جلسة 26 من إبريل سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، محمد حسب الله، الدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.
---------------
(234)
الطعن رقم 808 لسنة 44 القضائية
(1، 2) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل" تعويض. عمل.
(1) دعوى العامل المصاب بالتعويض عن إصابة العمل قبل رب العمل. جواز استناده إلى المسئولية التقصيرية إذا كان الخطأ الذي نشأ عنه الحادث جسيماً. م 42 ق 63 لسنة 1964.
(2) الخطأ الجسيم في معنى المادة 42 ق 63 لسنة 1963. ماهيته. مثال بشأن تحقق الخطأ الجسيم في جانب الشركة رب العمل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 529 لسنة 71 عمال كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع له تعويضاً عشرة آلاف جنيه - وقال بياناً للدعوى أنه كان يعمل رئيساً للإدارة البحرية بالشركة وبتاريخ 21/ 11/ 1967 كان يستقل - مع آخرين - سيارة تابعة للشركة في الطريق من الغردقة إلى رأس غارب للعودة بعد مهمة رسمية فانقلبت السيارة أثناء سيرها بسبب عدم صلاحية أحد إطاراتها وأصيب من جراء الحادث في أجزاء كثيرة من جسمه وتكون الشركة قد ارتكبت خطأ جسيماً يجعلها مسئولة عن تعويض الضرر الذي أصابه طبقاً للمادة 163 من - القانون المدني والمادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 64 وبجلسة 30/ 4/ 1972 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى - استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2728 سنة86 وبجلسة 11/ 6/ 1974 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 1500 جنيه تعويضاً. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وتقول بياناً لذلك أن الحكم أقام قضاءه بخطأ الشركة الجسيم ومسئوليتها عن الضرر الذي أصاب المطعون ضده تأسيساً على عدم صلاحية إطار السيارة التي وقع منها الحادث مع علم الشركة بوعورة الطريق الذي تسلكه السيارة للوصول إلى أماكن التنقيب عن البترول في حين أن السيارة كانت في طريقها من رأس غارب إلى الغردقة - ولم تكن متجهة في مهمة للتنقيب عن البترول - وأن الطريق الذي سلكته السيارة طريق ممهد للسيارات عامة كما أفاد كتاب مفتش مرور البحر الأحمر وهو الجهة المختصة ببيان صلاحية الطرق وحالتها.
وحيث إن هذا النعي مردود - بأن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في إثبات خطأ الشركة الطاعنة الجسيم إلى أن طبيعة عملها في التنقيب عن البترول يجعلها على علم بأن السيارة التي أمرت بتشغيلها تجتاز طرقاً وعرة للتنقيب عن البترول وأن إطارها الخلفي الأيسر كانت صلاحيته 30% بدليل ما كشفت عنه معاينته من وجود حشو من الكاوتش داخله وأن التقرير الفني قد أثبت وعورة الطريق في منطقة وقوع الحادث - وإذ كان ما أورده الحكم من وعورة الطريق في منطقة وقوع الحادث لا يتعارض مع كون الطريق ذاته مرصوفاً بلا أسفلت - وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطانها المعلق في استخلاص ما تقتنع به ويطمئن إليه وجدانها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل لا يقبل أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون إذ قام قضاء الحكم المطعون فيه على أن خطأ الطاعنة هو خطأ جسيماً وقضى للمطعون ضده بتعويض عن الضرر في حين أن الأوراق خلت مما يجعل هذا الخطأ جسيماً ومن ثم لا يجوز الرجوع على الشركة بالتعويض طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 64 بعد أن حصل المطعون ضده على التعويض من الهيئة العامة للتأمينات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 42 من القانون 63 لسنة 64 الخاص بالتأمينات الاجتماعية على أنه "لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر ولا يجوز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه" يدل على أن مجال تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية هو في الأحوال التي أراد فيها المشرع أن يرعى جانب العامل نظراً لمخاطر العمل بعدم تحميله عبء إثبات خطأ صاحب العمل أو تقصيره عند المطالبة بالتعويض فإذا ما لجأ العامل إلى أحكام هذا القانون واتخذها سنداً له في طلب التعويض فإنه لا يصح له أن يتمسك بأي قانون آخر ضد صاحب العمل إلا إذا كان خطؤه الذي نشأ عنه الحادث جسيماً فإنه يجوز للعامل المضرور منه التذرع في هذه الحالة بالقواعد العامة للمسئولية التقصيرية دون التقيد باللجوء إلى قانون التأمينات الاجتماعية وكان الخطأ الجسيم في معنى المادة الرابعة من قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 36 والتي تقابلها المادة 42 من القانون المذكور وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو الذي يقع بدرجة غير يسيرة ولا يشترط أن يكون معتمداً - لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بمسئولية الطاعنة عن التعويض على أساس المسئولية التقصيرية المقررة في القانون المدني لارتكابها خطأ جسيماً يتمثل في سماحها بتسيير السيارة التي وقع منها الحادث وإطارها الخلفي صالح بنسبة 30% من أن عمل الشركة ونشاطها يجعلها على علم بأن السيارة قد تجتاز طرقاً وعرة - وكان هذا الذي قرره الحكم مستنداً إلى أدلة كافية لحمله ولها أصلها الثابت في الأوراق - فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من الخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق