الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 أبريل 2023

الطعن 73 لسنة 13 ق جلسة 2 / 3 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 107 ص 275

جلسة 2 مارس سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد محمد حسن بك المستشارين.

---------------

(107)
القضية رقم 73 سنة 13 القضائية

أ - اختصاص. 

قاضي البيوع. فصله في مسألة خارجة عن اختصاصه بناءً على طلب صاحب الشأن. نعى صاحب الشأن ذلك على الحكم فيما بعد. لا يقبل. الاختصاص في هذه الحالة ليس من النظام العام.
ب - إعادة بيع العقار على ذمة الراسي عليه المزاد المتخلف. مسوغاتها. بيانها في الحكم.
(المادة 607 مرافعات)
جـ - إعادة البيع. 

إيداع دين طالب نزع الملكية. مصلحة المدين في إعادة البيع.

---------------
1 - إذا كان قاضي البيوع قد فصل فيما هو خارج عن اختصاصه، ولكن كان صاحب الشأن لم يدفع بعدم الاختصاص، بل كان هو الذي طلب الفصل في المسألة التي أثار الجدل حولها، فلا يحق له بعد ذلك أن يدعي أن الحكم صدر خارجاً عن اختصاص القاضي، لأن الاختصاص في هذه الحالة ليس من النظام العام.
2 - يكفي في بيان الإجراءات المبررة لإعادة البيع على ذمة المشتري المتخلف أن يكون الحكم قد بين أن إعادة البيع كانت بناءً على طلب الدائن، وأنه أنذر المشتري وفقاً للقانون بوجوب إيداع باقي الثمن خزانة المحكمة في مدة ثلاثة أيام ولما لم يودع تقدم إلى قاضي البيوع طالباً تحديد جلسة لإعادة البيع على ذمة المشتري، فحدد له جلسة، وخصوصاً إذا كان المشتري نفسه قد قدم ضمن أوراق الدعوى إعلان حكم مرسى المزاد إليه المتضمن بيان مبلغ الدين ومصاريفه، فإن هذا يحقق الأغراض المقصودة بالمادة 607 مرافعات.
3 - إنه إن صح القول بأن لا مصلحة للدائن طالب نزع الملكية في إعادة البيع على ذمة المشتري المتخلف بعد أن أودع مبلغ دينه فإن مصلحة المدين في ذلك ظاهرة، لجواز زيادة الثمن عند إعادة البيع (1).


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضده الأول أقام دعوى على باقي المطعون ضدهم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية قيدت برقم 354 سنة 1941 وقال في صحيفتها إنه يداينهم في مبلغ 12186 قرشاً بخلاف رسم التنفيذ وقدره 465 م و2 ج بمقتضى حكمين نهائيين وطلب الحكم بنزع ملكيتهم من 12 س و1 ط و15 ف المبينة بتلك الصحيفة وبإحالة الأوراق على قاضي البيوع لإجراء البيع بالشروط المبينة بالصحيفة المذكورة، وبتاريخ 23 من يناير سنة 1942 قضت تلك المحكمة بنزع الملكية وبيع الأطيان المذكورة بالمزاد العلني وإحالة القضية على قاضي البيوع لإجراء البيع. سار المطعون ضده الأول في إجراءات البيع فرسا المزاد على الطاعن بثمن قدره 640 ج فدفع عشر هذا المبلغ مع المصاريف في يوم رسو المزاد. غير أنه لم يدفع الباقي من الثمن بعد أن صار حكم مرسى المزاد نهائياً، فأنذره المطعون ضده الأول بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1942 بوجوب إيداع باقي الثمن خزانة المحكمة في مدة ثلاثة أيام، فلم يأبه الطاعن لهذا الإنذار ولم يودع شيئاً، فاضطر المطعون ضده الأول إلى أن يطلب إلى قاضي البيوع تحديد جلسة للسير في إجراءات البيع على ذمة الطاعن فحدد له جلسة 30 من ديسمبر سنة 1942، وفي هذه الجلسة حضر الراسي عليه المزاد (أي الطاعن) ودفع بانتهاء البيع لأنه اتفق مع السيدة شفيقة حسن، وهي من أرباب الديون المسجلة ودينها نحو الـ 1500 ج، على أن لا يودع باقي الثمن وقد أعفته فعلاً من الإيداع. ورد المطعون ضده الأول على هذا بأن دين هذه السيدة صوري ومتنازع عليه ولا يزال النزاع قائماً بشأنه أمام محكمة استئناف مصر. وفضلاً عن ذلك فإن من رسا عليه المزاد ملزم بأن يودع المبلغ خزانة المحكمة لحساب جميع الدائنين، ولا يجوز له أن يجعل من نفسه قاضياً للتوزيع. وقرر الحاضر عن المطعون ضدهم الآخرين وهم ورثة المدين أن لهم مصلحة كبرى في إعادة البيع على ذمة الطاعن لاحتمال زيادة الثمن فيستفيدون مادياً. ولذا فقد أنذروه هم أيضاً بوجوب الإيداع فلم يفعل، وطلبوا جميعاً الاستمرار في البيع. وقد أخذ قاضي البيوع بوجهة نظر المطعون ضدهم، وقرر الاستمرار في البيع وحدد جلسة 3 من مارس سنة 1943 للنشر.
استأنف الطاعن هذا القرار أمام محكمة استئناف مصر طالباً الحكم بإلغاء القرار المستأنف والحكم بانتهاء الخصومة مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وبتاريخ 3 من مايو سنة 1943 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بالمصاريف.
قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من مايو سنة 943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم في 31 من مايو سنة 1943 و6 من يونيه سنة 1943 إلخ. إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ جعل لحكم قاضي البيوع وجوداً رغم تقريره بأنه صدر خارجاً عن ولايته، وكان من المتعين، وقد أثبت الحكم ذلك، أن يقضي بإبطاله وإعادة الدعوى لمحكمة الموضوع للفصل في النزاع.
وحيث إنه بالرجوع لمحضر جلسة قاضي البيوع المنعقدة في 30 من ديسمبر سنة 1942 يتضح أن الحاضر عن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص قاضي البيوع بل يؤخذ من أقواله أنه طلب إليه الفصل في النزاع الذي يقول الآن بأنه ليس من اختصاص قاضي البيوع فقد قال: "أطلب الحكم بانتهاء الخصومة لأن شفيقة دينها 1500 ج وقد قررت بالتخالص وقرر أنه أودع الدين بعد الإنذار وقال إن القانون لا يجبره على دفع الثمن بالمحكمة وإنما النص على الدفع لمن يستحق أو الإيداع، وشفيقة لها دين كما هو ثابت بالشهادات". وبناءً على طلب الطاعن هذا فصل قاضي البيوع في موضوع النزاع الذي أثاره، فلا يحق له بعد ذلك أن يدعي أن الحكم صدر خارجاً عن اختصاص القاضي. لأن الاختصاص في هذه الحالة ليس من النظام العام، ومتى كان الأمر كذلك يكون الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ حكم بتأييد ما قضى به قاضي البيوع.
وحيث إن محصل الوجه الثاني أن الحكمين الابتدائي والاستئنافي أغفلا بيان الإجراءات التي تمت للوصول إلى تقرير إعادة البيع، وهذا القصور في البيان لا يمكن محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون الذي يقضي بإعلان سند الدين إلى الراسي عليه المزاد المتخلف وتكليفه القيام بتعهداته.
وحيث إنه ظاهر من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه لم يغفل شيئاً من وقائع الدعوى بل شرحها شرحاً وافياً. ويبين منها بجلاء أن المطعون ضده الأول هو الذي سار في إجراءات البيع الثاني وأنه أنذر الطاعن وفقاً للقانون بوجوب إيداع باقي الثمن خزانة المحكمة في مدة ثلاثة أيام، ولما لم يودع شيئاً تقدم المطعون ضده المذكور إلى قاضي البيوع طالباً تحديد جلسة لإعادة البيع على ذمة الطاعن فحدد القاضي جلسة 30 من ديسمبر سنة 1942. وقد قدم الطاعن نفسه ضمن أوراق الدعوى الإنذار الذي أعلنه به المطعون ضده الأول وهو الدائن نازع الملكية، وهذا الإنذار عبارة عن إعلان حكم مرسى المزاد المتضمن بيان مبلغ الدين ومصاريفه، وهذا كاف في تحقيق غرض القانون من المادة 607 مرافعات.
وحيث إن الوجه الثالث والأخير يتحصل في أنه ليس للدائن نازع الملكية مصلحة في طلب إعادة البيع لأن الطاعن أودع دينه كاملاً، وكذلك ليس للمدينين أن يطلبوا إعادة البيع لعدم إيداع الثمن إذ أن ديون الدائنين المسجلة قد استغرقت الثمن كله.
وحيث إنه إن صح أن ليس للدائن طالب نزع الملكية مصلحة في إعادة إجراءات البيع بعد أن أودع على ذمته مبلغ دينه فإن الأمر على عكس ذلك بالنسبة إلى المدين، لأن مصلحته ظاهرة فيجوز أن يزيد الثمن عند إعادة بيع العقار.


(1) إن حق المدين المنزوعة ملكيته في طلب إعادة البيع على ذمة المشتري المتخلف يقوم دائماً على مصلحته في تحصيل ثمن العقار من مشتريه ليستوفي منه الدائنون ديونهم ولو لم يبق له شيء منه بعد سداد كل هذه الديون أو بعضها. وإذن فليست مصلحته في احتمال زيادة الثمن عند إعادة البيع - كما قال الحكم - بحيث يفيض منه للمدين، فهذه مصلحة لم يقصدها المشرع قط حين قرر نظام إعادة البيع على ذمة المشتري المتخلف، بل الذي قصده هو فسخ البيع في مواجهة المشتري المتخلف وإعادة المزاد بإجراءات ميسرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق