الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 مارس 2025

الطعن 14605 لسنة 87 ق جلسة 27 / 11 / 2019 مكتب فني 70 ق 94 ص 886

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / علي نور الدين الناطوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ياسر جميل ومحمد محمود محمد علي نائبي رئيس المحكمة وحاتم حميدة ومحمد هديب .
-----------------
(94)
الطعن رقم 14605 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) مسئولية جنائية . مواد مخدرة . قصد جنائي .
المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر . مناط تحققها ؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . التحدث عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
(4) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(6) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه ".
لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن التفتيش تخير الظرف والوقت المناسبين لتنفيذه . ما دام قد تم بالمدة المحددة به . النعي بالتلاحق الزمني في الإجراءات . غير مقبول .
(7) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . مواد مخدرة .
الإذن بتفتيش الطاعن استناداً لما دلت عليه التحريات من حيازته وإحرازه للمواد المخدرة . مؤداه : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . التفات الحكم عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة . صحيح . علة ذلك ؟
(8) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الجرائم باختلاف أنواعها . جائز بكافة الطرق القانونية . إلا ما استثني بنص خاص .
العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه . مطالبته بالأخذ بدليل معين . غير جائز . حد ذلك ؟
استناد الحكم في الإدانة بجريمة إحراز مواد مخدرة لتحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني . صحيح . الجدل الموضوعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(9) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً . لا يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط البحث .
نعي الطاعن عدم إجابة المحكمة لطلبه المسطر على واجهة حافظة المستندات المقدمة منه بسماع شاهد إثبات . غير مقبول . ما دام أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقواله بالتحقيقات دون التمسك بسماعه بختام مرافعته .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
سكوت الحكم عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام . لا يعيبه . علة ذلك ؟
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة بأقوال شاهد . مفاده ؟
إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
المنازعة في تصوير الضابط للواقعة . غير مقبول . متى اطمأنت المحكمة لأقواله .
(12) محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(13) قانون " تطبيقه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال . لا ينال من سلامة إجراءات الضبط . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه دليلين استقاهما من شهادة ضابط الواقعة .... ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رُتب عليهما ، وقد أورد الحكم مؤدى كل منهما في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الواقعة وفق الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها – على النحو الثابت بمدونات الحكم – ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
2- من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، وإذ كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - وهو الحال في هذه الدعوى - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير قويم .
4- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً كافياً لاطراحه ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
6- من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة للإذن ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلاحق الإجراءات يكون غير سديد .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن النقيب .... استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص الطاعن حال تردده على دائرة القسم بعد أن دلت التحريات على أنه يحوز ويحرز مواد مخدرة وبناءً على هذا الإذن تم ضبطه ، مما يدل على أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان .
8- من المقرر أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين والعبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، فلا تثريب على الحكم إذا استند إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني - تقرير المعمل الكيميائي - في الإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
9- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهد الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، وإن قدم حافظة مستندات أورى بأسباب الطعن أنه سطر على واجهتها طلب سماع شهادة شاهد الإثبات إذ أنه لم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات الذي تليت أقواله بموافقته ، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفاً تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية .
10- من المقرر أنه لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام ، ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا وجه له .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك ضابط الواقعة عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط وحجبها عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كشف الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم معقولية الواقعة لا يكون سديداً .
12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .
13- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات قيام الضابط بالمأمورية وعودته منها بدفتر الأحوال ، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات الضبط لأنه إجراء ليس بلازم ، هذا فضلاً عن أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً " هيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة بعد أن خلصت إلى أن الاتهام يشكل في حق المتهم : - جناية إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً - قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 36 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم " 2 " من القسم الأول من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 - مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه عمَّا أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ، وبمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه صيغ في عبارة عامة معماة ومجهلة لا يبين منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به ركني الجريمة المادي والمعنوي واطرح برد قاصر غير سائغ دفعه ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها بأسباب طعنه وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة أقوال شاهدي النفي والتلاحق الزمني السريع في الإجراءات وقعد عن الرد على دفعه ببطلان إذن التفتيش لحصوله عن جريمة مستقبلة واستند الحكم على التحريات وحدها في الإدانة والتفتت المحكمة عن طلبه سماع شاهد الإثبات المسطر بواجهة حافظة المستندات المقدمة منه والمحتوية على المحضر الإداري رقم .... لسنة .... إداري مركز .... والذي يثبت تلفيق الاتهام من قبل ضابط الواقعة ، واعتنق الحكم تصوير ضابط الواقعة لها رغم أنه يتسم بعدم المعقولية وانفراده بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة له ، ولم يثبت بمحضر الجلسة دفاع الطاعن كاملاً ، ولم تثبت المأمورية بدفتر الأحوال . كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه دليلين استقاهما من شهادة ضابط الواقعة .... ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رُتب عليهما ، وقد أورد الحكم مؤدى كل منهما في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الواقعة وفق الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها – على النحو الثابت بمدونات الحكم – ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي حيازة وإحراز المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه أو يحرزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، وإذ كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه من المواد المخدرة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - وهو الحال في هذه الدعوى - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لما أثاره المدافع عن الطاعن في هذا الشأن ورد عليه رداً سائغاً كافياً لاطراحه ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة للإذن ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن تلاحق الإجراءات يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن النقيب .... استصدر إذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص الطاعن حال تردده على دائرة القسم بعد أن دلت التحريات على أنه يحوز ويحرز مواد مخدرة وبناءً على هذا الإذن تم ضبطه ، مما يدل على أن الإذن إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن وليس عن جريمة مستقبلة أو محتملة ، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكانت الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين والعبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى ، فلا تثريب على الحكم إذا استند إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها معززة للدليل الفني - تقرير المعمل الكيميائي - في الإدانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهد الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ، وإن قدم حافظة مستندات أورى بأسباب الطعن أنه سطر على واجهتها طلب سماع شهادة شاهد الإثبات إذ أنه لم يتمسك في ختام مرافعته بطلب سماع شاهد الإثبات الذي تليت أقواله بموافقته ، ومن ثم فإنه - وعلى فرض أن تلك الحافظة التي كانت معدة سلفاً تضمنت هذا الطلب - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة عدم إجابته إلى طلب أمسك هو عن المطالبة به في المرافعة الختامية . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على تلفيق الاتهام ، ذلك أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا وجه له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك ضابط الواقعة عن ذكر أسماء القوة المرافقة له عند الضبط وحجبها عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كشف الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم معقولية الواقعة لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إثبات قيام الضابط بالمأمورية وعودته منها بدفتر الأحوال ، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات الضبط لأنه إجراء ليس بلازم ، هذا فضلاً عن أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق