جلسة 4 من مارس سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي، رئيس المحكمة - وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية، المستشارين.
---------------
(46)
القضية رقم 550 لسنة 12 القضائية
عاملون - مدنيون بالدولة - القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر - هيئة الشرطة
- أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر - يعتبرون من العاملين المدنيين بالدولة ويخضعون في تأديبهم للنظم المقررة في شأن هؤلاء العاملين - لا يغير من ذلك خضوعهم لأحكام كادر الشرطة - بيان ذلك.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بالإسكندرية أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 8 لسنة 8 القضائية وتقرير اتهام ضد السيدين/ محمد عجمي عثمان بحري بميناء مرسى مطروح سابقاً - مساعد ممتاز - وحالياً بالمعاش وعلي حسن عبد الجواد بحري بميناء مرسى مطروح - رقيب أول - متضمناً اتهامهما بأنهما في المدة من يناير سنة 1954 إلى يونيه سنة 1955 بميناء مرسى مطروح بصفتهما السابقة، خالفا القانون وخرجا على مقتضى الواجب في أعمال وظيفتهما وارتكبا المخالفة المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 73، 82 مكرر، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمتها بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمواد 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958، 61، 67 من القانون رقم 46 لسنة 1964.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وأقام قضائه على أن الثابت أن المتهمين معاملان بكادر الشرطة إذ يشغل المتهم الأول رتبة "مساعد ممتاز" ويشغل الثاني رتبة "رقيب أول" وأنه بصدور القانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وقد نص في المادة الأولى من قانون إصداره على عدم سريان أحكامه على وظائف القوات المسلحة والشرطة، فإن المتهمين لم ينقلا على إحدى الدرجات الواردة بالجدول المرافق لهذا القانون ومن ثم فإنهما لا يكونا من عداد العاملين الذين تختص المحكمة بمحاكمتهم عن المخالفات التي يرتكبونها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر تخضع مالياً فقط لأحكام كادر الشرطة وذلك من حيث الدرجات والمرتبات والرواتب، أما باقي القواعد الأخرى فإنهم يخضعون في شأنها للأحكام المنصوص عليها في القانون العام الذي يطبق على العاملين المدنيين بالدولة بما في ذلك قواعد التحقيق مع العاملين وتأديبهم الواردة في الفصل التاسع من القانون رقم 46 لسنة 1964 والمواد التي كانت تقابلها في القانون رقم 210 لسنة 1951، ويكون الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر منطوياً على خطأ في تطبيق القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن نقطة النزاع في الدعوى مثار هذا الطعن، تدور أساساً حول تحديد النظام التأديبي الذي يخضع له أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر، وعلى هدى أحكام هذا النظام يمكن التعرف على السلطة المختصة قانوناً بتأديب أفراد القوة المشار إليها، وبالتالي الفصل في مدى سلامة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بتأديب المخالفين باعتبار أنهما من أفراد هذه القوة.
ومن حيث إنه بتتبع القواعد القانونية المنظمة لشئون أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر منذ سنة 1949 إلى الآن وباستقراء أحكامها يبين أن المصلحة المذكورة لم تكن في يوم من الأيام تابعة لوزارة الداخلية وإنما كانت مصلحة مدنية تابعة لوزارة المواصلات ثم لوزارة الحربية وأخيراً نقلت تبعيتها لوزارة النقل بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2062 لسنة 1967. وبهذه المثابة فإن الأصل أن أفراد القوة النظامية بهذه المصلحة شأنهم شأن العاملين الآخرين بها يعتبرون من العاملين المدنيين بالدولة. وإذا كان مجلس الوزراء قد ارتأى في 17 من يوليه سنة 1949 بناء على طلب وزارة المواصلات التي كانت المصلحة المذكورة تابعة لها حينذاك، تطبيق كادر البوليس على أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 أسوة بزملائهم من رجال البوليس، فإن مفاد ذلك أن كادر البوليس دون سواه من الأحكام الوظيفية المنظمة لشئون رجال البوليس هو الذي خضع له أفراد القوة المشار إليها. وقد صدر القانون رقم 464 لسنة 1954 في شأن تحديد مرتبات صف ضباط وعساكر البوليس مؤكداً هذا المعنى إذ نص في المادة الخامسة منه على أن تسري القواعد المنصوص عليها في المواد السابقة الخاصة بتحديد مرتبات صف ضباط وعساكر البوليس على صف الضباط العساكر المعاملين بكادر البوليس في مصلحة المواني والمنائر.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك، وكان القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة والقوانين المعدلة له ومن بعده القانون رقم 61 لسنة 1964 بإصدار قانون هيئة الشرطة، قد نص كل منهما في المادة الأولى منه على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية تابعة لوزارة الداخلية، وكانت مصلحة المواني والمنائر على ما سلف بيانه غير تابعة لهذه الوزارة، فإن أحكام هذين القانونين تكون غير واجبة التطبيق على أفراد القوة النظامية العاملة بمصلحة المواني والمنائر إلا ما تعلق منها بأحكام كادر الشرطة على التفصيل السابق. وقد ظل الأمر كذلك إلى أن صدر القانون رقم 18 لسنة 1969 في شأن نقل الأفراد العسكرين ذوي الراتب العالي والأفراد المعاملون بأحكام كادر الشرطة العاملين بمصلحة المواني والمنائر والهيئة العامة لميناء الإسكندرية إلى وظائف مدنية، ناصاً في مادته الأولى على أن ينقل الأفراد المعاملين بأحكام كادر الشرطة العاملون بمصلحة المواني والمنائر والهيئة العامة لميناء الإسكندرية إلى وظائف مدنية, وفي هذا ما يقطع بأن كادر الشرطة وحده هو الذي كان مطبقاً على أفراد القوة النظامية بمصلحة المواني والمنائر دون سائر أحكام قوانين هيئة الشرطة بما فيها نظام التأديب.
ومفاد ما تقدم أن أفراد القوة النظامية بالمصلحة المذكورة كانوا وما زالوا من العاملين المدنيين بالدولة ويخضعون في تأديبهم للنظم المقررة في هذه القوانين دون تلك المنصوص عليها في قوانين الشرطة. ولا ينال من ذلك أن درجاتهم كانت إلى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه لم تنقل بعد إلى الجدول المرافق للقانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون العاملين بالدولة، ذلك أن هذا القانون لم يعلق تطبيق أحكامه وبخاصة تلك المتعلقة بالتأديب على نقل درجات العاملين إلى الجدول المرافق له، ومع ذلك فقد تم هذا النقل وفقاً لأحكام القانون رقم 18 لسنة 1969 سالف الذكر.
ووضع المخالف الثاني في 19 من يناير سنة 1969 في إحدى الوظائف المدنية من الدرجة الثامنة، أما المخالف الأول فكان قد ترك الخدمة في 9 من يوليو سنة 1964 لبلوغه السن القانونية.
ومن حيث إن المخالفين كانا عند إحالتهما إلى المحاكمة التأديبية خاضعين لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 سالف الذكر فقد كان من المتعين على المحكمة التأديبية أن تقضي باختصاصها بالنظر في موضوع الدعوى بالتطبيق لأحكام هذا القانون والقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر مخالفً للقانون. ولما كان القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة لم ينطو في هذا الشأن على ثمة خروج على أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 فقد حق إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص المحكمة التأديبية بالإسكندرية وبإعادة الدعوى إليها للفصل في موضعها وبإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بالإسكندرية بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق