الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يوليو 2023

الطعن 1146 لسنة 14 ق جلسة 19 / 3 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 54 ص 355

جلسة 19 من مارس سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي، المستشارين.

---------------

(54)

القضية رقم 1146 لسنة 14 القضائية

عاملون مدنيون "ترقية العامل المنقول".
المادة 23 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 نصها على أنه لا تجوز ترقية العامل المنقول إلا بعد مضي سنة - هذا الحظر لا يشمل حالة نقل العامل بقرار جمهوري بغير إرادته - أساس ذلك ومثال (1).

-----------------
سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص في فقرتها الأولى على أنه يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دورة في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه وتنص في فقرتها الثانية على ما يأتي "ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختبار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً وظاهر من ذلك أن الفقرة الأولى من تلك المادة وإن رددت الأصل العام في جواز نقل الموظف من جهة إلى أخرى حسب مقتضيات العمل إلا إنها قيدت ذلك بقيد روعي فيه عدم الإضرار بالموظف المنقول إذا كان النقل يفوت عليه دوره في الترقية إلا إذا كان هذا النقل بناء على طلب الموظف المنقول نفسه فعندئذ يصح النقل حتى ولو كان من شأنه تفويت الدور عليه في الترقية ما دام الموظف المنقول قد وازن مصلحته وأثر النقل على الرغم من ذلك ومؤدى ذلك أن النقل الذي يتم بغير مراعاة القيد المذكور يقع مخالفاً للقانون إذ هو بمثابة حرمان الموظف من دوره في الترقية بالأقدمية ويجوز للموظف المنقول أن يطلب إلغاؤه حتى لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية. أما إذا تم النقل صحيحاً بأن كان بناء على طلب الموظف حتى ولو فوت عليه دوره في الترقية في الجهة المنقول منها أو كان بغير طلبه ولكن لم يترتب عليه تفويت دوره في الترقية هناك فإن النقل يقع صحيحاً مطابقاً للقانون ولكن في مثل هذه الحالة تتقيد ترقية الموظف المنقول بقيد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 47 وهو أنه لا يجوز النظر في ترقيته إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً وهذا القيد هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة. ويبين من تقصي الأعمال التحضيرية لقانون التوظف في هذا الشأن أن المشروع الأصلي لم يتضمن لا القيد المنصوص عليه في الفقرة الأولى ولا الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية وإنما أدخلا باقتراح في البرلمان وأشار تقرير اللجنة المالية لمجلس الشيوخ إلى ذلك بقوله "وقد خشيت اللجنة أن يكون الدافع إلى نقل الموظف من وزارة أو مصلحة مرجعه محاولة تفويت الدور عليه في الترقية أو في الأقدمية فعدلت النص باتفاقها مع زميلتها بمجلس النواب بحيث لا يجوز النقل إذا كان مقصوداً به تحقيق هذا الغرض اللهم إلا إذا كان النقل بناء على طلب الموظف نفسه وحتى لا يكون الغرض من نقل الموظف إلى وزارة أو مصلحة أخرى مقصوداً به محاولة ترقيته نص في المشروع على أن تلك الترقية لا تجوز إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله.... وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 الذي عدلت هذه المادة بمقتضاه أنه قد قصد بنص تلك المادة عدم التحايل بنقل الموظفين لترقيتهم في وزارات ومصالح أخرى ولكن هذه الحكمة تنتفي في الوزارات والمصالح الجديدة إذ تحتاج الحكومة لموظفين لشغل الوظائف بتلك الوزارات والمصالح فتنقل إليها موظفين من الوزارات والمصالح المختلفة وعلى ذلك يجب ألا يحرم هؤلاء الموظفين من الترقيات.... والواقع من الأمر أن ما رددته المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور هو تأكيد للمعنى السالف إيضاحه من أن هذا القيد الاستثنائي لا ينبغي إعماله إلا في المجال المعني به وهو منع التحايل عن طريق النقل لا يثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية ومن ثم فإن النقل الذي يرد عليه القيد الاستثنائي المعني بهذا النص وهو عدم جواز ترقية الموظف المنقول قبل مضي سنة على الأقل لا ينصرف إلا إلى نقل الموظف مجرداً من الدرجة التي يشغلها أما إذا كان نقله قد ترتب بحكم اللزوم على نقل الدرجة التي يشغلها من ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول منها إلى ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول إليها أو أنشئت درجة جديدة في ميزانية المصلحة وكان نقله عليها ضرورة اقتضتها المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية فلا محل لأعمال هذا الاستثناء لانتفاء حكمته ولأن نقل الموظف في هذه الحالة كان أمر اقتضاه تنظيم الأوضاع حسب مقتضيات الصالح العام بغير دخل لإرادة الموظف في ذلك لا يجوز أن يضار بمثل هذا النقل الذي اقتضته المصلحة العامة وهو لا دخل لإرادته فيه بتفويت دوره في الترقية في نسبة الأقدمية.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن المدعي نقل بالقرار الجمهوري رقم 2458 لسنة 1964 من مصلحة التعبئة والإحصاء إلى وزارة الخزانة للأسباب التي أشارت إليها المذكرة الإيضاحية لهذا القرار وهي أن الشروط والمواصفات الواجبة في وظائف مصلحة التعبئة والإحصاء غير متوفرة في بعض العاملين بالمصلحة في وضعها الجديد بعد إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 743 لسنة 1963 ومن ثم فإن هذا النقل اقتضته المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية ولا دخل لإرادة الموظف فيه ومن ثم فإن حظر الترقية الذي نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى مثل هذا النقل ولا تتقيد ترقية الموظف المنقول في ظله بقيد السنة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 516 لسنة 20 القضائية ضد وزارة الخزانة ومحافظة البحيرة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من ديسمبر سنة 1965 طلب فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من المدعى عليه في 31 من أكتوبر سنة 1964 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة (الكادر الملحق بالقانون رقم 46 لسنة 1964) مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب" وقال شرحاً لدعواه أنه في 28 من نوفمبر سنة 1964 تظلم من قرار السيد وزير الخزانة الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1964 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة (الكادر الملحق بالقانون رقم 46 لسنة 1964) مع ما يترتب على ذلك من آثار، ولم ترد جهة الإدارة على هذا التظلم خلال الستين يوماً مما اعتبره المدعي رفضاً لتظلمه، فتقدم في 4 من مارس سنة 1965 بطلب الإعفاء رقم 278 لسنة 12 القضائية إلى مفوضي الدولة بمحكمة الإسكندرية وحول هذا الطلب إلى مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري وقيد برقم 1372 لسنة 19 القضائية وتداول بالجلسات إلى أن رفض بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1965 فبادر إلى إيداع هذه العريضة. وذكر المدعي أن قرار تخطيه مخالف للقانون بالتطبيق للمادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وبمقوله أنه لم يمضي سنة بعد نقله ذلك أنه لم ينقل إلى وزارة الخزانة بناء على طلبه، بل نقل رغم أنه بموجب قرار جمهوري طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وهذه المادة صدرت استثناء من القواعد العامة ولا يمكن أن يضار المدعي من هذا النقل فيحرم من الترقية في الوزارة أو المصلحة التي عمل بها طوال حياته ثم يكرر هذا الضرر بحرمانه من الترقية في الوزارة المنقول إليها رغماً عنه لمدة سنة، كما أن هذا النقل لا تتوافر فيه الحكمة من تطبيق المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لأن النقل تم جبراً.
وأجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المدعي حصل على بكالوريوس التجارة عام 1961 وعين مساعد أخصائي بالدرجة السادسة الفنية العالية بالقرار رقم 77 في 15 من أغسطس سنة 1962 في مصلحة الإحصاء والتعداد. وفي مارس سنة 1964 صدر القرار رقم 57 لسنة 1964 بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 27 أكتوبر سنة 1961 ثم نقل المدعي من مصلحة التعبئة العامة والإحصاء بالقرار الجمهوري رقم 2458 لسنة 1964 الصادر في 26 من يوليو سنة 1964، ثم صدر القرار المطعون فيه في 31 من أكتوبر سنة 1964 قبل مضي سنة على نقل المدعي ولم يكن من الجائز ترقيته لأن المشرع لم ينص على حالة النقل بقرار جمهوري من بين الحالات التي تجوز فيها ترقية الموظف المنقول قبل مضي سنة على نقله.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من وزارة الخزانة في 31 من أكتوبر سنة 1964 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية العالية (كادر جديد) وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الإدارة المصروفات
"وأقامت قضاءها على أن المدعي نقل بموجب القرار الجمهوري رقم 2458 لسنة 1964 من مصلحة التعبئة والإحصاء إلى وزارة الخزانة وأن المذكرة الإيضاحية للقرار سالف الذكر أشارت إلى أسباب النقل بقولها "أن الشروط والمواصفات الواجبة في وظائف مصلحة التعبئة والإحصاء غير متوفرة في بعض العاملين بالمصلحة في وضعها الجديد بعد إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 743 لسنة 1963 وقد روعي عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964 نقل هؤلاء الموظفين بقرار من رئيس الجمهورية. وأضافت المحكمة أن الظاهر من استقراء نصوص القانون رقم 46 لسنة 1964 أن المادة 41 رددت الأصل العام في جواز نقل الموظف من جهة إلى أخرى وقيدت ذلك بقيود روعي فيها عدم الإضرار بالموظف ولكن في مثل هذه الحالة تتقيد ترقية الموظف المنقول بقيود نصت عليها المادة 23 من القانون سالف الذكر وهو ألا يجوز النظر في ترقيته إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله. وهذا القيد استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة فيلزم تفسيره والحالة هذه تفسيراً ضيقاً في حدود الحكمة التشريعية التي قام عليها وهو منع التحايل عن طريق النقل لا يثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية ومن ثم فإذا كان النقل وفقاً للمادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964 ضرورة اقتضتها المصلحة العامة وتنظيماً للأوضاع بحسب مقتضيات الصالح العام فإن فكرة التحايل من وراء النقل تنعدم في هذه الحالة. كما أن المشرع وهو يخول الإدارة في المادة 42 سالفة الذكر حقها في نقل الموظفين كاملاً دون قيود إنما مراده من ذلك ألا يقيدها هي ولا الموظف المنقول بأي قيد في الحالات المنصوص عليها فيها لانتفاء التحايل الذي ورد القيد الاستثنائي في المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لمواجهته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن القيود التي ترد على ترقية الموظف المنقول تسري سواء كان نقله وفقاً للمادة 41 أو طبقاً للمادة 42 وأن المدعي لم تمض على نقله سنة وقت صدور القرار المطعون فيه كما أنه لم يكن عليه الدور في المصلحة التي كان تابعاً لها قبل نقله حتى يقال إن النقل قد أضر به.
ومن حيث إن المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "لا تجوز الترقية بأية حال قبل انقضاء المدة المقررة للترقية في جداول التوصيف التي يعتمدها المجلس التنفيذي كما لا تجوز ترقية العامل المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل ما لم تكن الترقية بالاختيار أو في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً أو كان نقل العامل بسبب نقل وظيفته أو لم يكن من بين عمال الوحدة المنقول إليها العامل من يستوفي الشروط القانونية للترقية خلال هذه السنة" وقد رددت هذه المادة حكم الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة وأضافت إليها بعض الحالات المستثناه من قيد السنة.
ومن حيث إن المادة 41 من القانون رقم 46 لسنة 1964 سالف الذكر تنص على أنه "يجوز نقل العامل من وزارة أو مصلحة أو محافظة إلى أخرى أو مؤسسة أو هيئة إلى أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان ذلك بناء على طلبه. ولا يجوز نقل العامل من وظيفته إلى أخرى درجتها أقل ويكون نقل العامل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين" وهذا الحكم يماثل ما نصت عليه الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة 42 من القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه تنص على أنه "استثناء من أحكام المادتين 26 و41 يجوز بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير المختص نقل العامل من وزارة إلى وزارة أخرى أو إلى هيئة عامة أو مؤسسة عامة وذلك (1) إذا لم يكن مستوفياً لمواصفات الوظيفة التي يشغلها أو أية وظيفة أخرى خالية في الوزارة (2) إذا كان زائداً على حاجة العمل في الجهة التي كان يعمل بها" وقد استحدث المشرع هذا الحكم في القانون رقم 46 لسنة 1964 الذي نص في مادته الأولى على أن يكون إنشاء الوزارات والمصالح والإدارات بتنظيمها بقرار من رئيس الجمهورية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص في فقرتها الأولى على أنه يجوز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى ويجوز نقله من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه وتنص في فقرتها الثانية على ما يأتي "ومع ذلك لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً" وظاهر من ذلك أن الفقرة الأولى من تلك المادة وإن رددت الأصل العام في جواز نقل الموظف من جهة إلى أخرى حسب مقتضيات العمل إلا أنها قيدت ذلك بقيد روعي فيه عدم الإضرار بالموظف المنقول إذا كان النقل يفوت عليه دوره في الترقية إلا إذا كان هذا النقل بناء على طلب الموظف المنقول نفسه فعندئذ يصح النقل حتى ولو كان من شأنه تفويت الدور عليه في الترقية ما دام الموظف المنقول قد وازن مصلحته وآثر النقل على الرغم من ذلك ومؤدى ذلك أن النقل الذي يتم بغير مراعاة القيد المذكور يقع مخالفاً للقانون إذ هو بمثابة حرمان الموظف من دوره في الترقية بالأقدمية. ويجوز للموظف المنقول أن يطلب إلغاءه حتى لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية. أما إذا تم النقل صحيحاً بأن كل بناء على طلب الموظف حتى ولو فوت عليه دوره في الترقية في الجهة المنقول منها أو كان بغير طلبه ولكن لم يترتب عليه تفويت دوره في الترقية هناك فإن النقل يقع صحيحاً مطابقاً للقانون ولكن في مثل هذه الحالة تتقيد ترقية الموظف المنقول بقيد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 47 وهو أنه لا يجوز النظر في ترقيته إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله ما لم تكن الترقية في نسبة الاختيار أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً. وهذا القيد هو استثناء من الأصل العام الذي يجيز النقل كما يجيز ترقية الموظف المنقول طبقاً للقواعد العامة. ويبين من تقصي الأعمال التحضيرية لقانون التوظف في هذا الشأن أن المشروع الأصلي لم يتضمن لا القيد المنصوص عليه في الفقرة الأولى ولا الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية وإنما أدخلا باقتراح في البرلمان وأشار تقرير اللجنة المالية لمجلس الشيوخ إلى ذلك بقوله "وقد خشيت اللجنة أن يكون الدافع إلى نقل الموظف من وزارة أو مصلحة مرجعه محاولة تفويت الدور عليه في الترقية أو في الأقدمية فعدلت النص باتفاقها مع زميلتها بمجلس النواب بحيث لا يجوز النقل إذا كان مقصوداً به تحقيق هذا الغرض اللهم إلا إذا كان النقل بناء على طلب الموظف نفسه وحتى لا يكون الغرض من نقل الموظف إلى وزارة أو مصلحة أخرى مقصوداً به محاولة ترقيته نص في المشروع على أن تلك الترقية لا تجوز إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله.... وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 94 لسنة 1953 الذي عدلت هذه المادة بمقتضاه أنه قد قصد بنص تلك المادة عدم التحايل بنقل الموظفين لترقيتهم في وزارات ومصالح أخرى ولكن هذه الحكمة تنتفي في الوزارات والمصالح الجديدة إذ تحتاج الحكومة لموظفين لشغل الوظائف بتلك الوزارات والمصالح فتنقل إليها موظفين من الوزارات والمصالح المختلفة وعلى ذلك يجب ألا يحرم هؤلاء الموظفين من الترقيات.... والواقع من الأمر أن ما رددته المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور هو تأكيد للمعنى السالف إيضاحه من أن هذا القيد الاستثنائي لا ينبغي إعماله إلا في المجال المعني به وهو منع التحايل عن طريق النقل لا يثار الموظف المنقول بترقيته في الجهة المنقول إليها في نسبة الأقدمية. ومن ثم فإن النقل الذي يرد عليه القيد الاستثنائي المعني بهذا النص وهو عدم جواز ترقية الموظف المنقول قبل مضي سنة على الأقل، لا ينصرف إلا إلى نقل الموظف مجرداً من الدرجة التي يشغلها أما إذا كان نقله قد ترتب بحكم اللزوم على نقل الدرجة التي يشغلها من ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول منها إلى ميزانية الوزارة أو المصلحة المنقول إليها أو أنشئت درجة جديدة في ميزانية المصلحة وكان نقله عليها ضرورة اقتضتها المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية فلا محل لأعمال هذا الاستثناء لانتفاء حكمته ولأن نقل الموظف في هذه الحالة كان أمراً اقتضاه تنظيم الأوضاع حسب مقتضيات الصالح العام بغير دخل لإرادة الموظف في ذلك فلا يجوز أن يضار بمثل هذا النقل الذي اقتضته المصلحة العامة وهو لا دخل لإرادته فيه بتفويت دوره في الترقية في نسبة الأقدمية".
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن المدعي نقل بالقرار الجمهوري رقم 2458 لسنة 1964 من مصلحة التعبئة والإحصاء إلى وزارة الخزانة للأسباب التي أشارت إليها المذكرة الإيضاحية لهذا القرار وهي أن الشروط والمواصفات الواجبة في وظائف مصلحة التعبئة والإحصاء غير متوفرة في بعض العاملين بالمصلحة في وضعها الجديد بعد إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 743 لسنة 1963. ومن ثم فإن هذا النقل اقتضته المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية ولا دخل لإرادة الموظف فيه ومن ثم فإن حظر الترقية الذي نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى مثل هذا النقل ولا تتقيد ترقية الموظف المنقول في ظله بقيد السنة ويكون تخطي المدعي بالقرار المطعون فيه استناداً إلى هذا القيد على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من إلغاء القرار المطعون فيه وبهذه المثابة يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع إلزام الطاعنة بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاته.


(1) بمثل هذا قضت المحكمة في الجلسة ذاتها بالحكم الصادر في القضية رقم 1196 لسنة 14 ق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق