الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعن 1247 لسنة 51 ق جلسة 24 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 146 ص 818

جلسة 24 من يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني؛ محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

---------------

(146)
الطعن رقم 1247 لسنة 51 القضائية

مسئولية "مسئولية تقصيرية".
ركن السببية في المسئولية التقصيرية. مناط تحققه. توافر السبب المنتج الفعال دون السبب العارض ولو اقترن به - مثال لسبب عارض.

----------------

ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب المنتج الفعال المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث مثل هذا الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترناً بالسبب المنتج. لما كان ذلك، وكان السبب المنتج الفعال في وفاة ابن المطعون ضدهما هو إشعاله النار في نفسه عمداً أما إهمال تابعي الطاعن في حراسته فلم يكن سوى سبباً عارضاً ليس من شأنه بطبيعته إحداث هذا الضرر ومن ثم لا يتوافر به ركن المسئولية موضوع دعوى المطعون ضدهما ولا يعتبر أساساً لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1096 سنة 1978 مدني كلي كفر الشيخ على الطاعن بصفته "وزير الدفاع" طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضاً لهما عن الأضرار الناشئة عن وفاة ابنهما بسبب خطأ تابعيه وقالا بياناً للدعوى إن ابنهما كان جندياً متطوعاً بالجيش وإذ اتهم في سرقة وأودع سجن الوحدة أهمل حارسه في ملاحظته فتمكن من الانتحار بإشعال النار في نفسه، وقدرا التعويض بالمبلغ المطلوب. بتاريخ 23/ 6/ 1980 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهما ألفي جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا مأمورية كفر الشيخ بالاستئناف 167 سنة 13 ق طالباً إلغاءه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى - واحتياطياً بعدم جواز نظرها أو برفضها. كما استأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف 170 سنة 13 ق طالبين تعديل الحكم المستأنف إلى القضاء لهما بكامل طلباتهما. وبعد أن ضمت المحكمة ثاني الاستئنافين إلى أولهما قضت بتاريخ 10/ 3/ 1981 - بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهما خمسة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون في الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن ما نسب إلى تابعيه من إهمال في الحراسة لم يكن هو السبب في وفاة ابن المطعون ضدهما وإنما نشأت الوفاة عن خطئه الشخصي بإشعاله النار عمداً في نفسه وبذلك تخلف ركن العلاقة السببية مناط قيام المسئولية في حق تابعي الطاعن التي تقوم عليها مسئولية الطاعن كمتبوع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان ركن السببية في المسئولية التقصيرية لا يقوم إلا على السبب الفعال المنتج المحدث للضرر دون السبب العارض الذي ليس من شأنه بطبيعته إحداث مثل هذا الضرر مهما كان قد أسهم مصادفة في إحداثه بأن كان مقترناً بالسبب المنتج. وكان مناط تقيد القاضي المدني بحجية الحكم الجنائي هو أن يكون هذا الحكم قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية حتى لا يتاح للمحكمة المدنية إعادة بحث هذا الأساس المشترك بما قد يسفر عن مخالفتها لما استقر بالحكم الجنائي. لما كان ذلك، وكان السبب المنتج الفعال في وفاة ابن المطعون ضدهما هو إشعاله النار في نفسه عمداً أما إهمال تابعي الطاعن في حراسته فلم يكن سوى سبباً عارضاً ليس من شأنه بطبيعته إحداث هذا الضرر ومن ثم لا يتوافر به ركن المسئولية موضوع دعوى المطعون ضدهما ولا يعتبر أساساً لها، ولما كان هذا الإهمال هو موضوع الجنحة العسكرية رقم 192 سنة 1978 ميدانية عليا "فايد" التي قضي فيها بإدانة تابعي الطاعن، فإن حكم الإدانة هذا لا يكون قد فصل في أي أساس مشترك مع الدعوى المدنية وبالتالي لا تتقيد به المحكمة المدنية في هذا الخصوص. وإذ أقام حكم محكمة أول درجة المؤبد بالحكم المطعون فيه قضاءه بإلزام الطاعن بالتعويض على سند من قوله بأن الحكم الجنائي المذكور "قد حاز قوة الأمر المقضي أمام هذه المحكمة من توافر أركان المسئولية قبل الجنديين المذكورين من خطئهما المتمثل في إهمالهما الأمر الذي لم يكن أمام هذه المحكمة إلا تقدير التعويض" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي سبب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضدهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق