جلسة 24 من يونيه سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، ودرويش عبد المجيد.
----------------
(149)
الطعن رقم 1392 لسنة 48 القضائية
(1) نقض "صحيفة الطعن". بطلان. موطن.
وجوب اشتمال صحيفة الطعن على بيان موطن الخصم. م 253 مرافعات. الغرض منه تحقق الغاية من الإجراء. لا بطلان. م 20 مرافعات. مثال.
(2) شفعة. إعلان. نقض. بطلان.
بطلان إعلان الرغبة في الشفعة. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك.
(3) شفعة. بيع.
الشفيع. وجوب مباشرته إجراءات دعواه قبل مشتري العقار دون اعتداد بالبيع الصادر منه لآخر طالما كان البيع في تاريخ تال لتسجيل إعلان الرغبة في الشفعة. م 947 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1061 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعن الأول وباقي المطعون ضدهم طالبة الحكم بأحقيتها في أخذ العقار - المبين بالصحيفة - بالشفعة والمبيع من المطعون ضدهم السبعة الأخيرين إلى الطاعن مع تسليمه لها مقابل ما أودعته خزانة المحكمة عن ثمن، وقالت بياناً لدعواها إنها تمتلك حصة مقدارها 5 ط و6 س مشاعاً في العقار آنف الذكر بينما يمتلك المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير باقي العقار ونمى إلى علمها أنهم باعوا ما يملكونه إلى الطاعن لقاء ثمن مقداره 1282 ج، و250 م فأيدت رغبتها في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة باعتبارها شريكة في الملكية الشائعة للعقار وأعلنت هذه الرغبة إلى البائعين والمشتري في 24 و26 من يناير سنة 1976 فأعرضوا عن الاستجابة لرغبتها الأمر الذي حدا بها لإقامة دعواها بعد إيداعها ما يعادل ثمن العقار المبيع خزانة المحكمة. وبتاريخ 20 من إبريل سنة 1977 حكمت المحكمة للمطعون ضدها الأولى بطلباتها. استأنف الطاعن الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف الذي قيد برقم 2922 لسنة 94 القضائية طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وأثناء نظر الاستئناف طلبت الطاعنة الثانية قبول تدخلها خصماً منضماً إلى الطاعن الأول في طلباته، وبتاريخ 22 من مايو سنة 1978 قضت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة الثانية وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت المطعون ضدها الأولى ببطلان الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع ورفض الطعن موضوعاً وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها الأولى أن صحيفة الطعن لم يرد بها بيان صحيح عن موطنها وفقاً لما توجبه المادة 253 من قانون المرافعات إذ جاءت غفلاً من ذكر الشارع الذي يقع به المنزل الذي تقيم فيه مما يؤدي إلى بطلان الطعن، وأما التصحيح الذي أجراه الطاعنان في سبيل إعلانها لتدارك النقض في بيان موطنها فقد جاء تالياً لانقضاء ميعاد الطعن فلا يترتب عليه زوال هذا البطلان.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المادة 253 من قانون المرافعات إذ نصت على أن تشتمل صحيفة الطعن على بيان موطن الخصم فقد استهدفت إعلام ذوي الشأن به حتى يتسنى إعلانه بالأوراق المتعلقة بسير الطعن فإذا ما تحققت هذه الغاية التي تغياها المشرع من الإجراء فلا يحكم بالبطلان تطبيقاً لنص المادة 20 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الثابت من صحيفة الطعن أنه قد ورد بها بأن موطن المطعون ضدها الأولى مثبتاً رقم المنزل الذي تقيم به والحي ودائرة قسم الشرطة الكائن بهما دون إثبات اسم الشارع فتقدم محامي الطاعنين إلى قلم كتاب المحكمة بطلب تضمن ما سقط سهواً إثباته من بيان هذا الموطن فتم إعلانها به وأودعت مذكرتها في الميعاد القانوني بالرد على أسباب الطعن فإن ذلك ما يحقق الغاية التي ينشدها القانون ويكون الدفع ببطلان الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعنان أن إعلان الرغبة في الشفعة الذي عول عليه الحكم المطعون فيه قد وقع باطلاً إذ تم تسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة دون أن يعقبه إرسال كتاب مسجل إلى المعلن إليه متضمناً أن الصورة سلمت لجهة الإدارة طبقاً لنص المادة 11 من قانون المرافعات مما كان متعيناً على الحكم المطعون فيه وقد ثبت هذا البطلان أن لا يتخذ من ذلك الإعلان سنداً لقضائه، وحاصل الوجه الثاني أن الدعوى رفعت بطلب الشفعة في البيع الحاصل بالعقد المسجل بتاريخ 27/ 1/ 1976 في حين أن الرغبة في الشفعة قد أعلنت في تاريخ سابق على هذا البيع فلا تنصرف آثارها إليه، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بتلك الرغبة بالنسبة لهذا البيع التالي لإعلانها يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن بطلان إجراءات الإعلان لا تتصل بالنظام العام فلا يجوز للطاعنين التحدي ببطلان الرغبة في الشفعة لأول مرة أمام محكمة النقض، كذلك فإن ما يثيره الطاعنان من القول بأن هذا الإعلان لا تمتد آثاره إلى البيع المحرر عنه العقد المسجل بتاريخ 27/ 1/ 1976 يعد سبباً جديداً يقوم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن اختصام المشتري الثاني في دعوى الشفعة من الإجراءات الأساسية التي يترتب على إغفالها عدم قبول الدعوى بغض النظر عن مدى صحة أو صورية عقد هذا المشتري، وإذ كان قد ثبت بالأوراق أن الطاعن الأول باع العقار المشفوع فيه إلى الطاعنة الثانية وأشهر هذا البيع في 19/ 9/ 1976 أي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة فقد تمسك الطاعنان لدى محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى الشفعة لعدم اختصام الطاعنة الثانية في إجراءاتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 938 من القانون المدني على أنه: "إذا اشترى الشخص عيناً تجوز الشفعة فيها ثم باعها قبل أن تعلن أية رغبة في الشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة طبقاً للمادة 942 فلا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها"، والنص في المادة 947 من هذا القانون على أنه "لا يسري في حق الشفيع أي رهن رسمي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري ولا أي بيع صدر من المشتري ولا أي حق عيني رتبه أو ترتب ضده إذا كان قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة في الشفعة" مفادهما أنه إذا مارس الشفيع حقه في الأخذ بالشفعة فإنما يتخذ إجراءات دعواه قبل مشتري العقار ودون اعتداد بالبيع الذي صدر من هذا المشتري متى ثبت أن البيع قد تم في تاريخ تال لتسجيل إعلان الرغبة في الشفعة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن إعلان الرغبة في الشفعة قد سجل في 21 من فبراير سنة 1976 أي قبل عقد شراء الطاعنة الثانية المشهر في 19 من سبتمبر سنة 1976 فأن البيع الصادر إليها لا يسرى في حق الشفيعة المطعون ضدها الأولى ولا تكون بالتالي في حاجة لاختصام هذه المشترية الثانية في دعوى الشفعة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال من وجوه أربعة، وفي بيان الوجه الأول يقولان إنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن البيع الصادر من أولهما إلى ثانيهما قد انعقد قبل إشهاره بالعقد العرفي المؤرخ 5/ 10/ 1975 وإنه ينبغي الاعتداد بهذا التاريخ الذي يسبق إعلان الرغبة في الشفعة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعول عليه إسناداً إلى صوريته التي استمدها من مجرد قيام علاقة الزوجية بين الطرفين مع أن هذه العلاقة في حد ذاتها لا تكشف عن الصورية مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير أدلة الصورية مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها الأولى طعنت بالصورية على التاريخ المعطى لعقد البيع العرفي الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعنة الثانية وقضى الحكم في أسبابه بهذه الصورية التي استمد ثبوتها من قرائن متعددة أباتها في قوله "أولاً: إن الخصيمة الثالثة هي زوجة المستأنف وقد علمت برغبة المستأنف عليها الأولى في أخذ العقار موضوع الدعوى بالشفعة منذ إنذارها للمستأنف برغبتها إذ خاطب المحضر الذي باشر إعلان الرغبة المستأنف في شخص زوجته التي رفضت استلام الإنذار ولو كان عقدها قد انعقد قبل إنذار الرغبة بالشفعة وتسجيله لبادر المستأنف أو الخصيمة الثالثة إلى إنذار طالبة الشفعة بحصول هذا البيع ولأبدى المستأنف بهذا الدفاع أمام محكمة أول درجة ولتدخلت المشترية الثانية في الخصومة أمام محكمة أول درجة. ثانياً: ومما يؤكد أن عقد مشتري الخصيمة الثالثة تال لتاريخ تسجيل الرغبة في الشفعة أن جميع الإجراءات التي اتخذت بخصوص البيع الصادر من المستأنف إلى زوجته الخصيمة الثالثة قد تمت في تاريخ لاحق لتاريخ تسجيل الإنذار بالشفعة وبعد أن سارت الدعوى أمام محكمة أول درجة شوطاً بعيداً إذ بينما تم تسجيل إعلان الرغبة بالشفعة في 21/ 2/ 1976 فإن الخصيمة الثالثة قامت بشهر عقد شرائها في 19/ 9/ 1976 ولم تخطر المستأنف عليها الأولى بشرائها العقار إلا في 28/ 9/ 1976.... أي بعد حوالي سبعة أشهر من إقامة الدعوى بالشفعة كما أن المستأنف لم يبد هذا الدفاع إلا في صحيفة الاستئناف......"، وإذ كانت هذه القرائن التي ساقها الحكم المطعون فيه سائغة واستنبطها مما له أصل بالأوراق وتكفي لحمل قضائه فإن النعي بهذا الوجه يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجهين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه لم يرد على دفاع الطاعنين الذي أثاره بشأن بطلان الحكم الابتدائي لابتناء الخصومة فيه على إعلانات اصطنعت بطريق الغش والتحايل، كما لم يمحص دفاعهما بأن المطعون ضدها الأولي ساومت الطاعن الأول في شراء حصتها التي تملكها بالعقار موضوع التداعي بما ينطوي على نزول عن حقها في الشفعة الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الطاعنين لم يقدما الدليل الذي يفيد تمسكها أمام محكمة الموضوع بذلك الدفاع، ومن ثم يكون نعيها في هذا الصدد عارياً من الدليل.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وإذ لم يرد على دفاعهما الذي تمسكا فيه بأن ملكية المطعون ضدها الأولى للعقار المشفوع به غير ثابتة وأنها لم تشهر حق الإرث الذي تتخذه سبباً للملكية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي الذي اتخذ الحكم المطعون فيه أسبابه أسباباً له أن المطعون ضدها الأولى قدمت سنداً لملكيتها للعقار المشفوع به عقد بيع وإقرار ملكية وإشهار إرث مسجل برقم 4662 لسنة 1961 القاهرة ثابت منه أنها تملك 18 س 1 ط ميراثاً عن أبيها و6 س ميراثاً عن والدتها و6 س 1 ط مشترى من أخواتها وجملة ذلك 6 س 3 ط وعقد بيع آخر مسجل برقم 2757 القليوبية في 3/ 5/ 1941 يفيد شراءها في ذلك العقار حصة قدرها 2 ط، وخلص الحكم إلى ثبوت ملكية المطعون ضدها الأولى من هذين المستندين، ومن ثم يكون ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من بيان لملكية المطعون ضدها الأولى وسببها يحمل الرد الضمني على ما أثاره الطاعنان من جدل حول مدى ثبوت هذه الملكية ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق