بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 23-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 120 ، 127 لسنة 2025 طعن عمالي
طاعن:
ت. ا. ف.
مطعون ضده:
خ. ح. خ. ب. ذ. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1337 استئناف عمالي بتاريخ 30-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر/أحمد عبد القوي سلامة وبعد المداولة : ــ
حيث استوفى الطعنين شروط قبولهما الشكلية .
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعنين ــ تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 120 لسنة 2025 عمالي تقدم بشكواه إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين قبل الطاعنة فيه ، وإذ تعذرت التسوية بين الطرفين ، أحالتها إلى المحكمة ، فأقام المطعون ضده الدعوى رقم 13847 لسنة 2023 عمالي على الطاعنة بطلب الحكم ــ وعلى ما انتهت إليه الطلبات الختامية ــ بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ (30,808,771) درهم والفائدة القانونية بواقع 9% وشهادة تقدير عن فترة عمله ، وذلك على سند أنه التحق بالعمل لدى الطاعنة بتاريخ 9/9/2002 بوظيفة مدير مشتريات وتدرج في الوظيفة حتى وصل إلى مدير تنفيذي ، وأنه كان يتقاضى أجراً إجمالياً قيمته مبلغ (413,466) درهم والأساسي منه مبلغ (186,300) درهم ، و بتاريخ 17/11/2022 تقدم باستقالته من منصبه ملتزماً بقضاء فترة الإنذار المحددة بثلاثة أشهر ، إلا أن الطاعنة وبعد قبولها الاستقالة ، أرسلت إليه خطاباً بقبول الاستقالة وأعفته من العمل خلال فترة الإنذار ومنعته من العمل فكان يوم 18/11/2022 هو آخر يوم عمل فعلي له ، وعلى الرغم من ذلك لم تقم الطاعنة بإلغاء بطاقة عمله مما أضر به ، وامتنعت عن سداد مستحقاته العمالية وهى كالتالي : ــ مبلغ (248,100) درهم قيمة أجره عن 18 يوم عمل بشهر نوفمبر 2022 ، مبلغ (1,240,400) درهم بدل إنذار عن ثلاثة أشهر ، مبلغ (18,000,000) درهم مكافأة نهاية الخدمة الإضافية (الفرق بين ما تم سداده من الاشتراكات لهيئة المعاشات وبين فرق راتب الحد الأقصى لاشتراك القطاع الخاص ) ، مبلغ (372,600) درهم مكافأة الخدمة الطويلة ، مبلغ (799,367) درهم بدل رصيد الإجازات السنوية عن (58) يوماً ، مبلغ (4,410,304) درهم مكافأة الأداء السنوي (بونص) ، مبلغ (5,408,000) درهم تعويض مدني عن الأضرار المادية والأدبية ، ومبلغ (300,000) درهم بدل حضور اجتماعات مجلس الإدارة واللجان الفرعية عن عام 2022 ، وشهادة تقديرية عن سنوات الخدمة الطويلة ، ومن ثم أقام الدعوى بما سلف من طلبات . وأقامت الطاعنة الدعوي رقم 14678 لسنة 2023 عمالي على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ (31,345,429) درهم والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة الحاصل في 26/10/2023 وحتى تمام السداد ، وقالت بياناً لذلك أن المطعون ضده كان يعمل لديها وأن علاقة العمل بدأت في 9/9/2002 وتدرج في الوظائف إلى أن وصل منصب الرئيس التنفيذي ، وقد انتهت علاقة العمل بسبب استقالته من العمل بتاريخ 17/11/2022 بأثر فوري دون أن يمنح المدعية فترة الإنذار المحددة بثلاثة أشهر ، وأنه وبعد الاستقالة قام جهاز الرقابة المالية لحكومة دبي ــ الذي تخضع الطاعنة لمراجعته ــ بإجراء تدقيق على العديد من المعاملات المالية الخاصة بالمبالغ التي تحصل عليها المطعون ضده بموجب وظيفته ، وأثناء ذلك قام المطعون ضده بإقامة الدعوى العمالية رقم 3961 لسنة 2023 مطالباً بمستحقات عمالية بمبلغ (33,689,333) درهم ، ثم قام بترك الخصومة فيها ، وبعد اكتمال إجراءات التدقيق الحسابي من قبل جهاز الرقابة المالية تبين أن المطعون ضده كان قد تحصل على مبالغ مالية بالزيادة عما يستحق ، وخلص التقرير بتاريخ 29/8/2023 إلى أن جملة مستحقات المطعون ضده تبلغ (13,371,131) درهم ، عن كامل مدة عمله ، بينما يترصد في ذمته مبلغ (31,345,429) درهم بموجب تقرير جهاز الرقابة المالية بتاريخ 29/8/2023 ، ويصبح المستحق للطاعنة في ذمته مبلغ 17,974,298 بعد إجراء المقاصة بين ما هو مستحق له وما هو مستحق لها ، وإذ جرت مطالبته بموجب إنذار قانوني بسداد المبلغ المترصد في ذمته إلا أنه لم يستجب ، ضمت المحكمة الدعوى رقم 14678 لسنة 2025 عمالي للدعوى رقم 13847 لسنة 2025 عمالي للارتباط ، أدخل المطعون ضده رئيس مجلس إدارة الطاعنة ــ المطعون ضده الثاني خصما في الدعوى المضمومة ــ بطلب الحكم عليه بطلبات الطاعنة واحتياطياً الحكم عليه بما عسى أن يحكم به على المطعون ضده ، ودفع الأخير بعدم قبول الدعوى المضمومة المقامة من الطاعنة قبله لمرور الزمان المانع من سماعها ، ندبت المحكمة لجنة ثلاثية ، وبعد أن قدمت تقريرها ، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق ، وبعد أن استمعت للشهود ، حكمت بتاريخ 30/9/2024 أولاً : ــ في الدعوى الضامة رقم 13874 لسنة 2023 عمالي : بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ (22,392,920) درهم ( اثنين وعشرين مليون وثلاثمائة اثنين وتسعين ألف وتسعمائة وعشرين درهم ) وشهادة تقدير عن مدة الخدمة الطويلة (عن مدة خدمته الفعلية) طبقاً لسياسات مواردها البشرية ودليل الإجراءات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ، ثانياً : ــ في الدعوى المضمومة رقم 14678 لسنة 2023 عمالي : برفضها ، وأجرت المحكمة تصحيح الخطأ المادي بالبند ثانياً من منطوق الحكم المشار إليه بخصوص الدعوى المضمومة رقم 14678 لسنة 2023 عمالي بجعله بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان المانع من سماعها . استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1337 لسنة 2024 عمالي ، واستأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 1351 لسنة 2024 عمالي ، ندبت المحكمة لجنة ثلاثية ، وبعد أن أودعت تقريرها ، قضت بجلسة 30/7/2025 بتعديل الحكم المستأنف بإضافة الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الحاصل في 6/11/2023 وحتى السداد التام وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك من طلبات . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 120 لسنة 2025 عمالي بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 12/8/2025 بطلب نقضه ، قدم المطعون ضده مذكرة بالرد ، كما طعن المطعون ضده في ذات الحكم بالطعن رقم 127 لسنة 2025 عمالي بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 25/8/2025 بطلب نقضه ، قدم المطعون ضدهما مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعنين في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما في المرافعة ليصدر فيهما حكماً واحداً للارتباط وفيها قررت حجزهما للحكم بجلسة اليوم .
أولاً : ــ الطعن رقم 120 لسنة 2025 عمالي
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع حين أيد قضاء الحكم المستأنف لأسبابه فيما انتهى إليه بعدم سماع دعواها المضمومة رقم 14678 لسنة 2023 عمالي المقامة منها قبل المطعون ضده لإلزامه برد المبالغ التي تم سدادها إليه بالزيادة محتسباً بدء سريان عدم السماع من تاريخ الاستحقاق عملاً بالمادة 54/7 من المرسوم بقانون 33 لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل ، في حين أن دفاعها جرى أمام الموضوع على أن حقها في اقتضاء المبالغ التي تم سدادها بالزيادة للمطعون ضده لم ينشأ إلا من تاريخ اكتشاف تلك المبالغ من خلال جهاز الرقابة المالية التابع لحكومة دبي في 29/8/2023 ، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعها في هذا الخصوص رغم ماله من دلالة مؤثرة في الدعوي ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أنه يتعين على المحكمة إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها أن يشتمل حكمها على ما يطمئن المطلع عليه أنها قد محصت الأدلة والمستندات المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلاتها وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهري المطروحة عليها بما يفيد أنها قد أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى عن بصر وبصيرة ، فإذا التفتت عن هذا الدفاع وما قدمه الخصم من مستندات دون أن تسعى إلى استبيان وجه الحق فيها واستندت في قضائها إلى عبارات عامة لا تؤدى بمجردها إلى ما خلص إليه الحكم ولا تصلح رداً على دفاع الخصم ، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، و أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه ، ومؤدي ذلك أنه إذا طرح على محكمة الموضوع دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى ، فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فان هي لم تفعل كان حكمها قاصرا ، وأن النص في المادة 54/7 من المرسوم بقانون 33 لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل أنه لا تسمع الدعوى عن أي حق من الحقوق المترتبة بمقتضى أحكام هذا المرسوم بقانون بعد مضى سنة من تاريخ استحقاق الحق محل المطالبة ، يدل ــ وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة ــ أن المناط في الدفع بعدم سماع الدعوى بمرور الزمان هو أن تكون الدعوى سواءً من العامل أو صاحب العمل تتعلق بحقوق لأيهما مصدرها عقد العمل أو قانون تنظيم علاقات العمل ، ثم يتقاعس المدعى عن رفع دعواه خلال سنة من تاريخ استحقاقها ، مع انتفاء المانع لديه ، لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاعها الوارد بوجه النعي إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأبه لهذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري له دلالة مؤثره في الدعوى ومن شأنه ـــ إن صح ــ تغير به وجه الرأي فيها ، بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويوجب نقضه .
ثانياً : ــ الطعن رقم 127 لسنة 2025 عمالي
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ تطبيق القانون ذلك أن لجنة الخبرة انتهت أن آخر راتب يتقاضاه عن آخر عام مبلغ 403,466 درهم ، بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه اعتماد هذا الراتب واحتساب مستحقاته على أساسه ، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتمد راتب أقل بإنقاص بدل ثابت يدفع له شهرياً معتداً في ذلك بإقرار المطعون ضدها أمام لجنة الخبراء المنتدبة من محكمة أول درجة أن راتبه 381,867 درهم ، رغم أن المطعون ضدها أقرت بمذكرة الموارد البشرية المؤرخة 30/11/2022 أن راتبه مبلغ 403,466 درهم وهو ذاته الوارد بكشوف حماية الأجور ، وهو الأمر الذي أثر على مستحقاته وحقوقه ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، وفي بيان ذلك يقول أنه أدخل المطعون ضده الثاني خصماً في الدعوى بصفته رئيس مجل إدارة المطعون ضدها الأولى للحكم عليه بما عسى أن يحكم به على الطاعن في دعوي المطعون ضدها الأولى المقامة قبله كون أنه المسئول عما تدعيه المطعون ضدها الأولى بما تتوافر صفته في الدعوى ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب إدخال رئيس مجلس إدارة المطعون ضدها على ما استند إليه من انتفاء صفته في الدعوى فضلاً عن إلزامه بسداد رسم الإدخال ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إنه من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أنه إذا كان هناك ارتباط وتبعية بين الحكم المنقوض في أحد الطعنين وبين الطعن المنضم فإن نقضه لا ينحصر أثره فيما تناولته أسباب الطعن الأول بل يمتد أثره أيضا إلى الطعن الآخر المنضم بما يستتبع نقض الحكم في الطعنين على أن يكون النقض مع الإحالة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : في الطعنين رقمي 120 ، 127 لسنة 2025 عمالي بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وبإلزام المطعون ضده في كل طعن بمصروفات الطعن وأمرت بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة .