الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يوليو 2023

الطعن 812 لسنة 12 ق جلسة 25 / 3 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 56 ص 372

جلسة 25 من مارس سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.

----------------

(56)

القضية رقم 812 لسنة 12 القضائية

عاملون مدنيون "انتهاء الخدمة - تأديب".
انقطاع العامل عن عمله بغير إذن وبدون عذر - يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة - هذه القرينة مقررة لصالح جهة الإدارة فلها أن تعتبر العامل مستقيلاً ولها أن تتخذ ضده إجراءات تأديبية وفي هذه الحالة لا يجوز اعتباره مستقيلاً - قرار جهة الإدارة باعتباره مستقيلاً بعد اتخاذ الإجراءات وقبل البت فيها نهائياً - قرار معدم - بيان ذلك.

------------------
إن حق العامل في ترك الخدمة بالاستقالة الصريحة أو الضمنية على ما تضمنه نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 - والذي يحكم هذه الواقعة ليس مطلقاً من كل قيد، ولكن تحكمه اعتبارات الصالح العام، ضماناً لدوام حسن سير العمل في المرافق العامة بانتظام واطراد. وعلى مقتضى ذلك قضت المادة 76 من القانون المشار إليه بأن الاستقالة الصريحة لا تنتج أثرها القانوني في فصم الرابطة الوظيفية إلا بالقرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو بانقضاء المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً. كما نص القانون في المادة 81 منه على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته.... إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول. فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه من العمل.... ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل...." ومؤدى هذا النص أن المشرع أقام قرينة قانونية هي اعتبار العامل مستقيلاً إذا انقطع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وهذه القرينة مقررة لصالح الجهة الإدارية، فلها بسلطتها التقديرية إما أن تعتبر العامل مستقيلاً وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل، باعتبار أن انقطاع العامل بدون إذن أو بغير عذر مقبول يشكل مخالفة إدارية تستوجب المؤاخذة، وفي هذه الحالة لا يجوز - بحكم القانون - اعتبار العامل مستقيلاً إلى أن تبت السلطة المختصة قانوناً وبصفة نهائية في أمر تأديبه. فإذا ما تصرفت الجهة الإدارية على خلاف حكم القانون واعتبرت العامل مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل بدون إذن أو بغير عذر مقبول بالرغم من اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده وقبل البت نهائياً فيها، فإن قرارها يكون قد انطوى على خروج صارخ على القانون ينحدر به إلى درجة الانعدام، ولا يكون له من ثم أي أثر قانوني يعتد به في مقام تأثيم هذا الانقطاع أو في مقام الالتزام بمجازاة المخالف بإحدى العقوبات التي يجوز توقيعها على العاملين في الخدمة، باعتبار أن العامل المخالف ما زال من العاملين المستمرين في العمل ولما تنته خدمته بعد.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، بمراعاة أن تقرير الطعن وإن كان قد أودع في يوم الأحد الموافق 24 من أبريل سنة 1966 على حين صدر الحكم المطعون فيه في 21 من فبراير سنة 1966، إلا أن يوم 22 من إبريل سنة 1966 وهو أخر ميعاد للطعن صادف يوم جمعة كما صادف اليوم التالي له رأس السنة الهجرية وهما يوماً عطلة رسمية، ومن ثم امتد الميعاد إلى أول يوم عمل بعدهما وهو يوم الأحد 24 من إبريل سنة 1966 الذي أودع فيه تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرتة المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة التربية والتعليم أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 18 لسنة 8 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد/ .... المدرس من الدرجة السابعة بمدرسة أحمد ماهر الإعدادية للبنين متضمناً اتهامه بأنه في المدة من 31 من أكتوبر سنة 1964 وما بعدها بالمدرسة المذكورة، وبصفته من مدرسيها، انقطع عن عمله في غير الحدود المسموح بها لمنح الأجازات، فيكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادتين 48، 59 من القانون رقم 46 لسنة 1964، وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمته بالمادتين سالفتي الذكر وتطبيقاً للمادتين 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958، 61 من القانون رقم 46 لسنة 1964.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى "بمجازاة المخالف بخصم خمسة جنيهات" وأقام قضاءه على أن الثابت من الأوراق ومن أقوال المخالف أنه انقطع عن عمله بدون إذن اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1964 بحثاً عن عمل يتناسب مع المؤهل العالي الذي حصل عليه في سنة 1964، ولم يتقدم بطلب استقالة، وبذا يكون قد خرج على مقتضى واجبه الوظيفي ويتعين من ثم مجازاته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المطعون ضده انقطع عنه عمله اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1964. وفي 23 من نوفمبر سنة 1964 قررت الجهة الإدارية اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده وذلك بإحالته إلى النيابة الإدارية، وبذلك فما كان يجوز اعتباره مستقيلاً، وكان يتعين مجازاته بإحدى العقوبات المقررة للعاملين المستمرين بالخدمة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى مجازاة المخالف بإحدى العقوبات الخاصة بتاركي الخدمة فإنه يكون قد خالف حكم القانون بما يتعين معه إلغاؤه والحكم بمجازاة المخالف بإحدى العقوبات القانونية المناسبة.
ومن حيث إن المطعون ضده قد عقب على الطعن بمذكرة طلب فيها رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه، واستند في ذلك إلى أن السيد/ مدير عام منطقة جنوب القاهرة التعليمية أصدر قراره رقم 72 لسنة 1966 في 29 من يونيه سنة 1966 باعتباره مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، وبذلك تكون خدمته قد انتهت منذ تاريخ انقطاعه في 31 من أكتوبر سنة 1964 ويكون الطعن والحالة هذه قد فقد الأساس القانوني الذي قام عليه.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن مدرسة أحمد ماهر الإعدادية التابعة لمنطقة جنوب القاهرة التعليمية أخطرت المنطقة بانقطاع السيد/ .... المدرس بالمدرسة من الدرجة السابعة عن العمل دون إذن اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1964. وفي 22 من نوفمبر سنة 1964 قرر السيد/ مدير عام المنطقة إحالة هذا المدرس إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه، وأخطرت النيابة الإدارية بذلك بكتاب المنطقة في 30 من نوفمبر سنة 1964. وقد أقر المدرس المذكور في التحقيق بأنه انقطع عن عمله فعلاً اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1964 مستهدفاً اعتباره مستقيلاً ليتسنى له الالتحاق بعمل يتناسب مع المؤهل الذي حصل عليه في سنة 1964 وهو بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، وذلك بعد أن لم تستجب الوزارة لطلبه بإلحاقه بعمل يتناسب مع هذا المؤهل. وفي 31 من أكتوبر سنة 1965 أحالت النيابة الإدارية المخالف المذكور إلى المحاكمة التأديبية على ما سلف بيانه.
ومن حيث إن حق العامل في ترك الخدمة بالاستقالة الصريحة أو الضمنية على ما تضمنه نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 - والذي حكم هذه الواقعة - ليس طليقاً من كل قيد، ولكن تحكمه اعتبارات الصالح العام، ضماناً لدوام حسن سير العمل في المرافق العامة بانتظام واطراد. وعلى مقتضى ذلك قضت المادة 76 من القانون المشار إليه بأن الاستقالة الصريحة لا تنتج أثرها القانوني في فصم الرابطة الوظيفية إلا بالقرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة بقبولها صراحة أو بانقضاء المدة التي تعتبر بعدها مقبولة حكماً. كما نص القانون في المادة 81 منه على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته.... إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما ثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول.... فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.... ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل...." ومؤدى هذا النص أن المشرع أقام قرينة قانونية هي اعتبار العامل مستقيلاً إذا انقطع عن العمل مدة خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، وهذه القرينة مقررة لصالح الجهة الإدارية، فلها بسلطتها التقديرية إما أن تعتبر العامل مستقيلاً وإما أن تتخذ ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل، باعتبار أن انقطاع العامل بدون إذن أو بغير عذر مقبول يشكل مخالفة إدارية تستوجب المؤاخذة، وفي هذه الحالة لا يجوز - بحكم القانون - اعتبار العامل مستقيلاً إلى أن تبت السلطة المختصة قانوناً وبصفة نهائية في أمر تأديبه. فإذا ما تصرفت الجهة الإدارية على خلاف حكم القانون واعتبرت العامل مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل بدون إذن أو بغير عذر مقبول بالرغم من اتخاذ الإجراءات التأديبية ضده وقبل البت نهائياً فيها، فإن قرارها يكون قد انطوى على خروج صارخ على القانون ينحدر به إلى درجة الانعدام، ولا يكون له من ثم أي أثر قانوني يعتد به في مقام تأثيم هذا الانقطاع أو في مقام الالتزام بمجازاة المخالف بإحدى العقوبات التي يجوز توقيعها على العاملين في الخدمة، باعتبار أن العامل المخالف ما زال من العاملين المستمرين في العمل ولما تنته خدمته بعد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن اعتراف المخالف في التحقيق وأمام المحكمة التأديبية أنه انقطع عن عمله اعتباراً من 31 من أكتوبر سنة 1964 بدون إذن سعياً وراء عمل يتناسب مع مؤهله الذي حصل عليه، وهو لا ريب عذر غير مقبول لا يبرر هذا الانقطاع. وبهذه المثابة فإنه يكون قد ارتكب ذنباً إدارياً يستوجب المساءلة التأديبية. ولما كان الأمر كذلك وكانت الجهة الإدارية قد أثرت ألا تعمل في حق المخالف أثر القرينة القانونية المستفادة من انقطاعه عن العمل مدة خمسة عشر يوماً وتعتبره مستقيلاً، وبادرت في حدود سلطتها القانونية باتخاذ الإجراءات التأديبية ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل، فقد كان من المتعين على الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى إدانة المخالف أن يوقع عليه إحدى الجزاءات التي يجوز طبقاً لحكم المادة 61 من القانون رقم 46 لسنة 1964 توقيعها على العاملين في الخدمة، أما وقد وقع عليه إحدى العقوبات التي يجوز طبقاً لنص المادة 67 من القانون المذكور توقيعها على من ترك الخدمة، فإنه يكون قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إن قرار الجهة الإدارية المقول بصدوره في 29 من يونيه سنة 1966 باعتبار المخالف مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، وقد صدر قبل الفصل في هذا الطعن وبالتالي قبل البت نهائياً في إجراءات محاكمة المخالف تأديبياً، فإنه لا يكون لهذا القرار - على ما سلف بيانه - ثمة أثر قانوني يعتد به في مقام تأثيم انقطاع المخالف عن العمل أو توقيع الجزاء المناسب عليه باعتبار أن خدمته ما زالت بحكم القانون مستمرة ولم تنته بعد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بمجازاة المخالف بخصم خمسة جنيهات وهي من العقوبات التي ما كان يجوز توقيعها طبقاً لحكم المادة 67 من القانون رقم 46 لسنة 1964 إلا على من ترك الخدمة، وكان التطبيق الصحيح لحكم القانون أن توقع عليه إحدى العقوبات المناسبة التي يجوز توقعيها على العاملين بالخدمة المنصوص عليها في المادة 61 من هذا القانون، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه إلغاؤه وتوقيع إحدى الجزاءات التأديبية المناسبة التي يجوز توقيعها على العاملين بالخدمة والمنصوص عليها في المادة 57 من القانون رقم 58 لسنة 1971 الصادر به النظام الجديد للعاملين بالدولة والتي تقابل المادة 61 المذكورة وتقدر المحكمة الجزاء المناسب للمخالفة الثابتة في حق المخالف بالخصم من مرتبه لمدة خمسة أيام بمراعاة أنه لم ينقطع عن العمل إلا سعياً وراء عمل يتناسب مع مؤهله العالي الذي حصل عليه قبل انقطاعه بعد أن استبان له اتجاه الجهة الإدارية إلى عدم الاستجابة إلى ما التمسه منها لالتحاقه بعمل آخر يتناسب مع هذا المؤهل.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بالخصم من مرتبه ولمدة خمسة أيام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق