الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعن 928 لسنة 14 ق جلسة 26 / 2 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 43 ص 274

جلسة 26 من فبراير سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-----------------

(43)

القضية رقم 928 لسنة 14 القضائية

(أ) جامعات:
رئاسة القسم حق لأقدم أستاذ ذي كرسي به - إذا وجد عائق يعوق قيام الأقدم بمهام رئاسة القسم تولى الرياسة من يليه في الأقدمية - مفهوم العائق في هذا المجال - هو كل ما من شأنه المساس بإمكانية مباشرة أعباء رئاسة القسم أو بالصلاحية الواجب توافرها فيمن يتولى هذا المنصب - ترخص مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية في تقدير هذا العائق تحت رقابة القضاء الإداري.
(ب) جامعات. قرار إداري "عيوبه".
صدور قرار من مدير الجامعة بتنحية رئيس القسم بناء على اتهام وجه إليه - ينطوي على إجراء تأديبي مقنع وقع بغير اتباع إجراءات التأديب المقررة قانوناً - إغفال أخذ رأي عميد الكلية قبل تنحية رئيس القسم - يصم القرار بالبطلان - بيان ذلك.

-------------------
1- يبين من استعراض أحكام المواد 39، 41، 42 من القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات معدلة بالقانونين رقم 159 لسنة 1963 ورقم 34 لسنة 1964 وكذا القواعد الملحقة بجدول المرتبات والمكافآت التي تضمنتها القوانين المشار إليها، والمواد 15، 30، 31، 32 من القرار الجمهوري رقم 1911 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والقرارات المعدلة لها، أن القانون قد ناط برؤساء الأقسام بالكليات اختصاصات علمية وإدارية ومالية بارزة لها أثرها في تحقيق رسالة الجامعة وتمكينها من القيام بواجباتها، وخولهم في هذا الشأن سلطات رئاسية في دائرة القسم ومنحهم مزايا مادية تتمثل في بدل رياسة القسم البالغ قدره 120 جنيهاً سنوياً مقابل معاونتهم عمداء الكليات في إدارة شئون الكلية العلمية والإدارية والمالية بالإضافة إلى قيامهم بواجباتهم في أقسامهم كأساتذة ذوي كراسي. وقد جعل القانون رئاسة القسم حقاً لأقدم أستاذ ذي كرسي به، ولا يجوز تخطيه إلى من يليه إلا إذا قام به من الأسباب ما يعوقه عن القيام بأعباء رئاسة القسم وفي هذا تنص المادة 42 من القانون المشار إليه معدلة بالقانون رقم 159 لسنة 1963 على أنه "لكل قسم من أقسام الكلية كيانه الذاتي من الناحية العلمية والإدارية والمالية ويرأسه أقدم أستاذ ذي كرسي، وإذا كان هناك من الأسباب ما يعوق قيام الأقدم بمهام رياسة القسم تولى الرياسة من يليه في الأقدمية.." والعائق في مفهوم هذه المادة وقد ورد عاماً مطلقاً من أي قيد ينسحب إلى كل ما من شأنه المساس بإمكانية مباشرة أعباء رئاسة القسم أو بالصلاحية الواجب توافرها فيمن يقوم بتبعات هذا المنصب على الوجه الذي توجبه مقتضيات الصالح العام. ويترخص مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية في تقدير هذا العائق، ويخضع قراره الصادر استناداً إلى هذا السبب، بانتقاص حق أقدم الأساتذة ذوي الكراسي في تولي رئاسة القسم أو الاستمرار فيه، وذلك بتخطيه في شغل هذا المنصب أو بتنحيته عنه، لرقابة القضاء الإداري، باعتباره قراراً إدارياً منطوياً على تخط في التعيين أو توقيع جزاء تأديبي حسب الأحوال.
2 - إن السيد مدير الجامعة أصدر القرار المطعون فيه بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة بكلية الطب بمناسبة الاتهام الذي وجهه إليه بعض أطباء امتياز التدريب دفعة سنة 1965 بأنه منحهم في دورة التدريب بقسم الأشعة درجات غير عادلة على أسس غير سليمة مستهدفاً مصلحة كريمته وبعض أطباء امتياز التدريب الآخرين الذين أدوا تدريبهم في قسم الأشعة وذلك ليتسنى تعيينهم دون وجه حق في وظائف أطباء مقيمين، وقد استند القرار في ديباجته إلى التحقيق الذي أجري في هذا الشأن، باعتبار أن ما أسند إلى المدعي يعتبر عائقاً يعوقه من الاستمرار في منصبه المذكور. وتنحية المدعي من رئاسة هذا القسم لهذا السبب يحمل في طياته إدانته في الاتهام المنسوب إليه، ودمغه بعدم النزاهة في التزام مقتضيات العدالة في تقدير درجات أطباء امتياز التدريب بدافع من الهوى والغرض، وهو الأمر الذي يزري ولا ريب بشرف عضو هيئة التدريس ويمس نزاهته، وجزاء مثل هذا الاتهام - إذا ما قام الدليل عليه - هو العزل تطبيقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 81 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر. ولما كان الأمر كذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد انطوى في الواقع على جزاء تأديبي مقنع أنزل بالمدعي دون اتباع إجراءات تأديب أعضاء هيئة التدريس قانوناً.
أن القرار المطعون فيه بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة بالكلية فضلاً عن أنه قد قصد به على ما سلف بيانه توقيع عقوبة تأديبية مقنعة دون اتخاذ إجراءات التأديب المقررة قانوناً، فإنه قد صدر أيضاً دون اتباع الأوضاع التي تقضي بأخذ رأي عميد الكلية، وبهذه المثابة يصبح القرار مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 829 لسنة 21 القضائية ضد جامعة القاهرة ووزارة التعليم العالي، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 7 من مارس سنة 1967، طلب فيها:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار السيد الدكتور مدير الجامعة رقم 141 لسنة 1966 الصادر في 28 من سبتمبر سنة 1966 بتنحيته عن رئاسة قسم الأشعة بكلية طب القاهرة.
وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار وأخصها قرار تعيين السيد الدكتور.... رئيساً لقسم الأشعة.
ثالثاً: إلزام جهة الإدارة بأن تؤدي له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء صدور القرار المطعون عليه وتنفيذه.
رابعاً: إلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب "وقال المدعي بياناً لدعواه أن السيد مدير الجامعة استند في إصدار القرار المطعون فيه إلى الشكوى التي تقدم بها بعض أطباء امتياز التدريب دفعة سنة 1965 في شأن تقديراتهم في دورة الأشعة. ولما كان هذا القرار قد صدر مشوباً بالبطلان فقد بادر بالتظلم منه في 10 من نوفمبر سنة 1966. وقد انتهى السيد المستشار القانوني للجامعة من بحث هذا التظلم إلى وجوب سحب القرار المطعون فيه لما اتسم به من مخالفة للقانون، ولكن الجامعة لم تمتثل لهذه النتيجة. ونعى المدعي على القرار المطعون فيه بالانعدام تأسيساً على أن حق رئاسة القسم بالكلية وفقاً لحكم المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 معقود لأقدم أستاذ ذي كرسي، وإذ توافر له هذا الشرط عندما تولى رئاسة قسم الأشعة بكلية طب القاهرة وقام بمهامه، فإن السيد مدير الجامعة لا يملك أن ينحيه عنه أو يسلبه إياه، وأضاف المدعي أن استناد القرار المطعون فيه إلى الشكوى المقدمة ضده من أطباء امتياز التدريب يفصح عن أن القرار قرار تأديبي ولا يملك السيد مدير الجامعة منفرداً محاكمته باعتباره من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة فضلاً عن أن الحرمان من رئاسة القسم بالكلية ليس من بين العقوبات التأديبية التي يجوز للسيد مدير الجامعة توقيعها قانوناً. وعقبت إدارة الشئون القانونية بجامعة القاهرة على الدعوى بمذكرة ضمنتها أن بعض أطباء امتياز التدريب دفعة يونيه سنة 1965 والذين انتهت مدة تدريبهم في 31 من أغسطس سنة 1966 تقدموا بشكوى إلى السيد وزير التعليم العالي تتحصل في أن السيد المدعي رئيس قسم الأشعة بكلية الطب منحهم درجات في كروت الأشعة بطريقة غير عادلة خدمة لكريمته... طبيبة الامتياز. وقد انتهى السيد مستشار الجامعة من تحقيق الواقعة إلى أن السيد المدعي قد وضع نفسه موضع الشبهات بأن تصدى لتقدير درجات كريمته عن تدريب الأشعة وكان يجب عليه التنحي عن وضع التقدير إذ أنه لا يتصور أن يتولى والد تقدير درجات ابنته دون أن يتهم هذا التقدير بالمحاباة أياً كانت كفاءة الابنة أو نزاهة الوالد. وبعرض نتيجة التحقيق على السيد مدير الجامعة أشر بعد عرضه الأوراق على السيد وزير التعليم العالي بتنحية الأستاذ المشار إليه عن رئاسة قسم الأشعة والنظر في أمر تعيين من يخلفه بالاتفاق مع السيد عميد الكلية. وأشارت المذكرة إلى أن القرار المطعون فيه صدر بالتطبيق لحكم المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات التي تخول لمدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية أن يسند رئاسة القسم في حالة قيام أسباب تعوق الأساتذة ذوي الكراسي عن القيام بمهام رئاسة القسم إلى من يليه في الأقدمية. وبهذه المثابة فإن القرار المطعون فيه لا يمكن وصفه بأنه جزاء تأديبي وإنما هو إجراء تنظيمي يجد تكييفه القانوني في السلطة التقديرية التي خولها القانون لمدير الجامعة ابتغاء مصلحة عامة. وإذ قام القرار المطعون فيه على الأسباب المستقاة من التحقيق وصدر ممن يملك إصداره غير مشوب بإساءة استعمال السلطة، فإن النص على القرار المطعون فيه يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون الأمر الذي يتعين معه رفض الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 20 من مارس سنة 1968 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على "أن الثابت من الأوراق أن المدعي هو الذي قدر درجات كريمته مما يعتبر معه أن ما رآه المحقق من أنه وضع نفسه موطن الشبهات مستمد من عيون الأوراق استمداداً سليماً وفي نفس الوقت لا يمنع الجهة الإدارية والحالة هذه من أن تعمل في حق المدعي الحكم الوارد في المادة 41 سالف الإشارة إليها، ومن ثم يكون القرار المطعون صائباً حصيناً من الإلغاء".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه وقد نص صراحة على تنحية المدعي من رئاسة قسم الأشعة إنما تضمن تنزيلاً لمركزه الأدبي والعلمي والمادي وهو مركز قانوني اكتسبه منذ تعيينه رئيساً للقسم المذكور فضلاً عن أنه قد دمغه بعدم الأمانة العلمية بدليل ما ترتب عليه من حرمانه من الاشتراك في امتحانات دبلوم الأشعة ودكتوراه الأشعة بكلية طب القاهرة وامتحانات الأشعة بكليتي طب الأسنان بجامعتي القاهرة والإسكندرية، وترتيباً على ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قراراً تأديبياً لا يملك السيد مدير الجامعة توقيعه قانوناً. كما أنه لا وجه للاستناد إلى حكم المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 ذلك أن العائق الذي يحول بين أقدم الأساتذة ذوي الكراسي وبين ممارسة وظيفة رئيس قسم في هذا المادة هو العائق المادي كالمرض وما إليه، ويجب أن يكون هذا العائق قائماً على أسباب حقيقة لا أسباب تأديبية. وأضاف تقرير الطعن أن المدعي لم يرتكب ثمة مخالفة يعاقب عليها قانوناً.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أن بعض أطباء امتياز التدريب دفعة يونيه سنة 1965 والذين انتهت مدة تدريبهم في 31 من أغسطس سنة 1966 تقدموا بشكوى إلى السيد وزير التعليم العالي ضد الأستاذ الدكتور.... رئيس قسم الأشعة بكلية طب القاهرة تتحصل في أنه منحهم درجات في بطاقات الأشعة بطريقة غير عادلة وخدمة لمصلحة كريمته.... طبيبة الامتياز التي أدت تدريبها أيضاً في قسم الأشعة.
وقد أحال السيد مدير الجامعة هذه الشكوى إلى السيد المستشار القانوني للجامعة لإجراء التحقيق. وقد خلص السيد المستشار من تحقيق الواقعة إلى أمرين أولهما من الأستاذ الدكتور.... قد وضع نفسه من غير شك موضع الشبهات بأن تصدى لتقدير درجات كريمته عن تدريب الأشعة، وكان يتعين عليه - تلقائياً ودون توجيه - أن يتنحى عن وضع التقدير، ليس بالنسبة إلى كريمته فحسب، ولكن بالنسبة إلى كافة أطباء الامتياز من دفعتها الذين أدوا تدريب الأشعة، إذ أنه لا يتصور أن يتولى والد تقدير درجات ابنته دون أن يتهم هذا التقدير بالمحاباة أياً كانت كفاءة الابنة أو نزاهة الوالد. وثانيهما أن النظام الحالي للتقدير لا يحقق العدالة المطلقة نظراً لبعد رئيس الوحدة عن أطباء امتياز التدريب، واقتصار صلتهم المباشرة بالأطباء المقيمين، بحيث يتعذر على رئيس الوحدة الإلمام بحالة كل طبيب إلماماً كافياً يسمح بتقدير درجاته عن فترة التدريب الخاصة به تقديراً عادلاً.
وختم السيد المستشار تقريره قائلاً بأنه نظراً لما ظهر من أن التقديرات التي وضعت عن فترة تدريب الأشعة لن يضار منها أي من أطباء الامتياز، وذلك سواء عند التعيين بالمستشفيات أو خارجها، فإنه يقترح علاجاً للوضع وقطعاً لدابر هذه الشكاوى في المستقبل بعض الاقتراحات التي أوردها في تقريره. وفي 26 من سبتمبر سنة 1966 اقترح السيد الوزير تنحية المدعي عن رئاسة القسم وإسناد الرئاسة إلى إدارة جديدة. وفي 28 من سبتمبر سنة 1966 أصدر السيد مدير جامعة القاهرة القرار رقم 141 بتنحية الأستاذ الدكتور.... عن رئاسة قسم الأشعة بكلية الطب وتضمن هذا القرار في ديباجته الاطلاع على القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات والمذكرة الخاصة بنتيجة التحقيق في الشكوى المقدمة من بعض أطباء امتياز التدريب (دفعة يونيه 1965) عن تقديراتهم في دورة الأشعة. وقد تظلم السيد المدعي من هذا القرار. في 12 من نوفمبر سنة 1966 وأحيل إلى السيد مستشار الجامعة الذي خلص في تقريره المؤرخ في 30 من ديسمبر سنة 1968 إلى:
1- أنه لم يرد في قرار مدير الجامعة ولا في الأوراق ما يدل على أخذ رأي عميد الكلية في تنحية الدكتور.... من رئاسة القسم خلافاً لما تقضي به المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات.
2 - أنه لا يظهر من الأوراق ما يدل على تحقق سبب من الأسباب التي تعوق أقدم الأساتذة ذوي الكراسي من تولى رئاسة القسم مثل تولي عمادة الكلية أو المرض لمدة طويلة أو الإعارة للخارج أو الانقطاع عن العمل أو الإيقاف عن العمل.
3 - أن واقع الأمر أن الواقعة التي نحى الدكتور.... بسببها عن رئاسة القسم تتصل بأمانة الأستاذ ونزاهته وهي من الأمور التي يجب التحرز في الحكم عليها وتقديرها في ضوء ما يجري عليه العمل في كلية الطب، وثبوت عدم نزاهة الأستاذ يؤدي بالضرورة إلى عدم صلاحيته ليس فقط لتولي مهام القسم بل وأيضاً ومن باب أولى لتولي مهام الأستاذية، وواقعة عدم النزاهة لا تدخل في باب الأسباب التي تعوق رئيس القسم عن القيام بمهام منصبه المنصوص عليها في المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات بل تدخل في باب خروج الأستاذ عن مقتضيات واجبات وظيفته ومن ثم تخضع للنظم التأديبية المنصوص عليها في المادة 76 وما بعدها من قانون تنظيم الجامعات، وقد صدر قرار مدير الجامعة بتنحية الدكتور.... دون اتباع الإجراءات التأديبية المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات.
ومن حيث إنه لما كان الأصل في تحديد نطاق الطعن هي بالطلبات التي تضمنها التقرير به، وكان المدعي وقد قصر طلباته في تقرير الطعن الماثل على طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير جامعة القاهرة بتنحيته عن رئاسة قسم الأشعة بكلية الطلب وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جامعة القاهرة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، فإن نطاق الطعن يكون قد تحدد بهذه الطلبات وحدها دون الطلبات الأخرى التي تضمنتها عريضة دعواه أمام محكمة القضاء الإداري، ولا يجوز من ثم تناولها بالبحث.
ومن حيث إنه يبين من استعراض أحكام المواد 39، 41، 42 من القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات معدلة بالقانونين رقم 159 لسنة 1963 ورقم 34 لسنة 1964 وكذا القواعد الملحقة بجدول المرتبات والمكافآت التي تضمنتها القوانين المشار إليها، والمواد 15، 30، 31، 32 من القرار الجمهوري رقم 1911 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات والقرارات المعدلة لها، أن القانون قد ناط برؤساء الأقسام بالكليات اختصاصات علمية وإدارية ومالية بارزة لها أثرها في تحقيق رسالة الجامعة وتمكينها من القيام بواجباتها، وخولهم في هذا الشأن سلطات رئاسية في دائرة القسم ومنحهم مزايا مالية تتمثل في بدل رياسة القسم البالغ قدره 120 جنيهاً سنوياً مقابل معاونتهم عمداء الكليات في إدارة شئون الكلية العلمية والإدارية والمالية بالإضافة إلى قيامهم بواجباتهم في أقسامهم العلمية كأساتذة ذوي كراسي. وقد جعل القانون رئاسة القسم حقاً لأقدم أستاذ ذي كرس به، ولا يجوز تخطيه إلى من يليه إلا إذا قام من الأسباب ما يعوقه عن القيام بأعباء رئاسة القسم وفي هذا تنص المادة 41 من القانون المشار إليه معدلة بالقانون رقم 159 لسنة 1963 على أن "لكل قسم من أقسام الكلية كيانه الذاتي من الناحية العلمية والإدارية والمالية ويرأسه أقدم أستاذ ذي كرسي، وإذا كان هناك من الأسباب ما يعوق قيام الأقدم بمهام رياسة القسم تولى الرياسة من يليه في الأقدمية..." والعائق في مفهوم هذه المادة وقد ورد عاماً مطلقاً من أي قيد ينسحب إلى كل ما من شأنه المساس بإمكانية مباشرة أعباء رئاسة القسم أو بالصلاحية الواجب توافرها فيمن يقوم بتبعات هذا المنصب على الوجه الذي توجبه مقتضيات الصالح العام. ويترخص مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية في تقدير هذا العائق، ويخضع قراره الصادر، استناداً إلى هذا السبب، بانتقاص حق أقدم الأساتذة ذوي الكراسي في تولي رئاسة القسم أو الاستمرار فيه، وذلك بتخطيه في شغل هذا المنصب أو بتنحيته عنه، لرقابة القضاء الإداري، باعتباره قراراً إدارياً منطوياً على تخط في التعيين أو توقيع جزاء تأديبي حسب الأحوال، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن صحيحاً مبرءاً من العيوب إذا التزم أحكام القانون وإجراءاته وتفيا الصالح العام دون ثمة انحراف وإلا كان معيباً حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من سياق الوقائع على الوجه السالف البيان أن السيد مدير الجامعة أصدر القرار المطعون فيه بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة بكلية الطب بمناسبة الاتهام الذي وجهه إليه بعض أطباء امتياز التدريب دفعة سنة 1965 بأنه منحهم في دورة التدريب بقسم الأشعة درجات غير عادلة على أسس غير سليمة مستهدفاً مصلحة كريمته وبعض أطباء امتياز التدريب الآخرين الذين أدوا تدريبهم في قسم الأشعة وذلك ليتسنى تعيينهم دون وجه حق في وظائف أطباء مقيمين، وقد استند القرار في ديباجته إلى التحقيق الذي أجري في هذا الشأن، باعتبار أن ما أسند إلى المدعي يعتبر عائقاً يعوقه من الاستمرار في منصبه المذكور. وتنحية المدعي من رئاسة هذا القسم لهذا السبب يحمل في طياته إدانته في الاتهام المنسوب إليه، ودمغة بعدم النزاهة في التزام مقتضيات العدالة في تقدير درجات أطباء امتياز التدريب بدافع من الهوى والغرض، وهو الأمر الذي يزري ولا ريب بشرف عضو هيئة التدريس ويمس نزاهته، وجزاء مثل هذا الاتهام - إذا ما قام الدليل عليه - هو العزل تطبيقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 81 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر. ولما كان الأمر كذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد انطوى في الواقع من الأمر على جزاء تأديبي مقنع أنزل بالمدعي دون اتباع إجراءات تأديب أعضاء هيئة التدريس المقررة قانوناً في المواد 76 وما تلاها من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة بالكلية فضلاً عن أنه قد قصد به على ما سلف بيانه توقيع عقوبة تأديبية مقنعة دون اتخاذ إجراءات التأديب المقررة قانوناً، فإنه قد صدر أيضاً دون اتباع الأوضاع التي تقضي بأخذ رأي عميد الكلية، وبهذه المثابة يصبح القرار مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء، وذلك دون ثمة إخلال بسلطة الجهة الإدارية في اتخاذ الإجراءات القانونية التي تراها مناسبة حياله. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار السيد مدير جامعة القاهرة رقم 141 الصادر في 28 من سبتمبر سنة 1966 المطعون فيه، وإلزام جامعة القاهرة المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام جامعة القاهرة بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق