جلسة 20 من فبراير سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي: المستشارين.
------------------
(39)
القضية رقم 1038 لسنة 14 القضائية
عاملون مدنيون "تأديب - الجزاءات التأديبية".
جزاء خفض الدرجة - مقتضى خفض الدرجة وحدها مع عدم المساس بالمرتب - أساس ذلك.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يخلص من أوراق الدعوى - تتلخص في أن المدعي أقام في 12 من ديسمبر سنة 1963 الدعوى رقم 162 لسنة 11 القضائية، ضد وزارة التربية والتعليم وذلك بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طلب فيها: "الحكم بإلغاء القرار الصادر بخفض مرتب الطالب إلى 35 جنيهاً شهرياً، بدلاً من 42 جنيهاً، ورد ما خصم منه بدون وجه حق، مع إلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه، أنه حصل على الدرجة الرابعة في مارس سنة 1960، وقد أصدرت المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم في الدعويين المضمومتين المقامتين من النيابة الإدارية والمقيدتين بسجل المحكمة برقم 235 لسنة 2 القضائية ورقم 125 لسنة 3 القضائية، حكماً بمجازاته بخفض درجته من الرابعة إلى الخامسة، فأصدرت الوزارة القرار المطعون فيه بخفض درجته إلى الدرجة الخامسة وبخفض مرتبه من 42 جنيهاً إلى 35 جنيهاً ولما كان خفض المرتب مخالفاً لمنطوق حكم المحكمة التأديبية وللقانون، فقد أقام الدعوى الراهنة لإلغاء خفض مرتبه. وأجابت الوزارة عن الدعوى بأن المادة 84 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 - الذي صدر الحكم التأديبي في ظله - تضمنت النص على الجزاءات الآتية: خفض المرتب، وخفض الدرجة، وخفض المرتب والدرجة، وأن مقتضى خفض المرتب هو بقاء الموظف في درجته وخفض مرتبه إلى أول مربوطها. وأن مقتضى خفض الدرجة يستتبع بحكم اللزوم خفض المرتب أيضاً ليكون في حدود مربوط الدرجة الجديدة، أما مقتضى خفض المرتب والدرجة فهو النزول بالمرتب إلى أول مربوط الدرجة الجديدة، وذلك لأن الأصل ألا يجاوز المرتب نهاية مربوط الدرجة، فضلاً عن مخالفته للميزانية التي تحدد المصارف المالية للدرجات، ولأن صلة الموظف بالدرجة تنقطع بخفضها وتحسب له أقدمية جديدة في درجته الجديدة وتخلو درجته القديمة ويجوز شغلها بموظف آخر وأخيراً، لأن الجزاء بخفض الدرجة ليس مقصوراً على خفضها درجة واحدة، فإذا خفض الموظف أكثر من درجة، فهل يسوغ أن يظل محتفظاً بمرتبه القديم الذي يزيد كثيراً على قيمة عمله الذي يؤديه بدرجته الجديدة. وأضافت الوزارة أن الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة أفتت بجلستها المنعقدة في 30 من يناير سنة 1963 بما يؤيد النظر الذي قام عليه الطعن، وقد أحالت المحكمة الإدارية الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وقيدت بسجلها برقم 2180 لسنة 19 القضائية، وبجلسة أول إبريل سنة 1968 أصدرت حكمها المطعون فيه "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في مرتبه الذي كان يتقاضاه قبل صدور القرار الوزاري رقم 195 الصادر في 25 من يوليه سنة 1963، بخفض مرتبه إلى 35 جنيهاً شهرياً واسترداد ما خصم منه نتيجة لهذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الوزارة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن الجزاءات التي نصت عليها المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تتضمن الجزاءات الآتية: خفض المرتب، وخفض الدرجة، وخفض المرتب والدرجة، وتحديد هذه العقوبات على هذا التفصيل، ينفي إمكان تداخل بعضها في بعض، كما ينفي توقيع عقوبة أخرى غير العقوبة المحكوم بها على الموظف بدعوى أن العقوبة الأخرى أثر لازم من آثار الحكم، كما يقوم الحكم على أن توقيع العقوبة غير مرتبط بالقواعد المالية التي تحكم مركز الموظف الوظيفي من ناحية المرتب والدرجة في الأحوال العادية، وعلى أن ذلك ليس بدعاً، إذ أن بعض التشريعات تتضمن نصوصاً تقضي بتجاوز نهاية المربوط المالي للدرجة ومثال ذلك نص المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 بشأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين والصف والعساكر بالقوات المسلحة التي تنص على أنه "إذا تقاضى الفرد المنقول إلى الوظيفة المدنية، رواتب وتعويضات مدنية، تقل عن مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية، أدى إليه الفرق بضفة شخصية، حتى يتم استنفاده بالترقية والعلاوات أو التعويضات" ومن ثم يكون شق القرار المطعون فيه الخاص بخفض المرتب قد جاوز نطاق الجزاء المحكوم به، وبالتالي يكون هذا الشق معدوماً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، وذلك للأسباب التي سبق إبداؤها دفاعاً في الدعوى.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة المادتين 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951، المشار إليه و31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية أن من بين الجزاءات التي يجوز توقيعها على الموظفين عن المخالفات المالية والإدارية، الجزاءات الآتية. خفض المرتب وخفض الدرجة وخفض المرتب والدرجة وورود هذه الجزاءات الثلاثة بهذا التدرج يقتضي أن يكون أي جزاء يوقع منها، في الحدود المحكوم بها، فخفض المرتب يقتضي خفض المرتب وحده بمقدار المبلغ الذي صدر به الحكم، وخفض الدرجة يقتضي خفض الدرجة وحدها مع عدم المساس بالمرتب أما خفض المرتب والدرجة، فيشمل خفضهما معاً، والقول بغير ذلك، كخفض الدرجة تبعاً للحكم بخفض المرتب، أو خفض المرتب تبعاً للحكم بخفض الدرجة بحجة أن تنفيذ الحكم على هذا النحو هو أثر لازم لتنفيذ الحكم في كل من هاتين الحالتين، تأسيساً على أن الأصل العام في قانون نظام موظفي الدولة، يستوجب قيام التلازم بين الدرجة المالية والمربوط المقرر لها، هذا القول على هذا النحو يفضي إلى قصر الجزاءات الثلاثة السالف ذكرها على الجزاء الأخير منها وهم خفض المرتب والدرجة، في الحالات التي يمس فيها المرتب أو الدرجة دون حكم بذلك.
ومن حيث إن المستفاد من الرجوع إلى الجزاءات التأديبية التي عددتها النصوص الصادرة في شأنها على النحو المشار إليه أن المشرع أفرد لخفض المرتب وضعاً خاصاً باعتباره عقوبة مستقلة بذاتها عن عقوبة خفض الدرجة، ومن ثم فلا وجه لإجراء خفض المرتب من جانب الجهة الإدارية وهي بصدد تنفيذ عقوبة خفض الدرجة بدعوى أن ذلك من قبيل قيام التلازم بين الدرجة المالية والمربوط المقرر لها أو استناداً بوجوب التقيد بأوضاع الميزانية التي تعد على أساس متوسط المربوط المقرر للدرجات بعد إذ نص القانون على اعتبار خفض المرتب عقوبة أصلية يتعين أن يصدر بها الحكم التأديبي الذي يبين حدود هذا الخفض ومداه كلما انتهى إلى القضاء بها... وترتيباً على ذلك فإن ما تذهب إليه الجهة الإدارية أعمالاً للقواعد الإدارية أو الأوضاع المالية الخاصة بالميزانية أو غيرها لا يسوغ الركون إليه في شأن تنفيذ العقوبات التأديبية التي حددها القانون على سبيل الحصر ثم ناط بسلطات التأديب توقيعها بسلطتها التقديرية. وغنى عن البيان أنه لو اتجه الشارع إلى التسليم باعتبار أي من تلك العقوبات الثلاث المنوه عنها آنفاً من قبيل الآثار التي تترتب على الحكم بإحداها لما كان في حاجة على تقنينها بالوضع الواردة به المتمثل في اعتبار كل منها عقوبة أصلية قائمة بذاتها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد صادف وجه الصواب، وبالتالي فإن الطعن عليه يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون، وبهذه المثابة يتعين، الحكم برفضه مع إلزام الطاعنة بمصروفاته.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنة بمصروفاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق