الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 مايو 2020

الطعنان 251 ، 309 لسنة 55 ق جلسة 30 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ج 1 ق 64 ص 347


جلسة 30 من يناير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.
------------------
(64)
الطعنان رقما 251، 309 لسنة 55 القضائية

 (1)نقض "الخصوم في الطعن". حكم. "حجيته الحكم". قوة الأمر المقضي. استئناف.
 (1)قبول الحكم الابتدائي وعدم استئنافه. استئناف هذا الحكم من خصم آخر. لا يجيز لمن قبله أن يطعن على حكم محكمة الاستئناف بالنقض طالما لم يقضي عليه بشيء.
 (2)مسئولية "المسئولية التقصيرية".
مسئولية المتبوع. مناطها. أن يكون فعل التابع قد وقع أثناء تأديته وظيفته أو كان قد استغل وظيفته أو ساعدته أو هيأت له فرصه ارتكابه الفعل غير المشروع سواء كان ذلك لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخص بعلم المتبوع أو بغير علمه. م 174 مدني.
(3) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض".
التناقض الذي يعيب الحكم - ماهيته. ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر وتتماحى فلا يبقى ما يقيم الحكم أو يحمله.
 (4)حكم "حجيته الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي. تعويض.
حجيته الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. مناطها. المادتان 456 إجراءات 102 إثبات. استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه. لا حجية له أمام القاضي المدني عنه بحث التعويض المستحق.

----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الطاعن قد قبل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه وإنما استأنفه آخر من الخصوم، ولم يقضي الحكم الاستئنافي على الطاعن بشيء أكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي فلا يقبل منه الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن - الاستئناف رفع من الهيئة الطاعنة دون سواها من المحكوم عليهم، فإن الطاعن يكون بذلك قد قبل الحكم الابتدائي، فحاز قوة الأمر المقضي في حقه، فلا يكون له الحق في الطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بصدد تحديد نطاق مسئولية المتبوع وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدني لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على مسئولية التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما استغل التابع الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع، أو هيأت له بأي طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أولاً علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقة.
4 - لما كان مؤدى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (4) أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحكمة المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر ومن ثم فإن استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه في الخطأ أو تقرير مساهمته فيه يعتبر من الأمور الثانوية بالنسبة للحكم بالإدانة، ذلك أن تقرير الحكم قيام هذه المساهمة من المجني عليه أو نفيها عنه لا يؤثر إلا في تحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى والقاضي الجنائي غير ملزم ببيان الأسباب التي من أجلها قدر عقوبة معينة طالما أن هذه العقوبة بين الحدين المنصوص عليهما في القانون، إذ كان ذلك فإن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ عن فعل المتهم وحده دون غيره وأن يلزمه بدفع كل التعويض المستحق للمجني عليه حتى لو كان الحكم الجنائي قد قرر بأن المجني عليه أو الغير قد ساهما في إحداث الضرر، كما أن له أن يقرر أن المجني عليه أو الغير أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي ثمة خطأ في جانبه - ليراعي ذلك في تقدير التعويض إعمالاً لنص المادة 216 من القانون المدني التي تنص على أنه "يجوز للقاضي أن ينقض مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان للدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه"


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعنين أقام الدعوى 915 لسنة 1981 مدني طنطا الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامها بأن يدفعا إليه خمسة عشر ألف جنيه، تعويضاً عما لحقه من أضرار نتيجة إصابته بسبب خطأ ارتكبه الطاعن الأول أثناء قيادته لدراجة بخارية بمناسبة أداء عمله لدى الهيئة الطاعنة، وأدين عنه بحكم بات، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى للتحقيق، وسمعت الشهود حكمت بتاريخ 30/ 5/ 1983 بالتعويض، استأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 671 لسنة 33 ق، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف 692 لسنة 33 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 4/ 12/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن الأول في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 251 لسنة 55 ق، كما طعنت فيه الهيئة بالطعن 309 لسنة 55 ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي في الطعن الأول بعدم قبوله وفي الطعن لثاني برفضه، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
الطعن 251 لسنة 55 ق:
حيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الطاعن قد قبل الحكم الابتدائي ولم يستأنفه وإنما استأنفه آخر من الخصوم، ولم يقض الحكم الاستئنافي على الطاعن بشيء أكثر مما قضى به عليه الحكم الابتدائي، فلا يقبل منه الطعن على الحكم الاستئنافي بطريق النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الاستئناف رفع من الهيئة الطاعنة دون سواها من المحكوم عليهم، فإن الطاعن يكون بذلك قد قبل الحكم الابتدائي، فحاز قوة الأمر المقضي في حقه، فلا يكون له الحق في الطعن بطريق النقض في الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المرفوع منه.
الطعن 309 لسنة 55 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بأول سببي الطعن وبالشق الأول من الوجه الرابع من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بالتعويض استناداً إلى مسئوليتها عن أعمال تابعها المطعون ضده الثاني طبقاً لنص المادة 174 من القانون المدني، في حين أن الفعل الضار الذي وقع من تابعها ليس عملاً من أعمال وظيفته، وقد ارتكبه خارج مقر العمل في الطريق العام بمركبه مملوكة له، ومن ثم تنفي مسئوليتها عن تعويض الأضرار الناتجة عنه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع بصدد تحديده نطاق مسئولية المتبوع وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدني لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما استغل التابع الوظيفة أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع، أو هيأت له بأي طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أولاً علاقة له بها، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني يعمل مندوب حجز بالهيئة الطاعنة، وهو ما يقتضي منه الانتقال إلى جهات متعددة لتوقيع الحجوزات استيفاء لمستحقات الهيئة، وإذ ارتكب الحادث أثناء عودته في حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً بعد أداء عمل له بناحية كفر سنباط، فإن الحادث بذلك يكون قد وقع بسبب هذه الوظيفة، وتكون الهيئة الطاعنة مسئولة عن الضرر الذي أحدثه المطعون ضده الثاني بعلمه غير المشروع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الهيئة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني التناقض والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاء على أن المطعون ضده الثاني كان يقود مركبته أثناء عودته من علمه، ورتب على ذلك أن الحادث وقع منه أثناء تأدية وظيفته، في حين أن العودة من العمل ومغادرة مقره من شأنها أن تقطع علاقة العامل بوظيفته مؤقتاً، فلا يكون الحادث قد وقع أثناء تأدية الوظيفة، مما يشوب الحكم بالتناقض، وأورد في مدوناته أن الفعل قد وقع من التابع عندما كان مكلفاً بمهمة رسمية من المكتب القائم بالعمل فيه دون أن يورد الدليل على ذلك التكليف.
حيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على مقتضى ما حصله من فهم الواقع وعلى ما سلف بيانه في الرد على وجه النعي السابق أن الحادث وقع من تابع الهيئة الطاعنة أثناء عودته من عمل له، فيكون قد وقع أثناء تأدية وظيفته، وهو ما يكفي في القانون لقيام مسئولية الهيئة الطاعنة، فإن النعي عليه التناقض وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الهيئة الطاعنة في الوجه الأول والشق الثاني من الوجه الرابع من السبب الثاني والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول أسهم بخطئه في وقوع الحادث، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يناقش هذا الدفاع الجوهري بقوله إن صدور الحكم الجنائي النهائي بالإدانة يلزم القاضي المدني فلا يملك إلا بحث الحقوق المدنية المترتبة عليه، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الهيئة الطاعنة تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضده الأول أسهم بخطئه في وقوع الحادث، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "أنه لما كان قد قضى بإدانة المستأنف ضده الأول في الجنحة 4796 لسنة 1979 زفتي وأصبح الحكم باتاً فإن المحكمة المدنية لا تملك إلا بحث الحقوق المدنية المترتبة على الجريمة". ولما كان مؤدى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحكمة المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر. ومن ثم فإن استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه في الخطأ أو تقرير مساهمته فيه يعتبر من الأمور الثانوية بالنسبة للحكم بالإدانة، ذلك أن تقرير الحكم قيام هذه المساهمة من المجني عليه أو نفيها عنه لا يؤثر إلا في تحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى، والقاضي الجنائي غير ملزم ببيان الأسباب التي من أجلها قدر عقوبة معينة طالما أن هذه العقوبة بين الحدين المنصوص عليهما في القانون، إذ كان ذلك فإن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ عن فعل المتهم وحده دون غير وأن يلزمه بدفع كل التعويض المستحق للمجني عليه حتى ولو كان الحكم الجنائي قد قرر بأن المجني عليه أو الغير قد ساهما في إحداث الضرر، كما أن له أن يقرر أن المجني عليه أو الغير أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي ثمة خطأ في جانبه - ليراعي ذلك في تقدير التعويض إعمالاً لنص المادة 216 من القانون المدني التي تنص على أنه "يجوز للقاضي أن ينقض مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما، إذا كان للدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه"، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، بما حجبه عن تحقيق دفاع الهيئة الطاعنة الذي لو ثبت بتغير وجه الرأي في تقدير التعويض بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً لهذا السبب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق