جلسة 12 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد
شلبي.
------------------
(47)
الطعن
رقم 934 لسنة 49 القضائية
(1) تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع.
التعويض. تقديره بمقدار
الضرر المادي والضرر الأدبي المباشر الذي أحدثه الخطأ. استقلال محكمة الموضوع به
ما دام قضاؤها قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(2) خبرة. محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. لها الأخذ
بتقرير الخبير كله أو بعضه.
(3 – 4) استئناف "الطلبات الجديدة". نظام عام. تعويض. دفوع.
(3) الدفع بعد قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف. م 235
مرافعات. متعلق بالنظام العام. الطلب الجديد. ماهيته.
(4) قضاء محكمة أول درجة للمستأنف بطلب التعويض المؤقت. مطالبته
زيادته أمام محكمة الاستئناف طلب جديد. علة ذلك.
(5) استئناف.
الاستئناف الفرعي. شرطة.
وجود استئناف أصلي.
--------------
1 - البيّن من نصوص المواد 170، 221، 222 من القانون المدني وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموماً
يقدر بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر
الأدبي على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير
الضرر ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل
بها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير قيمة عمل الخبير ولها أن تأخذ
بتقرير الخبير كله أو أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح البعض الآخر وتقضي بما يطمئن
إليه وجدانها.
3 - مفاد نص المادة 235 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر الدفع بعدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف
متعلقاً بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو
طلب جديد أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا أن يكون هذا الطلب في
حدود الاستثناء الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر،
ويعتبر الطلب جديد ولو لم يتغير عن موضوع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة متى
كان يجاوزه في مقداره ما لم تكن تلك الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من تلك
المادة.
4 - إذ كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام
دعواه أمام محكمة أول درجة مطالب بمبلغ 5000 جنيه كتعويض، وبعد أن قدم الخبير
المنتدب تقريره طلب الطاعن الحكم له بمبلغ 4700 جنيه مؤقتاً وقد أجابته محكمة أول
درجة إلى طلبه هذا فأقام استئناف فرعياً مطالباً زيادة مقدار التعويض إلى
18224.702 جنيه، فلا مراء في أن طلب هذه الزيادة يعتبر طلباً جديداً، ذلك أن
التعويضات التي أجازت الفقرة الثانية من المادة 235 من قانون المرافعات المطالبة
بزيادتها استثناء أمام محكمة الاستئناف هي التعويضات التي طرأ عليها ما يدر
زيادتها عما صدرت به في الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة نتيجة تفاقم الأضرار
المبررة للمطالبة بها.
5 - يشترط لرفع الاستئناف الفرعي وجود استئناف أصلي، فلا يرفع
الاستئناف الفرعي عن حكم لم يسبق استئنافه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم
270 سنة 1970 مدني القاهرة الابتدائية التي قيدت برقم 2271 سنة 1971 مدني شمال
القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له
مبلغ 5000 جنيه، وقال بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 22/ 6/ 1949 أتفق مع
المرحوم.... مورث المطعون عليهم الستة الأول على إعداد شرح لغوي مختصر للأحاديث
النبوية الشريفة التي وردت بمصنف الموطأ للإمام مالك وترتيب فهارس لها، وعلى أن
يكون للطاعن حق طبع هذا المصنف، وحظر على المورث المذكور أن يتعاقد مع أي ناشر أخر
على طبع هذا المصنف، غير أنه فوجئ بتاريخ 10/ 11/ 1969 - بالمطعون عليها السابعة
تعيد طبعة وطرحه للبيع بعد أن اتفقت مع المطعون عليهم الستة الأول على ذلك بتاريخ
15/ 2/ 1969 مما ألحق ضرراً بالطاعن يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به، فأقام
الدعوى بطلبه سالف البيان، وأقامت المطعون عليها السابعة دعوى فرعية ضد باقي
المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها ما قد يحكم به عليها،
كما أقام المطعون عليهم الستة الأول دعوى فرعية ضد الطاعن بطلب الحكم بفسخ العقد
المؤرخ 22/ 6/ 1949، وبتاريخ 13/ 6/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية
بالنسبة للمطعون عليها السابعة وبرفض الدعوى الفرعية المرفوعة من المطعون عليهم
الستة الأول ضد الطاعن وندبت مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لبيان عدد النسخ
التي طبعها كل من الطاعن والمطعون عليها السابعة من المصنف موضوع النزاع ومقدار ما
بيع منها وما حققه كل منهما من ربح وما يكون قد فات الطاعن من كسب أو لحقه من
خسارة، وبعد أن قدم الخبير تقديره حكمت المحكمة بتاريخ 30/ 11/ 1977 بإلزام
المطعون عليهم الستة الأول بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ 4700 جنيه استأنف المطعون
عليهم الستة الأول الحكم الصادر بتاريخ 13/ 6/ 1970 لدى محكمة استئناف القاهرة
بالاستئناف رقم 1380 سنة 87 قضائية مدني كما استأنفوا الحكم الصادر بتاريخ 30/ 11/
1977 بالاستئناف رقم 8 سنة 95 قضائية مدني. أقام الطاعن استئنافاً فرعياً عن
الحكمين سالفي الذكر قيد برقم 2460 سنة 95 قضائية مدني وطلب إلزام المطعون عليهم
متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 18224.702 جنيه، وبتاريخ 27/ 2/ 1979 حكمت المحكمة
بعدم قبول الاستئناف الفرعي وبرفض الاستئناف رقم 3180 سنة 87 قضائية مدني وتأييد
الحكم المستأنف، وفي الاستئناف رقم 8 سنة 95 قضائية مدني بتعديل الحكم المستأنف
إلى إلزام المطعون عليهم الستة الأول بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 168.805 جنيه. طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت إنه جدير بالنظر، وحددت
جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه قد التفت عن النتيجة
التي خلص إليها الخبير المنتدب في تقريره وعول على بعض ما جاء بالتقرير، ولم يبرر
ذلك تبريراً كافياً، وأغفل تعويض الطاعن عما فاته من كسب يتمثل فيما عاد على
المطعون عليها السابعة من ربح من جراء توزيع المصنف سالف الذكر مع مراعاة ما أنفقه
الطاعن من مصروفات للإعلان عن المصنف، وهو ما يدخل ضمن عناصر الضرر الذي لحق
بالطاعن، فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي برمته
مردود، ذلك أن البين من نصوص المواد170 و121 و222 من القانون المدني - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المساءلة المدنية أن التعويض عموماً يقدر
بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي
على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الملابسة للمضرور، وتقدير الضرر
ومراعاة الظروف الملابسة عند تقدير التعويض الجابر له مسألة موضوعية تستقل بها
محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان
الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وراعى في تقدير التعويض المقضي به الظروف
الملابسة للطاعن والضرر المباشر الذي حاق به لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب،
وأوضح الحكم عناصر الضرر وعول في ذلك على بعض ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في
الدعوى وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي
لحمله وتواجه دفاع الطاعن، لما كان ما تقدم وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير قيمة
عمل الخبير ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح البعض
الآخر وتقضي بما يطمئن إليه وجدانها، فلا على محكمة الموضوع في هذه الحالة إذ طرحت
بعض ما ورد بتقرير الخبير آنف الذكر، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول
أنه أقام استئنافاً فرعياً طالباً الحكم بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا مبلغ
18224.702 جنيه على سند من القول أن هذا الطلب كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة
فاتصل به علم الخصوم، وقد طلبه بصفه احتياطية حتى لا يطيل أمد التقاضي، ولا يغير
من ذلك أنه وافق أمام المحكمة المذكورة على أن يحكم له بمبلغ 4700 جنيه كتعويض
مؤقت، إذ يجوز له أن يطلب أمام محكمة الاستئناف التي طرحت عليها الدعوى بحالتها
التي كانت عليها - زيادة هذا التعويض عملاً بنص المادة 235 من قانون المرافعات،
هذا إلى أن المطعون عليها مسئولة مع باقي المطعون عليهم عن التعويض، غير أن الحكم
المطعون فيه قضى بعدم قبول هذا الاستئناف بالنسبة لطلب زيادة التعويض تأسيساً على
أنه طلب جديد وكذلك الحال بالنسبة لمسئولية المطعون عليها السابعة رغم ما قدمه من
مستندات تدل على انتفاء حسن نيتها عندما قامت بطبع المصنف سالف الذكر، فيكون الحكم
المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد في شقه الأول، ذلك أن المادة 235 من قانون المرافعات قد جرى نصها بأنه
"لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم
قبولها ومع ذلك يجوز أن يضاف على الطلب الأصلي الأجور والفوائد والمرتبات وسائر
الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى وما
يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي
على حالة تغيير سببه والإضافة إليه ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان
الاستئناف قد قصد به الكيد" مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -
أن المشرع اعتبر الدفع بعدم قبول طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف متعلقاً
بالنظام العام وأوجب على تلك المحكمة إذا ما تبينت أن المعروض عليها هو طلب جديد
أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبوله إلا أن يكون هذا الطلب في حدود الاستثناء
الوارد في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر، ويعتبر الطلب جديداً
ولو لم يتغير عن موضوع الطلب المبدى أمام محكمة أول درجة متى كان يجاوزه في مقداره
ما لم تكن تلك الزيادة مما نص عليه في الفقرة الثانية من تلك المادة، لما كان ذلك
وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة أول درجة
مطالباً بمبلغ 5000 جنيه كتعويض على النحو سالف البيان، وبعد أن قدم الخبير تقريره
طلب الطاعن الحكم بمبلغ 4700 جنيه مؤقتاً وقد أجابته محكمة أول درجة إلى طلبه هذا
فأقام استئنافاً فرعياً مطالباً زيادة مقدار التعويض إلى مبلغ 18224.702 جنيه، فلا
مراء في أن طلب هذه الزيادة، يعتبر طلباً جديداً ذلك أن التعويضات التي أجازت
الفقرة الثانية من المادة 235 المشار إليها المطالبة بزيادتها استثناء أمام محكمة
الاستئناف هي التعويضات التي طرأ عليها ما يبرر زيادتها عما حددت به في الطلبات الختامية
أمام محكمة أول درجة نتيجة تفاقم الأضرار المبررة للمطالبة بها، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر واعتبر الزيادة في الحالة طلباً جديداً فإنه يكون قد التزم
صحيح القانون، هذا والنعي في شقه الثاني من غير محله، ذلك أنه يشترط لرفع
الاستئناف الفرعي وجود استئناف أصلي، فلا يرفع الاستئناف الفرعي عن حكم لم يسبق
استئنافه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الحكم الصادر بتاريخ 13/ 6/ 1970 -
الذي قضى برفض دعوى الطاعن قبل المطعون عليها الأخيرة لم يكن محل طعن بالاستئناف
المرفوع من المطعون عليهم الستة الأول، فإن الاستئناف الفرعي بطلب الحكم بإلزام
المطعون عليها الأخيرة بالتعويض بالتضامن مع باقي المطعون عليهم يكون غير مقبول،
وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم
يكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق