الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 أبريل 2023

الطعن 40 لسنة 13 ق جلسة 25 / 11 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 81 ص 221

جلسة 25 نوفمبر سنة 1943

برياسة حضرة صاحب السعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(81)
القضية رقم 40 سنة 13 القضائية

إثبات. 

إقرار غير قضائي. إقرار صدر من خصم في خصوص الحق المدعى به لم يقبله الخصم. الاحتجاج به في دعوى أخرى. عدم أخذ المحكمة به. النعي عليها بأنها أخطأت إذ لم تعتبره بمثابة تعاقد قضائي. لا يصح.

-------------
إذا احتج في دعوى بإقرار صدر في دعوى أخرى من أحد الخصمين في خصوص الحق المدعى به فلم تأخذ المحكمة به، فلا يصح أن ينعى عليها أنها لم تعتبره إقراراً قضائياً أو بمثابة تعاقد قضائي، ما دام هو فضلاً عن صدوره في دعوى أخرى قد صدر من طرف واحد ولم يصادف قبولاً من الطرف الآخر.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى - على ما يؤخذ من الحكمين الابتدائي والاستئنافي وسائر الأوراق والمستندات المقدمة لهذه المحكمة وكانت من قبل مقدمة لمحكمة الموضوع - في أن الأستاذ فهمي ميخائيل (المطعون ضده) سبق أن رفع على الطاعن دعوى أمام محكمة المنصورة الابتدائية قيدت برقم 287 سنة 1938 قال في عريضتها إنه اقترض من الطاعن عدة مبالغ وكان في الوقت ذاته يداين هنرى مرقس في مبلغ 850 جنيهاً كما كان لهذا المدين في ذمة مهدي مختار دين مكفول برهن عقاري فاتفق هنرى مرقس مع المطعون ضده على أن يحول دينه المكفول بالرهن إلى الطاعن، وتحرر فعلاً بذلك عقد رسمي في 15 من مايو سنة 1928 قرر فيه المحيل أنه تسلم من الطاعن قبل تحرير العقد مبلغ 890 ج من أصل وفوائد، وأنه لذلك تنازل إليه عن مطلوبه من مهدي مختار، وكذلك عن جميع حقوقه وامتيازاته. ويقول المطعون ضده أيضاً في عريضة دعواه المذكورة إن المعاملات استمرت بينه وبين الطاعن على أن المطعون ضده يباشر دعاوى الطاعن مقابل ما يستحقه من أجر وأن الطاعن يقرضه أيضاً ما يحتاج إليه من النقود، وكان الدين المحول تأميناً لهذا الحساب الجاري. ثم أذن المطعون ضده للطاعن بالتنفيذ على مهدي مختار ففعل ورسا عليه مزاد الأطيان المرهونة في مقابل 110 ج بخلاف 116 ج قيمة المصاريف. ويقول المطعون ضده إنه بدلاً من أن يحترم الطاعن ما تم الاتفاق عليه من أن يكون شراء الأطيان للمطعون ضده أخذها لنفسه ثم باعها بثمن يزيد كثيراً عن القيمة التي انتهت إليها المزايدة، ولذلك فهو يطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 1600 ج قيمة الثمن الذي باع به الأطيان مع فوائده باعتبار خمسة في المائة من تاريخ قبض المبلغ الحاصل في يناير سنة 1932 إلى يوم الوفاء، على أن يخصم من ذلك ما قبضه المطعون ضده من المبالغ حسب ورودها بدفاتر الطاعن، وطلب المطعون ضده أيضاً إلزام الطاعن بتعويض قدره 500 ج، وفي 3 من يناير سنة 1939 قضت تلك المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي (المطعون ضده) بالمصاريف و300 قرش أتعاباً للمحاماة. استأنف المطعون ضده ذلك الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقيد استئنافه برقم 522 سنة 56 قضائية، ومحكمة الاستئناف قضت بالتأييد في 18 من يونيه سنة 1940. فقرر المطعون ضده الطعن في الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 54 سنة 1 قضائية. وفي 13 من فبراير سنة 1941 قضت محكمة النقض والإبرام برفضه.
وفي أثناء سير هذه الإجراءات أقام الطاعن الدعوى الحالية أمام محكمة المنصورة الابتدائية وقيدت بجدولها تحت رقم 142 سنة 1940 على المطعون ضده وآخرين (محجوز تحت يدهما) وقال في صحيفتها إنه صدرت ضده أوامر تقدير لمصلحة الأستاذ فهمي ميخائيل بمبلغ 184 جنيهاً و670 مليماً كما أن ذمته مشغولة بمبالغ أخرى قيمة المصاريف القضائية التي دفعها المطعون ضده المذكور عنه في قضاياه الخاصة وأيضاً مصاريف أوامر التقدير المذكورة ومجموع ذلك كله هو 398 جنيهاً و455 مليماً. وبما أن المطعون ضده قبض منه بموجب إيصالات لحساب أتعاب ومصاريف القضايا كما قبض بصفته وكيلاً عنه مبالغ بلغت 384 جنيهاً و465 مليماً وأن المطعون ضده مدين له أيضاً في مبلغ 71 جنيهاً و516 مليماً بموجب حكم صادر في الدعوى رقم 1196 سنة 1939 ببندر المنصورة، وقد أودع الطاعن بخزانة محكمة المنصورة المختلطة لحساب المطعون ضده مبلغ 156 جنيهاً و852 مليماً على ذمة الفصل في دعوى المعارضة في أوامر التقدير المذكورة، وأنه بإجراء المقاصة بين دين الطاعن والمطعون ضده حسب البيان المتقدم ذكره تكون ذمة الطاعن بريئة، ولذلك يطلب الحكم ببراءة ذمته من دين المطعون ضده البالغ قدره 398 جنيهاً و445 مليماً وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد الآخرين وجعله نافذاً وأحقيته لصرف المبالغ المودعة بخزانة المحكمة المختلطة مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وحفظ حق الطاعن في الرجوع بباقي دينه على المطعون ضده بدعوى على حدة. ثم عدل الطاعن طلباته بإعلان في 11 من يونيه سنة 1941 فأضاف إلى الطلبات الأصلية إلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ 339 جنيهاً و235 مليماً. فدفع المطعون ضده أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الأهلية بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من المحكمة المختلطة وأخيراً دفع بعدم قبول تعديل الطلبات المعلنة بتاريخ 11 من يونيه سنة 1941.
وفي 30 من يونيه سنة 1941 قضى برفض الدفعين الأولين ثم قضت تلك المحكمة في 31 من يناير سنة 1942: أولاً - برفض الدفع المقدم من المطعون ضده بعدم قبول طلبات الطاعن المعددة بالعريضة المعلنة في 11 من يونيه سنة 1941 وقبول هذه الطلبات. ثانياً - وقبل الفصل في الموضوع بندب رمسيس أفندي سعد الخبير المحاسب الحكومي لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم على الأسس المنوه عنها.
استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقيد استئنافه برقم 564 سنة 59 قضائية وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعيين خبير حسابي والحكم أولاً ببراءة ذمة الطاعن من ديون المطعون ضده وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد الآخرين وجعله نافذاً وأحقية الطاعن لصرف المبالغ المودعة بخزانة محكمة المنصورة المختلطة مع إلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن 100 ج و571 م والفوائد 9% حتى الوفاء والمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي 11 من نوفمبر سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بمصاريف بالاستئناف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 8 من فبراير سنة 1943 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 10 من مارس سنة 1943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى وجهي الطعن أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ لم تأخذ بالإقرارين الصادر أحدهما من المطعون ضده في صحيفة الدعوى رقم 277 سنة 1938 كلي المنصورة وثانيهما في محضر جلسة 3 يناير سنة 1939 ذلك الإقرار الذي يتضمن قبول المطعون ضده تصفية الحساب على أساس الوارد بدفاتر الطاعن وقبوله أن يدفع عن المبالغ المستحقة فوائد باعتبار المائة تسعة. ووجه خطأ المحكمة أنها اعتبرت الإقرارين المذكورين صادرين في خصومة أخرى مع أن النزاع الحالي هو تكملة للنزاع الذي تضمنته الدعوى رقم 277 سنة 1938 كلي المنصورة وأنه على فرض التسليم بصحة ما رأته المحكمة من عدم سريان الإقرارين المشار إليهما على النزاع الحالي فإنه كان يجب عليها اعتبارها تعاقداً قضائياً صحيحاً من شأنه تصفية الحساب على أساس ما جاء بهما.
وحيث إنه قد جاء بالحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه بصدد هذين الإقرارين ما يأتي: "فيما يتعلق بحجية دفاتر المدعي (الطاعن) فإن اعتماد المدعى عليه (المطعون ضده) في عريضة دعواه رقم 277 سنة 1938 كلي المنصورة المضمومة المبالغ الواردة في هذه الدفاتر كما هي، وقبول وكيله بمحضر جلسة 3 يناير سنة 1939 في تلك القضية عدم مناقشة هذه المبالغ واعتبارها كما وردت بالدفاتر، وتنويه وكيله في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف في تلك الدعوى إلى وضوح المبالغ التي دفعها المدعي بدفاتره - كل ذلك لا يعتبر اعترافاً قضائياً بالمعنى القانوني بحجية هذه الدفاتر لأنه صدر في قضية أخرى. وفيما يتعلق بالفوائد التي يريد المدعي احتسابها عن مبالغ القرض فإن اعتراف المدعى عليه بها في الشكوى الإدارية رقم 1169 سنة 1938 بندر المنصورة، وإقرار وكيل المدعى عليه بجلسة 3 يناير سنة 1939 في القضية الأخرى المضمومة باحتسابها على أساس 9% سنوياً لا يعتبران اعترافاً قضائياً بالمعنى القانوني أيضاً لأنهما صدرا في غير القضية موضوع الخصومة الحالية. وعليه لا ترى المحكمة الأخذ به". وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه صحيح فإنه باطلاع هذه المحكمة على صحيفة الطلب في القضية رقم 277 سنة 1938 كلي المنصورة وعلى محضر جلسة 3 يناير سنة 1939 يتضح جلياً أن ما جاء بهذه الصحيفة وما دون بمحضر هذه الجلسة على لسان وكيل المطعون ضده كان منصباً على موضوع تلك الدعوى أي اعتبار إجراءات نزع الملكية ورسو المزاد حاصلة لحساب المطعون ضده الذي كان يستند في إثبات دعواه هذه إلى دفاتر الطاعن لعدم وجود شيء آخر يستند إليه. وفي هذه الظروف أيضاً جاء تصريح وكيل المطعون ضده بقبول احتساب الفوائد على أساس 9%.
وحيث إنه ظاهر كذلك من الاطلاع على صحيفة الطلب في الدعوى رقم 277 سنة 1938 كلي المنصورة أن المدعى فيها (المطعون ضده) كان يطلب من المدعى عليه (الطاعن) اعتبار عملية التحويل التي تمت بمقتضى العقد الرسمي المؤرخ في 10 من مايو سنة 1928 إنما حصلت لحساب المدعي ولمصلحته وإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 1600 جنيه قيمة ثمن الأطيان. وأما موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه فيختلف اختلافاً كبيراً عن الدعوى المشار إليها والتي صدر فيها الإقراران المشار إليهما آنفاً، لأنها تتضمن طلب الطاعن الحكم ببراءة ذمته من المبالغ التي صدرت بها أوامر تقدير من المحكمة المختلطة لمصلحة المطعون ضده علاوة على طلب إلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ 330 مليماً و339 جنيهاً قال إنه باق في ذمته وكلا الطلبين لا علاقة له بالدعوى التي صدر فيها الإقراران. فإذا ما جاء الطاعن وقال في أسباب طعنه وفي مذكرته بأن الدعويين واحدة وجب عدم الالتفات لقوله هذا إزاء ما تقدم. وأما ما ذكره من أن الحكم المطعون فيه قال إن هذه الدعوى تكملة للأولى فليس بصحيح إذ أن أسباب الحكم خلو من ذلك.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه عدم اعتباره الإقرارين بمثابة تعاقد قضائي، وهذا الوجه مردود بأن الإقرار صدر من طرف واحد وهو المطعون ضده ولم يصادف قبولاً من خصمه لأن الطاعن لم يقبل دعواه التي أدلى بها من اعتبار أن صفقة الأطيان تمت لحسابه هو لا لحساب الطاعن، ولما كانت محكمة الموضوع قد اعتبرت ما صدر من المطعون ضده إقراراً حصل في دعوى أخرى، فتكون قد رفضت ضمناً اعتباره تعاقداً قضائياً بالمعنى الذي يقول به الطاعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق