جلسة 27 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.
----------------
(151)
الطعن رقم 2355 لسنة 29 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - القرار التأديبي - سببه.
تصلح الشكاوى والبلاغات والتحريات سنداً لنسبة الاتهامات إلى من يشير إليه ولا تصلح سنداً لتوقيع الجزاء ما لم تجر جهة الإدارة تحقيقاً تواجه فيه المتهم بما هو منسوب إليه وتسمع أقواله وأوجه دفاعه لصالح الحقيقة وتستخلص قرارها استخلاصاً سائغاً من الأوراق - تطبيق (1) .
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق التاسع من يونيو سنة 1983، أودعت الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2355 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات بجلسة 14 من إبريل سنة 1983 في الطعن التأديبي رقم 5 لسنة 17 القضائية المقام من السيد...... ضد الهيئة الطاعنة، والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الطعن وبقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بنقله مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات..
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء في الطعن التأديبي برفضه وإلزام المطعون ضده بالمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة التاسع من ديسمبر سنة 1987 وبجلسة 27 من يناير سنة 1988 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة موضوع - وحددت لنظره أمامها جلسة 13 من فبراير سنة 1988 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 21 من أكتوبر سنة 1982 أقام السيد/...... الطعن التأديبي رقم 5 لسنة 17 القضائية بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات بطلب إلغاء قرار مجازاته المؤرخ 5/ 10/ 1982 بنقله إلى الإدارة العامة للورش المركزية، وإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدي إليه مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته نتيجة اضطهاد جهة الإدارة له وتعنتها بإصدار قراراتها الخاطئة وذكر الطاعن شرحاً لطعنه أن قرار مجازاته بالخصم من المرتب وقرار نقله من وظيفته قد صدرا بدعوى أن يقوم بالاتجار ببيع الساعات بمقر العمل وخلال ساعاته ولمزاولته العمل التجاري بمحل شقيقه وهي دعوى لا أساس لها من الواقع وأنها قامت على تحريات معينة قامت على الشك دون نشوب أية واقعة محددة في حقه.
وبجلسة 14 من إبريل سنة 1983 أصدرت المحكمة حكماً بإلغاء القرار الصادر بمجازاته السيد/....... وبنقله بما يترتب على ذلك من آثار، مع رفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه اتضح لها فساد السبب الذي بني عليه القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن فضلاً عن نقله من جهة عمله، ذلك أن الشكوى الوهمية المتضمنة اتهام المذكور بالاتجار بالساعات في محل العمل وخلال ساعات وتوسطه في بيع بعض الأجهزة الكهربائية لم تتضمن وقائع محددة من حيث الزمان والمكان والأطراف، ورغم هذا جاءت التحريات بصحة الشكوى دون أن تضيف إليها، فهي لم تقدم سوى إضفاء جو من الريبة حول الطاعن دون أن ترقى إلى نسبة واقعة محددة ثابتة في حقه تتضمن مخالفة تأديبية ومن ثم فإن قرار مجازاة الطاعن ثم نقله يكون مفتقراً إلى أي سند قانوني. وأضاف الحكم أنه طالما أن الطاعن لم يحدد ضرراً يمكن جبره وفي إلغاء القرار المعيب خير تعويض له فقد انتهى إلى رفض طلب التعويض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه لأن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على صحة التعويل على تحريات المباحث العامة كأساس للمؤاخذة الإدارية، ولما كان قد ورد للجهة الإدارية شكاوى منسوب فيها إلى المطعون ضده مزاولة أعمال تجارية هي بيع الساعات بمكان العمل وخلال أوقاته وقد أسفرت التحريات. عن تأييد ما احتوته الشكاوى من أن المطعون ضده يقوم فعلاً ببيع الساعات بمكان العمل وأثناء أوقات العمل الرسمية ومن ثم فإن الهيئة استخلصت النتيجة التي انتهى إليها القرار التأديبي من أصول موجودة استخلاصاً سائغاً، وبذلك يكون القرار قائماً على سبب، والقول بغير ذلك يعني أن المحكمة التأديبية قد أحلت نفسها محل السلطة التأديبية فيما هو متروك لتقديرها من استخلاص الذنب الإداري واستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل إثباتاً ونفياً في خصوص ما هو منسوب إلى المطعون ضده. وبالنسبة للمطعون ضده فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفي بمزاولة أعمال محظور عليها إتيانها، فأن قرار نقله قد أملته المصلحة العامة، والتزمت في شأنه الهيئة صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الطعن التأديبي الذي فصلت فيه المحكمة التأديبية كان طعناً على قرارين مستقلين، قرار مجازاة الطاعن بخصم سبعة أيام من راتبه الصادر في 9/ 6/ 1982. وقرار بنقله من الإدارة العامة للتخطيط وتنفيذ المشروعات إلى الإدارة العامة للورش المركزية الصادر بتاريخ 5/ 10/ 1982.
ومن حيث إن هذه المحكمة - الدائرة المنصوص عليها في المادة (54) مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 - قد انتهت إلى وجوب الالتزام في تحديد اختصاص المحاكم التأديبية بالجزاءات الصريحة التي حددها القانون على سبيل الحصر. وبالتالي فلا ينعقد الاختصاص لهذه المحاكم إلا إذا كان الطعن موجهاً إلى ما وصفه صريح نص القانون بأنه جزاء، فإذا كان الطعن موجهاً إلى قرار صدر بنقل أو ندب أحد العاملين بالحكومة اختصت به محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية بحسب القواعد المنظمة لتوزيع الاختصاص بينهما.
ومن حيث إن مؤدى ذلك عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن على قرار نقل السيد..... من الإدارة العامة للتخطيط وتنفيذ المشروعات إلى الإدارة العامة للورش المركزية واختصاص محكمة القضاء الإداري بنظره، نظراً لأن المذكور يشغل الدرجة الثانية المكتبة حسبما يبين من القرار الصادر بنقله كما أن الطعن وارد على منازعة إدارية تدخل في ولاية محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى خلاف هذا النظر فإنه يكون متعين الإلغاء في هذا الشق مما قضت فيه.
ومن حيث إنه عن الطعن التأديبي على قرار مجازاة السيد/....... بخصم سبعة أيام من راتبه، فقد صدر بدعوى أنه يقوم بالاتجار ببيع الساعات بمقر العمل وخلال ساعاته وأنه يتدخل كوسيط في بيع بعض الأجهزة الكهربائية. وأنه يعمل بمحل لتجارة الأجهزة الكهربائية يملكه شقيقه بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية.
ومن حيث إن جهة الإدارة قد استندت في القول بثبوت هذه الاتهامات في حق السيد المذكور إلى شكوى موقعه باسم وهمي أيدتها تحريات شرطة الهيئة التي فاجأته أثناء تواجده بالعمل فوجدته يحمل حقيبة يد بها مائة وخمسون جنيهاً ما يؤكد في تقريرها ممارسة أعمال التجارة.
ومن حيث إن الشئون القانونية بالهيئة قد أجرت تحقيقاً أنكر فيه المطعون ضده الاتهام كلية ولم يشهد بصحة الاتهامات أحد.
ومن حيث إن قرار الجزاء محل الطعن التأديبي قد بني على بلاغ من مجهول أكدته تحريات أجرتها شرطة الهيئة.
ومن حيث إن الشكاوى والبلاغات والتحريات وإن كانت تصلح لأن تكون سنداً لنسبة اتهام إلى من تشير إليه، إلا أنها لا تصلح سنداً لتوقيع جزاء عليه ما لم تجر الجهة الإدارية تحقيقاً تواجه فيه المتهم بما هو منسوب إليه من خلال سماع أقوال الشهود وفحص الأدلة، ثم الاستنحاء إلى استخلاص سائغ من عيون الأوراق. هذا الاستخلاص الذي يخضع لرقابة المحكمة التأديبية على مدى سلامته واعتباره استخلاصاً سائغاً يسوغ لجهة الإدارة الاعتماد عليه في توقيع قرار الجزاء.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قد ذهبت إلى فساد السبب الذي بني عليه قرار الجزاء لأن كلاً من الشكوى الوهمية وتحريات الشرطة قد جاءت بادعاءات مرسلة لم تتضمن وقائع محددة المعالم معينة الحالات كما لم يستظهر الحقيقة ما يضيف إلى ذلك سياجاً من دواعي الاطمئنان إلى حقوق هذا القول المرسل بحيث يرتفع به إلى مستوى الدليل، فإن قضاءها بإلغاء قرار الجزاء قد صادف صحيح حكم القانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الصادر بمجازاة...... بخصم أجر سبعة أيام من راتبه وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار نقل الطاعن من الإدارة العامة للتخطيط وتنفيذ المشروعات إلى الإدارة العامة للورش المركزية وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن على قرار النقل وأمرت بإحالة الطعن في هذا الشق بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص.
(1) يراجع قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في سنة 1966 بشأن الشكاوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق