جلسة 29 من مارس سنة 1976
برئاسة السيد المستشار/ أحمد فتحي مرسي وعضوية السادة المستشارين/
محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي وجميل الزيني ومحمود حسن حسين.
----------------
(153)
الطعن
رقم 372 لسنة 42 القضائية
1)، 2،(3 فوائد. بنوك. عرف. محكمة
الموضوع. نقض. نظام عام.
(1)تحريم الفوائد المركبة.
الاستثناء ما تقضي به القواعد والعادات التجارية. وجوب تجميد الفوائد في الحساب
الجاري.
(2)صيرورة رصيد الحساب
الجاري ديناً عادياً بإغفاله. تحريم تقاضي فوائد مركبة عنه تعلق ذلك بالنظام
العام. الاستثناء. ما تقضي به القواعد والعادات التجارية.
(3)العادات التجارية من
مسائل الواقع التي يترك التثبت من قيامها وتفسيرها لقاضي الموضوع. خروجها من رقابة
محكمة النقض إلا حيث يحيد القاضي عن تطبيق عادة ثبت لديه قيامها.
-------------------
1 - مفاد نص المادتين 232، 233 من القانون المدني أن المشرع قد حرم
تقاضي الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضي به القواعد والعادات التجارية، كما
أقر ما جرى عليه العرف من تجميد الفوائد داخل الحساب الجاري.
2 - صفة الحساب الجاري تزول عنه بإقفاله ويصبح الرصيد ديناً عادياً
مما لا يجوز معه وفقاً للمادة 232 من القانون المدني تقاضي فوائد مركبة عنه ولو
اتفق على ذلك الطرفان لأن تحريم الفوائد المركبة من النظام العام مما لا يصح معه
الاتفاق على مخالفته، ولا يستثنى من ذلك إلا ما تقضي به القواعد والعادات التجارية.
3 - تقدير ثبوت العادات التجارية والتحقيق من قيامها وتفسيرها
يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة
النقض إلا حيث يحيد عن إعمال حكم العادة التجارية التي ثبت لديه قيامها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى
رقم 812 لسنة 1966 تجاري كلي القاهرة على المطعون ضده طلب فيها الحكم بإلزامه بأن
يؤدي له مبلغ 872 جنيهاً و925 مليماً وهو رصيد الحساب الجاري المستحق والفوائد
بواقع 7% تضاف على الأصل شهرياً من هذا التاريخ حتى السداد وأسس دعواه على أنه فتح
للمطعون ضده اعتماداً بالحساب الجاري مؤرخ 21/ 5/ 1964 بتأمين بضائع يودعها هذا
الأخير طرف البنك تأميناً لرصيد الاعتماد وقد بلغ رصيد الحساب الجاري المدين عند
تاريخ الاستحقاق المبلغ المطالب به. وبتاريخ 15/ 3/ 1967 قضت محكمة القاهرة
الابتدائية بندب خبير لبيان حقيقة الرصيد الذي انتهى إليه الحساب بعد أن استبعدت
سريان الفوائد المركبة على رصيد الحساب الجاري بعد قفله. استأنف البنك الطاعن هذا
الحكم بالاستئناف رقم 292 سنة 84 ق تجاري القاهرة كما استأنف الحكم الذي صدر في
الشق الباقي من الموضوع ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28/ 4/ 1970 بإحالة الدعوى
إلى التحقيق ليثبت البنك الطاعن أنه جرى العرف والعادات التجارية على احتساب فوائد
مركبة على الحسابات الجارية بعد قفلها. وبتاريخ 13/ 4/ 1972 قضت هذه المحكمة
بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا القضاء بطريق النقض وقدمت النيابة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت
جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه عند
فتح الاعتماد قد تضمن في البند الثامن منه النص على أحقية البنك الطاعن في اقتضاء
الفائدة التأخيرية المستحقة بعد انتهاء مدة الاعتماد مركبة تضاف إلى الأصل شهرياً
وهذا الذي أورده العقد - وهو شريعة المتعاقدين - يتفق مع القانون وما جرى به العرف
المصرفي التجاري الذي قدم البنك للتدليل عليه شهادة من اللجنة الفنية بالبنك المركزي
المصري تفيد جريان العرف على احتساب الفوائد المركبة في الحسابات المدينة حتى
تاريخ سداد الرصيد المدين، كما استشهد بعديد من الأحكام القضائية، وبتحقيقات في
قضايا مماثلة، ومع ذلك فقد أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وانتهت في قضائها إلى
عجز البنك الطاعن عن إثبات العرف وإلى عدم احتساب الفوائد المركبة على دين الرصيد
مخالفة بذلك نصوص العقد وما استقر عليه العرف الذي يجري مجرى القانون فجاء حكمها
مشوباً بالقصور ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أن مفاد نص المادتين 232 و233 من القانون المدني أن المشروع قد حرم تقاضي
الفوائد المركبة واستثنى من ذلك ما تقضي به القواعد والعادات التجارية. كما أقر ما
جرى عليه العرف من تجميد الفوائد داخل الحساب الجاري، إلا أنه لما كانت صفة الحساب
الجاري تزول عنه بإقفاله فإن دين الرصيد يصبح ديناً عادياً مما لا يجوز معه وفقاً
للمادة 232 تقاضي فوائد مركبة عنه ولو اتفق على ذلك الطرفان لأن تحريم الفوائد
المركبة من النظام العام مما لا يصح معه الاتفاق على مخالفته ولا يستثنى من ذلك
إلا ما تقضي به القواعد والعادات التجارية وتقدير ثبوت هذه العادات والتحقق من
قيامها وتفسيرها يعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع. ولا رقابة
عليه في ذلك لمحكمة النقض إلا حيث يحيد عن إعمال حكم العادة التجارية التي ثبت
لديه قيامها. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أنه
برغم إحالة الدعوى إلى التحقيق وتأجيله أكثر من مرة وإفساح المجال أمام البنك
الطاعن لإثبات ما كلفه بإثباته فقد قرر أنه لا يوجد لديه شهود وعجز عن إثبات أن
العرف والعادات التجارية قد جرت على اقتضاء فوائد مركبة على الحسابات الجارية بعد
إقفالها وأن "..... المحكمة لا تعول على صورة الكتاب المقدم من البنك
المستأنف (الطاعن) إذ أنها لا تصلح دليلاً في الإثبات بوصفها صورة وليست أصلاً
وحتى ولو قدم الأصل فلا يصلح وحده دليلاً على ثبوت العرف التجاري إذ أن هذا
المستند مجرد كتاب صادر من إدارة المراقبة بالبنك المركزي وموجه للبنك المستأنف عن
موضوع بذاته خاص بالمواطن..... كالثابت بصورة الكتاب..." وإذ كان ذلك وكان
وزن الأدلة المقدمة في الدعوى وتقدير كفايتها في الإثبات هو مما ينفرد به قاضي
الموضوع، فإن ما ينعاه البنك الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور والتناقض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم
الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية البنك في اقتضاء الفوائد
المركبة حتى 25/ 10/ 1966 أي بعد انقضاء الأجل المحدد لانتهاء الاعتماد الذي ينتهي
في 20/ 5/ 1965 وهو ما يناقض ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بعد ذلك من عدم
أحقية البنك في اقتضاء الفائدة المركبة في التاريخ اللاحق لاستحقاق الاعتماد
بمقولة إن الرصيد يصبح ديناً عادياً بعد هذا التاريخ.
وحيث إن النعي مردود بأن
الثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اعتبر استنادا إلى تقرير
الخبير أن الحساب الجاري ظل ممتداً حتى 25/ 10/ 1966 حيث أقفل وبلغ الرصيد 872.925
واستبعد الفائدة المركبة بعد هذا التاريخ لصيرورة الرصيد ديناً عادياً. وهو بذاته
ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من استبعاد الفائدة المركبة على الرصيد المستحق
في 25/ 10/ 1966 ومن ثم يكون ما ينعاه البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه من
تناقض في الأسباب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم جميعه
يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق