الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 1 ديسمبر 2025

الدعوى رقم 24 لسنة 43 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 8 / 11 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2025م، الموافق السابع عشر من جمادى الأولى سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 43 قضائية "تنازع"

المقامة من

...........

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- رئيس جامعة قناة السويس

3- كامل أحمد أحمد حسين طرطورة

--------------

الإجراءات

بتاريخ التاسع والعشرين من أغسطس سنة 2021، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاعتداد بحكم مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس، الصادر في الدعوى التأديبية رقم 86 لسنة 2010، المعدل بحكم المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الرابعة - الصادر بجلسة 2/11/2013، في الطعن رقم 36148 لسنة 57 قضائية "عليا"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة جنايات الإسماعيلية الصادر بجلسة 24/12/2011، في الجناية رقم 3286 لسنة 2011، المقيدة برقم 505 لسنة 2011 جنايات كلي الإسماعيلية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول.

وأودع المدعى عليه الثالث مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أنه بناءً على شكوى المدعي أقيمت الدعوى التأديبية رقم 86 لسنة 2010 تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس، ضد المدعى عليه الثالث، على سند من أن الأخير-يعمل أستاذًا مساعدًا بقسم النبات بكلية الزراعة- قام بنزع إحدى صفحات ورقة الإجابة الخاصة بالمدعي، ولم يقم برصد الدرجات التي حصل عليها؛ مما أدى إلى رسوبه. وبجلسة 19/5/2011، قرر مجلس التأديب مجازاة المدعى عليه الثالث بعقوبة اللوم، مع تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى لمدة سنة. طعن المدعى عليه الثالث أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 36148 لسنة 57 قضائية "عليا". وبجلسة 2/11/2013، قضت المحكمة الإدارية العليا بتعديل قرار مجلس التأديب ليكون بمجازاة المدعى عليه الثالث بعقوبة التنبيه عن تهمة الإهمال في المحافظة على أوراق الأسئلة والأجوبة لمادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب" المسلمة إليه بسبب وظيفته.

وكانت النيابة العامة قد أحالت المدعي إلى محكمة جنايات الإسماعيلية في الجناية رقم 3286 لسنة 2011، المقيدة برقم 505 لسنة 2011 جنايات كلي الإسماعيلية، بوصف أنه بصفته موظفًا عموميًّا "مدرس مساعد بكلية الزراعة - جامعة قناة السويس" استولى بغير حق على ورقة الأسئلة والأجوبة التي تحمل مسلسل رقم (6) والمخصصة لتلقي إجاباته في مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب"، بأن قام بنزعها من موضعها والاحتفاظ بها خلسة عن مراقبي لجنة الامتحان، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير واستعمال محرر رسمي ارتباطًا لا يقبل التجزئة؛ بأنه في ذات الزمان والمكان، وبصفته الوظيفية سالفة الذكر: ارتكب تزويرًا ماديًّا بالإضافة في محرر رسمي هو ورقة الأسئلة والأجوبة التي تحمل مسلسل رقم (6) والمخصصة لتلقي إجاباته في مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب"، وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة؛ بأن قام بتدوين الأجوبة النموذجية للأسئلة الواردة بها نقلاً من مصدرها بما يخالف مستواه التعليمي الدالة عليه إجاباته بباقي الأوراق المعدة لاختباره وفي غير الوقت المحدد للإجابة، واستعمل المحرر المزور آنف الإشارة إليه فيما زور من أجله؛ بأن قدمه إلى عميد الكلية بجامعة قناة السويس، محتجًّا بصحته على خلاف الحقيقة.

وبصفته سالفة الذكر أضر عمدًا بمصالح الجهة التي يعمل بها إضرارًا جسيمًا، بأن قام بنزع ورقة الأسئلة والأجوبة التي تحمل مسلسل رقم (6) والمخصصة لتلقي إجاباته في مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب" من موضعها وملء بياناتها بالأجوبة النموذجية نقلاً من مصدرها والادعاء كذبًا بقيام المُبلغ/ كامل أحمد أحمد حسين طرطورة بتدبير تلك المكيدة له على خلاف الحقيقة، وذلك بغرض الترقي لدرجة علمية دون وجه حق؛ مما ترتب عليه تشويه وجه الصرح العلمي الذي يعمل به، ومجازاة المُبلغ باللوم والحرمان من الترقية لمدة عام دونما جريرة.

وبصفته سالف الذكر أتلف عمدًا ورقة الأسئلة والأجوبة التي تحمل مسلسل رقم (6) المخصصة لتلقي إجاباته في مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب" والمملوكة لجهة عمله؛ بأن قام بتمزيقها إلى أربع شرائح طولية، وقذف في حق المُبلغ/ كامل أحمد أحمد حسين طرطورة، بأن أسند إليه وعلى خلاف الحقيقة أمورًا لو صحت لأوجبت عقابه قانونًا واحتقاره عند أهل وطنه، وأبلغ كذبًا مع سوء القصد النيابة العامة وجهة عمله بقيام المبُلغ/ كامل أحمد أحمد حسين طرطورة بنزع ورقة الأسئلة والأجوبة التي تحمل مسلسل رقم (6) والمدونة بها إجاباته الكاملة والصحيحة في مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب"، والاستيلاء عليها، وتمزيقها إضرارًا به، على خلاف الحقيقة. وبجلسة 24/12/2011، حكمت المحكمة حضوريًّا بمعاقبة المدعي بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، وأمرت المحكمة بعزله من وظيفته، ومصادرة المحرر المزور المضبوط، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. طعن المدعي على الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1878 لسنة 82 قضائية. وبجلسة 16/10/2012، قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. وبجلسة 17/3/2013، قضت المحكمة –حضوريًّا– بمعاقبة المدعي بالحبس مع الشغل لمدة سنة، وأمرت بعزله من وظيفته ومصادرة المحرر المزور المضبوط، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. طعن المدعي على الحكم، للمرة الثانية، أمام محكمة النقض بالطعن رقم 18363 لسنة 83 قضائية. وبجلسة 12/6/2014، حكمت المحكمة بتصحيح الحكم المطعون فيه، بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين ورفض الطعن فيما عدا ذلك. واستنادًا إلى الحكم الجنائي الصادر ضد المدعي، أقام المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 73 لسنة 2013 مدني الإسماعيلية ضد جامعة قناة السويس لإلزامها بأداء مبلغ 900000 جنيه، تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي ألمَّت به.

وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تناقضًا ببن حكم مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس في الدعوى التأديبية رقم 86 لسنة 2010، المعدل بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 36148 لسنة 57 قضائية، وبين حكم محكمة جنايات الإسماعيلية الصادر في الجناية رقم 3286 لسنة 2011، المقيدة برقم 505 لسنة 2011 جنايات كلي الإسماعيلية؛ إذ خلص القضاء التأديبي في الحكمين المشار إليهما إلى إدانة المدعى عليه الثالث عن نزع إحدى صحائف ورقة إجابة المدعي، في حين أدان القضاء الجنائي المدعي عن الواقعة ذاتها –وفق تصويره للوقائع– بما يتآدى إلى تناقضهما وتعذر تنفيذهما معًا؛ فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إنه بشأن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول –رئيس مجلس الوزراء– لرفعها على غير ذي صفة، فهو سديد؛ ذلك أنه لم يكن طرفًا في أي من الحكمين المدعى تناقضهما؛ ومن ثم فإن اختصامه في الدعوى المعروضة يغدو مفتقدًا سنده، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليه.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، على نحو يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في النزاع، وأحقهما -تبعًا لذلك- بالتنفيذ، فإذا كانا غير متحدين محلًّا أو مختلفين نطاقًا فلا تناقض، وكذلك كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بينهما؛ ذلك أن الأصل في النزاع حول التناقض بين الحكمين النهائيين، الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، أن يكون هذا التناقض واقعًا في مجال تنفيذهما، وهو ما يقتضى أن يكون تنفيذهما معًا متصادمًا ويتعذر التوفيق بينهما.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى –كذلك- على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين -في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا- يقتضي وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فصلا فيها، بيد أن وحدة الموضوع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كما أن تناقضهما -إذا قام الدليل عليه- لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا؛ بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى به بین حکمین نهائيين يتعذر تنفيذهما معًا يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضاءيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض كان عليها -عندئذ- أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا من عدمه.

وحيث إن الواقعة المسندة إلى المدعى عليه الثالث، التي أدين عنها تأديبيًّا بحكم مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس في الدعوى رقم 86 لسنة 2010، المعدل بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 36148 لسنة 57 قضائية، حاصلها إهماله في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أوراق الأسئلة والأجوبة الخاصة بامتحان مادة "فسيولوجيا تحولات غذائية ب" المسلمة إليه بصفته الوظيفية، وهى الواقعة التي وقرت في يقين المحكمة الإدارية العليا أنها ناشئة عن إهمال المدعى عليه الثالث ورعونته، وعدم دقته في أداء عمله، وعدم الدراية والإلمام بالتعليمات، ولكنها لا ترقى إلى العمد وسوء النية، حال أن الواقعة المسندة إلى المدعي، التي أدين عنها جنائيًّا بحكم محكمة جنايات الإسماعيلية الصادر بجلسة 17/3/2013، في الجناية رقم 3286 لسنة 2011، المقيدة برقم 505 جنايات كلي الإسماعيلية، والذي تم تصحيحه جزئيًّا بحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 12/6/2014، في الطعن رقم 18363 لسنة 83 قضائية، عن وقائع تشكل ارتكابه جنايات الاستيلاء بغير حق، وبنية التملك، على ورقة الأسئلة والأجوبة المبينة وصفًا بحكم الإدانة، وارتباطها بجنايتي تزوير واستعمال محرر رسمي ارتباطًا لا يقبل التجزئة، والإضرار العمدي بمصالح الجهة التي يعمل بها، وإتلافه عمدًا ورقة الأسئلة والأجوبة الخاصة به، وهي وقائع جنائية عمدية تغاير تلك المنسوبة إلى المدعى عليه الثالث ولا تناقضها، وإنما تكمل حلقاتها؛ ذلك أن إهمال المدعى عليه الثالث في أداء واجبه الوظيفي نحو المحافظة على أوراق الأسئلة والأجوبة المعهود بها إليه، قد مكَّن المدعي من الاستيلاء عليها وإتلافها إضرارًا بمصالح جهة عمله، بما مؤداه اختلاف موضوع الأحكام المدعى تناقضها، الأمر الذي ينتفي معه مناط قيام التناقض بينها، على النحو الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة لفضه؛ مما تغدو معه الدعوى المعروضة قمينة بعدم القبول.

فلهذه الأسباب

 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

القضية 52 لسنة 22 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 118 ص 710

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (118)
القضية رقم 52 لسنة 22 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها مطلقة - انتهاء الخصومة".
سابقة الحكم بعدم دستورية النص الطعين - حجيته مطلقة. أثره: انتهاء الخصومة.

--------------------
حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة، بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 9/ 6/ 2002 في القضية رقم 56 لسنة 22 قضائية، والذي قضى بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما تضمنته من قصر آثار عقد التأمين في شأن السيارات الخاصة على الغير دون الركاب، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 6/ 2002 في العدد 25 (تابع). وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.


الإجراءات

بتاريخ التاسع والعشرين من شهر فبراير سنة 2000، أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة، بطلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور، والتي تضمنتها المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 882 لسنة 1997 أمام محكمة كفر الزيات الجزئية، ضد السيد/ محمد إبراهيم محمد السندوبي وآخرين، بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ (200.000) جنيه على سبيل التضامن والتضامم، تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة التي لحقت بهم جراء وفاة مورثهم، إثر اصطدام السيارة التي كان مورثهم بين ركابها بالسيارة المملوكة للمدعى عليه المذكور، مما أدى إلى إصابته والتي نجمت عنها وفاته. حكمت المحكمة بجلسة 21/ 3/ 1999 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة طنطا الكلية للاختصاص، حيث قيدت برقم 1568 لسنة 1999 مدني كلي طنطا، ولدى تداول الدعوى، دفع المدعون بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955، والتي تضمنتها المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت لهم بإقامة دعواهم الدستورية، فقد أقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات تنص على أنه: - "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة (6) من القانون رقم 449 لسنة 1955، ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته، ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه..." وتنص المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور على أنه: - "إذا أثبت الفحص الفني صلاحية السيارة فعلى الطالب أن يقدم وثيقة تأمين من حوادث السيارة عن مدة الترخيص صادرة من إحدى هيئات التأمين التي تزاول عمليات التأمين بمصر.
ويجب أن يغطي التأمين المسئولية المدنية عن الإصابات التي تقع للأشخاص وأن يكون التأمين بقيمة غير محدودة.
ويكون التأمين في السيارة الخاصة والموتوسيكل الخاص لصالح الغير دون الركاب ولباقي أنواع السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها...".
وحيث إنه يبين مما تقدم أن المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 سالف الذكر، قضت بالتزام المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاة أي شخص أو إصابته في بدنه متى كان ذلك ناتجاً عن إحدى حوادث السيارات التي تقع داخل البلاد، وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور. وقد أوردت هذه المادة الأحوال التي يغطي فيها التأمين المسئولية المدنية عن حوادث السيارات، وفرقت في ذلك بين نوعين من السيارات، الأولى السيارات والموتوسيكلات الخاصة والتي أوجبت أن يكون التأمين فيها لصالح الغير دون الركاب، والثانية باقي أنواع السيارات ويكون التأمين فيها لصالح الغير والركاب دون عمال السيارة.
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن قانون التأمين الإجباري على السيارات رقم 652 لسنة 1955، حينما أحال إلى البيان الوارد بنص المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 المار ذكرها، فإنه قصد إلى إلحاق هذا البيان بأحكامه، منتزعاً إياه من إطاره التشريعي الخاص بالقانون رقم 449 لسنة 1955، جاعلاً منه لبنة من بنيانه، مندمجاً فيه خاضعاً لما تخضع له باقي أحكام القانون رقم 652 لسنة 1955.
وحيث إن المدعين ينعون على النص الطعين أنه أحدث تمييزاً لا يستند إلى أسس موضوعية بين المضرورين من ركاب السيارة الخاصة وركاب باقي أنواع السيارات، بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة، بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 9/ 6/ 2002 في القضية رقم 56 لسنة 22 قضائية، والذي قضى بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما تضمنته من قصر آثار عقد التأمين في شأن السيارات الخاصة على الغير دون الركاب، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 6/ 2002 في العدد 25 (تابع). وكان مقتضى المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً أو تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعي إلى نقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

الدعوى رقم 40 لسنة 45 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 8 / 11 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2025م، الموافق السابع عشر من جمادى الأولى سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 45 قضائية "منازعة تنفيذ"

-------------

المقامة من

.......

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس النواب

3- وزير العدل

4- رئيس محكمة النقض

5- النائب العام

6- رئيس محكمة استئناف القاهرة

7- نقيب المحامين

-----------------

الإجراءات

بتاريخ الثاني عشر من أكتوبر سنة 2023، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين". وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بهذين القرارين، والاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادرين في الدعويين رقمي 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، و14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أنه بناءً على طلب مجلس النقابة العامة للمحامين، قدمت النيابة العامة المدعي –محام- إلى مجلس التأديب الابتدائي للمحامين بمحكمة استئناف القاهرة، في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، لمجازاته عما نسب إليه في الشكوى المقدمة ضده. وبجلسة 5/2/2022، قرر مجلس التأديب مجازاته بالمنع من مزاولة المهنة لمدة سنة واحدة. وقد عُدِّل هذا القرار بقرار مجلس التأديب الاستئنافي بمحكمة النقض، الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، إلى منع المدعي من مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. وإذ ارتأى المدعي أن قراري مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، يُشكلان عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية، كما يُشكل عقبة في تنفيذ حكمها الصادر في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ"؛ فقد أقام المدعي دعواه المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعًا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين -كذلك- ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا -وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق -سواء كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا- بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها، ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها، ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية": "بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية". ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ب) بتاريخ 11/3/2019. كما قضت بجلسة 13/5/2023، في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ"، بالاستمرار في تنفيذ حكمها الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى التأديبية رقم 23 لسنة 2008 "تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 16/5/2022، في الاستئناف رقم 22 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين".

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المادة (195) من الدستور، إنما تلحق -نطاقًا- بما قد تتضمنه هذه الأحكام من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص بذاتها من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية -لزومًا- إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالاتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها من مفاهيم، متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفي ثانيتها باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًا حتميًّا، قبل أطراف خصومة الموضوع، وفي مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ" -المنازع في تنفيذه- لم يتضمن تقريرات دستورية واجبة الإعمال في مواجهة الحكمين المصورين عقبة في التنفيذ، وليس لهما به من صلة؛ إذ يختلفان عنه أطرافًا وموضوعًا، وهو ما يتعين معه الالتفات عن هذا الطلب.

وحيث إن مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها على هذه المحكمة من جديد لمراجعتها.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، تأسيسًا على أن نص المادتين (107 و116) من قانون المحاماة المشار إليه، في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، مؤداه جواز تشكيل مجلس تأديب يصلح للفصل في دعوى تأديب المحامين من تشكيل قضائي خالص؛ ومن ثم لا يكون الحكم الصادر عن التشكيل المشار إليه عائقًا في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، فضلاً عن أن حقيقة طلبات المدعي تنحل طعنًا على تشكيل مجلس تأديب المحامين، الأمر الذي يخرج الفصل فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا، فإن هذا الدفع غير سديد؛ ذلك أنه قد صدر ضد المدعي قرار من مجلس تأديب المحامين الابتدائي في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، بالمنع من مزاولة المهنة لمدة سنة، وقد تعدل هذا الجزاء التأديبي بقرار مجلس التأديب الاستئنافي في الدعوى رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، إلى منع المدعي عن مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. وكان القراران الصادران من مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، المنصوص عليهما في المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، قد التفتا عن إعمال مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، إذ جاء تشكيلهما مخالفًا لنص تلك المادتين، وهو قضاء يخرج عن المسار الذي كان يجب أن يخوض فيه القراران التأديبيان المار ذكرهما، إعمالًا لأثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية آنفة الذكر، ومقتضى ذلك ولازمه بطلان تشكيل مجلسي التأديب الابتدائي والاستئنافي، اللذين قضيا في الدعوى التأديبية المشار إليها؛ ومن ثم فإن قراريهما يُعدان عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية" على وجهه الصحيح، ويغدو القول بصحة انعقاد مجلسي تأديب المحامين بتشكيلهما القضائي فقط، على سند من عدم شمول القضاء بعدم الدستورية العنصر القضائي في تشكيل هذين المجلسين، متعارضًا مع السياسة التشريعية التي أقام عليها المشرع تشكيل المجلس، بدرجتيه، قبل القضاء بعدم الدستورية، وتدخلًا في سلطة المشرع التقديرية في تنظيم حق التقاضي. وتبعًا لما تقدم؛ يغدو متعينًا القضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وعدم الاعتداد بقراري مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، المار بيانهما.

وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ قراري مجلسي تأديب المحامين الابتدائي والاستئنافي سالفي الذكر، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة –فيما تقدم- إلى القضاء في موضوعها، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (50) من قانونها المار ذكره، يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، وبعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى التأديبية رقم 45 لسنة 2020 " تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، وألزمت المدعى عليهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الدعوى رقم 17 لسنة 44 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 11 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2025م، الموافق السابع عشر من جمادى الأولى سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 44 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة جنوب بنها الابتدائية "محكمة الجنح المستأنفة"، بحكمها الصادر بجلسة 24/2/2022، ملف الجنحة المستأنفة رقم 3218 لسنة 2022 جنوب بنها

المقامة من

النيابة العامة

ضد

1- عمر عبد الفتاح علي السيد

2- شاكر عبد الفتاح علي السيد

3- محمد عبد الفتاح علي زايد

4- مروة عبد الفتاح علي زايد

-------------

الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من أبريل سنة 2022، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الجنحة المستأنفة رقم 3218 لسنة 2022 جنوب بنها، بعد أن قضت محكمة جنح مستأنف جنوب بنها بجلسة 24/2/2022، بوقف الاستئناف تعليقًا، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (369) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، المستبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019، فيما تضمنه من جعل الحد الأدنى لعقوبة الحبس سنتين.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- في أن النيابة العامة قدَّمت المستأنف ضدهم، في الدعوى الموضوعية، إلى المحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح مركز القناطر الخيرية في الجنحة رقم 9394 لسنة 2021، بوصف أنهم بتاريخ 21/12/2020، دخلوا عقارًا في حيازة المجني عليها آيات رمضان مصطفى، بقصد منع حيازتها بالقوة، وطلبت عقابهم بالمادة (369 /1) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، المستبدل بها القانون رقم 164 لسنة 2019. وبجلسة 4/9/2021، قضت المحكمة، غيابيًّا، بحبس كل منهم سنتين مع الشغل وغرامة خمسين ألف جنيه. عارض المحكوم عليهم في الحكم. وبجلسة 25/12/2021، قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه، وبراءة المتهمين من التهمة المنسوبة إليهم. استأنفت النيابة العامة الحكم أمام محكمة جنوب بنها الابتدائية "محكمة الجنح المستأنفة"، التي أضافت الفقرة الرابعة من المادة (369) المشار إليها إلى قيد الاتهام، وعدلت الوصف ليصبح "دخلوا عقارًا صدر أمر قضائي من النيابة العامة بتمكين المجني عليها المذكورة من حيازته وذلك بقصد منع حيازتها". وبجلسة 24/2/2022، قضت بوقف الاستئناف تعليقًا، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (369) من قانون العقوبات، المستبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019، فيما تضمنه من جعل الحد الأدنى لعقوبة الحبس سنتين. ونعى حكم الإحالة على النص المحال إخلاله بالحق في التقاضي، ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ومبدأ خضوع الدولة للقانون، وبقواعد المحاكمة المنصفة والعدالة الاجتماعية؛ إذ حرم المحكمة الجنائية من سلطتها التقديرية في وقف تنفيذ عقوبة الحبس التي يزيد حدها الأدنى على سنة، الأمر الذي يقوض سلطتها في تفريد العقوبة متى رأت إلى ذلك سبيلًا، ويلزمها بتوقيع عقوبة غير مبررة وغير عادلة إن قامت لديها مبررات إيقاف تنفيذها، فضلًا عن التمييز غير المبرر بين قواعد تفريد العقوبة في هذه الجريمة وبين غيرها في بعض الجنايات التي يجوز، حال الحكم فيها بالإدانة، أن تكون العقوبة هي الحبس مدة لا تزيد عن سنة، بما يتيح للمحكمة تطبيق نظام وقف تنفيذ العقوبة، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (54 و92 و94 و96 و99 و184 و186) من الدستور.

وحيث إن نص المادة (369) من قانون العقوبات، المستبدل به نص المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، يجري على أن:

" كل من دخل عقارًا في حيازة آخر بقصد منع حيازته أو بقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله بوجه قانوني وبقي فيه بعد زوال سنده القانوني بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه.

...................

ويعاقب بذات العقوبة المبينة في الفقرة الأولى كل من دخل عقارًا صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين آخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها ....".

وحيث إن المصلحة –وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية– مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية المطروحة على هذه المحكمة لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة أمام محكمة الموضوع، والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها أو المحالة إليها، للتثبت من شروط قبولها. ولا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل في دستورية العقوبة يطرح على المحكمة الدستورية بحكم اللزوم العقلي النظر في دستورية النص التجريمي المعاقب عليه؛ ذلك أن التلازم الحتمي بين التجريم والعقاب كتكوين قانوني يرتبط عنصراه ارتباط قرار، لا ينفصل بعضه عن بعض، يستوجب ألا تقضي المحكمة في دستورية العقوبة بعيدًا عن دستورية التجريم، بحسبان التجريم هو الأساس المسوغ للعقوبة، فيتعين على المحكمة أن تجيل بصرها فيه لتمحص الفعل المعاقب عليه، من حيث استيفائه سائر المقتضيات الدستورية للتجريم، ولتزن في ضوء ذلك معقولية العقوبة المرصودة له، وتناسبها مع الفعل محل التأثيم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة المحيلة قد عدَّلت قيد التهمة ووصفها؛ بإضافة الفقرة الرابعة إلى مادة الاتهام المقدم بها المتهمون إلى المحاكمة الجنائية، كما عدلت الوصف في الدعوى الموضوعية، ليصبح: "دخلوا عقارًا صدر أمر قضائي من النيابة العامة بتمكين المجني عليها المذكورة من حيازته وذلك بقصد منع حيازتها"؛ ومن ثم فإن القضاء في دستورية ما تضمنه نص الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (369) من قانون العقوبات، المستبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019، المشار إليه، من أن كل من دخل عقارًا في حيازة آخر بقصد منع حيازته، ومن دخل عقارًا صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين آخر من حيازته بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، يكون ذا أثر وانعكاس أكيد على قضاء محكمة الموضوع في الاستئناف المطروح عليها، مما تتحقق به المصلحة في الدعوى الدستورية المعروضة، وفيه يتحدد نطاقها، دون غيره من أحكام أخرى وردت في الفقرتين المشار إليهما.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور إذ نص في المادة (94) منه على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وعلى خضوع الدولة للقانون؛ بحسبانه ضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات، فقد دل بذلك على أن الدولة القانونية هي التي تتقيد في كافة مظاهر نشاطها - وأيًّا كانت طبيعة سلطاتها- بقواعد قانونية تعلو عليها وتكون بذاتها ضابطًا لأعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة؛ لأن الدولة القانونية هي التي توفر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، بما يتوافق مضمونها مع الضوابط التي التزمتها الدول الديمقراطية باطراد في مجتمعاتها، واستقر نهجها على التقيد بها في مظاهر سلوكها على اختلافها، فلا تنزل بالحماية التي توفرها لمن يمارسونها عما يكون لازمًا لضمان فعاليتها في إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكل سلطة، ورادعًا ضد العدوان.

وحيث إن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بينهم، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، فإن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التي ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيًّا أن يحدد من منظور اجتماعي، ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية؛ ومن ثم يتعين على المشرع، حين يقدر وجوب التدخل بالتجريم حماية لمصلحة المجتمع، أن يجري موازنة دقيقة بين مصلحة المجتمع والحرص على أمنه واستقراره من جهة، وضمان حريات الأفراد وحقوقهم من جهة أخرى.

وحيث إن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، المنصوص عليه في المادة (95) من الدستور، إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات، يأتي على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع، متصيّدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بيّنة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولًا عليها. وكان الدستور قد دل بهذه المادة على أن لكل جريمة ركنًا ماديًّا لا قوام لها بغيره، يتمثل أساسًا في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة لنص عقابي، مفصحًا بذلك عن أن ما يركن إليه القانون الجنائي ابتداء، في زواجره ونواهيه، هو مادية الفعل المؤاخذ على ارتكابه، إيجابيًّا كان هذا الفعل أم سلبيًّا؛ ذلك أن العلائق التي ينظمها هذا القانون في مجال تطبيقه على المخاطبين بأحكامه، محورها الأفعال ذاتها، في علاماتها الخارجية ومظاهرها الواقعية، وخصائصها المادية؛ إذ هي مناط التأثيم وعلته، وهى التي يتصور إثباتها ونفيها، وهى التي يتم التمييز على ضوئها بين الجرائم بعضها عن بعض، وهى التي تديرها محكمة الموضوع على حكم العقل لتقييمها وتقدير العقوبة المناسبة لها، بل إنه في مجال تقدير توافر القصد الجنائي، فإن محكمة الموضوع لا تعزل نفسها عن الواقعة محل الاتهام التي قام الدليل عليها قاطعًا واضحًا، ولكنها تجيل بصرها فيها منقبة من خلال عناصرها عما قصد إليه الجاني حقيقة من وراء ارتكابها؛ ومن ثَمَّ تعكس هذه العناصر تعبيرًا خارجيًّا وماديًّا عن إرادة واعية، ومن ثمَّ لا يتصور -وفقًا لأحكام الدستور- أن توجد جريمة في غيبة ركنها المادي، ولا إقامة الدليل على توافر علاقة السببية بين مادية الفعل المؤثم والنتائج التي أحدثها بعيدًا عن حقيقة هذا الفعل ومحتواه، ولازم ذلك أن كل مظاهر التعبير عن الإرادة البشرية -وليس النوايا التي يضمرها الإنسان في أعماق ذاته- تعتبر واقعة في منطقة التجريم كلما كانت تعكس سلوكًا خارجيًّا مؤاخذًا عليه قانونًا، فإذا كان الأمر غير متعلق بأفعال أحدثتها إرادة مرتكبها، وتم التعبير عنها خارجيًّا في صور مادية لا تخطئها العين، فليس ثمة جريمة.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تجوز معاملة المتهمين بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم في قالبها، بما مؤداه أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، وتقرير استثناء من هذا الأصل -أيًّا كانت الأغراض التي يتوخاها– مؤداه أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغاير فيها، وهو ما يعني إيقاع جزاء في غير ضرورة، بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمة وملابساتها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتضى؛ ذلك أن مشروعية العقوبة من زاوية دستورية مناطها أن يباشر كل قاضٍ سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، في الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور موضوعي يتعلق بها وبمرتكبها، وأن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم في مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التي أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها في كل حالة بذاتها، مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلا تنبض بالحياة، ولا يكون إنفاذها إلا عملًا مجردًا يعزلها عن بيئتها، دالًّا على قسوتها أو مجاوزتها حد الاعتدال، جامدًا فجًّا منافيًا لقيم الحق والعدل.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر- كذلك- على أن العقوبة التخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازي بعقوبة أصلية أشد، عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة، أو إجازة استعمال الرأفة في مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل، عملًا بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة، إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتساند القاضي إليها -بحسب ظروف كل دعوى- لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة؛ ومن ثم فإنه في الأحوال التي يمتنع فيها إعمال إحدى هذه الأدوات فإن الاختصاص الحصري بتفريد العقوبة المعقود للقاضي يكون قد استغلق عليه تمامًا، بما يفتئت على استقلاله ويسلبه حريته في تقدير العقوبة، ويفقده جوهر الوظيفة القضائية وينطوي على تدخل محظور في شئون العدالة.

وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعنى -وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة- أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي -من ثم- على مخالفة لنص المادتين (4 و53) من الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه -بما انطوى عليه من تمييز- مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها؛ فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، يتمثل جوهرها -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- في المفاضلة بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد، فلا يختار من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسبًا أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها. وكلما كان التنظيم التشريعي مرتبطًا منطقيًّا بهذه الأغراض -وبافتراض مشروعيتها- كان التنظيم موافقًا للدستور.

وحيث إن المشرع في الفقرتين المحدد فيهما نطاق الدعوى المعروضة قد أثم دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته، وجرم دخول عقار صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين آخر من حيازته، وذلك بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، قاصدًا من هذا الحظر ضمان أمن كل حائز لعقار وطمأنينته، وألا يتخلى عن حيازته بغير رضاه، ولا يباغت بسلبها منه بغير الوسائل القانونية، وكان رائد المشرع في تأثيم هذين الفعلين جنائيًّا توطيد أركان الشرعية القانونية، وتحقيق السكينة الاجتماعية، ذلك أن من شأن تجريم هذين الفعلين أن يوصد أبواب الاعتداء على الحيازة الهادئة والمستقرة والفعلية للعقارات، وتلك التي صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين آخر من حيازتها، بما يدرأ خطرًا كبيرًا عن أمن المجتمع وسلامته، فإن المشرع بهذا التجريم يكون قد استهدف مصلحة اجتماعية جديرة بالحماية الجنائية.

لما كان ذلك، وكان المشرع قد حدد الركن المادي لصورتي الجريمة اللتين تحدد بهما نطاق هذه الدعوى، على نحو قاطع لا لبس فيه ولا غموض، فجعل مناط وقوعهما قيام الجاني بدخول عقار بقصد منع حيازته أو دخول عقار صدر حكم أو أمر قضائي بتمكين آخر من حيازته بقصد منع حيازته أو الانتقاص منها، وهما فعلان عمديان يتعين أن يرتبطا بنتيجة لازمة لارتكابهما، ويقارنهما قصد جنائي عام قوامه العلم بعناصر الركن المادي لكليهما، وإرادة تحقيق النتيجة، فدل بذلك على استواء هذين النصين على مدارج الشرعية الدستورية لتأثيم الأفعال في المواد الجنائية.

وحيث إنه في مجال تناسب العقوبة الجنائية المرصودة في النصين اللذين تحدد فيهما نطاق هذه الدعوى مع الفعل المؤثم في كل منهما، فلما كان المشرع قد عاقب مرتكب الجرمين بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، فإنها تغدو عقوبة مبررة تتناسب مع الأضرار الجسيمة المترتبة على ارتكاب الجريمتين؛ لمساسهما بأمن المجتمع وتوافق مصالح أفراده من ناحية، واستقرار المراكز القانونية لهم على نحو ما تقضي به الأحكام أو تفضي إليه القرارات القضائية من ناحية أخرى. لما كان ذلك، وكان المشرع لم يحل بين المحكمة الجنائية وتقدير العقوبة الملائمة لهذين الجرمين، فوضع حدين أدنى وأقصى لعقوبتي الحبس والغرامة، وأتاح لها تقدير العقوبة المناسبة بين هذين الحدين، على اتساعهما، فتقدر لكل حال ما يناسبها، مراعية في ذلك جسامة الفعل؛ ومن ثم فإن العقوبة التي رصدها المشرع لهاتين الجريمتين تكون قد استوفت مقتضيات العقوبة في الدستور.

وحيث إنه عما نعى به حكم الإحالة على العقوبة المقررة بالنصين اللذين تحدد بهما نطاق هذه الدعوى، من الإخلال بحق المحكمة الجنائية في استعمال الرأفة والنزول بالعقوبة درجتين على النحو المقرر لها في مواد الجنايات بمقتضى المادة (17) من قانون العقوبات، أو وقف تنفيذ عقوبة الحبس الذي لا يجاوز سنة في مواد الجنح، وفق ما تنص عليه المادة (55) من القانون ذاته، فإنه مردود بأن تحديد المشرع لأنواع الجرائم إنما يدخل في إطار سلطته التقديرية التي يحدد بها نوع الجريمة على أساس خطورتها المجتمعية، ويقدر لكل منها عقوبتها التي تخضع لأدوات التفريد التشريعي التي اختص بها كل نوع من الجرائم بما يناسبها، مراعيًا في ذلك أن العقوبة الأصلية السالبة للحرية المقررة في مواد الجنايات – على غلظتها – قد يتراءى لمحكمة الموضوع أخذ المحكوم عليه فيها بقسط من الرأفة يحتم النزول بالعقوبة درجة أو درجتين، فإذا أجاز النزول إلى عقوبة الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة واحدة أتاح لها أن تشمله بإيقاف التنفيذ، ولا كذلك الحال في مواد الجنح الأهون في عقوبتها الأصلية، والتي لا تجاوز الحبس والغرامة أو إحداهما، فإن مناط تفريد العقوبة فيها يتحقق بوضعها بين حدين أدنى وأقصى، مع جواز إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس الذي لا يجاوز سنة واحدة، وإيقاف تنفيذ عقوبة الغرامة أيًّا كان مقدارها. لما كان ذلك، وكان نطاق الدعوى المعروضة لم يتضمن نص المادتين (17 و55) من قانون العقوبات، فإن النعي على عدم إعمالهما على العقوبة المقررة في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة (369) من قانون العقوبات المستبدلتين، يُعد انتحالًا لسلطة المشرع في تحديد أنواع الجرائم وأدوات تفريد عقوبتها، ولزامه الالتفات عن هذا النعي في شقيه.

وحيث إن الفقرتين اللتين تحدد بهما نطاق هذه الدعوى لا تخالفان أي حكم آخر في الدستور؛ فمن ثم تقضي هذه المحكمة برفض الدعوى.

وحيث إنه عما أثاره حكم الإحالة من طلب التصدي لباقي فقرات نص المادة (369) من قانون العقوبات، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط إعمالها لرخصة التصدي، المنصوص عليها بالمادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يفترض وجود خصومة أصلية طُرح أمرها عليها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، وأن ثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة وما قد يُثار عرضًا من تعلق الفصل في دستورية بعض النصوص القانونية بها؛ ومن ثم تكون الخصومة الأصلية هي المقصودة بالتداعي أصلًا، والفصل في دستورية النصوص القانونية التي تتصل بها عرضًا، مبلورًا للخصومة التي تدور مع الخصومة الأصلية وجودًا وعدمًا. وهذه المحكمة لا تعرض لدستورية النصوص القانونية التي تقوم عليها الخصومة الفرعية إلا بقدر اتصالها بالخصومة الأصلية وبمناسبتها، وشرط ذلك أن يكون تقرير بطلان هذه النصوص أو صحتها مؤثرًا في المحصلة النهائية للخصومة الأصلية. متى كان ذلك، وكانت باقي فقرات النص المشار إليه تجرم أفعالًا تغاير الفعل المنسوب إلى المتهمين في الدعوى المحالة، وكان التصدي للفصل في دستورية تلك الفقرات غير ذي أثر على الخصومة الأصلية في الدعوى الدستورية، أو على قضاء محكمة الموضوع؛ فإن هذا الطلب يغدو حقيقًا بالالتفات عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الجمعة، 28 نوفمبر 2025

القضية 217 لسنة 21 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 117 ص 705

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (117)
القضية رقم 217 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "ميعادها: محكمة الموضوع: مهلة جديدة: شروطها".
لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداًء لرفع الدعوى الدستورية؛ ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول.

-----------------
حيث إن مهلة الأشهر الثلاثة المنصوص عليها في البند المشار إليه، غايتها النزول بكل ميعاد يزيد عليها إلى ما يجاوزه باعتباره حداً زمنياً نهائياً تقرر بقاعدة آمرة، فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعداه. فإن هي فعلت؛ ما كان للخصم أن يقيم دعواه الدستورية بعد فواتها؛ ذلك أن قانون المحكمة لا يطرح خيارين، يفاضل بينهما المدعي في الدعوى الدستورية؛ أحدهما الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع لرفعها؛ وثانيهما المهلة الزمنية النهائية التي لا يجوز لها أن تتخطاها في تحديدها لهذا الميعاد؛ إنما هو ميعاد واحد يتعين أن يتقيد به المدعي في الدعوى الدستورية؛ هو ذلك الذي عينته محكمة الموضوع لإقامتها بما لا يجاوز عدة الأشهر الثلاثة المشار إليه. يؤيد حتمية هذا الميعاد، أن فواته مؤداه، اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وامتناع قبول الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، بما يحول دون مضيها في نظرها. ويتفرع على ما تقدم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداءً لرفع الدعوى الدستورية؛ ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول؛ فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته غداً ميعاداً جديداً منقطع الصلة به؛ ومجرداً قانوناً من أي أثر.


الإجراءات

بتاريخ العاشر من نوفمبر سنة 1999، أودعت الشركة المدعية قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة، طلباً للحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم: أصلياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً: برفض الدعوى.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدفع بعدم القبول المشار إليه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة أقامت الدعوى رقم 1514 لسنة 1998 ضرائب كلي الإسكندرية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، بطلب الحكم بإلزامهما برد ضريبة الدمغة النسبية التي سددتها لهما عن الفترة من 1985 حتى 1994، لصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة (83) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980، وقدمت مذكرة دفعت فيها بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 المشار إليه، إلا أن المحكمة قضت برفض الدعوى، بعد أن قدرت عدم جدية الدفع. فاستأنفت الشركة المدعية هذا الحكم بالاستئناف رقم 776 لسنة 55 ق. س أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وأثناء نظره تمسكت بالدفع المشار إليه، وبجلسة 18/ 5/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 19/ 6/ 1999، وبهذه الجلسة أعادت المحكمة الدعوى إلى المرافعة لجلسة 19/ 9/ 1999، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 المشار إليه. وبتلك الجلسة طلبت الشركة المستأنفة أجلاً لتنفيذ القرار السابق، فقررت المحكمة تأجيل الدعوى إلى جلسة 18/ 12/ 1999، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت الدعوى الدستورية الماثلة.
وحيث إن البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد نص على أنه إذا دفع أحد الخصوم أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة؛ وقدرت المحكمة أو الهيئة جدية هذا الدفع أجلت نظر الدعوى المنظورة أمامها؛ وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر يرفع خلالها دعواه الدستورية للفصل في المسألة التي تعلق بها هذا الدفع.
وحيث إن مهلة الأشهر الثلاثة المنصوص عليها في البند المشار إليه، غايتها النزول بكل ميعاد يزيد عليها إلى ما يجاوزه باعتباره حداً زمنياً نهائياً تقرر بقاعدة آمرة، فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تتعداه. فإن هي فعلت؛ ما كان للخصم أن يقيم دعواه الدستورية بعد فواتها؛ ذلك أن قانون المحكمة لا يطرح خيارين، يفاضل بينهما المدعي في الدعوى الدستورية؛ أحدهما الميعاد الذي حددته محكمة الموضوع لرفعها؛ وثانيهما المهلة الزمنية النهائية التي لا يجوز لها أن تتخطاها في تحديدها لهذا الميعاد؛ إنما هو ميعاد واحد يتعين أن يتقيد به المدعي في الدعوى الدستورية؛ هو ذلك الذي عينته محكمة الموضوع لإقامتها بما لا يجاوز عدة الأشهر الثلاثة المشار إليه. يؤيد حتمية هذا الميعاد، أن فواته مؤداه، اعتبار الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وامتناع قبول الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا لعدم اتصالها بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، بما يحول دون مضيها في نظرها. ويتفرع على ما تقدم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تمنح الخصم الذي أثار المسألة الدستورية مهلة جديدة تجاوز بها حدود الميعاد الذي ضربته ابتداءً لرفع الدعوى الدستورية؛ ما لم يكن قرارها بالمهلة الجديدة قد صدر عنها قبل انقضاء الميعاد الأول؛ فإذا كان قد صدر عنها بعد فواته غدا ميعاداً جديداً منقطع الصلة به؛ ومجرداً قانوناً من أي أثر.
وحيث إنه متى كان ذلك؛ وكانت محكمة الموضوع - بعد تقديرها جدية الدفع المبدى من الشركة المدعية - قد حددت لرفع دعواها الدستورية ميعاداً ينتهي في 19 سبتمبر سنة 1999، وكانت الشركة المدعية لم تودع صحيفة الدعوى الماثلة خلال هذا الميعاد؛ فإن هذا الدفع يعتبر كأن لم يكن بما يحول بين المحكمة الدستورية العليا ومضيها في نظر الدعوى الماثلة؛ وكان لا يغير من ذلك صدور قرار من محكمة الموضوع بالتصريح للشركة المدعية مجدداً برفع الدعوى الدستورية خلال أجل غايته 18 من ديسمبر سنة 1999، إذ لا يسعها - وعلى ما تقدم - أن تفتح للدعوى الدستورية ميعاداً جديداً بعد انقضاء الميعاد الأول المحدد ابتداء لرفعها، فلا تقبل دعواه الدستورية بالتالي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 195 لسنة 21 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 116 ص 701

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي- رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (116)
القضية رقم 195 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "نطاقها".
نطاق الدعوى، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية وفي الحدود التي قدرت فيها محكمة الموضوع جديته.
حيث إن نطاق الدعوى، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية وفي الحدود التي قدرت فيها محكمة الموضوع جديته.

-----------------
وحيث إن النص الطعين - وفيه ينحصر نطاق الدعوى على ما تقدم - يجري على النحو التالي: "لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح، ومع ذلك إذا كان الحكم صادراً في إحدى الجنح المعاقب عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلاً عن الرد والمصاريف فلا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو لخطأ في تطبيقه أو تأويله أو لوقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم". ومفاد ذلك؛ أن المتهم يجوز له استئناف جميع الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية بإدانته؛ ما لم تكن الجنحة معاقباً عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلاً عن الرد والمصاريف، وذلك أياً كان نوع ومقدار العقوبة المحكوم بها؛ لما كان ما تقدم؛ وكان المدعي مقدماً للمحاكمة في جنحة عقوبتها الحبس وجوباً - بصرف النظر عما قضى عليه به - فإن النص الطعين لا يكون قد حال بينه وبين استئناف الحكم الصادر بحقه، بما تنتفي معه مصلحته في الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ العاشر من أكتوبر سنة 1999 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية المادة (402) فقرة أولى وأخيرة من قانون الإجراءات الجنائية معدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998.
وقدمت هيئة قضايا الدولة عدة مذكرات طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي للمحاكمة الجنائية في قضية الجنحة رقم 8591 لسنة 1998 جنح فوة طالبة عقابه بالمادة (242/ 1، 3) عقوبات؛ بوصف أنه تعدى بالضرب على ريهام عبد الستار حسن باستخدام أداة، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي، وبجلسة 23/ 3/ 1998 قضت محكمة الجنح بتغريمه مائة جنيه، وإلزامه بتعويض مؤقت قدره خمسمائة جنيه للمدعية بالحق المدني؛ استأنف المدعي، ودفع وكيل المدعية بالحق المدني بعدم جواز نظر الاستئناف، فبادره المدعي بالدفع بعدم دستورية المادة (402/ 1) إجراءات جنائية معدلاً بالقانون رقم 174 لسنة 1998. وبعد تقديرها جدية الدفع صرحت محكمة الموضوع للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية فأقامها، بيد أنها عادت فقضت بتاريخ 27/ 12/ 1999 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن نطاق الدعوى، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية وفي الحدود التي قدرت فيها محكمة الموضوع جديته.
وحيث إن النص الطعين - وفيه ينحصر نطاق الدعوى على ما تقدم - يجري على النحو التالي: "لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح، ومع ذلك إذا كان الحكم صادراً في إحدى الجنح المعاقب عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلاً عن الرد والمصاريف فلا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو لخطأ في تطبيقه أو تأويله أو لوقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم". ومفاد ذلك؛ أن المتهم يجوز له استئناف جميع الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية بإدانته؛ ما لم تكن الجنحة معاقباً عليها بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه فضلاً عن الرد والمصاريف، وذلك أياً كان نوع ومقدار العقوبة المحكوم بها؛ لما كان ما تقدم؛ وكان المدعي مقدماً للمحاكمة في جنحة عقوبتها الحبس وجوباً - بصرف النظر عما قضى عليه به - فإن النص الطعين لا يكون قد حال بينه وبين استئناف الحكم الصادر بحقه، بما تنتفي معه مصلحته في الدعوى.
وحيث إنه لا تثريب على محكمة الموضوع إذ هي مضت في نظر الدعوى تداركاً لما فرط منها، بعد إذ قضت هذه المحكمة بعدم قبول الدعوى الدستورية لانتفاء المصلحة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الأحد، 23 نوفمبر 2025

القضية 79 لسنة 21 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 115 ص 697

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (115)
القضية رقم 79 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها مطلقة - عدم قبول".
سابقة الحكم برفض الطعن على النص الطعين - حجيته مطلقة - عدم قبول الدعوى.

--------------------
حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة، بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار، الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون سالف الذكر، وقضاء بدستوريته)، ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم تضحى الدعوى الراهنة غير مقبولة.


الإجراءات

بتاريخ الثاني من مايو سنة 1999، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثالثة من نص المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم انتهاء عقد الإيجار بترك المستأجر للعين، إذا بقى فيها زوجه وأولاده ووالداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وكذلك إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق في الاستمرار في شغل العين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة أقامت الدعوى رقم 1631 لسنة 1998 كلي إيجارات الجيزة، ضد المدعي، بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد لها وبنفس شروط عقد إيجار المرحوم والدها، المستأجر الأصلي، استناداً إلى حكم الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه. وأثناء نظر الدعوى، قدم المدعى عليه "المدعي في الدعوى الماثلة" مذكرة دفع فيها بعدم دستورية المادة المشار إليها، وبعد تقدير جدية هذا الدفع قررت المحكمة بجلسة 25/ 3/ 1999 إعادة الدعوى للمرافعة لجلسة 24/ 6/ 1999، ليقيم المدعي دعواه الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة، بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار، الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون سالف الذكر، وقضاء بدستوريته)، ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم تضحى الدعوى الراهنة غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الجمعة، 21 نوفمبر 2025

القضية 54 لسنة 21 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 114 ص 693

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (114)
القضية رقم 54 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها - عدم قبول".
سابقة الحكم برفض الطعن على النص الطعين - حجيته مطلقة - عدم قبول الدعوى.

----------------

حيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في هذه الدعوى بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو بالترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، بما مؤداه الحكم برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (29) المشار إليها، وبدستوريته. ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة غير مقبولة.


الإجراءات

بتاريخ الثالث والعشرين من مارس سنة 1999، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الثالثة - في الدعوى الماثلة - كانت قد أقامت الدعوى رقم 423 لسنة 1997 إيجارات كلي جنوب القاهرة، طالبة الحكم بإلزام المدعي - في الدعوى الدستورية - بتحرير عقد إيجار لها عن العين المؤجرة لوالدها امتداداً لعقد إيجار مورثها المستأجر الأصلي بعد وفاته، إعمالاً لنص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي - في الدعوى الدستورية - بعدم دستورية نص الفقرتين المذكورتين، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة خلال المواعيد المقررة قانوناً.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنص على أنه: "لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك"، كما جرى نص الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها على أن: "وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق في الاستمرار في شغل العين، ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد".
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في هذه الدعوى بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو بالترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، بما مؤداه الحكم برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (29) المشار إليها، وبدستوريته. ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصاريف، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 220 لسنة 20 ق جلسة 9 / 5 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 113 ص 688

جلسة 9 مايو سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو وتهاني محمد الجبالي وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (113)
القضية رقم 220 لسنة 20 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "شرط المصلحة: عنصران".
مفهوم شرط المصلحة في الدعوى الدستورية يتحدد باجتماع عنصرين أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعياً لحق بالمدعي. ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون.

------------------
حيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن مفهوم شرط المصلحة في الدعوى الدستورية يتحدد باجتماع عنصرين أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعياً لحق بالمدعي - في حدود الصفة التي اختصم بها النص الطعين - شريطة أن يكون مباشراً ومنفصلاً بآثاره عن مجرد الادعاء النظري بمخالفة هذا النص للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية. وثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن النص قد طبق أصلاً على المدعي أو لم يكن هو من المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها غير عائد إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ أن إبطال النص التشريعي لن يحقق للمدعي - في هذه الصور جميعها - أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 15004 لسنة 1997 مدني كلي أمام محكمة جنوب القاهرة، بغية القضاء بإلزام المدعى عليه الأخير (في الدعوى الماثلة) برد مبلغ 42354.643 جنيهاً، الذي كانت مصلحة الجمارك قد حصلته منه كضريبة استهلاك، إعمالاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 المتضمن إضافة بعض السلع إلى الجدول الملحق بالقانون رقم 133 لسنة 1981، وثبت عدم استحقاقها له، بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/ 2/ 1996 في القضية رقم 18 لسنة 8 قضائية دستورية، القاضي بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، فيما قررته من تخويل رئيس الجمهورية تعديل جدول الضريبة المرافق لهذا القانون، وكذلك بسقوط قراري رئيس الجمهورية رقمي 360 لسنة 1982 و137 لسنة 1986، كاشفاً بذلك عن تحصيل المبلغ المطالب برده بدون وجه حق، وبجلسة 22/ 2/ 1998 حكمت محكمة أول درجة بأحقية المدعي بصفته في استرداد ما دفعه دون حق، وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليه الأخير (في الدعوى الماثلة) فطعن عليه بالاستئناف رقم 4834 لسنة 115 قضائية، وأثناء نظر الاستئناف دفع المستأنف ضده (المدعي في الدعوى الماثلة) بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 - والمعدلة بالقانون 168 لسنة 1998، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - المطعون عليه - ينص في مادته الأولى على أن "يستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 النص الآتي: "ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر..."؛ وفي عجز مادته الثانية على العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره وهو الحاصل في 11/ 7/ 1998، ومن ثم يكون القانون سالف الذكر قد صدر بأثر فوري ومباشر لتنفيذ أحكامه اعتباراً من 12/ 7/ 1998، اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن مفهوم شرط المصلحة في الدعوى الدستورية يتحدد باجتماع عنصرين أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعياً لحق بالمدعي - في حدود الصفة التي اختصم بها النص الطعين - شريطة أن يكون مباشراً ومنفصلاً بآثاره عن مجرد الادعاء النظري بمخالفة هذا النص للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره ومواجهته بالترضية القضائية. وثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن النص قد طبق أصلاً على المدعي أو لم يكن هو من المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها غير عائد إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ أن إبطال النص التشريعي لن يحقق للمدعي - في هذه الصور جميعها - أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن النص الطعين - في حدود نطاقه - إذ يجري على أن: - "الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص"؛ وإذ نص القرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 في مادته الثانية على أن يعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره، بما مؤداه أن القاعدة القانونية التي أتى بها؛ لا تسري إلا من هذا الوقت الذي حدد لنفاذها؛ إذ كان ذلك، وكان الحكم الصادر في القضية رقم 18 لسنة 8 قضائية دستورية والقاضي بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981 والمنشور بالجريدة الرسمية في 17/ 2/ 1996، والذي يعتصم به المدعي في دعواه الموضوعية نافذاً منذ هذا التاريخ، وقد تكون على أساسه مركز قانوني للمدعي يخوله الحق في ترتيب الآثار الناجمة عن إبطال ذلك النص منذ مولده، فإن طلب إعمال هذه الآثار - وهو ما تملكه محكمة الموضوع - يكون منبت الصلة بالنص الطعين الذي يحكم المراكز القانونية التي استقرت لذويها قبل العمل به، وتنتفي بالتالي مصلحة المدعي في الطعن عليه بعدم الدستورية ويضحى متعيناً الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.