جلسة 21 من مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، أحمد ضياء عبد الرازق، وليم رزق بدوي وعلي محمد عبد الفتاح.
----------------
(284)
الطعن رقم 156 لسنة 48 القضائية
(1 - 3 ) إثبات "طلب الإحالة للتحقيق".
(1) رفض طلب الإحالة للتحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، وجوب بيان المحكمة لسبب الرفض.
(2) تصرفات صاحب المركز الظاهر إلى الغير حسن النية. كتصرفات صاحب المركز الحقيقي. شرطه.
(3) تصرف الأب في أموال أولاده القصر التي تبرع لهم بها. عدم التزامه بالحصول على إذن من المحكمة بشأنها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3496 سنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون عليهم، طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 19 - 5 - 1972 عن حق الانتفاع بالشقة المبينة بعريضة الدعوى. وقالت بياناً لذلك إن المطعون عليهم باعوا لها حق الانتفاع بالشقة سالفة الذكر بكافة محتوياتها نظير ثمن قدره 8000 جنيه، ووقع المطعون عليه الرابع على عقد البيع بصفته نائباً عن باقي المطعون عليهم وهم زوجته وأولاده. وقد فوجئت بعد استلامها الشقة بالمطعون عليها الأولى ترسل لها إنذاراً تزعم فيه أنها لم تبع الشقة وأن المطعون عليه الرابع لا ينوب عنها قانوناً في التعاقد. مما دفعها لإقامة الدعوى بطلبها سالف البيان، وبتاريخ 29 - 4 - 1973 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان بالنسبة للمطعون عليه الرابع بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين سلوى وأحمد، وبرفض الدعوى بالنسبة لباقي المطعون عليهم، استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 442 سنة 90 ق القاهرة وبتاريخ 14/ 12/ 1977 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام الوكالة الاتفاقية بين المطعون عليه الرابع - الذي باع لها الشقة وقبض الثمن وسلمها إليها. وبين باقي أفراد أسرته، كما تمسكت بقيام الوكالة الضمنية بينه وبين أبنائه حين وقع على عقد البيع تحت عبارة الطرف الأول البائع، وقد خلق باقي المطعون عليهم موقفاً يدعم حسن نيتها إذ اتخذوا موقف السكوت والرضا عن تصرفات سابقة عقدها المطعون عليه الرابع مع الغير وتركوه يسلمها الشقة المبيعة دون أي اعتراض، بل طالبوا بأخذ المبيع بالشفعة بالنسبة لحصة القاصرين. كما تمسكت بأن إذن محكمة الأحوال الشخصية، بالنسبة لبيع المطعون عليه الرابع حصة ولديه القاصرين سلوى وأحمد، ليس لازماً لأن الثابت في البند الثاني من عقد البيع الرسمي المشهر برقم 7791 سنة 1958 شهر عقاري القاهرة أن المطعون عليه الرابع......... قد اشترى من ماله الخاص حصة أولاده القصر وقدرها 16 ط في الأرض الفضاء التي أقيم عليها البناء الواقع به شقة النزاع، دون الرجوع عليهم مستقبلاً، ومن ثم فهو معفى من القيود المنصوص عليها في المادة السابعة من القانون رقم 119 لسنة 952 بأحكام الولاية على المال. وقد طلبت تحقيق ما إذا كانت المباني قد أقيمت من مال الولي على سبيل التبرع من عدمه، لكن المحكمة التفتت من كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود، إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الظاهر المخالف للحقيقة إلى الغير حسن النية، ما يترتب على التصرفات الصادرة من صاحب المركز الحقيقي متى كانت الشواهد المحيطة بالمركز الظاهر من شأنها أن تولد الاعتقاد العام بمطابقة هذا المركز للحقيقة، وكانت المادة الثالثة عشر من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال قد نصت على أن "لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع من أبيه أم مستتراً" - والمقصود من ذلك هو إعفاء الأب من إجراءات الحصول على إذن المحكمة حيث يشترط الإذن لجواز التصرف، لأن الشارع رأى أن من الإسراف إخضاع الأب لها فيما يتعلق بالتصرف في المال الذي يكون هو نفسه قد تبرع به لابنه القاصر سواء كان التبرع سافراً أم مستتراً، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أركان الوضع الظاهر بالنسبة للمطعون عليه الرابع وأن المباني أقيمت أيضاً من ماله الخاص تبرعاً لأولاده، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في رفض طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك إلى قوله "إن الطاعنة لم تقدم وكالة تبيح....... التعاقد عن باقي البائعين، إذ كل ما قدمته هو توكيل صادر له وزوجته.... من.... وهو لا يخول للوكيلين إلا التصرف مجتمعين مما مفاده أنه لا يجوز لأيهما التصرف على انفراد، كما أنه لا دليل في الأوراق على مظهر خارجي من باقي البائعين بتوكيلهم.......، أما العقد المقدمة صورته الفوتوغرافية والخاص بمنيرة علام فهو بذاته لا يفيد قيام الوكالة الظاهرة فضلاً عن أن البائعين قد قدموا الصورة الأصلية للعقد المذكور والذي يبين منها أنهم تصرفوا فيه بصفتهم أصلاء، هذا إلى أن قيمة المبيع تدعو الطاعنة إلى التحوط والتأكد من قيام الوكالة بمطالبتها للمتعاقد معها بتقديم سند وكالته، ولا يجدي الطاعنة بعد ذلك ما ادعته من حسن نيتها، لما كان ذلك وكان التصرف الصادر من....... إنما كان بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين سلوى وأحمد ولم يقدم التصريح الدال على موافقة محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال على إجازة البيع، وقد ثبت أن البيع لا يشتمل على الأرض المدعي بأنه اشتراها من ماله الخاص، بل إنه قاصر على حق الانتفاع وهو ما لم يثبت في الأوراق أنه أقيم من مال الولي الطبيعي الخاص وكان هذا الذي قرره الحكم هو مصادرة على المطلوب ولا يصلح سنداً لرفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أركان الوضع الظاهر بالنسبة للمطعون عليه الرابع، وإقامته المباني بالنسبة لحصة أبنائه القصر من ماله الخاص تبرعاً لهم، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق