جلسة 10 من سبتمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / يحيى عبد العزيز ماضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أيمن الـعـــشري، عـماد محمد عبد الجيد وإيهاب سعيد البنا نواب رئيس المحكمة ومحمد أحمد خليفة .
----------------
(59)
الطعن رقم 7596 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي بإغفال المحكمة بعض أقوال الشاهد . غير مقبول . علة ذلك ؟
حق المحكمة في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به . شرط ذلك ؟
بيان الحكم واقعة الدعوى وسرد مؤدى أقوال الشهود على النحو الواجب في المادة 310 إجراءات جنائية . النعي عليه في هذا الصدد . غير مقبول .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم عدم إيراده لمكان وزمان الضبط . غير مقبول . ما دام أوردهما .
(4) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تطبيقه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة إحراز المواد المخدرة . تحققه بالعلم بكنه المادة المخدرة . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
تدليل الحكم على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي . كفايته لإدانته طبقًا للمادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل .
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر . موضوعي . استظهار المحكمة توافره وردها على الدفع بانتفائه على نحو سائغ . الجدل في هذا الشأن . غير جائز .
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء ركن العلم في جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بغير قصد .
(5) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات . من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع . عدم جواز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(6) مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم اتخاذ الحكم من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(7) إثبات " شهود " " أوراق رسمية " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن رداً عليه .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) مواد مخدرة . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
انتهاء الحكم سائغًا إلى صدور الإذن لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة . صحيح . النعي عليه في هذا الصدد . غير مقبول .
مثال .
(9) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة فصلها في الدعوى دون سماع شهود النفي . غير مقبول . ما دام لم يطلب المتهم سماعهم أو يسلك الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 إجراءات جنائية .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(11) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى .
لا يشترط في الشهادة أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بكافة تفاصيلها . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
انتهاء الحكم سديداً إلى عدم بطلان الإجراءات التي قام بها الضابط . أثره : صحة التعويل على أقواله . النعي عليه في هذا الشأن . غير قويم .
(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وتلفيقها . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(16) ظروف مخففة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الأصل في الأحكام أن تُحمل على الصحة . تفسير منطوق الحكم ما أجملته أسبابه عن إعمال المادة 17 عقوبات بتخصيص شموله على الجريمتين الثانية والثالثة دون الأولى . لا يعيبه .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وسرداً لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها ـــــ كما يدعى الطاعن في طعنه ـــــ فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين ـــــ خلافاً لم يقوله الطاعن ـــــ زمان ومكان الضبط مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
4- لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز أو المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء ركن العلم ورد عليه في قوله : " بأن البين للمحكمة أن المتهم ضبط بمفرده في السيارة التي شملتها التحريات وأنه يستخدمها في نقل وترويج المواد المخدرة وأنه كان يقودها وقبل ضبطه كان يعبث بمحتويات الجوال الموجود به المواد المخدرة التي تم ضبطها ويعلم كنهها ، ومن ثم يكون الدفع على غير سند صحيح متعيناً الالتفات عنه " . ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه ـــــ علم الطاعن بجوهر المخدر المضبوط بصندوق السيارة التي كان يقودها وعلى علمه بكنهه وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الشأن يكون لا محل له .
7- لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن ، يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ولما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى الأمر الذى يكون معه ما يثيره سواء من نعي متعلق بحصول الضبط والتفتيش بعد الإذن أو بقصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال في هذا الخصوص في غير محله .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها النقيب .... دلت على أن المتهم يحوز ويحرز مواد مخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
9- لما كان الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، ولم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم ، ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
10- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء ثمة تحقيق أو اتخاذ إجراء ما تحقيقاً لدفاعه بشأن ميقات ومكان ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من مُنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
12- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات التفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال القائم بالضبط والأدلة التي نتجت عن ذلك التفتيش ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
13- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤالها ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - عن مصدره السري ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
14- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة مما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
15- لما كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع الأخرى التي اطرحتها المحكمة برد قاصر بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
16- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها قال : ( وحيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها ترى المحكمة أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق ما تخوله لها المادة 17 عقوبات ) . ثم جاء المنطوق مُبيناً أنه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة لعقوبة جريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته - للارتباط عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات حسبما ورد بأسباب الحكم - دون أن يعملها بالنسبة لجريمة إحراز المخدر . ولما كان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة وكان ما قاله الحكم في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره في منطوقه بأنه يشمل عقوبة الجريمتين الثانية والثالثة - للارتباط - فحسب دون الأولى ، وهذا التفسير لا يُجافي المنطق ولا يُناقض في شيء ما سبقه ولا تثريب على الحكم إذ خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من الخطأ في تطبيق القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش الجاف " البانجو ــــ القنب " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " على النحو المبين بالأوراق .
- أحرز بغير ترخيص ذخيرة " طلقة خرطوش " مما تستعمل على السلاح سالف البيان على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1 / 1 ، 2 ، 7 /1 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمستبدل والمعدل ، المواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول والمعدل . مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه بالتهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه بالتهمتين الثانية والثالثة وبمصادرة المخدر والسلاح الناري المضبوطين وألزمته المصاريف الجنائية . وذلك باعتبار أن إحراز الطاعن للمخدر المضبوط مجرداً من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وإحراز سلاح ناري غير مُششخن ( فرد خرطوش ) وذخيرته بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وأغفل تحصيل بعض أقوال شاهد الإثبات الأول ، كما خلا من بيان زمان ومكان الضبط ، ولم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن ومدى علمه بكنه المخدر المضبوط ، وأغفل إيراداً ورداً دفعه ببطلان الإذن بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها ، واتخذ من ضبط المخدر دليلاً على جدية تلك التحريات ، واطرح برد غير سائغ دفعيه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة أقواله بالتحقيقات المؤيدة بأقوال شاهدة نفي ومستندات قدمها للمحكمة ، ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة ولم تجب المحكمة طلبه سماع شهود نفي ، كما لم تُجر تحقيقاً بشأن زمان ومكان ضبطه للوقوف على صحة ذلك الدفع ، وبنى قضاؤه على أدلة لا تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها ، واعتنق تصوير شاهدي الإثبات للواقعة وأشاح عن تصوير الطاعن وزوجته لها ، رغم تناقض أقوال شاهدي الإثبات فيما بينها وتناقض أقوال ثانيهما في مراحل التحقيق المختلفة ، وعول في إدانته على أقوال ضابطي الواقعة رغم بطلان ما قاما به من إجراءات ، هذا إلى أن النيابة العامة ومن بعدها المحكمة أغفلتا سؤال ضابط الواقعة عن مصدره السري ، والتفتت المحكمة عن دفاعه بنفي التهمة وتلفيقها ، واطرحت باقي أوجه دفاعه ودفوعه برد قاصر كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقريري المعمل الكيميائي والأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وسرداً لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها ـــــ كما يدعي الطاعن في طعنه ـــــ فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين ـــــ خلافاً لم يقوله الطاعن ـــــ زمان ومكان الضبط مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ــــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــــــ وكان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة وإحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة أو الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز أو المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء ركن العلم ورد عليه في قوله : " بأن البين للمحكمة أن المتهم ضبط بمفرده في السيارة التي شملتها التحريات وأنه يستخدمها في نقل وترويج المواد المخدرة وأنه كان يقودها وقبل ضبطه كان يعبث بمحتويات الجوال الموجود به المواد المخدرة التي تم ضبطها ويعلم كنهها ، ومن ثم يكون الدفع على غير سند صحيح متعيناً الالتفات عنه " . ولما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها على النحو المتقدم بيانه ـــــ علم الطاعن بجوهر المخدر المضبوط بصندوق السيارة التي كان يقودها وعلى علمه بكنهه وردت في الوقت ذاته على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من ضبط المخدر سنداً لتسويغ التحريات السابقة على صدور الإذن ـــــ خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى أن الضبط والتفتيش كانا لاحقين على الإذن الصادر بهما ، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن ، يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها . وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ولما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى الأمر الذى يكون معه ما يثيره سواء من نعي متعلق بحصول الضبط والتفتيش بعد الإذن أو بقصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها النقيب .... دلت على أن المتهم يحوز ويحرز مواد مخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه ، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذ انتهى الحكم أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ، ولم يسلك الطريق الذى رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم ، ويكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء ثمة تحقيق أو اتخاذ إجراء ما تحقيقاً لدفاعه بشأن ميقات ومكان ضبطه ، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات واقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من مُنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات التفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال القائم بالضبط والأدلة التي نتجت عن ذلك التفتيش ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يُثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤالها ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - عن مصدره السري ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، ومن ثم لا يحل له أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليها مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة مما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع الأخرى التي اطرحتها المحكمة برد قاصر بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها قال : ( وحيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها ترى المحكمة أخذ المتهم بقسط من الرأفة في نطاق ما تخوله لها المادة 17 عقوبات ) . ثم جاء المنطوق مُبيناً أنه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة لعقوبة جريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته - للارتباط عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات حسبما ورد بأسباب الحكم - دون أن يعملها بالنسبة لجريمة إحراز المخدر . ولما كان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة وكان ما قاله الحكم في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره منطوقه بأنه يشمل عقوبة الجريمتين الثانية والثالثة - للارتباط - فحسب دون الأولى ، وهذا في التفسير لا يُجافي المنطق ولا يُناقض في شيء ما سبقه ولا تثريب على الحكم إذ خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق