الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 يوليو 2023

الطعون 800 ، 809، 811 لسنة 13 ق جلسة 11 / 3 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 48 ص 304

جلسة 11 من مارس سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عوضين إبراهيم الألفي، رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-----------------

(48)

القضايا أرقام 800، 809، 811 لسنة 13 القضائية

(أ) عاملون بالشركات "تأديب" - اختصاص المحاكم التأديبية.
نص المادة الخامسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 على تشكيل المحكمة التأديبية التي تختص بمحاكمة موظفي الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة برئاسة مستشار أو مستشار مساعد من مجلس الدولة - اختصاص هذه المحكمة بمحاكمة العاملين في الشركة أياً كانت مرتباتهم.
(ب) عاملين بالقطاع العام "تأديب. جزاء تأديبي".
الحكم على العامل بجزاء تأديبي من بين الجزاءات المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1959 وفي لوائح العاملين بالقطاع العام - جائز قانوناً ولو كان هذا الجزاء غير وارد في لائحة الجزاءات الخاصة بالشركة التي يتبعها العامل - بيان ذلك ومثال.

------------------
1 - تنص المادة الخامسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة على أن "يكون تشكيل المحكمة التأديبية التي تختص بمحاكمة موظفي الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة المنصوص عليها في المادة (1) على الوجه الآتي: مستشار مساعد من مجلس الدولة رئيساً..." وتأسيساً على هذا النص تكون المحكمة المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون هي المختصة بمحاكمة العاملين بالشركات أياً كان المرتب الذي يحصلون عليه ولو زاد على الثمانين جنيهاً شهرياً.
2 - أن ما أثاره الطاعنان من أن المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه، قد أهدرت لائحة جزاءات البنك التي تكفلت ببيان الجزاءات التي توقع على موظفيه عن المخالفات فأوقعت بهما جزاءاً مخالفاً للقانون فأنه قول مردود بأن المادة السادسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي الشركات قد حددت الجزاءات التي يجوز للمحكمة توقيعها على العاملين بالشركات، وقد ورد من بينها جزاء خفض المرتب وتنزيل الوظيفة، كما أن لوائح القطاع العام التي كانت سارية منذ طرح الدعوى التأديبية على المحكمة قد تضمنت مثل ذلك الجزاء كما يبين من مراجعة المادة 59 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 والمادة 48 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار لائحة العاملين بالقطاع العام. وعلى ذلك، فإنه لما كانت المحكمة قد أوقعت بالموظفين الثلاثة جزاء خفض المرتب وهو من الجزاءات التي يجوز للمحكمة توقيعها على العاملين في القطاع العام على النحو السالف بيانه، فمن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن يكون على غير أساس.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعون الثلاثة المقدمة استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن مبلغ 12000 جنيه (اثنا عشر ألفاً من الجنيهات) قد اختلس من خزانة فرع البنك الأهلي بشبرا، ولما تولت النيابة العامة إجراءات التحقيق انتهت إلى اعتبار الواقعة جناية (قيدت برقم 1083 لسنة 65 جنايات روض الفرج)، وقيدت التهمة ضد السيد/ .... صراف فرع البنك لأنه في يوم 18/ 2/ 1965 اختلس الأموال المبينة بالتحقيقات للبنك الأهلي المصري، والمسلمة إليه بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع، وطلبت النيابة العامة من السيد/ مستشار الإحالة المختص إحالة هذا المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته عن تهمته. وقد أصدر السيد/ مستشار الإحالة أمره بتاريخ الأول من يونيه سنة 1966 بألا وجه لإقامة الدعوى قبل المتهم المذكور مع إخلاء سبيله، واستند الأمر إلى عدم كفاية الأدلة ضد المتهم وتضمنت الأسباب أن الوقائع الثابتة والتي أسفرت عنها التحقيقات لا ترجح أيضاً اتهام سواه لشيوع التهمة وأن مرد ذلك كله إلى إهمال التعليمات والاستهتار بالواجبات من كل القائمين بأعمال فرع البنك على السواء.
ثم أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الاقتصاد بتقرير اتهام مودع في 11/ 9/ 1966 ضد كل من:
1 – السيد: ....، صراف بالبنك الأهلي/ فرع شبرا بمرتب قدره ثلاثة وأربعين جنيهاً شهرياً.
2 – السيد: ....، بإدارة الشئون العامة بالمركز الرئيسي بالبنك الأهلي بمرتب قدره سبعة وتسعين جنيهاً شهرياً.
3 – السيد: ....، بإدارة التفتيش والفروع بالمركز الرئيسي بالبنك الأهلي بمرتب قدره ثلاثة وثمانين جنيهاً شهرياً.
لأنهم جميعاً خلال الفترة السابقة على يوم 18/ 2/ 1965 بفرع البنك الأهلي بشبرا دائرة محافظة القاهرة، أهملوا في أداء أعمالهم إهمالاً جسيماً ولم يحافظوا على أموال البنك محافظتهم على أموالهم الخاصة، وخالفوا التعليمات المرعية الأمر الذي ترتب عليه أن تمكن مجهول من اختلاس مبلغ اثني عشر ألف جنيه من خزينة الفرع وقد تم ذلك على الوجه الآتي:
المتهم الأول - بصفته صراف بالفرع المذكور:
( أ ) قام بفتح الخزانة الفرعية منفرداً صباح يوم الحادث وسمح للثاني والثالث بفتح تلك الخزانة بمفردهما بأن سلم كلاً منهما المفتاح الخاص به.
(ب) لم يقم بإثبات حركة تداول مفاتيح الخزانة.
(جـ) لم يقم بإثبات فئات النقود على مستندات الصرف والإيداع.
المتهم الثاني - بوصفه مديراً للفرع المذكور:
( أ ) لم يتبع ما توجبه تعليمات البنك الخاصة بالرقابة الثنائية على مفاتيح الخزانة وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
(ب) وقع على غير الحقيقة بما يفيد قيامه بإجراء الجرد على دفتر يومية الخزانة يوم 17/ 2/ 1965.
(جـ) أمر بنقل أرصده الفرع من الخزانة الرئيسية المخصصة لحفظ الاحتياطي والموجود بالحجرة المحصنة إلى الخزينة الفرعية دون مبرر صباح يوم الحادث.
(د) لم يقم بإثبات تداول مفاتيح الخزنتين في السجل المعد لذلك وسماحه بتداولهما بين العاملين بالفرع دون إثبات ذلك في السجل.
(هـ) لم يراجع أعمال الصراف الذي ثبت تراخيه في إثبات فئات النقود على مستندات الصرف والإيداع كما تقضي بذلك تعليمات البنك.
(و) أجاز استعمال أدراج خشبية مفتوحة في نقل أرصدة الفرع من الخزانة الرئيسية إلى الخزانة الفرعية على النحو الموضح بالتحقيقات.
(ز) لم يقم بالتوقيع على دفتر يومية الخزانة في المدة من 31/ 1/ 1965 حتى يوم الحادث ولم يرسل للمركز الرئيسي كشوفاً تبين محتويات الخزانة خلال يومي 17 و18 فبراير سنة 1965.
المتهم الثالث - بوصفه رئيس حسابات الفرع المشار إليه:
( أ ) قام باستلام مفتاح الخزانة الفرعية صباح يوم الحادث دون قيامه بجرد محتوياتها.
(ب) قام بفتح الخزانة يوم الحادث منفرداً مع مخالفة ذلك لنظام الرقابة الثنائية بفتح الخزانة.
(ج) قام بالتصريح وهو غير مختص - للعامل.... المنوط به حراسة الفرع بالتغيب فترة من الوقت رغم علمه مدى خطورة ترك الفرع دون حراسة.
(د) لم يقم بإثبات تداول مفاتيح الخزانة بالسجل المعد لذلك.
وبناء عليه يكون العاملون المذكورون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المادة 51 فقرة (ج) و(د) والمادة 53 من لائحة نظام العاملين بالشركات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962، وأنه لذلك تطلب النيابة الإدارية من المحكمة التأديبية المذكورة محاكمتهم بالمادتين المشار إليهما وتطبيقاً لنص المادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمواد 1/ 3 و5 و6 من القانون رقم 19 لسنة 1959.
وبجلسة 26 من مارس سنة 1967 قضت المحكمة التأديبية المذكورة المشكلة برئاسة مستشار بمجلس الدولة بمجازاة المتهم الثاني بخفض راتبه بمقدار ثلاثين جنيهاً شهرياً، وبمجازاة المتهم الأول وكذلك المتهم الثالث بخفض راتب كل منهما بمقدار عشرة جنيهات شهرياً.
واستندت في قضائها بشأن ثبوت المخالفات إلى كل من الطاعنين الثاني والثالث إلى الأسباب التالية:
"الأول - بالنسبة للمتهم الثاني: فإنه عن تهمته الأولى وحاصلها أنه لم يتبع ما توجبه التعليمات الخاصة بالرقابة الثنائية على مفاتيح الخزينة فقد أشار المتهم إلى الثقة المتبادلة بين موظفي الفرع وهو قول غافل كما ذكر أنه قد أعطى المفتاح للفراش ليسلمه إلى.... ليشترك مع الصراف في فتح الخزانة إلا أن الفراش أخطأ فسلمه إلى الصراف الذي قام بفتح الخزانة وحده. ومع التسليم جدلاً بصحة ما ذكره فإنه وقد سلم المفتاح إلى الفراش فإنه يتحمل تبعة ما حدث بعد ذلك من خطأ الفراش. يضاف إلى ذلك أنه إذا كان للمتهم حجة ما في هذه الواقعة فإنه لم يستطع تفسير ما قام به من طلب مفتاح الصراف في آخر يوم العمل الصباحي وقيامه بفتح الخزينة منفرداً بعد إذ اجتمع لديه المفتاحين لاستخراج دفتر الشيكات. وبهذا تكون التهمة ثابتة قبله. وأما عن تهمته الثانية من أنه وقع على غير الحقيقة بما يفيد قيامه بإجراء الجرد على دفتر يومية الخزينة يوم 17/ 2/ 1965، فقد عاد المتهم يشير إلى الثقة المتبادلة بينه وبين رئيس الحسابات وأنه لما تأكد أن هذا الأخير قام بإجراء الجرد وقع على أنه هو الذي أجراه شخصياً. وهو قول غافل لا يحل من مسئولية ما أتاه بل ويشدد عليه في هذه المسئولية ما دامت عملية الجرد منوطه به شخصياً. وبالنسبة لتهمته الثالثة وهي أنه أمر بنقل أرصدة الفرع من الخزينة الرئيسية المخصصة لحفظ الاحتياطي والموجودة بالحجرة المحصنة إلى الخزينة الفرعية دون مبرر صباح يوم الحادث، فإن هذه المخالفة هي أكثر ما يثر الانتباه فضلاً عن المخالفات الأخرى المنسوبة إليه أو لغيره. فقد سبق البيان أن الخزينة الرئيسية داخل الغرفة المحصنة وهي التي تقع بالطابق السفلي هي المخصصة لحفظ الاحتياطي من نقدية الفرع، أما الخزينة العلوية بصالة الموظفين فهي خزينة فرعية لا يودع بها إلا القدر الكافي من النقدية لمواجهة الخدمات المصرفية المسائية. والمستفاد من الأوراق أنه في صبيحة يوم الحادث الخميس كان بالخزينة الرئيسية ستين ألفاً من الجنيهات أرسل منها 25 ألف جنيه لإيداعها في البنك المركزي في ذلك اليوم المخصص للإيداعات، أما الباقي وقدره 35 ألف جنيه فقد أمر رغم اعتراض الصراف عليه بإيداعه في الخزينة الفرعية. والغريب من الأمر أنه إذا كان المبلغ الأخير فائضاً كما ذكر المتهم نفسه لكان متعيناً إرساله في ذات اليوم إلى البنك المركزي سيما وأن الحقيبة لم تحمل إلا 25 ألفاً من الجنيهات وهو مبلغ زهيد إذا ما قيس بإيداعات سابقة وصلت إلى 80 ألف جنيه وإذا لم يكن المبلغ فائضاً لوجب الإبقاء عليه في مكانه من الخزانة الرئيسية لا نقله إلى خزانة أقل مناعة وتحصيناً. ولعل شعور المتهم بفداحة ما أتاه بل وشعوره بدلالة الذنب الذي أتاه وما أحاطه به من شبهات هي التي دفعته مذكرته المقدمة منه إلى المحكمة إلى سرد ستة عشر عذراً لتبرير قيامه بنقل الاحتياطي المذكور، وأما عن تهمته الرابعة وهي أنه لم يقم بإثبات تداول مفاتيح الخزنتين في السجل المعد لذلك وسماحه بتداولها بين العاملين دون إثبات تداولها في السجل، فقد ذكر المتهم أنه كان قد حصل مؤخراً على ذلك السجل وتذرع في عدم استعماله بأنه لم تكن قد وصلته بعد التعليمات المنظمة لاستعماله وهو قول لا يشفع له ذلك أنه مع الأهمية القصوى لذلك السجل وخطورة ما يثبت به من بيانات متعلقة بحركة نقل المفاتيح وما يتبعها من نقل العهد النقدية فقد كان يستطيع أن يطلب تلك التعليمات تليفونياً أو أن يأخذ هذه التعليمات (وهي مطبوعة) بنفسه من المركز الرئيسي وهو موجود بالبلد الذي يقيم فيه، ولهذا تكون التهمة ثابتة قبله - وبالنسبة للتهمة الخامسة وحاصل أنه لم يراجع أعمال الصراف الذي ثبت تراخيه في إثبات فئات النقود على مستندات الصرف والإيداع كما تقضي بذلك التعليمات، فقد دفع التهمة بمقولة أنه ليس في التعليمات ما يوجب على مدير الفرع مراجعة إثبات فئات النقود حيث لا أهمية لذلك مطلقاً ما دامت العملية في نهاية اليوم سليمة خصوصاً وأنه سبق أن نبه الصراف إلى هذه التعليمات ووجوب تنفيذها. وكان منطق المتهم أنه التعليمات لا تنفذ إلا عند وقوع الخطأ لا لتدارك وقوعه وأنه ما دام قد نبه الصراف إلى تنفيذها فقد فرغ دوره وارتفعت مسئوليته، وهو منطق يتعارض مع مفهوم السلطة الرئاسية وما تقتضيه من ضرورة إشراف الرئيس على أعمال مرؤوسه ورقابته ومتابعته في عمله دون الوقوف عند حد تنبيهه إلى ما تقضي به التعليمات، وإذا كان الثابت أن المتهم قد قصر في هذه الرقابة فقد حقت مساءلته عنها. وأما تهمته السادسة وهي أنه أجاز استعمال أدراج خشبية مفتوحة في نقل أرصدة الفرع من الخزينة الرئيسية إلى الخزينة الفرعية، فقد ذكر المتهم أنه ليست هناك تعليمات تقضي بعدم نقل النقود من مكان لآخر داخل الأدراج الخشبية وأن هذه الأدراج هي المستعملة في الفرع الذي لا يوجد به مطلقاً صندوق حديدي. ولما كان من الثابت من مذكرة مساعد المدير العام للبنك أن تعليمات المركز الرئيسي تقضي بنقل النقود داخل صندوق مقفل أو حقيبة مقفلة وفي حالة عدم استيعاب الصندوق فيتعين نقل النقود داخل الحقيبة على دفعات منعاً للعبث بالنقود خلال النقل، وعلى هذا النحو فإنه حتى بافتراض عدم وجود صناديق مقفلة بالفرع فقد كان يتعين على المتهم استعمال الحقيبة وهي لديه وإذا لم يفعل فإن التهمة تكون ثابتة في حقه. وبالنسبة لتهمته السابعة وحاصلها أنه لم يقم بالتوقيع على دفتر يومية الخزينة في المدة من 31 من يناير سنة 1965 حتى يوم الحادث ولم يرسل للمركز الرئيسي كشوفاً تبين محتويات الخزينة خلال يومي 17 و18 من فبراير سنة 1965، فقد ذكر المتهم أنه بالنسبة لدفتر اليومية فقد كان يقوم بالمراجعة فعلاً وأن لم يقم بالتوقيع فعلاً على الدفتر وأن العبرة بالواقع وهو قول يؤكد وقوع الفعل ولا يبرره. أما عن كشف محتويات الخزينة فقد ذكر المتهم أن الصراف هو الذي يحرره ويعرضه عليه لمراجعته وأن الصراف أهمل في تأدية هذا الواجب مستغلاً انشغاله في أعمال أخرى.
ثانياً - بالنسبة للمتهم الثالث: فإن تهمته الأولى وهي بوصفه رئيساً لحسابات الفرع قام باستلام مفتاح الخزينة الفرعية صباح يوم الحادث دون قيامه بجرد محتوياتها، فقد نفى المتهم هذه التهمة بمقولة أنه ليس من اختصاصه جرد الرصيد الموجود بالخزينة الفرعية كما تقضي بذلك التعليمات كما أن أعماله كرئيس الحسابات لا يدخل في نطاقها أي عمل متعلق بالخزينة خلال الفترة الصباحية - وهذا القول يدحضه أن المتهم قد عمل في الفترة المسائية ليوم الحادث وأنه لذلك تسلم من مدير الفرع المفتاح الخاص بالخزينة الفرعية بعد انتهاء عمل الفترة الصباحية، واعترف المتهم بذلك في التحقيق بأنه يتناوب ومدير الفرع العمل بالفترة المسائية واعترف بأنه تسلم منه مفتاح الخزينة الفرعية بعد انتهاء العمل الصباحي دون جرد لمحتويات الخزينة لاعتقاده بأن ما تحويه من مبالغ إنما كان لمواجهة احتياجات الخدمة المسائية فقط، وأنه لم يكن قد شاهد عملية نقل الاحتياطي من الخزينة الرئيسية إلى الفرعية. وقد قرر كذلك مدير الفرع أنه سلم المتهم مفتاح الخزينة الفرعية ذلك اليوم دون جرد لمحتوياتها. وأياً كانت عقيدة المتهم وحظها من الصواب والخطأ فإنه وقد استلم مفتاح الخزينة الفرعية للعمل في الفترة المسائية فقد انتقلت إليه مسئولية ما بداخل هذه الخزينة ومن ثم كان لزاماً أن يجري جرد هذه الخزينة قبل استلام مفتاحها للتحقق من سلامة ما بها ومطابقته للرصيد، وتلك بديهية لا تحتاج إلى فطنة وإذا لم يفعل المتهم ذلك وهو أمر برره مدير الفرع بالثقة المتبادلة بينهما فقد حقت مسائلته عن هذه التهمة. وبالنسبة لتهمته الثانية وهي أنه قام بفتح الخزينة يوم الحادث منفرداً مع مخالفة ذلك لنظام الرقابة الثنائية، فقد ذكر المتهم أن الصراف كان مشغولاً في الفترة المسائية وأن.... طلب دفتر إيصالات لاستعمال العملاء وأنه (أي المتهم) طلب من الصراف مفتاح الخزينة الخاص به وقام بالاشتراك مع طالب الدفتر في فتح الخزانة وبذلك لم ينفرد وحده بفتح الخزانة وهو هدف الرقابة الثنائية. وإذا كان قول المتهم لم يقم عليه دليل في الأوراق إذ أن الثابت من التحقيقات أن المتهم طلب مفتاح الصراف فأعطاه له وقام على ذلك بفتح الخزانة فإن ما ادعاه من اشتراك.... معه يكون عارياً من الدليل وتكون التهمة بذلك ثابتة قبله. وأما عن تهمته الثالثة وهي قيامه وهو غير مختص بالتصريح للعامل.... المنوط به حراسة الفرع بالتغيب فترة من الوقت رغم علمه مدى خطورة ترك الفرع دون حراسة فقد اعترف بأنه سمح لذلك العامل بالتغيب مدة نصف ساعة لمعاونة والده المريض رغم عدم اختصاصه بذلك وأنه لم يخطر بباله أن يتصل تليفونياً بمدير الفرع، وبذلك تكون التهمة ثابتة قبله لا ينفيها معاودته إلى إنكارها في مذكرته المقدمة إلى المحكمة أو تبريره لها بأن مدير الفرع يصرح لذلك العامل المتغيب ساعة يومياً للغذاء وتسجيل البريد وأما بالنسبة لتهمته الرابعة فقد ارتأت المحكمة تبرئته منها.
وقدم السيد/ .... (المتهم الثاني) طعنه رقم 809 لسنة 13 القضائية في الحكم المذكور الذي قضى بخفض مرتبه الشهري بمقدار ثلاثين جنيهاً. وانتهى الطاعن في الطعن ومذكرة دفاعه إلى طلب الحكم: "بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة التأديبية المشار إليها بنظر الدعوى لاختصاص المحكمة التأديبية المشكلة برياسة وكيل مجلس الدولة بمحاكمته وهي المحكمة التي نيط بها محاكمة موظفي الدرجة الثانية وما فوقها، والحكم احتياطياً ببراءته من التهم المنسوبة إليه مع المصروفات." وبنى الطاعن طعنه على ما يلي من الأسباب:
1 - أن المحكمة التي أصدرت الحكم في الدعوى التأديبية المرفوعة عليه غير مختصة بنظر النزاع، وذلك لأن مرتب الطاعن قد صدر به القرار الجمهوري رقم 879 في مارس سنة 1964 لمجاوزته 1500 جنيهاً (ألف وخمسمائة جنيه) سنوياً، وعلى مقتضى ذلك فإن المحكمة المختصة بمحاكمته تأديبياً هي المحكمة التأديبية المكونة من وكيل مجلس الدولة ومستشار بمجلس الدولة وموظف من ديوان المحاسبات من الدرجة الأولى على الأقل طبقاً للقانون رقم 117 لسنة 1958 والقانون رقم 19 لسنة 1959 - ولهذا تكون المحكمة التي فصلت في الدعوى التأديبية المشكلة برئاسة مستشار من مجلس الدولة غير مختصة بنظر النزاع.
2 - أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن لا سند لها. وتناول الطاعن في هذا الشأن الرد على ما ذهبت إليه المحكمة في حكمها المطعون فيه بالنسبة لما ارتأته من ثبوت هذه المخالفات في حقه.
3 - أن المحكمة التأديبية لم تقف عند حد إدانة الطاعن في هذه المخالفات جمعيها بل أخطأت أيضاً في تطبيق القانون حين غلظت العقاب وذلك بخفض راتبه ثلاثين جنيهاً.
4 - أن لائحة الجزاءات في البنك قد تكفلت ببيان الجزاءات التي توقع على موظفيه عن المخالفات، غير أن الحكم المطعون فيه قد أهدر هذه اللائحة ولم يدخلها في الحساب.
وقدم السيد/ .... (المتهم الثالث) طعنه رقم 800 لسنة 13 القضائية، وطلب فيه إلغاء الحكم المذكور وتبرئته مما أسند إليه مع إلزام المطعون ضده المصروفات وبنى الطاعن طعنه على الأسباب التالية:
1 - أن الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتناقض مع منطوقه وتقضي ببراءته.
وتناول الطاعن في هذا الخصوص الرد على ما ذهبت إليه المحكمة في حكمها بالنسبة لما ارتأته من ثبوت المخالفات الثلاث الأولى قبله.
2 - أنه ينبغي ألا يشوب الجزاء الغلو في التقدير، حيث قيدت النيابة العامة الحادث جناية ضد الصراف وحده (المتهم الأول) ووضعت الطاعن في مقدمة قائمة الشهود المرفقة بقرار الإحالة. وأنه إذا كان السيد مستشار الإحالة لم يكتم استغرابه في أن يوكل إلى الصراف رغم ماضيه الثابت في الأوراق عهدة نقود الفرع، فإنه لا شك أن استغرابه هذا يتضاعف إلى حد الذهول لو علم أن المحكمة التأديبية جازت الطاعن شاهد الإثبات بنفس الجزاء الذي جازت به ذلك الصراف المتهم المحظوظ.
3 - أن المحكمة التأديبية قد أغفلت لائحة جزاءات البنك.
وذهب السيد/ رئيس هيئة المفوضين في أسباب طعنه رقم 811 لسنة 13 القضائية، إلى أنه مع ثبوت التهم المنسوبة إلى المتهمين الثلاثة على الوجه المبين بالحكم المطعون فيه، ورغم ما ذهبت إليه المحكمة التأديبية في أسباب حكمها المطعون فيه - من أن ما قارفه المتهمون الثلاثة من مخالفات إدارية قد بلغ حداً خطيراً من الإهمال والتقصير في أداء واجبات الوظائف المنوطه بهم وعدم القيام بها بالدقة والأمانة المفروض توافرها في هؤلاء العاملين الذين يشغلون مناصب قيادية وحساسة بالبنك - فإن الحكم التأديبي المطعون فيه قد اكتفى بخفض المرتب الشهري لكل من هؤلاء العاملين الثلاثة، الأمر الذي يعتبر معه الجزاء مشوباً بعدم المشروعية. وانتهت أسباب هذا الطعن إلى طلب الحكم: "بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب". ثم قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في المنازعة قالت فيه أن السيد/.... (المتهم الثاني) قدم شهادة صادرة من البنك الأهلي تفيد صدور قرار جمهوري برقم 879 لسنة 64 في تاريخ سابق على وقوع المخالفة باستمراره في عمله بالبنك محدداً مرتبه بما يجاوز مبلغ ألف وخمسمائة جنيه سنوياً، وأنه متى كان ذلك وكان المرتب الشهري لهذا المتهم يزيد أصلاً عن مبلغ ثمانين جنيهاً شهرياً تكون المحكمة التأديبية المذكورة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وهي مشكلة برياسة مستشار بمجلس الدولة غير مختصة بمحاكمة هذا المتهم لاختصاص المحكمة التأديبية المشكلة برياسة وكيل بمجلس الدولة بمحاكمته كما تكون المحكمة التأديبية الأخيرة هي المختصة أيضاً بمحاكمة باقي المتهمين عملاً بالمادة 25 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تقضي بأنه إذا تعدد المتهمون المقدمون للمحكمة التأديبية كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم درجة هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً.
وأودعت إدارة قضايا الحكومة مذكرة برأيها، انتهت فيها للأسباب المبينة بها إلى طلب الحكم برفض الطعنين رقمي 800 لسنة 13 القضائية و809 لسنة 13 القضائية موضوعاً مع إلزام مقدميهما المصروفات. وبالنسبة للطعن رقم 811 لسنة 13 القضائية فإن النيابة الإدارية تنضم إلى السيد/ رئيس هيئة المفوضين في طلب تشديد الجزاء بالنسبة للمتهمين الثلاثة مع إلزام الطاعنين المتهمين الثاني والثالث بالمصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه بنظر المنازعة بمقولة أن مرتب السيد/ .... المتهم الثاني الطاعن كان يجاوز الحد الذي تختص بنظره هذه المحكمة وذلك بالتفصيل الذي أورده تقرير هيئة مفوض الدولة السالف بيانه والذي أشار إليه هذا الطاعن في مذكرة دفاعه وتمسك به - فإنه مردود بأنه بعد انتقال ملكية البنك الأهلي إلى الدولة بموجب أحكام القانون رقم 40 لسنة 1960، صدر القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 وقضى في مادته الأولى بتحويل البنك الأهلي المذكور إلى شركة مساهمة عربية. ولما كانت الدعوى - التأديبية التي صدر في شأنها الحكم المطعون فيه قد رفعت إلى المحكمة التأديبية المذكورة بتاريخ 11/ 9/ 1966 بموجب تقرير اتهام للنيابة الإدارية أودع سكرتارية هذه المحكمة في ذلك التاريخ أي بعد حصول تحويل البنك الأهلي إلى شركة مساهمة عربية، ومن ثم فقد كان الاختصاص عند رفع الدعوى التأديبية منعقداً للمحكمة التأديبية المطعون في حكمها دون سواها وذلك طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة, حيث جرى هذا النص بأن "يكون تشكيل المحكمة التأديبية التي تختص بمحاكمة موظفي الشركات والجمعيات والهيئات الخاصة المنصوص عليها في المادة (1) على الوجه الآتي: مستشار أو ومستشار مساعد من مجلس الدولة رئيساً.." وتأسيساً على هذا النص تكون المحكمة المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون هي المختصة بمحاكمة العاملين بالشركات أياً كان المرتب الذي يحصلون عليه ولو زاد على الثمانين جنيهاً شهرياً. ويكون لذلك ما ذهب إليه المتهم الثاني الطاعن وشايعته فيه هيئة مفوضي الدولة من عدم اختصاص المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إنه عما أثاره السيدان/ المتهمان الثاني والثالث الطاعنان من أن المحكمة التأديبية التي أصدرت الحكم المطعون فيه، قد أهدرت لائحة جزاءات البنك التي تكفلت ببيان الجزاءات التي توقع على موظفيه عن المخالفات فأوقعت بهما جزاءاً مخالفاً للقانون فأنه قول مردود بأن المادة السادسة من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي الشركات قد حددت الجزاءات التي يجوز للمحكمة توقيعها على العاملين بالشركات، وقد ورد من بينها جزاء خفض المرتب وتنزيل الوظيفة، كما أن لوائح القطاع العام التي كانت سارية منذ طرح الدعوى التأديبية على المحكمة قد تضمنت مثل ذلك الجزاء, كما يبين من مراجعة المادة 59 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1956 والمادة 48 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار لائحة العاملين بالقطاع العام. وعلى ذلك، فإنه لما كانت المحكمة قد أوقعت بالموظفين الثلاثة جزاء خفض المرتب وهو من الجزاءات التي يجوز للمحكمة توقيعها على العاملين في القطاع العام على النحو السالف بيانه، فمن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الطعن يكون على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن الحكم المطعون فيه صحيح للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها أسباباً لحكمها، ولا ينال منها لأسباب التي ذهب إليها الطاعنان والتي استندا إليها لطلب إلغاء الحكم والقضاء ببراءتهما مما أسند إليهما، وذلك لأن ما قدماه من دفاع لا يخرج عما سبق أن أبدياه أمام المحكمة التأديبية وتناولته بالرد المباشر أو غير المباشر. ويضاف إلى ذلك أنه ثبت من التحقيقات التي أجريت بمعرفة النيابة العامة وكذلك النيابة الإدارية أن المتهمين الثلاثة وهم عصب فرع البنك والشاغلين لوظائفه الحساسة قد ارتكبوا يومي 17 و18 من فبراير سنة 1965 مخالفات تناهت في خطورتها حتى انقلب الأمر إلى فوضى وانتهى إلى اختلاس المبلغ المذكور وقد عز على التحقيق الإمساك بفاعله بل وتحديد وقته وكيفية حدوثه بعد أن شاعت المسئولية بسبب ما ارتكبه كل من المتهمين الثلاثة من مخالفات ساعدت بقدر في المقدر المبهم الذي واجهة التحقيق وأدى في النهاية إلى إفلات الفاعل الحقيقي. الأمر الذي يكون معه الطعن المقدم من المطعون ضدهما الثاني والثالث في هذا الخصوص غير قائم على أساس سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الطعن المقدم من السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في شأن الجزاء الذي قدرته المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه لكل متهم من المتهمين الثلاثة، وطلبه تشديد هذه الجزاءات....
فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عدم الملاءمة الظاهرة في الجزاء تخرجه عن حد المشروعية وبالتالي تبطله، يستوي في ذلك ما إذا كان الجزاء مفرطاً في الشدة أو هيناً لا يتناسب مع فداحة الفعل المنسوب إلى العامل، ففي الحالين يكون الجزاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه عن تقدير الجزاء الموقع على كل من المتهمين الثلاثة، فقد طلب السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في طعنه تغليظ الجزاء على كل منهم لجسامة ما هو منسوب إليهم من مخالفات وأفعال. كما نعى المتهمان الثاني والثالث الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه الغلو في تقدير الجزاء الموقع عليهما وطلبا لذلك احتياطياً إلغاء الحكم المذكور وتقدير الجزاء المخفف المناسب لما اقترفاه. وترى المحكمة في هذا الشأن الموافقة على ما ذهبت إليه المحكمة التأديبية بالنسبة لما وقعته من جزاء على كل من الطاعنين المذكورين وذلك لمناسبة الجزاء لما اقترفه كل منهما من مخالفات وأفعال ثبتت في حقهما على النحو السالف البيان آخذه في الاعتبار بحق جسامة ما اقترفاه بقولها أنها تناهت في خطورتها حتى انقلب الأمر في فرع البنك المذكور إلى فوضى بعيدة المدى أدت إلى حدوث الاختلاس وقد عز على التحقيق الإمساك بفاعله بل وتحديد وقته وكيفية حدوثه بعد أن شاعت المسئولية بسبب ما ارتكبه كل من المتهمين الثلاثة من مخالفات ساعدت بقدر في الموقف المبهم الذي واجهه التحقيق وأدى في النهاية إلى إفلات الفاعل الحقيقي. أما بالنسبة للسيد/.... المتهم الأول فإنه مما يلفت النظر إلى عدم ملاءمة الجزاء الموقع عليه أن المحكمة قضت بخفض راتبه فقط رغم ارتكابه الأفعال التي ثبتت في حقه والتي شكلت نصيباً كبيراً في الوصول إلى حصول فوضى بفرع البنك أدت إلى حدوث الاختلاس كما ذهبت المحكمة في أسباب حكمها ومن أخص هذه الأفعال أنه وهو صراف للفرع وفي حيازته أحد مفتاحي خزانتي الفرع قد أهدر نظام الرقابة الثنائية الذي بمقتضاه لا يجوز اجتماع مفتاحي أي خزانة من الاثنتين في يد واحدة حتى لا يمكن فتح أي الخزانتين إلا في حضور اثنين من الموظفين وذلك على الوجه المبين بأسباب الحكم التأديبي، ورغم تضمن الأوراق ما يسترعى الاهتمام والتقدير بخصوص الكشف عن ماضي هذا المتهم الذي يمس صلاحيته للعمل إذ تضمنت أسباب أمر السيد مستشار الإحالة السالف البيان الذي قضى بألا وجه لإقامة الدعوى قبل هذا المتهم "أنه قد استبان من التنقيب في ماضي المتهم أنه لم يكن بالشخص الذي يحق أن يعهد إليه بأمور خزائن البنوك وأن تترك في يده آلاف الجنيهات، فعلى الرغم من أن الحادث لا يمكن أن تكون له صلة بذلك الماضي الأسيف إلا أنه لا شك في أن ذلك الانحراف الخلقي الذي يسوغ له أن يتزوج بامرأة على غير دينه وأن يتسمى باسم غير اسمه وأن يحكم عليه في قضيتي تزوير وتبديد كل ذلك يتعين أن يكون كافياً لإبعاده عن ذلك المنصب الذي لابد وأن تنعكس عليه شذوذه الأول وما وصم به من جرائه". وكان من مقتضى ذلك أن يكون الجزاء الموقع على المتهم الأول متناسباً في شدته مع توافر التشديد المذكور غير أن المحكمة لم تفعل، الأمر الذي يخرج حكمها عن حد المشروعية وبالتالي تبطله في شأن هذا المتهم.
ومن حيث إنه لجميع ما تقدم، يكون الطعنان المقدمان من السيدين المتهمين الثاني والثالث غير قائمين على أساس سليم من الواقع أو القانون يتعين الحكم برفضهما مع إلزام كل منهما بمصروفات طعنه. ويكون الطعن المقدم من هيئة مفوضي الدولة سليماً وفي محله بالنسبة للجزاء الذي قضت به المحكمة التأديبية على المتهم الأول السيد المتهم الأول، ويتعين لذلك إلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة له ومجازاته بالفصل من الخدمة مع رفض هذا الطعن فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعون المضمومة شكلاً وفي موضوعها أولاً برفض الطعنين رقمي 800 لسنة 13 ق و809 لسنة 13 ق مع إلزام كل الطاعنين بمصروفات طعنه. ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 811 لسنة 13 ق بتعديل الحكم المطعون فيه ويفصل المتهم الأول من الخدمة ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق