جلسة 6 من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / جمال عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد رمضان ، محمد هديب ، كمال عبد اللاه و د/ أحمد عثمان نواب رئيس المحكمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(23)
الطعن رقم 12204 لسنة 90 قضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستلزم ردًا صريحًا من المحكمة . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) جريمة " أركانها " . قصد جنائي . شركات القطاع العام .
جريمة توزيع أرباح العاملين على خلاف أحكام القانون . لا تتطلب سوى القصد الجنائي العام . تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه . موضوعي .
استحقاق العامل نصيباً في أرباح الشركة لا يشترط أن تكون علاقة العمل قائمة وقت إقرارها . المادتين 41 ، 44 من القانون رقم 159 لسنة 1981 .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً علي الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة توزيع الأرباح على خلاف احكام القانون . غير لازم . حد ذلك ؟
المنازعة بشأن استناد الحكم إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وأدلة لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(6) قضاة " صلاحيتهم " .
الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك لتقديره حسبما يطمئن إليه .
(7) دستور . محكمة دستورية . نيابة عامة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان . أصلان كفلهما الدستور . أساس ذلك ؟
أصل البراءة من ركائز مفهوم المحاكمة المنصفة . مؤدى ذلك ؟
الأصل في المتهم البراءة . المادة 96 من الدستور . مفادها ؟
مثال .
(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قضاة " صلاحيتهم" " رد القضاة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك؟
(9) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها . ظاهر البطلان لاختلاف موضوع كلا الدعويين . أساس ذلك ؟
(10) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
النعي بشأن الدعوى المدنية . غير جائز ولا مصلحة فيه . ما دام الحكم المطعون فيه أحالها للمحكمة المدنية المختصة . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية / ....... دعواه ضد الطاعن بطريق الادعاء المباشر ، وقيدت برقم ..... لسنة 2014 جنح العجوزة بموجب صحيفة أعلنت قانوناً بوصف أنه في تاريخ سابق على رفع الدعوى بدائرة قسم العجوزة :
-بصفته عضو مجلس إدارة شركة مساهمة قام بتوزيع الأرباح على خلاف أحكام القانون ونظام الشركة ، وطلب في ختامها توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 162 من القانون رقم 159 لسنة 1981 مع إلزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
ومحكمة العجوزة الجزئية قضت حضورياً بتوكيل في 15 من أكتوبر سنة 2016 بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها .
والنيابة العامة أحالت القضية إلى محكمة القاهرة الاقتصادية حيث قيدت بجداولها برقم 2376 لسنة 2016 جنح اقتصادية القاهرة .
ومحكمة جنح القاهرة الاقتصادية قضت غيابياً في 28 من فبراير سنة 2017 بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون .
فاستأنفت النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية وقيد استئنافهما برقم .... لسنة 2017 جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية .
ومحكمة القاهرة الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في 21 من مايو سنة 2017 أولاً : بعدم قبول استئناف المدعي بالحقوق المدنية ، ثانياً : بقبول استئناف النيابة العامة شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للحكم في موضوعها.
وبتاريخ 13 من أبريل سنة 2019 قضت المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه ، وألزمته المصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف .
وبتاريخ 12 من يونيو سنة 2019 قرر المحامي / ..... - بصفته وكيلاً عن المحامي / ....... بصفة الأخير وكيلاً عن المحكوم عليه – بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض .
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من المحامي / ...........
وبتاريخ 9 من مارس سنة 2020 قضت محكمة استئناف القاهرة دائرة طعون نقض الجنح بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبيَّن بمحضر الجلسة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة توزيع أرباح العاملين على خلاف أحكام القانون ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال و اعتوره الاخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان الجريمة في حقه معرضاً عن دفاعه القائم على انتفائها رغم تعدد شواهده ، وعما قدمه من مستندات في هذا الشأن ، كما لم يعن باستظهار عناصر القصد الجنائي ولم يدلل على توافرها في حقه ، ودون أن يفطن إلى عدم أحقية المدعي المدني للأرباح لانتهاء خدمته بالشركة عند اقرارها كدليل على انتفائه ، وعوَّل في الادانة على أدلة رغم أنها لا تؤدي إلى ما انتهى اليه منها ، معرضاً عن تقرير الخبير المودع ملف الدعوى والذي من شأنه نفي التهمة عنه ، بما يرشح لرغبة المحكمة في الإدانة ، لاسيما وقد أشارت في أسباب حكمها إلى عدم تقديم المتهم ما ينفي التهمة عنه كسند لإدانته بما يفيد نقلها عبء الاثبات على عاتق الطاعن وهو ما يتعارض مع قرينة البراءة المفترضة في المحاكمات الجنائية من ناحية ، ويشير لتحاملها على الطاعن من ناحية أخرى ، والتفتت دون رد على دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم ...... لسنة ۲۰۱۳ العجوزة والمستأنفة برقم ...... لسنة ۲۰۱4 شمال الجيزة لتضمنها فترة مطالبة بالأرباح تتداخل جزئياً مع الفترة محل الدعوى الراهنة ، وأخيراً ضربت صفحاً عن القضاء باعتبار المدعي تاركاً لدعواه المدنية لتغيبه عن حضور الجلسة الأخيرة . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها و أورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو جلي كاف ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققا الحكم القانون ، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل ، كما لا محل لما يثيره من إغفاله دفاعه القائم على انتفاء أركان الجريمة في حقه ، لما هو مقرر من أن النعي بالالتفات عن الدفاع القائم على انتفاء أركان الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، كما أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، كما هو الحال في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستنباط المحكمة لمعتقدها ، وهو مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت الجريمة التي دين بها الطاعن - توزيع أرباح العاملين على خلاف أحكام القانون والمؤثمة بالفقرة الخامسة من المادة 162 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بشأن شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة لا تتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يقوم على العلم والإرادة المنصرفين الى أركان الجريمة ، وكان من المقرر أن تقدير قيام القصد الجنائي أو عدم قيامه - من ظروف الدعوى - يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ، ولما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الطاعن قد حرم المدعي بالحق المدني من نصيبه في أرباح الشركة ووزعها على خلاف أحكام القانون كافياً لاستظهار القصد الجنائي لدى الطاعن في الجريمة التي دانه بها وسائغاً في التدليل على توافره في حقه ، ومن ثم فإن المجادلة في هذا الخصوص لا تكون مقبولة ، هذا فضلاً عن أن المادتين 41 ، 44 من القانون السالف الاشارة إليه لا تشترطان لاستحقاق العامل نصيباً في أرباح الشركة أن تكون علاقة العمل قائمة وقت إقرارها ، ومن ثم فإن ما يقول به الطاعن من أن انتهاء تلك العلاقة قبيل صدور قرار الجمعية العامة للشركة بتحديد نسبة الأرباح يعد مانعاً من استحقاقها يكون غير صحيح في القانون ، ومن ثم يضحى الحكم المطعون فيه على ذلك بمنأى عن قالة الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قیده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة توزيع الأرباح على خلاف القانون مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكانت الأدلة التي عوَّل الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ومن ثم فلا محل لما أثير بشأن استناد الحكم إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وأدلة لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقیم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ، ولما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضائه على ما أطمئن إليه من أدلة الثبوت ولم يستند في الإدانة إلى تقرير الخبير ومن ثم فإنه لا يعيبه _ من بعد ، إغفاله إیراده أو الإشارة إليه _ بفرض إيداعه متضمناً ما زعمه الطاعن - طالما لم يكن بذي أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم من دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن افتراض براءة المتهم ، وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 96، 54 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها ولكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة وهذا القضاء تماشياً مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن ( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ...) ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ولا يلزم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . ولما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله ، وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر معه محام للدفاع عنه ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه الدفاع فيها ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيسا على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذ أقام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير أسباب عدم الصلاحية - وهو ما يلوح به الطاعن في طعنه فإن القانون رسم للمتهم طريقاً معيناً لكي يسلكه في مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع فإن لم يفعل - كما هو الحال في المطروحة – فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الطاعن يسلم في أسباب طعنه بأن الجنحة رقم ..... لسنة ۲۰۱۳ العجوزة والمستأنفة برقم ..... لسنة ۲۰۱4 شمال الجيزة تختلف جزئياً عن موضوع الدعوى - محل الطعن الماثل - مما يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى الأخرى ظاهر البطلان لاختلاف موضوع كلا منهما ، ولا على الحكم المطعون فيه إن أعرض عنه دون رد . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها عملاً بالمادة ۳۰۹ من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن منعى الطاعن على الحكم بإغفاله إيرادًا ورداً دفعه بعدم قبول الدعوى المدنية المرفوعة من المجني عليه يكون مردوداً بأنه فضلا عن عدم جوازه لأن ما قضى به غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ أن الحكم لم يفصل في تلك الدعوى أصلاً ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق