من حيث أنه عن الطعن رقم 85241 لسنة 63 ق ع فقد حضر وكيل الطاعن بجلسة
12/1/2019 وقرر بإثبات ترك الخصومة فيه في مواجهة الحاضر عن الجهة المطعون ضدها ،
و لما كانت المادة (141) مِن قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص عَلَى أن
يَكُون ترك الخصومة بإعلان مِن التارك لخصمه عَلَى يد محضر أو ببَيَان صريح فِي
مذكرة موقعة مِن التارك أو مِن وكيله مَعَ إطلاع خصمه عَلَيْهَا أو بإبدائه شفوياً
فِي الجلسة وإثباته فِي المحضر .
وتنص المادة (142) مِن ذَات القانون عَلَى أنه لا يتم الترك بَعْد
إبداء المدعى عَلَيْهِ طلباته إلا بقبوله ومَعَ ذلِكَ لا يلتفت لاعتراضه عَلَى
الترك إِذَا كَانَ قَدْ دفع بعدم اختصاص المحْكَمَة أو بإحالة القضية إِلَى
محْكَمَة أُخْرَى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو غَيْر ذلِكَ مِمَّا يَكُون القصد منه
منع المحْكَمَة مِن المضي فِي سماع الدعوى .
وتنُص المادة (143) مِن القانون المشار إليه عَلَى أنه يترتب عَلَى
الترك إلغاء جَمِيع إجراءات الخصومة بِمَا فِي ذلِكَ رفع الدعوى والحُكْم عَلَى
التارك بالمصاريف ولكن لا يمس ذلك الحَق المرفوع به الدعوى .
من حَيْثُ إن المستفاد من نصوص المواد المتقدمة أن ترك الخصومة إما
بإعلان مِن التارك لخصمه عَلَى يد محضر أو ببيان صريح فِي مذكرة موقعة مِن التارك
أو من وكيله مَعَ إطلاع خصمه عَلَيْهَا أو بإبدائه شفوياً وإثباته في المحضر ،
ويترتب عَلَى الترك إلغاء جَمِيع إجراءات الخصومة بِمَا فِي ذلِكَ رفع الدعوى أو
الطعن والحُكْم عَلَى التارك بالمصاريف .
ومِن حَيْثُ إن الثابت مِن الأوراق أن وكيل الطاعن في الطعن الماثل
قرر بجلسة 12/1/2019 ترك الخصومة فِي الطعن في مواجهة الحاضر عن الجهة الإدارية
المطعون ضدها والذي لم يمانع في الترك واثبت ذلك بمحضر الجلسة ومن ثمَّ تقضى
المحكمة بإثبات ترك الخصومة فِي الطعن الماثل ، وبإلزام الطاعن مصروفاته .
و من حيث أنه عن الطعن رقم 87836 لسنة 63 ق ع فإنه وفقا لنص المادة
رقم 42 من القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة أن الذي
يمثل الهيئة أمام القضاء و لدي الغير هو رئيس مجلس إدارتها ، و من ثم فإن اختصام
وزير الإسكان و المرافق و المجتمعات العمرانية الجديدة يكون قد ورد علي غير ذي صفة
، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بعدم قبول الطعن بالنسبة له ، و إخراجه منه بلا
مصروفات ، وتكتفي المحكمة بذكر ذلك بالأسباب دون المنطوق ، و إذ استوفى الطعن سائر
أوضاعه الشكلية المتطلبة قانونا ، ومن ثم فهو مقبول شكلا بالنسبة للمطعون ضدهما
الثاني و الثالث .
وحيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق
– في أن الطاعن سبق و أن أقام الدعوى رقم 28913 لسنة 67 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب
محكمة القضاء الإداري ( الدائرة الثالثة ) بتاريخ 25/2/2013 طالبا في ختامها الحكم
بقبول الدعوى شكلاً، و بوقف تنفيذ و إلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع
عن الموافقة له علي تعلية و إضافة الدور الثاني دون سداد
رسوم تعلية تعادل 25% من ثمن
القطعة المبيعة له رقم 227 منطقة ه بحي ج الأكاديمية – مدينة القاهرة الجديدة – و
إلزامها المصروفات .
و شرحا للدعوي قال أن الهيئة المطعون ضدها خصصت له قطعة الأرض رقم 227
منطقة ه بحي ج الأكاديمية بمدينة القاهرة الجديدة ، و صدر له ترخيص بالبناء عليها
، ثم تقدم بطلب للترخيص بتعلية دور ثاني إضافي غير أن جهاز المدينة امتنع عن إصدار
الترخيص إلا بعد سداد رسم بمقدار 25% من ثمن الأرض نظير الموافقة علي التعلية ،
ونعي علي القرار المذكور مخالفته لأحكام القانون مما دعاه لإقامة دعواه التي
اختتمها بطلباته سالفة الذكر .
وتدوولت الدعوى بجلسات المحكمة على النحو المبين بالمحاضر حيث تم
إعداد تقرير هيئة مفوضي الدولة فيها ، وبجلسة 23/5/2017 أصدرت المحكمة حكمها
المطعون فيه بقبول الدعوي شكلا ، وبرفضها موضوعا ، و ألزمت المدعي المصروفات .
وشيدت المحكمة قضاءها ، علي أن سعر الأرض التي تقوم هيئة المجتمعات
العمرانية بالتصرف فيها بالبيع يتحدد في ضؤ الشروط البنائية و الارتفاعات بالمنطقة
التي تقع بها الأرض المبيعة ، و أن تعديل الشروط البنائية يعد تعديلا للعقد يستوجب
موافقة طرفيه بما لازمه حق جهة الإدارة في تعديل السعر ليتناسب مع الشروط البنائية
الجديدة ، و ما يستتبعها من ميزات يستأثر بها المتعاقد تتمثل في بناء أدوار زائدة
، و القول بغير ذلك يترتب عليه حرمان الهيئة من حقها في تعديل السعر ، و بخسا
لحقوقها و إثراء للغير علي حسابها ، الأمر الذي يضحي به مسلك جهة الإدارة في
المطالبة بفرق سعر بيع الأرض عند طلب التعلية موافقا لصحيح حكم القانون ، وخلصت
المحكمة بذلك إلي حكمها المطعون عليه .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن ، فقد أقام الطعن الماثل
ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته لصحيح حكم القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله
، و فساده في الاستدلال . على سند من القول أن المبلغ المفروض من قبل الهيئة مقابل
التعلية إنما هو رسوم مفروضة من الجهة علي غير مقتضي الدستور و القانون و لا يعد
ثمن للأرض حسبما انتهت المحكمة إلي ذلك إذ أن البيع قد تم و لا مجال للعودة إلي
مناقشة أو تعديل شروطه ، و أن امتناع الهيئة عن الموافقة علي تعلية و إضافة الدور
الثاني إنما يشكل قرارا سلبيا مخالفا للقانون .واختتم الطاعن تقرير الطعن الماثل
بطلباته سالفة البيان .
و من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن البين من المواد 7 ، 11 ،
13 ، 14 من القانون رقم (59) لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة أن
المشرع قد ناط بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إنشاء وإدارة المجتمعات الجديدة،
وقرر انفرادها وهيمنتها كأصل عام على أمور هذا النشاط باعتبارها جهاز الدولة
المسئول دون غيرها عن ذلك، وأجاز للهيئة في سبيل تحقيق أهدافها أن تجرى جميع
التصرفات والأعمال التي من شأنها تحقيق البرامج والأولويات المقررة، ولها أن
تتعاقد مباشرة مع الأشخاص والشركات والمصارف والهيئات المحلية والأجنبية، وأوجب أن
يكون الانتفاع بالأراضي والمنشآت الداخلة في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقًا
للأغراض والأوضاع المقررة قانونًا ووفقًا للقواعد التي يضعها مجلس إدارة الهيئة،
وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوى الشأن. كما خول للهيئة والأجهزة والوحدات التي
تنشئها في سبيل مباشرة اختصاصاتها جميع السلطات والصلاحيات المقررة للوحدات
المحلية كما يكون للهيئة الموارد المالية المقررة للوحدات المحلية. كما تختص
الهيئة بإصدار التراخيص اللازمة لإنشاء وإقامة وإدارة وتشغيل جميع ما يدخل في
اختصاصها من أنشطة ومشروعات وأعمال وأبنية ومرافق وخدمات وذلك كله وفقاً للقوانين
واللوائح والقرارات السارية ، وجاءت المادة (4) من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار
قانون البناء مؤكدة على هذا الاختصاص بنصها على ان يقصد بالجهة الإدارية المختصة
بالتخطيط والتنظيم بالنسبة للمجتمعات العمرانية الجديدة هيئة المجتمعات العمرانية
الجديدة، .وحددت المادة 32 من قانون الهيئة المشار إليه موارد الهيئة وهى
الاعتمادات التي تخصصها الدولة ، وحصيلة بيع وإيجار ومقابل الانتفاع بالأراضي
والعقارات المملوكة للهيئة، وحصيلة نشاط الهيئة ومقابل الأعمال أو الخدمات التي
تؤديها للغير.... وقد حددت هذه المادة العناصر التي تتكون منها موارد هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة، ومن بينها البند رقم (3) الذي يخص حصيلة نشاط
الهيئة، ومقابل الأعمال أو الخدمات التي تؤديها للغير، وهذا البند لا يخول هيئة
المجتمعات العمرانية الجديدة سلطة فرض رسوم على مشتري الأراضي التي تبيعها في حالة
الترخيص لهم بتعلية بعض الأدوار. ومن ثم إن المرجع في تحديد الرسوم المقررة على
تراخيص المباني وتعليتها هو قانون تنظيم البناء.
وحيث إن المشرع اختص تنظيم أعمال البناء بقانون خاص بها ، تناولت
أحكامه جميع القواعد الخاصة بالبناء بما في ذلك حظر إقامة أية مباني أو تعليتها
دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة بقرارات تصدر عنها ، وحدد فيها ما
يتعين على الجهة الإدارية تحصيله من رسوم ومبالغ مالية وتأمين نظير السير في
إجراءات الترخيص بالبناء ، وحظر عليها فرض أو تحصيل أية مبالغ أخرى تحت أي مسمى
وهى بصدد إصدار تلك التراخيص فنصت المادة (6) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن
توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 على أن تتولى الجهة
الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته ..... ويصدر المحافظ
المختص بناء على موافقة الوحدة المحلية للمحافظة قراراً يحدد فيه الرسوم المستحقة
عن فحص الرسومات والبيانات المقدمة من طالب الترخيص على ألا تجاوز مائة جنيه كما
يحدد الرسوم المستحقة عن إصدار الترخيص وعن تجديده بما لا يجاوز أربعمائة جنيه
ويؤدى طالب الترخيص رسماً مقداره 1% من قيمة الأعمال المرخص بها لمواجهة نفقات
الإزالة وتصحيح الأعمال المخالفة وغير ذلك من النفقات والمتطلبات وتحدد اللائحة
التنفيذية كيفية الصرف منه وفى جميع الأحوال لا يجوز فرض أى مبالغ على إصدار
الترخيص تحت أى مسمى عدا ما ورد بالفقرتين السابقتين .ويقابلها نص المادة (45) من
القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء التي تقضى بأن يصدر المحافظ المختص بعد
موافقة المجلس الشعبي المحلي بالمحافظة، قراراً يحدد فيه الرسوم المستحقة عن إصدار
الترخيص وعن تحديده بما لا يجاوز ألف جنيه لكل رسم إصدار، ويُزاد هذا الحد الأقصى
سنوياً بواقع 3% (ثلاثة في المائة) ويؤدي طالب الترخيص تأميناً 2و% (اثنان من عشرة
في المائة) من قيمة الأعمال المطلوب الترخيص بها تخصص لمواجهة ما قد يلزم من نفقات
الإزالة وتصحيح الأعمال المخالفة وغير ذلك من النفقات والمتطلبات وذلك وفقاً لما
تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ومؤدى ما تقدم ان هيئة المجتمعات العمرانية
تختص بالموافقة، وإصدار التراخيص اللازمة للبناء والتعلية، واستئداء الرسوم
المقررة بناءً على قانون البناء الساري وقت إصدار الترخيص. فإذا قامت الهيئة
بإصدار القرارات الإدارية بفرض أي مبالغ مالية نظير أدائها خدمة إصدار الترخيص
بالبناء أو التعلية بغير ما حدده أو يجيزه القانون، كانت قراراتها المذكورة منعدمة
ومفتقره لأساس الإلزام بها قانوناً .
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه إذا كانت
الضرائب والرسوم تعدان من أهم إيرادات الدولة، فإنهما يتمايزان فيما بينهما بحسب
ما أبرزته المادة (119) من دستور 1971 – المقابلة للمادة (38) من دستور 2014 – في
أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من المكلفين بأدائها إسهاماً منهم في
الأعباء العامة، ودون أن يقابلها نفع خاص يعود عليهم من جراء التحمل بها، في حين
أن الرسوم تكون مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها، ودون تلازم بين
قدر الرسم وتكلفة الخدمة. كما يتمايزان في أن الضريبة لا يجوز فرضها أو تعديلها أو
إلغاؤها إلا بقانون. في حين أن الرسوم يكون إنشاؤها في الحدود التي يبينها
القانون، فإن إيرادات الدولة لا تقتصر على هذين المصدرين فقط، وإنما تمتد إلى
غيرهما من المصادر، ومن بينها أثمان المنتجات أو مقابل الخدمات التي تحصلها الجهات
القائمة على إدارة أملاك الدولة، وتتجلى أبرز الفروق بين هذا المقابل أو الثمن
وبين الرسوم، في أن الرسم يؤدى جبراً مقابل خدمة من طبيعة إدارية يقدمها مرفق
إداري، أما مقابل الخدمة أو ثمن المنتج إنما يؤدى لمرفق عام اقتصادي (تجاري أو
صناعي) تقوم فيه جهة من الجهات أو الهيئات بإدارة أملاك الدولة وفقاً لأساليب
الإدارة الاقتصادية، وتحدد فيه الثمن أو مقابل الخدمة وفقاً لمعايير اقتصادية
بحتة، وهو اختلاف له أثره في أن الرسم كقاعدة عامة يكون مقداره ثابتاً بالنسبة
لجميع المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذي فرضه، بينما ثمن المنتج أو
مقابل الخدمة الذي تطلبه الجهة القائمة على إدارة أملاك الدولة إدارة اقتصادية
يخضع للتغيرات التي تفرضها طبائع الأوضاع الاقتصادية وقد يتسع لتغيرات تنتج عن
التفاوض بين طالب المنتج أو الخدمة والمرفق الاقتصادي بل إنه قد يتغير بحسب طبيعة
المعاملات من حيث حجمها أو كميتها أو ظروف أدائها المكانية أو المناخية. ومن ثم
فإن الضوابط التي تنبني عليها قرارات هذا المرفق في تحديد مقابل الانتفاع في نطاق
اختصاصه، إنما هي ضوابط اقتصادية تختلف عن تلك التي قررها الدستور لتقرير الرسوم،
وهو ما يترتب عليه عدم خضوع مقابل الانتفاع للقواعد والإجراءات اللازم إتباعها
لتقرير الرسوم، وتستقيم صحته بأن يكون تقريره صادراً عن الجهة المنوط بها ذلك في
إطار التنظيم التشريعي للمرفق ذاته.( المحكمة الدستورية العليا القضية رقم 304
لسنة 29 قضائية دستورية. بجلسة 3/12/2016).
كما قضت بان المشرع الدستوري بهذه التفرقة بين الضريبة والرسم في
الأداة، قد جعل من القانون وسيلة وحيدة ومصدرا مباشرا بالنسبة للضرائب العامة؛
فالسلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة وتتولى بنفسها
تنظيم أوضاعها وتفصيل ما يتصل ببنيانها، وذلك على تقدير أن الضريبة العامة هي
فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه في التكاليف والأعباء والخدمات
العامة، ودون أن يعود عليه نفع خاص من وراء التحمل بها، بما ينطوي عليه ذلك من
تحميل المكلفين بها أعباء مالية تقتطع من ثرواتهم تبعا لمقدرتهم التكليفية، ومن ثم
فإنه يتعين تقريرها بموازين دقيقة ولضرورة تقتضيها، وهو ما ارتبط من الناحية
التاريخية بوجود المجالس التشريعية ورقابتها للسلطة التنفيذية، ومن هنا كان
القانون هو وحده وسيلة فرضها، أما الفرائض والأعباء المالية الأخرى، ومن بينها
الرسوم التي تستأدى جبرا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضا عن
تكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، فقد سلك الدستور في شأنها مسلكا وسطا بأن أجاز
للسلطة التشريعية أن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها، ولكنه لم يشأ أن
يكون هذا التفويض مطلقا وإنما مقيد بالقيود التي حددها الدستور ذاته،
وأخصها أن تكون في حدود القانون أي أن يحدد القانون حدودها وتخومها
ويشي بملامحها، مبينا العريض من شئونها، فلا يحيط بها في كل جزئياتها، وإنما يكون
تفويض السلطة التنفيذية في استكمال ما نقص من جوانبها، فالقانون هو الذي يجب أن
يحدد نوع الخدمة التي يحصل عنها الرسم وحدوده القصوى التي لا يجوز تخطيها، بأن
يبين حدودا لها، حتى لا تنفرد السلطة التنفيذية بهذه الأمور، على خلاف ما أوجبه
الدستور من أن يكون تفويضها في فرض هذه الرسوم في حدود القانون، والقيود التي قيد
بها الدستور من أن يكون تفويضها للسلطة التنفيذية في شأن الفرائض المالية الأخرى
غير الضريبة العامة، تتفق وكون هذه الفرائض مصدرا لإيرادات الدولة، ووسيلة من
وسائل تدخلها في التوجيه الاقتصادي والاجتماعي، تأكيدا لإتاحة الفرص المتكافئة
للحصول على الخدمات العامة التي تؤديها الدولة، وحتى لا تكون الرسوم مجرد وسيلة
جباية لا تقابلها خدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها، ولا يتأتى ذلك كله إلا بمسلك
متوازن من المشرع ، بما مؤداه أنه يجب أن تحدد السلطة التشريعية بذاتها طرق وأدوات
تحصيل الرسوم، ومن ثم لا يجوز لها أن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم الوسائل
والأدوات التي يتم بها تحصيل هذه الرسوم، بل يجب عليها أن تتولى بذاتها تنظيم
أوضاعها بقانون، باعتباره الأداة التي عينها الدستور لذلك، وإلا وقعت في حومة
مخالفة أحكام الدستور. اذ ان الدستور مراعاة منه لأهمية الدور الذي تقوم به
الأموال العامة، ووجوب توفير الحماية لها، وضبط القواعد الحاكمة لتحصيلها وصرفها،
قد جعل القانون هو أداة تنظيم القواعد الأساسية لتحصيل تلك الأموال، وإجراءات
صرفها، وهو ما نصت عليه المادة (120) من دستور سنة 1971، ورددته المادة (126) من
الدستور الحالي، والذي أكدت عليه المادة (38) من هذا الدستور بالنسبة للضرائب
والرسوم بنصها على أن ..... ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب،
والرسوم.....، وذلك باعتبارها من الأموال العامة، وأحد المصادر الهامة والرئيسية
لإيرادات الدولة، ورافدا أساسيا من روافد الموازنة العامة للدولة، التي تمكنها من
القيام بالمهام التي أوكلها لها الدستور، (المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم
95 لسنة 30 قضائية دستورية. بجلسة 1/8/2017)
وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان كل من قانون إنشاء هيئة المجتمعات
العمرانية أو قانون البناء قد خلا من نص يبيح للهيئة فرض رسم تعلية مقدراه 25% من
الثمن الأساسي ، وبالتالي يضحى قرار تحصيل رسم التعلية ، قد صدر بدون سند من قانون
يجيز ذلك ، وإذ انتفى الأساس القانوني لهذا القرار ، وتضمن اعتداء على حقوق
الأفراد وأموالهم بفرض رسم دون سند من القانون ، فإنه يكون منعدما قانونا وما تبعه
من مطالبة لذوي الشأن بأداء هذا الرسم .
وحيث ان عقد البيع ليس له شكل خاص فهو ليس بعقد شكلي بل هو عقد رضائي
فمتى تم الاتفاق على البيع والثمن فقد تم البيع دون حاجة إلى ورقة رسمية، أو عرفية
فمجرد تطابق الإيجاب والقبول يكفى لانعقاده، شأن البيع في ذلك شأن كل عقد من عقود
التراضي، ومتى انعقد البيع ترتبت عليه جميع الآثار، فالمشترى يلتزم بأداء الثمن والبائع
يلتزم بنقل ملكية المبيع إلى المشترى دون حاجة إلى أى إجراء آخر. وقد عرف المشرع
البيع فيما نص عليه في المادة 418 من القانون المدني بأنه .. عقد يلتزم به البائع
أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً ماليا
آخر في مقابل ثمن نقدي وحدد التزامات البائع فيما أورده بالمواد من
428 إلى 455 وألزمه في أولاها بأن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري
كما أوجب عليه - فيما ضمنته المواد 431, 432, 435 تسليم المبيع للمشتري بالحالة
التي كان عليها وقت البيع بما في ذلك ملحقات المبيع وما أعد بصفة دائمة لاستعماله
وذلك بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم
يتسلمه ماديا، ثم رتب – حسبما جاء بنصوص المواد من 439 إلى 455 - أحكام ضمان
البائع ومنها ضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان
التعرض من فعله أو من فعل أجنبي على النحو وبالشروط الواردة بهذه المواد، واستتبع
ذلك بيان التزامات المشتري وأورد المادة 458 متضمنة النص في فقرتها الثانية على أن
وللمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع, وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت
أيضا هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع
القانون المدني تعليقا على هذا النص أن البيع غير المسجل كالبيع المسجل من حيث
استحقاق المشتري للثمرات وهو ما يدل جميعه على أن عقد البيع - ولو لم يكن مشهرا -
ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع ومنفعته من تاريخ إبرام البيع ومنها
استحقاق الثمرات والنماء في المنقول والعقار على حد سواء ما دام المبيع شيئا معينا
بالذات ما لم يوجد اتفاق أو عرف يخالف ذلك. ومن المقرر أن مفاد نص المادة 430/1، 3
من القانون المدني يدل على أن البيع مع الاحتفاظ بحق الملكية هو بيع بات تام وإن
تراخى تنفيذ الالتزام بنقل الملكية إلى حين سداد كامل الثمن فهو ليس بيعاً موقوفاً
على شرط سداد الثمن وإنما المعلق على هذا الشرط هو انتقال الملكية فقط ومن ثم ينتج
العقد كافة آثار البيع فإذا تم سداد كامل الثمن تحقق الشرط الموقوف عليه تنفيذ
الالتزام بنقل الملكية ومن ثم انتقلت إلى المشترى بأثر رجعى من وقت البيع.
وحيث إن القانون المدني ينص في المادة (802) منه تنص على أن لمالك
الشيء وحده، في حدود القانون، حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه،
و تنص المادة (803) منه على أن 1-... . 2- وملكية الأرض تشمل ما فوقها
وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها، علوًا أو عمقًا. 3-... .،
كما تنص المادة (804) منه على أنه لمالك الشيء الحق في كل ثماره
ومنتجاته وملحقاته ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك،
و تنص المادة (806) منه على أنه على المالك أن يراعى في استعمال حقه
ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة
الخاصة. وعليه أيضا مراعاة الأحكام الآتية ...
ومؤدى هذه النصوص أن حق الملكية حق جامع مانع فهو جامع يخول المالك
الانتفاع بالشيء واستغلاله والتصرف فيه مراعيًا في ذلك فقط ما تقضى به القوانين
واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة، أو بالمصلحة الخاصة، وهو مانع مقصور على
المالك دون غيره، فلا يجوز لأحد أن يشاركه في ملكه، أو يتدخل في شئون ملكيته، وهو
في الوقت ذاته حق دائم لا يسقط بعدم الاستعمال مهما طال الزمن ما لم تكتسب الملكية
بالتقادم من قبل الغير .
وحيث إنه ولئن كان تقدير ثمن الأرض وقت البيع يراعى فيه الشروط
البنائية التي كانت مقررة في حينه للمنطقة الكائن بها تلك القطعة، إلا انه متى
قدرت الجهة الإدارية ثمن الأرض عند تخصيصها، فقد استنفدت سلطتها في تقدير المقابل
المالي للأرض محل البيع، وتزايلها صفة المالك ، وتنتقل هذه الصفة إلى المشترى
ويكون له وحده الانتفاع بالشيء واستغلاله والتصرف فيه
وفق الاشتراطات ولوائح الهيئة التي هي قانون التعاقد ، وليس للهيئة
وهى تزاول سلطات الجهة الإدارية المختصة بإصدار التراخيص للبناء أو التعلية ان
تُحصَل من المشترى سوى الرسوم المقررة قانونا للترخيص ، ولا يجوز لها أن تحصل على
غيرها تحت مسمى تعديل ثمن الأرض باتفاق الطرفين لقاء تعديل الشروط البنائية بزعم
ان طلب المشترى الترخيص له بتعلية دور إضافي عما كان مقررا الترخيص به يمثل إيجابا
تلاقى مع قبول الهيئة له فانعقد عقد بتعديل الثمن في العقد واقترن بموافقة المشترى
وسداده له، وبالتالي فان ما تقاضته الهيئة لا يعدو ان يكون ثمناً عاما اشترطته
الهيئة لتعديل التعاقد وارتضاه المشترى ووافق على سداده بكامل إرادته مقابل ما
سيعود عليه من نفع . فذلك مردود بأن الطبيعة القانونية للموارد إنما يحددها
بالأساس مناط استحقاقها لا محض الوصف الذي تضفيه عليه جهة الإدارة بان هذا المقابل
ليس رسما بل محض ثمن، ذلك أن ثمن الأرض قد تحدد بقرار التخصيص وقد قام الطاعن
بسداده بالفعل كاملا أو على أقساط، والأمر المطروح على الهيئة هو إصدار ترخيص
بالتعلية بعد ان انتقلت الأرض إلى ملكية المشتري ولم تعد الهيئة في مركز المالك اذ
زايلتها صفة المالك فلا تعد بائعا أو في مركز البائع وهي بصدد تقرير ذلك المقابل
عن الترخيص بتعلية دور إضافي . كما ان راغب التعلية يجد نفسه أمام ضرورة لا فكاك
منها يلتزم معها بسداد المقابل الذي حددته جهة الإدارة تحت مسمى خدمات مرافق، وإلا
فإنه سوف يحرم من تعلية الدور الإضافي بما يتحقق معه عنصر الإكراه في الالتزام
بأداء المقابل الذي حددته الإدارة للحصول على ترخيص التعلية وبالتالي يتحقق معه
معنى الجباية وتكون القيمة التي حددتها جهة الإدارة للحصول على ترخيص التعلية هي
رسماً من حيث طبيعتها القانونية ومن حيث تحصيلها جبراً، والأصل أن الرسم لا يفرض
إلا بناء على قانون وبالضوابط سالفة البيان.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الطاعن يمتلك العقار المقام علي قطعة
الأرض رقم 227 منطقة ه حي ج الأكاديمية بمدينة القاهرة الجديدة بمساحة 554.68 متر
مربع . ثم تقدم إلي جهاز المدينة بطلب للترخيص له ببناء دور إضافي للعقار المقام
علي القطعة سالفة البيان ، غير أن جهاز المدينة طالبه بسداد مبلغ بنسبة 25% من
قيمة الأرض المخصصة له حتي يتسنى له استخراج الترخيص بتعلية الدور الإضافي تحت
مسمى تعديل مرافق ، حال كون القانون لا يسمح بفرض هذا الرسم ومن ثم فإن تصرف الجهة
الإدارية المطعون ضدها والحال هكذا يعد غصباً لاختصاص السلطة التشريعية بفرض رسوم
بغير الطريق الذى رسمه القانون الأمر الذى يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه الذى
انتهى إلى نتيجة مغايرة والقضاء مجددا بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع
عن الموافقة للطاعن علي تعلية و إضافة الدور الزيادة الثاني بالترخيص الصادر له
بدون مقابل أو رسوم لقطعة الأرض سالفة البيان ، مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وحيث إن المحكمة في هذا المقام لا يسعها إلا التنويه إلي أن هذا
القضاء لا يخل بحق هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة خاصة والدولة عامة في فرض
رسوم مقابل التعلية مساهمة من جانب طالب الترخيص بالتعلية مع الدولة في تحمل نفقات
تعديل مرافق الصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء وغيرها من الأعمال التي تتدخل
الدولة لتعديلها بما يلائم متطلبات الارتفاعات المستجدة للمباني ، شريطة أن يكون
ذلك من خلال إتباع الأساليب والوسائل الشرعية والدستورية وما توجبه من إجراء
التعديلات التشريعية اللازمة لتقريرها بزيادة رسوم التعلية المقررة في قوانين
الهيئة والبناء . لذا فإن المحكمة تهيب بالهيئة المطعون ضدها مناشدة السلطة
التشريعية لتقنين أوضاعها نحو تحصيل تكاليف ما قد يقع علي عاتقها من أعباء زائدة
نتيجة زيادة الارتفاعات التي تقرها اشتراطاتها البنائية المعدلة علي النحو سالف
البيان.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون
المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أولا ، بإثبات ترك الطاعن للخصومة في الطعن رقم 85241
لسنة 63 قضائية عليا ، و ألزمته مصروفاته .
ثانيا ، بقبول الطعن رقم 87836 لسنة 63 قضائية عليا شكلا، و في
الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و القضاء مجددا بإلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها
السلبي بالامتناع عن الموافقة للطاعن علي تعلية و إضافة الدور الثاني بدون سداد رسوم تعلية تعادل 25% من ثمن
القطعة المخصصة له رقم 227منطقة ه بحي ج الأكاديمية مدينة القاهرة الجديدة ، مع ما
يترتب على ذلك من أثار ، وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت 26 ربيع أول سنة 1441هجرية
والموافق 23/11/2019 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق