون الاتفاق على ما يخالفه. وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادة 14 من هذا القانون فيما يتعلق بالتعامل مع الحكومة..." ثم نص القانون في تعيين من يقع عليهم عبء الرسم في الحالات الواردة في الجداول أرقام 1 و2 و3 و4 و5 فنص في خصوص هذا الجدول الأخير على ما يأتي: "الفقرات 10 و10 مكررة، 10 ثالثاً: استهلاك الكهرباء والغاز والبوتاجاز. الرسم على المستهلك ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك". وقد جرى نص المادة 14 من القانون رقم 44 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1941 بما يأتي "في كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة..." ومؤدى ما سبق أن رسم الدمغة عن استهلاك الكهرباء والغاز يتحمله المستهلك إلا إذا كان المستهلك هو الحكومة فإن الذي يتحمل رسم الدمغة عن استهلاكها هو المتعامل معها أي الذي يورد لها الكهرباء أو الغاز الذي تستهلكه.
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 31 من مايو سنة 1950 والمؤيد استئنافياً بالحكم المطعون فيه لأسبابه - بعد أن أشار إلى ما أجراه القانون رقم 11 لسنة 1941 من تعديلات وإضافات إلى القانون رقم 44 لسنة 1939 - أورد ما يأتي "وحيث إنه مما لا شك فيه أن استهلاك الكهرباء أو الغاز بمعرفة الجهات الحكومية إن هو إلا أحد آثار تعامل كان قائماً بين الحكومة والشركة المدعية سبق أن حدد طبيعته وشروطه ومداه عقد الالتزام الذي ربط بين الطرفين وكان نتيجة مزاولة كل منهما حقوقه والقيام بالتزاماته. فالشركة تورد وحدها دون منافس التيار الكهربائي والغاز لقاء أجر متفق عليه والحكومة تستهلك كما تشاء من هذه المواد مع التزامها بدفع الأجر المذكور. فالتوريد والاستهلاك إذن أثران بل هما الغرضان الرئيسيان لعقد الالتزام الذي حدد شروط هذا التعامل بين الحكومة والشركة..... وحيث قد تبين على هذا النحو أن استهلاك الغاز والكهرباء بمعرفة الجهات الحكومية - هو أحد مظاهر تعامل قائم بين الحكومة والشركة المدعية فلا مناص من أنه وفقاً لنص المادة 14 من قانون الدمغة تتحمل الشركة المذكورة بالرسم المقرر بالفقرة 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول رقم 5 من القانون المذكور" وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أن استهلاك الحكومة للكهرباء والغاز وإن كان عملاً ذاتياً يجرى بمعرفتها إلا أنه في كل فترة يحصل فيها هذا الاستهلاك لا يمكن أن يتم إلا بإجراء من جانب الشركة الطاعنة هو قيامها بتوريد الكهرباء أو الغاز اللذين تستهلكهما الحكومة تنفيذاً لتعهد الشركة في عقد الالتزام المحرر بينها وبين الحكومة بحيث إذا كفت الشركة عن التوريد أو انقطع جريانه امتنع على الحكومة هذا الاستهلاك فقيام الشركة بتوريد الكهرباء أو الغاز واستهلاك الحكومة للكهرباء أو الغاز الموردين إنما ينطوي في كل مرة من مرات الاستهلاك على تعامل بين الشركة والحكومة يستند إلى عقد الالتزام الأصلي المحرر بينهما ويندرج تبعاً لذلك تحت نص المادة 14 معدلة من القانون رقم 44 لسنة 1939 ويخضع لحكمها من حيث وجوب تحمل الشركة الطاعنة برسم الدمغة المستحق على استهلاك الحكومة. ومن ثم يكون النعي في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن النعي الوارد في الوجه الثاني من السبب الأول في محله ذلك أنه فيما قبل القانون المدني الجديد المعمول به ابتداء من 15 من أكتوبر سنة 1949 كانت القاعدة في حساب التقادم أنه ما لم ينص القانون على حساب التقادم بالتقويم الميلادي فإن المدة تحسب بالتقويم الهجري - ولما كانت المادة 24 من القانون رقم 44 لسنة 1939 قد نصت على أنه "يسقط حق الخزانة في المطالبة بدفع الرسوم المستحقة والتعويض المدني بمضي خمس سفرات من اليوم الذي استعملت فيه الورقة الخاضعة للرسم ويسقط الحق في طلب رد الرسوم المحصلة بغير حق بمضي سنتين". ولم تذكر هذه المادة أن الخمس سنوات التي يسقط حق الخزانة في المطالبة بالرسوم بعد مضيها ميلادية وكانت الرسوم المطالب بها في هذه الدعوى مستحقة عن مدة سابقة على العمل بالقانون المدني الجديد - فإن هذه الخمس سنوات يتعين أن تحسب بالتقويم الهجري. ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من حساب هذه المدة بالتقويم الميلادي مخالفاً للقانون. وليس في القانون ما يمنع الشركة الطاعنة من أن تتمسك بتقادم رسوم الدمغة المطالبة بها رغم منازعتها في الالتزام بها وامتناعها عن دفعها. ذلك أن التقادم في الضرائب والرسوم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما يقوم على عدم إرهاق المدين وإثقال كاهله تراكم الديون عليه.
وحيث إن ما تعيب به الطاعنة الحكم المطعون فيه من قوله بأن مدة التقادم تنقطع بالخطاب العادي الذي يتضمن المطالبة بالرسم في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن المادة 25 من قانون الدمغة تنص على أنه تحصل الرسوم المفروضة بمقتضى هذا القانون بالطريق الإداري طبقاً للأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4 نوفمبر سنة 1885. وقد أوجب هذا الأمر العالي أن يسبق الحجز الإداري تنبيه قال الحكم إن هذا التنبيه لا يكون على يد محضر وأنه يكتفي فيه بخطاب عادي وتضمن المصلحة وصوله للممول تطالبه فيه بأداء رسم الدمغة وتهدده فيه باتخاذ الإجراءات القانونية ضده إذا لم يوفه. وهذا الذي انتهى إليه الحكم المذكور مخالف للقانون ذلك أن الأصل طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني الملغى أن التنبيه الذي يقطع التقادم هو الذي يكون على يد محضر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كان الأمر العالي سالف الذكر الذي أحال إليه القانون رقم 44 لسنة 1939 في المادة 25 منه لم ينص على أن التنبيه الذي يسبق الحجز يكون بخطاب عادي وإنما نص على أن يشتمل التنبيه على بيان العقار المطلوب عليه المال أو العشور أو الرسوم ومقدار المبالغ المستحقة ويعلن على يد مندوب المديرية أو المحافظة إلى صاحب العقار... إلخ مما مؤداه أن التنبيه الذي يسبق المطالبة بأداء رسم الدمغة لا يكفي فيه أن يكون بخطاب عادي يرسل بطريق البريد - وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه أن الخطابات التي أرسلتها المصلحة المطعون عليها إلى الشركة الطاعنة في 31/ 5/ 1944، 15/ 2/ 1946، 30/ 11/ 1947 والتي اعتبرها الحكم المذكور قاطعة لتقادم الرسوم المطالب بها بموجبها قد استوفت الشكل والأوضاع التي نص عليها الأمر العالي سالف الذكر. لما كان ذلك فإن الحكم المذكور فيما رتبه على الخطابات المذكورة من أثر في قطع تقادم الرسوم المطالب بها يكون مخالفاً للقانون. لا يغض في ذلك ما نصت عليه المادة 23 من قانون رسوم الدمغة رقم 224 سنة 1951 من جواز انقطاع التقادم بالمطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه بعلم الوصول. ذلك أن هذا النص مستحدث ولاحق لواقعة الدعوى فلا يسري عليها. كما وأن الخطاب الموصى عليه الذي يكون له أثر في قطع تقادم الضريبة أو الرسم يجب - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يستوفى الشكل الذي حدده القانون. ويتعين لذلك نقض الحكم في خصوص هذا الوجه بشقيه.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الثاني مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وهو في صدد مناقشة استحقاق رسوم الدمغة على الاستهلاك الداخلي لمنشئات الشركة الطاعنة قرر أنه لا يشترط لاستحقاق رسوم الدمغة أن يكون الاستهلاك نتيجة تعامل بين الأفراد فحسب وإنما تستحق الرسوم على الاستهلاك الذاتي وإن كان لا ينطوي على تعامل مع الغير فواقعة الاستهلاك في ذاتها هي التي يستحق عنها رسم الدمغة ولذا أخضع الحكم استهلاك الشركة الطاعنة للكهرباء في منشئاتها الداخلية للرسم مع أن هذا الاستهلاك لم يكن نتيجة لتعامل الشركة الطاعنة مع الغير. وليس فيما قرره الحكم في هذا الشأن أي تناقض مع ما قرره من أن استهلاك الحكومة للكهرباء وإن كان قد حصل بمعرفة الحكومة ذاتها إلا أن الشركة الطاعنة دون الحكومة هي التي تتحمل رسم الدمغة المستحق عليه. ذلك أن الحكم إنما أجرى في ذلك حكم المادة 14 من القانون رقم 44 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1941 من أنه في كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة على نحو ما سبق بيانه في الرد على الوجه الأول من السبب السابق وهذا مجال مختلف عن مجال إلزام المستهلك ذاته برسم الدمغة نتيجة لاستعماله التيار الكهربائي إذا كان المستهلك خلاف الحكومة وفي غير نطاق المادة 14 سالفة الذكر طبقاً للأحكام العامة المضافة في ذيل القانون رقم 11 لسنة 1941 الخاصة بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم السابق الإشارة إليها في الرد على السبب الأول ويتعين لذلك رفض هذا النعي.

الطعن 707 لسنة 49 ق جلسة 18 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 171 ص 948

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، ودرويش عبد المجيد، وإبراهيم زغو، ومحمد عبد المنعم جابر.

---------------

(171)
الطعن رقم 707 لسنة 49 القضائية

(1) استئناف "إعلان الاستئناف". اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. دفوع. نظام عام.
الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته في الميعاد القانوني دفع شكلي غير متعلق بالنظام العام. م 70 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 أثر ذلك. وجوب إبدائه قبل التكلم في الموضوع. بقاء هذا الدفع قائماً ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمناً.
(2) الدفوع "الدفوع الشكلية". محكمة الموضوع.
استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع. طلب تأجيل الدعوى لتقديم مستندات. لا يعد نزولاً عن الدفع الشكلي. عدم وجوب إبداء التمسك بالدفع بكل جلسة طالما أبدى صحيحاً.

------------------
1 - الدفع بعدم إعلان صحيفة الدعوى في الميعاد وفقاً للمادة 70 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976 من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ويظل هذا الدفع قائماً إذا أبدى صحيحاً ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمناً.
2 - استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة، ولا يعتبر نزولاً ضميناً عن الدفع الشكلي بعد إبدائه صحيحاً طلب تأجيل الدعوى لتقديم مستندات كما لا يلزم أن يثبت من له حق في الدفع به في كل جلسة تالية تمسكه به ما دام قد أبدى صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 630 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة ضد المطعون ضده عن نفسه وبصفته وصياً على أخوته القصر بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 21/ 10/ 1974 الصادر له من المرحومة....... لورثة الطرفين ببيع حصة قدرها 12 ط اثنى عشر قيراط في كامل أرض وبناء المنزل المبين بالعقد وصحيفة الدعوى بثمن قدره 400 ج. وبتاريخ 26/ 5/ 1976 أصدرت محكمة أول درجة حكمها للطاعن بطلباته استأنف المطعون ضده هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 3387 لسنة 93 ق القاهرة، وبجلسة 4/ 10/ 1977 دفع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية وقبل التكلم في الموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بالصحيفة في الميعاد القانوني. وبتاريخ 20/ 3/ 87 قضت محكمة الاستئناف بسقوط حق الطاعن (المستأنف عليه) في التمسك بهذا الدفع وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ثم أصدرت حكمها في 5/ 2/ 1979 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن (المستأنف عليه). طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف وقبل التكلم في الموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لإعلانه بالصحيفة بعد الميعاد القانوني إذ أن الاستئناف قيد بتاريخ 12/ 8/ 1976 ولم تعلن صحيفة الاستئناف إليه إلا في 19/ 1/ 1977 إلا أن محكمة الاستئناف أصدرت حكمها بتاريخ 20/ 3/ 1978 بسقوط حقه في التمسك بهذا الدفع تأسيساً على تنازله ضمناً عنه بطلبه تأجيل الدعوى لتقديم عقد البيع موضوع النزاع وعدم إصراره على الدفع في الجلسات التالية وقد شاب هذا الحكم الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أنه لم يتنازل عن دفعه صراحة أو ضمناً وأنه لم يطعن على استقلال في الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 20/ 3/ 1978 إلا بصدور الحكم النهائي المنهي للخصومة في 5/ 2/ 1979.
وحيث إن النعي في محله ذلك أنه لما كان الدفع بعدم إعلان صحيفة الدعوى في الميعاد وفقاً للمادة 70 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 75 لسنة 1976من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ويتعين على المتمسك به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه ويظل هذا الدفع قائماً إذا أبدى صحيحاً ما لم ينزل عنه المتمسك به صراحة أو ضمناً. وكان استخلاص النزول الضمني عن الدفوع الشكلية من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص قد بني على أسباب سائغة، ولا يعتبر نزولاً ضمنياً عن الدفع الشكلي بعد إبدائه صحيحاً طلب تأجيل الدعوى لتقديم مستندات. كما لا يلزم أن يثبت من له حق في الدفع به في كل جلسة تالية تمسكه به ما دام قد أبدى صحيحاً. وإذ كان الثابت من مدونات الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 3/ 1978 أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم الكتاب في 12/ 8/ 1976 ولم تعلن للمستأنف عليه (الطاعن) إلا في 8/ 1/ 1977 وقد تمسك الطاعن بجلسة 4/ 10/ 1977 وقبل التكلم في الموضوع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بالصحيفة في ظرف الثلاثة الشهور. وإذ أسس هذا الحكم قضاءه بسقوط حق الطاعن في التمسك بهذا الدفع على تنازله الضمني عن إبدائه بطلب تأجيل الدعوى لتقديم عقد البيع وعدم إصراره على دفعه بالجلسات التالية وكانت هاتان الدعامتان المؤسس عليهما هذا الحكم لا تؤديان إلى اعتبار الطاعن متنازلاً ضمنياً عن دفعه الذي أبدى صحيحاً ويكون بالتالي الحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 20/ 3/ 1978 قد شابه الفساد في الاستدلال في استخلاص نزول الطاعن ضمناً عن دفعه الأمر الذي حجبه عن إبداء كلمته في هذا الدفع مما يعيبه بالقصور في التسبيب ويكون متعين نقضه لهذين السببين دون حاجة لبحث الثالث.
وحيث إنه لما كان يترتب على نقض هذا الحكم الصادر في الاستئناف رقم 3287 لسنة 93 ق بتاريخ 20/ 3/ 1978 نقض الحكم المنهي للخصومة الصادر في 5/ 3/ 1979 إعمالاً لنص المادة 271/ 1 مرافعات إذ أن الحكم الأول كان أساساً له على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 225 لسنة 25 ق جلسة 26 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 109 ص 716

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

--------------

(109)
الطعن رقم 225 لسنة 25 القضائية

ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" "الاتفاق على وعاء الضريبة" "محاولة الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع للجنة".
وجوبها:
المرحلة التي تحاول فيها المأمورية الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير هي مرحلة واجبة قدر المشرع تحقق المصلحة في التزامها بالنسبة للممول أو المصلحة. إغفال إجرائها يترتب عليه عدم جواز طرح النزاع على لجنة التقدير.
حرمان الممول منها:
عدم مراعاة المصلحة للإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية بإعلان الممول بالنموذجين 19 و20 في المواعيد المنصوص عليها قبل إحالته على لجنة التقدير وحرمانه منها يترتب عليه بطلان الإجراءات.

----------------
مفاد المادتين 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 و25 من اللائحة التنفيذية له المعدلة بالقرار الوزاري رقم 39 لسنة 1946 أن مأمورية الضرائب يجب أن تعرض تقديراتها على الممول أولاً، فإذا رفضها كان لها أن تحيل ما لم يتم الاتفاق عليها بينها وبين الممول على لجنة التقدير، وهذه المرحلة التي تحاول فيها المأمورية الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير هي مرحلة واجبة قدر المشرع تحقق المصلحة في التزامها، سواء بالنسبة للممول أو لمصلحة الضرائب، ويترتب على إغفال إجراء هذه المحاولة عدم جواز طرح النزاع على لجنة التقدير. ولما كان الأصل في الإحالة على لجنة التقدير أن تتم وفقاً للائحة التنفيذية وأن تراعى الإجراءات التي نصت عليها بإعلان الممول بالنموذجين 19 و20 ضرائب في المواعيد المنصوص عليها قبل إحالته على لجنة التقدير، وكان الثابت أن مصلحة الضرائب قد خرجت عن هذا النظر وأحالت مورث الطاعنين إلى لجنة التقدير في ذات اليوم الذي أعلن فيه بالنموذجين 19 و20 ضرائب ودون إتاحة الفرصة له من الإفادة بالمواعيد المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية والمبينة بهذين النموذجين، فإن إحالته إلى لجنة التقدير بالتأسيس على هذه الإجراءات الباطلة يكون باطلاً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم القاضي برفض الدفع ببطلان الإجراءات قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مأمورية ضرائب بني سويف أخطرت مورث الطاعنين بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب في 6 من يوليه سنة 1950 بتقدير الضريبة المستحقة عليه عن أرباحه التجارية الناتجة عن تجارة الأقطان في المدة من سنة 43 - 46، وتسلم المورث هذين الإخطارين في 10 من يوليه سنة 1950، وقد أحالته المأمورية في نفس الوقت بالنموذج 21 إلى لجنة تقدير الضرائب، فدفع أمامها ببطلان الإجراءات التي اتخذتها المأمورية لأنها فوتت عليه المهلة المنصوص عليها في المادتين 25 و26 من اللائحة التنفيذية للقانون 14 سنة 1939 - وقد أصدرت اللجنة قرارها في 22 من يونيه سنة 1950 برفض هذا الدفع وتحديد أرباحه عن السنوات المذكورة بالمبالغ الواردة في ذلك القرار، فطعن مورث الطاعنين في قرار اللجنة بالدعوى رقم 67 سنة 50 تجاري كلي بني سويف طالباً إلغاء قرار لجنة التقدير واعتباره كأن لم يكن، ودفع أمام المحكمة ببطلان الإجراءات التي اتخذتها المأمورية وبالتالي قرار اللجنة الذي بني على هذه الإجراءات، وقد أصدرت محكمة بني سويف الابتدائية حكمها في 28 من إبريل سنة 1951 بقبول الطعن شكلاً وبرفض الدفع ببطلان الإجراءات وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير الضرائب الحكومي لفحص المستندات وتحديد صافي أرباح الطاعن عن سنى النزاع، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بجلسة 26 من سبتمبر سنة 1953 بتحديد أرباح الطاعن عن سنى النزاع بالمبالغ التي أظهرها الخبير وهي على التوالي 150 جنيهاً و400 مليم و1076 جنيهاً و1399 جنيهاً و1678 جنيهاً و800 مليم، استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم وكذلك الحكم الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 وقيد الاستئناف برقم 42 سنة 71 ق. وبجلسة 27 من مايو سنة 1954 دفع الحاضر عن المستأنف بسقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بالضرائب عن جميع سنوات النزاع تأسيساً على بطلان إجراءات المأمورية وبطلان قرار لجنة التقدير، وقد أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها في 25 من نوفمبر سنة 1954 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً - برفض الاستئناف عن الحكم الصادر بتاريخ 28 من إبريل سنة 1951 وتأييد ذلك الحكم فيما قضى به من رفض الدفع ببطلان الإجراءات. ثانياً - برفض الدفع الخاص بسقوط الحق في الضريبة المستحقة في سنى النزاع. ثالثاً - بتعديل الحكم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1953 واعتبار أرباح مورث المستأنفين في السنوات 1943 - 1944 و1944 - 1945 و1945 - 1946 بالمبالغ الآتية على التوالي 776 جنيهاً و400 مليم و949 جنيهاً و800 مليم و1228 جنيهاً وألزمت المستأنفين بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومصلحة الضرائب بباقي المصروفات عنهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة - فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض في 9 من مايو سنة 1955، ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 9 من يونيه سنة 1959 وفيها أصر الحاضر عن الطاعنين على طلباتهم كما طلبت النيابة العامة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لتقضي بنقض الحكم المطعون فيه - وأصدرت دائرة فحص الطعون قرارها في 9 من يونيه سنة 1959 بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1959، وفي تلك الجلسة صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم، كما صممت مصلحة الضرائب على طلب رفض الطعن، وكذلك صممت النيابة العامة على طلباتها.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وذلك فيما قضى به الحكم من رفض الاستئناف عن الحكم الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 القاضي برفض الدفع ببطلان الإجراءات - ذلك أن مأمورية الضرائب قد حررت النموذج 19 ضرائب بتاريخ 5 من يوليه سنة 1950 وحررت النموذج 20 من ذات التاريخ وصدرت النموذجين معاً بتاريخ 6 من يوليه سنة 1950 برقمي 5551 و5552 داخل مظروف واحد سلم إلى مورث الطاعن في يوم 10 من يوليه سنة 1950 كما أحالت الموضوع في يوم 5 يوليه سنة 1950 إلى لجنة التقدير بالنموذج رقم 21 وبذلك حرمت مورثهم في المهلتين المقررتين والمدونتين بصيغة النموذجين وهما عشرين يوماً وعشرة أيام وفي ذلك إهدار لنصوص المادتين 47 و52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادتين 25 و26 من اللائحة التنفيذية. وإذا أهملت النصوص الإجرائية فإن إهمالها يستتبع البطلان حتماً بغير حاجة للنص عليه - وقد نصت المادة 25 من قانون المرافعات على أنه "يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم" وهذان الشرطان متوافران، ومتى ثبت ذلك وتبين أن إجراءات المأمورية باطلة فإن ما ترتب عليها باطل وبالتالي لا يكون لها أثر في قطع التقادم.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إنه أورد في خصوص رفض الدفع بالبطلان ما يلي: "ومن حيث إن القانون رقم 14 لسنة 1939 لم ينص على البطلان في حالة عدم مراعاة المواعيد التي نصت عليها المادتان 25 و26 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور كما أنها ليست من قبيل المواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات والتي يترتب عليها البطلان". وفضلاً عن ذلك فإنه لم يترتب على مخالفتها أي ضرر للطاعن لأن لجنة التقدير هي المختصة أصلاً بتقدير الضريبة. أما المأمورية فعملها ينحصر في المناقشة في إمكان الاتفاق على الضريبة. ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله ويتعين رفضه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون، ذلك أن المادة 25 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقرار الوزاري رقم 39 لسنة 1946 نصت "على أنه إذا كان الممول لم يقدم إقراراً عن أرباحه أو قدم إقراراً ولم يقتنع به المأمور رغماً عن الإيضاحات التي طلبها. فإن مأمور الضرائب يخطر الممول بالأرباح التقديرية التي يرى اتخاذها أساساً لربط الضريبة (على النموذج رقم 19 ضرائب) وتحدد له عشرين يوماً لإرسال قبوله أو ملاحظاته. فإذا لم يقبل الممول التقدير وأرسل ملاحظات لم يقتنع بها المأمور أو لم يبعث بملاحظات ولم يتم الاتفاق بين المأمور والممول. فإن المأمور يخطره بعزمه على إحالة الموضوع إلى لجنة التقدير وذلك على (النموذج رقم 20 ضرائب) إذا لم تقبل وجهة نظر المأمور في ظرف العشرة أيام التالية لاستلام النموذج سالف الذكر - فإذا وافق الممول على وجهة نظر المأمور في خلال المهلة السابقة يتولى المأمور عرض أساس الربط على المدير المحلي لاستصدار الورد الذي تدفع بموجبه الضريبة" كما نصت المادة 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن تحيل مصلحة الضرائب إلى لجان التقدير جميع المسائل التي لم يتم اتفاق عليها بين المصلحة والممول مع موافاتها بكل ما قدمه الممول من الإقرارات والبيانات ومع موافاتها كذلك بملاحظات المصلحة - ومفاد هذه النصوص المنطبقة على وقائع النزاع أن مأمورية الضرائب يجب أن تعرض تقديراتها على الممول أولاً. فإذا رفضها كان لها أن تحيل ما لم يتم الاتفاق عليه بينها وبين الممول على لجنة التقدير. وهذه المرحلة التي تحاول فيها المأمورية الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير هي مرحلة واجبة قدر المشرع تحقق المصلحة في التزامها سواء بالنسبة للممول أو لمصلحة الضرائب. ويترتب على إغفال إجراء هذه المحاولة عدم جواز طرح النزاع على لجنة التقدير - والأصل في الإحالة على لجنة التقدير أن تتم وفقاً للائحة التنفيذية، وأن تراعى الإجراءات التي نصت عليها بإعلان الممول بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب في المواعيد المنصوص عليها قبل إحالته على لجنة التقدير، ومتى كان الثابت أن مصلحة الضرائب قد خرجت على هذا النظر وأحالت مورث الطاعنين إلى لجنة التقدير في ذات يوم الذي أعلن فيه بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب، ودون إتاحة الفرصة له من الإفادة بالمواعيد المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية والمبينة بهذين النموذجين، فإن إحالته إلى لجنة التقدير بالتأسيس على هذه الإجراءات الباطلة يكون باطلاً. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم القاضي برفض الدفع ببطلان الإجراءات قد خالف القانون بما يستوجب نقضه بلا حاجة لبحث ما خلا ذلك من أوجه الطعن.
وحيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه - ولما سبق بيانه - يتعين إلغاء الحكم المستأنف الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 والقضاء ببطلان قرار لجنة التقدير الصادر في 22 من يوليه سنة 1950 واعتباره كأن لم يكن. كما يتعين تبعاً لذلك إلغاء الحكم المستأنف الصادر في الموضوع بتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1953.

الطعن 554 لسنة 46 ق جلسة 18 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 170 ص 944

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني؛ محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

------------------

(170)
الطعن رقم 554 لسنة 46 القضائية

(1) بيع "ضمان الاستحقاق". ملكية.
تصرف البائع في المنقول المعين بالذات لمشتر ثان. تصرف من غير مالك. علة ذلك. تعرض المشتري الأول للثاني. حق الأخير في الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق.
(2) بيع "ضمان الاستحقاق".
ضمان الاستحقاق. شرطه. لا يشترط لقيامه صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع من المشتري.

------------------
1 - ملكية المنقول تنتقل - فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير - بمجرد التعاقد إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات، مما مفاده أن تصرف البائع في الشيء لمشتر ثان يكون صادراً من غير ذلك مالك لأن ملكيته قد انتقلت منه إلى المشتري الأول. فإذا تعرض الأخير للمشتري الثاني مدعياً ملكية المبيع وانتزاعه منه، حق للمشتري الثاني الرجوع على بائعه بضمان الاستحقاق.
2 - يكفي للرجوع بضمان الاستحقاق أن يحرم المشتري فعلاً من المبيع لأي سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه، أو ليس في مقدوره دفعه ولا يتوقف وجوده على صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع من المشتري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 250 سنة 1974 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 3000 ج وقال في بيانها إنه بموجب عقد مقايضة مؤرخ 16/ 3/ 1973 تبادل معها عن سيارته بسيارتها رقم..... التي قدرت قيمتها في العقد بمبلغ 1800 ج، وبتاريخ 4/ 8/ 1973 وقعت........ حجزاً تحفظياً على السيارة الأخيرة، فاضطر لتسليمها للحارس الذي عين من قبلها، كما نقلت ترخيص تلك السيارة لاسمها استناداً إلى حكم صدور لها ضد المالك الأصلي بصحة ونفاذ بيعه السيارة لها، ولما كان قد أخطر الطاعنة بما تقدم، واستحقت السيارة للغير فتحقق موجب الرجوع بالضمان فقد أقام دعواه. قامت الطاعنة بإدخال المطعون ضده الثاني - البائع لها - في الدعوى طالبة الحكم عليه بما عسى أن يحكم به عليها للمطعون ضده الأول. بتاريخ 7/ 4/ 1975 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 1850 ج والفوائد بواقع 4% بالنسبة لمبلغ 1800 ج اعتباراً من 4/ 8/ 1973 وفي دعوى الضمان بإلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع للطاعنة ما حكم به عليها في الدعوى الأصلية. استأنف المطعون ضده الثاني هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 450 سنة 31 ق واستأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 453 سنة 31 ق، بتاريخ 27/ 3/ 1976 قضت المحكمة في الاستئنافين برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، تنعى الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه يشترط للرجوع عليها بضمان الاستحقاق أن يكون المتعرض قد استند في ادعائه إلى سبب قانوني يحتج به على المشتري وأن يرفع على الأخير دعوى استناداً إلى هذا السبب، ولما كان المطعون ضده الأول لا يحاج بعقد شراء....... السيارة أو بالحكم الصادر لها بصحة البيع، وكانت الأخيرة لم ترفع عليه دعوى باستحقاق السيارة التي سلمها لها مجرد الحجز عليها، فإن ذلك لا يعدو أن يكون تعرضاً مادياً لا يرتب الرجوع عليها بضمان الاستحقاق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير سديد، ذلك أن ملكية المنقول تنتقل - فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير - بمجرد التعاقد إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات، مما مفاده أن تصرف البائع في الشيء لمشتر ثان يكون صادراً من غير مالك لأن ملكيته قد انتقلت منه إلى المشتري الأول. فإذا تعرض الأخير للمشتري الثاني مدعياً ملكية المبيع وانتزعه منه، حق للمشتري الثاني الرجوع على بائعه بضمان الاستحقاق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن...... ابتاعت السيارة من مالكها الأصلي بموجب عقد مؤرخ في 10/ 11/ 1969 قضى بصحة ونفاذه بالحكم رقم 5340/ 1971 مدني كلي شمال القاهرة وأن هذا البائع قد باع السيارة مرة ثانية لآخر بموجب عقد مؤرخ في 8/ 6/ 1970 وتوالت البيوع إلى أن اشترت الطاعنة تلك السيارة من المطعون ضده الثاني بالعقد المؤرخ 9/ 12/ 1971 فبادلت بها المطعون ضده الأول بموجب عقد مقايضة مؤرخ 26/ 3/ 1973 مما مفاده أن ملكية السيارة انتقلت لـ....... قبل البيع الصادر لسلف الطاعنة، وإذ تمكنت المذكورة استناداً إلى عقدها الذي قضي بصحته ونفاذه، من الحجز على السيارة وانتزاعها من يد المطعون ضده الأول، ومن نقل قيد تلك السيارة بسجلات المرور لاسمها، وكان انتقال الملكية على ما سلف حجة على الطاعنة فإنه يحق للمطعون ضده الأول الرجوع عليها بالضمان لاستحقاق السيارة للغير، ذلك أنه يكفي للرجوع بضمان استحقاق أن يحرم المشتري فعلاً من بيع لأي سبب سابق على البيع لم يكن له يد فيه، أو ليس في مقدوره دفعه ولا يتوقف وجوده على صدور حكم قضائي بنزع ملكية المبيع من المشتري. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ انتهى إلى تحقق موجب الرجوع على الطاعنة بضمان الاستحقاق فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أخطأ في تقدير التعويض إذ قدر قيمة السيارة وقت الاستحقاق بما قدرت به وقت التعاقد قولاً منه بأن قيمتها لم تقل فيما بعد عن هذا المبلغ، وألزمها بمصاريف دعوى استحقاق لم ترفع على المطعون ضده الأول، وقضي عليها بالفوائد من تاريخ الحجز وهي لا تستحق إلا من تاريخ الاستحقاق، وليس توقيع الحجز بمثابة استحقاق للسيارة مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم المستأنف لأسبابه في خصوص تقدير للتعويض المحكوم به، ولما كانت الطاعنة لم تعرض على محكمة الاستئناف ما تثيره بهذا السبب، فإن النعي به يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 331 لسنة 15 ق جلسة 23 / 4 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 64 ص 439

جلسة 23 من أبريل سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضه وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي، المستشارين.

-----------------

(64)

القضية رقم 331 لسنة 15 القضائية

عاملون مدنيون "ترقية".
الترقية من الدرجة الثانية إلى وظائف الدرجة الأولى - أساسها تقدير جهة الإدارة لصلاحية المرشح - لا وجه للاعتماد فيها على ما يتضمنه ملف خدمة العامل وحده - صلاحية العامل في مجال الترقية مسألة نسبية تتحدد عند الترشيح للترقية في وقت معين - بيان ذلك.

------------------
إن ما قضت به المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 من وجوب التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية عند الترقية بالاختيار لا يثير في التطبيق أية صعوبة عندما تكون مراتب كفاية المرشحين للترقية مقدرة من قبل في تقاريرهم السنوية بحيث إذا تساوى مرشحان أو أكثر في مرتبة من مراتب الكفاية التي حددتها المادة 29 من القانون ذاته والتي قضت بخضوع جميع العاملين لغاية وظائف الدرجة الثالثة لنظام التقارير السنوية، تعين التقيد بالأقدمية فيما بينهم عند إجراء الترقية، أما في الترقية من الدرجة الثانية إلى وظائف الدرجة الأولى وما فوقها حيث لا يخضع المرشحون لها لنظام التقارير السنوية وبالتالي لا توجد لهم مراتب كفاية مقدرة من قبل لشغل هذه الوظائف فإن قرار الترقية ذاته إلى هذه الوظائف الرئيسية يفترض فيه بالضرورة قيامه على تقدير السلطة الإدارية المختصة لصلاحية المرشح بمراعاة حكم المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه ومن ثم فإن الطعن في مثل هذا القرار لا يعدو في حقيقته أن يكون طعناً في تقدير السلطة الإدارية لصلاحية المرشح لشغل إحدى هذه الوظائف الرئيسية.
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العناصر التي تتطلبها الترقية إلى الوظائف الرئيسية من الدرجة الأولى "مدير عام" فما فوقها تختلف عن العناصر التي تتطلبها الترقية إلى ما دون ذلك من وظائف وأن المفاضلة في مجال الاختيار لشغل هذه الوظائف - وهي مفاضلة تجري بين طائفة من الموظفين لا تخضع لنظام التقارير السنوية وإنما يتصل أفرادها بحكم مناصبهم في درجات الوظائف العليا بأوثق صلات العمل برؤساء الجهات الإدارية التابعين لها يتيح لهذه الجهات أقرب الحقائق والمعلومات عن كفايتهم - أمر متروك لتقدير الإدارة تستهدي فيه بما يتحلى به الموظف من مزايا وصفات وما يتجمع لديها من عناصر تطمئن معها إلى هذا الاختيار وتقدير الإدارة في هذا الشأن له وزنه واعتباره وهي تستقل به مما لا معقب عليها إذا ما خلا من الانحراف في استعمال السلطة.
ولا وجه للتحدي في هذا المقام بالاعتماد عند الاختيار لشغل هذه الوظائف على ما تضمنه ملف خدمة الموظف ذلك أن ملف الخدمة وما يحتويه من تقارير وإن كان في الأصل هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل بالضرورة كل ما يتعلق بالموظف من معلومات وبيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير وقد تغيب عن تلك التقارير ولكنها لا تغيب عن ذوي الشأن عند النظر في الترقيات إلى الوظائف الرئيسية وهو ما أكدته المادة الخامسة من التفسير التشريعي رقم 5 لسنة 1965 لبعض أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 حيث جرى نصها بالآتي "تكون ترقية العاملين الشاغلين للدرجات الثالثة وفقاً لنظام التقارير السنوية أما العاملون الشاغلون للدرجات الثانية وما يعلوها فيستهدى في تحديد مرتبه كفايتهم عند الترقية بما ورد بملف الخدمة وما يبديه الرؤساء عنهم" ولا يغير من هذا النظر ما يقوله المطعون ضده من أن الدولة منحته وساماً بمناسبة إحالته إلى المعاش وبعد ترقيته إلى الدرجة الأولى.
ومن حيث إنه لا يجدي في النعي على القرار المطعون فيه أن الإدارة رقت المطعون ضده إلى الدرجة الأولى "مدير عام" بالقرار الجمهوري رقم 1072 لسنة 1967 الصادر في 7 من مايو سنة 1967 أي بعد أقل من عشرة شهور من صدور القرار الأول مما ينهض دليلاً على صلاحيته وقت الترقية التي تمت بالقرار المطعون فيه، ذلك أن الصلاحية - في مجال الترقية - مسألة نسبية يتحدد مداها وأثرها في نطاق الصلاحيات الأخرى المتزاحمة معها عند الترشيح للترقية في وقت معين، فإذا لم تسعف المرشح صلاحيته في ذلك الوقت فإنه ليس ثمة ما يمنع من أن تسعفه في وقت لاحق إذا ما برزت في مجال المفاضلة بينها وبين الصلاحيات الأخرى المتنافسة معها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 760 لسنة 20 القضائية ضد وزارة الخزانة بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 23 من فبراير سنة 1967 وطلب فيها الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 2895 لسنة 1966 الصادر في 16 من يوليو سنة 1966 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية للدرجة الأولى "مدير عام" وبترقيته إليها وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات. وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 16 من يوليو سنة 1966 صدر القرار الجمهوري رقم 2895 لسنة 66 بترقية السادة: محمد الحسيني الشافعي وعبد الفتاح أحمد الشاذلي وعبد المنعم دسوقي ومحمود حمدي أحمد حمدي وعبد العزيز محمد حسن وعبد الحميد بريقع إلى الدرجة الأولى مع تعيينه مديرون عاملون بوكالة حسابات وزارة الخزانة. فتظلم في 24 من أغسطس سنة 1966 لوزير الخزانة ولمفوض الدولة للوزارة لأن أقدميته تسبق أقدمية كل من الثالث والرابع والخامس والسادس وأن كفايته أعلى منهم أو هي لا تقل عن كفايتهم. واستطرد المدعي قائلاً أنه لما كانت المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 تقضي بوجوب التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية في الترقية بالاختيار فإنه ينعى على القرار المشار إليه ما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى لأن الوزارة أساءت استعمال سلطتها التقديرية حيث رقت من هم دونه أقدمية وكفاية مخالفة لبذلك نص المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وأن سنده في هذا ملف خدمته وملفات خدمة المطعون في ترقيتهم، وفي 30 من مايو سنة 1967 قدم المدعي لهيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري صورة من القرار الجمهوري رقم 1072 لسنة 1967 الصادر في 7 من مايو سنة 1967 متضمناً ترقيته (ثاني اسم) إلى الدرجة الأولى في وظيفة مدير عام بوزارة الخزانة "كادر حسابات الحكومة" ثم اتبع ذلك بمذكرة مؤرخة في 15 من يوليو سنة 1967 طلب فيها اعتبار ترقيته إلى الدرجة الأولى من تاريخ صدور القرار المطعون فيه.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأنه ولئن كان المفهوم من المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 أن الترقيات تتم بالأقدمية المطلقة لغاية الترقية إلى الدرجة الثالثة أما الترقيات من الدرجة الثالثة وما فوقها فكلها بالاختيار للكفاية مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية إلا أن الترقية إلى الوظائف الرئاسية من الدرجة الأولى فما فوقها هي من الترقيات التي تترخص الوزارة في إجرائها على ضوء الصالح العام باعتبار تلك الوظائف من الوظائف القيادية ولا يكون التعيين فيها إلا بقرار من رئيس الجمهورية، وأن العناصر التي يتطلبها التعيين في تلك الوظائف تختلف عن العناصر التي تتطلبها الترقية إلى ما دونها من وظائف، المفاضلة في مجال الاختيار لشغل هذه الوظائف أمر متروك لتقدير جهة الإدارة تستهدي فيه بما يتحلى به الموظف من مزايا وصفات وما يتجمع لديها من عناصر تطمئن إليها في هذا الاختيار، وهذا التقدير تستقل به جهة الإدارة بما لا معقب عليها ما دام قد برئ قرارها من عيب الانحراف في استعمال السلطة. وأنه ليس في ترقية المدعي بعد ذلك ما يفيد إن كانت لديه الصلاحية عند إجراء الحركة المطعون فيها ذلك أن الصلاحية تختلف من وظيفة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر.
وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة "مدير عام" إلى تاريخ صدور القرار الجمهوري رقم 2895 لسنة 1966 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات. وأقامت قضاءها على أن نص المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 إذ يقتضي أن تكون الترقية من الدرجة الثالثة فما فوقها بالاختيار فإن بالاختيار يجد حده الطبيعي في المبدأ العادل من أنه لا يجوز - كما قضى النص - تخطي الأقدم إلا إذا كان الأحدث هو الأصلح أما عند التساوي في درجة الصلاحية فيجب أن تكون الترقية بالأقدمية فيما بين المرشحين، وأنه وإن كان لا يلزم لصحة القرار الإداري أن يشتمل على أسبابه إذ يفترض قيامه على أسباب صحيحة، إلا أن هذا لا يعفي الجهة الإدارية من وجوب قيام قرارها على دواع ودوافع من الواقع وابتنائه على أسباب صحيحة صدر محمولاً عليها وأنه من ثم فمتى كانت المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 قد قيدت الجهة الإدارية بعدم تخطي الأقدم إلا إذا رجحت كفاية الأحدث فقد تعين عليها أن تبين أن سبب هذا التخطي هو رجحان كفاية من يلون المدعي في الأقدمية وبالتالي فإذا كانت الوزارة قد أصرت على عدم إيضاح العناصر التي أقامت عليها الترقية بالاختيار وتخطي المدعي في هذا الاختيار فلا أقل من أن تكيف المحكمة هذا السلوك على أن المدعي لا يقل في كفايته عن كفاية المرقين وأنه ينبني على هذا الاعتبار أنه مع تساويه في الكفاية مع زملائه المرقين فإنه يكون وهو الأقدم أحق من الأربعة الذين يلونه في الترقية قبلهم وأنه إذ رقى بالفعل بقرار جمهوري لاحق فإنه يقتضي الحكم بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لأنه إذا كان المناط في الاختيار للترقية من الدرجة الثالثة إلى الثانية هو كفاية العامل حسبما وردت في التقارير السنوية التي يخضع لها العاملون حتى الدرجة الثالثة فإن الاختيار إلى ما بعد ذلك من درجات يكون أكبر أثراً ولذلك أطلق المشرع سلطان الإدارة عند الترقية بالاختيار بالنسبة لهذه الوظائف تاركاً لها وزن الكفاية بالميزان الذي تراه مناسباً والذي يتفق مع ما لهذه الوظائف من أهمية في الجهاز الإداري للدولة، وأن المفاضلة تقوم في هذه الحالة بين المرشحين على عناصر متعددة منها الصلاحية في العمل والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته والاستعداد الشخصي والحصيلة العلمية والقدرة على الابتكار ومواجهة الأمور وحل المشاكل. وأنه لا يعول في إثبات هذه العناصر على ملف الخدمة وحده ذلك أنه وإن كان في الأصل هو الوعاء الطبيعي لحياة الموظف الوظيفية إلا أنه لا يشمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات وبيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير وأنه إذا كان المطعون ضده والمطعون في ترقيتهم لم تقدم عنهم تقارير سنوية لعدم خضوعهم لنظام التقارير السنوية فمن الطبيعي أن يقوم تقدير الجهة الإدارية مقام هذه التقارير في تقدير كفايتهم وصلاحيتهم للوظائف المرشحين للترقية إليها فإذا تبين للجهة الإدارية أن المطعون ضده وقت إجراء الترقية كان دون المطعون في ترقيتهم وأن هؤلاء أكثر صلاحية في شغل الوظائف التي رقوا إليها فلا جناح عليهم إن هي أثرتهم دونه بالترقية ما دام هذا الاختيار قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده وقت صدور القرار الجمهوري رقم 2895 لسنة 1966 في 16 من يوليو سنة 1966 بتعيين مديرين عامين من الدرجة الأولى بوزارة الخزانة (كادر وكالة الوزارة لشئون الحسابات) كان ترتيبه الخامس في أقدمية الدرجة الثانية، وقد تضمن هذا القرار تعيين من يلونه في الأقدمية في تلك الدرجة وهم من كان ترتيبهم فيها السادس والسابع والثامن والتاسع.
ومن حيث إن المطعون ضده ينعى على القرار المطعون فيه أنه إذ تخطاه في الترقية وهو أقدم من المطعون في ترقيتهم ولا يقل عنهم كفاية - يكون قد صدر مخالفاً للمادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 فيما قضت به من أن الترقيات من الدرجة الثالثة وما فوقها فكلها بالاختيار للكفاية مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية.
ومن حيث إن ما قضت به المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 من وجوب التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية عند الترقية بالاختيار لا يثير في التطبيق أية صعوبة عندما تكون مراتب كفاية المرشحين للترقية مقدرة من قبل في تقاريرهم السنوية بحيث إذا تساوى مرشحان أو أكثر في مرتبة من مراتب الكفاية التي حددتها المادة 29 من القانون ذاته والتي قضت بخضوع جميع العاملين لغاية وظائف الدرجة الثالثة لنظام التقارير السنوية، تعين التقيد بالأقدمية فيما بينهم عند إجراء الترقية، أما في الترقية من الدرجة الثانية إلى وظائف الدرجة الأولى وما فوقها حيث لا يخضع المرشحون لها لنظام التقارير السنوية وبالتالي لا توجد لهم مراتب كفاية مقدرة من قبل لشغل هذه الوظائف فإن قرار الترقية ذاته إلى هذه الوظائف الرئيسية يفترض فيه بالضرورة قيامه على تقدير السلطة الإدارية المختصة لصلاحية المرشح بمراعاة حكم المادة 21 من القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه ومن ثم فإن الطعن في مثل هذا القرار لا يعدو في حقيقته أن يكون طعناً في تقدير السلطة الإدارية لصلاحية المرشح لشغل إحدى هذه الوظائف الرئيسية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العناصر التي تتطلبها الترقية إلى الوظائف الرئيسية من الدرجة الأولى "مدير عام" فما فوقها تختلف عن العناصر التي تتطلبها الترقية إلى ما دون ذلك من وظائف وأن المفاضلة في مجال الاختيار لشغل هذه الوظائف - وهي مفاضلة تجري بين طائفة من الموظفين لا تخضع لنظام التقارير السنوية وإنما يتصل أفرادها بحكم مناصبهم في درجات الوظائف العليا بأوثق صلات العمل برؤساء الجهات الإدارية التابعين لها مما يتيح لهذه الجهات أقرب الحقائق والمعلومات عن كفايتهم - أمر متروك لتقدير الإدارة تستهدي فيه بما يتحلى به الموظف من مزايا وصفات وما يتجمع لديها من عناصر تطمئن معها إلى هذا الاختيار وتقدير الإدارة في هذا الشأن له وزنه واعتباره وهي تستقل به مما لا معقب عليها إذا ما خلا من الانحراف في استعمال السلطة.
ومن حيث إن المطعون ضده لم يقدم دليلاً على أن الإدارة أساءت استعمال سلطتها في الاختيار للترقيات الصادر بها القرار الجمهوري رقم 2895 لسنة 1966 المطعون فيه، مكتفياً بالإشادة بكفايته على أنها تعلو أو تتساوى على الأقل مع كفاية المطعون في ترقياتهم مستشهداً في ذلك بملف خدمته وملفات خدمتهم.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي في هذا المقام بالاعتماد عند الاختيار لشغل هذه الوظائف على ما تضمنه ملف خدمة الموظف ذلك أن ملف الخدمة وما يحتويه من تقارير وإن كان في الأصل هو الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه لا يشمل بالضرورة كل ما يتعلق بالموظف من معلومات وبيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير وقد تغيب عن تلك التقارير ولكنها قد لا تغيب عن ذوي الشأن عند النظر في الترقيات على الوظائف الرئيسية هو ما أكدته المادة الخامسة من التفسير التشريعي رقم 5 لسنة 1965 لبعض أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 حيث جرة نصها بالآتي "تكون ترقية العاملين الشاغلين للدرجات الثالثة وفقاً لنظام التقارير السنوية أما العاملون الشاغلون للدرجات الثانية وما يعلوها فيستهدى في تحديد مرتبة كفايتهم عند الترقية بما ورد بملف الخدمة وما يبديه الرؤساء عنهم" ولا يغير من هذا النظر ما يقوله المطعون ضده من أن الدولة منحته وساماً بمناسبة إحالته إلى المعاش وبعد ترقيته إلى الدرجة الأولى.
ومن حيث إنه لا يجدي في النعي على القرار المطعون فيه أن الإدارة رقت المطعون ضده إلى الدرجة الأولى "مدير عام" بالقرار الجمهوري رقم 1072 لسنة 1967 الصادر في 7 من مايو سنة 1967 أي بعد أقل من عشرة شهور من صدور القرار مما ينهض دليلاً على صلاحيته وقت الترقية التي تمت بالقرار المطعون فيه، ذلك أن الصلاحية - في مجال الترقية - مسألة نسبية يتحدد مداها وأثرها في نطاق الصلاحيات الأخرى المتزاحمة معها عند الترشيح للترقية في وقت معين، فإذا لم تسعف المرشح صلاحيته في ذلك الوقت فإنه ليس ثمة ما يمنع من أن تسعفه في وقت لاحق إذا ما برزت في مجال المفاضلة بينها ومن الصلاحيات الأخرى المتنافسة معها.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن جهة الإدارة إذ تبين لها وقت إجراء الترقية المطعون فيها أن المرقين بموجب القرار الجمهوري المطعون فيه كانوا أكثر صلاحية من المطعون ضده لشغل الوظائف التي تمت الترقية إليها. فإن قرارها في هذا الشأن يكون قد صدر محمولاً على الصحة بما لا معقب عليه ما دام قد برئ من الانحراف في استعمال السلطة ويكون بهذه المثابة قد صدر صحيحاً متفقاً وحكم القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - وقد ذهب غير هذا المذهب - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 212 لسنة 25 ق جلسة 26 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 108 ص 703

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمد عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

--------------------

(108)
الطعن رقم 212 لسنة 25 القضائية

(أ) إعلان "كيفية الإعلان".
إغفال المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه عند تسليم ورقة الإعلان إلى من ذكروا بالم 12 مرافعات يبطل الورقة. م 24 مرافعات. مثال لإعلان إخوة وزوجة.
(ب) نقض "إجراءات الطعن" "تقرير الطعن" "الخصوم في الطعن".
لا يجوز أن يكون خصماً في الطعن بالنقض من لم يكن خصماً أمام محكمة الدرجة الثانية ولو كان خصماً أمام محكمة الدرجة الأولى.
(جـ) حكم "بياناته". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "تلاوة تقرير التلخيص". تقرير التلخيص.
خلو الحكم من بيان حصول تلاوة تقرير التلخيص لا يبطله إلا إذا كانت محاضر جلسات الدعوى التي صدر فيها هي الأخرى خالية من إثبات حصول هذه التلاوة. م 349 مرافعات. علة ذلك؟
(د) تقادم "التقادم المكسب" "التقادم الخمسي" "السبب الصحيح".
المقصود بالسبب الصحيح هو التصرف الصادر من غير مالك. ثبوت أن المقدار المدعي تملكه بالتقادم الخمسي لا يدخل في سند تملك الحائز. لا يجيز تملكه بهذا النوع من التقادم. اعتباره مغتصباً من وضع يده يجري في حقه بشأنه أحكام التقادم الطويل.
(هـ)، (و)، (ز) محكمة الموضوع.
سلطتها في تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها.
عدم التزامها تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم.
سلطتها في تعرف نية واضع اليد وتقصيها من جميع عناصر الدعوى المدونة في حكمها.
(ح) تقادم مكسب "إثبات التقادم".
جواز الاعتماد في إثبات وضع اليد على أقوال وردت في شكوى إدارية.

------------------
1 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، فإذا لم يجده المحضر في موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره وفقاً للمادة 12 من ذلك القانون، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه كمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المرافعات فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان عملاً بالمادة 24 من ذلك القانون، فإذا كان يبين من الاطلاع على أصل إعلان تقرير الطعن أن المطعون عليهما الثاني والثالثة لم يعلنا شخصياً بتقرير الطعن وأن كلاً منهما يقيم في محل يختلف عن محل إقامة الآخر كما يختلف عن محل إقامة أخيهما الذي أعلنا في مواجهته دون أن يثبت المحضر في محضره أنهما غير موجودين في محل إقامته وأن من استلم عنهما صورة الإعلان مقيم معهما، وكانت المطعون عليها الخامسة لم تعلن هي الأخرى شخصياً بتقرير الطعن وإنما أعلنت في مواجهة زوجها ولم يوضح المحضر في محضره أنها غير موجودة في محل إقامتها، فإن إعلان المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامسة بتقرير الطعن يكون باطلاً.
2 - لا يجوز أن يكون خصماً في الطعن بالنقض من لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة الاستئناف وإن كان قد اختصم أمام محكمة أول درجة وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة له على ما جرى به قضاء محكمة النقض.
3 - مجرد خلو الحكم الاستئنافي من بيان حصول تلاوة تقرير التلخيص لا يبطله إلا إذا كانت محاضر جلسات الدعوى التي صدر فيها هي الأخرى خالية من إثبات حصول هذه التلاوة، لأن تلاوة التقرير ليس من البيانات الجوهرية التي توجب المادة 349 مرافعات أن يتضمنها الحكم.
4 - يستلزم التملك بالتقادم الخمسي أن يكون السبب الصحيح الذي يستند إليه واضع اليد صادراً له من غير مالك، فإذا كان المقدار الذي يضع المطعون عليه السادس يده عليه من أرض النزاع خارجاً من عقد مشتراه فلا يمكن أن يعتبر مشترياً له من غير مالك فيستفيد تبعاً لذلك من أحكام التقادم الخمسي بالنسبة لهذه المساحة وإنما يعتبر مغتصباً لهذا المقدار من وضع يده يجري في حقه بشأنه أحكام التقادم الطويل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض.
5 - تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها أمر يستقل به قاضي الموضوع.
6 - محكمة الموضوع ليست مكلفة بأن تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم.
7 - تعرف نية واضع اليد مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع تتقصاها من جميع عناصر الدعوى دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها.
8 - وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات من أي مصدر يستقي القاضي منه دليله ولو كان هذا المصدر أقوالاً وردت في شكوى إدارية - على ما جرى به قضاء محكمة النقض.


المحكمة

من حيث إن وقائع هذا الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن الأول وأخاه شاكر فراج مورث باقي الطاعنين رفعا الدعوى رقم 428 سنة 1940 مدني جزئي أسيوط ضد المطعون عليهم الأربعة الأول والمطعون عليه الأخير وآخرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى 158 متراً مع إزالة ما عليها من المباني اغتصبها المطعون عليهم من ضمن 1243 م و92 س يمتلكها الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج بمقتضى حكمي مرسى مزاد صادرين لهما في القضيتين رقمي 3232 سنة 1928 و5055 سنة 50 أسيوط الجزئية تنفذا بالتسليم ورفعا بموجبهما دعوى قسمة رقم 878 سنة 1930 مدني جزئي أسيوط خصصا فيها بهذا المقدار وتسلماه بمقتضى محضر تسليم مؤرخ 14/ 7/ 1934، وإزاء منازعة المطعون عليهم ندبت المحكمة أحد الخبراء الحكوميين في الدعوى لتحقيق ملكية الطرفين ووضع اليد على المساحة المتنازع عليها فقدم الخبير تقريره بأن الأرض التي خصص بها الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج عبارة عن 109.96 متراً مربعاً مقام عليها سور وجزء من حديقة ورثة أبو زيد على (المطعون عليهم الثلاثة الأول) و16.42 متراً مربعاً تدخل ضمن منزل كامل عبد العاطي (المطعون عليه الأخير) و22.54 متراً مربعاً تدخل ضمن مباني منزل علي حسانين (المطعون عليه الرابع) و1095 متراً مربعاً متروكة فضاء. لم ينازع المطعون عليه الرابع المدعين في طلباتهم فأدخل الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج ابنته المطعون عليها الخامسة في الدعوى بدلاً من والدها المطعون عليه الرابع - وإزاء ادعاء المطعون عليه الأول وضع يده على الأرض الفضاء البالغ مساحتها 1095 متراً مربعاً عدل الطاعن الأول وأخوه شاكر طلباتهما إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى المساحة التي اختصا بها في دعوى القسمة ومقدارها - 1243.92 م مربعاً وإزالة ما عليها من مباني وأشجار وتسليمها إليهما ثم أحالت المحكمة الجزئية الدعوى إلى المحكمة الكلية لاختصاصها وبتاريخ 30 من مايو سنة 1946 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم وضع يدهم على الأرض المتنازع عليها وضع يد مستوفياً للشروط القانونية المدة الطويلة بالنسبة للمطعون عليه الأول ومدة خمس سنوات بالنسبة لمن عداه ممن اشترى من الشركاء. وليثبت الطاعن الأول وأخوه في الوقت نفسه وضع يدهما على ما رسى مزاده عليهما ولينفي كل طرف ما يثبته الآخر وذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والمستندات. وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة بتاريخ 18/ 12/ 1950 برفض الدعوى مع إلزام رافعيها بالمصاريف، لما ثبت لها بعد التحقيق الذي أجرته من وضع يد المطعون عليهم على الأرض موضوع النزاع المدة القانونية المكسبة للملكية. فاستأنف الطاعن الأول وورثة أخيه شاكر فرج هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط برقم 141 سنة 26 ق طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم السابقة، وبتاريخ 3 من مايو سنة 1955 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، فطعن الطاعنون بطريق النقض في هذا الحكم بتاريخ 3 من مايو سنة 1955، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة طلبت فيها عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والثالثة والرابع والخامسة وطلبت رفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول ونقض الحكم في خصوص السبب الثاني من أسباب الطعن - وبتاريخ 7/ 6/ 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن ما أبدته النيابة من دفع بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والثالثة والرابع والخامسة مبناه أنه المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامسة لم يعلنوا بتقرير الطعن شخصياً وإنما أعلنوا في مواجهة آخرين ولم يثبت المحضر في محضر الإعلان أنه لم يجد المطلوب إعلانهم في موطنهم وأن الأشخاص الذين سلمهم صور الإعلانات الخاصة بهؤلاء يقيمون معهم كما تقضي بذلك المادة 12 من قانون المرافعات، وبذا يقع هذا الإعلان باطلاً طبقاً لنص المادة 24 من قانون المرافعات ويحق لمحكمة النقض - إذا لم يحضر هؤلاء لإيداع مذكراتهم ومستنداتهم - أن تعتبرا إعلانهم باطلاً وأن ترتب على ذلك بطلان الطعن ذاته في حقهم. كما وأن المطعون عليه الرابع قرر أمام محكمة أول درجة بعدم المنازعة وأن المدعين إذ ذاك أدخلا ابنته سكينة (المطعون عليها الخامسة) خصماً في الدعوى بمقولة إنها هي المالكة للمنزل دونه، كما أنهما لم يختصماه أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض لأن الخصومة في الطعن بالنقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أصل إعلان تقرير الطعن أن المطعون عليهما الثاني والثالثة يقيم كل منهما في محل يختلف عن محل إقامة الآخر كما يختلف عن محل إقامة أخيهما السيد عبد العزيز أبو زيد، ولم يعلن أي منهما شخصياً بتقرير الطعن كنص المادة 11 من قانون المرافعات وإنما أعلنا به في مواجهة أخيهما عبد العزيز أبو زيد دون أن يثبت المحضر في محضره أن المطعون عليهما المذكورين غير موجودين في محل إقامتهما وأن من استلم عنهما صورة الإعلان مقيم معهما. كما أن المطعون عليها الخامسة لم تعلن هي الأخرى شخصياً بتقرير الطعن وإنما أعلنت به في مواجهة زوجها السيد علي السمكري ولم يوضح المحضر في محضره أن المطعون عليها المذكورة غير موجودة في محل إقامتها. ولما كان الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، فإذا لم يجده المحضر في موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره وفقاً للمادة 12 من ذلك القانون، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه كمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المرافعات فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان عملاً بالمادة 24 من ذلك القانون على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك فإن إعلان المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامسة بتقرير الطعن يكون باطلاً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي أن المطعون عليه الرابع قرر بعدم منازعته المدعيين في طلباتهما فأدخلا بدلاً منه ابنته سكينة علي حسانين المطعون عليها الخامسة، ولما استأنف الطاعنون الحكم الابتدائي لم يختصموا المطعون عليه الرابع في الاستئناف، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأنه لا يجوز أن يكون خصماً في الطعن بالنقض من لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة الاستئناف وإن كان قد اختصم أمام محكمة أول درجة وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة له، فمن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليهما الأول والسادس.
وحيث إن الطعن يقوم على خمسة أسباب يتلخص أولهما في وقوع بطلان جوهري في الإجراءات يترتب عليه بطلان الحكم، ذلك أنه لم تحصل تلاوة تقرير بالجلسة طبقاً لنص المادة 116 مرافعات. ولما كانت تلاوة التقرير بجلسة المرافعة إجراء لازماً نص عليه القانون فيكون الحكم وقد أغفل هذا الإجراء باطلاً من هذه الناحية، ويتخلص السبب الثاني في قصور التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له وأصبح بذلك جزءاً من الحكم قد ورد فيه أن كامل عبد العاطي (المطعون عليه السادس) واضع يده على 16.42 متراً من ملك الطاعنين منها 10.3 متراً داخلة ضمن عقد مشتراه وضمن حكم مرسى المزاد و6.39 متراً خارجة عن عقد مشتراه كما ورد في التقرير أيضاً أن 22.54 متراً موضوع اليد عليها من علي حسانين أو ابنته سكينة علي حسانين وهي ضمن الأرضي الراسي مزادها على المدعين ولكنه لم يستطع تطبيق عقد مشترى علي حسانين لأنه لم يقدم له، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى في هذا الشطر من النزاع استناداً إلى أن كلاً من سكينة علي حسانين وكامل عبد العاطي تملكا المقدار الذي يضعان يديهما عليه بالتقادم الخمسي في حين أن التقادم الخمسي يقتضي أن يكون الشراء من غير مالك. ومع التسليم جدلاً بأن هناك وضع يد فعلي لمدة خمس سنوات على رفع الدعوى من كل من كامل عبد العاطي وسكينة علي حسانين فإن الأول لم يشتر من غير مالك إلا القدر 10.3 متراً، أما سكينة علي حسانين فلم يحصل تطبيق عقدها إطلاقاً بمعرفة الخبير حتى يمكن أن تستبين منه المحكمة إذا كان المقدار 22.54 متراً دخل ضمن عقدها فتعتبر مشترية من غير مالك أو أنه لم يدخل. ويكون الحال بالنسبة لها حينئذ أنها اغتصبت من الأرض المجاورة هذا المقدار وفي هذه الحالة لا تستفيد من التقادم الخمسي. ويبدو قصور الحكم في هذا الشطر منه واضحاً من اعتماده على أقوال الشهود بالنسبة للبناء مع أن هذا البناء واقعة تثبت دائماً بالطرق الرسمية وهي الرخصة أولاً ثم ربط العوائد ثانياً - وملخص ما ينعى به الطاعنون في السبب الثالث خطأ الحكم في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة قضت برفض الدعوى بالنسبة للأرض الفضاء التي تبلغ مساحتها 1095 متراً والتي تقع غربي السور الذي بناه السيد عبد العزيز أبو زيد وإخوته ليفصل بين أرضهم وأرض أولاد عمهم "سيد عبد العال" وذلك على أساس أن السيد عبد العزيز أبو زيد قد تملك قطعة الأرض المذكورة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية في حين أن القانون يشترط أن تكون هناك حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة وألا تكون غامضة، ولم يرد في أقوال شهود السيد عبد العزيز أبو زيد أو في الحكم شيء من ذلك. بل الثابت من الأوراق الرسمية المقدمة في الدعوى أن محضري التسليم المؤرخين 23/ 7/ 1929 و1/ 7/ 1934 اللذين تما تنفيذاً لحكمي مرسى مزاد الأرض المتنازع عليها على الطاعن الأول وأخيه شاكر وكذلك تقرير خبير دعوى القسمة رقم 878 سنة 1930 الذي عاين أرض النزاع في سنة 1934 وتقرير الخبير المقدم في الدعوى الحالية والذي عاين أرض النزاع في سنة 1942. الثابت من هذه الأوراق أن الأرض المذكورة لم يكن بها قماين طوب أو مصنع طوب وإن كان قد ثبت في تقرير الخبير الأخير أنه حصل دق طوب في تلك الأرض في وقت ما فإنه لا يظهر من الحكم أن هذا النوع من الانتفاع - على فرض صحة أقوال شهود السيد عبد العزيز أبو زيد - كان مستمراً لمدة خمس عشرة سنة كاملة دون انقطاع ولا أن وضع اليد تناول المساحة كلها دون أن ينقص شيء منها، إذ أن كل ما استطاع المطعون عليه الأول إثباته على لسان شهوده هو أنه كان يستغل الأرض موضوع النزاع بدق الطوب وحرق الجير، في حين أن هذا النوع من الانتفاع لم يكن قائماً وقت رفع الدعوى وبذا يكون ركن الاستمرار غير متوافر فيها. ولا يكفي أن تقول المحكمة في عبارة مرسلة مبهمة بتوافر أركان وضع اليد المملك. ومن الخطأ في تطبيق القانون القول بأن الجار الذي يستعمل مساحة صغيرة من أرض جاره بدق الطوب وحرق الجير يصبح مالكاً لهذه الأرض بوضع اليد المدة الطويلة، بل إن هذا يعتبر من قبيل التسامح المعترف به بين الملاك المجاورين، ولم يتعرض الحكم الابتدائي لما أثاره الطاعنون في هذا الوجه من الدفاع كما أن ما أورده الحكم الاستئنافي في هذا الصدد لا يكفي لحمله. وينعى الطاعنون في السبب الرابع بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة قواعد الإثبات، ذلك أن محكمة أول درجة لم تستند في قضائها بالتقادم المكسب لصالح المطعون عليه الأول إلى أقوال شهوده فحسب. بل إلى أسباب أخرى كان لها أثر في تكوين عقيدتها، منها قول الحكم أن المدعين لم يتمكنوا من إثبات أنهم وضعوا اليد على أرض النزاع يوماً ما في حين أن الـ 1095 متراً التي تقع غرب السور الذي بناه المطعون عليه الأول وأخوته أرض فضاء، ومن ثم لا يؤخذ على مالكيها عدم وضع يدهم عليها. وقد استند الحكمان الابتدائي والاستئنافي إلى ما شهد به شهود المطعون عليه الأول في الشكوى رقم 213 لسنة 1945 إداري بندر أسيوط، في حين أن الإثبات في القانوني المدني لا يسمح بالاستناد إلى أقوال الشهود في الشكوى الإدارية حيث تسمع أقوالهم في غياب أصحاب الشأن وبدون حلف يمين - ويقوم نعي الطاعنين في السبب الخامس على قصور التسبيب، ذلك أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة الاستئناف وفي المذكرة المقدمة منهم للمحكمة بأن ادعاء المطعون عليه الأول تملكه قطعة الأرض البالغ مساحتها 1095 متراً بالتقادم المكسب يتناقض مع إقرارات صريحة صادرة منه (1) في قضية القسمة رقم 3465 لسنة 1926 مدني جزئي أسيوط التي أقامها ضد أخوته في 17/ 8/ 1926 (2) وفي عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 2/ 1928 الموقع عليه منه ومعه إخوته والذي ذكر أن الحد الغربي فيه مملوك لورثة سيد محمد عبد العال (3) وفي مذكرة المطعون عليه الأول المقدمة منه في القضية رقم 1797 سنة 1935 مدني جزئي أسيوط. وهذه اعترافات صدرت من المطعون عليه الأول في خلال مدة الخمسة عشر عاماً التي زعم أنه كان واضع اليد فيها على الأرض الفضاء.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الأول مردود، ذلك أن مجرد خلو الحكم الاستئنافي في بيان حصول تلاوة تقرير التلخيص لا يبطله إلا إذا كانت محاضر جلسات الدعوى التي صدر فيها هي الأخرى خالية من إثبات حصول هذه التلاوة، لأن تلاوة التقرير ليس من البيانات الجوهرية التي توجب المادة 349 مرافعات أن يتضمنها الحكم. ولما كان الطاعنون لم يقدموا صور محاضر جلسات المرافعة في هذه الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية لمعرفة ما إذا كان تقرير التلخيص قد تلي أو لم يتل فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل متعين الرفض.
ومن حيث إن السبب الثاني من أسباب النعي ينصب على قضاء الحكم برفض الدعوى قبل كل من المطعون عليهما الخامسة والسادس وإذ كان قد تقرر فيما سبق بطلان إعلان المطعون عليهما الخامسة بتقرير الطعن فإن النعي الوارد في هذا السبب لا يتناول قضاء الحكم بالنسبة لها وإنما يتناول قضاءه بالنسبة للمطعون عليه السادس، فقط وهو نعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنين بالنسبة للمطعون عليه السادس بمقولة إن شهوده قد أيدوا دعواه في وضع يده على منزله بحالته منذ مدة تزيد على خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى بالسبب الصحيح. هو عقد شرائه المعترف به المقترن بحسن النية وما يضع المطعون عليه المذكور يده عليه من الأرض موضوع النزاع هي كما ورد في الحكم نقلاً عن تقرير الخبير المنتدب في هذه الدعوى بمعرفة محكمة أسيوط الجزئية 16.42 متراً ضمن منزله. وقد جاء في تقرير هذا الخبير المقدمة صورته الرسمية من الطاعنين ضمن ملف الطاعن نتيجة لمعاينة أرض النزاع - وتطبيق مستندات الخصوم عليها. أنه بتطبيق عقد مشترى كامل عبد العاطي (المطعون عليه السادس) على وضع يده اتضح أن قطعة الأرض مشتراه مساحتها 404.85 متراً مربعاً وإن جملة مساحة الأرض المقام عليها منزله 411.24 متراً مربعاً أي بزيادة مقدارها 6.39 متراً مربعاً عما ورد بعقد مشتراه. ومؤدى ذلك أن المطعون عليه السادس يضع يده على 6.39 متراً مربعاً بدون عقد صادر إليه عنها لأنها خارجة عن عقد مشتراه كما قرر الخبير. ولما كان التملك بالتقادم الخمسي يستلزم أن يكون السبب الصحيح الذي يستند إليه واضع اليد صادراً له من غير مالك، وكان المقدار الذي يضع المطعون عليه السادس. يده عليه من أرض النزاع ومقداره 6.39 متراً مربعاً خارجاً عن عقد مشتراه، فلا يمكن أن يعتبر مشترياً له من غير مالك فيستفيد تبعاً لذلك من أحكام التقادم الخمسي بالنسبة لهذه المساحة. وإنما يعتبر مغتصباً لهذا المقدار من وضع يده يجرى في حقه بشأنه أحكام التقادم الطويل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد أجرى أحكام التقادم الخمسي بالنسبة للمقدار سالف الذكر يكون مخالفاً للقانون بما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن النعي بما ورد في السبب الثالث مردود. ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له أن الحكمين بعد أن استعرضا أقوال شهود طرفي الخصومة رجحا أقوال شهود المطعون عليه الأول على شهود الطاعنين واستخلصا منها أنه هو وإخوته يضعون يدهم على الحديثة ومن قبلهم والدهم منذ خمس وثلاثين سنة سابقة على رفع الدعوى وأن المطعون عليه الأول يضع يده على الأرض الفضاء الأخرى موضوع الدعوى مدة خمسة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى وينتفع بها بصفته مالكاً ظاهراً بغير إنابة أو تسامح، وأن أقوال شهوده قد تأيدت بأقوال شهوده في الشكوى رقم 213 سنة 1945 إداري بندر أسيوط، ويبين من الاطلاع على محضر التحقيق المقدمة صورته الرسمية ضمن الأوراق أن مضمون شهادة شهود المطعون عليه الأول في التحقيق تؤدي إلى ما استخلصه الحكمان من أقوالهما عن وضع اليد ومدته ومظهره. وحسب الحكم المطعون فيه ذلك لإقامة قضائه في هذا الخصوص، إذ أن تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها أمر يستقل به قاضي الموضوع. ولا يغض من ذلك خلو الحكم من الإشارة إلى ما تمسك به الطاعنون من عدم ثبوت وضع يد المطعون عليه الأول على الأرض موضوع النزاع في محضري التسليم ومحضر المعاينة وتقرير الخبير المشار إليها في سبب النعي، ذلك أن محكمة الموضوع ليست مكلفة بأن تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم - واستناد الحكم المطعون فيه في ثبوت وضع يد المطعون عليه الأول على الأرض موضوع النزاع إلى أقوال شهوده يفيد اطراح دفاع الطاعنين في هذا الخصوص، كما أن تعييب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتبر أن انتفاع المطعون عليه الأول بأرض النزاع المجاور كان من قبيل التسامح مردود بأن الحكم المطعون فيه قد قرر أن وضع يد المطعون عليه الأول على تلك الأرض لم يكن بطريق الإنابة أو التسامح. وإذ كان تعرف نية واضع اليد مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع تتقاصاها من جميع عناصر الدعوى دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها، فإن هذا النعي يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الرابع مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أن كلا الحكمين قد اعتمد في قضائه برفض دعوى الطاعنين بالنسبة للأرض التي يضع المطعون عليه الأول يده عليها إلى وضع يد هذا الأخير على تلك الأرض المدة الطويلة المكسبة للملكية. واستند الحكمان في ذلك إلى ما استخلصاه من أقوال شهود المطعون عليه المذكور استخلاصاً له سنده من أقوال هؤلاء الشهود في محضر التحقيق - على ما سبق الإشارة إليه في الرد على السبب السابق. وما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه برفض دعوى الطاعنين في هذا الصدد كاف لحمله دون حاجة لما ورد فيه - تزيداً - بعد ذلك من قول بأن الطاعنين لم يثبتوا وضع يدهم على الأرض المذكورة. لا ينال هذا التزيد من قضاء الحكم في هذا الخصوص كما أن ما ورد في الحكم المطعون فيه من استناد إلى أقوال شهود المطعون عليه الأول في الشكوى رقم 213 سنة 45 إداري بندر أسيوط. إنما كان من قبيل الاستناد إلى قرينة تؤيد أقوال شهود المطعون عليه المذكور في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، ولا مخالفة لقواعد الإثبات في ذلك، لأن وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات من أي مصدر يستقي القاضي منه دليله ولو كان هذا المصدر أقوالاً وردت في شكوى إدارية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الخامس مردود. ذلك أن الطاعنين لم يقدموا صوراً رسمية من الأوراق التي تتضمن الإقرارات المدعى بصدورها من المطعون عليه الأول والتي يستندون إليها في هذا النعي، مما يجعل هذا السبب عارياً عن الدليل، ولا يجدي الطاعنين التحدي بما ورد عن تلك الأوراق ومضمونها في الحكم رقم 59 لسنة 1941 استئناف أسيوط المقدمة صورته الرسمية منهم بملف الطعن طالما أنه لم يثبت أن تلك الصورة من الحكم كانت مودعة في ملف الدعوى لدى محكمة الموضوع، ويتعين لذلك رفض هذا النعي.

الطعن 364 لسنة 15 ق جلسة 22 / 4 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 63 ص 430

جلسة 22 من أبريل سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

-----------------

(63)

القضية رقم 364 لسنة 15 القضائية

كليات ومعاهد عليا - امتحان.
نص المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1963 بشأن تنظيم الكليات والمعاهد العليا على أنه لا يجوز أن يبقى الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين - نص عام ومطلق - سريانه أياً كانت الأسباب التي أدت إلى بقاء الطالب سنتين في فرقة واحدة - مثال - حالة إلغاء امتحان الطالب لسبب تأديبي - بيان ذلك.
إن المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1963 بشأن تنظيم الكليات والمعاهد العالية تنص على أنه "لا يجوز أن يبقى الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين، ولوزير التعليم العالي أن يضع قواعد منح الطلاب فرص التقدم للامتحان من الخارج".

---------------------
ومن حيث إن نص هذه المادة ورد عاماً ومطلقاً ومن ثم فلا يجوز تخصيصه أو تقييده، ومقتضى تطبيقه بعمومه وإطلاقه أنه لا يجوز أن يبقى الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين أياً كانت الأسباب التي أدت إلى بقائه هذه المدة، وكل ما أجيز للطالب الذي يقضي سنتين دراسيتين بفرقة واحدة دون أن ينتقل منها إلى فرقة أعلى، أن يتقدم للامتحان من الخارج وفق ما يضعه وزير التعليم العالي من قواعد في هذا الشأن، وقد حرم وزير التعليم العالي طلاب السنوات الإعدادية والسنوات الأولى في الكليات والمعاهد العالية التي ليس بها سنوات إعدادية: من هذا الحق، طبقاً لما ورد بالمادة الأولى من قراره رقم 271 الصادر في 23 من ديسمبر سنة 1965.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 السابق الإشارة إليه أنه لم يورد أي استثناء من القاعدة العامة التي نص عليها في المادة 41 والتي تقضي بعدم جواز بقاء الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين، إلا في حالة واحدة هي الحالة التي نص عليها في المادة 42 والتي تقضي بأنه "إذا تخلف الطالب عن دخول امتحان أو أكثر بعذر قهري يقبله مجلس المعهد رخص له في عدد مماثل من الامتحانات".
ومن حيث إن الطالب ابن المدعي قضى بالسنة الأولى بالمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية سنتين دراسيتين دون أن ينتقل منها إلى الفرقة الأعلى، هما سنة (1964/ 1965) وسنة (1965/ 1966)، أما السنة الأولى فقد رسب في امتحانها وأما السنة الثانية فقد ألغى امتحانه فيها بسبب الغش، كما أنه ليس له حق في التقدم للامتحان من الخارج على نحو ما توضح ومن ثم يكون قرار المعهد بحرمانه من دخول امتحان نهاية العام الدراسي (1966/ 1967) وفصله من المعهد في محله ومتفقاً مع أحكام القانون.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تخلف الطالب الذي يلغى امتحانه لو يحرم منه يعد عذراً قهرياً، ذلك أن العذر القهري هو العذر الذي يكون مرجعه إلى سبب أجنبي لا دخل لإرادة الطالب فيه، ولا يمكن أن يعد كذلك إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه بسبب الغش أو بسبب إخلاله بنظم الامتحان أو إقدامه على ارتكاب ذنب تأديبي يستوجب مجازاته بمثل هذا الجزاء، إذ أن إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه في مثل هذه الأحوال لا يكون مرجعه إلى عمل إرادي من الطالب فحسب بل إلى عمل إرادي يتسم بالخطأ الجسيم والاستهتار البالغ.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً كذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن اللائحة التنفيذية لقانون الكليات والمعاهد، لم ترتب على إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر أو حرمانه من امتحان أو أكثر، اعتباره راسباً حكماً، على نحو ما قضت به في المادة 29 من اعتبار من يتقرر حرمانهم من التقدم إلى الامتحان بسبب عدم المواظبة على الدراسة أو ما قضت به المادة 43 من اعتبار من يتغيبون عن الامتحان بغير عذر راسبين، ومن شأن هذه المغايرة في فحوى النصوص المغايرة في الحكم - ذلك أنه - فضلاً عن أن اللائحة نصت في الفقرة الأخيرة من المادة 53 نصاً صريحاً على أنه "يترتب على بطلان الامتحان بطلان الشهادة إذا كانت قد منحت للطالب قبل كشف الغش" فإن المشرع لم يكن في حاجة إلى النص على اعتبار من يلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب الغش راسباً، إذ أن هذا هو مقتضى الإلغاء أو الحرمان من الامتحان في مثل هذه الحالة، ولو سايرنا الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه في هذا الصدد لكان معنى ذلك أن الطالب الذي يحرم من الامتحان بسبب عدم المواظبة أو الذي يتغيب عن الامتحان بغير عذر أسوأ حالاً ممن يلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب الغش أو سوء السلوك، ولكان معناه أيضاً أن الطالب الذي يقدم على الغش ويلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب ذلك يكون أحسن حالاً من الطالب الذي يرسب بسبب ضعف مستواه أو بسبب ظروف تبعده عن سوء الخلق، إذ أن إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه بسبب إقدامه على الغش سيكون من شأنه أن يمنحه فرصة للبقاء بفرقته سنة ثالثة لا يمنح مثلها زميله الذي رسب في الامتحان لأسباب لا ترجع إلى الغش أو إلى سوء الخلق، وهي نتائج لا يمكن قبولها عقلاً أو منطقاً.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن حرمان الطالب ابن المدعي من دخول امتحان نهاية العام الدراسي (1966/ 1967) وفصله من المعهد، ينطوي على مخالفته لقرار لجنة التأديب التي رخصت له بدخول الامتحان المذكور، كما أنه يضيف إلى الجزاء الذي أوقعته اللجنة جزاء أخر لم توقعه، ذلك أن لجنة التأديب لم ترخص للطالب بدخول الامتحان إلا مقترناً بشرط وهو أن تكون القواعد المطبقة تجيز ذلك، وقد أوضحنا أن هذه القواعد لا تجيز للطالب دخول الامتحان المذكور فحرمانه من دخوله ليس فيه أي مخالفة لقرار لجنة التأديب، وإنما تطبيق سليم لقرار هذه اللجنة، أما القول بأن فصل الطالب من المعهد يضيف إلى العقوبة التي قضت بها اللجنة عقوبة أخرى لم تقض بها، فقول في غير محله ذلك أن فصل الطالب من المعهد لم يتقرر باعتباره عقوبة من العقوبات، وإنما تقرر باعتباره نتيجة حتمية وأثراً من آثار بقائه سنتين بفرقة واحدة دون أن ينتقل منها إلى فرقة أعلى، والمادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون الكليات والمعاهد لا تجيز هذا البقاء - على نحو ما أوضحنا فيما تقدم - ومقتضى عدم جواز بقاء الطالب في فرقته في هذه الحالة هو فصله أو بمعنى أدق اعتباره مفصولاً من المعهد.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي السيد/ .... بصفته ولياً شرعياً على ولده.... أقام الدعوى رقم 1072 لسنة 21 القضائية ضد وزارة التعليم العالي بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 22 من إبريل سنة 1967، طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار حرمان ابنه من دخول امتحانات العام الدراسي سنة 1967 التي ستنعقد في 13 من مايو سنة 1967، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر باعتبار ابنه متخلفاً سنتين في السنة الأولى وبالتالي مفصولاً من المعهد واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وتوجز أسانيد دعواه في أن نجله التحق بالمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية بالزمالك في أكتوبر سنة 1964، وفي امتحان مايو سنة 1965 تخلف في أربع مواد كان مفروضاً أن يمتحن فيها في مايو سنة 1966، وقبيل أدائه الامتحان حضر عن زميل له بالسنة الثانية هو.... لأداء امتحان الآلة الكاتبة، وقد ضبط وقدم إلى المحاكمة التأديبية فأصدرت لجنة تأديب طلاب المعاهد العالية والكليات بجلستها المنعقدة في 26 من مايو سنة 1966 قراراً بالاكتفاء بفصله من المعهد مدة العام الدراسي سنة 1966/ 1967 على أن يرخص له في دخول امتحانات نهاية العام الدراسي سنة 1966/ 1967 إذا كانت القواعد المطبقة تجيز ذلك، وذكرت في قرارها أنها أخذت في الاعتبار قرار السيد عميد المعهد بإلغاء امتحان الطالب عن العام الدراسي سنة 1965/ 1966، ولكن الوزارة رفضت السماح له بدخول امتحان نهاية العام الدراسية سنة 1966/ 1967 بمقولة أنه لا يجوز للطالب أن يبقى بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين، وأن الطالب الذي يبطل أو يلغى امتحانه يعتبر راسباً، وقد قضى ابن المدعي بالسنة الأولى سنتين هما 1964/ 1965 الدراسية التي رسب فيها وسنة 1965/ 1966 الدراسية التي ألغى امتحانه فيها، وأن القواعد التي وضعت لا تجيز لطالب السنة الأولى التقدم للامتحان من الخارج، ونعى على هذا القرار مخالفته لقرار مجلس التأديب والقانون وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بما لا يخرج عما أورده المدعي في صحيفة دعواه.
وبجلسة 9 من مايو سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بحرمان الطالب.... من دخول امتحان النقل من السنة الأولى بالمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية بالزمالك في العام الدراسي 1966/ 1967 وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب" وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1968 قضت "بقبول الدعوى شكلاً وفي موضوعها بإلغاء القرار الصادر باعتبار الطالب....، ابن المدعي متخلفاً بالفرقة الأولى بالمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية سنتين دراسيتين، ويكون بذلك مفصولاً من المعهد، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وألزمت الجهة الإدارية المصروفات" وأقامت قضاءها على أن المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1963 بشأن تنظيم الكليات والمعاهد العالية، التي حظرت بقاء الطالب في فرقة أكثر من سنتين، إنما قصدت بذلك حالة الطالب الذي يكون قد واظب على الدراسة طوال العام الدراسي وتابع دروسه على الوجه المحدد قانوناً، وتقدم إلى الامتحان ورسب فيه أو تخلف عن دخوله بغير عذر قهري طبقاً لما تقضي به المادة 42 من اللائحة، ولما كان الطالب ابن المدعي لم يؤد الامتحان نهاية العام الدراسي (1965/ 1966) بسبب صدور قرار المعهد بحرمانه من دخوله فإنه لا يعتبر بذلك راسباً، يؤيد ذلك أن اللائحة المشار إليها لم ترتب في البند التاسع من الباب الثالث منها والخاص بنظام تأديب الطلاب، على إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر أو الحرمان من امتحان واحد أو أكثر اعتباره راسباً حكماً في كل أو بعض المقررات الدراسية على النحو الذي قضت به المادة 29 من اللائحة: ومن اعتبار من يتقرر حرمانهم من التقدم إلى الامتحان بسبب عدم المواظبة على الدراسة راسبين، ومن شأن هذه المغايرة في فحوى النصوص اختلاف الحكم في الحالتين، كما أن تخلف الطالب الذي يلغى امتحانه أو يحرم منه وإن كان يعد عذراً قهرياً، إلا أنه لا يعد من الأعذار القهرية المشار إليها في المادة 42 من اللائحة والتي يشترط لقبولها موافقة مجلس المعهد، وبناء على ما تقدم فإنه لا يمكن اعتبار الطالب ابن المدعي بسبب حرمانه من امتحان عام (1965/ 1966) وإعادته السنة للسبب المذكور باقياً في فرقته في حكم المادة 41 من اللائحة، أما فصل الطالب من المعهد في السنة الدراسية (1966/ 1967) فهو عقوبة تدخل في نطاق البند السادس من المادة الخمسين من اللائحة الخاصة بالعقوبات التأديبية والتي تنص على الفصل من المعهد لمدة تجاوز شهراً، وترتيباً على ما تقدم فإنه لما كان الثابت أن الطالب ابن المدعي لم يؤد امتحانات نهاية العام الدراسي (1965/ 1966) بسبب صدور قرار المعهد بحرمانه من دخوله، فإنه لا يعدو والحالة هذه راسباً في امتحانات نهاية العام الدراسي المشار إليه وبالتالي لا تعتبر السنة الدراسية المذكورة وكذلك السنة الدراسية التالية التي حرم فيها من الدراسة بناء على قرار لجنة التأديب، سنتي بقاء حكم المادة 41 من اللائحة، يؤكد ذلك أن اللجنة المذكورة ذكرت في قرارها الاكتفاء بفصل الطالب من المعهد لمدة العام الدراسي (1966/ 1967)، وغنى عن البيان أن الاتجاه إلى غير هذا الرأي من شأنه أن يؤدي إلى نتيجة تنطوي على جزاء أخر لم تقض به لجنة التأديب وهو اعتبار الطالب مفصولاً نهائياً، وبذلك يكون من حق الطالب ابن المدعي أن يدخل امتحان العام الدراسي (1966/ 1967).
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تفسير وتطبيق المادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الكليات والمعاهد، ذلك أن نص هذه المادة ورد عاماً ومطلقاً بحيث ينطبق بمجرد بقاء الطالب في فرقة واحدة أكثر من سنتين دراسيتين أياً كانت الأسباب التي أدت إلى بقائه هذه المدة، هذا فضلاً عن أن حرمان الطالب ابن المدعي من تأدية امتحان عام (1965/ 1966) ومن الدراسة في عام (1966/ 1967) لا يرجع أي منهما إلى سبب أجنبي لا دخل لإرادة الطالب فيه على نحو ما صوره الحكم، وإنما يرجع إلى خطئه الشديد وخروجه على نظم الامتحان وقواعده واستهتاره بتعليماته، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن لجنة التأديب رخصت لابن المدعي بدخول امتحان عام (1966/ 1967)، إذ الثابت من قرار اللجنة أن هذه الرخصة جاءت مقترنة بشرط أن تكون القواعد المطبقة تجيز ذلك، كما لا وجه كما ورد به من أن لجنة الوكلاء قد أضافت بقرارها فصل ابن المدعي جزاء أخر لم تقصده لجنة التأديبي ذلك أن الفصل لم يستند إلى قرار لجنة التأديب وإنما لرسوبه في السنة الأولى في العام الدراسي (1964/ 1965) وحرمانه من دخول امتحان عام (1965/ 1966) وبقائه نتيجة لذلك أكثر من سنتين بهذه الفرقة.
ومن حيث إن المادة 41 من قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1963 بشأن تنظيم الكليات والمعاهد العالية تنص على أنه "لا يجوز أن يبقى الطالب الفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين، ولوزير التعليم العالي أن يضع قواعد منح الطلاب فرص التقدم للامتحان من الخارج".
ومن حيث إن نص هذه المادة ورد عاماً ومطلقاً ومن ثم فلا يجوز تخصيصه أو تقييده: ومقتضى تطبيقه بعمومه وإطلاقه أنه لا يجوز أن يبقى الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين أياً كانت الأسباب التي أدت على بقائه هذه المدة، وكل ما أجيز للطالب الذي يقضي سنتين دراسيتين بفرقة واحدة دون أن ينقل منها إلى فرقة أعلى، أن يتقدم للامتحان من الخارج وفق ما يضعه وزير التعليم العالي من قواعد في هذا الشأن، وقد حرم وزير التعليم العالي طلاب السنوات الإعدادية والسنوات الأولى في الكليات والمعاهد العالية التي ليس بها سنوات إعدادية، من هذا الحق، طبقاً لما ورد بالمادة الأولى من قراره رقم 271 الصادر في 23 من ديسمبر سنة 1965.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة نصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 742 لسنة 1963 السابق الإشارة إليه أنه لم يورد أي استثناء من القاعدة العامة التي نص عليها في المادة 41 والتي تقضي بعدم جواز بقاء الطالب بالفرقة الواحدة أكثر من سنتين دراسيتين، إلا في حالة واحدة هي الحالة التي نص عليها في المادة 42 والتي تقضي بأنه "إذا تخلف الطالب عن دخول امتحان أو أكثر بعذر قهري يقبله مجلس المعهد رخص له في عدد مماثل من الامتحانات".
ومن حيث إن الطالب ابن المدعي قضى بالسنة الأولى بالمعهد العالي للعلوم المالية والتجارية سنتين دراسيتين دون أن ينتقل منها إلى الفرقة الأعلى، هما سنة (1964/ 1965) وسنة (1965/ 1966)، أما السنة الأولى فقد رسب في امتحانها وأما السنة الثانية فقد ألغى امتحانه فيها بسبب الغش، كما أنه ليس له حق في التقدم للامتحان من الخارج على نحو ما توضح ومن ثم يكون قرار المعهد بحرمانه من دخول امتحان نهاية العام الدراسي (1966/ 1967) وفصله من المعهد في محله ومتفقاً مع أحكام القانون.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تخلف الطالب الذي يلغى امتحانه أو يحرم منه يعد عذراً قهرياً، ذلك أن العذر القهري هو العذر الذي يكون مرجعه إلى سبب أجنبي لا دخل لإرادة الطالب فيه، ولا يمكن أن يعد كذلك إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه بسبب الغش أو بسبب إخلاله بنظم الامتحان أو إقدامه على ارتكاب ذنب تأديبي يستوجب مجازاته بمثل هذا الجزاء، إذ أن إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه في مثل هذه الأحوال لا يكون مرجعه إلى عمل إرادي من الطالب فحسب بل إلى عمل إرادي يتسم بالخطأ الجسيم والاستهتار البالغ.
ومن حيث إنه ليس صحيحاً كذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن اللائحة التنفيذية لقانون الكليات والمعاهد، لم ترتب على إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر أو حرمانه من امتحان أو أكثر، اعتباره راسباً حكماً، على نحو ما قضت به في المادة 29 من اعتبار من يتقرر حرمانهم من التقدم إلى الامتحان بسبب عدم المواظبة على الدراسة أو ما قضت به المادة 43 من اعتبار من يتغيبون عن الامتحان بغير عذر راسبين، ومن شأن هذه المغايرة في فحوى النصوص المغايرة في الحكم - ذلك أنه - فضلاً عن أن اللائحة نصت في الفقرة الأخيرة من المادة 53 نصاً صريحاً على أنه "يترتب على بطلان الامتحان بطلان الشهادة إذا كانت قد منحت للطالب قبل كشف الغش" فإن المشرع لم يكن في حاجة إلى النص على اعتبار من يلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب الغش راسباً، إذ أن هذا هو مقتضى الإلغاء أو الحرمان من الامتحان في مثل هذه الحالة، ولو سايرنا الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه في هذا الصدد لكان معنى ذلك أن الطالب الذي يحرم من الامتحان بسبب عدم المواظبة أو الذي يتغيب عن الامتحان بغير عذر أسوأ حالاً ممن يلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب الغش أو سوء السلوك، ولكان معناه أيضاً أن الطالب الذي يقدم على الغش ويلغى امتحانه أو يحرم منه بسبب ذلك يكون أحسن حالاً من الطالب الذي يرسب بسبب ضعف مستواه أو بسبب ظروف تبعده عن سوء الخلق، إذ أن إلغاء امتحان الطالب أو حرمانه منه بسبب إقدامه على الغش سيكون من شأنه أن يمنحه فرصة للبقاء بفرقته سنة ثالثة لا يمنح مثلها زميله الذي رسب في الامتحان لأسباب لا ترجع إلى الغش أو إلى سوء الخلق، وهي نتائج لا يمكن قبولها عقلاً أو منطقاً.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن حرمان الطالب ابن المدعي من دخول امتحان نهاية العام الدراسي (1966/ 1967) وفصله من المعهد، ينطوي على مخالفته لقرار لجنة التأديب التي رخصت له بدخول الامتحان المذكور، كما أنه يضيف إلى الجزاء الذي أوقعته اللجنة جزاء أخر لم توقعه، ذلك أن لجنة التأديب لم ترخص للطالب بدخول الامتحان إلا مقترناً بشرط وهو أن تكون القواعد المطبقة تجيز ذلك، وقد أوضحنا أن هذه القواعد لا تجيز للطالب دخول الامتحان المذكور، فحرمانه من دخوله ليس فيه أي مخالفة لقرار لجنة التأديب، وإنما هو تطبيق سليم لقرار هذه اللجنة، أما القول بأن فصل الطالب من المعهد يضيف إلى العقوبة التي قضت بها اللجنة عقوبة أخرى لم تقض بها، فقول في غير محله ذلك أن فصل الطالب من المعهد لم يتقرر باعتباره عقوبة من العقوبات، وإنما تقرر باعتباره نتيجة حتمية وأثراً من آثار بقائه سنتين بفرقة واحدة دون أن ينتقل منها إلى فرقة أعلى، والمادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون الكليات والمعاهد لا تجيز هذا البقاء - على نحو ما أوضحنا فيما تقدم - ومقتضى عدم جواز بقاء الطالب في فرقته في هذه الحالة هو فصله أو بمعنى أدق اعتباره مفصولاً من المعهد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.