الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 أبريل 2023

الطعن 94 لسنة 13 ق جلسة 30 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 115 ص 303

جلسة 30 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

---------------

(115)
القضية رقم 94 سنة 13 القضائية

أ - أرض متنازع عليها. 

استخلاص كونها من أملاك الحكومة الخاصة وليست مخصصة لمنفعة عامة. موضوعي. متى تتدخل محكمة النقض؟
ب - ترك المرافعة. 

حكم تمهيدي مشتمل على قضاء قطعي. عدم سقوطه. الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي تملكه الأرض بوضع اليد. اشتماله على القضاء باعتبار الأرض ملكاً خاصاً للحكومة. ترك المدعي المرافعة بعد الحكم. تمسك الحكومة بسقوط الشق التمهيدي من الحكم نتيجة لترك المرافعة. قول المحكمة إن هذا الشق لم يسقط. صحيح.

--------------
1 - متى كانت المحكمة قد استخلصت، بناءً على ما تبين لها من المعاينة التي أجرتها بنفسها وما أثبته الخبير الذي ندبته وما توافر لديها من الدلائل الأخرى التي استظهرتها من الأوراق، أن الأرض المتنازع عليها غير مخصصة لأية منفعة عامة وإنما هي من أملاك الحكومة الخاصة، وكان ما استخلصته من ذلك متسقاً مع الوقائع التي استعرضتها، فإنه لا سبيل إلى محكمة النقض للتعرض لها في هذا الأمر الموضوعي.
2 - إذا كانت المحكمة الابتدائية بعد أن قررت في أسباب حكمها أن أرض النزاع من أملاك الحكومة الخاصة قد أمرت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بجميع الطرق القانونية وضع يده على الأرض المتنازع عليها وضعاً صحيحاً مكسباً للملكية بمضي المدة ثم استأنفت المدعى عليها هذا الحكم طالبة إلغاءه بشطريه، فحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء حكم الإحالة على التحقيق وبإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها بحالتها، فترك المدعي المرافعة أمامها وقضت المحكمة بإثبات ذلك، وفي هذا الوقت كان الطعن في حكم محكمة الاستئناف منظوراً أمام محكمة النقض فقضت بنقض الحكم وبإعادة القضية لمحكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد (1)، وعند نظرها أمامها تمسكت الحكومة في دفاعها بسقوط الشق التمهيدي من الحكم المستأنف نتيجة لترك المدعي المرافعة فقضت المحكمة بتأييده قائلة إن هذا الشق من الحكم لم يسقط، فلا مخالفة في ذلك للقانون. إذ أن الشق التمهيدي من الحكم إنما هو متفرع عن شقه القطعي وليس مستقلاً عنه بل هو الغاية المقصودة منه، فإن المحكمة لم تبحث في صفة الأرض إن كانت من أملاك الحكومة الخاصة أو العامة إلا لترى ما إذا كان يجوز تملكها بمضي المدة أو لا، ولا نتيجة للشق القطعي ولا فائدة منه ولا حجية له لو حصل السكوت عليه ووقف الأمر بين الطرفين عند القضاء بأن الأرض من أملاك الحكومة الخاصة دون تمكين المدعي من إثبات وضع يده عليها المدة المكسبة للملكية الأمر الذي هو لب النزاع وجوهره (2).


(1) حكم النقض المشار إليه هو الحكم الصادر في 7 ديسمبر سنة 1939 في القضية رقم 21 سنة 9 القضائية المنشورة قاعدته في الجزء الثالث من هذه المجموعة تحت رقم 12 صفحتي 23 و24 ومنه يتضح أن الحكم الابتدائي كان صادراً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ومشتملاً في أسبابه على القضاء قطعياً باعتبار الأرض المتنازع عليها من أملاك الحكومة الخاصة، وأن هذا الحكم قد ألغي في الاستئناف، وأن حكم الاستئناف قد نقض لخلوه من أسباب يقوم عليها قضاؤه الضمني في صفة الأرض المتنازع عليها.
(2) كانت الحكومة في طعنها تسلم بأن ترك المرافعة لم يؤثر في قيام القضاء القطعي ولكنه أسقط الحكم التمهيدي، قياساً على ما هو مقرر في شأن الأثر الذي يترتب على الحكم ببطلان المرافعة. ومحكمة النقض قد وافقت محكمة الاستئناف على اعتبار الحكم التمهيدي في صورة الدعوى جزءاً متمماً للقضاء القطعي يبقى ببقائه ولا يتأثر أيهما بترك المرافعة.

الطعن 84 لسنة 13 ق جلسة 23 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 114 ص 302

جلسة 23 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(114)
القضية رقم 84 سنة 13 القضائية

عقد. 

رجوع المحكمة في تحديد التزامات كل من طرفيه إلى عقد البيع الابتدائي دون العقد النهائي. مخالفة للقانون. العقد النهائي هو قانون المتعاقدين.

------------
إذا كان الحكم فيما حصله من وقائع الدعوى لتحديد التزامات كل من طرفي التعاقد توطئة لمعرفة المقصر منهما قد رجع إلى عقد البيع الابتدائي دون العقد النهائي الذي اختلفت شروطه عن العقد الابتدائي وبه استقرت العلاقة بين الطرفين، فإنه يكون قد خالف القانون بعدم أخذه بهذا العقد الذي يكون هو قانون المتعاقدين.

الطعن 823 لسنة 43 ق جلسة 22 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 211 ص 1074

جلسة 22 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين: ممدوح عطية، د. بشري رزق، رأفت عبد الرحيم، ومحمد حسب الله

-------------

(211)
الطعن رقم 823 لسنة 43 القضائية

(1، 2) عمل "الأجر"
(1) عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي الحد الأدنى للمرتبات المقررة باللائحة 1598 سنة 61 ق 51 لسنة 1968 جواز طلبهم إضافة المتوسط الشهري للمنح.
(2) المنح الواجبة الضم لمرتبات العاملين بشركات القطاع العام. ماهيتها.

-------------
1 - اقتصر القانون رقم 51 لسنة 1968 في شأن عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي الحد الأدنى للمرتبات المقررة في لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة - بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 المادة الأولى منه على منع العاملين الذين سرت في شأنهم هذه اللائحة من الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر في الجدول المرافق لها للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف أية فروق عن الماضي، فلا يمتد هذا المنع إلى مطالبة العاملين بالقطاع العام بإضافة المتوسط الشهري للمنح التي صرفت لهم إلى مرتباتهم طبقاً لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة ولما أوجبته المادة 90 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966.
2 - النص في المادة 90 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 على أن "يراعي عند تحديد مرتبات العاملين بالمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها أن يضاف إليها المتوسط الشهري للمنح التي صرفت إليهم في الثلاث سنوات السابقة على تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بالنسبة للعاملين بالشركات العامة وقرار رئيس الجمهورية رقم 800 لسنة 1963 بالنسبة للعاملين بالمؤسسات العامة..." والنص في المادة الثالثة في مواد إصدار القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العمل به من تاريخ نشره. مفاده أن العبرة في متوسط المنح واجبة الضم لمرتبات العاملين بشركات القطاع العام هي بالمنح التي صرفت إليهم في السنوات الثلاثة السابقة على تاريخ نفاذ هذا القرار الأخير في 29 ديسمبر سنة 1962. لما كان ذلك وكان الثابت أن الشركة الطاعنة قد حولت إلى شركة مساهمة بالقرار الجمهوري رقم 1106 لسنة 1965 الصادر في أول مايو سنة 1965 قبل تاريخ سريان قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 في 28 من أغسطس سنة 1966 فيكون متوسط المنح التي يجب إضافتها إلى مرتب المطعون ضده هي التي صرفتها إليه الشركة الطاعنة في الثلاث سنوات السابقة على 29 من ديسمبر سنة 1962.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2308 سنة 1968 عمال جزئي الإسكندرية التي قيدت برقم 1071 سنة 1969 عمال كلي بعد إحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب إلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي له مبلغ 250 جنيهاً وما يستجد. وقال بياناً للدعوى أنه يعمل لدى هذه الشركة منذ أول سبتمبر سنة 1951 وإذا أضافت إلى مرتبه منحة مقدارها 7 جنيه و500 مليم مع أن المنحة واجبة الإضافة إليه قيمتها 13 جنيه وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 المادة 90 من القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966 فقد أقام دعواه بطلب المبلغ سالف البيان قيمة الفروق عن المدة من 1/ 9/ 1962 حتى 30/ 6/ 1968 خلاف ما يستجد وبتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1969 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذه الحكم باستئنافه المقيد برقم 1134 سنة 25 ق مدني أمام محكمة استئناف الإسكندرية. فقضت في 27 من مايو سنة 1970 بندب خبير لأداء المهمة التي حددتها له، وبعد أن قدم الخبير تقريره، قضت في 13 من يونيو سنة 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 315 جنيه و187 مليم وما يستجد بواقع 2 جنيه و441 مليماً شهرياً اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1973. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعون. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 18 من مارس سنة 1978، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وتقول بياناً له أن أحكام القانون رقم 51 لسنة 1968 تمنع المطعون ضده من المطالبة بفروق لرفع مرتبه لكن الحكم خالف هذا النظر وقضى له بهذه الفروق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن القانون رقم 51 لسنة 1968 في شأن عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي الحد الأدنى للمرتبات المقررة في لائحة نظام موظفي وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 إنما اقتصر في المادة الأولى منه على منع العاملين الذين سرت في شأنهم هذه اللائحة من الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر في الجدول المرافق لها للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف أية فروق عن الماضي فلا يمتد هذا المنع إلى مطالبة العاملين بالقطاع العام بإضافة المتوسط الشهري للمنح التي صرفت لهم إلى مرتباتهم طبقاً لما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة ولما أوجبته المادة 90 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1969 لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه بطلب فروق الأجر الناتجة عن ضم متوسط المنح المنصرفة له إلى مرتبه بالاستناد إلى أحكام هذين القرارين الأخيرين، فتكون هذه بمنأى عن أحكام المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1968 وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فأنه يضحى سديداً في القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وتقول في بيان ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم الاعتداد بتقرير الخبير المنتدب ورفض طلبات المطعون ضده ابتناء على أنها وقد اندمجت مع شركات أخرى في المؤسسة العامة لكبس القطن بموجب القرار الجمهوري رقم 110 لسنة 1961 واستمر وضعها القانوني كمؤسسة عامة حتى صدر القرار الجمهوري رقم 1106 لسنة 1965 بتحويلها إلى شركة مساهمة عربية فيحتسب للمطعون ضده متوسط منح العاملين بالمؤسسات العامة وهي تلك المنصرفة له في السنوات الثلاثة السابقة على 9/ 5/ 1963 ومقدار هذا المتوسط خمسة جنيهات وذلك وفقاً للمادة 90 من القرار الجمهوري رقم 3309 سنة 1966 وما دامت قد أضافت إلى مرتبه مبلغاً يجاوز هذا المبلغ فلا يستحق أية فروق، بيد أن الحكم المطعون فيه اعتمد تقرير الخبير دون تحقيق ذلك الدفاع والاعتداد به مما يجعله خلواً من الأسباب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 90 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 على أن (يراعي عند تحديد مرتبات العاملين بالمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها أن يضاف إليها المتوسط الشهري للمنح التي صرفت إليهم في الثلاث سنوات السابقة على تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بالنسبة للعاملين بالشركات العامة وقرار رئيس الجمهورية رقم 800 لسنة 1963 بالنسبة للعاملين بالمؤسسات العامة... "والنص في المادة الثالثة في مواد إصدار القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العمل به من تاريخ نشره، مفاده أن العبرة في متوسط المنح واجبة الضم لمرتبات العاملين بشركات القطاع العام هي بالمنح التي صرفت إليهم في السنوات الثلاثة السابقة على تاريخ نفاذ هذا القرار الأخير في 29 من ديسمبر سنة 1962 لما كان ذلك وكان الثابت أن الشركة الطاعنة قد حولت إلى شركة مساهمة بالقرار الجمهوري رقم 1106 لسنة 1965 الصادر في أول مايو سنة 1965 قبل تاريخ سريان قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 في 28 من أغسطس سنة 1966 فيكون متوسط المنح التي يجب إضافتها إلى مرتب المطعون ضده هي التي صرفتها إليه الشركة الطاعنة في الثلاث سنوات السابقة على 29 من ديسمبر سنة 1962 وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خلص إلى نتيجة صحيحة في القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب غير صحيح.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون؛ ذلك إنه أطرح الإقرار الصادر من المطعون ضده المقدم من الشركة إلى محكمة الدرجة الأولى، رغم إنه أقر فيه بضم متوسط المنح إلى مرتبه في 21 من يونيو سنة 1960 وصيرورته 36 جنيهاً بدلاً من 25 جنيهاً وبعدم مطالبتها بأية فروق في هذا الشأن.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه لما كانت الشركة الطاعنة لم تقدم دليلاً على سبق تقديمها إلى محكمة الموضوع الإقرار الذي جعلته دعامة نعيها، وقد جاءت مدونات الحكم المطعون فيه خلواً مما يفيد ذلك، فإن النعي بهذا السبب - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون بغير دليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 82 لسنة 13 ق جلسة 23 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 113 ص 302

جلسة 23 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-------------

(113)
القضية رقم 82 سنة 13 القضائية

حارس مؤجر. 

رفع الدعوى عليه بصفتيه برد ما دفع مقدماً من أجرة الأطيان وبتعويض المستأجر عما فاته من الربح في مدة الإيجار.

رفضها بناءً على أن عقد الإجارة لم يبطل ولم يعطل بفعل المؤجر وعلى أساس أن يد المدعي بوضع الأطيان تحت الحراسة القضائية لا تعتبر أنها قد رفعت عنها وأن المدعى عليه لا مسئولية عليه بصفة كونه مؤجراً وأن مساءلته إنما تكون بصفته حارساً وبدعوى حساب. لا خطأ.

----------- 
إذا حصل تعرض من الغير لمستأجر العقار في انتفاعه به فطلب في مواجهة المتعرض والمؤجر تعيين المؤجر حارساً لإدارة الأطيان وإيداع غلتها خزانة المحكمة وقضى له بذلك، ثم رفع الدعوى على المؤجر بمطالبته برد ما دفع مقدماً من الأجرة وبتعويضه عما فاته بصفته مستأجراً من الربح في مدة الإيجار وبنى دعواه على أن المدعى عليه استولى على الحاصلات ولم يدفع مما حصله منها شيئاً فقضت المحكمة برفضها بناءً على ما استخلصته استخلاصاً سائغاً من ظروف الدعوى وأوراقها من أن عقد الإيجار لم يبطل ولم يعطل بفعل المؤجر، وعلى أساس أن يد المدعي لا تعتبر أنها رفعت عن الأطيان المؤجرة بوضع الأطيان تحت الحراسة القضائية، وأن المدعى عليه بصفة كونه مؤجراً لا مسئولية عليه بل إن مساءلته لا تكون إلا بصفته حارساً وعن طريق رفع دعوى حساب عليه، فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.

الطعن 80 لسنة 13 ق جلسة 16 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 112 ص 293

جلسة 16 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك ومحمود فؤاد بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

----------------

(112)
القضية رقم 80 سنة 13 القضائية

أ - قوة الشيء المحكوم فيه. 

لا تلحق من أسباب الحكم إلا ما كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه.
ب - بيع. أداء الثمن. 

التكليف الرسمي بالوفاء قبل طلب الفسخ. متى لا يجب؟ إذا اشترط في العقد عدم الحاجة إليه. قول المشتري في دعوى أخرى إن البائع أنذره. لا يكفي لترتيب الأثر القانوني للتكليف. وجوب تقديم الإنذار.
(المادة 334 مدني)

---------------
1 - الأصل أن قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق إلا بما كان من الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً. فإذا كانت المحكمة قد عرضت - تزيداً في بعض أسبابها - إلى مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليها أو لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى، فإن ما عرضت له من ذلك لا يكون له قوة الشيء المحكوم فيه.
2 - إن المادة 334 مدني صريحة في وجوب حصول "التنبيه الرسمي بالوفاء" قبل طلب الفسخ إلا إذا اشترط في عقد البيع عدم الحاجة إليه. فإذا كان العقد خلواً من ذلك فلا حاجة لإعفاء البائع من حكم القانون. ولا يكفي لترتيب الأثر القانوني للإنذار أن يكون المشتري قد قال في دعوى أخرى إن البائع أنذره، ما دام ذلك القول قد صدر في وقت لم يكن النزاع على العقد المتنازع فيه مطروحاً، بل يجب تقديم الإنذار حتى يمكن للمحكمة أن تتبين إن كان يترتب عليه الفسخ أم لا، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه لأنه قد يكون حاصلاً قبل الميعاد للعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التي توقفت عليها تعهدات المشتري.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضده رفع دعوى على الطاعن لدى محكمة المنيا الابتدائية قيدت برقم 118 سنة 1941 قال في صحيفتها إنه اشترى من الطاعن 2 ف و2 ط بمقتضى عقد عرفي غير مسجل تاريخه 23 من يونيه سنة 1931 ثم رفع دعوى بصحة توقيع البائع المذكور وقضى له بطلبه وسجل الحكم ونقل التكليف، إلا أن البائع نازعه ولذلك أقام هذه الدعوى وطلب الحكم: أولاً - وبصفة مستعجلة بتعيينه حارساً على 2 ف و2 ط المبينة الحدود بالصحيفة لإدارتها واستغلالها من زرع وتأجير وإيداع الريع بخزانة المحكمة لحين الفصل في الموضوع مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وبالنسخة الأصلية. ثانياً - بتثبيت ملكيته إلى 2 ف و2 ط المذكورة وتسليمها له بما قد يكون عليها من زراعة وبإلزام المدعى عليه أيضاً بمبلغ 208 جنيه و380 مليماً ريع هذه الأطيان بواقع الفدان عشرة جنيهات سنوياً عن المدة من 3 يونيو سنة 1931 إلى يونيه سنة 1941 مع ما يستجد مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب والنفاذ.
وفي 6 من مارس سنة 1941 حكمت المحكمة برفض دعوى الحراسة. وفي 20 من نوفمبر سنة 1941 حكمت برفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته المقدمة لمحكمة أول درجة مع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبتاريخ 10 من مارس سنة 1942 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً - بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنف إلى الفدانين والقيراطين الموضحة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليه وكف منازعة المستأنف ضده له فيها مع إلزام المستأنف بأن يدفع للمستأنف ضده مبلغ 180 جنيهاً في خلال ثلاثة أشهر من يوم صدور الحكم، فإن لم يقم بذلك في هذه المدة يصبح عقد البيع الصادر من المستأنف ضده للمستأنف مفسوخاً ويكون مقدم الثمن المنصوص عليه وقدره سبعون جنيهاً من حق المستأنف ضده. ثانياً - برفض طلبات المستأنف. ثالثاً - بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمصاريف وإلزام المستأنف بمصاريف الاستئناف. رابعاً - بالمقاصة في أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 9 من مايو سنة 1943 فطعن فيه بطريق النقض في 8 من يونيه سنة 1943 إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن محصل الوجهين الأول والثالث من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر العقد المؤرخ 23 من يونيه سنة 1931 الذي باع الطاعن بموجبه 2 ف و2 ط إلى المطعون ضده قائماً لم يفسخ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، لأن هذا العقد قد فسخ بالتراضي، وكذلك بحكم القاضي في كل من الدعويين رقم 7824 سنة 1931 ملوى ورقم 5051 سنة 1934 ملوى فصدر الحكم المطعون فيه على خلافهما. وعلاوة على ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ اشترط لوقوع الفسخ وجوب إنذار المشتري (المطعون ضده) يكون قد أخطأ، لأن المتعاقدين اتفقا على الفسخ بغير حاجة إلى إنذار كما يظهر ذلك من اشتراط إنذار البائع في حالة عدم قيامه بتعهده وعدم النص عليه عند عدم قيام المشتري بدفع الثمن، هذا فضلاً عن أن الطاعن قد أنذر المطعون ضده كما هو ثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 7824 سنة 1931 ملوى. وفي بيان ذلك يقول الطاعن: إنه بتاريخ 25 من مايو سنة 1931 اشترى المطعون ضده بصفته ولياً على ابنه توفيق فداناً من مصطفى مشرف بمبلغ قدره 135 جنيهاً دفعت وقت التوقيع على العقد إلا أنه تبين بعد ذلك أن الفدان المبيع نزعت ملكيته مع أطيان أخرى للبائع ورسا مزادها على البنك الزراعي الذي باعها إلى فرنسيس فهمي ثم باعها هذا الأخير إلى يوسف علي سويفي الطاعن، فرفع المطعون ضده الدعوى رقم 7824 سنة 1931 ملوى ضد مصطفى مشرف (وهو البائع له) والطاعن طالباً الحكم بصحة الحجز الموقع تحت يد الثاني منهما وبإلزامه بأن يدفع له في مواجهة الأول مبلغ 135 جنيهاً ثمن الفدان واحتياطياً إلزام البائع برد الثمن مع تثبيت الحجز المتوقع تحت يد الثاني. وقد قضت محكمة ملوى برفض الدعوى وتأيد الحكم استئنافياً وجاء في أسباب حكمها أن المدعي (وهو المطعون ضده) بعد أن رفع الدعوى حررت بينه وبين المدعى عليهما ورقتان تاريخهما 23 من يونيه سنة 1931 محصل الأولى أن الطاعن باع من الأطيان المنزوعة ملكيتها والتي اشتراها من فرنسيس فهمي 2 ق و3 ط إلى المطعون ضده بمبلغ 250 جنيهاً دفع منها 70 جنيهاً والباقي تعهد بدفعه على قسطين أولهما في أكتوبر سنة 1931 وقدره 150 جنيهاً والباقي وقدره 30 جنيهاً في 31 من ديسمبر سنة 1931. وتضمنت الورقة الثانية تنازل المطعون ضده عن دعوى طلب استرداد ثمن الفدان بشرط تنفيذ العقد الصادر من فرنسيس فهمي للطاعن. وورد في أسباب الحكم أن حقيقة ثمن الـ 2 ف و2 ط هو 350 جنيهاً لا 250 جنيهاً كما ذكر بالعقد خصم منها مبلغ 100 جنيه وهو الثمن الحقيقي للفدان الذي اشتراه المطعون ضده من مصطفى شرف، وأن الطاعن أنذر المطعون ضده بتنفيذ العقد المحرر بينهما فامتنع رغبة منه في فسخه واعترف بوصول الإنذار إليه. ويقول الطاعن إن النزاع في الدعوى المذكورة متصل بالنزاع في الدعوى الحالية بل إن النزاع واحد، وكليهما قام بين نفس الخصوم، وعلى ذلك للمطعون ضده أن يتمسك بعقد 23 من يونيه سنة 1931 الذي فسخ بالحكم الصادر في الدعوى السابقة المشار إليها، وكذلك بإقراره الثابت فيها والصادر منه في سنة 1933 أي بعد التاريخ المعين للوفاء بالثمن، وبعد أن أصبح العقد الصادر من فرنسيس فهمي للطاعن نافذاً. ويقول الطاعن في صدد الدعوى رقم 5051 سنة 1934 ملوى إن شلقامي عابد أخا المطعون ضده نازعه في 1 ف و2 ط من 2 ف و2 ط المتقدم ذكرها فرفع عليه دعوى بتثبيت ملكيته إلى هذا القدر في مواجهة أخيه ففصلت المحكمة في النزاع مرة أخرى وحكمت له (أي للطاعن) بالملكية، وإنه مما يدل على حصول الفسخ بالتراضي أن المطعون ضده استأجر الأطيان المتنازع عليها وتأخر في دفع الأجرة فقضى عليه بها مع تسليم الأرض المؤجرة.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى رقم 7824 سنة 1931 ملوى التي أقامها المطعون ضده على الطاعن ومصطفى مشرف فإنه ظاهر من الحكم الصادر فيها بتاريخ 24 من إبريل سنة 1933 أن موضوعها كان مقصوراً على طلب استرداد المبلغ الذي دفعه المطعون ضده لمصطفى مشرف ثمناً للفدان الذي اشتراه منه بمقتضى عقد 25 من مايو سنة 1931 على أساس أن البائع ما كان مالكاً له، وقد تمسك المدعى عليهما بأن هذا العقد استبدل به صلحاً عقد جديد تاريخه 23 من يونيه سنة 1931 باع بمقتضاه 2 ط و2 ف إلى المطعون ضده، وأن الثمن المطلوب استرداده اعتبر جزءاً من ثمن هذا القدر وإن لم يذكر ذلك صراحة في العقد، وقدما العقد المذكور وورقة أخرى محررة في تاريخه تتضمن تنازل المطعون ضده عن دعوى استرداد ثمن الفدان بشرط تنفيذ العقد الثاني، وقد أخذت المحكمة بهذا الدفاع، وعلى أساس أن عقد 25 من مايو سنة 1931 الذي استند إليه المطعون ضده في دعواه قد استبدل به عقد 23 من يونيه سنة 1931 وأن المطعون ضده تنازل عن دعواه قضت المحكمة برفضها، إلا أن المحكمة لم تقف عند هذا الحد من الأسباب التي تؤدي حتماً إلى رفض الدعوى في نطاق الموضوع المعروض عليها، بل أضافت إليها أسباباً أخرى مفادها أنها تبينت من استجواب المطعون ضده بجلستي 7 من يناير و27 من مارس سنة 1933 أن الطاعن أنذره بتنفيذ عقد 23 من يونيه سنة 1931 فامتنع رغبة منه في فسخه نظراً لارتفاع ثمن الأطيان المبيعة، الأمر الذي استدلت منه المحكمة على أن عدم تنفيذ العقد كان بفعله، وأنه إذا صح ما جاء بمذكرته التي قدمها لها أخيراً من تمسكه بهذا العقد فهو لم يثبت أنه قام بتعهداته قبل الطاعن.
وحيث إنه واضح مما تقدم أن عقد 23 من يونيه سنة 1931 لم يكن محل خصومة في تلك الدعوى من ناحية فسخه أو عدم فسخه، وما كانت المحكمة في حاجة من أجل الفصل في الدعوى إلى أن تعرض له من هذه الناحية، ولذلك يكون ما ورد في حكمها من الأسباب في شأنه ليس إلا تزيداً لا لزوم له، ولا يحوز قوة الشيء المقضى فيه لأن الأصل أن قوة الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا منطوق الحكم والأسباب التي ترتبط به ارتباطاً وثيقاً.
وحيث إنه فيما يتعلق بالدعوى رقم 5051 سنة 1934 ملوى التي أقامها الطاعن على المطعون ضده وأخيه شلقامي عابد بصفته ولياً على ابنه إبراهيم وعلى فرنسيس فهمي بطلب تثبيت ملكيته إلى 1 ف و2 ط وكف منازعة المدعى عليه الثاني في مواجهة الأول (المطعون ضده) وإلا يحكم بإلزام فرنسيس فهمي البائع له بالثمن، فقد حكمت المحكمة بالملكية والتسليم وإلزام شلقامي عابد بالمصاريف. وجاء في أسباب هذا الحكم أن المطعون ضده وافق المدعي على دعواه وطلب أن يقضي له هو بالتسليم لأنه اشترى الأطيان، وأورد الحكم في صدد هذا الطلب ما يأتي:
"وحيث إنه أولاً لا يمكن الحكم له وهو لم يرفع دعوى، وثانياً فإن إجابة طلبات المدعي بالتسليم لا تتناقض مع حق الذين تلقوا الملكية عنه، لأنه ضامن لهم، والحكم له هو تأييد لحقوقهم، ولا يعد دفاع المدعى عليه الأول (المطعون ضده) نزاعاً للمدعي، لذلك لا تحمله المحكمة شيئاً من المصاريف". ويبين من هذا أن المحكمة لم تعرض للنزاع القائم بين الطاعن والمطعون ضده لعدم رفع دعوى به فضلاً عما ذكرته من أن الحكم للطاعن بالملكية لا يؤثر في حقوق المطعون ضده بل هو مؤيد لها.
وحيث إنه مما تقدم يتضح أن الحكمين الصادرين في الدعويين رقم 7824 سنة 1931 ملوى و5051 سنة 1934 ملوى ليس فيهما قضاء بفسخ عقد 23 يونيه سنة 1931 كما يدعي الطاعن، والقول بأن الحكم المطعون فيه صدر على خلافهما غير صحيح.
وحيث فيما يختص بما يقوله الطاعن من أن الفسخ وقع بالتراضي استناداً إلى إقرار المطعون ضده في الدعوى رقم 7824 سنة 1931 وإلى استئجاره الأطيان المبيعة فإن الحكم الصادر في الدعوى المذكورة حين عرض لذلك الإقرار قال: "إنه تبين من استجواب المدعي (المطعون ضده) بجلستي 7 يناير و27 مارس سنة 1933 أن يوسف على المدعى عليه الأول (الطاعن) قد أنذره بتنفيذ العقد فامتنع رغبة منه في فسخه نظراً لارتفاع ثمن الأطيان المبيعة". وهذه العبارة الأخيرة مقتضبة غامضة ولا يؤخذ منها حتماً أن المطعون ضده كان يرغب في الفسخ وأن طرفي الخصومة تراضيا على وقوعه، خصوصاً وقد تمسك المطعون ضده في مذكرته الأخيرة بتنفيذ العقد كما سبق إيراده، وقد كان يمكن جلاء هذا الغموض لو أن الطاعن قدم إلى هذه المحكمة محضر الجلسة الذي ورد فيه هذا الإقرار. وأما فيما يختص باستئجار المطعون ضده للأطيان المبيعة والحكم عليه بالأجرة فإن الحكم المطعون فيه قد عرض لذلك وذكر في صدده أنه لا يدل في ذاته على إقرار المطعون ضده بتنازله عن الصفقة وفسخ العقد، لأنه لم يرد به أن المشتري تسلم الأرض المبيعة حتى يحاج بأنه تخلى عنها ثم استرجعها بطريق الإيجار، وقد يكون هذا التأجير من قبيل تطمينه على بقاء الأرض تحت يده لحين دفع باقي الثمن. وهذا الذي أورده الحكم إن هو إلا تقدير موضوعي سائغ عقلاً لا محل لإثارة الجدل بشأنه أمام محكمة النقض. وعلى ذلك يكون قول الطاعن بوقوع الفسخ بالتراضي غير صحيح أيضاً.
وحيث إن الطاعن قال أخيراً إن الفسخ وقع من تلقاء نفسه بغير حاجة إلى إنذار وفقاً لنص العقد خلافاً لما قضى به الحكم المطعون فيه من وجوب الإنذار، ومع أن الطاعن قد قام بإنذار المطعون ضده فإن المحكمة لم ترتب عليه أثراً ما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الصدد ما يأتي: "أما قول المستأنف ضده (الطاعن) أن العقد انفسخ من نفسه فلا وجه له لأنه لم ينص في العقد على انفساخه من تلقاء نفسه وبدون إنذار أو تنبيه وإذن فلا يعفى البائع من حكم القانون في هذه الحالة من تكليف المشتري رسمياً بالوفاء وبإخطاره بتحقق الشرط المعلق عليه نفاذ العقد (وهو نفاذ البيع الصادر من فرنسيس فهمي للبائع) الأمر الذي لم يثبت لهذه المحكمة لعدم تقديم أصل الإنذار أو صورته. وذلك طبقاً لصريح المادة 334 مدني".
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما قضى به. لأن المادة 334 مدني صريحة في لزوم التنبيه الرسمي بالوفاء قبل طلب الفسخ إلا إذا اشترط في العقد عدم الحاجة إليه، وقد جاء عقد 23 من يونيه سنة 1931 خلواً من هذا الشرط.
وحيث إنه لا يكفي لترتيب الأثر القانوني للإنذار أن يقول المطعون ضده في الدعوى رقم 7824 سنة 1931 إن الطاعن أنذره، ذلك القول الذي صدر منه في وقت لم يكن النزاع على عقد 23 من يونيه سنة 1931 مطروحاً كما تقدم بيانه، بل كان يجب تقديم الإنذار حتى يمكن للمحكمة أن تتبين إن كان يترتب عليه الفسخ أم لا، وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه، لأنه قد يكون حاصلاً قبل الميعاد المعين للوفاء أو قبل قيام الطاعن بتعهداته التي توقفت عليها تعهدات المطعون ضده ومنها انتقال الملكية إليه من فرنسيس فهمي البائع له.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه جاءت أسبابه متناقضة في ثلاثة أمور: الأول - أنه بعد أن قرر أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5051 سنة 1934 ملوى فصل في نفس النزاع عرض لهذا النزاع من جديد. الثاني - أنه مع صدور حكم نهائي بعدم أحقية المطعون ضده في استرداد الثمن على أساس أن إنذاراً حصل مستوفى الأركان والشرائط قضى الحكم بأن لا وجود لهذا الإنذار. الثالث - أن الطاعن دفع بوقوع التفاسخ رضاء ولكن المحكمة أغفلت بحث هذا النوع من التفاسخ.
وحيث إنه فيما يختص بالأمر الأول فإن الحكم المطعون فيه لم يعرض مطلقاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 5051 سنة 1934 حتى يصح للطاعن أن يقول بأنه قرر أن ذلك الحكم فصل في النزاع المطروح أمام المحكمة.
وحيث إنه فيما يتعلق بالأمر الثاني الخاص بالإنذار وأثر عدم تقديمه فقد سبق التحدث عنه تفصيلاً بما يفيد أن الحكم المطعون فيه أصاب في عدم الأخذ بما ذهبت إليه محكمة ملوى في حكمها الصادر في الدعوى رقم 7824 سنة 1931 حين عرضت للإنذار وما رتبته عليه، لأن أسبابها في ذلك لا تحوز قوة الشيء المحكوم فيه لعدم اتصالها بالمنطوق وعدم لزومها في النزاع الذي كان قائماً أمامها.
وحيث إنه فيما يختص بالأمر الثالث فإن المحكمة عرضت لما أثاره الطاعن لديها من وقوع الفسخ برضاء المتعاقدين ونفته خلافاً لما يدعيه الطاعن، وقالت إن واقعة استئجار المطعون ضده للأرض المبيعة لا تدل على رضائه بالفسخ كما تقدم إيراده تفصيلاً.
وحيث إنه مما تقدم جميعاً يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 435 لسنة 42 ق جلسة 22 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 210 ص 1068

جلسة 22 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين: ممدوح عطيه، حسن السنباطي، الدكتور بشري رزق، محمد حسب الله أعضاء.

---------------

(210)
الطعن رقم 435 لسنة 42 القضائية

(1) دعوى. تقادم "التقادم المسقط". عمل.
المطالبة القضائية القاطعة للتقادم المسقط. ماهيتها. دعوى العامل بإلغاء قرار فصله. لا تقطع سريان التقادم في المطالبة بمتأخر الأجر والعمولة والمنحة السنوية.
(2) عمل.
عمولة التوزيع. عدم استحقاق العامل لها إلا إذا تحقق سببها بقيامه بالتوزيع الفعلي.
(3) عمل. دعوى. تقادم "التقادم المسقط".
تسليم العامل بياناً بما يستحقه من عمولة توزيع قبل فصله من العمل. إقامة دعواه بطلب العمولة المذكورة بعد انقضاء سنة من وقت انتهاء العقد. أثره. سقوط حقه بالتقادم الحولي.
(4) قوة الأمر المقضي. نيابة عامة. قرار.
قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة أياً كان سببه أو مضمونه. لا يكتسب أية حجية أمام القضاء المدني.

-----------------
1 - يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط أن يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة له إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه مما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر، وإذ كانت صحيفة الدعوى السابقة لا تحمل معنى الطلب الجازم بمتأخر الأجر والعمولة والمنحة السنوية التي يطالب بها الطاعن في دعواه الحالية وكانت هذه الحقوق لا تعتبر من توابع طلب إلغاء قرار فصله الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده فإن تلك الدعوى لا يكون من شأنها قطع سريان التقادم بالنسبة إلى هذه الحقوق إذ إنها لا تجب بوجوبه ولا تسقط بسقوطه.
2 - عمولة التوزيع من ملحقات الأجر غير الدائمة وليست لها صفة الثبات والاستقرار وهي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو التوزيع الفعلي، وإذ كان الثابت في الدعوى أن نظام عمولة التوزيع قد ألغى اعتباراً من 1/ 5/ 1965 بموجب قرار وزارة الصناعة الذي عهد بعملية التوزيع إلى جهة أخرى وأضحى الطاعن لا يباشر عملية التوزيع الفعلي فإنه لا يستحق أية عمولة ابتداء من هذا التاريخ، فإن النعي على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن تقادم الحق في المطالبة بها غير منتج.
3 - إذ كان عقد عمل الطاعن قد انتهى بفصله في 26/ 11/ 1966 وكان قد تسلم قبل ذلك بياناً بما يستحقه من عمولة حتى تاريخ إلغائها ولم يرفع دعواه الماثلة إلا في 30/ 1/ 1968 بعد انقضاء سنة من وقت انتهاء العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سقوط حقه في المطالبة بتلك العمولة بالتقادم الحولي يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
4 - قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة أياً كان سببه أو مضمونه لا يكتسب أية حجية أمام القضاء المدني، لأن القرارات الصادرة من سلطة التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - في حدود ما يتطلبه الفصل في هذا الطعن وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في إن الطاعن أقام الدعوى رقم 85 لسنة 1968 عمال كلي القاهرة على المطعون ضدهما بطلب إلزام الأولى بأن تؤدي له مبلغ 1080 جنيهاً قيمة أجره المستحق له عن المدة من 1/ 1/ 1966 إلى آخر ديسمبر سنة 1966 ومبلغ 3000 جنيهاً قيمة العمولة المستحقة له على المبيعات في المدة من أول يناير سنة 1965 حتى آخر ديسمبر سنة 1966 ومبلغ 3600 جنيهاً قيمة حصته في صافي الربح عن هذه المدة ومبلغ 480 جنيهاً قيمة المنحة السنوية في خلالها بواقع مرتب شهرين سنوياً ومبلغ 10000 جنيهاً كتعويض لما لحقه من ضرر لفصله دون مبرر، وقال بياناً لدعواه أنه التحق بالعمل كمدير بشركة....... التي أدمجت بالشركة المطعون ضدها الأولى في 9/ 5/ 1966 وقد بلغ أجره الشهري 120 جنيهاً بالإضافة إلى عمولة على إجمالي المبيعات ونسبته من صافي الربح ومرتب شهرين كمنحه سنوية ثم حدث خلاف بينه وبين المدير الأجنبي الذي أمر بإلغاء العمولات المستحقة له اعتباراً من 1/ 5/ 1965 ونسب إليه اتهامات تولت النيابة العامة تحقيقها وأوقف عن العمل اعتباراً من 12/ 12/ 1965 ولما انتهت النيابة العامة إلى حفظ التحقيق إدارياً في 22/ 8/ 1966 طلب من الشركة المطعون ضدها الأولى أن تعيده إلى عمله وتصرف له مستحقاته ولكنها فصلته عن العمل في 26/ 11/ 1966 فلجأ إلى محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 903 سنة 21 ق طالباً إلغاء قرار فصله واعتباره كأن لم يكن بكافة آثاره مع إلزام المطعون ضدها الأولى بمبلغ 5000 جنيهاً على سبيل التعويض. وفي 10/ 1/ 1968 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى فأقام دعواه الحالية بطلباته سالفة البيان، وقد دفعت المطعون ضدها الأولى بسقوط حقه في إقامة هذه الدعوى بالتقادم الحولي عملاً بحكم المادة 698 من القانون المدني. وبتاريخ 30/ 12/ 1969 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالنسبة لطلبات المرتب المتأخر والعمولة والمنحة السنوية والتعويض. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 433 سنة 87 ق. وبتاريخ 23/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالتقادم بالنسبة لطلب التعويض وتأييده فيما عدا ذلك وفي موضوع التعويض برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 11/ 3/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالنسب الأول على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب في دعواه رقم 103 سنة 21 ق أمام محكمة القضاء الإداري إلغاء قرار فصله واعتباره كأن لم يكن بكافة آثاره وأن مؤدى طلبه هذا إعادته إلى عمله مع ما يستتبع ذلك من آثار من بينها أحقيته في صرف مستحقاته المتأخرة من مرتب ومنحة وعمولة وبذلك تكون دعواه هذه قد تضمنت مطالبته قضائية جازمة بجميع حقوقه المراد اقتضاؤها من المطعون ضدها الأولى وهو ما يتقطع به التقادم بالنسبة لتلك الحقوق، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وانتهى إلى أن الدعوى رقم 903 سنة 21 ق سالفة الذكر لم تتضمن مطالبته بمتأخر أجر أو عمولة أو منحة ومن ثم فإنها لا تقطع التقادم الساري بالنسبة لهذه الحقوق. وهذا ما يشوبه بمخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه يشترط في المطالبة القضائية التي تقطع التقادم المسقط أن هذا يتوافر فيها معنى الطلب الجازم بالحق الذي يراد اقتضاؤه ولهذا لا تعتبر صحيفة الدعوى المرفوعة بحق ما قاطعة له إلا في خصوص هذا الحق وما التحق به من توابعه بما يجب بوجوبه أو يسقط بسقوطه فإن تغاير الحقان أو تغاير مصدرهما فالطلب الحاصل بأحدهما لا يكون قاطعاً لمدة التقادم بالنسبة للحق الآخر. ولما كانت صحيفة الدعوى السابقة رقم 903 سنة 21 ق لا تحمل معنى الطلب الجازم بمتأخر الأجر والعمولة والمنحة السنوية التي يطالب بها الطاعن في دعواه الحالية وكانت هذه الحقوق لا تعتبر من توابع طلب إلغاء قرار فصله الذي كان مطلوباً في الدعوى السابقة بالمعنى السالف تحديده فإن تلك الدعوى لا يكون من شأنها قطع سريان التقادم بالنسبة إلى هذه الحقوق إذ أنها لا تجب بوجوبه ولا تسقط بسقوطه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون صحيحاً ويكون سبب النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بسقوط الدعوى بالتقادم بالنسبة لطلب العمولة تأسيساً على أن سريان هذا التقادم يبدأ من تاريخ صدور قرار وزارة الصناعة بإلغاء نظام العمولة، وهذا الذي جرى به قضاء الحكم المطعون فيه يخالف حكم المادة 698/ 1 من القانون المدني التي تنص على أن مدة تقادم دعوى المطالبة بالعمالة لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد. وإذ خالف الحكم المطعون فيه حكم هذه المادة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت عمولة التوزيع من محلقات الأجر غير الدائمة وليست لها صفة الثبات والاستقرار وهي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد منها إيجاد حافز في العمل ولا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو التوزيع الفعلي، وكان الثابت في الدعوى أن نظام عمولة التوزيع قد ألغى اعتباراً من 1/ 5/ 1965 بموجب قرار وزارة الصناعة الذي عهد بعملية التوزيع إلى جهة أخرى وأضحى الطاعن لا يباشر عملية التوزيع الفعلي فإنه لا يستحق أية عمولة ابتداء من هذا التاريخ وبالتالي يكون النعي على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأن تقادم الحق في المطالبة بها غير منتج. أما بالنسبة للعمولة التي يستحقها الطاعن عن المدة السابقة على صدور القرار بإلغائها اعتباراً من 1/ 5/ 1965 فإن الثابت من المستندين رقمي 5، 6 من الحافظة المقدمة منه أمام المحكمة الاستئنافية أنه تسلم من الشركة في 14/ 9/ 1965 بياناً بالعمولة المستحقة له خلال الشهور من أول يناير إلى آخر إبريل سنة 1965 ومقدارها 332 جنيهاً و210 مليماً وبفروق ضريبة كسب العمل والدفاع المترتبة عليها وأنه قام بسداد هذه الفروق فعلاً، لما كان ذلك وكان عقد عمل الطاعن قد انتهى بفصله في 16/ 11/ 1966 وكان قد تسلم قبل ذلك بياناً بما يستحقه من عمولة حتى تاريخ إلغائها ولم يرفع دعواه الماثلة إلا في30/ 1/ 1968 بعد انقضاء سنة من وقت انتهاء العقد، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى سقوط حقه في المطالبة بتلك العمولة بالتقادم الحولي يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف الثابت في الأوراق وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه برفض طلب التعويض عن الفصل التعسفي على سند من القول بأن الطاعن أدار مصنع الشركة لحسابه الخاص في وقت العطلة الصيفية وأنه تلاعب في إنتاج الشركة في السوق السوداء وقصر البيع على كميات معينة ومحددة ليحقق لنفسه أكبر نسبة من الأرباح غير المشروعة مما يعد إخلالاً بالتزاماته الجوهرية التي فرضها عليه قانون العمل هذا في حين أن ما نسبه إليه الحكم لا أصل له في الأوراق بل لقد انتهت النيابة العامة من تحقيقات الشكويين رقمي 181 سنة 1965، 3959 سنة 1966 إداري شبرا إلى حفظهما إدارياً مما يقطع بفساد الادعاءات المنسوبة إليه ويدحضها من أساسها.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب التعويض استناداً إلى ما ثبت من أوراق الدعوى من أن الطاعن "أراد أن يخضع الشركة لحسابه الخاص سراً وفي وقت العطلة الصيفية في شهر أغسطس سنة 1964 وأنه تلاعب بإنتاج الشركة في السوق السوداء وقصر البيع على كميات معينة ومحددة ليحقق لنفسه أكبر نسبة من الأرباح غير المشروعة وكل هذه الأسباب جعلت الشركة - وعلى حق - لا تطمئن إليه وزعزعت ثقتها فيه مما يجعل للشركة الحق في فصله من عمله لإخلاله بالتزاماته الجوهرية عملاً بالفقرة 6 من المادة 76 من القانون 91 سنة 1959" ولما كان تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وكانت تقريرات الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى نفي وصف العسف عن قرار الفصل ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة أياً كان سببه أو مضمونه لا يكتسب أية حجية أمام القضاء المدني، لأن القرارات الصادرة من سلطة التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر الظروف لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 42 لسنة 13 ق جلسة 16 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 111 ص 293

جلسة 16 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك ومحمود فؤاد بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

--------------

(111)
القضية رقم 42 سنة 13 القضائية

فسخ التعهدات. 

دعوى تعويض عن تقصير في الوفاء. بالتزام. ثبوت أن المدعى عليه لم يف بالالتزام. القضاء برفض الدعوى استناداً إلى أنه لم يكن مقصراً وأن العقد المترتب عليه التعاقد قد فسخ. عدم بيان أن الفسخ كان لحادث قهري. إبهام ونقص في الحكم. وجوب نقضه.
(المادتان 177 و178 مدني)

--------------
إذا رفع أحد العاقدين على الآخر دعوى تعويض عن التقصير في الوفاء بالتزامه، وكان الثابت أن المدعى عليه لم يف بهذا الالتزام ومع ذلك قضت المحكمة برفض الدعوى استناداً إلى أنه لم يكن مقصراً وأن العقد الذي ترتب عليه تعاقده مع المدعي قد فسخ فانفسخ العقد الذي رتب عليه الالتزام، دون أن تبين في أسباب حكمها أن هذا الفسخ كان لحادث قهري لا دخل لإرادة العاقدين فيه جعل وفاءه بالالتزام مستحيلاً، فإن ذلك يكون إبهاماً في الحكم من شأنه أن يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون على وجهه الصحيح، ويكون هذا الحكم واجباً نقضه.

الطعن 302 لسنة 42 ق جلسة 22 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 209 ص 1058

جلسة 22 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، أحمد شيبه الحمد، ألفي بقطر حبش، أحمد شوقي المليجي.

-------------

(209)
الطعن رقم 302 لسنة 42 القضائية

(1) نقض "صحيفة الطعن". محاماة.
التوقيع على أصل صحيفة الطعن بالنقض من محام مقبول أمام محكمة النقض. لا ضرورة لاشتمال الصورة المعلنة من الصحيفة على اسم المحامي الموقع على الأصل.
(2) عمل. تأمينات اجتماعية.
المطالبة بمكافأة نهاية الخدمة. التزام هيئة التأمينات الاجتماعية دون رب العمل بالمعاش أو التعويض. عدم أداء رب العمل للميزة الإضافية المنصوص عليها في المادة 89 من القانون رقم 63 لسنة 1964 إلى هيئة التأمينات. أثره. جواز مطالبة العامل لرب العمل بأدائها إليه.
(3) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. دعوى.
المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه. أن تكون المسألة واحدة في الدعويين وتناقش فيها ذات الخصوم في الدعوى الأولى.

--------------
1 - متى كانت صحيفة الطعن المقدمة لقلم الكتاب قد وقعها محام مقبول أمام محكمة النقض فإنه لا يؤثر في صحة الطعن عدم اشتمال الصورة المعلنة على اسم المحامي الموقع على أصل الصحيفة.
2 - يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض للفصل فيما إذا كان المبلغ المطالب به محسوباً على أساس ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سنتي خدمة الطاعن - العامل - يوازي قيمة الاشتراك عن المعاشات والتعويضات محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من مواد إصدار القانون 91 لسنة 1959 فيعتبر ما يطالب به الطاعن مكافأة نهاية الخدمة فلا يجوز أن توجه إلا أن هيئة التأمينات الاجتماعية باعتبار أنه قد حل محلها نظام المعاش أو التعويض حسب الأحوال، أم أنها تزيد على ذلك فيعتبر من قبيل الميزة الإضافية التي نصت الفقرة الثانية من المادة 89 من القانون رقم 63 لسنة 1964 على إلزام أصحاب الأعمال بتأديتها إلى هيئة التأمينات الاجتماعية على أن تصرفها للمؤمن عليه أو المستحقين عنه عند استحقاق صرف المعاش أو التعويض رغم أن هذه التفرق جوهرية وهامة ومؤثرة على الفصل في الدعوى، ذلك أنها لو انتهت إلى أن هناك ثمة مبالغ من تلك المطالب بها تعتبر من قبيل الميزة الإضافية، وكان الحاصل في الدعوى أن هذه المبالغ هي محل نزاع من المطعون ضدها الأولى ولم تدع الوفاء بها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لحساب الطاعن فإن دعوى هذا الأخير قبلها بالمطالبة بها لا تكون مخالفة لنصوص القانون، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لبحث ذلك ولم يقل كلمته فيه واعتبر أن المبالغ المطالب به محسوباً على أساس مرتب ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سني الخدمة هو على إطلاقه مكافأة نهاية الخدمة لا توجه المطالبة به إلا لهيئة التأمينات الاجتماعية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ولا يغير من ذلك أن الطاعن قد وصف ما طالب به في هذا الشأن بأنه مكافأة نهاية الخدمة إذ من المقرر أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها.
3 - من المقرر أن القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضى فيه إلا فيما ثار بين الخصوم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفته صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به، فالمنع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها شرطه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الأولى - شركة الشرق للتأمين - الدعوى رقم 5564 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 13860 جنيهاً 650 مليماً والفوائد القانونية - وقال بياناً لها أنه التحق بالعمل لدي شركة...... للتأمين في 1/ 10/ 1935 وتدرج في وظائفها حتى شغل وظيفة مساعد مدير عام بها لقاء أجر سنوي قدره 2218 جنيهاً عدا بدل التمثيل، وبتاريخ 26/ 4/ 1962 تقرر نقله إلى الشركة....... للتأمين في وظيفة مدير عام وعضو مجلس إدارتها ثم اندمجت هذه الشركة في الشركة المطعون ضدها الأولى وتبعاً لذلك تحول إلى العمل في الشركة الأخيرة شاغلاً وظيفة مدير عام نزولاً على استمرار عقد عمله واتصال مدة خدمته حتى تقرر إحالته إلى التقاعد لبلوغه سن الستين اعتباراً من شهر مايو سنة 1969، وإذ كانت القاعدة أن يصطحب العامل عند نقله من شركة إلى أخرى كافة المزايا التي كانت له بالشركة التي نقل منها سواء أكانت هذه المزايا مقررة بعقد عمله الفردي أم بعقد عمل مشترك أم بلوائح وأنظمة العمل بتلك الشركة، وكان يستحق بموجب نظام موظفي وعمال شركة...... للتأمين مكافأة نهاية الخدمة بواقع أجر ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سنوات الخدمة وعلى أساس الأجر الأخير عند انقضاء عقد عمله وقد بلغت مدة خدمته 33 و7/ 12 سنة وكان أجره في ذلك الوقت 184 جنيهاً 833 مليماً شهرياً فتكون جملة المكافأة المستحقة له عن مدة الخدمة على هذا الأساس 21725 جنيهاً 562 مليماً يخصم منها ما صرفته له شركة..... للتأمين وقدره 10820 جنيهاً و771 مليماً وكذلك ما صرفته له المطعون ضدها الأولى وقدره 2612 جنيهاً و306 مليم فيكون الباقي المستحق له من المكافأة مبلغ 8292 جنيهاً 485 مليماً يضاف إليها مبلغ 5568 جنيهاً 165 مليماً قيمة مبالغ التأمين الناتجة عن بوالص التأمين الجماعي فيكون جملة ما يستحقه مبلغ 13860 جنيهاً 650 مليماً وهو ما أقام به دعواه، وبتاريخ 16/ 3/ 1970 أدخلت المطعون ضدها الأولى المطعون ضدها الثانية - شركة... للتأمين - ليحكم بإلزامها بما عساه أن يحكم به عليها - وبتاريخ 18/ 5/ 1971 قضت المحكمة برفض الدعوى - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 3163 لسنة 88 قضائية، وبتاريخ 5/ 4/ 1972 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت المطعون ضدها الثانية ببطلان الطعن لخلو الصورة المعلنة إليها من اسم المحامي الذي أودع الصحيفة، وبعدم قبول الطعن بالنسبة لها لأنها لم تكن خصماً في الدعوى الأصلية ولم يوجه إليها الطاعن طلباً ما، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها الرأي رفض الدفعين ونقض الحكم، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره أخيراً جلسة 4/ 3/ 1978، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن مردود بأنه لما كان الثابت أن صحيفة الطعن المقدمة لقلم الكتاب قد وقعها محام مقبول أمام محكمة النقض فإنه لا يؤثر في صحة الطعن عدم اشتمال الصورة المعلنة على اسم المحامي الموقع على أصل الصحيفة، ذلك أن هذا البيان ليس من البيانات التي أوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان عليها، كما أن الدفع بعدم قبول الطعن مردود أيضاً بأنه لما كانت الخصومة في الطعن تقوم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه وكانت المطعون ضدها الثانية قد اختصت في دعوى الضمان فإن الطعن ضدها بالنقض يكون مقبولاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني من الطعن مخالفة القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقيم في خصوص الشق الأول من طلباته المسمى بمكافأة نهاية الخدمة على سند من المادة 89 من القانون رقم 93 لسنة 1964 مقرراً أن المشرع استبدل بتلك المكافأة نظاماً للمعاشات تسأل عنه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية مباشرة، وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في فهم واقع طلبات الطاعن في الدعوى وتكييفها وظن أنها من شقين أولهما طلب مكافأة نهاية الخدمة وثانيهما طلب الزيادة في مزايا النظام الخاص على حدود المكافأة القانونية ودفع الشق الأول بأن المطالبة بتلك المكافأة لم تعد جائزة بعد صدور القانون رقم 63 لسنة 1964 والذي استبدل بها نظاماً لمعاش الشيخوخة والعجز والوفاة ثم انتقل إلى الشق الثاني والخاص بقيمة تصفية بوالص التأمين الجماعية والذي فهم أنه وحده - دون الشق الأول يمثل الزيادة في مزايا النظام الخاص عن قيمة مكافأة نهاية الخدمة مقرراً بالنسبة له أنه لا شأن للمطعون ضدها الأولى به وإنما يتعين أن توجه المطالبة به إلى المطعون ضدها الثانية في حين أنه لم يطالب وكما تفصح عنه أوراق الدعوى بمكافأة نهاية الخدمة وإنما طالب بالمزايا الزائدة على تلك المكافأة بدليل إن سنده فيها هو نص المادة 70 من لائحة نظام موظفي وعمال شركة مصر للتأمين، وأضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه وقع في تناقض مبطل ذلك أنه طالما إن الدعوى بشقيها هي مطالبة بكل ما يوصف بأنه زيادة في مزايا النظام الخاص وهي زيادة تتمثل في شقين الأول منحه الثلاثة أشهر ونصف سنوياً والثاني قيمة تصفية بوالص التأمين فإن المطالبة بالزيادة بشقيها إما أن تكون جائزة كلها أو لا تكون وقد جرى الحكم المطعون فيه في قضائه برفض طلب الطاعن قيمة تصفية بوالص التأمين الجماعية على أنه لا شأن للمطعون ضدها الأولى به وأنه وشأنه في الرجوع بها على شركة مصر للتأمين المطعون ضدها الثانية أخذاً في ذلك بالنظر الذي قام عليه الحكم الابتدائي من أنه عين بالشركة....... تعييناً جديداً مبتدأ اعتبار من 26/ 4/ 1962 أي أن له مدتي خدمة متميزتين الأولى بشركة... للتأمين والثانية بشركة..... للتأمين وهو من الحكم - فضلاً عن مخالفته الصريحة لدلالة القرينة القانونية المستمدة من الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 6559 لسنة 1968 عمال جزئي القاهرة والذي قطع بين الخصوم أنفسهم في مسألة كلية شاملة هي أن الطاعن لم يعين بالشركة...... في سنة 1962 تعييناً مبتدأ وإنما نقل إليها من شركة مصر للتأمين - فقد خالف القانون إذ أن مقتضى نقله من العمل لدى المطعون ضدها الثانية إلى العمل لدى المطعون ضدها الأولى، والنقل هنا حكم لائحي معناه إن خدمته لم يرد عليها سبب من أسباب الانتهاء، أن تكون هذه الأخيرة مستخلفة على الحقوق الأساسية التي استمدها من عقده الأول وذلك بالتطبيق للمادة الأولى من اللائحة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1598 لسنة 1961 والأحكام الأساسية في عقد العمل.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان البين من صحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية ومن مذكرة الطاعن المقدمة فيها بجلسة 21/ 4/ 1970 ومما ورد بصحيفة الاستئناف أن الطاعن قد أقام الدعوى بالمطالبة بما أسماه بمكافأة نهاية الخدمة محسوبة على أساس مرتب ثلاثة شهور ونصف الشهر عن كل سنة من سنوات الخدمة فضلاً عن قيمة تصفية وثائق التأمين الجماعي بالاستناد إلى نص المادتين 70، 71 من لائحة نظام موظفي وعمال شركة... التأمين فيما تنصان عليه من إعطاء الموظف عند بلوغه سن الستين المكافأة القانونية مضافاً إليها منحة من الشركة يعادل مجموعها مرتب ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سني الخدمة على أساس المرتب الأصلي الأخير، فالموظف الذي يبلغ سن الستين في خدمة الشركة يستحق مكافأته القانونية مضافاً إليها منحة من الشركة غير معينة ولا محددة المقدار مقدماً ولكنها تحدد ويتعين مقدارها عند بلوغه سن الستين، وبما يصل مجموعها معاً - المكافأة والمنحة - إلى ما يوازي مرتب ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سنى الخدمة، يؤيد ذلك عبارة يعادل مجموعها الواردة في الفقرة الأولى من المادة 71 وهي تشير إلى مجموع المكافأة والمنحة لا المنحة وحدها، فطبقاً لنص المادتين سالفتي الذكر يستحق الموظف الذي يبلغ سن السنتين بخدمة شركة... للتأمين في ذمتها مرتب ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سني الخدمة مقابل مكافأته القانونية والمنحة كما أنه وقد خلت الفقرة الأولى من المادة 71 من لائحة الشركة من النص على أن ما تساهم به الشركة في أقساط التأمين بالنسبة للموظفين الذين يبلغون سن الستين قد قصد به أن يكون مقابلاً لالتزامها القانوني بمكافأة نهاية الخدمة وأنه يدخل في حسابها ويقتطع منها، بينما نصت الفقرة الثانية على أنه في حالة الاستقالة تشمل المكافأة بوليصة تأمين الموظف سواء بالنسبة للحصة التي تدفعها الشركة أو الحصة التي تستقطع من مرتبه. فإنه يبين من المقارنة بينهما أن ما تساهم به الشركة من أقساط التأمين بالنسبة للموظف الذي تفصله من خدمتها يعتبر ميزة له يتمتع بها إلى جانب ما يتمتع به من مميزات أخرى ومن ثم فهي لا تدخل في حساب المكافأة ولا تقطع منها، ولا وجه في هذا الخصوص لقياس الحالة "بلوغ السن" على حالة "الاستقالة" وتعديه حكم الفقرة الثانية من المادة 71 من الفقرة الأولى لاختلاف العلة واختلاف الوضع والأثر القانوني لكل منهما، ومن ثم يكون قول الطاعن بأن المكافأة القانونية غير المنحة التي يطالب بها والبالغ قدرها ثلاثة شهور ونصف سنوياً قول لا سند له لما يبين مما تقدم من أن أجر الثلاثة شهور والنصف عن كل سنة من سني الخدمة يمثل مقابل المكافأة القانونية والمنحة معاً، وإذ كان ما تقدم إلا أن المادة 89 من القانون رقم 63 لسنة 1964 قد جرى نصها على أن "المعاشات والتعويضات المقررة وفقاً لأحكام هذا الباب لا تقابل من التزامات صاحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إلا ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون 91 لسنة 1959 ويلتزم أصحاب الأعمال الذين كانوا يرتبطون حتى آخر يوليه لسنة 1961 بأنظمة معاشات أو مكافآت أو ادخار أفضل بقيمة الزيادة بين ما كانوا يتحملونه في تلك الأنظمة ومكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على الأساس المشار إليه في الفقرة السابقة وتحسب هذه الزيادة عن كامل مدة خدمة العامل سواء في ذلك مدة الخدمة السابقة أو اللاحقة للاشتراك في الهيئة وتؤدي عند انتهاء خدمة كل عامل إلى الهيئة كاملة دون إجراء أي تخفيض وتصرف للمؤمن عليه أو المستحقين عنه المشار إليهم في المادة 82 من قانون العمل هذه المبالغ نقداً عند استحقاق صرف المعاش أو التعويض مضافاً إليها فائدة مركبة بمعدل 3% من تاريخ إيداعها في الهيئة حتى تاريخ استحقاق الصرف... "ولما كانت المادة 73 من قانون العمل تنص على أنه "إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد المدة أو كان الإلغاء صادراً من جانب صاحب العمل في العقود غير المحددة المدة وجب عليه أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات التالية، وذلك مع عدم الإخلال بالحقوق التي اكتسبها العمال بمقتضى القوانين الملغاة ويستحق العامل مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه منها في العمل، ويتخذ الأجر الأخير أساساً لحساب المكافأة وكانت الفقرة الثانية من المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن "لا يسري حكم المادة 73 من القانون الموافق فيما يتعلق بمكافأة مدة الخدمة السابقة على العمل به إلا في حدود ما كان منصوصاً عليه في القانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 279 لسنة 1946 وعلى أساس الأجر وقت انقضاء العقد" ومن ثم فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض للفصل فيما إذا كان المبلغ المطالب به محسوباً على أساس ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سني خدمة الطاعن يوازي قيمة الاشتراك عن المعاشات والتعويضات محسوبة على المادة 73 من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 91 لسنة 1959 فيعتبر ما يطلب به الطاعن مكافأة نهاية الخدمة فلا يجوز أن توجه إلا إلى هيئة التأمينات الاجتماعية باعتبار أنه قد حل محلها نظام المعاش أو التعويض حسب الأحوال، أم أنها تزيد على ذلك فيعتبر من قبيل الميزة الإضافية التي نصت الفقرة الثانية من المادة 89 من القانون رقم 63 لسنة 1964 على إلزام أصحاب الأعمال بتأديتها إلى هيئة التأمينات الاجتماعية على أن تصرفها للمؤمن عليه أو المستحقين عنه عند استحقاق صرف المعاش أو التعويض رغم أن هذه التفرقة جوهرية وهامة ومؤثرة على الفصل في الدعوى، ذلك أنها لو انتهت إلى أن هناك ثمة مبالغ من تلك المطالب بها تعتبر من قبيل الميزة الإضافية، وكان الحاصل في الدعوى المطروحة أن هذه المبالغ هي محل نزاع من المطعون ضدها الأولى ولم تدع الوفاء بها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لحساب الطاعن فإن دعوى هذا الأخير قبلها بالمطالبة بها لا تكون مخالفة لنصوص القانون - ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لبحث ذلك ولم يقل كلمته فيه واعتبر أن المبلغ المطالب به محسوباً على أساس مرتب ثلاثة شهور ونصف عن كل سنة من سني الخدمة هو على إطلاقه مكافأة نهاية الخدمة لا توجه المطالبة بها إلا لهيئة التأمينات الاجتماعية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب ولا يغير من ذلك أن الطاعن قد وصف ما طالب به في هذا الشأن بأنه مكافأة نهاية خدمة إذ من المقرر أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون أن تتقيد في ذلك بتكييف الخصوم لها - لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض طلب الطاعن إلزام المطعون ضدها الأولى بقيمة تصفية بوالص التأمين الجماعية وتقريره أنه لا شأن لها به وأن للطاعن أن يرجع بمبلغها على شركة مصر للتأمين، المطعون ضدها الثانية، التي لم يوجه إليها هذا الطلب - يقوم على أساس من اعتبار الحكم مدة خدمة الطاعن في كل من الشركتين منقطعة الصلة بالأخرى رغم ما في ذلك من مخالفة لحجية الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 6559 لسنة 1968 عمال جزئي القاهرة من اعتبار مدة خدمة الطاعن في الشركتين متصلة ولما كان من المقرر أن القضاء النهائي لا يكتسب قوة الأمر المقضى فيه إلا فيما ثار بين الخصوم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة به، فالمانع من إعادة النزاع في المسألة المقضى فيها، شرطه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد، في الدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر وكان يبين من الرجوع إلى الصورة العرفية للحكم الصادر في الدعوى رقم 6559 لسنة 1968 عمال جزئي القاهرة التي لم تجادل المطعون ضدها الأولى في مطابقتها للأصل. أن الطاعن كان قد أقام تلك الدعوى ضد الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم له بأحقيته في اقتضاء مرتبه بواقع 2218 جنيهاً سنوياً بخلاف البدلات مع ما يترتب على ذلك من فروق وآثار تأسيساً على أنه كان يعمل بشركة مصر للتأمين - المطعون ضدها الثانية ثم نقل إلى شركة الشرق للتأمين - المطعون ضدها الأولى - ولم يعين تعييناً مبتدأ بها وأن ذلك ليس من شأنه الانتقاص من حقوقه التي اكتسبها في الشركة المنقول منها وكانت هذه هي المسألة التي تناقش فيها الطرفان، وقضى فيها الحكم بأحقية الطاعن في اقتضاء مرتبه من المطعون ضدها الأولى بواقع 2218 جنيهاً سنوياً بخلاف البدلات وذلك على أساس ما أورده في أسبابه من أن التحاق الطاعن بالشركة المطعون ضدها الأولى لم يكن تعيناً جديداً، وإنما كان نقلاً من شركة إلى أخرى، وإن عقد عمله لدى شركة مصر للتأمين منذ سنة 1935 لم يرد عليه أي سبب من أسباب الانتهاء وإنه ليس من ذلك أن يؤدي إلى الانتقاص من حقوقه التي اكتسبها في الشركة المنقول منها، أما مسألة أن بوالص التأمين الجماعية المعقودة بين الطاعن والشركة المنقول منها تعتبر من ضمن هذه الحقوق التي يجوز الانتقاص منها وهل تعتبر سارية في حق الشركة المطعون ضدها الأولى المنقول إليها أم لا، أو من الذي يتعين التوجه إليه بشأن المطالبة بالحقوق المتولدة عن هذه البوالص فهو أمر لم يثر فيه جدل بين طرفي الدعوى الأولى ولم يقل الحكم الصادر فيها قوله ولم تستقر حقيقتها بينهما بذلك الحكم ومن ثم لا تكون له ثمة حجة في هذا الشأن - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يتعرض بالبحث لموضوع بوالص التأمين الجماعية المطالب بقيمة تصفيتها باعتبارها ميزة مالية يطالب بها الطاعن على أساس أنها من ضمن حقوقه التي اكتسبها بالشركة المنقول منها، وما إذا كانت هذه البوالص قد استمر العمل بها بما يسمح باستفادة الطاعن من سريانها أم لا ودون الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 230 لسنة 46 ق جلسة 20 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 208 ص 1053

جلسة 20 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني وعضوية السادة المستشارين: د. مصطفى كيرة، محمدي الخولي، سعد العيسوي، إبراهيم هاشم.

-------------

(208)
الطعن رقم 230 لسنة 46 القضائية

(1) نقض "سبب الطعن". استئناف.
النعي بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي لصدوره في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض لما يخالطه من واقع.
(2) استئناف "الطلب الجديد". حيازة.
رفض طلب المدعين رد حيازة الشقة إليهم. استئناف أحدهم طالباً رد الحيازة إليه وحده. لا يعد طلباً جديداً في الاستئناف.
(3) دعوى "تقديم مذكرات".
عدم جواز قبول مذكرات أو أوراق من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها. لا يغير من ذلك إذن المحكمة بإيداع المذكرات. إغفال الرد على ما جاء بها من دفوع وأوجه دفاع. لا خطأ.

-------------
1 - لما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي الصادر في دعوى حيازة الشقة موضوع النزاع، فإنه لا يجوز لها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع يقتضي عرضه على محكمة الموضوع.
2 - متى كان الثابت من مدونات الحكم - المطعون فيه - أن طلبات المدعين (ومنهم المطعون عليه الأول) أمام محكمة أول درجة كانت واردة على رد حيازتهم جميعاً للشقة بأكملها لكل منهم، فإن طلب المطعون عليه الأول رد حيازة الشقة إليه بأكملها في الاستئناف لا يكون طلباً جديداً إذ سبق طرحه على محكمة أول درجة.
3 - لا يجوز للمحكمة - طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات - أن تقبل أثناء المداولة أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً وهذا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أصل من أصول المرافعات، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل أن تكون المحكمة التي أصدرت الحكم قد أذنت للطاعنة بإيداع مذكرتها بملف الدعوى دون إعلان الخصم بها، إذ ليس من شأن هذا أن يغير من قواعد وضعت كفالة لعدالة التقاضي وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفاً فيها، ولما كان الثابت أن الطاعنة قد قدمت مذكرة إلى محكمة الاستئناف بعد حجز الدعوى للحكم دون إعلان المطعون عليه بها أو اطلاعه عليها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على ما تضمنته تلك المذكرة من دفوع أو أوجه دفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول وأخوته الثلاثة أقاموا الدعوى رقم 98 لسنة 1973 مدني جزئي مصر الجديدة ضد المطعون عليه الثاني وطلبوا فيها الحكم برد حيازتهم للشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقالوا بياناً لها أن المطعون عليه المذكور باع لهم منقولات تلك الشقة لقاء مبلغ 900 جنيه بعقد مسجل بتاريخ 12/ 1/ 1970، وقد وضعوا اليد عليها وأقاموا بها، إلا أنه انتهز فرصة غيابهم وتمكن من الاستيلاء عليها بطريق الغش. وقد خلصت الطاعنة في الدعوى طالبة الحكم برفضها وبمنع تعرض المدعين لها في حيازتها، استناداً إلى أن زوجها المطعون عليه الثاني باع لها منقولات الشقة بعقد مؤرخ 21/ 1/ 1971 وأقامت فيها، وبتاريخ 1/ 1/ 1973 قضت المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، وقيدت برقم 261 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة، وبتاريخ 29/ 4/ 1973 قضت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوقائع المبينة بالمنطوق، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 31/ 12/ 1973 برفض دعوى المدعين وبعدم تعرضهم للطاعنة في حيازتها لشقة النزاع. استأنف المطعون عليه الأول وحده هذا الحكم بالاستئناف رقم 286 سنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 24/ 2/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرد حيازة المطعون عليه الأول للشقة وبرفض دعوى الطاعنة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن المطعون عليه الأول وأخواته الثلاثة طلبوا في دعواهم أمام محكمة أول درجة رد حيازتهم للشقة موضوع النزاع واستندوا في طلبهم إلى عقد بيع صادر لهم من المطعون عليه الثاني ببيعه لهم منقولات الشقة بمبلغ 900 جنيه فيكون نصيب كل منهم في هذا العقد يقدر بمبلغ 225 جنيه، وقد قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى المدعين وبمنع تعرضهم للطاعنة في حيازة الشقة، فاستأنف المطعون عليه الأول حكم محكمة أول درجة وطلب الحكم له برد حيازته للشقة ولم يتعرض في طلباته في صحيفة الاستئناف لما قضى به ابتدائياً للطاعنة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبرد حيازة المطعون عليه الأول للشقة وبرفض دعوى الطاعنة فأنه يكون قد خالف القانون من ثلاثة وجوه (أولها) أن قيمة ما يخص المطعون عليه الأول في المنقولات موضوع النزاع هو 225 جنيه فيكون الحكم الابتدائي صادراً في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية ومن ثم يكون الاستئناف غير جائز. (وثانيها) إن الدعوى رفعت أمام المحكمة الابتدائية من المطعون عليه الأول وثلاثة آخرين برد حيازة الشقة لهم جميعاً وإذ قضى الحكم برد حيازتها للمطعون عليه الأول وحده فأنه يكون قد فصل في طلب جديد لم يسبق عرضه على محكمة أول درجة (وثالثها) أن الحكم قضى برفض دعوى الطاعنة مع أن المطعون عليه الأول - المستأنف لم يطلب ذلك في صحيفة استئنافه.
وحيث إن النعي في الوجه الأول غير مقبول ذلك أن دعاوى الحيازة وفقاً لنص المادة 37/ 4 من قانون المرافعات تقدر قيمتها بقيمة الحق الذي ترد عليه الحيازة، ولما كانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز استئناف الحكم الابتدائي الصادر في دعوى حيازة الشقة موضوع النزاع، فإنه لا يجوز لها إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع يقتضي عرضه على محكمة الموضوع. والنعي في الوجه الثاني مردود ذلك أن الثابت من مدونات الحكم فيه أن طلبات المدعين (ومنهم المطعون عليه الأول) أمام محكمة أول درجة كانت واردة على رد حيازتهم جميعاً للشقة بأكملها لكل منهم، ومن ثم فإن طلب المطعون عليه الأول رد حيازة الشقة إليه بأكملها في الاستئناف لا يكون طلباً جديداً إذ سبق طرحه على محكمة أول درجة، والنعي بالوجه الثالث غير صحيح إذ الثابت من الحكم المطعون فيه ومن صورة صحيفة الاستئناف المقدمة من المطعون عليه الأول أن الاستئناف انصب على قضاء الحكم المستأنف في جميع أجزائه سواء ما قضى به في الدعوى المرفوعة من المطعون عليه أو ما قضى به في باقي دعوى الطاعنة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه بني على إجراءات باطلة وأخل بحق الطاعنة في الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنه بعد أن نظرت محكمة الاستئناف الدعوى وترافع فيها الخصوم حجزتها للحكم فيها وصرحت بتقديم مذكرات بالإيداع وقدمت الطاعنة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الاستئناف شكلاً كما ضمنها دفاعها في الموضوع، إلا أن المحكمة لم تطلع على تلك المذكرة أو ترد على ما ورد فيها، ومن ناحية أخرى فقد قام المطعون عليه الأول وباقي المدعين بعد صدور الحكم الابتدائي بسحب مستنداتهم التي سبق أن أودعوها ملف الدعوى الابتدائية بغير إذن من رئيس المحكمة ودون إيداع صوراً منها مما يخالف نص المادة 25 من قانون الإثبات وكان من بين هذه المستندات صور تحقيقات وشكاوى اعتمد عليها حكم محكمة أول درجة في قضائه، ولم تتعرض لها محكمة الدرجة الثانية نتيجة لسحب تلك المستندات.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه لا يجوز طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات للمحكمة أثناء المداولة أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً، وهذا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أصل من أصول المرافعات، ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل أن تكون المحكمة التي أصدرت الحكم قد أذنت للطاعنة بإيداع مذكرتها بملف الدعوى دون إعلان الخصم بها، إذ ليس من شأن هذا أن يغير من قواعد وضعت كفالة لعدالة التقاضي، وعدم تجهيل الخصومة على من كان طرفاً فيها، ولما كان الثابت أن الطاعنة قدمت مذكرة إلى محكمة الاستئناف بعد حجز الدعوى للحكم دون إعلان المطعون عليه بها أو اطلاعه عليها، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على ما تضمنه تلك المذكرة من دفوع أو أوجه دفاع، والنعي في الشق الثاني غير مقبول إذ لم تقدم الطاعنة ما يدل على تمسكها به أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه منسوب حيازة المطعون عليه للشقة محل النزاع على ما استخلصه من مستندات المطعون عليه الأول ومن أقوال شاهديه في حين أن الثابت من صورة الشكوى رقم 619 سنة 1971 إداري ديرب نجم أن المطعون عليه المذكور كان يحوز الشقة بصفته نائباً عن باقي المدعين في الدعوى الابتدائية وإذ قضى برفض الدعوى بالنسبة لهؤلاء المدعين ولم يستأنف حكم محكمة أول درجة سوى المطعون عليه الأول وبعد أن أصبح الحكم الصادر من محكمة أول درجة نهائياً بالنسبة لباقي المدعيين فإنه لا يجوز له طلب استرداد الحيازة لزوال صفته.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض مستندات الخصوم وناقش شهادة الشهود، استخلص من مستندات المطعون عليه الأول وأقوال شاهديه استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الأول قد أقام بالشقة موضوع النزاع منذ شرائه منقولاتها وظل واضعاً يده عليها حتى انتهز زوج الطاعنة فرصة سفر المطعون عليه الأول وسلب حيازة الشقة؛ ولما كانت محكمة الموضوع تستقل وحدها بتصوير وقائع النزاع دون معقب عليها ما دام تصوريها يستند إلى ما هو ثابت بأوراق الدعوى فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما لا رقابة لمحكمة النقض على الموضوع فيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 33 لسنة 46 ق جلسة 19 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 207 ص 1047

جلسة 19 من إبريل سنة 1978

برئاسة السيد/ محمد أسعد محمود نائب رئيس محكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار، إبراهيم فراج.

---------------

(207)
الطعن رقم 33 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "ولاية على المال". نيابة عامة.
طلب توقيع الحجر. جواز تقديمه إلى المحكمة من النيابة العامة أو من ذوي الشأن. تحقيقه منوط بالمحكمة. عدم التزام النيابة بتحقيق الطلبات المتقدمة إليها. للمحكمة ندب النيابة للقيام ببعض إجراءات التحقيق.
(2) أحوال شخصية "ولاية على المال".
الغفلة. فساد في التدبير وسوء الإدارة والتقدير. جواز الاعتداد بأقوال المطلوب الحجر عليه في التحقيقات كدليل على انتفاء الغفلة.

--------------
1 - مؤدى نص المادة 998 من قانون المرافعات المضافة ضمن الكتاب الرابع بالقانون رقم 126 لسنة 1951، أنه يجوز تقديم الطلبات إلى محكمة الولاية على المال أما من النيابة العامة مبدية فيها الرأي أو مرجئة إياه إلى يوم الجلسة، وأما من ذوي الشأن وفي هذه الحالة يتعين على رئيس المحكمة الابتدائية أو قاضي المحكمة الجزئية بحسب الأحوال أن يحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة في ميعاد يحدده، وتعيده النيابة مرفقاً به ما قد تكون أجرته من تحقيق، ولرئيس المحكمة أو القاضي بعد رفع الطلب إليه سلطة الأمر بما يراه لازماً من إجراءات التحقيق، وباتخاذ ما يجده مناسباً من الإجراءات الوقتية والتحفظية، كما له أن يندب النيابة العامة لمباشرة بعض إجراءات التحقيق، شريطة - وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية - ألا يتخلى عن هذا التحقيق برمته إلى النيابة العامة، مما مفاده أنه ليس ثمة إلزام على النيابة بتحقيق الطلبات التي تقدم سواء منها أو من ذوي الشأن إلى محكمة الولاية على المال، وإنما مطلق الحق في ذلك للمحكمة فهي التي تجرى التحقيق إما بنفسها أو عن طريق ندب النيابة لإجراء بعضه، مما ينتفي معه الأساس القانوني لتمسك الطاعن ببطلان إجراء إحالة حالة طلب الحجر إلى المحكمة لعدم استيفاء تحقيق عناصره بمعرفة النيابة العامة.
2 - الغفلة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تخل بالعقل من الناحية الطبيعية وإنما تقوم على فساد التدبير وترد على حسن الإدارة والتقدير، وهي على هذا الوصف وإن كان يرجع في إثباتها أو نفيها لذات التصرفات التي تصدر من الشخص إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من أن تستمد محكمة الموضوع أيضاً الدليل إثباتاً ونفياً من أقوال المحجور عليه في التحقيقات ومن مناقشتها له، فإذا ما كشفت هذه الأقوال عن سلامة الإدراك وحسن التقدير أمكن الاستدلال بها على انتفاء حالة الغفلة دون أن يؤخذ على هذا الاستدلال الخطأ في مفهومها أو في تطبيق هذا المفهوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن قدم لنيابة القاهرة للأحوال الشخصية في 9/ 4/ 1971 طلباً بتوقيع الحجر على المطعون عليه للسفة والغفلة وتعيين قيم عليه، وقال بياناً لطلبه أن المطعون عليه يمتلك أطياناً زراعية وعقارات ومبالغ تتمثل في ريع يصرف إليه من الحراسة القضائية على وقف...... ومن وزارة الإسكان كتعويض عن نزع ملكية بعض العقارات جاوز العشرين ألفاً من الجنيهات وقد سبق تقديم طلب بتوقيع الحجر عليه في سنة 1950 من السيد....... وأثر رفض الطلب استصدر منه المذكور توكيلاً بإدارة أمواله وصرف مستحقاته، وإذ استكتبه عقد بيع لصالح أحد أولاده بمساحة قدرها 33 فداناً واستولى على الريع المخصص له وقام المطعون عليه بإنفاق مبلغ ثمانين ألفاً من الجنيهات خلال السنوات العشرة الأخيرة على نفسه فقط لعدم وجود زوجة أو ولد له، وهو ما يعد سفهاً أو غفلة، فقد تقدم بطلبه. حققت النيابة الطلب وقيد برقم 78 ب سنة 1972 أحوال شخصية مال القاهرة الابتدائية. وبتاريخ 24/ 11/ 1973 حكمت المحكمة برفض طلب الحجر. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 130 لسنة 91 ق أحوال شخصية "مال" القاهرة، وبتاريخ 6/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته أنه جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاؤه برفض طلب الحجر على ما تضمنه التقرير الطبي من خلو المطعون عليه من الأمراض العقلية وما أسفرت عنه تحقيقات النيابة ومناقشته بالجلسة من عدم توافر أسباب السفه والغفلة الموجبة لتوقيع الحجر عليه، حالة أن تحقيقات النيابة لم تتناول سوى فحص حالته العقلية وهي جزئية لم يقم طلب الحجر عليها، بينها أغفلت تمحيص الأسباب الحقيقية التي بني عليها الطلب، فلم تتناول بالبحث ما للمطلوب الحجر عليه من أموال وما أجراه فيها من تصرفات وأوجه إنفاقه المبالغ التي صرفت إليه من وزارة الأوقاف وغيرها من الجهات، والأسباب التي أقيم عليها طلب الحجر السابق تقديمه ممن صدرت إليه بعض هذه التصرفات والمقيد برقم 744 لسنة 50 حسبي القاهرة، ومن ثم يكون الطلب قد أحيل إلى المحكمة دون تحقيق عناصره وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لابتنائه على إجراء باطل. هذا إلى أن أقوال المطعون عليه أمام المحكمة تقطع في فقدانه سلامة الإدارة وحسن التقدير فقد أقر ببيعه ثمانية أفدنة للسيارة...... بركات وثلاثة وثلاثين فداناً..... نظير مبلغ 150 جنيهاً للفدان وذلك بعد أن نفي حصوله على ثمن لها في تحقيقات النيابة معللاً التنازل عنها بتفاديه انطباق أحكام قانون الإصلاح الزراعي، كما أقر ببيعه حصته في وقف....... لمن يدعي..... بثمن قدره ستة جنيهات للمتر في حين أنه يساوي أضعاف هذا الثمن، وأقر أيضاً بتنازله عن مدفن والده وفيلا بمحتوياتها من الرياش الفاخر والتحف.......... وقبضه ما يقرب من 24 ألف جنيه في سنة 1964 مقابل ما نزعت ملكيته من عقارات وإنفاقها في شئونه وأوجه البر وفي مشروع خاص يحتفظ لنفسه بسره، ورغم تمسك الطاعن بما تنبئ عنه هذه التصرفات من فقدان المطعون عليه ملكة الإدارة وحسن التقدير وإصابته بضعف الإرادة وسهولة الانقياد، ومطالبته باستكمال التحقيق وسؤال من صدرت لهم تلك التصرفات للتعرف على طبيعة التبرع فيها، وضم التحقيقات التي أجريت بصدد طلب الحجر السابق ورغم تقديمه إقراراً صادراً من المطعون عليه يفيد ثقته به، فقد أخذ الحكم بأقوال المطعون عليه دون مناقشته وخلص منها إلى سلامة إرادته مخالفاً بذلك مضمون ما اشتملت عليه من إقرارات ومغفلاً الاستجابة إلى طلباته والرد على ما قدمه من مستندات وهو ما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان النص في المادة 998 من قانون المرافعات المضافة ضمن الكتاب الرابع بالقانون رقم 126 لسنة 1951 على أنه "يرفع الطلب من النيابة أو ذوي الشأن. وإذا كان الطلب مقدماً من ذوي الشأن يحيله رئيس المحكمة أو قاضي محكمة المواد الجزئية - على حسب الأحوال بعد رفع الطلب إليه إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتهما عليه كتابة في ميعاد يردده؛ وتعيده النيابة مرفقاً به ما قد تكون أجرته في تحقيق. ولرئيس المحكمة أو القاضي بعد رفع الطلب إليه إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة في ميعاد يحدده، وتعيده النيابة مرفقاً به ما قد تكون أجرته من تحقيق. ولرئيس المحكمة أو القاضي بعد رفع الطلب إليه أن يأمر بما يراه لازماً من إجراءات التحقيق كما أن له أن يأمر باتخاذ ما يراه من الإجراءات الوقتية أو التحفظية. ويجوز للمحكمة أن تندب النيابة العامة لمباشرة بعض إجراءات التحقيق الذي تأمر به" يدل على أنه يجوز تقديم الطلبات إلى محكمة الولاية على المال إما من النيابة العامة مبدية فيه الرأي أو مرجئة إياه إلى يوم الجلسة؛ وإما من ذوي الشأن وفي هذه الحالة يتعين على رئيس المحكمة الابتدائية وقاضي المحكمة الجزئية بحسب الأحوال أن يحيله إلى النيابة العامة لإبداء ملاحظاتها عليه كتابة في ميعاد يحدده؛ وتعيده النيابة مرفقاً به ما قد تكون أجرته من تحقيق؛ ولرئيس المحكمة أو للقاضي بعد رفع الطلب إليه سلطة الأمر يراه لازماً من إجراءات التحقيق؛ وباتخاذ ما يجده مناسباً من الإجراءات الوقتية والتحفظية، كما له أن يندب النيابة العامة لمباشرة بعض إجراءات التحقيق؛ شريطة - وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية - ألا يتخلى عن هذا التحقيق برمته إلى النيابة العامة، مما مفاده أنه ليس ثمت إلزام على النيابة بتحقيق الطلبات التي تقدم سواء منها أو من ذوي الشأن إلى محكمة الولاية على المال؛ وإنما مطلق الحق في ذلك للمحكمة فهي التي تجرى التحقيق أما بنفسها أو عن طريق ندب النيابة لإجراء بعضه، مما ينتفي معه الأساس القانوني لتمسك الطاعن ببطلان إجراء إحالة طلب الحجر إلى المحكمة لعدم استيفاء تحقيق عناصره بمعرفة النيابة العامة. لما كان ذلك وكانت الغفلة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تخل بالعقل من الناحية الطبيعية وإنما تقوم على فساد التدبير وترد على حسن الإدارة والتقدير، وهي على هذا الوصف وإن كان يرجع في إثباتها أو نفيها لذات التصرفات التي تصدر من الشخص إلا أنه ليس ثمت ما يمنع من أن تستمد محكمة الموضوع أيضاً الدليل إثباتاً ونفياً من أقوال المطلوب الحجر عليه في التحقيقات. ومن مناقشتها له فإذا ما كشفت هذه الأقوال عن سلامة الإدراك وحسن التقدير أمكن الاستدلال بها على انتفاء حالة الغفلة دون أن يؤخذ على هذا الاستدلال الخطأ في مفهومها أو في تطبيق هذا المفهوم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم قيام حالتي السفه والغفلة في المطعون عليه بقوله "... أنه بالنسبة لطلب الحجر بسبب العته فقد نفى التقرير الطبي عن المطلوب الحجر عليه إصابته به؛ وعن السفه أو الغفلة فقد رأت النيابة أنها ليست بصدد محاسبة المطلوب الحجر عليه عن الماضي بقدر ما هي بصدد تحديد مدى حسن إدارته وتقدير ما بقى له من مال؛ وأنه عن الفترة من سنة 1952 حتى سنة 1954 فإنه لا وجه للتحدي بتوافر السفه والغفلة إذ كان ما آل إلى المطعون الحجر عليه على فرض صحة ما أدلى به طالب الحجر عنها من ثروات له ما يبرره معها تصرفات المطلوب الحجر عليه المالية، وبالنسبة للفترة الأخيرة التي ركز فيها طالب الحجر مبررات طلبه في قبض المطلوب الحجر عليه التعويض لقاء نزع ملكية بعض أمواله وإنفاقه في شئونه وبعض ذويه دون البعض الآخر، كتصرفه بالبيع إلى وكيله الذي تلقى الصفقة لصالح أحد أولاده على فرض أنه بغير عوض لا يدخل دائرة السفه كما أنه لا يعد من قبيل الغفلة أنه لم يعدله من استحقاق إلا ما يغطي متطلباته الضرورية وأن ما نسب إليه من التفكير في مشروعات خيالية إنما هو من قبيل القول المرسل الذي لا يستسيغه عقل وقد نفى عنه التقرير الطبي كل آفة عقلية كما أن طالب الحجر لم يقدم ثمت دليل على أن طلب الحجر المقدم سنة 1950 توافرت له موجبات الحجر على المطلوب الحجر عليه بدليل يقيني بصرف النظر عن ظروف حفظه أو رفضه وانتهت النيابة إلى طلب رفض الطلب موضوعاً. وكان الثابت من أقوال المطلوب الحجر عليه بتحقيق النيابة ومناقشته بالجلسة أن التصرفات القانونية التي صدرت منه والتي سبق بيانها كانت بأسباب مبرره على النحو السالف فهي إما لسداد ديوان على التركة أقيمت بها دعاوى أو لضآلة قيمة العائد منها أو تفادياً لتطبيق أحكام قانون الإصلاح الزراعي بالاستيلاء عليها فإن قيام هذه الاعتبارات لدى المطلوب الحجر عليه من شأنها أن تبعد عن تصرفاته شبهة الاستئثار أو السلطة عليه مما ينأى به عن مجال الغفلة سواء كان المستحق للقدر المبيع أقل من قيمته الحقيقية أو كان البيع قد حصل تبرعاً به طالما أنه لم يصدر في هذه التصرفات إلا عن مصلحة يراها هو جديرة بالاعتبار، وبالتالي يكون طلب الحجر على غير أساس سليم من الجد أو القانون خليقاً بالرفض، وكان هذا الذي أوردته المحكمة في حدود ما لها من سلطة تقديرية، سائغاً في التدليل على نفي عارض السفه والغفلة عن المطعون عليه، ويكفي لحمل قضائها برفض طلب الحجر، فلا عليها إذا لم تستجب إلى طلب الطاعن مناقشة من صدرت إليهم التصرفات للتعرف على وجه التبرع فيها طالما خلصت صحيحاً إلى سلامتها سواء صدرت على سبيل التبرع أو بمقابل يقل عن القيمة الحقيقية للأموال موضوعها وذلك بالنظر إلى الظروف والاعتبارات التي تمت فيها، أو إلى طلب ضم الأوراق الخاصة بطلب الحجر السابق تقديمه ضد المطعون عليه في سنة 1950 تبعاً لعدم تقديم الطاعن الدليل على توافر موجبات الحجر فيه رغم ما تقرر من رفضه أو حفظه، كما لا تثريب عليها إذا التفتت عن الرد على ما تقدم به الطاعن من إقرار صادر من المطعون عليه ينطوي على ثقته فيه، سيما وأن صدوره تم على أساس تنازل الطاعن عن الطلب، وأنه حسب المحكمة وقد انتهت إلى بيان الحقيقة التي اقتنعت بها أن تقيم قضاءها على أسباب تكفي لحمله دون حاجة لتعقب كل حجة الطاعن وترد عليها استقلالاً لأن قيام الحقيقة الواقعة التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والبطلان ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعنان 12 & 36 لسنة 13 ق جلسة 16 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 110 ص 281

جلسة 16 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك ومحمود فؤاد بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

-------------

(110)
القضيتان رقم 12 ورقم 36 سنة 13 القضائية

أ - مقايضة. 

استحقاق الغير لجزء من أحد العقارين. لا يكون لمن نزع منه هذا الجزء امتياز بالتضمينات على العقار الذي أعطاه. (المادة 359 مدني).
ب - توزيع ثمن المبيع. المنازعات غير المقيدة في محضر التوزيع المؤقت. عدم قبولها. الغرض منه عدم تعطيل الفصل في التوزيع. 

(المادة 639 مرافعات).

-------------
1 - إذا استحق الغير جزءاً من أحد العقارين المتبادلين في عقد المقايضة فلا يكون لمن نزع منه هذا الجزء إلا ما نصت عليه المادة 357 مدني من أحد أمرين: طلب فسخ عقد البدل واسترداد العقار الذي أعطاه، أو المطالبة بالتضمينات، وفي الحالة الثانية لا يكون له بدين التضمينات حق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأنه لا يمكن أن يقال إن التضمينات تمثل ثمن العقار فيكون في مركز البائع صاحب حق الامتياز، بل هي مقابل استحقاق الغير للعقار الذي أخذه، فهو في مركز مشتر انتزعت ملكية ما اشتراه، فيكون في مقام دائن عادي. ولا يمكن أن يغير من طبيعة هذا الدين أن يكون الحكم بصحة عقد البدل قد حفظ له حق الرجوع بثمن ما استحق أو أن يكون الحكم الذي قضى له بالتضمينات عن استحقاق جزء من العقار للغير قد قضى له أيضاً بحبس العقار الذي أعطاه تحت يده، لأنه مهما يكن من أمر الحكم بالحبس فإنه لا يمكن أن يمس حقوق الدائنين الذين سجلوا حقوقهم قبل وجود هذا الحق له.
2 - إن المادة 639 من قانون المرافعات تقرر أنه لا يجوز قبول منازعات خلاف المقيدة في محضر التوزيع المؤقت، والغرض من هذا النص هو وضع حد لأسباب المنازعة حتى لا يتعطل الفصل في التوزيع. وعلى ذلك لا يصح أن ينعى على الحكم المطعون فيه بطريق النقض أنه لم يفصل فيما أثاره الطاعن من المنازعات في ديون بعض الدائنين إذا هو لم يقدم لمحكمة النقض ما يدل على أنه تمسك بهذه المنازعات في مناقضته ولم يقدم محضر التوزيع المؤقت.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أنه بموجب عقد معاوضة مؤرخ 4 مايو سنة 1933 تبادل المعلم إبراهيم محمود وعباس عباس عبد النبي عقارين، فنقل إبراهيم محمود إلى عباس عباس عبد النبي ملكية 12 ط شيوعاً في المنزل رقم 2 بشارع بين الحارات بمصر، ونقل عباس عباس عبد النبي إلى إبراهيم محمود ملكية جميع المنزل رقم 32 بشارع ترب المناصرة، وقدر ثمن نصف المنزل بمبلغ 2400 جنيه وثمن منزل عباس عباس عبد النبي بمبلغ 3050 جنيهاً، وفرق البدل وقدره 650 جنيهاً دفع منه إبراهيم محمود 50 جنيهاً إلى عباس والباقي قدره 600 جنيه تعهد بدفعه لكليمان بردو الدائن المرتهن لمنزل عباس. وورد في البند الأول من هذا العقد أن عباس عباس عبد النبي يمتلك جميع المنزل الذي أعطاه، ثم ذكر في نهايته ما يأتي: "ملحوظة - يقر الطرف الأول عباس أفندي عباس عبد النبي بأن المنزل ملكه المتبادل عليه الآن لورثة ابنه القصر حصة فيه، ويتعهد بأن يستحضر الست فهيمة بنت ريحان زوجة ابنه المتوفى أحمد عباس عباس لإمضاء العقد النهائي وإعطائها حقها مع أولادها أولاد ابنه المتوفى حصة في النصف المأخوذ من حضرة الأسطى إبراهيم محمود إبراهيم". وفي 3 يونيو سنة 1933 رفع المعلم إبراهيم محمود الدعوى رقم 1270 سنة 1933 كلي مصر على عباس عباس عبد النبي بصفته الشخصية وبصفته ولياً على أولاد ابنه أحمد القصر وعلى الست فهيمة بنت ريحان عبد الله زوجة ابنه المذكور، وقد دخلت الست سكينة عباس في الدعوى بصفتها وصية على أولاد أخيها أحمد عباس القصر، طلب فيها المدعي: (أولاً) تعيين حارس على المنزل رقم 32 بشارع ترب المناصرة (ثانياً) صحة ونفاذ عقد البدل المحرر في 4 مايو سنة 1933 مع إلزام المدعى عليه الأول عباس عباس عبد النبي بتعويض قدره 400 جنيه والمصاريف والأتعاب. وبتاريخ 11 ديسمبر سنة 1933 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البدل المحرر بتاريخ 4 مايو سنة 1933 عن المنزلين الموضحين بصحيفة الدعوى، وأن يكون هذا البدل نافذاً فقط في 8 س و17 ط من 24 ط من المنزل رقم 32 الكائن بشارع ترب المناصرة مع حفظ حق المدعي في المطالبة بقيمة باقي المنزل المذكور وبرفض الدعوى بالنسبة إلى حصة كل من المدعى عليها الثانية فهيمة ريحان وسكينة عباس بصفتها وصية على قصر المرحوم أحمد عباس، وألزمت المدعى عليه الأول بالمصاريف، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 13 يناير سنة 1935 وقام المعلم إبراهيم محمود بتسجيل هذين الحكمين في 26 فبراير سنة 1935 كما سجل من قبل صحيفة الدعوى في 6 يونيه سنة 1933.
رفع بعد ذلك المعلم إبراهيم محمود دعوى على عباس عباس عبد النبي طلب فيها الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 952 جنيهاً و222 مليماً مع المصاريف والفوائد بواقع 9% من تاريخ عقد البدل حتى الوفاء وباستمرار حبس 12 ط شيوعاً في المنزل رقم 2 بشارع بين الحارات. وبتاريخ 2 مارس سنة 1936 حكمت محكمة مصر الابتدائية غيابياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي المبلغ المطلوب وفائدته بواقع 5% من تاريخ عقد البدل حتى تنفيذ الحكم وبحبس العين المتبادل عليها المبينة بصحيفة الدعوى حتى الوفاء وتنفيذاً لهذا الحكم نزع المعلم إبراهيم محمود ملكية مدينه من نصف المنزل الكائن بشارع بين الحارات الذي كان مملوكاً له أصلاً. وقد رسا المزاد على يوسف أحمد بدوي بمبلغ 900 جنيه الذي طلب توزيع هذا الثمن. وبتاريخ 23 أكتوبر سنة 1939 صدرت قائمة التوزيع المؤقت خصص بمقتضاها مبلغ 15 جنيهاً و520 مليماً للمصاريف القضائية و19 جنيهاً و350 مليماً لوزارة المالية عن عوائد متأخرة على نصف المنزل والباقي وقدره 865 جنيهاً و130 مليماً خصص ليوسف أحمد بدوي الدائن لعباس عباس عبد النبي بمقتضى ثلاثة أحكام أحيلت إليه أحدها صادر لمصلحة السيدة قوت القلوب الدمرداش بمبلغ 339 جنيهاً و80 مليماً وقد حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 29 ديسمبر سنة 1934 والثاني والثالث لمصلحة جبرائيل تماز - أحدهما بمبلغ 30 جنيهاً و780 مليماً حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 30 يناير سنة 1935 والآخر بمبلغ 683 جنيهاً و921 مليماً حصل بموجبه على اختصاص مسجل في 17 فبراير سنة 1935 ناقض في هذه القائمة المعلم إبراهيم محمود بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1939 طالباً تخصيصه بجميع المبلغ استناداً إلى أن دينه الصادر به حكم 2 مارس سنة 1936 ممتاز وله أفضيلة على جميع الديون الأخرى. وناقضت فيها أيضاً الست فهيمة ريحان بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1939 استناداً إلى أنها دائنة لعباس عباس عبد النبي بمبلغ 1/ 3 833 جنيهاً وفوائده بواقع 5% بمقتضى حكم تاريخه أول سبتمبر سنة 1935 حصلت بموجبه على اختصاصين قيدا في 7 أكتوبر سنة 1935 بمحكمة مصر الأهلية وفي 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة وطلبت تخصيصها بمبلغ 50 مليماً و526 جنيهاً، وقيدت المناقضتان برقم 5 سنة 1939 توزيع محكمة مصر الابتدائية. وبجلسة 23 مارس سنة 1940 قررت المحكمة ضم المناقضتين إلى بعضهما. وبتاريخ 27 إبريل سنة 1940 حكمت المحكمة بقبول المناقضتين شكلاً وفي الموضوع: أولاً - برفض المناقضة المرفوعة من إبراهيم محمود وإلزامه بمصاريفها. ثانياً - بالنسبة للمناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان بتعديل قائمة التوزيع المؤقت المحررة في 23 أكتوبر سنة 1939 وتخصيص مبلغ 950 مليماً و419 جنيهاً ليوسف أحمد بدوي بخلاف المصاريف القضائية وقدرها 520 مليماً و15 جنيهاً وتخصيص المبلغ الباقي وقدره 530 مليماً و464 جنيهاً لفهيمة ريحان، وألزمت المناقض ضدهما يوسف أحمد بدوي وإبراهيم محمود بالمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف يوسف أحمد بدوي هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول المناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان وتخصيص مبلغ 464 جنيهاً و530 مليماً لها والحكم برفض المناقضة المرفوعة منها واعتماد قائمة التوزيع المؤقت وتخصيص المبلغ الباقي وقدره 464 جنيهاً و530 مليماً له واحتياطياً تخصيصه بالفوائد والمصاريف المقدرة في الأحكام المحولة له عدا المبلغ الذي خصص له بمقتضى الحكم المستأنف وقدره 950 مليماً و419 جنيهاً بخلاف المصاريف القضائية ومقدارها 520 مليماً و15 جنيهاً مع إلزام فهيمة ريحان عن نفسها وبصفتها وصية بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. واستأنفه أيضاً المعلم إبراهيم محمود وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قائمة التوزيع المؤقت وكذلك التوزيع الصادر بمقتضى الحكم المستأنف. كما طلب تخصيصه بجميع الثمن الذي رسا به المزاد مع رفض المناقضة المرفوعة من فهيمة ريحان وإلزام من ترى المحكمة إلزامه بجميع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 20 أكتوبر سنة 1940 قررت المحكمة ضم الاستئنافين أحدهما للآخر وإثبات تنازل إبراهيم محمود عن مقاضاة وزارة المالية وعباس عباس عبد النبي. وبتاريخ 23 فبراير سنة 1941 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وتخصيص 900 مليم و428 جنيهاً ليوسف أحمد بدوي مع المصاريف القضائية وقدرها 520 مليماً و15 جنيهاً وتخصيص مبلغ 665 مليماً و318 جنيهاً لإبراهيم محمود وتخصيص مبلغ 915 مليماً و136 جنيهاً لفهيمة ريحان بصفتيها وإلزام يوسف أحمد بدوي بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين لما حكم به استئنافياً لكل من إبراهيم محمود وفهيمة ريحان مع إلزام كل من الخصوم بباقي ما صرفه في الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
طعنت فهيمة ريحان بصفتيها في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 4 يناير سنة 1943 إلخ. إلخ وطعن فيه كذلك المعلم إبراهيم محمود إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن فهيمة ريحان تبني طعنها على الأسباب الآتية: أولاً - أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن للمعلم إبراهيم محمود ديناً ممتازاً يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأن دينه البالغ قدره 222 مليماً و952 جنيهاً المحكوم له به بتاريخ 2 مارس سنة 1936 هو تعويض بسبب استحقاق ورثة أحمد عباس عباس لستة قراريط وستة عشر سهماً في المنزل الذي أعطاه له عباس عباس عبد النبي المتبادل معه ولذلك لا يصح اعتبار هذا المبلغ أو بعضه بمثابة فرق بدل مضمون بحق امتياز، وما كان يجوز قانوناً للمحكمة أن تجزئ هذا التعويض وتعتبر أن منه 222 مليماً و197 جنيهاً ديناً ممتازاً، وهو قيمة الفرق بين ثمن نصف المنزل وثمن 8 س و17 ط من المنزل الآخر، وتعتبره فرق بدل وتعتبر ما زاد عليه ديناً عادياً باعتباره تعويضاً لا يجري عليه وصف الامتياز. (ثانياً) أن شرط امتياز الثمن أو فرق البدل هو أن يكون معيناً في العقد المسجل وأن يذكر فيه أنه ما زال مستحقاً حتى يمكن الاحتجاج به على الغير، أما هذه الدعوى فكل ما فيها أن إبراهيم محمود سجل صحيفة دعواه بصحة عقد البدل، وليس في هذه الصحيفة أية إشارة إلى مبلغ معين، ثم رفع دعوى أخرى بالتعويض لم يظهر للحكم الصادر فيها أثر ما في التسجيلات. (ثالثاً) أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بما جرى عليه من المفاضلة بين التسجيلات المتوقعة على العقار المنزوع ملكيته. فقد استصدرت فهيمة ريحان حكماً بدينها في أول سبتمبر سنة 1935 وحصلت بموجبه على اختصاص على العقار المذكور قيد بتاريخ 7 أكتوبر سنة 1935 بقلم كتاب محكمة مصر الأهلية وبتاريخ 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة، ولذلك يكون لها من يوم قيد اختصاصها حق الأولوية على ما يرد بعد ذلك من تسجيلات لديون مضمونة برهن أو امتياز. وأما إبراهيم محمود فقد سجل صحيفة دعوى صحة البدل في 10 يونيو سنة 1933 ثم سجل الحكمين الصادرين فيها بتاريخ 26 فبراير سنة 1935. وتقول محكمة الاستئناف إن تسجيل اختصاص فهيمة ريحان كان بعد تسجيل هذين الحكمين فيكون لإبراهيم محمود حق الأولوية عليها. ووجه الخطأ في ذلك أن أحكام إبراهيم محمود ليس فيها بيان لدين مضمون برهن أو امتياز بل حفظت له المحكمة مجرد الحق في الرجوع على المدين بتعويض، وأن كل ما لها من آثار لا يتعدى انتقال الملكية.
وحيث إن إبراهيم محمود يبني طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله في الأمور الآتية: (أولاً) أن نصف المنزل الذي رسا مزاده بمبلغ 900 جنيه المتنازع على توزيعه كان مملوكاً أصلاً وانتقلت ملكيته إلى عباس عباس عبد النبي بموجب الحكم المسجل الصادر في 11 ديسمبر سنة 1933 بصحة ونفاذ عقد البدل. ومذكور بهذا الحكم أن لإبراهيم محمود فرق بدل عين مقداره فيما بعد بمبلغ 222 مليم و952 جنيهاً بمقتضى حكم نهائي تاريخه 2 مارس سنة 1936 حاز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للمتعاقد معه وخلفائه من ورثة ودائنين، وفرق البدل هذا مضمون بحق الامتياز الذي تأيد بما قضى له به من حبس العين. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في تحديد فرق البدل على خلاف ما قضى به الحكم المتقدم ذكره. كما أخطأ أيضاً حين اعتبر لدين يوسف أحمد بدوي أولوية على دين فرق البدل الممتاز لتسجيل دينه قبل تسجيل حكم صحة البدل، وذلك لأن العقار لم يدخل في ملكية المدين إلا مثقلاً بدين فرق البدل، وعليه يكون تسجيل دين يوسف أحمد بدوي السابق لا قيمة له. ثانياً - لم يذكر الحكم المطعون فيه كيف انتقل حق الاختصاص من السيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز إلى يوسف أحمد بدوي الذي احتال بالأحكام الصادرة لهما مع ما تبين من الأوراق أن سند الحوالة غير مسجل كما يقضي بذلك قانون التسجيل. وعليه تكون الديون التي احتال بها يوسف أحمد بدوي لا يصح التمسك بها قبل إبراهيم محمود لأن دينه ممتاز. (ثالثاً) طعن إبراهيم محمود بالصورية في جميع الديون المدعى بأسبقيتها على دينه وبخاصة دين كل من فهيمة ريحان ويوسف أحمد بدوي، ولكن الحكم المطعون فيه لم يتناول إطلاقاً هذا الدفاع الجوهري، وفي هذا ما يعيبه ويبطله.
وحيث إن جميع أسباب الطعن المقدمة من فهيمة ريحان والسبب الأول من أسباب طعن إبراهيم محمود قائمة على مسألة قانونية واحدة يدور الخلاف عليها بينهما، وهي معرفة ما إذا كان دين إبراهيم محمود المحكوم له به في 2 مارس سنة 1936 هو فرق بدل فيكون ديناً ممتازاً أو هو تعويض عن الاستحقاق فيكون ديناً عادياً لا امتياز له.
وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه إذا نص في عقد المعاوضة على التزام أحد المتعاقدين بدفع بدل فإن للمتعاقد الآخر حق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأن فرق البدل إن هو إلا ثمن ما يزيد من قيمة عقاره على قيمة العقار الآخر الذي أخذه، فهو في هذه الحالة كالبائع سواء بسواء.
وأما في حالة استحقاق الغير لجزء من أحد العقارين فليس لمن نزع منه هذا الجزء امتياز على العقار الذي أعطاه، فإن المادة 359 مدني أجازت له أحد أمرين إما طلب فسخ عقد البدل واسترداد العقار الذي أعطاه، وإما طلب تضمينات. ففي الحالة الثانية لا يمكن الاعتراف له بحق امتياز على العقار الذي أعطاه، لأنه لا يمكن أن يقال إن هذه التضمينات تمثل ثمن العقار فيكون في مركز البائع، بل هي مقابل استحقاق الغير للعقار الذي أخذه فهو في مركز مشتر انتزعت ملكية ما اشتراه.
وحيث إنه بالرجوع إلى عقد البدل الرقيم 4 مايو سنة 1933 يبين أنه ليس فيه ذكر لفرق بدل يدفعه عباس عباس عبد النبي، بل بالعكس فقد ذكر فيه فرق بدل قدره 650 جنيهاً يدفعه إبراهيم محمود، ولم ينشأ حق هذا الأخير في الدين الذي قضى له به إلا بسبب استحقاق ورثة أحمد عباس عباس لجزء من العقار الذي أخذه من عباس عباس عبد النبي. وعلى أساس ما تقدم إيراده فليس له حق امتياز على العقار الذي أخذه ونزع ملكيته فيما بعد وفاء للتضمينات التي قضي له بها، والتي تجعله في مقام دائن عادي. ولا يمكن أن يغير من طبيعة هذا الدين شيء مما يثيره إبراهيم محمود متعلقاً بما ورد في حكم صحة عقد البدل الذي حفظ له حق الرجوع بثمن ما استحق أو بما ورد في حكم 2 مارس سنة 1936 الذي قضى له بالدين وبحبس الاثنى عشر قيراطاً تحت يده، لأنه مهما يكن من أمر الحكم بالحبس فإنه لا يمكن أن يمس حقوق الدائنين الذين سجلوا حقوقهم قبل وجود هذا الحق له، أو بما استند إليه من أنه كان ظاهراً من عقد البدل أن عباس عباس عبد النبي ما كان يملك المنزل كله الذي أعطاه إذ أن التعاقد تناول العقار كله.
وحيث إنه بناءً على ما تقدم فلا محل للبحث فيما أثارته فهيمة ريحان في السببين الثاني والثالث من تقرير طعنها بعد أن تبين أنه ليس لإبراهيم محمود حق امتياز قط.
وحيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه إبراهيم محمود في السببين الثاني والثالث من أسباب طعنه من أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث كيفية انتقال الحقوق المحولة ليوسف أحمد بدوي من السيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز كما أنه لم يعرض لأثر عدم تسجيل الحوالة ولا لصورية دين فهيمة ريحان ويوسف أحمد بدوي، فإنه ليس في الأوراق ما يدل على أن إبراهيم محمود تمسك في مناقضته بصورية دين فهيمة ريحان وبعدم تسجيل حوالة الديون المحكوم بها للسيدة قوت القلوب الدمرداش وجبرائيل تماز، فضلاً عن أنه لم يقدم محضر التوزيع المؤقت حتى يستطيع إقامة الدليل على غير ذلك. ومن ثم فلا حق له في أن ينعى على الحكم المطعون فيه هذا العيب. لأن المادة 639 مرافعات تقرر أنه لا يجوز قبول منازعات خلاف المقيدة في محضر التوزيع المؤقت، والغرض من هذا النص وضع حد لأسباب النزاع حتى لا يتعطل الفصل في التوزيع.
وحيث إنه فيما يتعلق بكيفية انتقال الدين إلى يوسف أحمد بدوي وبصورية دينه الذي احتال به فإن الحكمين الابتدائي والاستئنافي عرضا إلى بحث هذا الدين وإلى صورية دين جبرائيل تماز المحول إلى يوسف بدوي تفصيلاً. فقد ذكر الحكم الابتدائي في صدده ما يأتي: "وحيث إنه بالنسبة لمناقضة الست فهيمة ريحان فهي لا تناقض في دين الست قوت القلوب هانم الدمرداش وقدره 339 جنيهاً و80 مليماً والذي تحول إلى يوسف أفندي أحمد بدوي، وإنما تناقض في دين الخواجة جبريل تماز الخاص أولهما بمبلغ 30 جنيهاً و870 مليماً والثاني بمبلغ 683 جنيهاً و921 مليماً بحجة أن هذا الدين صوري ولم يمكنها إثبات هذه الصورية، وإنما قدمت بدوسيه المناقضة بالحافظة/ 10 دوسيه صورة فوتوغرافية من ورقة محاسبة بإمضاء أحمد أحمد بدوي الدائن الأصلي المحول لجبرائيل تماز والذي أعاد له الدين بعد ذلك وأحاله هو بعده لأخيه يوسف أحمد بدوي، وقد اعترف بها أحمد أحمد بدوي وقال بأنها صادرة منه ومؤدى هذه الورقة أن الستة سندات (بكمبيالات) وهي أساس الحكم ذي مبلغ الـ 683 جنيهاً و921 مليماً خالصة بأجمعها عدا مبلغ 50 جنيهاً، وعليه فيتعين الأخذ بهذه المخالصة بالنسبة لمبلغ 560 جنيهاً و950 مليماً مجموع هذه السندات مع ما يتبع ذلك من ملحقات أبلغته إلى 683 جنيهاً و921 مليماً واستبعاد مقدار ما زاد على خمسين جنيهاً فقط. ولا يمكن أن يقال بأن هذا لا يسري على المحال يوسف أحمد بدوي إذ أن هذه الورقة تتخذ حجة عليه ولا بد أن يكون عالماً بها لما بينه وبين المحيل من صلة". ثم أضاف الحكم الاستئنافي إلى ذلك ما يأتي: "حيث إنه فيما يتعلق باستئناف يوسف أحمد بدوي فإن حكم محكمة أول درجة في محله لأسبابه، يضاف إليها فيما يتعلق بالصورية أن الديون التي قضي بصورية أغلبها عدا جزءاً بسيطاً، كما هو ظاهر من الحكم الابتدائي، كانت أصلاً لأحمد أحمد بدوي وحولها لأجنبي، وبعد أن حصل هذا على حكمين بها واختصاصين (بالعين المنزوع ملكيتها) تنازل عن الحكمين والاختصاصين إلى أحمد أحمد بدوي نفسه. وهذا تنازل لأخيه يوسف أحمد بدوي الذي قرر أنه اشترى لحساب يوسف أحمد بدوي. أما قول يوسف أحمد بدوي هذا في مذكرته ص 8 إن الورقة التي اعتبرتها محكمة أول درجة دليلاً على الصورية وأقر فيها أحمد أحمد بدوي بأن (ست الكمبيالات) خالصة بأجمعها عدا مبلغ 50 جنيهاً لا تقدم ولا تؤخر، لأنها بغير تاريخ، ولأنها كتبت بعد الحكم بالدين وقبل عباس عباس عبد النبي هذا الحكم، وبقبوله هذا الحكم أصبحت (الكمبيالات) لا سبب لها حيث حل الحكم محلها فكتب أحمد بدوي تلك الورقة - هذا القول الذي قاله يوسف أحمد بدوي غير مقبول عقلاً، إذ لا محل لذكر التخالص بمجرد صدور الحكم وقبل الدفع أو التنفيذ وعدم ذكر تاريخ الورقة ليس مبطلاً لها". وفي هذا ما يدل على أن ما يثيره الطاعن المذكور خاصاً بهذا الموضوع غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم جميعاً يكون الطعن المقدم من إبراهيم محمود على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً ويكون الطعن المقدم من فهيمة ريحان على أساس ويتعين قبوله.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها.
وحيث إن مبلغ 900 جنيه المطلوب توزيعه يتسع أولاً لدين يوسف أحمد بدوي ومقداره 428 جنيهاً و900 مليم الثابت بمقتضى ثلاثة أحكام أحدها محول إليه من الست قوت القلوب الدمرداش بمبلغ 339 جنيهاً و80 مليماً وحصل بموجبه على اختصاص قيد في 29 ديسمبر سنة 1934 والثاني والثالث حولا إليه من جبرائيل تماز ومقدار المستحق له عنهما مع الفوائد 89 جنيهاً و820 مليماً وقد حصل بموجبها على اختصاصين قيدا في 30 يناير سنة 1935 و17 فبراير سنة 1935، وهذا الدين أسبق الديون تسجيلاً على العقار الذي نزعت ملكيته ورسا مزاده ويجب أن تضاف إليه المصاريف القضائية التي دفعها ومقدارها 15 جنيهاً و520 مليماً.
وحيث إنه يبقى بعد ذلك من المبلغ المطلوب توزيعه 455 جنيهاً و580 مليماً يجب تخصيص فهيمة ريحان به وفاء لبعض دينها الذي يزيد على هذا المقدار والذي حصلت بموجبه على اختصاص قيد في 7 أكتوبر سنة 1935 بقلم كتاب محكمة مصر الأهلية وفي 15 فبراير سنة 1936 بقلم رهون محكمة مصر المختلطة. وعلى ذلك فلا سيبل لتخصيص شيء لإبراهيم محمود صاحب الدين العادي.