الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 مارس 2025

الطعن 2200 لسنة 32 ق جلسة 13 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 141 ص 904

جلسة 13 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة د. محمد جودت الملط ومحمد معروف محمد وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

---------------

(141)

الطعن رقم 2200 لسنة 32 القضائية

تكليف الأطباء - حدود مشروعية قرار التكليف.
القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء.
أجاز المشرع لوزير الصحة تكليف الأطباء لمدة عامين قابلة للتجديد مدة واحدة أخرى مماثلة - لا يجوز التكليف ابتداء لمدة أربع سنوات - أساس ذلك: أن نصوص التكليف هي نصوص استثنائية لا يجوز التوسع في تفسيرها إلى حد الافتئات على الحرية الشخصية للمواطن في العمل المقررة بالدستور - صدور قرار التكليف دون تحديد مدته والإشارة بديباجته إلى منشور وزير الصحة بالموافقة على أن تكون مدة التكليف أربعة أعوام - أثر ذلك: يتعين قصر أثر القرار إلى التكليف لمدة عامين فقط مع استبعاد تطبيق ما ورد بالمنشور - قضاء المكلف مدة التكليف المبتدأ وهي مدة عامين وانقطاعه دون أن يصدر عند انتهاء المدة قرار صريح بتحديد مدة التكليف لمدة أخرى مماثلة - الانقطاع في هذه الحالة لا يشكل أية مخالفة تأديبية - أساس ذلك: التزام المكلف بأعمال وظيفته جبراً عنه ينقضي حتماً بانقضاء مدة التكليف. تعتبر خدمته منتهية دون حاجة إلى موافقة الجهة الإدارية أو صدور قرار منها بانتهاء الخدمة - أساس ذلك قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة هو قرار تنفيذي كاشف لمركز قانوني تحقق فعلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 21/ 5/ 1986 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد/ مدير النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بجلسة 23/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 63/ 28 قضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيدة/..... والقاضي بمجازاتها بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيهاً، وطلبت إدارة قضايا الحكومة في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمجازاتها بإحدى العقوبات المقررة لمن هم في الخدمة والمنصوص عليها في المادة 80 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
وبتاريخ 11/ 6/ 1986 تم إعلان صحيفة الطعن إلى المطعون ضدها إعلاناً قانونياً.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وبجلسة 14/ 10/ 1987 نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا هذا الطعن بعد أن تم إخطار المطعون ضدها بالجلسة المحددة لنظرها، وقررت الدائرة حجز الطعن للحكم بجلسة 11/ 11/ 1987 وبالجلسة الأخيرة تقرر إعادة الطعن إلى المرافعة لجلسة 9/ 12/ 1987 بناء على طلب المطعون ضدها، وبجلسة 13/ 1/ 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع لنظره بجلسة 23/ 1/ 1988، وتم نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المحددة لنظره حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 4/ 1/ 1986 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 63 لسنة 38 قضائية أمام المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة متضمنة تقريراً باتهام السيدة/..... الممرضة بمستشفى شبرا العام بأنها في خلال المدة من 27/ 12/ 1984 إلى 17/ 11/ 1985 خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفت أحكام الإجازات وأتت ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
1 - انقطعت عن العمل بدون إذن وفي غير الحالات المصرح بها قانوناً بالمخالفة لقرار التكليف الصادر في هذا الشأن.
2 - حصلت على مبلغ 18.205 جنيه أجر خمسة أيام من شهر ديسمبر 1984 ولم تقم برده.
مما تكون معه قد ارتكب المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 62، 74، 76، 78 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها تأديبياً بالمواد السالفة والمادتين 80، 82 من القانون رقم 47/ 1978 المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981، والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وأرفقت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام مذكرة بموضوعه وأسانيد ثبوته وقضية النيابة الإدارية لوزارة الصحة رقم 444 لسنة 1985.
ونظرت المحكمة التأديبية هذه الدعوى على النحو المبين تفصيلاً بمحاضر جلساتها حيث حضرت المتهمة وبمواجهتها بالاتهام المنسوب إليها أقرت بالانقطاع عن العمل.
وبجلسة 23/ 3/ 1986 قضت المحكمة التأديبية بمجازاتها بغرامة مقدارها خمسة وعشرون جنيهاً، وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن الثابت من التحقيق والأوراق أن المتهمة كانت بالعمل بمستشفى شبرا العام لمدة سنتين قابلتين للتجديد وذلك بموجب القرار رقم 697 الصادر بتاريخ 24/ 11/ 1982 وأنها انقطعت عن العمل اعتباراً من 27/ 12/ 1984 أي بعد مضي سنتين من تاريخ تكليفها ولم يصدر قرار بتجديد تكليفها ومن ثم فإن خدمتها تكون منتهية بقوة القانون ولا يقتضي الأمر صدور قرار من السلطة الرئاسية بإنهاء خدمتها إذ لا يعدو هذا القرار في حالة صدوره أن يكون إجراء تنفيذياً كاشفاً لمركز قانوني تحقق فعلاً نتيجة امتناع المتهمة عن تأدية أعمال وظيفتها وليس منشئاً له.
وأضافت المحكمة أن الثابت من التحقيق أن المتهمة تقاضت مرتبها كاملاً عن شهر ديسمبر سنة 1984 على الرغم من انقطاعها عن العمل اعتباراً من 27/ 12/ 1984 ومن ثم تكون قد تقاضت بدون وجه حق أجرها عن خمسة أيام وتكون المخالفة الثانية المنسوبة إليها ثابتة في حقها ويتعين مجازاتها عنها بإحدى الجزاءات المقررة قانوناً لمن ترك الخدمة بحسبان أن خدمتها منتهية من تاريخ انقطاعها عن العمل. ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من انتهاء خدمة المطعون يعتبر مخالفاً للقانون نظراً لأن المكلف يعد موظفاً عاماً منذ بداية تكليفه ويخضع لكافة الأحكام والقوانين التي تطبق على العاملين بالدولة وقد نصت المادة الرابعة من القانون رقم 29/ 1974 الخاص بتكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض على أن المكلف يعتبر معيناً في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور قرار التكليف، وأضاف تقرير الطعن بأن المكلف هو موظف عام محظور عليه قانوناً الامتناع عن تأدية أعمال وظيفته مدة محددة في القانون لا تقبل فيها منه الاستقالة سواء كانت صريحة أو ضمنية فإذا خالف ذلك عوقب جنائياً وتأديبياً، فإذا انتهت مدة الحظر وانقطع عن العمل بدون إذن يعاقب تأديبياً لإخلاله بواجبات وظيفته، ومن ثم فإن الانقطاع عن العمل دون إذن وفي غير الأحوال المصرح بها يشكل مخالفة إدارية سواء قبل انتهاء مدة الحظر أو بعدها مما يستوجب المساءلة التأديبية. وأضاف تقرير الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بمجازاة المطعون ضدها بإحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون، وكان يتعين معه معاقبتها بإحدى العقوبات المقررة لمن هم في الخدمة والمنصوص عليها في المادة 80 من القانون رقم 47/ 1978، لأن خدمتها لم تنته فقرينة الاستقالة الضمنية مقررة لمصلحة الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه بتاريخ 24/ 11/ 1982 صدر قرار مدير المديرية للشئون الصحية لمحافظة القاهرة رقم 697 لعام 1982 والذي أشار في ديباجته إلى التفويض الصادر له من السيد وزير الصحة، وإلى القانون رقم 29/ 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض، وإلى منشور السيد الأستاذ الدكتور وزير الصحة المتضمن الموافقة على تكليف الممرضات مدة أربع سنوات.
ونص هذا القرار على أنه اعتباراً من 11/ 11/ 1982 تكلف الممرضات خريجات المدارس الثانوية الفنية للتمريض دور أول عام 1982 الواردة أسمائهن به للعمل بالجهات الموضحة قرين اسم كل منهن بوظيفة فنية تمريض رابع من الدرجة الرابعة بالمجموعة النوعية لوظائف التمريض والصحة العامة مع منح كل منهن أول مربوط الدرجة المكلفة عليها.
ومن حيث إن القانون رقم 29 لسنة 1974 في شأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض ينص في المادة الأولى منه على أنه "يجوز لوزير الصحة تكليف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والمعاهد والمدارس والمراكز التي تعد أو تخرج أفراد هيئات التمريض والفنيين الصحيين وغيرهم من الفئات الطبية الفنية المساعدة المتمتعة بجنسية جمهورية مصر العربية للعمل في الحكومة أو في وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة والوحدات التابعة لها أو المؤسسات العامة والوحدات التابعة لها أو القطاع الخاص وذلك لمدة سنتين ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة".
ونصت المادة الرابعة من هذا القانون على أنه "يصدر وزير الصحة قرارات تكليف الخاضعين لأحكام هذا القانون ويعتبر المكلف معيناً في الوظيفة التي كلف للعمل فيها من تاريخ صدور القرار".
ونصت المادة السابعة من هذا القانون على أنه "على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة أثناءه من وزير الصحة".
ومن حيث إن التكليف - حسبما جرى عليه قضاء المحكمة - أداة استثنائية للتعيين في الوظائف العامة وفقاً لأحكام القوانين واللوائح الصادرة في هذا الشأن فإذا تم شغل الوظيفة العامة بهذه الأداة انسحب المركز الشرطي الخاص بالوظيفة على المكلف بجميع التزاماتها ومزاياها في الحدود التي نصت عليها القوانين المشار إليها طوال مدة التكليف، وللتكليف نطاقه القانوني الخاص به إذ هو مؤقت بطبيعته وينطوي على مساس بحرية المكلف في العمل بإلزامه بتأدية العمل الذي كلف به دون اعتداد بقبوله أو برضائه فإن امتنع عن تأدية واجبات الوظيفة التي كلف بها استهدف للعقوبات الجنائية والإدارية المنصوص عليها في القوانين.
ومن حيث إن التكليف وهو أداة استثنائية للتعيين في الوظائف العامة إنما ينطوي على مساس بحرية المكلف في العمل بفرضه عليه جبراً فإنه لا يجوز للسلطة الإدارية تكليف الأشخاص إلا بناء على نص في القانون طبقاً للمبدأ الدستوري المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 13 من دستور جمهورية مصر العربية والتي نصت على أنه "لا يجوز فرض أي عمل جبراً على المواطنين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة عامة وبمقابل عادل" كما أنه لا يجوز التوسع في تفسير النصوص القانونية التي تقضي بالتكليف، إذ لا يسوغ التوسع في تفسير أحكام هذا النظام الاستثنائي إلى حد الافتئات على الحرية الشخصية للمواطن في العمل التي هي الأصل الدستوري المقرر الواجب الاحترام، وإنما يتعين على السلطة الإدارية الالتزام بأحكام النصوص القانونية التي حددت نطاق مدى التكليف دونما توسع فيها على حساب الحرية الشخصية للمواطنين.
ومن حيث إن المشرع في المادة الأولى من القانون رقم 29/ 1974 أجاز لوزير الصحة تكليف خريجي المعاهد والمدارس التي تعد أو تخرج أفراد هيئات التمريض وذلك لمدة سنتين ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، فإنه يتعين على الجهة الإدارية الالتزام بالحكم الذي أورده المشرع في هذه المادة دون تجاوز أو توسع، وإذ أجاز المشرع لوزير الصحة تكليف الخريجين المذكورين لمدة عامين مع جواز تجديد هذه المدة إلى مدة واحده أخرى مماثلة وذلك بطبيعة الحال بعد انتهاء العامين الأولين، فإنه لا يجوز لوزير الصحة أن يصدر قرار سواء تنظيمياً أو فردياً بتكليف الخريجين المشار إليهم منذ البداية لمدة أربعة أعوام، إذ يعد هذا القرار مخالفاً للقانون ومتجاوز لحدود السلطة المخولة للوزير في القانون إذ لم يجز هذا القانون للوزير أن يكلف هؤلاء الخريجين منذ البداية لمدة أربعة أعوام وإنما أباح له فقط أن يكلفهم لمدة عامين فقط، ثم أجاز له فقط عند انتهاء هذه المدة أن يجدد التكليف لمدة أخرى مماثلة إذا ما اقتضى الأمر ذلك على ضوء مدى الحاجة إلى خدمة الخريجين المذكورين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وغيرها من الجهات المنصوص عليها في هذا القانون، بحيث يجرى تقدير مدى تلك الحاجة إلى خدمة هؤلاء في حينها، ذلك أن المشرع نص في الفقرة الثانية من المادة الأولى سالفة الإشارة إلى أنه يتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وعلى ذلك فيتعين الالتزام بما أورد المشرع في هذا الخصوص سواء من ناحية تحديد مدة التكليف الأولى بعامين، أو صدور قرار جديد بتجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة إذا ما اقتضت الحاجة ذلك وبناء على طلب الجهات الإدارية صاحبة الشأن، ومن ثم فإن صدور أي قرار من السلطة الإدارية سواء تنظيمي أو فردي بتكليف الخريجين المشار إليهم بداءة لمدة أربعة أعوام إنما يعد مخالفاً للقانون لتجاوزه السلطة المخولة للإدارة في هذا الشأن بالتوسعة فيها بالمخالفة لما أورده القانون من حدود لتلك السلطة في مجال يمس حريات المواطنين في العمل والتي هي أصل من الأصول الدستورية والقانونية المقررة.
ومن حيث إن القرار رقم 697 لعام 1982 الصادر من السيد مدير المديرية للشئون الصحية بتفويض من وزير الصحة بتكليف المطعون ضدها للعمل كممرضة بمستشفى شبرا العام لم ينص على مدة معينة لهذا التكليف، وإنما أشار في ديباجته إلى المنشور الصادر من السيد وزير الصحة بالموافقة على أن تكون مدة التكليف أربعة أعوام، فإنه يتعين قصر أثر هذا القرار إلى التكليف لمدة عامين فقط وهي المدة المنصوص عليها لإصدار قرارات التكليف المبتدأة في القانون رقم 29/ 1974 المشار إليه، مع استبعاد تطبيق ما ورد في المنشور الصادر من السيد وزير الصحة بأن تكون مدة التكليف ابتداء من أربعة أعوام لمخالفة ذلك للقانون حسبما سلف.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أكملت مدة التكليف التي ينصرف إليها قرار تكليفها المبتدأ وهي مدة عامين، ثم انقطعت عن العمل بعد إتمام هذه المدة دون أن يصدر عند انتهائها قرار صحيح بتجديد مدة تكليفها لمدة أخرى مماثلة على ضوء مدى الحاجة إلى خدماتها وبناء على طلب الجهات الإدارية صاحبة الشأن حسبما يتطلب القانون رقم 29/ 1974 ووفقاً لما سلف ذكره فإن انقطاع المطعون ضدها عن العمل بعد انتهاء مدة تكليفها لا يشكل أي مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة التأديبية وآية ذلك أن المشرع نص في المادة السادسة من القانون رقم 29/ 1974 المشار إليه على أنه "على المكلف أن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف". ومن ثم فإن الالتزام الواقع على المكلف بأداء أعمال وظيفته بمقتضى نظام التكليف جبراً عنه، ينقضي حتماً بانقضاء مدة التكليف فالتكليف باعتباره نظام قانوني استثنائي للتعيين في الوظيفة العامة هو مؤقت بطبيعته وأقصى ما يفرضه هذا النظام هو التزام المكلف بأداء أعمال وظيفته لمدة التكليف فقط، فإذا ما انقضت مدة التكليف فلا إلزام على المكلف بالاستمرار في الوظيفة العامة وإنما يكون في حل منها ولا يسوغ أي قيد جديد على حريته الشخصية في العمل التي هي أصل من الأصول الدستورية والقانونية المقررة حسبما سلف، ومن ثم فإن انقطاعه عن العمل في هذه الحالة لا يعد مخالفة إدارية مستوجبة لمسئوليته التأديبية ولكن تعتبر خدمته منتهية فور هذا الانقطاع دون حاجة إلى موافقة الجهة الإدارية أو صدور قرار منها بانتهاء الخدمة إذ لا يعدو مثل هذا القرار في حالة صدوره أن يكون إجراء تنفيذياً كاشفاً لمركز قانوني تحقق فعلاً بانصراف المكلف عن الوظيفة العامة عند انتهاء مدة تكليفه فيها وليس منشئاً له.
وعلى هذا المقتضى فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه ويعد الطعن الماثل والذي يستهدف إلى اعتبار انقطاع المطعون ضدها عن العمل في الحالة المعروضة بمثابة مخالفة تأديبية مستوجبة لمسئوليتها التأديبية غير قائم على أساس صحيح من القانون أو الواقع مما يتعين معه رفضه موضوعا.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق