الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 أبريل 2023

الطعن 56 لسنة 13 ق جلسة 2 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 105 ص 269

جلسة 2 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد محمد حسن بك المستشارين.

----------------

(105)
القضية رقم 56 سنة 13 القضائية

بيع. 

انعقاد البيع صحيحاً. يترتب عليه التزام كل من المتعاقدين بالوفاء بتعهداته بمقتضى شروط العقد. لا أثر في ذلك لقانون التسجيل. دائن عادي. خلف عام لمدينه. موت البائع قبل الوفاء بتعهده بنقل الملكية. ليس لدائنه العادي أن يدعي أي حق على العقار المبيع يتنافى مع تعهده. تنفيذ الدائن على العقار. لا يجوز في حق المشتري.

---------------
إنه لما كان قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923، فيما عدا تعليق نقل الملكية من البائع إلى المشتري على حصول التسجيل، لم يغير شيئاً من طبيعة عقد البيع من حيث إنه من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها القانونية بين المتعاقدين بمجرد الإيجاب والقبول، فإنه متى انعقد البيع صحيحاً ترتب عليه التزام كل من المتعاقدين بالوفاء بتعهداته التي يوجبها عليه القانون وشروط العقد، وفي مقدمتها التزام المشتري بدفع الثمن إلى البائع والتزام البائع بتسليم المبيع ونقل الملكية إلى المشتري. ولما كان الدائن العادي يعتبر خلفاً عاماً لمدينه كالوارث لمورثه، وكان الخلف العام يحل محل سلفه في كل ماله وما عليه فتؤول إليه جميع الحقوق التي كانت لسلفه وتلزمه جميع تعهداته (1) - لما كان ذلك كذلك فإنه إذا مات البائع قبل الوفاء بتعهده بنقل الملكية لا يكون لدائنه العادي أن يدعي في مواجهة المشتري أي حق على العقار المبيع يتنافى مع تعهد البائع. ولا يجوز لهذا الدائن إجراء التنفيذ على العقار باعتبار أنه كان مملوكاً للمورث وقت وفاته. وخصوصاً إذا كان المشتري قد سجل حكماً صدر له على الورثة بصحة التعاقد قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن المرحوم مهدي أفندي الطوخي مورث المطعون ضدهم كان استأجر أطياناً زراعية من وزارة الأوقاف لمدتين الأولى من 15 نوفمبر سنة 1921 إلى 14 من نوفمبر سنة 1924 والثانية من 15 من نوفمبر سنة 1924 إلى 14 من نوفمبر سنة 1927، وتأميناً لوفاء الإيجارة في هاتين المدتين رهن إلى الوزارة 10 و1/ 4 قيراطاً قيمة ما يملكه على الشيوع في عمارتين ببندر الزقازيق، وقد وفى المستأجر الأجرة كاملة عن المدتين المذكورتين، وبهذا الوفاء انقطعت علاقته بالوزارة. وفي سنة 1930 رغب في استئجار أطيان من الوزارة فقدم إليها في 14 من أغسطس سنة 1930 كشفاً بالأملاك التي يتعهد برهنها تأميناً للأجرة، وهذا الكشف يتضمن نفس الحصة البالغة 10 و1/ 4 قيراطاً على الشيوع في العمارتين سالفتي الذكر، ومذكور بالكشف أن الحصة المبينة فيه مملوكة له، ومصدق على هذا من رجال الإدارة، ثم رسا المزاد على المرحوم مهدي أفندي الطوخي عن صفقة قدرها 302 ف و4 ط و9 س أطيان وقف المشترك الأهلي المشمول بنظر وزارة الأوقاف لمدة ثلاث سنين تبدأ من 15 نوفمبر سنة 1930 وتنتهي في 14 نوفمبر سنة 1933 بإيجار سنوي قدره 94 مليماً و1813 جنيهاً. وقد استلم مهدي أفندي الطوخي الأطيان وقبل تحرير عقد الرهن توفي في 13 من يناير سنة 1931 أي بعد بدء الإيجار بنحو شهرين، وبوفاته انتقل الإيجار إلى ورثته وهم المطعون ضدهم، فوضعوا اليد على الأطيان المؤجرة وانتفعوا بها. إلا أنهم تأخروا في الوفاء فرفعت الوزارة عليهم الدعاوى رقم 266 سنة 1931 و86 و332 و288 سنة 1932 كلي الزقازيق التي انتهت بإلزامهم بأن يدفعوا للوزارة من تركة مورثهم مبالغ مجموعها 921 مليماً و2009 جنيهات قيمة المتأخر من الإجارة والمصاريف. فاستصدرت الوزارة اختصاصين على العشرة قراريط وربع من العمارتين المشار إليهما آنفاً، وإحداهما رقم 5 بشارع عباس والثانية رقم 15 بشارع الطوخي بقسم النظام ببندر الزقازيق، على اعتبار أن هذه الحصة مملوكة لمورث المطعون ضدهم. وقد سجل الاختصاص الأول بمحكمة الزقازيق الأهلية في 12 من يوليو سنة 1936 برقم 241 سنة 1936 وبالمحكمة المختلطة في 28 من ذلك الشهر، وسجل الاختصاص الثاني في 11 من نوفمبر سنة 1937 برقم 2314 سنة 1937 في محكمة الزقازيق الأهلية، وسجل بالمحكمة المختلطة في 21 من ديسمبر سنة 1937. ثم أخذت الوزارة بعد ذلك في مباشرة إجراءات نزع ملكية الحصتين. فرفع الثلاث الأوليات من المطعون ضدهم هذه الدعوى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية الأهلية، وقيدت بجدولها برقم 104 سنة 1939 على الطاعنة (وزارة الأوقاف) وباقي المطعون ضدهم قلن في صحيفتها المعلنة بتاريخ 15 و18 من ديسمبر سنة 1938 و2 من يناير سنة 1939 إن وزارة الأوقاف اتخذت إجراءات نزع الملكية على 10 و1/ 4 قيراطاً على الشيوع في أرض ومباني عمارتين كائنتين ببندر الزقازيق مبينتي الحدود والمساحة والمعالم بالعريضة على أساس أن الوزارة تداين تركة مورثهم المرحوم مهدي الطوخي بموجب أحكام نهائية بمتأخر إيجار أطيان وقف المشترك الأهلي المشمول بنظرها التي كان قد استأجرها قبل وفاته، مع أن هذه الحصة التي اتخذت الوزارة إجراءات نزع الملكية بشأنها ليست مملوكة لمورثهن، وإنما مملوكة لهن ملكاً خاصاً بطريق المشترى منه بمقتضى عقد بيع عرفي تاريخه 6 من إبريل سنة 1924 وثابت التاريخ في 22 فبراير سنة 1925 في حال حياة البائع. وقد رفعن بموجبه دعوى صحة تعاقد ضد باقي الورثة أمام محكمة الزقازيق الأهلية قيدت برقم 213 سنة 1931 وقضى لهن بطلباتهن في تلك الدعوى بتاريخ 6 أكتوبر سنة 1931 ثم سجل حكم صحة التعاقد في 21 من يناير سنة 1934 وبذلك انتقلت إليهن ملكية الحصة المبيعة وكلفت بأسمائهن ووضعن اليد عليها، وقلن إنه في وقت شراء تلك الحصة لم يكن البائع مديناً بشيء لوزارة الأوقاف، وطلبن الحكم بأحقيتهن إلى العشرة قراريط وربع على المشاع في العمارتين موضوع الدعوى وإلغاء إجراءات نزع الملكية التي اتخذتها وزارة الأوقاف عليها. وقد طعنت الوزارة في عقد تمليك المدعيات بعدة طعون منها الصورية. وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1940 قضت محكمة الزقازيق برفض دعوى المدعيات (الثلاث الأوليات من المطعون ضدهم) بانية حكمها على أن عقد البيع الذي يتمسكن به عقد صوري. فرفع الثلاث الأوليات من المطعون ضدهم استئنافاً عن هذا الحكم بصحيفة أعلنت في 19 و23 و25 فبراير سنة 1941 وقيد برقم 468 سنة 58 قضائية بجدول محكمة استئناف مصر التي قضت بتاريخ 22 من إبريل سنة 1942 بقبول الاستئناف شكلاً وموضوعاً بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنفات (المطعون ضدهن الثلاث الأوليات) إلى الحصة البالغ قدرها 10 و1/ 4 قيراطاً على الشيوع في العمارتين المبينتى الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى وبإلغاء إجراءات نزع الملكية التي اتخذت عليها بناءً على طلب وزارة الأوقاف مع إلزام وزارة الأوقاف بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 31 من مارس سنة 1943 فطعنت فيه بطريق النقض في 28 من إبريل سنة 1943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم.


المحكمة

وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثاني أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الاستئناف بأنه على فرض صحة عقد البيع الذي هو أساس دعوى المطعون ضدهن الثلاث الأوليات فهو لم يسجل إلا بعد موت البائع، وبحكم قانون التسجيل كان المبيع باقياً على ملكه وقت وفاته، ولم تنتقل ملكيته إلى المشتريات، فيجب اعتباره تركة مخلفة عن البائع، ويكون لدائنه الحق في استيفاء دينه منه، لكن الحكم المطعون فيه لم يتحدث عن هذا الدفع وقضى بملكية المطعون ضدهن للمبيع وبإلغاء إجراءات نزع الملكية التي اتخذتها الطاعنة لاستيفاء دينها منه، فيكون معيباً بمخالفة القانون وبالقصور في الأسباب.
وحيث إنه لما كان قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 - فيما عدا تعليق نقل الملكية من البائع إلى المشتري على تسجيل عقد البيع - لم يغير شيئاً من طبيعة عقد البيع من حيث إنه من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها القانونية بين المتعاقدين بإيقاع الإيجاب والقبول، فمتى انعقد البيع صحيحاً ترتب عليه التزام كل من المتعاقدين بالوفاء بتعهداته التي يوجبها عليه القانون وشروط العقد وفي مقدمتها التزام المشتري بدفع الثمن إلى البائع والتزام البائع بتسليم المبيع ونقل الملكية إلى المشتري - ولما كان الدائن العادي يعتبر خلفاً عاماً لمدينه، كالوارث لمورثه، وكان الخلف العام يحل محل سلفه في كل ماله وما عليه فتؤول إليه جميع الحقوق التي كانت لسلفه وتلزمه جميع تعهداته - لما كان ذلك كذلك فإنه بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ في 6 من إبريل سنة 1924 والثابت التاريخ في 22 من فبراير سنة 1925 يكون البائع مهدي أفندي الطوخي قد تعهد بنقل ملكية العقار موضوع النزاع إلى المشتريات المطعون ضدهن الثلاث الأوليات، ويكون هذا التعهد ملزماً لورثته ولدائنيه العاديين، ولما كان هو قد مات قبل الوفاء بتعهده فليس للطاعنة، وهي دائن عادي، أن تدعي أي حق على العقار يتنافى مع تعهد مدينها البائع ويجب عليها احترام الحكم الذي صدر بصحة توقيع البائع والذي تم بموجب تسجيله نقل ملكية المبيع إلى المطعون ضدهن الثلاث الأوليات، ويكون الحكم المطعون فيه إذ يقوم على هذا الأساس القانوني لم يخطئ فيما قضى به ولا محل كذلك للنعي عليه بالقصور في الأسباب.
وحيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الطاعنة دفعت بأن عقد البيع الذي يتمسك به المطعون ضدهن الثلاث الأوليات صوري لأن البائع استمر واضع اليد على العقار المبيع دونهن، واستدلت على ذلك بالإقرار المقدم في الدعوى الصادر منه والمصدق عليه من رجال الإدارة بأنه هو واضع اليد ومن كشوف المكلفة المستخرجة في سنة 1930 التي كانت باسمه هو لا باسمهن. وقد اعتمد الحكم الابتدائي في قضائه بالصورية على ذلك الدليل الثابت منه وضع يد المورث على المبيع. ولكن محكمة الاستئناف إذ حكمت بصحة العقد قالت بعدم قيام الدليل على أن المشتريات لم يكن واضعات اليد فتكون بذلك قد استنتجت استنتاجاً خاطئاً يناقض ما هو ثابت بالأوراق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في صدد ما جاء بهذا الوجه من الطعن: "إنه عن الأمر الثاني الذي استنتجت منه المحكمة الصورية فقد ذكرت المحكمة أن المورث ظل واضع اليد على العين المبيعة موضوع النزاع، ووضع يده على العين المبيعة لم يقم عليه دليل، وتقديم المورث العين موضوع النزاع لوزارة الأوقاف ورهنه لها ضماناً للإجارة الأولى، وتقديمه ليرهن في الإجارة التالية، لا ينهض دليلاً على وضع اليد، إذ وضع اليد عمل مادي، وأما التصرف فهو إجراء في الورق قد يجهله المشترون، ولا يمكن اعتباره دليلاً على الصورية. خصوصاً وأن دين الأوقاف الذي تنفذ به لم ينشأ إلا سنة 1930 أو سنة 1931 بينما العقد ثابت التاريخ في سنة 1925". ويبين من هذا أن محكمة الاستئناف أرادت القول بأنها لم تجد في أدلة الدعوى - على خلاف ما وجدت محكمة أول درجة - دليلاً يجعلها هي تقتنع بوضع يد البائع على العقار المبيع. ولما كانت تلك الأسباب التي أوردتها المحكمة في القول بذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها، فإنه لا يكون لما تثيره الطاعنة من معنى إلا محاولة إعادة المناقشة في تقدير أدلة الثبوت ومبلغ كفايتها في الدعوى مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.


(1) يراجع مع هذا الحكم الصادر في القضية رقم 68 سنة 14 بجلسة 10 مايو سنة 1945.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق