جلسة 3 فبراير سنة 1944
برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.
--------------
(95)
القضية رقم 43 سنة 13 القضائية
مستخدم.
وفاته بحادث موجب للتعويض على الحكومة. استحقاق أرملته وأولاده مكافأة استثنائية بموجب قانون المعاشات. وجوب خصم مبلغ المكافأة من كامل مبلغ التعويض.
الوقائع
تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها أقامت الدعوى رقم 1343 سنة 1938 على وزارة الداخلية (الطاعنة) أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ ألف جنيه تعويضاً عن وفاة زوجها مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بغير كفالة، واستندت في ذلك إلى أن ضابطاً من ضباط البوليس ركب سيارة أجرة لفض مظاهرة، ووجه سائقها محمد محمد موسى توجيهاً خاطئاً كان السبب في حصول الحادثة التي نشأت عنها وفاة زوجها وهو أحد رجال البوليس الذين كانوا مع الضابط في السيارة، وأنه حكم نهائياً في قضية الجنحة المستأنفة رقم 6943 سنة 1938 مصر بمعاقبة محمد محمد موسى المذكور بالحبس تسعة شهور مع إيقاف التنفيذ لأنه في أول يناير سنة 1939 بدائرة قسم الخليفة تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل زوج المطعون ضدها بأن قاد سيارته بكيفية ينجم عنها الخطر في طريق ضيق وانحرف بها فجأة يمنة ويسرة فاختل توازن السيارة وانقلبت. وأثناء نظر الدعوى أدخلت الطاعنة محمد محمد موسى المشار إليه وحجازي إبراهيم صاحب السيارة في الخصومة وطلبت الحكم عليهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدها ما قد يحكم به لها، من باب الاحتياط الحكم عليهما بأن يدفعا للوزارة متضامنين ما قد يحكم به عليها للمطعون ضدها. ودفعت الطاعنة الدعوى بأن المطعون ضدها لا تستحق إلا المكافأة الاستثنائية المقررة قانوناً بسبب الحادث الذي حصل لزوجها أثناء تأدية وظيفته.
وفي 2 من يونيه سنة 1940 قضت تلك المحكمة بإلزام وزارة الداخلية بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 500 جنيه والمصاريف المناسبة و500 قرش أتعاب محاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام حجازي إبراهيم ومحمد محمد موسى متضامنين بأن يدفعا لوزارة الداخلية 300 جنيه والمصاريف المناسبة و300 قرش أتعاب محاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالبة إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به عليها من تعويض ورفض دعوى المطعون ضدها وإلزامها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين واحتياطياً الحكم مباشرة على محمد محمد موسى وحجازي إبراهيم متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدها ما قد يقضي به من تعويض، ومن باب الاحتياط الكلي الحكم عليهما بأن يدفعا للطاعنة متضامنين قد ما يحكم به عليها للمطعون ضدها مع إلزامهما في الحالتين بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وفي 29 من نوفمبر سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بالمصاريف و300 قرش أتعاب محاماة للمطعون ضدها.
أعلن هذا الحكم للطاعنة في 17 من فبراير سنة 1943 فقررت الطعن فيه بتقرير أعلن للمطعون ضدها في 29 من ذلك الشهر إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الطعن أن الحكومة قررت إعطاء المطعون ضدها المكافأة الاستثنائية التي تستحقها قانوناً بسبب الحادث وقدرها 114 جنيهاً طبقاً للمادة 39 من قانون المعاشات رقم 5 سنة 1909 وطلبت إلى محكمة الاستئناف خصمها من التعويض الذي حكمت به المحكمة الابتدائية، ولكن محكمة الاستئناف رفضت هذا الطلب استناداً إلى أن الخطأ الذي استوجب الحكم بالتعويض لا يمت بصلة إلى ما يستحقه ورثة المتوفى من مكافأة استثنائية يقضي بها قانون المعاشات بسبب الوفاة أثناء تأدية الوظيفة. وهذا خطأ في تأويل القانون لأن المكافأة الاستثنائية تعويض فيجب خصمها من مبلغ التعويض المقضى به حتى لا تلزم الوزارة بدفع تعويض مرتين عن فعل واحد.
وحيث إن حادثة وفاة المستخدم التي يترتب عليها التزام الحكومة بالمكافأة الاستثنائية لأرملته وأولاده بموجب قانون المعاشات قد يترتب عليهما أيضاً التزام من يكون مسئولاً عن الحادثة بالتعويض المستحق بموجب القانون المدني. ولما كان قانون المعاشات قد رتب استحقاق المكافأة الاستثنائية على وقوع الحادثة وأجاز زيادتها تبعاً لظروف الحال، فإنه يكون قد بيّن أن غرضه هو أن يجبر بقدر معلوم الضرر الواقع لأرملة المستخدم وأولاده، فهذان الالتزامان وإن كانا مختلفين في الأساس القانوني فإنهما متحدان في الغاية وهي جبر الضرر الواقع للمضرور. وهذا الجبر وإن وجب أن يكون كاملاً مكافئاً لمقدار الضرر لا يجوز أن يكون زائداً عليه، فإن كل زيادة تكون إثراءً لا سبب له. ومن ثم فإنه عندما تكون الحكومة مسئولة أيضاً عن التعويض الذي أساسه القانون المدني يكون من المتعين خصم مبلغ المكافأة الاستثنائية من كامل مبلغ التعويض المدني المستحق. وهذا النظر يتفق وما قرره الشارع في حالة مماثلة فإن قانون إصابات العمل رقم 64 سنة 1936 - الذي قرر التزام صاحب العمل، على غرار التزام الحكومة بقانون المعاشات، بأن يدفع بقدر معلوم كذلك تعويضاً للعامل المصاب - نص على عدم الجمع بين هذا التعويض والتعويض المستحق بموجب القانون المدني. وكون الشارع لم ينص على ذلك في قانون المعاشات الذي صدر قبل هذا القانون ليس فيه دلالة لازمة على أنه أراد أن يأتي في قانون إصابات العمل بأحكام غريبة عن قانون المعاشات، بل إنه - على ما يبين من المذكرة التفسيرية لقانون إصابات العمل - إنما أراد فقط مخالفة حكم القانون المدني الذي يقصر استحقاق التعويض على حالة ثبوت الخطأ، فجعل التعويض مستحقاً على صاحب العمل ولو لم يكن مخطئاً، محاكياً في ذلك قانون المعاشات في إلزام الحكومة بالمكافأة الاستثنائية.
وحيث إنه متى كان الأمر كذلك وجب خصم المكافأة الاستثنائية التي تقررت للمطعون ضدها وقدرها 114 جنيهاً من مبلغ التعويض المحكوم به وقدره 500 جنيه. إلا أنه لما كانت المطعون ضدها تستحق - بمقتضى قانون المعاشات - مكافأة عادية عند وفاة زوجها وفاة طبيعية وذلك حسب مدة خدمته، وهذه المكافأة لا علاقة لها بالحادثة ولا بالتعويض المستحق عنها، وقد سلمت الطاعنة باستحقاق المطعون ضدها لها وباستنزال مبلغها وقدره 23 جنيهاً و651 مليماً من مبلغ 114 جنيهاً المذكور.
وحيث إنه لما تقدم، ولأن الدعوى أصبحت بذلك صالحة للحكم في موضوعها، يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وإلزام وزارة الداخلية الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 409 جنيهاً و651 مليماً فوق المكافأة الاستثنائية التي تقررت لها.
(1) يراجع مع هذا حكم الدائرة الجنائية الصادر في 8 ديسمبر سنة 1941 في القضية رقم 70 سنة 12 القضائية المنشور بالجزء الخامس من المجموعة الجنائية تحت رقم 317 والذي قرر: "أن المعاش الخاص المقرر لرجال الجيش بقانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 عند إصابتهم بعمل العدو أو بسبب حوادث في وقائع حربية أو في مأموريات أمروا بها، لا علاقة له بالتعويض الذي يستحقه صاحب المعاش قبل من سبب له الإصابة عن عمد أو تقصير منه. وذلك لاختلاف الأساس القانوني للاستحقاق في المعاش عنه في التعويض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق