الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 10 أبريل 2024

الطعن رقم 3 لسنة 45 ق دستورية عليا " طلبات أعضاء " جلسة 5 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء الخامس من مارس سنة 2024م، الموافق الرابع والعشرين من شعبان سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 45 قضائية طلبات أعضاء

المقامة من
المستشار الدكتور/ محمد عماد عبد الحميد النجار
ضد
1 - رئيس المحكمة الدستورية العليا
2 - وزير المالية
3 - رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ التاسع عشر من فبراير سنة 2023، أودع الطالب، بصفته نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا، صحيفة الطلب المعروض، قلم كتاب هذه المحكمة، طالبًا الحكم:
أولًا: بأحقيته في إعادة تسوية المعاش المستحق له عن الأجر الأساسي اعتبارًا من 9/ 12/ 2021، على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه عند بلوغ سن المعاش، مضافًا إليه العلاوات الخاصة، وفقًا لنص المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1976، واعتبار المعاش المستحق عن هذا الأجر معادلًا للأجر الأساسي في تاريخ الربط، ودون إعمال أحكام قانون التأمين الاجتماعي ولائحته التنفيذية، مع إضافة العلاوات الخاصة التي لم تضم، ودون التقيد في ذلك بالحد الأقصى.
ثانيًا: بأحقيته في إعادة تسوية معاش الأجر المتغير اعتبارًا من 9/ 12/ 2021، على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه عند الإحالة للمعاش دون حد أقصى، وفقًا لنص المادة (70) من قانون السلطة القضائية، شاملًا الحوافز، والبدلات، والأجور الإضافية، والجهود غير العادية، وإعانة غلاء المعيشة، والعلاوات الاجتماعية، والمنح الإضافية، والمكافآت، وحافز الإنجاز، دون حد أقصى.
ثالثًا: بأحقيته في إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه في 9/ 12/ 2021، تاريخ بلوغه سن الستين، مضافًا إليه الزيادات، والعلاوات الخاصة، دون التقيد بحد أقصى معين.
رابعًا: بإعادة حساب تعويض الدفعة الواحدة على أساس 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السنوات الزائدة على ست وثلاثين سنة.
خامسًا: بصرف الفروق المالية والزيادات المترتبة على كل ما تقدم.
وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى كل من رئيس المحكمة الدستورية العليا، ووزير المالية؛ لرفعها على غير ذي صفة.
وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم المدعى مذكرة، تمسك في ختامها بطلباته، عدا أحقيته في تسوية معاش الأجر المتغير.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 16/ 9/ 2015، عُين الطالب نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا، بعد تدرجه في مختلف الوظائف القضائية، حتى بلغ سن الستين في 9/ 12/ 2021، وقامت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي (صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي) بتسوية وربط الحقوق التأمينية المستحقة له، لبلوغ السن المقررة لاستحقاق المعاش، طبقًا لنص المادة الأولى من القانون رقم 183 لسنة 2008 بتنظيم الحقوق التأمينية لأعضاء الهيئات القضائية، الذي قرر استحقاقهم عند بلوغهم سن الستين جميع حقوقهم التأمينية المقررة، وفقًا للبند رقم (1) من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، ووقف استقطاع اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، اعتبارًا من تاريخ بلوغهم سن الستين، على أن يسري هذا الحكم على من تجاوز منهم سن الستين، اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون، في أول يوليو من عام 2008، وقد ربطت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي المعاش المستحق للطالب عن الأجرين الأساسي والمتغير بمبلغ 9162 جنيهًا، وقامت بتسوية باقي المستحقات التأمينية المقررة له، وأخصها مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الدفعة الواحدة في ضوء ذلك. فتقدم المدعي بطلب إلى لجنة فض المنازعات بتلك الهيئة، إعمالًا لحكم المادة (148) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، لإعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسي وباقي مستحقاته التأمينية، وفقًا للأسس الواردة بذلك الطلب، فلم تجبه الهيئة إلى طلباته؛ فأقام الدعوى المعروضة على أسباب حاصلها: أن التسوية التي أجرتها الهيئة له تمت بالمخالفة لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة (70) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، التي تقضي بأنه: وفي جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضي أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له .....، وهو النص الذي يسري في شأن معاش المدعي والمستحقات التأمينية المقررة له بحكم الإحالة إليه، المقررة بالمادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2011، التي تقضي بأن تسري الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على نواب رئيس المحكمة، وذلك تقديرًا من المشرع لسمو الدور الذي يضطلع به القضاة، ووجوب تأمينهم في حاضرهم ومستقبلهم، حتى يتفرغوا لرسالتهم السامية، فخصهم بمعاملة تأمينية استثنائية، على نحو ما تضمنته المادة (70) من قانون السلطة القضائية، وإذ خالفت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي هذا المسلك، فإنه يحق له المطالبة بإعادة تسوية معاشه وحسابه على النحو المبين سلفًا، وإعادة حساب مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الدفعة الواحدة الخاصين به على الأساس ذاته.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا لرفعها على غير ذي صفة، فهو مردود؛ بأن المستشار الطالب ما زال يشغل وظيفة نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وإذ كانت المستندات المتعلقة بتسوية معاشه تحت يد هذه المحكمة، فإن اختصام رئيسها في هذه الدعوى يكون في محله.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى وزير المالية لرفعها على غير ذي صفة، فهو مردود؛ بأنه طبقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، تتحمل الخزانة العامة فروق التكلفة المترتبة على استمرار العمل بالمزايا المقررة في القوانين المنظمة للشئون الوظيفية للمعاملين بالكادرات الخاصة؛ ومن ثم يضحى اختصام المدعى عليه الثاني في محله.
وحيث إنه عن طلب إعادة تسوية معاش الأجر الأساسي للمستشار الطالب؛ فإن المادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن تسرى الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على نواب رئيس المحكمة، وتنص الفقرة الأخيرة من المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1976 على أن وفي جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضي أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له....، ونصت المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي في فقرتها الأولى على أن
يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة، ونصت المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات على أنه لا يترتب على تطبيق أحكام القانون المرافق الإخلال بما تتضمنه أحكام القوانين المنظمة للشئون الوظيفية للمعاملين بالكادرات الخاصة، ويستمر العمل بالمزايا المقررة في هذه القوانين والأنظمة الوظيفية وتتحمل الخزانة العامة فروق التكلفة المترتبة على ذلك طبقًا لأحكام القانون المرافق وجرى نص المادة الأولى من القانون رقم 183 لسنة 2008 بتنظيم الحقوق التأمينية لأعضاء الهيئات القضائية على أنه مع مراعاة سن التقاعد المنصوص عليه بنظام التوظيف المعامل به أعضاء الهيئات القضائية، يستحق عضو الهيئة القضائية حقوقه التأمينية، وفقًا للبند (1) من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عند بلوغه سن الستين، ويوقف استقطاع اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة اعتبارًا من بلوغه السن المذكورة.
ويسري حكم الفقرة السابقة على أعضاء الهيئات القضائية الذين تجاوزوا سن الستين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون.
ولا تخل الفقرتان السابقتان بجمع عضو الهيئة القضائية بين المرتب والمعاش حتى بلوغه سن التقاعد.
وحيث إنه إذا كان من واجب القاضي نحو الدولة والمجتمع أن يُحسن الاضطلاع برسالته السامية التي تُلقي على كاهله أضخم الأعباء والمسئوليات، وأن يلتزم في حياته ومسلكه - سواء في ذلك أثناء وجوده بالخدمة أو بعد تركها - النهج الذي يحفظ للقضاء هيبته ومكانته؛ فإن من واجب الدولة نحو القاضي أن تهيئ له أسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذي يعينه على النهوض بواجبه المقدس في ثقة واطمئنان، وأن تهيئ له - كذلك - معاشًا ومزايا تأمينية تكفل له المعيشة في المستوى ذاته الذي كان يعيش فيه أثناء وجوده بالخدمة، فالمزايا التأمينية بالنسبة إلى جميع أصحاب المعاشات - وبخاصة رجال القضاء - ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم. من أجل ذلك خص المشرع القاضي بمعاملة تأمينية خاصة؛ ليكون الأصل في تسوية المعاش المستحق له على أساس آخر مربوط الوظيفة التي يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه، أيهما أصلح له، ودون حد أقصى، تطبيقًا لنص الفقرة الأخيرة من المادة (70) من قانون السلطة القضائية، الذي جاء خلوًا من تحديد حد أقصى للمعاش المستحق للقاضي، وهو النص الذى ينظم تسوية المعاش المستحق لكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه وتحديد مستحقاتهم التأمينية، وذلك بحكم الإحالة المقررة بالمادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا، ولا يسري عند تسوية المعاش المستحق لرئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه الحد الأقصى المنصوص عليه بالمادة (24) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019؛ نزولًا على ما قررته المادة الثالثة من مواد إصداره .
وحيث إن البادي من استقراء النظم المقارنة، أنها حرصت على تقرير معاملة مالية وتأمينية خاصة لرجال القضاء تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام، حيث نص البند الخامس من الباب الثامن والعشرين من قانون السلطة القضائية بالولايات المتحدة الأمريكية على أن كل قاض يعمل بأي محكمة من المحاكم الأمريكية،.......، بعد بلوغه (70) عامًا يجوز له الاستقالة من منصبه والحصول على الراتب نفسه الذي كان يتقاضاه بموجب القانون وقت الاستقالة، كما نص قانون المعاملة المالية للقضاة بجمهورية جنوب أفريقيا على استحقاق قضاة المحكمة الدستورية والمحكمة العليا بعد التقاعد معاشًا يساوي الراتب السنوي الذي كان يتقاضاه كل منهم في أعلى منصب شغله خلال مدة خدمته الفعلية التي يجب ألا تقل عن عشرين سنة.
وحيث إن الحق في المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون - ينهض التزامًا على الجهة التي تقرر عليها. وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعي - على تعاقبها - إذ يتبين منها أن المعاش الذي تتوافر - بالتطبيق لأحكامها - شروط اقتضائه، عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقًا للنظم المعمول بها، يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعي، حين ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدمات التأمين الاجتماعي، بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التي بيَّنها القانون، وكذا اعتباره أموال التأمينات والمعاشات أموالًا خاصة، وجعلها وعوائدها حقًّا للمستفيدين منها، لتعود ثمرتها عليهم دون غيرهم، بما يكفل لكل مواطن المعاملة الإنسانية التي لا تُمتهن فيها آدميته، والتي توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق في الحياة أهم روافدها، وللحقوق التي يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التي يعيش في محيطها مقوماتها، بما يؤكد انتماءه إليها، وتلك هي الأسس الجوهرية التي لا يقوم المجتمع من دونها، والتي تعتبر المادة (8) من الدستور الحالي مدخلًا إليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مؤدى نص المادتين (2 و14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ونص المادة الثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، ونصوص المواد (22 و24 و27) من ذلك القانون، ونص الفقرة الأخيرة من المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1976- وجوب تسوية معاش الأجر الأساسي لرئيس المحكمة الدستورية العليا ومن في حكمه من أعضائها على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب أساسي كان يتقاضاه، أيهما أصلح له.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن المستشار الطالب قد بلغ سن الستين وما زال بالخدمة؛ ومن ثم ينطبق في شأنه حكم الفقرة الأخيرة من المادة (70) من قانون السلطة القضائية، وأحكام القانون رقم 183 لسنة 2008 المشار إليهما، بما مؤداه أحقيته في تسوية معاشه عن الأجر الأساسي، وفقًا لآخر مربوط الدرجة التي يشغلها - نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا - أو آخر مرتب كان يتقاضاه عند بلوغه سن الستين، أيهما أصلح له، دون التقيد بأي حد أقصى، نزولًا على حكم المادتين (70 فقرة أخيرة) من قانون السلطة القضائية، والثالثة من القانون رقم 148 لسنة 2019 المار ذكره، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ومحكمة النقض. ويدخل في هذا المرتب العلاوات الخاصة، شاملة العلاوات التي لم تكن قد ضمت للمرتب الأساسي عند بلوغ سن الستين، والزيادات التي طرأت على المرتب الأساسي في هذا التاريخ. وإذ قامت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بتسوية معاش المستشار الطالب على غير هذا الأساس، فتكون تلك التسوية قد تمت بالمخالفة لحكم القانون، ويتعين القضاء بإلزامها بإعادة تسوية المعاش على النحو المشار إليه، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها صرف الفروق المالية المستحقة له عن الفترة السابقة على تاريخ صدور هذا الحكم.
وحيث إنه عن طلب إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة؛ فإن المادة (36) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019 تنص على أن يخضع لنظام المكافأة المؤمن عليهم الوارد ذكرهم في البند أولًا من المادة (2) من هذا القانون.
ويمول نظام المكافأة مما يأتي:
1- حصة يلتزم بها المؤمن عليه بواقع (1%) من أجر الاشتراك شهريًّا.
2- حصة يلتزم بها صاحب العمل بواقع (1%) من أجر اشتراك المؤمن عليه لديه شهريًّا.
وتودع المبالغ المذكورة في حساب شخصي خاص بالمؤمن عليه، ويستحق عن المبالغ الفعلية المودعة في هذا الحساب عائد استثمار عن المدة من أول الشهر التالي لإيداع المبالغ في الحساب وحتى نهاية الشهر السابق على تاريخ استحقاق الحقوق التأمينية،.....
وتنص المادة (37) من القانون ذاته على أن يصرف للمؤمن عليه الخاضع لنظام المكافأة الرصيد المتوافر في حسابه الشخصي عند تحقق واقعة استحقاق الحقوق التأمينية وفقًا لأحكام المادتين (21، 26) من هذا القانون، .....
وتنص المادة (157) من القانون السالف البيان على أن تحسب المكافأة عن المدة السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون بواقع أجر شهر عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك خلال المدة المشار إليها.
ويقدر أجر حساب المكافأة بأجر حساب معاش الأجر الأساسي المنصوص عليه بالمادة السابقة.
ويراعى بالنسبة للمدد المحسوبة في نظام المكافأة وفقًا للمادة (34) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ما يأتي:
1- تحسب المكافأة عن هذه المدة في حالات بلوغ سن استحقاق المعاش والوفاة وفقًا للأحكام الواردة بالفقرتين السابقتين.
2- في غير الحالات المشار إليها بالبند السابق تحسب المكافأة طبقًا للجدول رقم (4) المرفق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وعلى أساس سن استحقاق المؤمن عليه في تاريخ بدء العمل بهذا القانون وأجر حساب المكافأة المشار إليه في الفقرة السابقة.
وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون قواعد وأحكام وإجراءات تنفيذ أحكام هذه المادة.
متى كان ذلك، وكانت مكافأة نهاية الخدمة عن المدة التي قضيت قبل العمل بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، تحسب بواقع شهر عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك، وكان معاش المستشار الطالب وعلى ما سلف بيانه يسوى على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه، شاملًا الزيادات والعلاوات الخاصة؛ ومن ثم يتعين تسوية مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له عن تلك المدة على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه، مضافًا إليه الزيادات والعلاوات الخاصة، دون التقيد بحد أقصى، على أن تسوى مكافأة نهاية الخدمة عن المدة التي قضيت بعد العمل بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المار بيانه، بصرف الرصيد المتوافر في الحساب الشخصي للمستشار الطالب عند بلوغه سن الستين.
وحيث إنه عن طلب إعادة حساب تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك الزائدة؛ فإن المادة (26) من قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019 تنص على أنه في حالة انتهاء خدمة أو نشاط أو عمل المؤمن عليه، ولم تتوافر في شأنه شروط استحقاق المعاش، يستحق تعويض الدفعة الواحدة عن مدد اشتراكه في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة.
......................
متى كان ما تقدم، وكان قانون السلطة القضائية السالف البيان، قد خلا من أية أحكام تنظم تعويض الدفعة الواحدة، وكان قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات قد جعل مناط صرف تعويض الدفعة الواحدة هو عدم استحقاق المؤمن عليه معاشًا يسوى طبقًا لأحكامه، وإذ بلغ المستشار الطالب سن الستين في 9/ 12/ 2021، بعد العمل بقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المار بيانه، واستحق معاشًا على النحو السالف ذكره، فإن مناط استحقاقه تعويض الدفعة الواحدة يكون منتفيًا، مما يتعين معه رفض هذا الطلب.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بأحقية المستشار الطالب في إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسي، على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه عند ربط المعاش، مضافًا إليه الزيادات والعلاوات الخاصة دون التقيد بحد أقصى.
ثانيًا: بأحقية المستشار الطالب في إعادة حساب مكافأة نهاية الخدمة المقررة له، عن مدة خدمته السابقة على العمل بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه عند بلوغه سن المعاش، مضافًا إليه الزيادات والعلاوات الخاصة، دون التقيد بحد أقصى.
ثالثًا: بأحقية المستشار الطالب في إعادة حساب مكافأة نهاية الخدمة المقررة له عن مدة خدمته التالية للعمل بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات السالف الذكر، طبقًا للرصيد المتوافر في حسابه الشخصي عند بلوغه سن الستين في 9/ 12/ 2021.
رابعًا: بأحقية المستشار الطالب في صرف الفروق المالية المترتبة على ما حكم به في البنود السابقة.
خامسًا: برفض ما عدا ذلك من طلبات.

السبت، 30 مارس 2024

القضية 3 لسنة 8 ق جلسة 3 / 3 / 1990 دستورية عليا مكتب فني 4 تفسير ق 5 ص 399

جلسة 3 مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسن - رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: فوزي أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين وفاروق عبد الرحيم غنيم - أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة - المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-----------------

قاعدة رقم (5)
طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير"

1- قضاة "معاش" - قوانين السلطة القضائية.
الميزة المقررة في القرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية لنواب رئيس النقض وشاغلي الوظائف القضائية المعادلة بوجوب معاملتهم معاملة من هم في حكم درجتهم في المعاش - تأكيدها عند تعديل جدول المرتبات بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 ثم في قانون السلطة القضائية التالي الصادر بالقرار بقانون رقم 43 لسنة 1965 الذي رددها أيضاً بالنسبة لنواب رؤساء الاستئناف والمحامين العامين الأول - دلالته، اعتبارها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء.
2- قضاء "معاش" - القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 - القانون رقم 79 لسنة 1975.
خلو قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى ميزة معاملة شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هم في حكم درجتهم في المعاش، لا أثر له - علة ذلك، غدوها بتكرار النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء دون ما حاجة إلى تكرار النص عليها، وفي حرمانهم منها انتقاص من المزايا المقررة لهم مما يتعارض وما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون القائم من استهدافه توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم - دخولها فيما عناه المشرع في المادة (4/ 1) من القانون رقم 79 لسنة 1975 من استمرار العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة.
3- معاش - قوانين التأمين والمعاشات "المرتب الذي يعتد به كأساس للتعادل بين الوظائف".
اعتداد قوانين التأمين والمعاشات المتتالية انتهاء بقانون التأمين الاجتماعي الحالي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، دون اعتبار ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها.
4- قضاة - قانون السلطة القضائية "المرتب الذي يعتد به في تسوية المعاش - ميقات التعادل".
تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة - أساس ذلك، نص المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 والفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق به - معاملة أي من شاغلي الوظائف القضائية المعنية بالنص المعاملة المقررة في المعاش لشاغلي الوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش، تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
5- قضاء "معاملة نائب رئيس محكمة النقض ونائب رئيس محكمة الاستئناف في المعاش - بيان هذه المعاملة - أساسها".
استحقاق نائب رئيس محكمة النقض عند بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهما المرتب وبدل التمثيل المقرران للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، واعتباره منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز يعادل من الناحية المالية مركز الوزير مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما أن يعامل معاملته في المعاش - واعتبار نائب رئيس الاستئناف في حكم درجة نائب الوزير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، ووحدة معاملتهما في المعاش - أساس ذلك، مبدأ المساواة أمام القانون.
6- هيئات قضائية "معاش رؤسائها" - مبدأ المساواة.
معاملة رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام ورؤساء مجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض في المعاش، أساسها، تحقيق المساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
7- معاش "معاش الأجر الأساسي - معاش الأجر المتغير".
مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير - استحقاق المؤمن عليه معاملته في معاش الأجر الأساسي معاملة الوزير أو نائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، يسري أيضاً على معاش الأجر المتغير.
8- قضاة "معاش" - المادة (31) من القانون رقم 79 لسنة 1975.
التعادل في تطبيق المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي - اعتبار نائب رئيس الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة في حكم درجة نائب الوزير ووحدة معاملتهما في المعاش عن الأجر الأساسي والمتغير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، واعتبار نائب رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة الاستئناف - غير رئيس محكمة استئناف القاهرة - والنائب العام المساعد في حكم درجة الوزير ومعاملتهم معاملته في المعاش عن الأجر الأساسي والمتغير منذ بلوغ أيهم المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية.
9- هيئات قضائية "معاش" - مبدأ المساواة.
مبدأ المساواة بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة وبين شاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى، أصل ثابت ينتظم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية في المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى والمعاشات، أكدته الإحالة في قوانينها إلى قانون السلطة القضائية - لا إخلال بما نص عليه في قانون المحكمة الدستورية العليا لأعضائها من أحكام خاصة.

---------------
1، 2- البين من تقصي قوانين السلطة القضائية المتتالية بدءاً بقانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 أن جدول المرتبات الملحق به كفل لكبار رجال القضاء معاملة خاصة في المعاش، فنص على معاملة رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش وأن يعامل كل من "نواب رئيس محكمة النقض"، (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة لشاغلي تلك الوظائف القضائية الكبرى عند تعديله لجداول المرتبات المشار إليه بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 فأعاد النص عليها في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون أيضاً، كما أكد ذلك مرة ثالثة في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965، فبعد أن حدد في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون الربط المالي لنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف...... والربط المالي لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامي العام الأول، قضى بأن يعامل كل من هؤلاء جميعاً "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، الأمر الذي يدل بوضوح - إزاء تكرار النص على هذه الميزة في المعاملة التقاعدية لشاغلي المناصب القضائية الكبرى - على قصد الشارع اعتبراها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء والاتجاه دائماً إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها في أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد ومواكبة لسائر النظم القضائية في دول العالم، فلا يتصور وقد خلت نصوص قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى هذه الميزة أن يكون المشرع قد رأى ضمناً إلغائها، وذلك أنها وقد أصبحت بإطراد النص عليها في قانوني السلطة القضائية السابقين دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء، فإنه لا يجوز حرمانهم منها لما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة، وهو ما يتعارض مع ما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقانون الحالي من أن من بين ما استهدفه هذا القانون "توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم والسعي بالنظام القضائي نحو الكمال"، يؤيد ذلك أن قانون السلطة القضائية القائم صدر في ظل قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 الذي أوجب عدم تجاوز المعاش حداً أقصى حددته المادة (21) منه بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة", وحداً آخر بالنسبة "لنواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، مما يستفاد منه أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير وفقاً للمادة (22) من القانون المشار إليه لا تسري فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسري كذلك على من يتقاضون مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أي من هو في حكم درجته، وبالتالي لم يكن قانون السلطة القضائية الحالي في حاجة إلى تكرار النص من جديد على تلك الميزة التي أصبحت بإطراد النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء، تدخل ضمن ما عناه المشرع في القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي القائم بالنص في الفقرة الأولى من المادة (4) من قانون الإصدار على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة" مما مفاده أن معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي واستمر العمل بها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة (4) من قانون إصداره.
3، 4- البين من الاطلاع على قوانين التأمينات والمعاشات - التي صدر في ظلها قانوناً السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 - أن المشرع عندما أراد أن يحدد الأساس الذي يقوم عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين الوظائف الأخرى التي يفيد شاغلوها من الحد الأقصى للمعاش المقرر لكل من الوزراء ونواب الوزراء، قد أرسى هذا الأساس في قاعدة عامة منضبطة تعتد بالتماثل بين مرتب الوزير أو نائب الوزير والمرتب الذي يتقاضاه شاغلوا الوظائف الأخرى، وقد ورد النص على هذه القاعدة في المادة (24) من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات، التي أوجبت ألا يجاوز المعاش حداً أقصى حددته بالنسبة لكل من "الوزراء ونواب الوزراء، ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه القاعدة في المادة (29) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1960، كما أكد النص عليها مرة ثالثة من المادة (21) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 التي حددت للمعاش حداً أقصى بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وحداً آخر بالنسبة إلى "نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة". وبذلك يكون المشرع التأميني قد أفصح عن قصده في تحديد الأساس الذي يجرى عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، وكان قصده في ذلك واضحاً وصريحاً في الاعتداد بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين هذه الوظائف في تطبيق أحكام قوانين المعاشات، ومن ثم يجرى التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون الاعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها، ويؤيد ذلك أن المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي تنص على تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة "على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له.......". مما مؤداه تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 والتي تقضي باستحقاق "العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى....". لما كان ذلك وكانت الميزة المقررة لرجال القضاء تقضي بمعاملة كل من "نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف الأخرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، كما تقضي بمعاملة كل من نواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وكان التعادل بين هذه الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش يجري على أساس ما يتقاضاه شاغلوا الوظائف القضائية من مرتبات مماثلة، ومن ثم فإن معاملة أي من هؤلاء المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف الأخرى من حيث المعاش تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
5، 6- لما كانت وظائف رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام من بين الوظائف التي ينطبق عليها النص في المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1988 بتحديد مرتبات شاغلي بعض الوظائف على أن "يمنح مرتباً مقداره 4800 جنيه سنوياً وبدل تمثيل مقداره 4200 جنيه سنوياً، كل من يشغل وظيفة كان مدرجاً لها في الموازنة العامة للدولة في أول يوليه سنة 1987 الربط الثابت وبدل التمثيل المقررين للوزير"، فإن ما قرره بشأن هذه الوظائف لا يعدو أن يكون تعديلاً جزئياً لجدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية بزيادة المرتب وبدل التمثيل المقررين لها إلى المقدار المحدد بنص المادة الأولى المشار إليه، وإذ كانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لنائب رئيس محكمة النقض، ومن ثم وعملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإن نائب رئيس محكمة النقض الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهو ما قضت به محكمة النقض واستقر قضاؤها عليه. وإذ كان التعادل بين وظيفتي الوزير ونائب الوزير وبين الوظائف القضائية في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين المعادلة والمعادل بها، فإن وظيفة نائب رئيس - محكمة الاستئناف تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير من حيث المعاش طبقاً لأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير ويظل منذ هذا الحين في حكم درجته ما بقى شاغلاً لوظيفته بالغاً ما بلغ مرتبه فيها سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، لما كان ذلك وكان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض باعتبارها الوظيفة الأعلى مباشرة، وهما المرتب وبدل التمثيل المقررين للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز قانوني يماثل من الناحية المالية مركز الوزير ويعادله ويصير مستحقاً أن يعامل منذ هذا الحين معاملته من حيث المعاش، ومما يؤيد ذلك أن نائب رئيس محكمة النقض منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته واستحقاقه المخصصات المالية لرئيس محكمة النقض كاملة، يغدو في ذات المستوى المالي لدرجته، ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما في هذا الشأن أن يعاملا من حيث المعاش معاملة واحدة تحقيقاً للمساواة التي هدف إليها الشارع ولقيام التماثل في المرتب الذي يتحقق به التعادل بدرجة الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، وهو الأمر الذي حدا الشارع إلى النص في جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية على أن "يعامل رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العامة المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش" وكذلك النص في جداول المرتبات الملحقة بقانون مجلس الدولة وقانون هيئة النيابة الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة على أن يعامل رؤساء الهيئات القضائية الثلاث المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش، وذلك تحقيقاً للمساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
7، 8- مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير، فإذا استحق المؤمن عليه معاملته من حيث الأجر الأساسي المعاملة المقررة للوزير أو لنائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، فإن هذه المعاملة تسري أيضاً على المعاش المستحق عن الأجر المتغير، وهو ما أكده الشارع في المادة الثانية عشرة من القانون رقم 47 لسنة 1984 - لدى تنظيمه لبعض أحكام الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير - حين نص على سريان ما جاء في القوانين الخاصة من أحكام بشأن معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) المشار إليها. وعلى مقتضى ما تقدم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة، يعتبر في حكم درجة نائب وزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغ مرتبه المرتب المقرر لنائب الوزير سواء حصل عليه في حدود مربوط وظيفته أو في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإذا رقى رئيساً لإحدى محاكم الاستئناف الأخرى - غير رئيس محكمة استئناف القاهرة - أو عين في إحدى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة لها - وهي نواب رئيس محكمة النقض والنواب العامين المساعدين - اعتبر في حكم درجة الوزير وعومل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير - وهي المعاملة التأمينية المقررة لرئيس محكمة النقض - وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من القواعد المشار إليها وذلك تطبيقاً لقاعدة التماثل في المرتب التي تعتبر أساساً للتعادل بدرجة الوزير من حيث المعاش.
9- إن المشرع قد أطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات والمعاشات على حد سواء، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية - في المزايا والحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض وهم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المالي، وكذلك ما نصت عليه المادة (122) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أن "تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون...... وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة"، وما أكدته المادة (38) مكرراً من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - بالنص على أن "يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات....... والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة". وكذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وهذه النصوص واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وبين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة سواء في المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات وبدلات ومزايا أخرى أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، وذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجري حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى. ومن ثم فإن ما يسري على نواب رؤساء محاكم الاستئناف ومن في درجتهم من أعضاء النيابة العامة يسري كذلك على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وما ينطبق على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم من رجال القضاء والنيابة العامة ينطبق أيضاً على شاغلي الوظائف المقابلة بالهيئات القضائية المذكورة، وهم أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونواب رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس هيئة النيابة الإدارية ونواب رئيس هيئة قضايا الدولة، وذلك فيما يتعلق بالمعاشات وبنظامها بحيث يعامل كل من أعضاء الهيئات القضائية المشار إليها من حيث المعاش ذات المعاملة المستحقة لقرينه من شاغلي الوظائف القضائية المعادلة في قانون السلطة القضائية وذلك دون الإخلال بما هو مقرر لأعضاء المحكمة الدستورية العليا من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش ولو لم يبلغ المرتب المقرر لنائب الوزير حالياً متى بلغ مرتبه 2500 جنيه في السنة إعمالاً لما يقضي به البند (4) من قواعد جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الخاص بأعضاء المحكمة الملحق بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فإذا بلغ مرتب العضو المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض اعتبر في حكم درجة الوزير منذ بلوغ مرتبه هذا القدر وعومل معاملته من حيث المعاش شأنه في ذلك شأن باقي أعضاء الهيئات القضائية ممن يشغلون وظائف مماثلة.


الإجراءات

بتاريخ 25 سبتمبر سنة 1986 ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك بناء على طلب المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وبعد تحضر الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن المجلس الأعلى للهيئات القضائية طلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك لتحديد وظيفة عضو الهيئات القضائية المعادلة لدرجة نائب وزير والذي يعامل معاملته في المعاش وفقاً لنص المادة (31) سالفة الذكر وبيان ما إذا كان يتسع نطاقها ليشمل الوظيفة القضائية مع بلغ مرتب شاغلها ما يعادل مرتب نائب الوزير إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، وذلك تأسيساً على أن هذا النص قد أثار خلافاً في التطبيق بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض.
وحيث إن المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قررت معاملة خاصة من حيث المعاش لكل من الوزير ونائب الوزير. فنصت في فقرتها الأولى على أن: "يسوى معاش المؤمن عليه الذي شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه وذلك وفقاً للآتي:
(أولاً) يستحق الوزير معاشاً مقداره 150 جنيهاً شهري ونائب الوزير معاشاً مقداره 120 جنيهاً شهرياً في الحالات الآتية....."، وقد بينت الفقرات (1) و(2) و(3) من البند (أولاً) مدد الاشتراك في التأمين والمدد اللازم قضاؤها في أحد المنصبين أو فيهما معاً لاستحقاق المعاش المذكور، ونص البند (ثانياً) منها على أن "يسوى له المعاش عن مدة اشتراكه في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في البند (أولاً) ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يتجاوز مجموع المعاشين الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (20)"، ونص في البند (ثالثاً) على أنه "إذا لم تبلغ مدة الخدمة التي قضاها في هذين المنصبين أو أحدهما القدر المشار إليه بالبند (أولاً) استحق معاشاً يحسب وفقاً لمدة الاشتراك في التأمين على أساس آخر أجر تقاضاه، فإذا قل المعاش عن 25 جنيهاً شهرياً خير بين المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة".
وحيث إنه يبين من تقصي قوانين السلطة القضائية المتتالية بدءاً بقانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 أن جدول المرتبات الملحق به كفل لكبار رجال القضاء معاملة خاصة في المعاش، فنص على معاملة رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش وأن يعامل كل من "نواب رئيس محكمة النقض"، (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وعلى أن يعامل كل من "المحامي العام الأول" (وشاغلي الوظائف القضائية الأخرى المعادلة ) "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش" وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة لشاغلي تلك الوظائف القضائية الكبرى عند تعديله لجداول المرتبات المشار إليه بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 فأعاد النص عليها في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون أيضاً، كما أكد ذلك مرة ثالثة في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965، فبعد أن حدد في جدول المرتبات الملحق بهذا القانون الربط المالي لنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف...... والربط المالي لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامي العام الأول، قضى بأن يعامل كل من هؤلاء جميعاً "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، الأمر الذي يدل بوضوح - إزاء تكرار النص على هذه الميزة في المعاملة التقاعدية لشاغلي المناصب القضائية الكبرى - على قصد الشارع اعتبارها جزءاً من الكيان الوظيفي لرجال القضاء والاتجاه دائماً إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها في أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد ومواكبة لسائر النظم القضائية في دول العالم، فلا يتصور وقد خلت نصوص قانون السلطة القضائية الحالي الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 من الإشارة إلى هذه الميزة أن يكون المشرع قد رأى ضمناً إلغائها، ذلك أنها وقد أصبحت بإطراد النص عليها في قانوني السلطة القضائية السابقين دعامة أساسية في النظام الوظيفي لرجال القضاء فإنه لا يجوز حرمانهم منها لما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة، وهو ما يتعارض مع ما أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية للقانون الحالي من أن من بين ما استهدفه هذا القانون "توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم وسعى بالنظام القضائي نحو الكمال"، يؤيد ذلك أن قانون السلطة القضائية القائم صدر في ظل قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 الذي أوجب عدم تجاوز المعاش حداً أقصى حددته المادة 21 منه بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة", وحداً آخر بالنسبة "لنواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، مما يستفاد منه أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير وفقاً للمادة (22) من القانون المشار إليه لا تسري فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسري كذلك على من يتقاضون مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أي من هو في حكم درجته، وبالتالي لم يكن قانون السلطة القضائية الحالي في حاجة إلى تكرار النص من جديد على تلك الميزة التي أصبحت بإطراد النص عليها في القوانين السابقة أصلاً ثابتاً في النظام الوظيفي لرجال القضاء، تدخل ضمن ما عناه المشرع في القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي القائم بالنص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون الإصدار على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة" مما مفاده أن معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدور قانون التأمين الاجتماعي الحالي واستمر العمل بها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره.
وحيث إن الخلاف القائم بشأن تحديد الوظيفة القضائية المعادلة لدرجة نائب الوزير في تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتحديد الميقات الذي يتحقق فيه لشاغل الوظيفة هذا التعادل، إنما يدور في الحقيقة حول المعيار الذي يجرى على أساسه التعادل بين الوظيفتين.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على قوانين التأمينات والمعاشات - التي صدر في ظلها قانوناً السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 أن المشرع عندما أراد أن يحدد الأساس الذي يقوم عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين الوظائف الأخرى التي يفيد شاغلوها من الحد الأقصى للمعاش المقرر لكل من الوزراء ونواب الوزراء، قد أرسى هذا الأساس في قاعدة عامة منضبطة تعتد بالتماثل بين مرتب الوزير أو نائب الوزير والمرتب الذي يتقاضاه شاغلوا الوظائف الأخرى، وقد ورد النص على هذه القاعدة في المادة (24) من القرار بقانون رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق التأمين والمعاشات، التي أوجبت ألا يجاوز المعاش حداً أقصى حددته بالنسبة لكل من "الوزراء ونواب الوزراء، ومن يتقاضون مرتبات مماثلة"، وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه القاعدة في المادة (29) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1960 كما أكد النص عليها مرة ثالثة في المادة (21) من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 التي حددت للمعاش حداً أقصى بالنسبة "للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وحداً آخر بالنسبة إلى "نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة". وبذلك يكون المشرع التأميني قد أفصح عن قصده في تحديد الأساس الذي يجرى عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء والوظائف الأخرى، وكان قصده في ذلك واضحاً وصريحاً في الاعتداد بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين هذه الوظائف في تطبيق أحكام قوانين المعاشات، على اعتبار أن معيار المرتب المتماثل هو المعيار الأعدل الذي يحقق المساواة في المعاملة من حيث المعاش بين ما يتقاضون مرتبات متماثلة، وقد أطرد النص على هذه القاعدة في قوانين التأمين والمعاشات السابقة حتى غدت أمرا مسلماً وحكماً مقرراً لم يعد في حاجة إلى النص عليه وتوكيده، واستمرت قائمة ومنفذة وصدر في ظلها قانونا السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 اللذان كفلا لكبار رجال القضاء معاملة "كل منهم معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وإذا صح أن هذه العبارة قد جاءت في ظاهرها غير قاطعة الدلالة في تحديدها لأساس التعادل بين الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش، فقد وجب استجلاء معناها وتحديده وضبطه بمفهومه الذي وضح واستقر النص عليه في قوانين التأمين والمعاشات التي كانت قائمة معمولاً بها وقتذاك باعتبارها القوانين المنظمة لقواعد المعاشات التي أحال إليها النص الخاص بمعاملة رجال القضاء، وذلك تحقيقاً للتناسق والتوافق بين النصوص القانونية المتعلقة بموضوع واحد وتجنباً لأي تعارض يثور بينها في مجال التطبيق. وإذا كانت معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية التي حددها النص "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدر قانون التأمين الاجتماعي الحالي بالقانون رقم 79 لسنة 1975 واستمر العمل بها طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره على ما سلف البيان، فقد لزم إعمال التعادل وفقاً لحكمها بمفهومه الذي ثبت واستقر في قوانين المعاشات التي تقررت تلك الميزة في ظلها ما دام أن قانون التأمين الاجتماعي القائم لم يتضمن حكماً مغايراً، ومن ثم يجرى التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون اعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها، ويؤيد ذلك أن المادة (70) من قانون السلطة القضائية الحالي تنص على تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة "على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له......." مما مؤداه تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 والتي تقضي باستحقاق "العضو الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها العلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة......" لما كان ذلك وكانت الميزة المقررة لرجال القضاء تقضي بمعاملة كل من "نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف الأخرى معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، كما تقضي بمعاملة كل من نواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامين العامين الأول "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش"، وكان التعادل بين هذه الوظائف القضائية والوظائف الأخرى التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة في المعاش يجرى على أساس ما يتقاضاه شاغلوا الوظائف القضائية من مرتبات مماثلة، ومن ثم فإن معاملة أي من هؤلاء المعاملة المقررة لشاغلي الوظائف الأخرى من حيث المعاش تكون منذ بلوغه مرتباً مماثلاً للمرتب المقرر للوظيفة المعادلة.
وحيث إنه باستعراض تطور المرتب المقرر لنائب الوزير مقارناً بما طرأ من تطور كذلك في المرتب المقرر لكل من نائب رئيس محكمة الاستئناف ونائب رئيس محكمة النقض لبيان مدى تعادل أي من هاتين الوظيفتين مع درجة نائب الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، يبين أن الدرجة المالية لنائب الوزير ذات مربوط ثابت بداً بمبلغ 2000 جنيه سنوياً طبقاً للقانون رقم 223 لسنة 1953 زيد بالقوانين أرقام 134 لسنة 1980 و114 لسنة 1981 و31 لسنة 1983 إلى أن بلغ 2678 جنيهاً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 وأما عن المرتب المقرر لنائب رئيس محكمة الاستئناف منذ العمل بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959، فقد تقرر في هذا القانون لوظيفة المحامي العام الأول (المقابلة لها) درجة مالية ذات مربوط ثابت مقداره 1800 جنيه سنوياً، زيد إلى 1900 جنيه بالقانون رقم 43 لسنة 1965 وظل لها هذا المربوط في القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، ثم أصبح مربوطها متدرجاً ذا بداية ونهاية من 1900 إلى 2000 جنيه طبقاً للقانون رقم 17 لسنة 1976 زيد بالقوانين أرقام 54 لسنة 1978 و143 لسنة 1980 و114 لسنة 1981 و32 لسنة 1983 إلى أن بلغ مربوطها المالي من 2180 إلى 2493 جنيهاً بمقتضى القانون رقم 53 لسنة 1984. وإعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976، أصبح نائب رئيس محكمة الاستئناف - منذ العمل بهذا القانون عندما يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، مستحقاً التدرج بالعلاوة المقررة للوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها بشرط ألا يجاوز مرتبه نهاية مربوط الوظيفة الأعلى. أما عن المرتب المقرر لهذه الوظيفة الأعلى - المقابلة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض - فقد تقرر لها في القوانين أرقام 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965 و46 لسنة 1972 درجة مالية ذات مربوط ثابت مقداره 2000 جنيه سنوياً، ثم أصبح مربوطها متدرجاً ذا بداية ونهاية من 2200 إلى 2500 جنيه سنوياً بمقتضى القانون رقم 17 لسنة 1976 زيد بالقانونين رقمي 114 لسنة 1981 و32 لسنة 1983 إلى أن بلغ مربوطها المالي من 2380 إلى 2868 جنيهاً بالقانون رقم 53 لسنة 1984 إلى أن صدر القانون رقم 57 لسنة 1988 بتحديد مرتبات شاغلي بعض الوظائف ناصاً في مادته الأولى على أن "يمنح مرتباً مقداره 4800 جنيه سنوياً وبدل تمثيل مقداره 4200 جنيه سنوياً كل من يشغل وظيفة كان مدرجاً لها في الموازنة العامة للدولة في أول يوليه سنة 1987 الربط الثابت وبدل التمثيل المقررين للوزير......". ولما كانت وظائف رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام من بين الوظائف التي ينطبق عليها نص المادة الأولى من هذا القانون، فإن ما قرره بشأن هذه الوظائف لا يعدو أن يكون تعديلاً جزئياً لجدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية بزيادة المرتب وبدل التمثيل المقررين لها إلى المقدار المحدد بنص المادة الأولى المشار إليه، وإذ كانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لنائب رئيس محكمة النقض، ومن ثم وعملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإن نائب رئيس محكمة النقض الذي يبلغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض، وهو ما قضت به محكمة النقض واستقر قضاؤها عليه. وإذ كان التعادل بين وظيفتي الوزير ونائب الوزير وبين الوظائف القضائية في مجال تطبيق قواعد المعاشات يقوم على أساس التماثل في المرتب الذي يتقاضاه كل من شاغلي الوظيفتين المعادلة والمعادل بها، فإن وظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف تعتبر في حكم درجة نائب الوزير ويعامل شاغلها معاملة نائب الوزير من حيث المعاش طبقاً لأحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي منذ بلوغه مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير ويظل منذ هذا الحين في حكم درجته ما بقى شاغلاً لوظيفته بالغاً ما بلغ مرتبه فيها سواء حصل على هذا المرتب في حدود مربوط الوظيفة التي يشغلها أو بسبب حصوله على مرتب الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية.
وحيث إنه لما كانت المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه قد تناول نصها بالتنظيم المعاملة التأمينية لكل من الوزير ونائب الوزير، وفيما عدا مقدار المعاش المحدد جزافاً لكل من الوزير ونائب الوزير، فقد أجرى النص على من شغل أحد المنصبين أو كليهما أحكاماً واحدة سواء في تحديد مدة الاشتراك الكلية في التأمين أو الحد الأدنى للمدة التي قضيت في أحد المنصبين أو فيهما معاً أو في كيفية تسوية المعاش عن مدة الاشتراك في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في البند (أولاً) من المادة المذكورة أو في مقدار الحد الأقصى للمعاش، بما مؤداه ارتباط فقرات هذه المادة ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة في مجال تطبيقها على من سبق أن تقلد أحد المنصبين أو شغل الوظائف القضائية المعادلة لهما، الأمر الذي يقتضي تبعاً لهذا الارتباط أن يكون تفسير نص المادة (31) سالفة الذكر شاملاً لبيان الوظائف القضائية المعادلة لكل من درجة الوزير ونائب الوزير من حيث المعاملة في المعاش ضماناً لوحدة تطبيقها على نحو تتحقق معه المساواة أمام القانون بين كافة أعضاء الهيئات القضائية الذين تسري عليهم أحكامها. لما كان ذلك وكانت المادة المذكورة - في بيانها للحدود الدنيا للمدد الواجب قضاؤها في الخدمة كوزير أو نائب وزير، لمعاملته المعاملة الخاصة في المعاش - قد أجازت قضاء هذه المدد في أحد المنصبين أو فيهما معاً، وكان هذا الحكم واجب التطبيق على شاغلي الوظائف القضائية المعادلة لهذين المنصبين إعمالاً للميزة المقررة لرجال القضاء ومن ثم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف إذا ما رقى إلى وظيفة قضائية أعلى وتقاضي فيها مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير، وجب عند حساب المدد المشار إليها الاعتداد بالمدة التي قضاها في هذه الوظيفة الأعلى بالإضافة إلى المدة التي قضاها في الوظيفة السابقة باعتبارها في حكم درجة نائب الوزير منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، وإذ كانت وظيفة رؤساء محاكم الاستئناف الأخرى المقابلة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لوظيفة نائب رئيس محكمة الاستئناف، وكانت وظيفة نائب رئيس محكمة النقض وغيرها من الوظائف القضائية المعادلة لها قد تحدد مستواها المالي بصدور القانون رقم 57 لسنة 1988 الذي ترتب عليه تعديل المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام إلى المقدار المحدد للوزير بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1987، لما كان ذلك وكانت وظيفة رئيس محكمة النقض هي الوظيفة الأعلى مباشرة لوظيفة نائب رئيس محكمة النقض، فإن شاغل هذه الوظيفة عند بلوغ مرتبه نهاية مربوطها، يكون مستحقاً المرتب وبدل التمثيل المقررين لرئيس محكمة النقض عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، ويصبح في مستواه المالي منذ بلوغ مرتبه هذا القدر ومن ثم يعتبر في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش. ولا يغير من ذلك أن قانون السلطة القضائية الحالي لم يخص بالمعاملة المقررة للوزير من حيث المعاش سوى رئيس محكمة النقض، وكذلك رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام اللذين عوملا المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش طبقاً لما نص عليه جدول المرتبات المحلق بالقانون المشار إليه، ذلك أن هذا القانون وإن خلا من النص على سريان تلك المعاملة الخاصة على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم فإنه لم ينص كذلك على حرمانهم منها، وإذ كانت الميزة المقررة لهم تقضي بمعاملة كل من هؤلاء من حيث المعاش معاملة من هو في حكم درجته أي من يتقاضي مرتباً مماثلاً لمرتبه، ومن ثم فكلما تحقق التماثل في المرتب بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش، حق لشاغل الوظيفة القضائية أن يعامل ذات المعاملة المقررة للوظيفة المعادلة على النحو السالف بيانه. لما كان ذلك وكان بلوغ نائب رئيس محكمة النقض نهاية مربوط وظيفته موجباً لاستحقاقه المرتب وبدل التمثيل المقررين لوظيفة رئيس محكمة النقض باعتبارها الوظيفة الأعلى مباشرة، وهما المرتب وبدل التمثيل المقررين للوزير طبقاً للقانون رقم 100 لسنة 1987، فإنه يعتبر منذ بلوغ مرتبه هذا القدر في مركز قانوني يماثل من الناحية المالية مركز الوزير ويعادله ويصير مستحقاً أن يعامل منذ هذا الحين معاملته من حيث المعاش. ومما يؤيد ذلك أن ما استحدثه الشارع في القانون رقم 17 لسنة 1976 - وتواصل النص عليه في القوانين المتعاقبة - بتقريره قاعدة تخول لعضوية الهيئة القضائية عند بلوغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي يشغلها، حقاً مالياً أقصاه مرتب وبدلات الوظيفة الأعلى مباشرة ولو لم يرق إليها، وقد استهدف التيسير على القدامى من رجال القضاء وعدم تجميد المخصصات المالية للوظائف القضائية - في حالة عدم الترقي - عند حد نهاية الربط المالي المقرر لها تأميناً للقضاة في حاضرهم ومستقبلهم، خاصة وأن فرص الترقي إلى الوظائف القضائية العليا محدودة مما رئي معه تقرير تلك القاعدة التي يؤدي تطبيقها إلى بلوغ مرتب وبدلات العضو حد المساواة بما هو مقرر من هذه المخصصات المالية للوظيفة الأعلى مباشرة وذلك حتى لا يضار العضو فيحرم من مزايا كانت تدركه لو أنه رقى إلى هذه الوظيفة الأعلى. ولما كان نائب رئيس محكمة النقض منذ بلوغ مرتبه نهاية مربوط وظيفته واستحقاقه المخصصات المالية لرئيس محكمة النقض كاملة، يغدو بذلك في ذات المستوى المالي لدرجته ويتساوى معه تماماً في المعاملة المالية، مما يستتبع إنفاذاً للتسوية بينهما في هذا الشأن أن يعاملا من حيث المعاش معاملة واحدة تحقيقاً للمساواة التي هدف إليها الشارع ولقيام التماثل في المرتب الذي يتحقق به التعادل بدرجة الوزير في مجال تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، وهو الأمر الذي حدا الشارع إلى النص في جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية على أن "يعامل رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش" وكذلك النص في جداول المرتبات الملحقة بقانون مجلس الدولة وقانون هيئة النيابة الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة على أن يعامل رؤساء الهيئات القضائية الثلاث المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش، وذلك تحقيقاً للمساواة في المعاملة التقاعدية بين من تماثلت مرتباتهم من أعضاء الهيئات القضائية.
وحيث إن المادة (18) مكرراً من قانون التأمين الاجتماعي سالف الذكر - المضافة بالقانون رقم 47 لسنة 1984 - تنص على أن "يستحق المعاش عن الأجر المتغير أياً كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن هذا الأجر وذلك متى توافرت في شأنه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي......." كما تنص المادة الثانية عشرة من القانون الأخير - بعد تعديلها بالقانون رقم 107 لسنة 1987 - على أن "تحسب الحقوق المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 عن كل من الأجر الأساسي والأجر المتغير قائمة بذاتها وذلك مع مراعاة الآتي: 1)....... 2)........ 3)........ 4) يجمع المؤمن عليه أو صاحب المعاش بين المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير بدون حدود وذلك باستثناء الحالات التي تكون تسوية المعاش فيها وفقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه أفضل للؤمن عليه، فيكون الجمع بين معاش الأجر الأساسي ومعاش الأجر المتغير بما لا يجاوز مجموع هذين الأجرين. 5)...... 6)....... 7) لا تسري الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير وذلك باستثناء ما جاء في هذه القوانين من معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه........ وفي تطبيق المادة المشار إليها يراعى ما يأتي: ( أ )........ (ب) يستحق المعاش عن الأجر المتغير بالقدر المنصوص عليه في البند أولاً من المادة المشار إليها طالما توافرت شروط هذا البند في شأن معاش الأجر الأساسي وذلك أياً كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن الأجر المتغير...." مما مفاده أن مناط استحقاق معاش الأجر المتغير أن يكون المؤمن عليه قد توافرت فيه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي أياً كانت مدة اشتراكه في التأمين عن الأجر المتغير، فإذا استحق المؤمن عليه معاملته من حيث معاش الأجر الأساسي المعاملة المقررة للوزير أو لنائب الوزير طبقاً لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي، فإن هذه المعاملة تسري أيضاً على المعاش المستحق عن الأجر المتغير، وهو ما أكده الشارع في المادة الثانية عشرة سالفة الذكر - لدى تنظيمه لبعض أحكام الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير حين نص على سريان ما جاء في القوانين الخاصة من أحكام بشأن معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليها.
وحيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء النيابة العامة، يعتبر في حكم درجة نائب وزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغ مرتبه المرتب المقرر لنائب الوزير سواء حصل عليه في حدود مربوط وظيفته أو في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة عملاً بنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية، فإذا رقى رئيساً لإحدى محاكم الاستئناف الأخرى أو عين في إحدى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة لها - وهي نواب رئيس محكمة النقض والنواب العامين المساعدين - اعتبر في حكم درجة الوزير وعومل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير - وهي المعاملة التأمينية المقررة لرئيس محكمة النقض - وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من القواعد المشار إليها وذلك تطبيقاً لقاعدة التماثل في المرتب التي تعتبر أساساً للتعادل بدرجة الوزير من حيث المعاش.
وحيث إن المشرع أطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً ينتظم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات والمعاشات على حد سواء، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقاً لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية - في المزايا والحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض وهم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المالي، وكذلك ما نصت عليه المادة (122) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 من أن "تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون........ وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة"، وما أكدته المادة (38) مكرراً من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - بالنص على أن "يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات....... والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة". وكذلك ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة من أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء هيئة قضايا الدولة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية". وهذه النصوص واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وبين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة سواء في المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات وبدلات ومزايا أخرى أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، وذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجرى حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى. ومن ثم فإن ما يسري على نواب رؤساء محاكم الاستئناف ومن في درجتهم من أعضاء النيابة العامة يسري كذلك على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وما ينطبق على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم من رجال القضاء والنيابة العامة ينطبق أيضاً على شاغلي الوظائف المقابلة بالهيئات القضائية المذكورة، وهم أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونواب رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس هيئة النيابة الإدارية ونواب رئيس هيئة قضايا الدولة، وذلك فيما يتعلق بالمعاشات وبنظامها بحيث يعامل كل من أعضاء الهيئات القضائية المشار إليها من حيث المعاش ذات المعاملة المستحقة لقرينه من شاغلي الوظائف القضائية المعادلة في قانون السلطة القضائية وذلك دون الإخلال بما هو مقرر لأعضاء المحكمة الدستورية العليا من بدء معاملة كل منهم معاملة نائب الوزير من حيث المعاش ولو لم يبلغ المرتب المقرر لنائب الوزير حالياً متى بلغ مرتبه 2500 جنيه في السنة إعمالاً لما يقضي به البند (4) من قواعد جدول الوظائف والمرتبات والبدلات الخاص بأعضاء المحكمة الملحق بقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فإذا بلغ مرتب العضو المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض اعتبر في حكم درجة الوزير منذ بلوغ مرتبه هذا القدر وعومل معاملته من حيث المعاش شأنه في ذلك شأن باقي أعضاء الهيئات القضائية ممن يشغلون وظائف مماثلة.

لهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على نص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والمادة (31) من هذا القانون.
ونظراً لارتباط فقرات المادة (31) من القانون المشار إليه ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة في مجال تطبيقها على من سبق أن تقلد منصبي وزير ونائب وزير أو شغل الوظائف القضائية المعادلة لهما، وذلك وفق ما تقدم من هذه الأسباب.
قررت المحكمة
"في تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض، كما يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية".

الأحد، 24 مارس 2024

الطعن رقم 75 لسنة 41 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 9 / 3 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مارس سنة 2024م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 75 لسنة 41 قضائية دستورية

المقامة من
هاني محمد أبو شادي السبيعي
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزيــر العــدل
4- النائب العــام
5- رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب
6- رئيس مجلس النواب

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثالث من نوفمبر سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 2018.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح البرلس، في الجنحة رقم 2127 لسنة 2019؛ لأنه في يوم 16/12/2018، أقام أعمال بناء على الأرض الزراعية على النحو المبين بالأوراق، وطلبت عقابه بالمادتين (152 و156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المضافتين بالقانون رقم 116 لسنة 1983، المعدل بالقانونين رقمي 2 لسنة 1985 و7 لسنة 2018. وبجلسة 30/4/2019، قضت تلك المحكمة حضوريًّا بتوكيل، بحبس المدعي سنتين، وتغريمه مائة ألف جنيه، والإزالة على نفقته. لم يرتض المدعي هذا الحكم؛ فطعن عليه أمام محكمة جنح مستأنف كفر الشيخ، مأمورية البرلس، بالاستئناف رقم 2310 لسنة 2019. وبجلسة 1/7/2019، قضت المحكمة بسقوط الحق في الاستئناف؛ فأقام المدعي معارضة استئنافية أمام المحكمة ذاتها، ودفع بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (156) من قانون الزراعة المار ذكره، المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 2018، فصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية عن المادتين (152 و156) من ذلك القانون؛ فأقام المدعي الدعوى المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها جديته، وصرحت برفع الدعوى الدستورية بشأنه، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة بصحيفة الدعوى الدستورية، أو يتعدى نطاقها. متي كان ذلك، وكان المدعي قد قصر دفعه بعدم الدستورية الذي أبداه أمام محكمة الموضوع، وكذا طلباته الختامية بصحيفة الدعوى الدستورية المعروضة على نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (156) من قانون الزراعة المار ذكره، فإن ما يجاوز هذا النطاق مما اشتمل عليه تصريح محكمة الموضوع، لا يكون مطروحًا على هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إن نص المادة (156) من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، المضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983، المستبدل فقرتاها الأولى والثالثة بالقانون رقم 7 لسنة 2018، وقبل استبدال النص ذاته بالقانون رقم 164 لسنة 2022، يجري على أنه:
فقرة أولى: يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (152) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات.
فقرة ثالثة: ولوزير الزراعة قبل الحكم في الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، المطروحة أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان النزاع المطروح على تلك المحكمة يدور حول ارتكاب المدعي جريمة إقامة بناء على أرض زراعية، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد قيام وزير الزراعة بوقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف، طبقًا للفقرة الثالثة من النص المطعون فيه، وكان نص هذه الفقرة لا يتعلق بالاتهام الجنائي المنسوب إلى المدعي؛ ومن ثم فإن الخصومة الدستورية في الدعوى المطروحة لا تشملها، مما يكون معه الحكم بعدم قبول الدعوى - في هذا الشق منها- متعينًا.
وحيث إن المدعي مواجه في الاتهام المسند إليه بالعقوبات المرصودة بنص الفقرة الأولى من المادة (156) المطعون فيها، لارتكابه الجريمة المنصوص عليها في المادة (152) من القانون ذاته؛ ومن ثم يكون للفصل في دستورية هذه الفقرة أثر مباشر وانعكاس أكيد على قضاء محكمة الموضوع في الدعوى الموضوعية، مما يقيم للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليها بعدم الدستورية.
ولا ينال من ذلك، إلغاء النص المطعون فيه بالقانون رقم 164 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه. ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لكل من القاعدتين القانونيتين؛ ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين - القديم والجديد - تخضع لحكمه، ولا استثناء من ذلك، إلا إذا تعلق الأمر بقانون جنائي جديد أصلح للمتهم، فإنه يكون هو الواجب التطبيق وحده دون غيره، طالما أن هذا الإلغاء لا يكشف عن عدول المشرع عن سياسته الجنائية والإجرائية. متى كان ذلك، وكان القانون رقم 164 لسنة 2022 قد شدد العقوبات المقررة للفعل ذاته، بأن رفع مقدار الغرامة في حدها الأدنى إلى خمسمائة ألف جنيه، وفي حدها الأقصى إلى عشرة ملايين جنيه، فإنه لا يعد بهذه المثابة قانونًا أصلح للمتهم، وتظل الواقعة المنسوبة إلى المدعي معاقبًا عليها بالنص المطعون فيه، قبل استبداله، وتباشر هذه المحكمة رقابتها على دستوريته، في هذا النطاق وحده.
وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه، مخالفته نصوص المواد (2 و8 و27 و29 و51 و54 و59 و78 و94 و95 و96 و97 ) من الدستور، قولًا منه إن العقوبة التي سنها المشرع بموجبه على فعل إقامة مبانٍ على أرض زراعية هي عقوبة مغلظة، لبلوغها حدًّا من الجسامة تفتقر معه إلى المعقولية والتناسب مع الفعل محل التأثيم، وأن هذه العقوبة تنتهك ضوابط المحاكمة المنصفة، ومبدأ خضوع الدولة للقانون، بالنظر لعدم مراعاة قواعد التفريد العقابي، ولإيقاع عقوبتين من جنس واحد على الفعل ذاته، بما ينطوي على افتئات على استقلال القضاء، ويفضي إلى إخلال الدولة بواجبها في توفير حياة كريمة للمواطنين، فضلًا عن تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية، لتقريره عقوبة جنائية على عمل مباح لا يجوز لولي الأمر الاجتهاد فيه.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لمبادئ الشريعة الإسلامية، فإن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن ما نص عليه دستور عام 1971 في مادته ‏الثانية - بعد تعديلها سنة 1980 - والذى رددته المادة (2) من دستور سنة 2014، من أن ‏مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على ‏السلطة التشريعية التزامه فيما يصدر عنها من تشريعات، بحيث لا يجوز أن تخالف ‏النصوص التشريعية الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، ‏باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعًا، ‏لكونها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة ‏التي لا تحتمل تأويلًا أو تبديلًا، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع ‏بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معًا؛ ذلك أنها خاضعة للاجتهاد وتنحصر دائرته فيها، وهي ‏بحكم طبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، بما يضمن مرونتها وحيويتها ومواجهتها ‏لما يستجد من نوازل، وبما يسمح بتنظيم شئون العباد على نحو يكفل مصالحهم المعتبرة ‏شرعًا، ولا يعطل، بالتالي، شئون معيشتهم. وتبعًا لذلك كان الاجتهاد سائغًا في المسائل ‏الاختلافية التي لا يجوز أن تكون أحكامها جامدة بما ينتقص من كمال الشريعة ‏ومرونتها، طالما كان واقعًا في إطار الأصول الكلية للشريعة ولا يجاوزها، ومستخلصًا عن ‏طريق الأدلة الشرعية، النقلية منها والعقلية، على نحو يكفل صدق المبادئ العامة للشريعة.‏
متى كان ما تقدم، وكانت مبادئ الشريعة الإسلامية - التي كفل الدستور رد النصوص التشريعية إليها لضمان توافقها معها - لا يناقضها التنظيم العقابي الذي أورده النص المطعون فيه، بل إنها تظاهره؛ اعتبارًا بأن لولي الأمر أن يتدخل لتنظيم الملكية إذا أساء الناس استخدام أموالهم، لكي يوجهه وجهة رشيدة، تحقيقًا لمصلحة الجماعة، ووفاءً باحتياجاتها، ودفعًا للضرر عنها، وهي مصالح مشروعة يستهدفها النص المطعون فيه، بما تضمنه من عقاب على مخالفة حظر إقامة مبانٍ - كقاعدة عامة - على الأرض الزراعية، بحسبانها تمثل أحد أهم الروافد الرئيسة للتنمية الشاملة، وكان رائد المشرع من تقرير هذا النص حماية النفس والمال، وهي من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، وهو اجتهاد من المشرع صادف مسألة لم يرد فيها نص قطعي الثبوت والدلالة؛ ومن ثم ينفتح فيها باب الاجتهاد أمام ولاة الأمور في العصور المختلفة؛ ليتحروا ما يلائم كل حال، تحقيقًا لمصالح العباد والبلاد، ويضحى النعي على هذا النص بمخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية فاقدًا سنده، حريًّا برفضه.
وحيث إن الدستور قد حفل بالزراعة، باعتبارها واحدة من المقومات الأساسية للاقتصاد الوطني، فألزم الدولة، بمقتضى نص المادة (29) منه، بحماية الرقعة الزراعية، وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، ضمانًا منها لحق كل مواطن في غذاء صحي وكافٍ، وكفالة للسيادة الغذائية بشكل مستدام، حفاظًا على حقوق الأجيال القادمة، على ما يجرى به نص المادة (79) من الدستور، لتشكل هذه الالتزامات الواقعة على عاتق الدولة، تنظيمًا متكاملًا تترابط به أحكام الدستور في وحدة عضوية متماسكة، ليغدو تجريم الاعتداء على الأرض الزراعية وتقرير العقوبة المكافئة له مقتضًى دستوريًّا، يلتزمه المشرع العادي، تحقيقًا للمصالح المحمية السالف بيانها.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقدر، نأيًــا بها عن أن تكون إيلامًا غير مبرر، يؤكد قسوتها في غير ضرورة، ذلك أن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين في تنظيم بعض العلائق التي يرتبط بها الأفراد فيما بين بعضهم البعض، أو من خلال مجتمعهم بقصد ضبطها، فإن القانون الجنائي يفارقها في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم ما يصدر عنهم من أفعال نهاهم عن ارتكابها، وهو بذلك يتغيا أن يُحدد - من منظور اجتماعي - ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، وأن يسيطر عليها بوسائل يكون قبولها اجتماعيًّا ممكنًا، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مبررًا إلا إذا كان مفيدًا من وجهة اجتماعية، فإن كان مجاوزًا تلك الحدود التي لا يكون معها ضروريًّا؛ غدا مخالفًا للدستور.
وحيث إن من المقرر - كذلك - في قضاء هذه المحكمة، أن العقوبة التخييرية، أو المراوحة في العقوبة بين حدين أدنى وأقصى، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازي بعقوبة أصلية أشد - عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة - أو إجازة استعمال الرأفة في مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل، عملًا بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقاف تنفيذ عقوبتي الغرامة والحبس الذى لا تزيد مدته على سنة، إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون، على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتساند القاضي إليها - بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، ومن ثم ففي الأحوال التي يمتنع فيها عليه إعمال إحدى هذه الأدوات، فإن الاختصاص الحصري بتفريد العقوبة المعقود للقاضي يكون قد استغلق عليه، بما يفتئت على استقلاله ويسلبه حريته في تقدير العقوبة، ويفقده جوهر وظيفته القضائية، وينطوي على تدخل محظور في شئون العدالة.
وحيث إنه عن النعي على العقوبة التي قررها النص المطعون فيه غلظتها وعدم تناسبها مع جسامة الجرم المرتكب، بما يفضي إلى الإخلال بضوابط المحاكمة المنصفة، والعدوان على استقلال القضاء، فإنه مردود بأن النص المطعون فيه قد صدر في إطار السلطة التقديرية للمشرع في تقدير العقوبة المكافئة للفعل المؤثم، مراعيًا في ذلك جسامته وخطورته على الرقعة الزراعية والأمن الغذائي للبلاد، على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 7 لسنة 2018، وكان النص المطعون فيه لم يناقض أصل البراءة، أو يفتئت على التزام سلطة الاتهام بإقامة الدليل على وقوع الفعل المؤثم، ونسبته إلى المتهم، ولم يخلّ بسلطة المحكمة عند ثبوت الاتهام، أن تراوح في العقوبة الموقعة بين حديها الأدنى والأقصى، وأن تأمر بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة إذا رأت من ظروف المحكوم عليه ما يستوجب ذلك، فإن النص المطعون فيه يكون قد استوى على مدارج الشرعية الدستورية، وانضبط بالضوابط المقررة للعقوبة الجنائية؛ ومن ثم يغدو النعي عليه متهافتًا، خليقًا برفضه.
وحيث إن النص المطعون فيه، لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور، فإن المحكمة تقضي برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.