جلسة 8 من أبريل سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد حسني بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: إبراهيم خليل بك وإسماعيل
مجدي بك وباسيلي موسى بك وحافظ سابق المستشارين.
-----------
(292)
القضية رقم 1629 سنة 21
القضائية
إجراءات.
أوجه البطلان في
الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة. ووجوب إبداؤها قبل سماع أول شاهد أو قبل
المرافعة إن لم يكن هناك شهود.
-------------
من المقرر بالمادة 236 من
قانون تحقيق الجنايات أن أوجه البطلان الذي يقع في الإجراءات السابقة علي انعقاد
الجلسة يجب إبداؤها قبل سماع أول شاهد أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا
سقط الحق بها، وإذن فمتى كان الثابت من الملف أو أوراق دعوى الجنحة المباشرة قد
أرسلت إلى النيابة العمومية حسب القانون، وكانت المدعية قد ضمنت ورقة التكليف
بالحضور ببيان الواقعة والتهمة التي أسندتها للمتهم ونص القانون المنطبق عليها،
وكانت النيابة العامة قد طلبت من أول جلسة بمحكمة أول درجة عقاب المتهم بالمادة
308 من قانون العقوبات وحضر المتهم أمامها وتكلم في موضوع الدعوى وطلب الحكم
بالبراءة، فلا يكون هناك محل لما يثيره الطاعن في مذكرته التي تقدم بها للمحكمة
الاستئنافية بعد حجز القضية للحكم من عدم استيفاء الدعوى للشروط المقررة قانوناً.
الوقائع
رفعت المدعية بالحق
المدني هذه الدعوى مباشرة على الطاعن أمام محكمة الرمل الجزئية متهمة إياه بأنه
تعدى عليها بألفاظ السباب المبينة بعريضة الدعوى. وطلبت عقابه بالمادة 308 من
قانون العقوبات مع الحكم لها عليه بمبلغ عشرة مليمات على سبيل التعويض المؤقت
والمحكمة قضت بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1950 عملاً بالمواد 171 و306 و308/ 1 من قانون
العقوبات (على اعتبار أنه قذف في حقها علنا وكان القذف يتضمن طعناً في عرضها
وخدشاً لشرفها) بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وبتغريمه خمسمائة قرش وأمرت
بوقف تنفيذ عقوبة الحبس مع إلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني عشرة مليمات على
سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف. ومحكمة إسكندرية الابتدائية قضت حضورياً بتاريخ 11
يونيه سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...
الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الطاعن طلب إلى المحكمة الاستئنافية مناقشة شهود الإثبات فيما تناقضوا فيه مما لم
يكن محل بحث أمام محكمة أول درجة، فلم تستجب لهذا الطلب أو ترد عليه، واقتصرت على
تأييد الحكم لأسبابه. كما أنه تقدم إليها بدفع قانوني بأن دعوى الجنحة المباشرة
غير مقبولة لعدم استيفائها الشكل المطلوب قانوناً، ذلك أن المدعية أوردت واقعة
الدعوى دون أن تبين التهمة التي تسندها إلى الطاعن، وقد أغفل الحكم الرد على هذا
الدفع. ويضيف الطاعن إلى ذلك أن ألفاظ القذف المسندة إليه ليست شائنة ولا مقذعة
بذاتها بحيث لا تدع مجالاً لافتراض حسن النية، إذ هي متصلة بالنزاع القائم بين
الطرفين على إخلاء المسكن، والذي رفعت بشأنه دعوى حكم برفضها، وقد طلب الطاعن إلى
المحكمة ضم هذه الدعوى فأغفلت هذا الطلب أيضاً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على ملف الدعوى، وقد أمرت هذه المحكمة بضمه تحقيقاً للطعن، إن الطاعن تقدم للمحكمة
الاستئنافية بمذكرة بعد حجز القضية للحكم، طلب فيها عدم قبول الدعوى لأنها غير
مستوفاة الشروط المقررة قانوناً، وقال في بيان ذلك إن الدعوى رفعت بطريق الجنحة
المباشرة وقد ذكرت فيها المدعية واقعة الدعوى وقالت إنها تكون جريمة قذف علني
يتضمن طعناً في العرض والشرف وهي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 308 عقوبات وكلفته
بالحضور أمام محكمة جنح الرمل ليسمع الحكم بأن يدفع لها مبلغ عشرة مليمات تعويضاً
مؤقتاً عن هذه الجريمة. إلا أن المدعية لم تطلب في عريضة دعواها من النيابة العامة
توجيه تهمة القذف إلى الطاعن، وأن هذا من شأنه أن يجعل الدعوى غير مقبولة. ثم أشار
الطاعن في مذكرته بعد ذلك إلى أقوال الشهود وما اختلفوا فيه، وقال إنه فات محكمة
أول درجة أن تناقشهم في ذلك، ولهذا يطلب إلى المحكمة الاستئنافية استدعاءهم
لمناقشتهم فيه، كما أشار إلى أن محكمة أول درجة استوضحت عما تم في القضية التي
رفعتها المدعية بالحق المدني على الطاعن فأجابتها المدعية بأنه حكم فيها بطلباتها،
وهي إجابة غير صحيحة لأن القضية المذكورة حكم برفضها، وطلب الطاعن من المحكمة أن
تأمر بضم هذه القضية.
وحيث إنه لما كان الثابت
من الملف أن أوراق دعوى الجنحة المباشرة قد أرسلت إلى النيابة العمومية حسب
القانون، وكانت المدعية قد ضمنت ورقة التكليف بالحضور بيان الواقعة والتهمة التي
أسندتها للمتهم ونص القانون المنطبق عليها، وكانت النيابة العامة، قد طلبت، من أول
جلسة بمحكمة أول درجة عقاب المتهم بالمادة 308 عقوبات وحضر الطاعن أمامها وتكلم في
موضوع الدعوى وطلب الحكم بالبراءة، لما كان ذلك فلا محل لما يقوله الطاعن عن
البطلان إذ أنه من المقرر بالمادة 236 من قانون محاكم الجنايات أن أوجه البطلان
الذي يقع في الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة يجب إبداؤها قبل سماع أول شاهد،
أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا سقط الحق بها - أما ما يقوله من أن
المحكمة الاستئنافية لم تستجب إلى ما طلبه من استدعاء الشهود لمناقشتهم، فمردود
بما هو ثابت في الأوراق من أن محكمة أول درجة قد أجرت تحقيق الدعوى وسمعت الشهود
وناقشتهم في حضور الطاعن، وتهيأت له الفرصة لسؤالهم فيما قد يرى أن يناقشهم فيه،
وبأن المحكمة الاستئنافية إنما تحكم في الدعوى من واقع الأوراق، وهي غير ملزمة
بإجراء تحقيق جديد فيها إلا ما ترى هي لزومه لظهور الحقيقة. وأما عن طلب ضم القضية
فمردود كذلك بأن الطاعن، فضلاً عن أنه لم يتقدم بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة
تصحيحاً لما أحابت به المدعية عن نتيجتها فإنه لم يتمسك به عندما أشار إلى طلباته
وحددها في ختام المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية، وأما عن ألفاظ القذف
فقد أورد الحكم هذه الألفاظ والمطاعن وناقش دفاع الطاعن عنها وأطرحه وأشار إلى ما
تضمنته العبارات من مساس بالعرض وخدش للسمعة. ولما كان بما أورده في ذلك من شأنه
أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص ثبوت القصد
الجنائي من ذات عبارات القذف دون أن تلزم بالتحدث عنه صراحة في حكمها إذ أن ما
تورده فيه عن الإدانة وأدلة ثبوتها يتضمن بذاته ثبوت هذا الركن، لما كان ذلك فإن
المحكمة حين دانت الطاعن لا تكون قد أخطأت في شيء.
ومن ثم يكون الطعن على
غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق