الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 مايو 2020

الطعنان 286 لسنة 38 ق ، 5 لسنة 39 ق جلسة 23 / 2 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 93 ص 457

جلسة 23 من فبراير سنة 1975
برياسة السيد المستشار أمين فتح الله، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري، ومحمد كمال عباس.
----------------
(93)
الطعنان رقما 286 لسنة 38، 5 لسنة 39 القضائية
 (1)التماس إعادة النظر. حكم "حجية الحكم".
الغش الذي يبيح الالتماس. شرطه. أن يكون خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى. ما تناولته الخصومة. ليس سبباً للالتماس.
(2) عقد "دفع العربون". بيع.
دلالة دفع العربون. المرجع في بيانها لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني.
 (3)عقد "فسخ العقد". بيع. حكم "ما يعد قصوراً".
الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي. القضاء ضد البائع بالفسخ. إغفاله بيان أن البائع قد أخل بالتزاماته الناشئة عن عقد البيع. قصور.
----------------
1 - الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم أما ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار تسميته إقناع المحكمة ببرهان غشاً، إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق لكل خصم في كل دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر وليس ذلك من الغش في شيء.
2 - النص في الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك" يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول، إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص البندين.....، .... من عقد البيع - وقد جاء صريحاً في أن ما دفعه المشتريان هو "عربون" - والذي ينص أولهما على موعد محدد للتوقيع على العقد النهائي ويتضمن الثاني الشرط الفاسخ الصريح انتهى إلى أن نية المتعاقدين استقرت على أن يكون العقد باتاً - وهو استخلاص موضوعي سائغ - ثم رتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعنين البائعين بأن لهما الحق في خيار العدول فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 - إذ يدل نص المادة 157 من القانون المدني على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى أن المطعون عليهما - المشتريين - كانا معذورين في التأخير في إعداد مشروع العقد النهائي في الميعاد المحدد لذلك، ثم قضى بفسخ عقد البيع وبرد ما دفعه المشتريان من الثمن دون أن يبين ما إذا كان الطاعنان - البائعان - المقضي ضدهما بالفسخ، قد أخلا بالتزاماتهما الناشئة عن ذلك العقد إخلالاً يستوجب الفسخ فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن..... بصفته والسيدة...... أقاما الدعوى 1698 سنة 1966 القاهرة الابتدائية طلبا فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما السيدة..... والسيد...... بأن يدفعا لهما سبة آلاف جنيهاً والفائدة على نصف هذا المبلغ وذلك في مواجهة كل من..... و..... بصفته، وقالا بياناً للدعوى إنهما اشتريا في أول فبراير سنة 1965 من المدعى عليهما الأولين كامل أرض وبناء العقار المبين بالعقد بثمن قدره 23500 ج دفعاً منه 3500 ج وتم الاتفاق على أداء 15500 ج عند توقيع العقد النهائي على أن يتم في موعد غايته ثلاثة شهور وأنهما تقدما إلى الشهر العقاري في 6 فبراير سنة 1965 بطلب كشف تحديد المبيع وفي 24/ 4/ 1968 أنذرهما البائعان بإتمام إجراءات التسجيل حتى 3 مايو سنة 1965 وإلا اعتبرا ذلك عدولاً عن الشراء يسقط حق المشترين في استرداد العربون المدفوع واستطرد المدعيان إلى القول بأن البائعين تصرفا في العقار مرة أخرى ببيعه إلى المطلوب الحكم في مواجهتهما خلال شهر أكتوبر كما تم التوقيع منهما لهما على العقد النهائي في 5 ديسمبر سنة 1965 وهو ما يعتبر من البائعين عدولاً عن البيع يسمح لهما بطلب رد ضعف العربون المسمى في العقد وبتاريخ 19 مارس سنة 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن العدول عن البيع كان من المشترين. استأنف المدعيان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقد هذا الاستئناف برقم 816 سنة 84 ق وبتاريخ 6 إبريل سنة 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام البائعين برد مبلغ 3500 ج والفائدة. طعن البائعان في هذا الحكم بطريق الالتماس كما طعنا فيه بطريق النقض برقم 286 سنة 38 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها. ولما صدر الحكم في الالتماس بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1968 بإلغاء الحكم الاستئنافي وتأييد الحكم الابتدائي طعن فيه المشتريان بطريق النقض برقم 5 سنة 39 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن المحكمة ترى ضم الطعن الثاني رقم 5 لسنة 39 ق للطعن الأول رقم 286 سنة 38 ق.
عن الطعن رقم 5 لسنة 39 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه عول في قبوله التماس إعادة النظر من المطعون عليهما الأولين في الحكم الاستئنافي على قيام حالة من حالات الالتماس المقررة قانوناً وهي وقوع الغش من الطاعنين بحجبهم أوراقاً قاطعة في الدعوى تأسيساً على أن المشتريين أدخلا الغش على المحكمة الاستئنافية بما قرراه من أنهما تقدما إلى مصلحة الشهر العقاري بطلب كشف تحديد المبيع وأن تأخير إتمام العقد النهائي لا يرجع إلى فعلهما وإنما يرجع إلى إجراءات الشهر وقد أخذت المحكمة بهذا الدفاع وهو لا يمثل الحقيقة لأن المشتريين كانا قد تسلما مشروع عقد البيع النهائي من الشهر العقاري وأخفياه عن المحكمة فأدخلا عليها الغش فقضت لصالحهما وعول الحكم المطعون فيه في إثبات ذلك على ما ورد بالشهادتين الصادرتين من الشهر العقاري والمقدمتين منهما في الالتماس وتتضمن الأولى منهما أن مشروع عقد البيع أرسل إلى المشترين مختوماً بختم صالح للشهر في 30/ 11/ 1965 وقبل إتمام العقد النهائي المبرم مع المشترين الجدد - المطعون عليهما الثالث والرابع - في 5/ 12/ 1965 والذي أشهر في نفس اليوم على ما جاء بالشهادة الثانية واعتبر الحكم ذلك دليلاً على أن المشتريين - الطاعنين - قد عزفا عن إتمام الصفقة بعد أن أصبح العقد صالحاً للشهر وأخفيا مشروعه المؤشر عليه بذلك دون أن يشيرا إليه في دفاعهما أو يقدمانه إلى المحكمة وذهب الحكم إلى أن إخفاء مشروع عقد البيع النهائي يفيد عدم علم البائعين به حتى صدور الحكم الملتمس فيه، هذا في حين أن ما ثبت بالشهادة الأولى من إرسال العقد إلى الطاعنين في 30/ 11/ 1965 لا يقوم دليلاً على وصوله إليهما قبل 5/ 12/ 1965 فضلاً على أن الثابت بهذه الشهادة أن البائعين قدما في 6/ 11/ 1965 التماساً للشهر العقاري بشأن ثمن حصة القاصر وأن مصلحة الشهر أوقفت طلب التحديد لأن هذا الالتماس يجب أن يقدم من الولي على القاصر وهو المشتري لا من البائع وهو ما يدل على أن البائعين لم يكونا بمعزل عن إجراءات الشهر العقاري حتى 16/ 11/ 1965 وأنه حتى لو صح ما ساقه الحكم فإنه لا يقوم سبباً لقبول الالتماس لأنه متى كان في مقدور الملتمس إثبات هذه الوقائع أثناء نظر الخصومة الأصلية فإن عدم ظهورها لا يعتبر غشاً مما يقبل به الالتماس وقد دفع الطاعنان بعدم قبوله أمام محكمة الالتماس ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع وقبلت الالتماس وقضت في موضوعه مما يعيب حكمها بمخالفة القانون فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي صحيح ذلك أن الغش المبيح لالتماس إعادة النظر في الحكم الانتهائي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما كان خافياً على الخصم طيلة نظر الدعوى بحيث لم تتح له الفرصة لتقديم دفاعه فيه وتنوير حقيقته للمحكمة فتأثر به الحكم أما ما تناولته الخصومة وكان محل أخذ ورد بين طرفيها وعلى أساسه رجحت المحكمة قول خصم على آخر وحكمت له اقتناعاً منها ببرهانه فلا يجوز التماس إعادة النظر فيه تحت ستار تسميته إقناع المحكمة بالبرهان غشاً، إذ أن برهنة الخصم على دعواه بالحجج المعلومة لخصمه حق لكل خصم في كل دعوى ينفتح به باب الدفاع والتنوير للمحكمة أمام الخصم الآخر وليس ذلك من الغش في شيء، إذ كان ذلك. وكان الثابت من الشهادتين الصادرتين من مكتب الشهر العقاري والتي عول الحكم عليها في التدليل على قيام الغش تتضمن الأولى أن المشتريين تقدما بطلب عن العقار المبيع إلى الشهر العقاري في 6/ 2/ 1965 وأن الإجراءات التي اتخذتها مصلحة الشهر العقاري مع مصلحة المساحة انتهت في 28/ 10/ 1965 ثم أوقفت المتابعة في هذا الطلب في 30/ 10/ 1965 حتى يقدم الالتماس بشأن ثمن الحصة التي يشتريها القاصر، ولما أعيد السير في الطلب بتاريخ 6/ 11/ 1965 أوقفت مرة أخرى لما تبين من أن الالتماس قدمه البائع بينما يجب أن يقدم من المشتري شخصياً (الولي) ولما أعيد السير في الطلب مرة أخرى ختم صالحاً للشهر في 27/ 11/ 1965 وأرسل العقد لصاحب الشأن في 30/ 11/ 1965، كما يبين من الشهادة الثانية أن المشترين الجدد المطعون عليهما الثالث والرابع تقدما بطلب عن ذات العقار في 20/ 10/ 1965 وختم مقبولاً للشهر في 5/ 12/ 1965، لما كان ذلك، وكان البائعان قد تخلفا عن تقديم هاتين الشهادتين لمحكمة الموضوع أثناء سير الخصومة مع تمكنهما من ذلك كما فعلا أمام محكمة الالتماس دون تدخل من المشتريين، فضلاً على أن الثابت بالشهادتين أن هذين البائعين كانا على صلة بإجراءات الطلب المقدم إلى الشهر العقاري حتى 6/ 11/ 1965 وكانا قد تصرفا في ذات الوقت في العقار مرة ثانية إلى آخرين تقدما بطلبهما إلى الشهر العقاري في 20/ 10/ 1965 فإن ذلك يدل على أن كلاً من طرفي الخصومة كان قد أدلى بحجته أمام محكمة الاستئناف ورجحت المحكمة حجة المشتريين على حجة البائعين وكانت حجة المشترين معلومة للبائعين وغير خافية عليهما، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن عدم تقديم الطاعنين للمحكمة عقد البيع بعد ختمه صالحاً للشهر غشاً منهما يجيز للمطعون عليهما الطعن بالتماس إعادة النظر فإنه يكون لما سلف البيان قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - وإذ كان الالتماس قد بني على سبب واحد هو وقوع غش أثر في الحكم الملتمس فيه وكان الثابت على ما سلف البيان أن ما ساقه الملتمسان لا يكون غشاً مما يتطلبه القانون لقبول الالتماس فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الالتماس وتغريم الملتمسين أربعة جنيهات للخزانة.
عن الطعن رقم 286 سنة 38 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن عقد البيع موضوع الدعوى جاء صريحاً في أن ما دفعه المشتريان هو "عربون" وهو ما يفيد وفقاً لنص المادة 103 من القانون المدني أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عن التعاقد ولكن الحكم المطعون فيه انحرف عن هذه العبارة الواضحة في العقد وقرر بأن البيع بات لا يجيز العدول عنه مع أن المشتريين أقاما الدعوى برد العربون الذي دفعاه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 103 من القانون المدني على أن "دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك، يدل على أنه وإن كان لدفع العربون دلالة العدول إلا أن شروط التعاقد قد تقضي بغير ذلك والمرجع في بيان هذه الدلالة هو لما تستقر عليه نية المتعاقدين وإعطاء العربون حكمه القانوني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نص البندين الثامن والثاني عشر من عقد البيع والذي ينص أولهما على موعد محدد للتوقيع على العقد النهائي ويتضمن الثاني الشرط الفاسخ الصريح، انتهى إلى أن نية المتعاقدين استقرت على أن يكون العقد باتاً وهو استخلاص موضوعي سائغ وإذ رتب الحكم على ذلك رفض دفاع الطاعنين البائعين بأن لهما الحق في خيار العدول فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى في أسبابه بفسخ العقد دون أن ينسب إليهما تقصيراً يبرر ذلك، حال أن الفسخ إن هو إلا جزاء الإخلال بالالتزام، مما كان ينبغي للحكم المطعون فيه أن يوقع هذا الجزاء على الطاعنين وإذ رتب الحكم على ذلك إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ورد ما دفعه المشتريان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النص في المادة 157/ 1 من القانون المدني على أن "في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطلب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى" يدل على أن الفسخ جزاء لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه العقدي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى أن المطعون عليهما - المشترين - كانا معذورين في التأخير في إعداد مشروع العقد النهائي في الميعاد المحدد لذلك ثم قضى بفسخ عقد البيع وبرد ما دفعه المشتريان من الثمن دون أن يبين ما إذا كان الطاعنان - البائعان - المقضي ضدهما بالفسخ - قد أخلا بالتزاماتهما الناشئة عن ذلك العقد إخلالاً يستوجب الفسخ، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

 (1)نقض مدني 11/ 12/ 1947 مجموعة القواعد القانونية في خمسة وعشرين عاماً ص 952 بند 2

الطعن 32 لسنة 38 ق جلسة 29 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 60 ص 274


جلسة 29 من يناير سنة 1975
برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.
---------------
(60)
الطعن رقم 32 لسنة 38 القضائية

(1) أعمال تجارية. ضرائب. محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
شهرة المحل التجاري. مجموعة العناصر التي تحقق أرباحاً للمنشأة تفوق الأرباح العادية للمنشآت المماثلة. الشهرة تحتمل النقصان أو الانقضاء. تقدير زيادة أرباح المنشأة عن المعدل العادي. من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
 (2)حكم " تسبيب الحكم". نقض "ما لا يصلح للطعن".
إقامة الحكم على أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه. النعي على ما ورد به من تقريرات زائدة. غير منتج.

------------------
1 - شهرة المحل هي مجموعة العناصر التي تعمل مجتمعة على تحقيق أرباح للمنشأة تفوق الأرباح العادية للمنشآت المماثلة وهي بهذه المثابة تشكل جزءاً من أصول المنشأة وتحتمل النقصان أو الانقضاء وتقدير زيادة أرباح المنشأة عن المعدل العادي لمثيلاتها من المنشآت الأخرى هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
2 - إذ انتهى الحكم إلى استبعاد شهرة المنشأة من أصول التركة، بأسباب سائغة تكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، فإن النعي على ما ورد بأسبابه من تقريرات أخرى زائدة يكون غير منتج ما دام الحكم قد صح واستقام على بعض أسبابه مما يحق لمحكمة النقض أن ترفض بحث ما عيب فيه من جهة مخالفته للقانون في أسبابه الأخرى.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الوايلي قدرت صافي تركة المرحوم....... مورث المطعون عليهم - المتوفى في 21/ 7/ 1947 بمبلغ 139261 ج و16 م، وإذ اعترضت المطعون عليها الأولى بصفتها حارسة قضائية على التركة وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 13/ 4/ 1952 بتخفيض صافي التركة إلى مبلغ 58700 ج و798 م، فقد أقامت الدعوى رقم 563 سنة 1955 تجاري القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبة تقدير قيمة عناصر التركة على أساس أحكام القانون رقم 142 لسنة 1944 والقانون الخاص بعوائد الأملاك المبنية، كما طعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار بالدعوى رقم 628 سنة 1955 تجاري القاهرة الابتدائية طالبة تأييد تقدير المأمورية. قررت المحكمة ضم الطعنين ثم حكمت بتاريخ 27/ 4/ 1957 بتحديد صافي التركة بمبلغ 20534 ج و190 م وكان من بين ما استبعدته المحكمة من عناصر التركة قيمة شهرة استوديوهات السينما المخلفة عن المورث. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة الحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 721 سنة 79 ق تجاري وبتاريخ 23/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى باستبعاد قيمة شهرة استوديوهات "جلال" من أصول التركة على سند من القول بأنه يشترط لتحقق الشهرة زيادة أرباح المنشأة التي تركها المورث عن الأرباح العادية لمثيلاتها من المنشآت الأخرى وأن يكون المتوفى هو مصدر هذه الزيادة وأن تستمر المنشأة في تحقيق زيادة في الأرباح بعد الوفاة إلا أن هذه الشروط جميعها غير محققة بالنسبة لاستوديوهات السينما المخلفة عن المورث بدليل أن الخبير الذي انتدب لجرد التركة من قبل محكمة الأحوال الشخصية قد استبعد قيمة شهرة هذه الاستوديوهات من أصول التركة في حين أن شهرة المنشأة التجارية هي مجموعة عوامل مختلفة تغري الفرد بالتعامل معها والإقبال عليها وهي عنصر من عناصر المنشأة وجزء من رأسمالها سواء قامت على عنصر شخصي ككفاية صاحب المنشأة ودرايته وخبرته أو على عنصر موضوعي يتعلق بموقع المحل أو جودة صناعته وتنظيمه أو على العنصرين معاً، ومن ثم فتعتبر الشهرة من أصول التركة وتؤول إلى الورثة إذ استمروا في استغلال المنشأة بعد وفاة مورثهم وتقوم بقيمتها الحقيقية في تاريخ الوفاة وهو التاريخ الذي تقدر فيه أموال التركة باعتبار أن الوفاة هي الواقعة المنشئة للضريبة، هذا وما كان يجوز للحكم أن يستند في استبعاد عنصر الشهرة من أصول التركة إلى تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة الأحوال الشخصية لجرد تركة المتوفى لأن الخبير قدر العناصر المادية للاستوديوهات المخلفة عن المورث وأغفل تقدير عناصرها المعنوية ومنها الشهرة دون سبب مقبول.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن شهرة المحل هي مجموعة العناصر التي تعمل مجتمعة على تحقيق أرباح للمنشأة تفوق الأرباح العادية للمنشآت الماثلة وهي بهذه المثابة تشكل جزءاً من أصول المنشأة وتحتمل النقصان أو الانقضاء ولما كان زيادة أرباح المنشأة عن المعدل العادي لمثيلاتها من المنشآت الأخرى هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد قرر في هذا الشأن بأن المنشأة المخلفة عن المورث قد حققت خسارة مقدارها 5431 ج و307 م بإقرار مصلحة الضرائب في سنة 1947 - وهي السنة التي توفى فيها المورث - وأن ما قدرته اللجنة من ربح لهذه المنشأة يبلغ 14% - فضلاً عن أنه مغالى فيه - فانه يقل بكثير عما تجنيه المنشآت الأخرى المماثلة ثم انتهى إلى استبعاد شهرة المنشأة من أصول التركة، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، فان النعي على ما ورد بأسبابه من تقريرات أخرى زائدة يكون غير منتج ما دام الحكم قد صح واستقام على بعض أسبابه مما يحق لمحكمة النقض أن ترفض بحث ما عيب به من جهة مخالفته للقانون في أسبابه الأخرى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 96 لسنة 38 ق جلسة 22 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 50 ص 219


جلسة 22 من يناير سنة 1975
برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.
---------------
(50)
الطعن رقم 96 لسنة 38 القضائية

ضرائب "ضريبة الشركات".
إعفاء الدار المخصصة لسكنى أسرة المتوفى من الضريبة. م 12 ق 142 لسنة 1944، هبة المورث هذه الدار إلى ورثته خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة. لا يمنع من سريان الإعفاء من الضريبة عليها. عدم جواز تمسك مصلحة الضرائب بانتقال ملكية الدار الموهوبة إلى الورثة قبل الوفاة. علة ذلك.

--------------------
النص في المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 - بشأن فرض رسم أيلولة على التركات - بعد تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951، يدل على أن الشارع اتخذ من خمس السنوات السابقة على الوفاة، فترة ريبة بحيث تخضع لرسم الأيلولة، الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت صدوره، مما مقتضاه أن الأموال موضوع الهبات المشار إليها تعتبر حكماً ضمن عناصر التركة التي عددتها الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون المذكور، فيسري عليها تبعاً لذلك الإعفاء الخاص بمنزل أسرة المتوفى المنصوص عليه بالمادة 12/ 3 سالفة الذكر إذا ما توافرت شروطه، ولا يكون لمصلحة الضرائب من بعد أن تتمسك بأن هذه الدار لم تكن ضمن ما يملكه المورث قبل الوفاء وتحتج بعدم سريان هذا الإعفاء على هذه الدار إذا وهبها المورث إلى ورثته في خلال خمس السنوات السابقة على وفاته [(1)].


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب دمياط قدرت صافي تركة مورث المطعون عليهم المرحوم....... المتوفى بتاريخ 4/ 4/ 1959 بمبلغ 17485 ج و16 م، من ذلك 3179 ج و520 م الذي تبرع به للقاصرين...... و......، خلال الخمس سنوات السابقة على الوفاة، وإذا اعترضوا وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 4/ 5/ 1966 بتخفيض قيمة التبرع إلى 1062ج و784 م وصافي التركة إلى 10573 ج و569 م، فقد أقاموا الدعوى رقم 32 لسنة 1966 تجاري دمياط وبتاريخ 23/ 2/ 1967 حكمت المحكمة بتحديد صافي التركة بمبلغ 9513 ج و509 م، استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 44 سنة 19 ق المنصورة، وبتاريخ 26/ 12/ 1967 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وبالجلسة المحددة تنازلت الطاعنة عن السبب الأول من سببي الطعن، وأصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل سبب الطعن، أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه استبعد من عناصر التركة مبلغ 1059 ج و840 م قيمة مبان استناداً إلى أنها مخصصة لسكنى أسرة المتوفى، مع أن الثابت من صورة عقد البيع الابتدائي المؤرخ 12/ 10/ 1952 الخاص بشراء هذا المنزل أن المورث بصفته ولي أمر ولديه....... و......، اشترى المنزل الكائن بشارع سعد زغلول والمكون من طابقين، وفي خلال سنة 1954 تم بناء الدورين الثالث والرابع وحجرتين بالسطح وصرف المبلغ المستبعد في بناء جزء مما استجد، وعلى هذا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق المادة 12 من القانون رقم 142 لسنة 1944 إذ أنزل حكم الإعفاء على منزل لا يملكه المورث، ولم يترك بالوفاة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الفقرة الثالثة من المادة 12 من القانون رقم 142 لسنة 1944 إذ تقضي - بأنه يعفى من الرسم ولا يدخل في تقدير قيمة التركة الدار المخصصة لسكنى أسرة المتوفى على الاتباع خلال عشر السنوات التالية للوفاة - فلا يكون لمصلحة الضرائب أن تحتج بعدم سريان هذا الإعفاء على هذه الدار إذ وهبها المورث إلى ورثته في خلال خمس السنوات السابقة على وفاته، استناداً إلى حكم المادة الرابعة من القانون المذكور، ذلك أن النص في هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 217 سنة 1951 على أنه "يستحق رسم الأيلولة على الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث في خلال الخمس سنوات السابقة على الوفاة إلى شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت حصول التصرف أو الهبة" يدل على أن الشارع اتخذ من هذه الخمس سنوات فترة ريبة بحيث يخضع لرسم الأيلولة الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث إلى شخص أصبح وارثاً خلالها بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت صدورها، مما مقتضاه أن الأموال موضوع الهبات المشار إليها تعتبر حكماً ضمن عناصر التركة التي عددتها الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون المذكور، فيسري عليها تبعاً لذلك الإعفاء الخاص بمنزل أسرة المتوفى المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من المادة 12 سالفة الذكر، إذا ما توافرت شروطه، ولا يكون لمصلحة الضرائب من بعد، أن تتمسك بأن هذه الدار لم تكن ضمن ما يملكه المورث قبل الوفاة، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه وقد انتهى إلى أن الدار محل النزاع كانت مخصصة وقت وفاة المورث لسكنى أسرته، وأن مصلحة الضرائب لم تقدم ما يدل على أنها تستغل ولو جزئياً لغير هذا الغرض، فقد استبعد المبلغ الذي وهبه المورث لولديه القاصرين وصرف في تكملته من عناصر التركة، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه في غير محله، مما يتعين معه رفض الطعن.


 [(1)]نقض 3/ 4/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 636.

الطعن 1723 لسنة 49 ق جلسة 2 / 6 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 300 ص 1662


جلسة 2 من يونيه سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد إبراهيم خليل، عبد المنعم بركة وأحمد شلبي.
--------------
(300)
الطعن رقم 1723 لسنة 49 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم".
إغفال الحكم ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها. لا عيب. كفاية الإشارة إليها متى كانت مبينة في مذكرات الخصوم.
(5 - 2) مسئولية "مسئولية تقصيرية: حق النقد". محكمة الموضوع.
 (2)النقد المباح. مناطه.
 (3)اشتمال المقال على عبارات غرضها المصلحة العامة وأخرى بقصد التشهير. لمحكمة الموضوع الموازنة بين القصدين وتقدير لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر. الدفع بحسن النية. لا محل له.
 (4)تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة. من إطلاقات محكمة الموضوع ما دامت لم تخطئ في تطبيق القانون.
 (5)نقد الأخصام السياسيين. تضمنه الطعن والتجريح. خروج عن حد النقد المباح، لا يبرره سبق إذاعة أو نشر ما تضمنه النقد.
(6) حكم "ما لا يعد تناقضاً". مسئولية.
إقامة الحكم قضاءه بمسئولية أحد الخصوم على ما يكفي لحمله. قضاءه برفض الدعوى بالنسبة لآخرين عن وقائع مغايرة. لا تناقض.
(9 - 7) مسئولية "مسئولية تقصيرية: حق النقد". دعوى "الصفة في الدعوى". تعويض. نقض "السبب الجديد".
 (7)تجاوز حدود النقد المباح. لا يشفع فيه أن تكون العبارات التي استعملت مما جرى العرف على المساجلة بها.
 (8)نعى الطاعن عدم اختصامه بصفته رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة الصحفية، المسئول عن الالتزامات المالية المترتبة على مسئولية رئيس التحرير. سبب جديد. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
 (9)مسئولية رئيس التحرير، مفترضة. مردها افتراض علمه بما تنشره جريدته وإذنه بنشره.

---------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها في قضائه ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم، مما يكفي معه مجرد الإشارة إليها.
2 - النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجبت المساءلة باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال، فحتى يكون النقد مباحاً تعين ألا يخرج الناقد في نقده إلى حد ارتكاب إحدى الوقائع المذكورة، فيجب أن يلتزم الناقد العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد وأن يتوخى المصلحة العامة وذلك باعتبار أن النقد ليس إلا وسيلة للبناء لا للهدم، فإذا ما تجاوز ذلك فلا يكون ثمة محل للتحدث عن النقد المباح.
3 - اشتمال مقال الناقد على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فإن المحكمة في هذه الحالة توازن بين القصدين وتقدر لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر، ولا محل للقول بأن حسن النية يجب أن يقدم في كل الأحوال على ما عداه وإلا لاستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهرياً عن مصلحة عامة مزعومة أن ينال من كرامة صاحب الأمر ما شاء دون أن يناله القانون.
4 - الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها للفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دام أنها لم تخطئ في التطبيق القانوني للواقعة.
5 - إذا ما كان للناقد أن يشتد في نقد أخصامه السياسيين، فإن ذلك لا يجب أن يتعدى حدود النقد المباح، فإذا خرج إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون، ولا يبرر عمله أن يكون أخصامه قد سبقوه فيما أذاعوا به أو نشروه إلى استباحة حرمات القانون في هذا الباب.
6 - إذا كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على أسباب سائغة سليمة قانوناً تكفي لحمله، فلا مجال لتعييبه بالتناقض حين قضى برفض الدعوى بالنسبة لآخرين عن وقائع مغايرة خارجة عن نطاق هذا الطعن.
7 - لا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهينة التي استعملت هي مما جرى العرف على المساجلة بها، لما فيه من خطر على كرامة الناس وطمأنينتهم.
8 - إثارة الطاعن أنه لم يختصم بصفته رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة الصحفية الذي يعد مسئولاً وحده عن الالتزامات المالية المترتبة على مسئولية رئيس التحرير أو أي محرر في الجريدة التي تصدرها - هو سبب جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
9 - القانون جعل مسئولية رئيس التحرير بالجريدة مسئولية مفترضة بنص المادة 195 من قانون العقوبات مردها افتراض علم رئيس التحرير بما تنشره جريدته وإذنه بنشره، وافترض الشارع أنه مرتكب جريمة النشر ولو لم يكن هو فاعلها الحقيقي أو اشترك في ارتكابها بالمعنى القانوني، فإذا أصاب الغير ضرر من هذا النشر كان له أن يرجع على رئيس التحرير بالتعويض.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4415 لسنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وآخر بطلب إلزامهما متضامنين بأن يؤديا له مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه، وقال بياناً لها إنه دعي لإلقاء محاضرة في معهد التعاون الثقافي والسياسي والاقتصادي الدولي بروما، وذلك يوم 4 - 5 - 1977 وعند عودته فوجئ بحملة عليه تولاها حزب... كما ساهمت صحيفة....... بقسط في هذه الحملة وهي التي يرأس تحريرها الطاعن، ونشرت مقالين غير موقعين أولهما بتاريخ 9 - 5 - 1977 في العدد 7767 تحت عنوان "لصوص الظلام" وثانيهما بتاريخ 11 - 5 - 1977 في العدد 7769 تحت عنوان "تجار لحساب موسكو" وقد تضمن المقال الأول سباً مقذعاً له ووصفه بأنه تعود على العيش في الظلام وأنه "كذاب" وتضمن المقال الثاني أن المطعون عليه ممن يتاجرون بالاشتراكية ويتخذون الشيوعية تجارة لحساب موسكو ولو أن هذا الضابط عنده أدنى ولاء لمصر وشعبها وللوطن الذي يعيش فيه عيش المماليك في الزمن القديم لأمسك لسانه عن هذه الاتهامات ولكنه يعيش بكل ولائه لموسكو - وكان ذلك بهدف إلصاق تهمة العمالة والتبعية لدولة أجنبية والتشهير به ووصفه بالتخريب والكذب والنفاق دون اطلاع على ما قاله، فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 28 - 5 - 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 4352 لسنة 95 ق مدني القاهرة، وبتاريخ 31 - 5 - 1979 حكمت المحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليه مبلغ عشرة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب حاصل السبب الأول منها بطلان الحكم المطعون فيه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد خلا من إثبات نص أو مضمون المحاضرة التي ألقاها المطعون عليه في معهد التعاون الثقافي والسياسي والاقتصادي الدولي بروما، وما أوردته المحكمة في الأسباب لا يعدو أن يكون إفصاحاً عن رأيها في عبارات المحاضرة وموضوعها مما لا يغني عن إيراد نصها وعرض ما جاء بها عرضاً وافياً دون تعديل وتبديل حتى تتمكن محكمة النقض من ممارسة رقابتها على مدى ملائمة المقالين موضوع المساءلة ومدى التزام كاتبهما حدود النقد أو خروجه عليها، مما يعيب الحكم بالبطلان فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها في قضائه ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم، مما يكفي معه مجرد الإشارة إليها. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت تقديم المستأنف (المطعون عليه) نص الخطاب الذي ألقاه في روما بتاريخ 4 - 5 - 1977 سنداً لدعواه وأورد في أسبابه: "أن المحاضرة اقتصرت على تحليل ونقد لبعض السياسات التي تتبعها الحكومة في مصر من وجهة نظر قائلها..... كما لم تتضمن أي هجوم على مجلس الشعب فكل ما جاء بها بشأنه هو القول بأنه بسبب نتيجة الانتخابات.. لم يعكس مجلس الشعب الوضع السياسي الحقيقي بين الجماهير في داخل المجلس"، مما يبين معه أن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه ما اتخذه أسباباً لقضائه مما تضمنته محاضرة المطعون عليه المذكورة والتي كانت تحت بصره واعتباره، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه خالف القواعد القانونية التي تحكم حق النقد إذ كفلت المادة 47 من الدستور المصري حرية النقد لكل مواطن ضماناً لسلامة البناء الوطني والثابت من المحاضرة التي ألقاها المطعون عليه في روما والتي نقلتها وكالات الأنباء إلى الصحف المصرية أنها تتضمن أموراً ماسة بسمعة مصر في الخارج وتشكيكاً في سلامة اقتصادها وفي تمثيل مجلسها النيابي وتهويناً من قدره وحضاً على الازدراء به وتمجيداً لأعمال الشغب التي وقعت في البلاد يومي 18، 19 من يناير سنة 1977، وصمم نظام الحكم بالتعسف، وقد تناول المقالان المنشوران بجريدة...... في العددين الصادرين بتاريخي 9، 11 - 5 - 1977 ما جاء بتلك المحاضرة بالنقد الذي لا مساس فيه بشخص المطعون عليه - وإن ذكرتا اسمه - وفي نطاق الواقعة موضوع التعليق ولم يتناولا شخصه إلا بالقدر اللازم للكشف عن عدم إخلاصه وكذبه فيما ادعاه ووصفه بما يتفق مع المسلك الذي أتاه في بلد أجنبي والمناسبة التي ألقيت فيها المحاضرة مما تتسع معه حدود النقد على حساب السب أو القذف أو الإهانة أو التحريض، كما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق قواعد المسئولية التقصيرية على واقعة الدعوى بقوله أن حسن النية لا ينفي المسئولية المدنية عما ينشر في الصحف ماساً بالشرف والسمعة وتناقض في أسبابه حين عد شرط حسن النية مع ذلك من شروط النقد المباح، كما رتب مسئولية الطاعن على ما جاء بالمقالين المنشورين مجتزئاً بعض العبارات والألفاظ دون نظر إلى مجموع كل منهما والذي يقطع بأن القصد منهما هو الصالح العام والنقد المباح فمسخ الحكم بذلك دلالة الألفاظ.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجبت المساءلة باعتباره مكوناً لجريمة سب أو إهانة أو قذف حسب الأحوال فحتى يكون النقد مباحاً تعين ألا يخرج الناقد في نقده إلى حد ارتكاب إحدى الوقائع المذكورة، فيجب أن يلتزم - الناقد العبارة الملائمة والألفاظ المناسبة للنقد وأن يتوخى المصلحة العامة وذلك باعتبار أن النقد ليس إلا وسيلة للبناء لا للهدم ما تجاوز ذلك فلا يكون هناك ثمة محل للتحدث عن النقد المباح، وإذا ما اشتمل مقال الناقد على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فإن المحكمة في هذه الحالة توازن بين القصدين وتقدر لأيهما كانت الغلبة في نفس الناشر، ولا محل للقول بأن حسن النية يجب أن يقدم في كل الأحوال على ما عداه وإلا لاستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهرياً عن مصلحة عامة مزعومة أن ينال من كرامة صاحب الأمر ما شاء دون أن يناله القانون. لما كان ما تقدم وكان الثابت من مطالعة أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أنه "بالاطلاع على عدد جريدة.... التي يرأس تحريرها المستأنف عليه الثالث (الطاعن) الصادر في 9 - 5 - 1977 يبين أنه اشتمل على مقال افتتاحي.... تحت عنوان "لصوص الظلام" تعرض فيه كاتبه لشخص المستأنف (المطعون عليه) ذاكراً إياه بالاسم، ونسب إليه أنه ألقى كلمة في ندوة شيوعية عقدها الحزب الشيوعي الإيطالي وواصفاً إياه بالضابط الأحمر وأنه يتكلم بمنطق الحياة التي عاشها في الظلام وأنه يدين للإتحاد السوفيتي بالولاء وأنه لو كان في منطقة بصيص من النور لخجل من الكلام الذي ألقاه، وعرف أن شعب مصر يستطيع أن يقول له إنه كاذب - كما أنه بالاطلاع على عدد الجريدة الصادر في 11 - 5 - 1977 يبين أنه اشتمل على مقال افتتاحي آخر بدون توقيع تحت عنوان - تجار لحساب موسكو - تعرض فيها كاتبه بالاسم للمستأنف (المطعون عليه) متهماً إياه بأنه في كلمته بروما هاجم مصر وهاجم مجلس الشعب... وأنه كان يلقي بهذه الاتهامات والشناعات بدافع الانتماء والولاء لموسكو، وأنه لو كان عند هذا الضابط الحمر أدنى ولاء أو انتماء لمصر ولشعب مصر ولهذا الوطن الذي يعيش فيه عيش المماليك في الزمن القديم لأمسك عن هذه الاتهامات ولكنه رجل يعيش بكل ولائه لموسكو لا للقاهرة ويتكلم بلسانها بشعور الولاء والانتماء لها والتجارة بالشيوعة لحسابها"، ورتب الحكم على ذلك "أن تلك العبارات التي تضمنتها سواء في حد ذاتها أو في سياقها.. وبالعنوانين اللذين تصدراهما إنما تشكل قذفاً وتشهيراً بالمستأنف - المطعون عليه - وقد سيقت دون البحث بتبصر في حقيقة ما قاله في روما وانطوت على اتهامه بالانتماء لبلد أجنبي وليس لمصر وهو أقذع ما يمكن أن يوجه لرجل سياسي يرأس حزباً نشأ في ظلال من الشرعية والقانون، كما وصفته بالكذب وبأنه يعيش في الظلام عيش المماليك. وأن العبارات السالف ذكرها قد خرجت عن حدود النقد المباح.. وانطوت على الشتائم والطعن الصريح في ولاء المستأنف لوطنه وانتمائه إليه". مما مفاده أن الحكم المطعون فيه عرض لشروط النقد المباح، واستخلص بأسباب سائغة خروج الطاعن عن حدوده، وقدر العبارات التي حواها المقالان المنشوران بتضمنهما تشهيراً بشخص المطعون عليه وطعناً فيه، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض، ما دام أنها لم تخطئ في التطبيق القانوني للواقعة، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى إلى أن الألفاظ التي تضمنتها المقالتان المنشورتان تنطوي على معنى الشتائم والطعن في شخص المطعون عليه وهي لم تخطئ في تقديرها - ولا على المحكمة إن لم تتبع الطاعن في جميع مناحي دفاعه وإيراد النصوص الكاملة للمقالين ما دامت أنها قد غلبت وبما لها من سلطة تقديرية قصد الطاعن وتجاوزه حدود النقد المباح ومن ثم يكون النعي في هذين السببين في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيانه يقول إن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه أن محاضرة المطعون عليه لا تستأهل التقدير ولا النقد المر القاسي وأنه كان يمارس حرية الرأي بما لا يجوز التعرض له في حين أنه رأى في المقالين اللذين ساءل الطاعن عنهما التجاوز لحدود النقد المباح، والحكم في ذلك إنما يعبر عن رأي المحكمة دون الالتزام بالقواعد التي تحكم حق النقد مما يبطل الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي عير منتج، ذلك أنه أياً ما كان الرأي فيما قاله المطعون عليه في المحاضرة التي ألقاها في روما بتاريخ 4 - 5 - 1977 والقول بتهجمه على الحكم في مصر وعلى مجلس الشعب والذي كان وقتها عضواً فيه - فإنه إذا ما كان للناقد أن يشتد في نقد أخصامه السياسيين فإن ذلك لا يجب أن يتعدى حدود النقد المباح فإذا خرج إلى حد الطعن والتجريح فقد حقت عليه كلمة القانون، ولا يبرر عمله أن يكون أخصامه قد سبقوه فيما أذاعوا به أو نشروه إلى استباحة حرمات القانون في هذا الباب - إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد النقد المباح قد بين بأسباب سائغة تجاوز الطاعن هذه الحدود فإن ما أورده الحكم عن محاضرة المطعون عليه في روما يكون زائداً عن حاجة الدعوى يستقيم الحكم بدونه ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الخامس التناقض، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه لم يروجهاً للمساءلة عما قاله رئيس الوزراء وقتئذ - وآخر: كانا من بين المستأنف عليهم - عما نسباه للمستأنف (المطعون عليه) في عبارات أكثر قسوة وإيلاماً مما جاء بالمقالين الافتتاحيين اللذين ساءل الطاعن عنهما، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على أسباب سائغة سليمة قانوناً تكفي لحمله - كما سلف بيانه في الرد على السببين الثاني والثالث - ولا مجال لتعييبه بالتناقض حين قضى برفض الدعوى بالنسبة لآخرين عن وقائع مغايرة خارجة عن نطاق هذا الطعن، مما يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب السادس الفساد في الاستدلال وفي بيانه يقول الطاعن إن صحيفة دعوى المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية وصحيفة استئنافه ومذكرات دفاعه قد خلت من بيان عناصر الضرر الذي يدعيه إلا أن الحكم المطعون فيه تطوع لتعداد عناصر الضرر الأدبي هذا بالرغم من أن المطعون عليه قرر في مذكرته أمام المحكمة أنه اعتاد سماع وصفه بالعمالة والإلحاد والرغبة في الشغب، والإضرار بالاقتصاد القومي، مما يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في استخلاصه للضرر وفي بيان عناصره.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح في شقه الأول ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد عناصر الضرر الأدبي بما لا خروج فيه عما أورده المطعون عليه بصحيفة الدعوى، وهو مردود في شقه الثاني ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهينة التي استعملت هي مما جرى العرف على المساجلة بها لما فيه من خطر على كرامة الناس وطمأنينتهم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة وجوه، وفي بيان الوجه الأول يقول إن الدعوى رفعت ابتداء ضده شخصياً ولم يختصم بصفته رئيساً للتحرير ولا يغير من ذلك أن يعقب ذكر اسمه بيان وظيفته أو مهنته كرئيس للتحرير، كما أنه لم يختصم بصفته رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الذي يعد مسئولاً وحده عن الالتزامات المالية المترتبة على مسئولية رئيس التحرير أو أي محرر في جريدة الأخبار التي تصدرها تلك المؤسسة والتي تتمتع بشخصية معنوية، وفي بيان الوجه الثاني يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على مسئوليته المفترضة بوصفه رئيساً للتحرير في حين أن هذه المسئولية لا تقوم إلا بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المادة 178 من قانون العقوبات ولم يورد المشرع نصاً يقضي بالمسئولية المفترضة لرئيس التحرير بالنسبة للمسئولية المدنية وقد جاء منطوق الحكم خالياً من بيان صفته في الإلزام مما مؤداه انصراف الإلزام إلى شخصه وهو ما لا محل له لأنه لم ينسب إليه شخصياً أي خطأ يستوجب إلزامه بالتعويض، وفي بيان الوجه الثالث يقول إن الحكم شابه غموض يبطله ذلك أنه جاء في أسبابه أن المحكمة تقدر تعويضاً للضرر نتيجة عمل كل من الطاعنة ومستأنف عليه آخر بمبلغ عشرة آلاف جنيه، أي أنها رأت أن المبلغ المذكور هو التعويض الجابر للضرر، إلا أنها انتهت في المنطوق إلى إلزام كل واحد منهما مبلغ عشرة آلاف جنيه.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود ذلك أن البين من منطوق الحكم المطعون فيه محمولاً على أسبابه المرتبطة به أنه قضى بمسئولية الطاعن بصفته رئيساً لتحرير جريدة الأخبار ولم يخرج في ذلك - بما له من سلطة فهم وتحصيل الواقع في الدعوى - عن طلبات المطعون عليه التي أبداها في صحيفة دعواه، وما أثاره الطاعن من أنه لم يختصم بصفته رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم هو سبب جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
والنعي في وجهه الثاني غير سديد، ذلك أن الثابت من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام مسئولية الطاعن عما جاء بالمقالتين المنشورتين وما اشتملتا عليه من عبارات: "باعتباره رئيساً لتحرير الصحيفة وهي مسئولية مبنية على افتراض قانوني بأنه اطلع على ما نشر في الجريدة وقدر المسئولية التي قد تنجم عن النشر حتى ولو لم يطلع فعلاً..." ورتب الحكم على ذلك "ثبوت الخطأ في جانبه ومسئوليته عن تعويض الضرر وفقاً لنص المادة 163 من القانون المدني "مما مفاده أن الحكم أقام مسئولية الطاعن بصفته المذكورة على أساس الخطأ التقصيري المفترض قانوناً في جانبه وهو من الحكم صحيح، ذلك أن القانون جعل مسئولية رئيس التحرير بالجريدة مسئولية مفترضة بنص المادة 195 من قانون العقوبات مردها افتراض علم رئيس التحرير بما تنشره جريدته وإذنه بنشره، وافترض المشرع أنه مرتكب جريمة النشر ولو لم يكن هو فاعلها الحقيقي أو اشترك في ارتكابها بالمعنى القانوني، فإذا أصاب الغير ضرر من هذا النشر كان له أن يرجع على رئيس التحرير بالتعويض.
والنعي بالوجه الثالث غير صحيح ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تقدير التعويض الذي يلزم به الطاعن وحده عن الضرر الذي لحق المطعون عليه بمبلغ عشرة آلاف جنيه وهو ما قضى به في المنطوق.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


الطعن 1463 لسنة 50 ق جلسة 30 / 5 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 299 ص 1658


جلسة 30 من مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمود حسن رمضان، صبحي رزق داود ومحمود شوقي أحمد.
----------------
(299)
الطعن رقم 1463 لسنة 50 قضائية

إيجار "إيجار الأماكن".
قبض المالك أو وكيله الأجرة من المتنازل له عن الإيجار أو من المستأجر من الباطن مباشرة ودون تحفظ. اعتباره بمثابة موافقة منه تقوم مقام الإذن الكتابي عله ذلك. الكتابة ليست ركناً شكلياً في الإذن.

------------------
إنه وإن كان مفاد الفقرة ب من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - والمقابلة للفقرة ب من المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - أنه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان من الباطن أو يتنازل عن عقد الإيجار بغير إذن كتابي صريح من المالك، إلا أن قبض المالك أو وكيله الأجرة من المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن عقد الإيجار مباشرة، ودون تحفظ يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح الذي اشترطه القانون، باعتبار أن الكتابة هي وسيلة الإثبات وليست ركناً في الإذن، ومن ثم فإنه يعد بمثابة إقرار من المالك للإيجار من الباطن أو التنازل عنه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة؛ وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 4539 لسنة 1978 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها الأولى للحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما في العين المبينة بصحيفة الدعوى وإلزامها بأن تحرر لها عقد إيجار بذات القيمة الإيجارية التي كانت قد تعاقدت بها مع سلفها المطعون عليه الثالث، وقالت بياناً لدعواها إن المرحوم..... كان قد استأجر تلك العين من المطعون عليها الأولى منذ أكثر من أربعين عاماً، وأقام بها منشأة تجارية لصناعة هياكل السيارات، ثم صدر حكم بإشهار إفلاسه، فاستأجرت الطاعنة المنشأة من وكيل دائني التفليسة في غضون سنة 1969، وقامت باستغلالها مصنعاً للأثاث بموجب ترخيص استصدرته من حي جنوب القاهرة، وبتاريخ 13 - 10 - 1969 باع وكيل دائني التفليسة هذه المنشأة للمطعون عليه الثالث بكافة عناصرها المادية والمعنوية، فقامت المطعون عليها بتحرير عقد إيجار له عنها، وبتاريخ 29 - 1 - 1971 باع المطعون عليه الثالث المنشأة بالجدك للطاعنة، وإذ رفضت المطعون عليها الأولى تحرير عقد إيجار لها رغم تقديمها المستندات اللازمة، فقد أقامت الدعوى كما أقامت المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 1870 سنة 1979 أمام نفس المحكمة ضد الطاعنة والمطعون عليه الثالث للحكم باعتبار عقد الإيجار مفسوخاً وإخلاء العين وما عليها من مبان تأسيساً على أن المطعون عليه الثالث تنازل عن عقد الإيجار الصادر له للطاعنة دون موافقتها مما يخالف حكم المادة 31 - ب من القانون رقم 49 لسنة 1977. وبتاريخ 20 - 12 - 1979 قضت المحكمة في الدعوى - 4539 لسنة 1978 برفضها. وفي الدعوى رقم 1870 لسنة 1979 بالإخلاء، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 587 سنة 97 ق القاهرة. وبتاريخ 5 - 5 - 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أن المطعون عليه الثالث قد تنازل عن عين النزاع للطاعنة بغير إذن كتابي صريح من المطعون عليها الأولى باعتبارها المالكة لعين النزاع مما يجيز لها طلب الإخلاء عملاً بالمادة 31 - ب من القانون رقم 49 لسنة 1977، في حين أنها تمسكت في دفاعها بأن المطعون عليها الأولى تعلم بالتنازل عن الإيجار فقد أخطرتها به، وقبضت منها الأجرة بشيكات صادرة منها لهيئة الأوقاف دون تحفظ لمدة ثماني سنوات، وتركتها لتقيم منشآت بالعين، مما يعد موافقة ضمنية منها على التنازل عن الإيجار، فلا يجوز لها طلب الإخلاء بعد ذلك، وإذ خلا الحكم المطعون فيه من الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كان مفاد الفقرة ب من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - والمقابلة للفقرة ب من المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - أنه لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر من الباطن أو يتنازل عن عقد الإيجار بغير إذن كتابي صريح من المالك، إلا أن قبض المالك أو وكيله الأجرة من المستأجر من الباطن أو المتنازل له عن عقد الإيجار مباشرة، ودون تحفظ يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح الذي اشترطه القانون، باعتبار أن الكتابة هي وسيلة الإثبات وليست ركناً شكلياً في الإذن ومن ثم فإنه يعد بمثابة إقرار من المالك للإيجار من الباطن أو التنازل عنه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وصحيفة الاستئناف - المودع صورة رسمية منها ملف الطعن - أن الطاعنة تمسكت في دفاعها بأنها أخطرت المطعون عليها الأولى بشرائها عين النزاع بالجدك من المطعون عليه الثالث وطلبت تحرير عقد إيجار باسمها عنها، وقد قبضت المطعون عليها الأولى الأجرة منها دون اعتراض لمدة ثماني سنوات، وقدمت الطاعنة المستندات المؤيدة لدفعها - والتي قدمتها أمام هذه المحكمة - ومنها إيصالات سداد الأجرة، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري الذي لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.

الطعن 1173 لسنة 47 ق جلسة 25 / 5 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 286 ص 1583


جلسة 25 من مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي، الدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.
-------------
(286)
الطعن رقم 1173 لسنة 47 القضائية

(1) إثبات "طلب إلزام الخصم بتقديم المستندات".
طلب إلزام الخصم بتقديم المحررات الموجودة تحت يده بياناته. م 21 من قانون الإثبات 25 لسنة 1968.
 (2)تأمين. عقد "عقد التأمين". بطلان.
عقد التأمين. إلزام المؤمن له بصدق الإقرارات والبيانات التي يقدمها للمؤمن. الغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر. أثره. بطلان العقد.

-------------------
1 - بين المشرع في المادة 21 من قانون الإثبات كيفية تقديم طلب إلزام الخصم بتقديم المحررات الموجودة تحت يده ووصف المحرر الذي يعينه وفحواه والواقعة التي يستدل عليها والدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم ووجه إلزام الخصم بتقديمه، لما كان ذلك وكان طلب الطاعن الأول في مذكرة دفاعه قد خلت من هذه البيانات القانونية بل لم يطلب صراحة إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بتقديمه ولا يكفي في هذا الصدد مجرد الإشارة إلى المستند محل النزاع إذ الطلب الذي يعد مطروحاً على المحكمة وتلتزم بالفصل فيه، وبيان سبب رفضها له هو الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه.
2 - عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التأمين باطلاً، فالمؤمن له ملزم بإحاطة المؤمن عند التأمين بجميع البيانات اللازمة لتمكينه من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته وقد يكون ذلك عن طريق الإجابة على أسئلة محددة في طلب التأمين حيث يسأل المؤمن له عن حقيقة ما يدلي به من بيانات، فإذا كان البيان قد جعله المؤمن محل سؤال محدد ومكتوب فإنه يعتبر جوهرياً في نظره ولازماً لتقدير الخطر المؤمن منه وعليه أن يبلغ المؤمن بما يطرأ أثناء العقد من ظروف من شأنها أن تؤدي إلى زيادة هذه المخاطر ويترتب على الإخلال بهذا الالتزام أن يقع عقد التأمين باطلاً.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 286 لسنة 1975 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون ضدهما الأولين بأن يؤديا لهما مبلغ 89650 جنيه وبصحة إجراءات الحجز التحفظي المتوقع في 10/ 7/ 1975 وقالا بياناً للدعوى إنه بموجب عقد فتح اعتماد بتأمين بضائع مؤرخ في 10 - 6 - 1972 قام البنك المطعون ضده الثاني بفتح اعتماد وبتأمين بضائع للطاعن الأول وقام الأخير بالتأمين لدى شركة التأمين المطعون ضدها الأولى لصالح البنك المطعون ضده الثاني على البضائع المرهونة له رهناً حيازياً والذي استأجر من الطاعن الأول مخزناً لتخزين البضائع المرهونة وفي ليلة 16 - 7 - 1974 كسر باب المخزن وسرق منه 69 برميلاً يحتوي كل منها على 50 كيلو جرام من زيت العطر قيمتها 86650 جنيه وتحرر عن هذا الحادث الجنحة رقم 584 لسنة 1975 الدقي - واتهم البنك المطعون ضده الثاني الطاعن الأول بالسرقة إلا أنه قضى ببراءته وقد امتنعت الشركة المطعون ضدها الأولى عن صرف قيمة البضائع المسروقة والمؤمن عليها مما دفعه إلى استصدار الأمر رقم 1090 لسنة 1974 تنفيذ عابدين بتقدير الدين مؤقتاً بالمبلغ المطالب به. وتوقيع الحجز التحفظي على خزائن البنك المطعون ضده الثاني في 10 - 7 - 1975 وإزاء امتناع المطعون ضدهما الأولين عن الوفاء بالتزاماتهما فقد أقام الطاعنان هذه الدعوى كما أقام البنك المطعون ضده الثاني دعوى الضمان الفرعية إلى الشركة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي له ما قد يحكم به عليه نفاذاً لعقد التأمين. وبتاريخ 24 - 2 - 76 حكمت المحكمة برفض دعوى الطاعن الثاني وبرفض دعوى الطاعن الأول ضد البنك المطعون ضده الثاني وقبل الفصل في الدعوى المرفوعة منه ضد الشركة المطعون ضدها الأولى وقبل الفصل في الدعوى الفرعية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الشركة المطعون ضدها الأولى أن الطاعن الأول أخفى عنها حالة الباب الخارجي للمخزن الموضح بعقد التأمين وأنه كان سيء النية في إخفاء هذا البيان وبتاريخ 29 - 6 - 1976 وبعد أن تم تنفيذ حكم الإثبات حكمت المحكمة برفض دعوى الطاعن الأول وبرفض دعوى الضمان الفرعية. استأنف الطاعنان الحكم الأول بالاستئناف رقم 216 لسنة 93 ق القاهرة واستأنفا الحكم الثاني بالاستئناف رقم 425 لسنة 93 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول حكمت بتاريخ 30 - 5 - 1977 بتأييد الحكمين المستأنفين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث وفي موضوع الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الدفع المبدى من النيابة صحيح ذلك أنه لما كانت الخصومة في الطعن لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً بعضهم لبعض في النزاع الذي فصل فيه، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الثالث لم يختصم في هذا النزاع وقد خلت الأوراق مما يفيد أنه حل محل البنك المطعون ضده الثاني في حقوقه والتزاماته، فإن الطعن ضده بالنقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وعدم فهم واقع الدعوى وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن الأول المؤمن له أدلى في طلب التأمين المؤرخ 27 - 7 - 1972 بإقرارين غير صحيحين يقللان من تقدير الخطر المطلوب التأمين عليه، إذ أقر في طلب التأمين المذكور أن المخزن الموضوعة فيه الأشياء المطلوب التأمين عليها يقوم بحراسته البواب نهاراً ليلاً وأنه يمسك دفاتر منتظمة يسجل فيها مشترياته ومبيعاته هو إقرار غير صحيح لأن المخزن لا يقوم بحراسته أحد وهو من الحكم مخالفة للثابت بالأوراق ذلك أن هذا الطلب خاص بالشقة رقم 21 بالعقار رقم 85 بشارع الجيزة والذي حررت عنه وثيقة تأمين خاصة ولا صلة له بالمخزن الكائن أسفل العمارة رقم 85 شارع الجيزة والذي وقع فيه الخطر المؤمن منه وهو حادث السرقة الذي تحرر عنه محضر الجنحة رقم 584 لسنة 1975 والذي صدرت به وثيقة تأمين أخرى هي الوثيقة رقم 126589، وقد أقرت شركة التأمين في مذكرتها التي قدمتها أمام محكمة أول درجة بجلسة 15 - 6 - 1976 أن الطلب المؤرخ 17 - 7 - 1972 خاص بالشقة رقم 21 بالعقار رقم 85 شارع الجيزة ورتب الحكم على ذلك بطلان وثيقة التأمين عن هذا المخزن منذ تحريرها وهو ما أدى به الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن البيان الخاطئ الذي يترتب عليه بطلان وثيقة التأمين هو البيان المتعلق بالخطر المؤمن له، أما إذا كان البيان عن خطر آخر لا صلة له بالخطر المؤمن منه، فإنه لا أثر له على إلزام شركة التأمين بتغطية الضرر فيما لو وقع الخطر المؤمن منه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى ومما قرره الحكم المطعون فيه، أن العلاقة بين الطاعن الأول وشركة التأمين المطعون ضدها الأولى تحكمها وثيقة التأمين رقم 125920 المؤرخة 30 - 7 - 1972 والمعدلة بالوثيقة 126589 المؤرخة 24 - 12 - 1973 وكذلك طلب التأمين المقدم من الطاعن الأول والمؤرخ 27 - 7 - 1972 وكان الاتفاق على ملحق الوثيقة يعتبر جزءاً من الوثيقة الأصلية ويندمج ضمن شروطها وإذ كان البين من مطالعة وثيقتي التأمين الأصلية والمعدلة أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة على أن "كل إخفاء أو إقرار غير صحيح قد يقلل من تقدير الخطر المطلوب التأمين عليه يترتب عليه بطلان التأمين كما يبين من طلب التأمين المؤرخ 27 - 7 - 1972 أن الطاعن الأول وقع على الطلب المذكور وأعطى إقرارات جوهرية رداً على أسئلة وجهتها الشركة المطعون ضدها الأولى فتكون ضمن شروط الوثيقة الأصلية وملاحقها واندمجت فيها ويكون طلب التأمين ملزماً ويحاج به الطاعن الأول عند وقوع الحادث لأي من المخزنين ومن ثم فإن النعي على الحكم بمخالفته الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم واقع الدعوى يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في المذكرة المقدمة منهما إلى محكمة الاستئناف بجلسة 28 - 4 - 1977 بأن الشركة المطعون ضدها الأولى تعمدت إخفاء طلب التأمين المقدم منه الخاص بالوثيقة الجديدة المتعلقة بالمخزن الواقع أسفل سلم العمارة 85 شارع الجيزة وبذلك استحق مبلغ التأمين بالوثيقة رقم 126589 المؤرخة 24 - 12 - 1973 وأنه طلب من محكمة الاستئناف - إذا أطرحت دفاعه أن تقرر ما تراه في شأن الاطلاع على دفاتر شركة التأمين المطعون ضدها الأولى وأوراقها واستخلاص الأمر على وجهه الصحيح، ولكن الحكم المطعون فيه لم يواجه دفاع الطاعنين ولم يعرض لطلبه مع أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى بمقولة أن الطلب المؤرخ 27 - 7 - 1972 خاص بالمخزن الذي حصل فيه الخطر المؤمن منه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول من أن الحكم المطعون فيه قد اتخذ من الطلب المؤرخ 27 - 7 - 1972 بما لقاضي الدعوى من السلطة التامة في فهم وتحصيل الواقع منها مبيناً الحقيقة التي اقتنع بها - أساساً لتحديد العلاقة بين الطاعن الأول وشركة التأمين المطعون ضدها الأولى في الوثيقة الأصلية والوثيقة المكملة - وكان الشارع قد بين في المادة 21 من قانون الإثبات كيفية تقديم طلب إلزام الخصم بتقديم المحررات الموجودة تحت يده ووصف المحرر الذي يعينه وفحواه والواقعة التي يستدل عليها والدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم ووجه إلزام الخصم بتقديمه، لما كان ذلك وكان طلب الطاعن الأول في مذكرة دفاعه قد خلت من هذه البيانات القانونية بل لم يطلب صراحة إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بتقديمه ولا يكفي في هذا الصدد مجرد الإشارة إلى المستند محل النزاع إذ الطلب الذي يعد مطروحاً على المحكمة وتلتزم بالفصل فيه، وبيان سبب رفضها له هو الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى ببطلان عقد التأمين لعدم إمساك الطاعن الأول الدفاتر المنتظمة في حين أن مسئولية المؤمن له عن إخفاء البيانات هي التي تتعلق بالبيانات الخاصة بوقوع الخطر المؤمن منه دون التي لا يكون من شأنها وقوع هذا الخطر.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التأمين باطلاً فالمؤمن له ملزم بإحاطة المؤمن عند التأمين بجميع البيانات والظروف اللازمة لتمكينه من تقدير الخطر المؤمن منه وجسامته، وقد يكون ذلك عن طريق الإجابة على أسئلة محددة في طلب التأمين حيث يسأل المؤمن له عن حقيقة ما يدلى به من بيانات فإذا كان البيان قد جعله المؤمن محل سؤال محدد ومكتوب فإنه يعتبر جوهرياً في نظره ولازماً لتقدير الخطر المؤمن منه وعليه أن يبلغ المؤمن بما يطرأ أثناء العقد من ظروف من شانها أن تودي إلى زيادة هذه المخاطر ويترتب على الإخلال بهذا الالتزام أن يقع عقد التأمين باطلاً - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن المؤمن له قد أدلى ببيانين غير صحيحين ويثبت من إقراره بعد وقوع الحادث بمحضري إثبات الحالة المؤرخين 18 - 7 - 1974 و21 - 4 - 1974 بأنه لا توجد حراسة وليست لديه حسابات منتظمة، ولما كان هذين الإقرارين الغير صحيحين يقللان من تقدير الخطر وإذ أعمل الحكم المطعون فيه الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من وثيقة التأمين الأهلية والمكملة التي نصت على "أن كل إخفاء أو أقرار غير صحيح قد يقلل من تقدير الخطر المطلوب التأمين عليه يترتب عليه بطلان التأمين" وإذ كان البيان الخاص بإمساك الدفاتر الوارد في طلب التأمين قد جعلته الشركة المطعون ضدها الأولى محل سؤال محدد ومكتوب، فإنه يعتبر جوهرياً في نظرها ولازماً لتقدير الخطر المؤمن منه وإن لم يكن له دخل في وقوع الخطر نفسه ما دام هذا البيان من شأنه أن ينتقص من تقدير الشركة المطعون ضدها الأولى لجسامة هذا الخطر وإذ أبطل الحكم المطعون فيه عقد التأمين وأسقط حق المؤمن له في مبلغ التأمين عند إدلائه ببيانات خاطئة في إقراراته الواردة في طلب التأمين والتي أبرم التأمين على أساسهاً وهو شرط جائز قانوناً وواجب الإعمال حتى ولو لم يكن للبيان الكاذب دخل في وقوع الخطر المؤمن منه إذ أنه بيان جوهري ذي أثر في تكوين التعاقد وبذلك يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان يقولان إن الحكم قضى بسقوط حق الطاعن الأول في المطالبة بقيمة التأمين إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من وثيقة التأمين تأسيساً على عدم قيام الطاعن الأول بإبلاغ الشركة المطعون ضدها الأولى بفقد مفتاح كالون باب المخزن في حين أنه طبقاً للمادتين 750 و753 من التقنين المدني يقع باطلاً كل شرط مطبوع لم يبرز وثيقة التأمين بشكل ظاهر كان يؤدي إلى البطلان فضلاً عن أنه إذا انكشفت الحقيقة بعد تحقق الخطر فلا يترتب على ذلك إلا أن المؤمن لا يدفع من التعويض إلا ما يتناسب مع الأقساط المدفوعة وبشرط أن يكون المؤمن له سيء النية ولم يثبت من الحكم المطعون فيه سوء نية الطاعن الأول وأن الشرط قد أبرز بشكل ظاهر.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه يبين من أوراق الطعن أن الطاعنين لم يثيرا الدفع ببطلان نص الفقرة الثانية من المادة الثامنة الواردة في وثيقة التأمين - أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيه ومن ثم يعد سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.