جلسة 27 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - المستشارين.
---------------
(157)
الطعن رقم 3749 لسنة 31 القضائية
(أ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الواجبات الوظيفية والمخالفات التأديبية - وظيفة سكرتير قضائي بمجلس الدولة - واجباته.
يتعين على الموظف وقد عين بوظيفة سكرتير قضائي بإحدى المحاكم أن يتعرف على واجبات وظيفته واختصاصاتها وأن يسأل عن ذلك ويسعى لمعرفة هذه الاختصاصات ولا يكتفي بأن يحبس نفسه في واجب مراجعة الأحكام على المسودات لأن ذلك يقل بداهة عن واجبات السكرتير القضائي للمحكمة - لا يقبل من الموظف التعلل بعدم العلم بالقرار المحدد لاختصاصه أو عدم التوقيع عليه أو صدوره إبان إجازاته الاعتيادية - تطبيق (1).
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تحقيق - حفظه.
أثر قرار الإدارة بحفظ التحقيق على سلطة النيابة الإدارية.
لا تتوقف النيابة الإدارية في التحقيق وفي إقامة الدعوى التأديبية على قبول الجهات الإدارية ولا على موافقتها الصريحة أو الضمنية - للنيابة الإدارية أن تقيم الدعوى التأديبية ولو كان ذلك على عكس ما ترضاه الجهة الإدارية - القرار الصادر بحفظ الموضوع لا يغل يد النيابة الإدارية على إقامة الدعوى التأديبية ضد المخالف ولا يغل يد المحكمة التأديبية عن توقيع العقاب على من يخالف واجبات الوظيفة ويخرج على مقتضياتها - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 24/ 8/ 1985 أودع الوكيل عن الطاعن....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد في سجلاتها برقم 3749 لسنة 31 ق ضد النيابة الإدارية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بجلسة 29/ 6/ 1985 في الدعوى التأديبية رقم 49 لسنة 26 ق والقاضي بمجازاة....... بعقوبة الإنذار. وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة الإنذار مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد تم إعلان الطعن على النحو الثابت في الأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي ارتأت به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة الإنذار وما يترتب على ذلك من آثار.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 11/ 1987 وتدوول بالجلسات وقررت المحكمة بجلسة 13/ 1/ 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة - موضوع - وحددت لنظره أمامها جلسة 23/ 1/ 1988 ونظر الطعن في تلك الجلسة وسمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات وقررت إرجاء إصدار الحكم بجلسة اليوم. وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات. وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة قانوناً ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي في 18/ 12/ 1983 تقرير اتهام يتهم بموجبه كلاً من (1)..... سكرتير المحكمة التأديبية للتربية والتعليم بمجلس الدولة سابقاً من الدرجة الرابعة و(2)...... (الطاعن) المحقق بمجلس الدولة عن الدرجة الثالثة.
الأول:
1 - تسبب في فقد ملف الدعوى رقم 446 لسنة 23 ق ومذكرة النيابة وقرار الاتهام في الطعن رقم 67 لسنة 18 ق.
2 - انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة المدة من 6/ 4/ 1983 إلى 1/ 11/ 1983 دون أن ينتظر لحين البت في الاستقالة المقدمة في هذا الشأن. والثاني (الطاعن) أهمل في الإشراف ومتابعة أعمال المخالف الأول مما ترتب عليه فقد المستندات موضوع التحقيق. وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين طبقاً لأحكام قوانين العاملين والنيابة الإدارية ومجلس الدولة.
وبجلسة 29/ 6/ 1985 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها في الدعوى سالفة الذكر ويقضي بمجازاة...... بالفصل من الخدمة. وبمجازاة الطاعن بعقوبة الإنذار. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للطاعن على أساس أن الطاعن كان يشغل وظيفة سكرتير قضائي بالمحكمة التأديبية للتربية والتعليم خلال المدة من 7/ 11/ 1981 وحتى 27/ 2/ 1983 وهو ما لم ينكره الطاعن في التحقيق ويتولى السكرتير القضائي الإشراف على كافة الأعمال الإدارية والكتابية في المحكمة وتوزيعها على العاملين ومتابعة تنفيذها ويكون مسئولاً عن حسن سير العمل بها. والثابت أن المتهم الأول تسلم العمل كسكرتير المحكمة التأديبية للتربية والتعليم إبان عمل المتهم الثاني (الطاعن) سكرتيراً قضائياً لها، ولم يقم الأخير بالعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تسليم المتهم الأول ملفات القضايا وقراراتها وتسليمها إليه بناء على محضر جرد فعلي من واقع ملفات القضايا والسجلات ولم يتخذ أي إجراء نحو تنفيذ ذلك أو مطالبة مدير المحاكم وإبلاغه بتشكيل لجنة لتقوم بتلك المهام على الرغم من أن المتهم الثاني (الطاعن) من مناط وظيفته ومسئولياتها على كافة الأعمال الإدارية والكتابية بالمحكمة وهو مسئولاً عن حسن سير العمل بها ومن بين تلك المسئوليات العمل على تسليم ملفات القضايا فيما بين سكرتيري المحكمة تسليماً فعلياً بواقع محضر جرد يوقع عليه من سكرتير المحكمة الذي سلمت إليه الملفات. وعليه الإشراف على ذلك ومتابعة الإجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك. وهو ما لم يفعله المتهم الثاني (الطاعن) الأمر الذي أدى إلى فقد المستندات محل التحقيق وعلى ذلك يكون ما نسب إلى الطاعن في تقرير الاتهام ثابتاً في حقه حتى ولو كان مجلس الدولة قد سبق له تقرير حفظ التحقيق، ذلك أن هذا القرار لا يحوز أية حجية ولا يغل يد النيابة الإدارية عن معاودة التحقيق والإحالة إلى المحكمة التأديبية. وعليه يكون الطاعن قد أهمل في الإشراف على مرؤوسيه ويتعين مجازاته تأديبياً، وقررت المحكمة مجازاته بعقوبة الإنذار.
ويقوم الطعن على أساس أن الطاعن لم يعلم بقرار أمين عام المجلس رقم 41 لسنة 1969 بتحديد اختصاصات السكرتير القضائي فقد عين الطاعن في 7/ 11/ 1981، ولم يكن في إمكانه العلم كما لا توجد صورة منه بإدارة المحاكم التأديبية ولم يوقع عليه بالعلم ولم يحدد له مدير إدارة المحكمة التأديبية أي اختصاص له في الإشراف على المحكمة التأديبية للتعليم إلا الاختصاص بمراجعة الأحكام الصادرة من المحكمة من واقع مسودة الحكم فقط. وحتى تمام نقل الطاعن من المحكمة التأديبية إلى إدارة التفتيش والتحقيقات لم يكن يعرض عليه أي عمل من أعمال هذه المحكمة ولم يكن له أي إشراف عليها وكان كل ما اسند إليه من عمل هو مراجعة الأحكام على المسودات. ومع ذلك فالطاعن لم يمارس أي عمل ولم يشرف على أعمال سكرتير المحكمة الذي كان تحت إشراف مدير إدارة المحكمة التأديبية. كما أن الطاعن لم يعلم بالقرار رقم 1 لسنة 1983 وقد كان الطاعن وقت صدور هذا القرار في إجازة لزواجه ولم يكن الطاعن يعمل سكرتيراً قضائياً للمحكمة التأديبية للتربية والتعليم وقت صدوره. والثابت أنه بعد إجراء التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية قرر الأمين العام لمجلس الدولة حفظ الموضوع بالنسبة للطاعن وأبلغت النيابة الإدارية بهذا القرار. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد اعتوره القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وعدم تحقيق دفاع الطاعن وخلص الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاته بعقوبة الإنذار.
ومن حيث إن الثابت من تحقيق النيابة الإدارية أن الطاعن قرر أنه عمل سكرتير قضائي بالمحكمة التأديبية للتربية والتعليم من 7/ 11/ 1981 إلى 27/ 2/ 1983 وكان عمله خلال هذه الفترة ينحصر في مراجعة الأحكام على المسودات الخطية بعد نسخها ولم يكلف بأي اختصاص آخر خلال هذه الفترة. ولا يوجد أمر إداري يكلفه بأي عمل آخر بخلاف هذا العمل ولم يكن له أن يشرف على أعمال المتهم الأول...... كما لم يكن رئيساً له وكان رئيسه في ذلك هو مدير إدارة المحاكم التأديبية والإدارية. وقرر أيضاً بأنه لم يوقع بالعلم على الأمرين الإداريين رقمي 1 لسنة 1983، 7 لسنة 1983 فقد صدر أولهما وهو في إجازة وصدر الثاني بعد نقله سكرتيراً قضائياً للمحكمة التأديبية للرئاسة والصناعة وشهد..... بأن...... والطاعن مسئولان عن الواقعة محل التحقيق.
ومن حيث إن الثابت أن الطاعن كان يشغل وظيفة سكرتير قضائي بالمحكمة التأديبية للتربية والتعليم خلال المدة من 7/ 11/ 1981 إلى 27/ 2/ 1983 وتقضي المادة الثالثة من القرار رقم 41 لسنة 1969 بشأن تنظيم إدارة سكرتارية المحكمة التأديبية على تحديد الواجبات والمسئوليات للمراكز الإشرافية على النحو التالي: -
السكرتير القضائي ويتولى الإشراف على كافة الأعمال الإدارية والكتابية بالمحكمة وتوزيعها على العاملين ومتابعة تنفيذها ويكون مسئولاً عن حسن سير العمل بها. كما يقضي الأمر الإداري رقم 1 لسنة 1983 بأن يتولى الطاعن (.......) مسئولية الإشراف الفعلي على المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الإدارة العليا. والمحكمة التأديبية لوزارة التعليم. والمحكمة التأديبية لوزارة الزراعة، ويراجع الأحكام بها على المسودة والرولات والمحاضر ويوقع على أصل الحكم وغلاف ملف الدعوى بما يفيد المراجعة ومراجعة المستندات والصور وتقدير الرسوم وقد صدر تلك الأمر في 9/ 1/ 1983. ثم صدر القرار رقم 4 لسنة 1983 المعمول به اعتباراً من 26/ 2/ 1983 بنقل الطاعن للإشراف على المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا والتأديبية للعاملين برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والمحكمة التأديبية للصناعة والهيئات التابعة له. والثابت أن الطاعن كان في إجازة اعتيادية من 1/ 1/ 1983 إلى 3/ 1/ 1983 ومن 6/ 3/ 1983 إلى 10/ 3/ 1983 وكان مستدعياً للقوات المسلحة من 11/ 3/ 1983 إلى 31/ 3/ 1983. وبثور السؤال في هذا الطعن حول واجبات الطاعن بوصفه سكرتير قضائي المحكمة التأديبية للتربية والتعليم. هل كان يدخل في اختصاصه قانوناً الإشراف على أعمال سكرتير المحكمة...... المتعلقة خصوصاً بفقد ملف الدعوى رقم 446/ 33 ق ومذكرة النيابة الإدارية وقرار الاتهام في الطعن رقم 67/ 18 ق وهل يقبل من الطاعن القول بعدم علمه بالقرارات التي تنيط به الإشراف على أعمال سكرتير المحكمة وعدم توقيعه على شيء منها وأن عمله كان يقتصر على مراجعة الأحكام بعد نسخها على المسودات والتوقيع على نسخة الحكم الأصلية وليس من ريب أن واجبات الطاعن كانت بحكم القرار رقم 41 لسنة 1969 وبحكم أنه كان يشغل وظيفة سكرتير قضائي المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم كانت تشمل مسئولية الإشراف على كافة الأعمال الإدارية والكتابية في المحكمة وتوزيعها على العاملين ومتابعة تنفيذها، ويدخل في ذلك بداهة مسئولية الإشراف على كافة أعمال سكرتير المحكمة....... وقد تأكد القرار رقم 41 لسنة 1969 بالقرار رقم 1 لسنة 1981 الذي ناط بالطاعن الإشراف الفعلي على أعمال المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم. وعلى ذلك لا يقبل من الطاعن التعلل بعدم العلم بهذه القرارات وعدم التوقيع عليها وصدورها أبان إجازته الاعتيادية، ذلك أنه كان يتعين عليه وقد عين بوظيفة سكرتير قضائي إحدى المحاكم أن يتعرف على واجبات هذه الوظيفة واختصاصاتها وأن يسأل عن ذلك كله وأن يسعى لمعرفة هذه الاختصاصات. وألا يكتفي بأن يحبس نفسه في واجب مراجعة الأحكام على المسودات لأن ذلك يقل بداهة عن واجبات السكرتير القضائي للمحكمة وهو يختصر حجم الوظيفة إلى أبعاد ضيقة جداً تفيض عنها واجبات الوظيفة. كان يتعين على الطاعن أن يسعى لمعرفة واجبات الوظيفة التي عين فيها ومسئوليتها ولا يكتفي بالجلوس في انتظار أن يتم إخطاره بهذه الاختصاصات والحصول على توقيعه على القرارات الإدارية. وعلى ذلك يكون صحيحاً في القانون ما جاء في قرار الاتهام من اتهام...... (الطاعن) بأنه أهمل في الإشراف ومتابعة أعمال........ سكرتير المحكمة التأديبية للتربية والتعليم مما أدى إلى فقد ملف الدعوى رقم 446/ 23 ق ومذكرة النيابة الإدارية وقرار الاتهام في الطعن رقم 97/ 18 ق. كما لا يفيد الطاعن أن المستشار أمين عام مجلس الدولة قد قرر حفظ التحقيق بالنسبة للطاعن إذ لا تتوقف سلطة النيابة الإدارية في التحقيق وفي إقامة الدعوى التأديبية على قبول الجهات الإدارية طبقاً لأحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 ولا على موافقتها الصريحة أو الضمنية. وللنيابة الإدارية أن تقيم الدعوى التأديبية ولو كان ذلك على عكس ما ترضاه الجهات الإدارية وتقبل به وترتيباً على ذلك فإن قرار الحفظ الصادر من الأمين العام لا يغل يد النيابة الإدارية عن إقامة الدعوى التأديبية ضد المخالف ولا يغل بالتالي يد المحكمة التأديبية عن توقيع العقاب على من يخالف واجبات الوظيفة ويخرج على مقتضياتها. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من توقيع عقوبة الإنذار في حق الطاعن ولإهماله في الإشراف ومتابعة أعمال...... سكرتير المحكمة التأديبية للتربية والتعليم قد أقام قضاءه على استخلاص سليم للوقائع وتطبيق حكم القانون. ويكون الطعن فيه في غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه برفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه برفضه.
(1) راجع الطعن رقم 3788 لسنة 31 بذات الجلسة وقرار الأمانة العامة رقم 41 لسنة 1969 بشأن تحديد واختصاصات السكرتير القضائي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق