جلسة 13 يناير سنة 1944
برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة، وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.
---------------
(93)
القضية رقم 64 سنة 13 القضائية
اختصاص.
ولاية المحاكم المختلطة بموجب اتفاق منترو. مقصورة على الأشخاص التابعين للدول الموقعة على الاتفاق أو للدول التي ينص عليها بمرسوم. مؤسسة تابعة للدولة الروسية لا تخضع لولاية المحاكم المختلطة ولو وجدت فيها مصلحة لجالية من الجاليات الخاضعة لولايتها.
الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده رفع الدعوى رقم 315 سنة 1942 أمام محكمة مصر الابتدائية على مجلس إدارة المدرسة العبيدية طلب فيها الحكم له عليه بمبلغ 384 جنيهاً و535 مليماً منه مبلغ 80 جنيهاً و535 مليماً قال إنه أنفقه من ماله الخاص في شئون المدرسة والباقي وقدره 304 جنيهاً على سبيل التعويض. فدفع الطاعن فرعياً بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى لأن المدرسة خاضعة لولاية المحاكم المختلطة. وفي 14 من إبريل سنة 1942 قضت المحكمة برفض الدفع الفرعي وباختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وحددت جلسة 12 من مايو سنة 1942 لنظر موضوعها. فرفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء بقبول الدفع المقدم منه. وفي 28 من فبراير سنة 1943 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف إلخ.
وفي 11 من مايو سنة 1943 قرر وكيل الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير أعلنه إلى المطعون ضده في 19 من ذلك الشهر إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن حاصل الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بخضوع المدرسة العبيدية لولاية المحاكم الأهلية لا لولاية المحاكم المختلطة يكون قد خالف القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه في يوم 8 مايو سنة 1937 الذي عقد فيه اتفاق منترو تبودلت بين الطرفين المتعاقدين أي الوفد المصري من جهة ووفود الدول الممتازة من جهة أخرى خطابات ألحقت بالاتفاق وجعلت متممة له صرحت فيها الحكومة المصرية بأن للمعاهد الأجنبية المدرسية أو الطبية أو الخيرية الموجودة يومئذ بمصر أن تواصل نشاطها بكامل الحرية بشرط أن تخضع لقضاء المحاكم المختلطة وأن تسري عليها القوانين واللوائح المصرية والإجراءات التي تقتضيها المحافظة على النظام العام. وكان الوفد اليوناني قد قدم إلى الوفد المصري قائمة بالمعاهد اليونانية المقصودة بتصريح الحكومة المصرية، ولذلك ضم الوفد المصري هذه القائمة إلى خطابه الموجه إلى الوفد اليوناني وقال إن المعاهد الواردة بها تكون خاضعة لولاية المحاكم المختلطة. ولما كانت المدرسة العبيدية واردة في هذه القائمة فلا شك إذن في خضوعها لولاية تلك المحاكم دون المحاكم الأهلية. ويقول الطاعن إنه لا يجوز أن يعترض على ذلك بالتحفظ الذي أبداه الوفد المصري بشأن القائمة عند تسلمها من الوفد اليوناني، وتصريحه بأنه لا يمكنه الموافقة عليها قبل فحصها بدقة، ذلك الفحص الذي يحتفظ لنفسه بحق إجرائه عند عودته لمصر - لا يجوز الاعتراض بذلك، لأن التحفظ لا يمكن تصوره عند الرفض بل عند القبول، وإذ كان اتفاق مونترو قد دخل مع ملحقاته في دور التنفيذ فمفاد تحفظ الوفد المصري هو رغبة الفريقين في أن الحالة الموجودة من قبل بشأن المعاهد الواردة بالقائمة، وهي خضوعها لولاية المحاكم المختلطة التي كانت تحكم دائماً بخضوع المدرسة العبيدية لقضائها، هذه الحالة تكون متسمرة كما هي حتى يصير فحص القائمة ثم يستبعد منها ما لا يتفق على بقائه فيها.
وحيث إنه بموجب اتفاق مونترو الخاص بإلغاء الامتيازات الأجنبية في مصر صارت ولاية المحاكم المختلطة مقصورة على الأشخاص التابعين للدول الموقعة على الاتفاق أو للدول التي ينص عليها بمرسوم. فلا يمكن أن تعتبر المدرسة العبيدية خاضعة لولاية هذه المحاكم إلا إذا كانت تابعة لواحدة من تلك الدول. ولما كان الطاعن يقول في طعنه إن المدرسة تابعة للدولة الروسية، وإذ كانت هذه الدولة لم توقع على اتفاق مونترو ولم يصدر مرسوم بمساواتها بالدول التي وقعت عليه، فلا يجديه والحالة هذه قوله بجنسيتها الروسية. ولا يجديه كذلك تمسكه بخطاب الوفد المصري والقائمة المرافقة له لأن نص هذا الخطاب المحرر باللغة الفرنسية - كنص سائر الخطابات المماثلة له سواء المحررة بالفرنسية أو الإنجليزية المتضمنة تصريح الحكومة المصرية المشار إليه في تقرير الطعن - ناطق باشتراطه تبعية المعاهد المقصودة بهذا التصريح للدولة الموجه إليها الخطاب، وبأنه لكي تكون المعاهد الواردة في القائمة التي تقوم بها الوفد اليوناني داخلة في ذلك التصريح يجب أن تكون هذه المعاهد يونانية الجنس. والواقع أن الوفد اليوناني لم يعتبر المدرسة العبيدية يونانية الجنس، إذ أنه بعد أن ذكر المعاهد اليونانية في القائمة قال إنه يبدي ملاحظة بأن الجالية اليونانية لها مصلحة كبيرة في المدرسة العبيدية. ففضلاً عن إيرادها بهذه الكيفية التي لها دلالتها فالفرق ظاهر بين كون المدرسة يونانية وبين وجود مصلحة للجالية اليونانية فيها، وقد تقدم أن الطاعن يقول بجنسيتها الروسية، ومن هذا يبين أن أحداً لم يقل بجنسيتها اليونانية. ووجود مصلحة للجالية اليونانية في المدرسة المذكورة ليس من شأنه أن يسلب المحاكم الأهلية الولاية على المدرسة في المنازعات التي تقوم بينها وبين المصريين أو الأجانب من رعايا الدول غير الممتازة ولا أن يجعلها خاضعة للمحاكم المختلطة في تلك القضايا. أما ما يدعيه الطاعن بشأن مفاد تحفظ الوفد المصري فغير مقبول لتعارضه مع الرغبة الحقيقية المتجلية في نظام اتفاق مونترو الذي قصر اختصاص المحاكم المختلطة على رعايا الدول المنصوص عليها بالذات فيه دون غيرهم، ولأن التحفظ المذكور إنما يفيد عدم التسليم بالجنسية اليونانية لأي معهد من المعاهد الواردة بالقائمة إلا بعد فحصها، فإلى أن يتم هذا الفحص يكون أمر الفصل في جنسية هذه المعاهد عند الاقتضاء، وبالتالي في الولاية القضائية عليها، موكلاً إلى السلطة القضائية.
وحيث إنه متى كان ذلك كذلك فإن الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الصادر باختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى المرفوعة على الطاعن لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق