جلسة 25 من فبراير سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ عبد الله لملوم، صلاح الدين كامل سعدالله، أبو بكر أحمد إبراهيم ومـراد زناتي "نـواب رئيس المحكمة".
------------------
(40)
الطعن رقم 2698 لسنة 85 القضائية
(1) قانون " تفسيره " .
البحث عن حكمة التشريع ودواعيه . لا محل له متى كانت نصوص القانون واضحة جلية المعنى .
(2- 4) تحكيم " هيئة التحكيم : رد المحكم : إجراءات رد المحكم " .
(2) ريبة الخصوم في حياد أحد المحكمين . سبيلها . تقديم طلب كتابي إلى هيئة التحكيم برّده خلال أجل محدد . شرطه . بيان أسباب عدم الاطمئنان للمحكم . عدم تنحي المحكم المطلوب رده خلال الأجل المحدد . أثره . التزام هيئة التحكيم بإحالة الطلب إلى المحكمة المختصة وفق م 9 ق 27 لسنة 1994 . لا يغير ذلك من أحقية هيئة التحكيم في استكمال إجراءات التحكيم . م 19 ق 27 لسنة 1994 المستبدلة بق 8 لسنة 2000 .
(3) خلو القانون 27 لسنة 1994 من بيان إجراءات طلب رد المحكم أمام المحكمة المختصة . أثره . استكمال إجراءات الرد بإجراءات التقاضي وفقًا للمواد من 148 حتى 165 ق المرافعات . علة ذلك .
(4) هيئة التحكيم . وجوب إحالتها طلب رد المحكم إلى المحكمة المختصة . م 19 ق 27 لسنة 1994 المستبدلة بق 8 لسنة 2000 . رفض الحكم المطعون فيه دفع الشركة الطاعنة بعدم حياد المحكم استنادًا لرفض اللجنة الثلاثية المشكلة وفقًا لقواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي طلب رده . خطأ ومخالفة القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه متى كانت نصوص القانون واضحة جلية المعنى، فالبحث عن حكمة التشريع ودواعيه لا يكون لها محل، وإنما يكون ذلك عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه القاضي مضطرًا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المستبدلـة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 على أنه "1- يقدم طلب الرد كتابـةً إلى هيئـة التحكيم مبينًا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم الطلب، يحال بغيـر رسوم إلى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون للفصـل فيه بحكم غير قابل للطعن. 2- لا يقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم. 3- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حُكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن". وقد استهدف المشرع بهذا النص حماية نظام التحكيم الاختياري من شبهة الهوى لدى المحكمة أو رد شكوك الخصوم في حيادهم حتى يتساوى مع النظام القضائي المطبق بالنسبة لقضاة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، بحيث إذا ما استشعر الخصم بأنه لم يتحصل على حقه بالنظر إلى ريبته في المحكم مثله في ذلك مثل القاضي، وكانت له مبرراته، أن يتقدم بطلب كتابـي خلال أجل محدد إلى هيئة التحكيم مبينًا فيه الأسباب التي كوَّن من خلالها عدم الاطمئنان إلى هذا المحكم، التي عليها إذا لم يتنحَ المحكم المطلوب رده إحالة الطلب بغير رسوم إلى المحكمة المختصة وفقًا لما بينته المادة التاسعة من ذات القانون دون أن يؤثر في أحقية الهيئة في استكمال إجراءات نظر التحكيم.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه على طالب الرد إذا ما أجيب إلى طلبه أن يستكمل إجراءات هذا الطلب أمام المحكمة سالفة الذكر وفقًا لما نظمته المواد من 148 حتى 165 من قانون المرافعات؛ باعتباره القانون العام في هذا المقام لإجراءات التقاضي، وذلك بالنظر إلى خلو مواد القانون رقم 27 لسنة 1994 من بيان لها.
4- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض دفع الشركة الطاعنة ببطلان حكم التحكيم لعدم حياد المحكم/ ... تأسيسًا على أنها تقدمت بطلب رد المحكم المعين من قبل الشركة المطعون ضدها مار الذكر، وأن الأصل في المحكم حيدته، وأن طلب الرد سند النعي رفضته اللجنة الثلاثية المشكلة وفقًا لقواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، وكان ذلك مخالفًا لنص المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 المستبدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000؛ إذ كان يتعين على هيئة التحكيم إحالـة طلب رد المحكم إلى المحكمة المشار إليها في المادة 19 من ذات القانون بدون رسوم، وذلك من تلقاء نفسها إذا لم يتنحَ المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم طلب رده؛ إذ إنها المنوط بها إحالـة هذا الطلب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دفع الشركة الطاعنة المار ذكره، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيـد القاضي المقـررُ، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم ... لسنة 131 ق تحكيم أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان الحكم الصادر في الدعويين التحكيميتين رقمي ...، ... لسنة 2010 والصادر من مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، وذلك على سندٍ من أن الشركة المطعون ضدها تقدمت بطلبي التحكيم ماري الذكر إلى مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي طلبت في الأول الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي لها مبلغ 1224521 جنيهًا قيمة باقي المستحقات المالية الناشئة عن عقد المقاولة المبرم بتاريخ 5/2/2008 وفوائده بواقـع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، وبإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 2000000 جنيه تعويضًا عما أصابها من أضرار من جراء إخلال الطاعنة ببنود عقد المقاولة المؤرخ 5/2/2008، وفي الثاني الحكم أولًا: بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 1451836 جنيهًا قيمة مستحقاتها المالية الناشئة عن عقد المقاولة المبرم بين الطرفين بتاريخ 16/6/2008 وفوائده بواقـع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد ثانيًا: بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 200000 جنيه تعويضًا عما أصابها من أضرار من جراء إخلالها ببنود عقد المقاولة مار الذكر، ومن ثم تقدمت بطلبي التحكيم، وتقدمت الشركة الطاعنة بدعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغ 1838480 جنيهًا قيمة غرامات التأخير المستحقة لها وفوائدها القانونية من تاريخ استحقاقها، ومبلغ 3000000 جنيه عما أصابها من أضرار، وبعد أن تم تشكيل هيئة التحكيم، قضت بتاريخ 15/3/2014 في الدعوتين الأصليتين بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبالغ مالية وفي الدعوتين الفرعيتين بإلزام الشركة الأخيرة بأداء مبالغ مالية للشركة الأولى، وإذ صدر حكم التحكيم باطلًا؛ لأن المحكم المعين عن الشركة المطعون ضدها "..." غير محايد ودعوى التحكيم الأصلية مقامة من غير ذي صفة، وقبـل الميعاد المقرر للمادتين 651، 653 من القانوني المدني، أقامت الطاعنة الدعوى، وبتاريخ 14/12/2014 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقـه؛ إذ إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لبطلان تشكيـل لجنة التحكيم، إذ إن المحكم المعين عن الشركة المطعون ضدها/ ... غير محايد؛ لكونه لم يفصح أنه قام بالتحكيم في دعوى أخرى ضد الشركة الطاعنة، إلا أنها رفضت الدفع ومضت في نظر دعوى البطلان، بما يعيب حكمها، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد؛ ذلك أن المقرر –في قضاء هذه المحكمة– أنه متى كانت نصوص القانون واضحة جلية المعنى فالبحث عن حكمة التشريـع ودواعيه لا يكون لها محل، وإنما يكون ذلك عند غموض النص أو وجود لبس فـيه، مما يكون معه القاضي مضطرًا في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه. وكان النص في المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المستبدلـة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 على أنه "1- يقدم طلب الرد كتابـةً إلى هيئـة التحكيم مبينًا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم الطلب، يُحال بغيـر رسوم إلى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون للفصـل فيه بحكم غير قابل للطعن. 2- لا يُقبل طلب الرد ممن سبق له تقديم طلب برد المحكم نفسه في ذات التحكيم. 3- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حُكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم، بما في ذلك حكم المحكمين، كأن لم يكن". وقد استهدف المشرع بهذا النص حماية نظام التحكيم الاختياري من شبهة الهوى لدى المحكمة أو رد شكوك الخصوم في حيادهم حتى يتساوى مع النظام القضائي المطبق بالنسبة لقضاة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، بحيث إذا ما استشعر الخصم بأنه لم يتحصل على حقه بالنظر إلى ريبته في المحكم مثله في ذلك مثل القاضي، وكانت له مبرراته أن يتقدم بطلب كتابـي خلال أجل محدد إلى هيئة التحكيم مبينًا فيه الأسباب التي كوَّن من خلالها عدم الاطمئنان إلى هذا المحكم، التي عليها إذا لم يتنح المحكم المطلوب رده – إحالة الطلب بغير رسوم إلى المحكمة المختصة وفقًا لما بينته المادة التاسعة من ذات القانون، دون أن يؤثر في أحقية الهيئة في استكمال إجراءات نظر التحكيم، ويكون على طالب الرد إذا ما أجيب إلى طلبه أن يستكمل إجراءات هذا الطلب أمام المحكمة سالفة الذكر وفقًا لما نظمته المواد من 148 حتى 165 من قانون المرافعات؛ باعتباره القانون العام في هذا المقام لإجراءات التقاضي، وذلك بالنظر إلى خلو مواد القانون رقم 27 لسنة 1994 من بيانٍ لها. لمَّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض دفع الشركة الطاعنة ببطلان حكم التحكيم لعدم حياد المحكم/ ... تأسيسًا على أنها تقدمت بطلب رد المحكم المعين من قِبل الشركة المطعون ضدها مار الذكر، وأن الأصل في المحكم حيدته، وأن طلب الرد سند النعي رفضته اللجنة الثلاثية المشكلة وفقًا لقواعد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، وكان ذلك مخالفًا لنص المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 المستبدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000؛ إذ كان يتعين على هيئة التحكيم إحالـة طلب رد المحكم إلى المحكمة المشار إليها في المادة 19 من ذات القانون بدون رسوم، وذلك من تلقاء نفسها إذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم طلب رده؛ إذ إنها المنوط بها إحالـة هذا الطلب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دفع الشركة الطاعنة المار ذكره، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه عن الموضوع فهو صالحٌ للفصـل فيه، ولِما تقدم يتعين القضاء ببطلان حكم المحكمين في الدعوتين التحكيميتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق