جلسة 11 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، ومصطفى صالح سليم، وإبراهيم زغو، ومحمد عبد المنعم جابر.
-----------------
(163)
الطعن رقم 715 لسنة 49 القضائية
(1) اختصاص "اختصاص ولائي". استيلاء.
قرارات لجان تقدير أثمان وتعويضات ما يستولى عليه لضمان تموين البلاد بالمواد التموينية. الطعن عليها أمام المحاكم الابتدائية المختصة استثناء لا يجوز التوسع فيه ق 95 لسنة 1945. أثر ذلك. عدم اختصاص تلك المحاكم بنظر الدعاوى التي ترفع إليها بطلب تقدير التعويض ابتداء.
(2) تعويض "الخطأ الموجب للتعويض".
تأخر تشكيل لجان تقدير أثمان وتعويضات ما يستولى عليه لضمان تموين البلاد بالمواد التموينية أثره. جواز التجاء ذوي الشأن إلى المحاكم بطلب تعويضهم عما يصيبهم من ضرر نتيجة هذا التأخير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 894 لسنة 74 مدني كلي الجيزة ضد الشركة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب ندب خبير لتقرير ما يستحقه بسبب استيلاء المطعون ضده الرابع بصفته على مطحنة وانتفاع للشركة الطاعنة به خلال الفترة من 7/ 6/ 1967 إلى 13/ 8/ 1969 وإلزام الشركة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا له المبلغ الذي يسفر عنه تقرير الخبير استناداً إلى أن السيد وزير التموين - المطعون ضده الرابع بصفته - أصدر القرار رقم 119 لسنة 1967 بالاستيلاء على مطحنة لصالح الشركة الطاعنة وذلك إبان سريان عقد إيجار المطحن الصادر منه إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث وأن قرار الاستيلاء تنفذ بتاريخ 7/ 6/ 1967 ثم بتاريخ 13/ 8/ 1969 تسلم المطحن بناء على قرار وزير التموين رقم 260 لسنة 1969 بإلغاء الاستيلاء وبتاريخ 13/ 4/ 1977 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 31/ 5/ 1978 برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبعدم قبولها بالنسبة للمطعون ضده الرابع وبعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني بالنسبة للشركة الطاعنة. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4745 س 95 طالباً إلغاءه وإلزام الشركة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1922 ج و354 م، وبتاريخ 6/ 2/ 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للشركة الطاعنة وإلزامها بأن تدفع للمطعون ضده الأول المبلغ آنف الذكر. طعنت هذه الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره وفي بيان ذلك تقول إن قرار الاستيلاء قد صدر استناداً إلى نص المادة الأولى فقرة خامسة من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 45 الذي نصت المادة 47 منه على أنه تختص بتقرير التعويض عن الاستيلاء لجنة يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير التموين ونصت المادة 48 منه على أحقية ذوي الشأن في الطعن على قرارات تلك اللجنة أمام المحكمة الابتدائية المختصة خلال أسبوع من تاريخ إخطارهم بالقرار بخطاب مسجل بعلم الوصول ويكون الحكم في الاعتراض غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن وأن وزارة التموين قد شكلت لجنة لتقدير التعويض المستحق للمطعون ضده الأول وأنه رغم علمه بقرار اللجنة وإخطاره في حينه لم يتخذ إجراءات الطعن عليه وفقاً لنص المادتين 47، 48 من المرسوم بقانون السالف الإشارة إليه وسلك طريق الادعاء ابتداء ً أمام المحكمة الابتدائية بعد سبع سنوات من تقدير اللجنة المختصة للتعويض المستحق له فتكون دعواه غير مقبولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 6922 ج و354 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 40 الخاص بشئون التموين معدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 382 لسنة 56 قد نصت على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا كل التدابير الآتية أو بعضها...... (5) الاستيلاء على أية مصلحة عامة أو خاصة أو أي معمل أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو منقول أو أي مادة أو سلعة ونصت المادة 44 من المرسوم بقانون آنف الذكر على أن "ينفذ الاستيلاء المنصوص عليه في المادة الأولى بند (5) بالاتفاق الودي فإن تعذر الاتفاق طلب أداؤه بطريق الجبر ولمن وقع عليهم طلب الأداء جبراً الحق في تعويض أو جزاء يحدد على الوجه الآتي....." ونصت المادة 47 منه على أن تحدد الأثمان والتعويضات والجزاءات المشار إليها في المادة 44 بواسطة لجان تقدير يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصها قرار من وزير التموين. كما نصت المادة 48 على أنه "تقدم المعارضة في قرارات لجان التقدير إلى المحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب ذوي الشأن خلال أسبوع من تاريخ إخطارهم بخطاب مسجل بتلك القرارات، ويجب على قلم كتاب تلك المحكمة أن يقدم العريضة في خلال 24 ساعة من استلامها إلى رئيس الدائرة المختصة ويحدد الرئيس جلسة لنظر هذه المعارضة ويخطر قلم الكتاب الخصوم بالموعد بخطاب مسجل بعلم الوصول يرسله قبل موعد الجلسة بخمسة أيام على الأقل. وتحكم المحكمة على وجه الاستعجال ولا يجوز الطعن في حكمها بأي طريقة من طرق الطعن العادية أو غير العادية "ومفاد هذه النصوص أن المشرع رأى لاعتبارات تتعلق بالصالح العام أن يبيح في ظروف استثنائية معينة الاستيلاء على أية مصلحة خاصة أو مصنع أو محل صناعة أو عقار أو منقول.... واشترط لذلك أن يعوض صاحب الشأن عن هذا الاستيلاء، وحدد الطريقة التي يتم بها تقدير التعويض والجهة التي تتولى هذا التقدير فخص بها اللجان التي يصدر وزير التموين قراراً بإنشائها على أن يحصل التقدير وفقاً للأسس التي بينها هذا المرسوم بقانون. ثم رسم الطريق الذي يتبع للطعن في هذا التقدير إذ لم يرتضيه صاحب الشأن فنص على أن يحصل هذا الطعن بطريق المعارضة في قرار لجنة التقدير أمام المحكمة الابتدائية المختصة وأوجب اتباع إجراءات خاصة للفصل في هذه المعارضة كما نص على أن الحكم الذي يصدر فيها يكون انتهائياً وغير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية. ولما كانت القواعد المتقدمة الذكر التي رسمها المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قواعد آمرة والاختصاص الوارد فيها متعلق بالنظام العام ولا يجوز مخالفته وكان تخويل الاختصاص للمحاكم بنظر الطعون في القرارات الصادرة من لجان التقدير - وهي قرارات إدارية - يعتبر استثناء من الأصل الذي يقضي باختصاص مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات الإدارية فإنه يجب قصر هذا الاستثناء في الحدود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وجعل ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص مقصورة على النظر فيما يرفع إليها من طعون في القرارات التي تصدرها لجان التقدير المبينة في المادة 57 من ذلك المرسوم بقانون فلا تختص بنظر الدعاوى التي ترفع إليها بطلب تقدير هذا التعويض ابتداءً وقبل أن تصدر اللجنة المختصة قرارها فيه والقول بغير ذلك يترتب عليه تفويت الغرض الذي ابتغاه المشرع من وضع تلك الأحكام وفتح الباب لتقدير التعويض بغير الطريق والقواعد التي رسمها المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 مما يؤدي إلى إهدار أحكامه. وغني عن البيان أن تخويل تلك اللجان دون غيرها سلطة تقدير التعويض المستحق عن الاستيلاء ابتداءً لا يحول دون التجاء ذوي الشأن إلى المحاكم بطلب تعويضهم عن الضرر الناشئ عن تأخر تشكيلها أو تأخيرها في إصدار قراراتها وذلك على أساس المسئولية التقصيرية إذا توافرت الشروط اللازمة لتحقق هذه المسئولية إذ يعتبر هذا التأخير بغير مسوغ شرعي تقتضيه ظروف الأحوال خطأ يستوجب مسئولية فاعلة عن الضرر المتسبب عنه. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بالنسبة للشركة الطاعنة بقبول الدعوى المبتدأة التي رفعها المطعون ضده الأول أمام المحكمة الابتدائية بطلب ندب خبير لتقدير ما يستحقه من تعويض استيلاء المطعون ضده الرابع بصفته على مطحنة وامتناع الشركة الطاعنة خلال الفترة من 7/ 6/ 67 إلى 3/ 8/ 1969 مع الحكم له بما يسفر عنه تقرير الخبير - وألزم الشركة الطاعنة بأن تدفع إليه المطعون ضده الأول مبلغ 6922 ج و354 م وذلك استناداً على ما قاله من أحقية المطعون ضده الأول في الالتجاء مباشرة إلى القضاء بدعوى مبتدأة ما دام لم يثبت أن لجنة قد شكلت لتقدير التعويض المستحق له وأنها أصدرت قراراً في هذا الشأن. فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه لما تقدم. يتعين تأييد الحكم المستأنف في خصوص قضائه في الدعوى رقم 894 سنة 14 مدني كلي الجيزة بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني بالنسبة للشركة الطاعنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق