الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعن 952 لسنة 14 ق جلسة 19 / 2 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 35 ص 213

جلسة 19 من فبراير سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

------------------

(35)

القضية رقم 952 لسنة 14 القضائية

عاملون بالقطاع العام "إنهاء الخدمة" انقطاع عن العمل "تأديب" - اختصاص المحاكم التأديبية.
إنهاء خدمة العامل لانقطاعه عن العمل بدون سبب مشروع - ليس جزاء تأديبياً خروجه عن دائرة اختصاص المحاكم التأديبية - عدم اختلاف الحكم في هذا الشأن بين قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 والقانون رقم 61 لسنة 1971 - بيان ذلك.

-----------------
إن القرار المطعون عليه قام وفقاً للبند 7 من المادة 75 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 مستنداً إلى غياب الطاعن "المدعي" عن العمل مدة وصلت في مجموعها إلى اثنين وثلاثين يوماً منها عشرة أيام متصلة. وأنه وإن كان المشرع لم ينص صراحة في البند 7 من المادة 75 من اللائحة المشار إليها على اعتبار حالة إنهاء الخدمة هذه من حالات الإستقالة الضمنية مثلما فعل في المادة 81 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 التي تقضي باعتبار العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، إلا أن عدم النص على اعتبار الانقطاع عن العمل على الوجه المبين بالبند 7 من المادة 75 المذكورة بمثابة استقالة ضمنية لا ينفي هذا الوصف عن تصرف العامل في هذه الحالة كما أنه لا يعني أن يكون فصل العامل في هذه الحالة بمثابة جزاء تأديبي ذلك أن لائحة العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المشار إليها حددت الواجبات التي يلتزم بها العامل ثم نصت المادة 57 من تلك اللائحة على أن كل عامل يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا النظام أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً ولما كانت الجرائم التأديبية لم توضع تحت حصر شامل اكتفاء ببيان الأوصاف العامة للواجبات الوظيفية وذلك بسبب تنوعها وعدم إمكان تحديدها على سبيل الحصر، إلا أن المادة 59 من اللائحة المشار إليها حددت الجزاءات التأديبية وعددتها على سبيل الحصر وجعلت على القمة منها جزاء الفصل من الخدمة ولم تورد بين أنواعها التي احتوتها إنتهاء الخدمة المنوه عنه بالبند 7 من المادة 75 المذكورة ثم جاء نص المادة 75 المشار إليه قاطعاً في دلالته على أن انتهاء الخدمة الوارد بالبند 7 منه ليس جزاءً تأديبياً ليس فقط لأنه لم يرد ضمن الجزاءات التي عددتها المادة 59 من تلك اللائحة على سبيل الحصر وإنما كذلك لأن تلك المادة 75 في البند 3 منها جعلت الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي أو بقرار من رئيس الجمهورية سبباً مستقلاً متميزاً من الأسباب التي تنتهي بها خدمة العامل لم تلبث أن اردفته في البند 7 منها بسبب آخر يختلف عنه في نوعه وطبيعته ألا وهو انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل ولو أن هذا الانتهاء للخدمة بسبب الانقطاع كان في نظر المشرع جزاءً تأديبياً لما كان بحاجة إلى أفراد البند 7 له، وليس من شك في أن إيراد النص بالبندين 3، 7 من المادة 75 على النحو المتقدم ينبئ في يقين بأن انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل يعتبر بمثابة الجزاء التأديبي ولا محاجة في ذلك لما يثيره الطاعن من اعتبار حكم البند 7 من المادة 75 المذكورة امتداداً وتنظيمياً تشريعياً لحكم البند ب من المادة 55 من اللائحة المشار إليها ذلك أنه لو كان ما ورد بالبند 7 من المادة 75 هو الجزاء التأديبي للذنب الإداري - المنصوص عليه بالبند ب من المادة 55 لكان التنسيق التشريعي يوجب تتضمين هذين الحكمين في مادة واحدة ولكن أهمية الانتظام في العمل ضماناً حسن سير عجلة الإنتاج بالقطاع العام هي التي حدت بالمشرع إلى إيراد النص المطلق الذي تضمنه البند ب من المادة 55 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر ثم جاءت المادة 75 بتخصيص لهذا الإطلاق إذ ارتأى المشرع أن الغياب الذي يستمر لمدة تجاوز عشرة أيام متصلة أو لمدة تجاوز العشرين يوماً خلال السنة الواحدة أمر له خطره وخطورته توجب وضع حكم يبين الأثر الحال والمباشر والمحدد الذي يترتب على هذا الانقطاع وتقديراً للآثار الخطيرة بالنسبة للعامل عند مجابهته الحل الحاسم الذي وضعه المشرع علاجاً لحالة الانقطاع إلزام بإنذار العامل بعد فترة من بدء الغياب وبهذا الحكم الواضح الصريح الذي جاء به المشرع في البند 7 من المادة 75 من اللائحة حالة الغياب والانقطاع عن العمل بغير عذر إذا ما بلغ الحد الذي عينه تكون اللائحة بهذا النص قد أتت بحكم جديد لا يعتبر امتداداً أو تنظيماً لحكم البند ب من المادة 55 في المفهوم الذي أراده له الطاعن الذي ينتهي به إلى اعتبار انتهاء الخدمة في هذه الحالة الجزاء الرادع الذي تذهب به المادة 55 المشار إليها ذلك أن الجزاءات التأديبية هي على ما سلف البيان ما وردت على سبيل الحصر بالمادة 59 من اللائحة المشار إليها ويكون لجهة الإدارة في حالة الغياب والانقطاع عن العمل الذي لا يصل إلى المدعي المحدد بالمادة 75 أن تتخذ من الإجراءات التأديبية ما تراه مناسباً وفقاً لحكم المادة 55، أما إذا استطال الانقطاع وتحققت فيه شرائط انطباق البند 7 من المادة 75 فإنه عندئذ يكون للجهة الرئاسية أن تعمل حكم هذه المادة، وحاصل ذلك كله أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى لما قام عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة وتقررها عليه في خصوص ما انتهت إليه من أن مناط اختصاص المحكمة التأديبية هو تعلق المنازعة بقرار تأديبي وأن قرار إنهاء خدمة الطاعن بسبب انقطاعه عن العمل لا يعتبر منطوياً على جزاء تأديبي وتضيف المحكمة إلى ما تقدم من أسباب أنه بعد إذا قضت المحكمة العليا بعدم دستورية نص المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر فإنه يتعين الالتفات عن بحث اختصاص المحكمة التأديبية في ضوء أحكام هذه المادة ويكون متعيناً النظر إلى اختصاص المحاكم التأديبية بخصوص هذه المنازعة موضوع هذا الطعن وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة باعتباره القانون الواجب التطبيق وقت إصدار الحكم المطعون فيه، وقد كان اختصاص تلك المحاكم منوطاً كذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه بقيام جريمة تأديبية تقتضي مساءلة العامل تأديبياً، وإذ يخرج الأمر لما تقدم من أسباب عن نطاق المسألة التأديبية فلا يكون ثمة اختصاص لتلك المحاكم بنظر النزاع ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون المذكور.
ومن حيث إن القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام قد أتى بنظام جديد عمل به ابتداء من أول أكتوبر سنة 1971 وقد نصت المادة 44 بند 2، من ذلك النظام على إلزام العامل باحترام مواعيد العمل وعدم التغيب عنه إلا بإذن كتابي من الرئيس المسئول ويعتبر تغيب العامل دون إذن أو تأخره إخلالا بواجباته يستوجب توقيع جزاء رادع وقد نص البند "7" من المادة 64 من ذات النظام على أن "الانقطاع عن العمل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوماً خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متصلة، على أن يسبق انتهاء الخدمة بسبب ذلك إنذار كتابي يوجه للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية وذلك ما لم يقدم العامل ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر قهري. يعتبر من أسباب انتهاء خدمة العامل وقد كان من بين تلك الأسباب ما ورد بالبند 3 من تلك المادة وهو (الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي أو بقرار من رئيس الجمهورية) كما تضمنت المادة 48 من النظام الجديد الواردة بالفصل الثاني المعنون في التحقيق مع العاملين وتأديبهم" النص على الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وجعلت قمتها في الشدة الفصل من الخدمة، أي أن الأوضاع في ظل هذا النظام الجديد لم تتضمن ما يختلف عن الأوضاع التي سبقته في خصوص وضع إنهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل واعتباره سبباً لإنهاء الخدمة من نوع خاص لا يعتبر جزاء تأديبياً كما ألقى ذلك النظام الجديد اختصاص المحكمة التأديبية منوطاً بفكرة الجزاء التأديبي دون سواه من أسباب انتهاء الخدمة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 110 لسنة (1) القضائية بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وكذلك العاملين بالمؤسسات والهيئات العامة والشركات التابعة لها في 19 من مايو سنة 1967 ضد الشركة العربية للتجارة الخارجية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من الشركة المدعى عليها في 9 من نوفمبر سنة 1966 بفصله من العمل لتغيبه بدون عذر مقبول في الفترة من 15 حتى 25 من أكتوبر سنة 1966 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً لدعواه أنه كان قد ندب لاستلام مركز الشركة بالدار البيضاء ووقع خلاف بينه ورئاسته بالشركة القاهرة إذ لم يسعفه موظفو الشركة بالمعلومات الصحيحة عن إمكانيات تصدير السلع المصرية إلى المغرب الأمر الذي كان موضع تبليغ صدر منه إلى سفير الجمهورية العربية في المغرب وليس للمسئولين بالشركة بالقاهرة وتم بشأنه تحقيق قامت به النيابة الإدارية فأثار حفيظة الشركة ضده فألغى ندبه وأعيد للقاهرة ولم يحدد له بمقر الشركة وظيفة معينة في بادئ الأمر ثم صدر قرار بإسناد وظيفة أخصائي بقسم التسهيلات والعمليات الدولية إليه وهي في نظره تعادل وظيفة كاتب وعمدت الشركة أخيراً إلى إصدار قرار بفصله على أساس أنه تغيب بدون عذر، وقال المدعي أن القرار لم يقم على سبب صحيح يحمله وأنه كان موجوداً بالشركة خلال الفترة المنسوب إليه تغيبه عن العمل ودليله على ذلك أنه أدلى بأقواله في تحقيق إداري أجرى بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1966، كما أنه صدر بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1966 قرار إداري من الشركة يحدد محل عمله ومركزه بالشركة. كما نعى على قرار فصله صدوره من السلطة الرئاسية بالشركة بالمخالفة لأحكام القانون إذ أنها لا تملك أمر تأديبه وفقاً لأحكام لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 كما أن أمر فصله لم يعرض على اللجنة الثلاثية وفقاً لحكم المادة 64 من اللائحة المشار إليها. وأضاف المدعي أنه تظلم من قرار فصله في 6 من يناير سنة 1967 طالباً إلغاءه واعتباره كأن لم يكن ولكن الشركة لم تستجب لتظلمه كما كان قد تقدم بشكوى لمكتب العمل في 9 من نوفمبر سنة 1966 الذي أحاله بدوره إلى محكمة شئون العمال الجزئية التي قضت في 11 من يونيه سنة 1967 بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى أعمالاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 سالف الذكر ومن ثم رفع دعواه أمام المحكمة التأديبية وقد ردت الشركة المدعى عليها على الدعوى في مذكراتها التي قدمتها للمحكمة التأديبية فطلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات، وقالت أن قرار إنهاء خدمة الطاعن صدر في 9 من أكتوبر سنة 1966 وأخطر به كما يذكر في صحيفة افتتاح دعواه في 10 نوفمبر سنة 1966 ولم يرفع الدعوى إلا في 19 من يونيه سنة 1967 أي بعد الميعاد إذ كان عليه أن يتظلم إلى مجلس الإدارة قبل مضي ستين يوماً من تاريخ عمله بالقرار وأن يطعن قضائياً بطلب إلغاء القرار قبل فوات الستين يوماً التالية لمهلة الستين يوماً المعطاة لجهة الإدارة كي تفصل في تظلمه، وأن دعواه المرفوعة أمام محكمة العمال الجزئية ليس من شأنها وقد حكم فيها بعدم الاختصاص ولائياً - قطع ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة قانوناً.
ومن حيث إنه بجلسة 7 من إبريل سنة 1968 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه وهو يقضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وقد أقيم على أن القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعي قد صدر تطبيقاً لحكم البند 7 من المادة 75 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 وأن اختصاص المحكمة التأديبية ينعقد لها وفقاً لحكم المادة 60 من تلك اللائحة في حالة الطعن على قرار جزائي تأديبي مما نص عليه في المادة 60 المشار إليها وبذلك يخرج القرار المطعون فيه من نطاق اختصاصها وذلك لأنه ليس قراراً تأديبياً وآية ذلك أن المادة 75 من اللائحة المشار إليها عددت حالات انتهاء خدمة العامل وكان من بينها ما نص عليه بالبند 3 منها بخصوص الفصل أو العزل بحكم أو بقرار تأديبي وما نص عليه في البند 7 منها خاصاً بالانقطاع عن الفصل دون سبب مشروع أكثر من عشرين يوماً خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متصلة خلال العام على أن يسبق إنهاء الخدمة لهذا السبب إنذار كتابي يوجه للعامل بعد غيابه عشرة أيام منقطعة في الحالة الأولى أو بعد انقطاعه خمسة أيام متصلة في الحالة الثانية وذلك ما لم يقدم العامل في الحالين ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر قهري. وقالت المحكمة أن المستفاد من ذلك أن الفصل للانقطاع يمثل حالة خاصة من حالات انتهاء الخدمة أفرد لها في البند 7 من المادة 75 سالفة الذكر حكماً خاصاً بها مستقلاً عن حالات الفصل التأديبي التي وردت بالبند 7 من تلك المادة وخلصت المحكمة في حكمها المطعون فيه إلى أنه ولئن بدا هذا الفصل تأديبياً في موضوعه لقيامه على الانقطاع وهو بطبيعته مخالفة تأديبية، إلا أنه في شكله متجرد من سمات التأديب وإجراءاته، فهو من ناحية متحرر من إجراءات التحقيق التي تعتبر من أهم الضمانات الجوهرية في نظام التأديب إذ لا يتصور التحقيق قبل الفصل مع عامل منقطع وأنذر بالفصل ولم يعد إلى عمله، ومن ناحية أخرى فإن هذا الفصل تحرر كذلك من إجراءات العرض على اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة 64 من لائحة العاملين بالقطاع العام السابق الإشارة إليها وأساس عدم العرض في هذه الحالة أنه لا يكون واجباً طبقاً لنص المادة 64 المذكورة إلا كلما قدر رئيس مجلس الإدارة أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب فصله، والأمر في حالة الانقطاع يجري على خلاف ذلك إذ أن المشرع هو الذي قدر مناسبة الفصل في تلك الحالات ولهذا لا يكون العرض على تلك اللجنة واجباً.
ومن حيث إن مبنى الطعن النعي على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تأويله حيث انتهى إلى أن القرار بإنهاء خدمة الطاعن موضوع هذه المنازعة لا يعتبر من الجزاءات التأديبية التي تختص المحكمة التأديبية بالتعقيب عليها وذلك على الرغم من أن قرار فصل الطاعن يعتبر من الناحية الموضوعية قراراً تأديبياً فهو يقوم على سبب تأديبي ولا شبهة فيه هو الانقطاع عن العمل بغير عذر مقبول الأمر الذي أكده البند ب من المادة 55 الواردة بالفصل التاسع في واجبات العاملين والأعمال المحظورة عليهم ضمن أحكام لائحة نظام العاملين بالقطاع العام السابق التنويه بها إذ جرى نصها بأن "يعتبر تغيب العامل دون إذن أو تأخره إخلالاً بواجباته يستوجب توقيع جزاء رادع وأن الحكم الذي ورد بالبند 7 من المادة 75 من تلك اللائحة لا يعدو أن يكون تنظيماً تشريعياً لهذا الجزاء الرادع الذي أشارت إليه المادة 55 من اللائحة المذكورة وخلص الطاعن إلى القول أنه تأسيساً على وصفه المتقدم وتكييفه لقرار الفصل من الخدمة للغياب يكون تجريد هذا الجزاء التأديبي من ضماناته الجوهرية التي تتمثل في وجوب أن يكون مسبوقاً بتحقيق تسمع فيه أقوال العامل ويحقق دفاعه كما تتمثل في وجوب العرض على اللجنة الثلاثية قبل إصدار القرار خطأ في تطبيق القانون اتخذه الحكم المطعون فيه سنداً ظنه يحمل ما انتهى إليه من رأى خاطئ في تكييف القرار".
ومن حيث إن القرار المطعون عليه قام وفقاً للبند 7 من المادة 75 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 مستنداً إلى غياب الطاعن "المدعي" عن العمل مدة وصلت في مجموعها إلى اثنين وثلاثين يوماً منها عشرة أيام متصلة. وأنه وإن كان المشرع لم ينص صراحة في البند 7 من المادة 75 من اللائحة المشار إليها على اعتبار حالة إنهاء الخدمة هذه من حالات الاستقالة الضمنية مثلما فعل في المادة 81 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 التي تقضي باعتبار العامل مقدماً استقالته إذ انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول، إلا أن عدم النص على اعتبار الانقطاع عن العمل على الوجه المبين بالبند 7 من المادة 75 المذكورة بمثابة استقالة ضمنية لا ينفي هذا الوصف عن تصرف العامل في هذه الحالة كما أنه لا يعني أن يكون فصل العامل في هذه الحالة بمثابة جزاء تأديبي ذلك أن لائحة العاملين بالقطاع العام الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المشار إليها حددت الواجبات التي يلتزم بها العامل ثم نصت المادة 57 من تلك اللائحة على أن كل عامل يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا النظام أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً ولما كانت الجرائم التأديبية لم توضع تحت حصر شامل اكتفاء ببيان الأوصاف العامة الواجبات الوظيفية وذلك بسبب تنوعها وعدم إمكان تحديدها على سبيل الحصر، إلا أن المادة 59 من اللائحة المشار إليها حددت الجزاءات التأديبية وعددتها على سبيل الحصر وجعلت على القمة منها جزاء الفصل من الخدمة ولم تورد بين أنواعها التي احتوتها انتهاء الخدمة المنوه عنه بالبند 7 من المادة 75 المذكورة. ثم جاء نص المادة 75 المشار إليه قاطعاً في دلالته على أن انتهاء الخدمة الوارد بالبند 7 منه ليس جزاءً تأديبياً ليس فقط لأنه لم يرد ضمن الجزاءات التي عددتها المادة 59 من تلك اللائحة على سبيل الحصر وإنما كذلك لأن تلك المادة 75 في البند 3 منها جعلت الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي أو بقرار من رئيس الجمهورية سبباً مستقلاً متميزاً من الأسباب التي تنتهي بها خدمة العامل لم تلبث أن اردفته في البند 7 منها بسبب آخر يختلف عنه في نوعه وطبيعته ألا وهو انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل ولو أن هذا الانتهاء للخدمة بسبب الانقطاع كان في نظر المشرع جزاءً تأديبياً لما كان بحاجة إلى أفراد البند 7 له، وليس من شك في أن إيراد النص بالبندين 3، 7 من المادة 75 على النحو المتقدم ينبئ في يقين بأن انتهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل يعتبر بمثابة الجزاء التأديبي ولا محاج في ذلك لما يثيره الطاعن من اعتبار حكم البند 7 من المادة 75 المذكورة امتداداً وتنظيماً تشريعياً لحكم البند ب من المادة 55 من اللائحة المشار إليها ذلك أنه لو كان ما ورد بالبند 7 من المادة 75 هو الجزاء التأديبي للذنب الإداري المنصوص عليه بالبند ب من المادة 55 لكان التنسيق التشريعي يوجب تضمين هذين الحكمين في مادة واحدة ولكن أهمية الانتظام في العمل ضماناً لحسن سير عجلة الإنتاج بالقطاع العام هي التي حدت بالمشرع إلى إيراد النص المطلق الذي تضمنه البند ب من المادة 55 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر، ثم جاءت المادة 75 بتخصيص لهذا الإطلاق إذ ارتأى المشرع أن الغياب الذي يستمر لمدة تجاوز عشرة أيام متصلة أو لمدة تجاوز العشرين يوماً خلال السنة الواحدة أمر له خطره، وخطورته توجب وضع حكم بين الأثر الحال والمباشر والمحدد الذي يترتب على هذا الانقطاع وتقديراً للآثار الخطيرة بالنسبة للعامل عند مجابهته الحل الحاسم الذي وضعه المشرع علاجاً لحالة الانقطاع ألزم بإنذار العامل بعد فترة من بدء الغياب، وبهذا الحكم الواضح الصريح الذي جابه به المشرع في البند 7 من المادة 75 من اللائحة حالة الغياب والانقطاع عن العمل بغير عذر إذا ما بلغ الحد الذي عينه تكون اللائحة بهذا النص قد أتت بحكم جديد لا يعتبر امتداداً أو تنظيماً لحكم البند ب من المادة 55 في المفهوم الذي أراده له الطاعن الذي ينتهي به إلى اعتبار انتهاء الخدمة في هذه الحالة الجزاء الرادع الذي تذهب به المادة 55 المشار إليها ذلك أن الجزاءات التأديبية هي على ما سلف البيان ما وردت على سبيل الحصر بالمادة 59 من اللائحة المشار إليها ويكون لجهة الإدارة في حالة الغياب والانقطاع عن العمل الذي لا يصل إلى المدى المحدد بالمادة 75 أن تتخذ من الإجراءات التأديبية ما تراه مناسباً وفقاً لحكم المادة 55، أما إذا استطال الانقطاع وتحققت فيه شرائط انطباق البند 7 من المادة 75 فإنه عندئذ يكون للجهة الرئاسية أن تعمل حكم هذه المادة، وحاصل ذلك كله أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى لما قام عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة وتقرها عليه في خصوص ما انتهت إليه من أن مناط اختصاص المحكمة التأديبية هو تعلق المنازعة بقرار تأديبي وأن قرار إنهاء خدمة الطاعن بسبب انقطاعه عن العمل لا يعتبر منطوياً على جزاء تأديبي، وتضيف المحكمة إلى ما تقدم من أسباب أنه بعد إذ قضت المحكمة العليا بعدم دستورية نص المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام سالفة الذكر فإنه يتعين الالتفات عن بحث اختصاص المحكمة التأديبية في ضوء أحكام هذه المادة ويكون متعيناً النظر إلى اختصاص المحاكم التأديبية بخصوص هذه المنازعة موضوع هذا الطعن وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة باعتباره القانون الواجب التطبيق وقت إصدار الحكم المطعون فيه، وقد كان اختصاص تلك المحاكم منوطاً كذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 المشار إليه بقيام جريمة تأديبية تقتضي مساءلة العامل تأديبياً، وإذ يخرج الأمر لما تقدم من أسباب عن نطاق المساءلة التأديبية فلا يكون ثمة اختصاص لتلك المحاكم بنظر النزاع ويكون الحكم المطعون فيه قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون المذكور.
ومن حيث إن القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام قد أتى بنظام جديد عمل به ابتداء من أول أكتوبر سنة 1971 وقد نصت المادة 44 بند 2، من ذلك النظام على إلزام العامل بـ "احترام" مواعيد العمل وعدم التغيب عنه إلا بإذن كتابي من الرئيس المسئول. ويعتبر تغيب العامل دون إذن أو تأخره إخلالاً بواجباته يستوجب توقيع جزاء رادع". وقد نص البند "7" من المادة 64 من ذات النظام على أن "الانقطاع عن العمل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوماً خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متصلة، على أن يسبق انتهاء الخدمة بسبب ذلك إنذار كتابي بوجه للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية وذلك ما لم يقدم العامل ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر قهري" - يعتبر من أسباب انتهاء خدمة العامل وقد كان من بين تلك الأسباب ما ورد بالبند 3 من تلك المادة وهو "الفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي أو بقرار من رئيس الجمهورية" كما تضمنت المادة 48 من النظام الجديد الوارد بالفصل الثاني المعنون في التحقيق مع العاملين وتأديبهم النص على الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وجعلت قمتها في الشدة الفصل من الخدمة، أي أن الأوضاع في ظل هذا النظام الجديد لم تتضمن ما يختلف عن الأوضاع التي سبقته في خصوص وضع إنهاء الخدمة بسبب الانقطاع عن العمل واعتباره سبباً لإنهاء الخدمة من نوع خاص لا يعتبر جزاءً تأديبياً، كما أبقى ذلك النظام الجديد اختصاص المحكمة التأديبية منوطاً بفكرة الجزاء التأديبي دون سواه من أسباب انتهاء الخدمة.
وبذلك فلا يكون ثمة وجه للنعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه لذلك فإنه يتعين قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بمصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بمصروفات طعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق