جلسة 12 من مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل.
----------------
(260)
الطعنان رقما 930 و958 لسنة 47 القضائية
(1) ملكية "أسباب كسب الملكية". تقادم "تقادم كسب". حيازة.
اكتساب ملكية العقار بالتقادم. انتقال الملكية للحائز بأثر رجعي من وقت بدء الحيازة. ترتب حقوق عينة على العين خلال مدة وضع اليد. عدم سريانها متى اكتملت المدة، في حق الحائز.
(2) ملكية. تقادم. حيازة. تأمينات عينية "حق الاختصاص". تسجيل. حكم. "ما لا يعد قصوراً".
اكتساب الحائزين ملكية العقار بالتقادم. إقامة الحكم قضاءه على أن وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية سابق على تاريخ تسجيل حق الاختصاص، فلا يسري في حقهم. صحيح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 24 سنة 1968 مدني أسيوط الابتدائية ضد الطاعنين وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لمساحة 17 س، 13 ط، 16 ف مبينة بصحيفة الدعوى وبطلان إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة في الدعوى رقم 19 سنة 1959 بيوع أسيوط وشطب كافة التسجيلات الموقعة عليها، وقالوا شرحاً للدعوى إنهم اشتروا الأطيان المذكورة بعقد مؤرخ 30 - 6 - 1951 ووضعوا اليد عليها منذ هذا التاريخ، ولدين بنك الإسكندرية على المطعون عليها الثامنة اتخذ هذا البنك إجراءات نزع ملكية 1 س، 16 ط، 22 ف من بينها الأطيان محل النزاع وذلك في الدعوى رقم 19 لسنة 1959 بيوع أسيوط فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة الذكر، وبتاريخ 22 - 6 - 1968 حكمت المحكمة بندب الخبير المختص بمكتب الخبراء الحكوميين بأسيوط لبيان واضع اليد على الأطيان موضوع النزاع ومدة وضع يده وسببه وبعد أن قدم الخبير تقريره أحالت المحكمة الدعوى بتاريخ 7 - 12 - 1968 إلى قاضي التنفيذ بمحكمة القوصية وقيدت برقم 1 سنة 1969 القوصية، استأنف بنك مصر الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 لدى محكمة استئناف أسيوط رقم 161 سنة 43 ق مدني أسيوط وبتاريخ 6 يناير سنة 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 18 - 1 - 1976 حكم في القضية رقم 1 سنة 1969 القوصية بتثبيت ملكية المطعون عليهم الثلاثة الأول لمساحة 17 س، 13 ط، 16 ف الموضحة بصحيفة الدعوى وبطلان إجراءات التنفيذ العقاري المتخذة في الدعوى رقم 19 لسنة 1959 بيوع أسيوط بالنسبة لهذه المساحة وشطب كافة التسجيلات الموقعة عليها، استأنف بنك إسكندرية هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 82 سنة 51 ق مدني أسيوط كما استأنفه بنك مصر بالاستئناف رقم 84 سنة 51 ق مدني أسيوط، وأمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول ثم حكمت بتاريخ 19 - 4 - 1977 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن بنك مصر في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 930 سنة 47 ق كما طعن بنك إسكندرية بطريق النقض في نفس الحكم بالطعن رقم 958 سنة 47 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل من الطعنين أيدت فيها الرأي برفضه وعرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن الأول أقيم على ثلاثة أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب إذ أقام قضاءه على أن الحكم الصادر بتاريخ
22 - 6 - 1968 فصل في أن تملك المطعون عليهم الثلاثة الأول للأطيان موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إنما يكون بأثر رجعي منذ بدأت الحيازة وقد صار هذا الحكم نهائياً بتأييده في الاستئناف رقم 161 سنة 43 ق مدني أسيوط مما لا يجوز معه المجادلة في هذا الشأن في حين أن ما تعرض له الحكم المذكور قاصر على إجراءات نزع الملكية التي يتخذها الدائن مباشر الإجراءات خلال سريان مدة التقادم ولم يتعرض لحقوق الاختصاص التي تتقرر للدائنين خلال سريان تلك المدة وقبل اكتمالها والبنك الطاعن من الدائنين أصحاب حقوق الاختصاص ومن ثم فلا يحول الحكم الصادر في الاستئناف رقم 161 سنة 43 ق آنف الذكر دون بحث أثر تقرير حق الاختصاص على الأطيان محل النزاع لصالح الطاعن، هذا إلى أن الاختصاص يبقى على العين ولو بطل سند ملكية المدين لها أو زال طالما كان من تقرر لصالحة الاختصاص حسن النية وذلك وفقاً للمادتين 1034، 1095 من القانون المدني فتملك المطعون عليهم الثلاثة الأول للأطيان محل النزاع بالتقادم الطويل المدة لا يؤثر على انتقال الملكية إليهم محملة بحق الاختصاص المقرر عليها لصالح الطاعن وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأطرح دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كسب الحائز ملكية عين بالتقادم فإن الملكية تنتقل إليه لا من وقت اكتمال التقادم فحسب بل تنقل إليه بأثر رجعي منذ وقت بدء الحيازة التي أدت إلى التقادم فيعتبر مالكاً لها طوال مدة التقادم بحيث لو رتب المالك الأصلي خلال هذه المدة أو ترتب ضده خلالها حقوق عينية على العين فإن هذه الحقوق متى اكتملت مدة التقادم لا تسري في حق الحائز، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه "...... لما كان الحكم الصادر بجلسة 22 - 6 - 1968 لم يكن فاصلاً في مسألة قانونية مجردة بل قضاء في تطبيق القانون على واقع مطروح على المحكمة وبذلك يكون قد فصل في مدى تملك المستأنف ضدهم الثلاثة الأول في الاستئنافين - المطعون عليهم الثلاثة الأول - للعقارات موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية وبأثر رجعي من وقت اكتمال المدة المقررة لذلك والذي أصبح نهائياً مما هو ثابت من ملف الاستئناف رقم 161 سنة 43 ق الذي قضى بجلسة 6 - 1 - 1970 برفض الاستئناف المرفوع بشأنه من بنك مصر وتأييده وبالتالي فلا تجوز العودة إلى المجادلة في شأنه بعد ذلك...." وكان النزاع قد دار بين الطاعنين والمطعون عليهم الثلاثة الأول حول تاريخ بدء انتقال الملكية بالتقادم الطويل المدة ومدى سريان ما يرتبه المالك الأصلي أو يترتب ضده من حقوق عينية على العين خلال سريان مدة التقادم المكسب، وعرض الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 والذي تأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 161 سنة 43 ق لهذا النزاع وحسمه في أسبابه المرتبطة بمنطوقة فقرر أنه ".... فيشترط لكي يقطع الحجز التقادم أن يتخذ في مواجهة الحائز وإذا كسب الملكية بالتقادم عن طريق التمسك به فإن الملكية تنتقل إلى الحائز - لا من وقت التمسك بالتقادم أي من وقت اكتمال مدة التقادم فحسب بل تنتقل له - بأثر رجعي من وقت الحيازة التي أدت إلى التقادم فيعتبر الحائز مالكاً للعين التي كسبها بالتقادم من وقت أن وضع يده عليها بنية تملكها ويكون مالكاً لها طوال مدة التقادم ويترتب على الأثر الرجعي للتقادم أنه إذا رتب المالك في خلال مدة التقادم على العين التي وضع الحائز اليد عليها حق رهن فإن هذا الحق إذا اكتملت مدة التقادم وتمسك الحائز به لا يسري في حق الحائز ذلك لأن الحائز يعتبر مالكاً للعين من وقت بدء سريان التقادم فلا يكون المالك السابق مالكاً إياها في خلال هذا الوقت الذي رتب فيه حق الرهن أما الحقوق العينية التي يكون المالك قد رتبها على العين قبل بدء سريان التقادم فإنها تسري في حق الحائز حتى بعد أن يتملك العين بالتقادم، لما كان ذلك وكانت إجراءات نزع الملكية لم تباشر في مواجهة المدعين - المطعون عليهم الثلاثة الأول - وقال المدعون أنهم وضعوا اليد على الأطيان موضوع النزاع بنية الملك منذ 30 - 6 - 1951 وكانت الحقوق العينية المترتبة على هذه الأطيان جاءت تالية لوضع يد المدعين ومن ثم تكون هذه الحقوق التي ترتبت خلال مدة التقادم إذا اكتملت مدة التقادم وتمسك الحائز به لا تسري في حقه تأسيساً على الأثر الرجعي للتقادم المكسب، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بعد أن استأنفه الطاعن وقضت محكمة الاستئناف بتأييده وإذ التزم الحكم المطعون فيه بما لهذا القضاء من حجية في النزاع بين الخصوم بشأن عدم سريان حق الاختصاص الذي ترتب لصالح الطاعن على الأطيان محل النزاع في تاريخ لاحق لبدء حيازة المطعون عليهم الثلاثة الأول لها، فإن هذا النعي يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض هذا الطعن.
وحيث إن الطعن الثاني أقيم على أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه على أن الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 قد فصل في أن تملك المطعون عليهم الثلاثة الأول للعقارات موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المتكسبة للملكية إنما يكون بأثر رجعي من وقت بدء الحيازة وأصبح هذا الحكم نهائياً بعد أن تأيد في الاستئناف في حين أن الحكم المذكور قضى بندب خبير لتحقيق وضع اليد ومدته وسببه وهو بذلك لا يكون قد أنهى الخصومة ولا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكم المنهي للخصومة كلها، هذا إلى أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم من أن الحقوق العينية التي ترتبت على الأعيان محل النزاع خلال مدة سريان التقادم لا تسري في حق المطعون عليهم الثلاثة الأول إذ لصاحب حق الاختصاص طبقاً للمادتين 1030، 1095 من القانون المدني أن يتتبع العقار في أي يد تكون فلا يؤثر على حقه انتقال ملكية العقار من المدين إلى غيره مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سلف بيانه في الرد على أسباب الطعن رقم 930 سنة 47 ق من أنه متى كان النزاع قد دار بين الطاعن والمطعون عليهم الثلاثة الأول حول تاريخ بدء انتقال الملكية بالتقادم الطويل المدة ومدى سريان ما يرتبه المالك الأصلي أو ما يترتب ضده من حقوق عينية على العين أثناء سريان مدة التقادم المكسب، وعرض الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 لهذا النزاع وحسمه في أسبابه المرتبطة بمنطوقة حسبما سلف البيان وإذ تضمن هذا الحكم قضاء قطعياً في شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الطرفين وأنهى الخصومة في شأنه وكان يجوز للطاعن استئنافه وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي صدر هذا الحكم في ظله غير أنه لم يستأنفه في الميعاد واستأنفه بنك مصر - الطاعن في الطعن السابق - وتأيد الحكم في الاستئناف وأصبح نهائياً واكتسب قوة الشيء المحكوم فيه، وكانت الأحكام المنهية للخصومة في جزء منها لا تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مستأنفه باستئناف الحكم الموضوعي الذي يصدر بعد ذلك في الدعوى طبقاً للمادة 404 من قانون المرافعات السابق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن هذا النعي يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان لا محل للتحدي بما ورد بالشق الثاني من النعي إذ أن الحكم المطعون فيه إنما التزم بحجية الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 الذي حاز قوة الشئ المحكوم فيه حسبما سلف البيان.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه يترتب على تسجيل تنبيه نزع الملكية بتاريخ 27 - 11 - 1958 عدم نفاذ أي تصرف من المدين بعد تسجيل هذا التنبية وأن الطاعن باعتباره صاحب حق اختصاص مسجل على العين محل النزاع يعتبر من الغير فلا يحتج عليه وهو حسن النية بالتصرفات غير المسجلة قبل تسجيل الحجز ولو كانت ثابتة التاريخ قبله فلا يحتج عليه بتصرف المطعون عليها الثانية غير المسجل قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ويبقى حق الاختصاص قائماً طبقاً للمادتين 1034، 1095 من القانون المدني رغم كسب المطعون عليهم الثلاثة الأول للملكية بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه حسبما سلف البيان على أن الحكم الصادر بتاريخ 22 - 6 - 1968 أصبح نهائياً، لما كان ذلك وكان المطعون عليهم الثلاثة الأول إنما يتمسكون بملكيتهم للأطيان موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو سبب مستقل بذاته عن غيره من أسباب كسب الملكية ومنها تصرف مدين الطاعن، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن وضع يد المطعون عليهم الثلاثة الأول على الأطيان محل النزاع قد بدأ في 30 - 6 - 1951 بينما قرر الطاعن أنه سجل حق الاختصاص الذي ترتب على الأطيان المذكورة في 11 - 6 - 1956 وإذ كسب المطعون عليهم الثلاثة الأول ملكية تلك الأطيان بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإنهم يعتبرون مالكين لها من وقت بدء الحيازة وهو سابق على تاريخ تسجيل حق اختصاص الطاعن فلا يسري في حقهم وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ولا على محكمة الموضوع في هذه الحالة إن هي لم تتبع كل حجة للطاعن وترد عليها استقلالاً طالما أن فيما أوردته الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفه ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين لذلك رفض هذا الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق