جلسة 16 من نوفمبر سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.
-------------------
(9)
القضية رقم 190 سنة 18 القضائية
(1) أحكام عرفية.
السلطة القائمة على إجرائها. التدابير التي أصدرتها هذه السلطة. الطعن فيها مباشرة أم من طريق المطالبة بتعويض. لا تسمع الدعوى به أمام المحاكم. أمر عسكري بالاستيلاء على بضائع للطاعنة ضبطت في إحدى جرائم التموين تمهيداً لبيعها للجمهور بالأسعار التي وضعتها لجنة تحديد الأسعار. عدم اقتصار هذا الأمر على الاستيلاء وتناوله أيضاً تحديد الأسعار كعنصر من عناصره. منازعة الطاعنة في تحديد الأسعار. الحكم بعدم قبول دعواها. لا خطأ في تطبيق القانون.
(المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 الصادر بتاريخ 4 من أكتوبر سنة 1145).
(2) الأسعار التي تضعها لجان التسعير وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1939. المعارضة في هذه الأسعار أمام المحاكم. غير مقبولة. بضائع للطاعنة ضبطت في جريمة تموين. تحديد سعرها بمعرفة لجنة التسعير وفقاً لأحكام المرسوم بقانون سالف الذكر. معارضة الطاعنة في هذه الأسعار. لا تقبل.
(المرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1939 وقرار وزير التجارة رقم 163 الصادر بتاريخ 6 من يونيه سنة 1943).
الوقائع
في يوم 5 من أكتوبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 19 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 154 س 3 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغائه وإعادة الدعوى إلى محكمة استئناف الإسكندرية لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 9 منه أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن.
وفي 25 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 6 من نوفمبر سنة 1948 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 23 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد.
وفي 11 من يوليه سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 26 من أكتوبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إنه بني على سبب واحد: حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن المحكمة اعتمدت في قضائها بعدم قبول دعوى الطاعنة على أن الاستيلاء على بضائعها التي ضبطت في قضية الجنحة العسكرية رقم 3017 بوليس العطارين سنة 1943 قد تم بناء على أمر عسكري رقم 3 أصدره محافظ الإسكندرية في 22 من إبريل سنة 1944، وعلى أن المرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 يمنع من سماع أية دعوى أمام المحاكم يكون الغرض منها الطعن في أي عمل أمرت به أو أجرته السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية - ووجه الخطأ فيما ذهب إليه الحكم هو أن هذا المرسوم بقانون لا يضفي حمايته إلا على الإجراءات التي تؤسس على القوانين والأوامر العسكرية دون الإجراءات التي تبنى على القوانين العادية - وأنه لما كان يبين من أوراق الدعوى أن هناك نوعين من الإجراءات التي اتخذت في شأن بضائع الطاعنة أحدهما خاص بإجراءات الاستيلاء عليها والآخر بإجراءات تسعيرها - وكان الحاكم العسكري قد استند في النوع الأول إلى قانون الأحكام العرفية وبعض الأوامر العسكرية، في حين أنه استند في النوع الثاني إلى المرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1939 والجدول الملحق به، وهو قانون عادي لم يصدر بناء على الأحكام العرفية، وكانت الطاعنة لم تقصد من دعواها المساس بذات أمر الاستيلاء أو إلغاءه أو استرداد البضائع المستولى عليها بموجبه، وإنما هدفت منها إلى المعارضة في الأسعار التي وضعت لها والتي لا تتناسب مع قيمتها الحقيقية - وكانت المطعون عليها لم تتمسك بحماية المرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 اكتفاء منها بطلب إخراجها من الدعوى بناء على أن عملها كان مقصوراً على تحرير محاضر ضبط البضائع وتخزينها - لما كان ذلك كان يتعين على المحكمة أن تفرق في قضائها بين هذين النوعين من الإجراءات، ولكنها أسبغت حماية المرسوم بقانون المذكور على النوع الثاني منها مع بعده كل البعد عن الأحكام العرفية والسلطة القائمة على إجرائها.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقيم على أنه "يؤخذ من مستندات المدعى عليهما (الأول محافظ الإسكندرية والثاني المطعون عليه) أن الاستيلاء على البضائع موضوع النزاع قد تم بناء على أمر عسكري أصدره الحاكم العسكري لمدينة الإسكندرية برقم 3 في 22/ 4/ 44 - وأن المرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945 الصادر في 4/ 10/ 45 بشأن عدم قبول الطعن في التدابير التي أصدرتها السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية قد قضى في مادته الأولى بألا تسمع أمام المحاكم أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي عمل أمرت به أو تولته تلك السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية سواء أكان هذا الطعن مباشرة أم من طريق المطالبة بتعويض - وأنه ينبغي لما تقدم القضاء بقبول الدفع (وهو الذي أدلى به محافظ الإسكندرية) وبعدم قبول الدعوى - وأنه لا محل بعدئذ للنظر فيما يطلبه المدعى عليه الثاني (المطعون عليه) من إخراجه من الدعوى بلا مصاريف".
ومن حيث إنه لما كان يبين من الأمر العسكري رقم 3 تخزين الذي أصدره محافظ الإسكندرية بوصفه الحاكم العسكري لمنطقتها في 22 من إبريل سنة 1944، أنه نص فيه على أنه "يصير الاستيلاء فوراً على البضائع المضبوطة في القضية 3017 بوليس العطارين ضد مقصود وقريصاتي من قضايا التخزين والحبس عن التداول التي ضبطت بمدينة الإسكندرية تمهيداً لبيعها للجمهور بالأسعار التي وضعتها لجنة تحديد أسعار هذه البضائع بمحافظة الإسكندرية ووافق عليها وزير التجارة "وكان مقتضى هذا النص أن الأمر المذكور لم يكن منصباً فقط على الاستيلاء على بضائع الطاعنة بل تناول أيضاً تحديد الأسعار التي تباع بها؛ وهي الأسعار التي وضعتها لها لجنة التسعير، مما يفيد أن الحاكم العسكري قد اعتمد هذه السعار وجعلها عنصراً من عناصر أمره الذي أصدره عملاً بالسلطة المخولة له بمقتضى الأحكام العرفية - لما كان ذلك كان الطعن في جميع ما احتواه هذا الأمر أمام المحاكم بطريق مباشر أو غير مباشر غير جائز طبقاً للمرسوم بقانون رقم 114 لسنة 1945، وذلك سواء أكان هذا الطعن موجهاً إلى أمر الاستيلاء أم كان مقصوراً على الأسعار التي حددت فيه للبضائع المستولى عليها.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإنه لما كان مسلماً من طرفي الطعن أن هذه الأسعار قد وضعتها لجنة التسعيرة بمحافظة الإسكندرية وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1939 الخاص بتحديد أقصى الأسعار للأصناف الغذائية ومواد الحاجيات الأولية المبينة بالجدول الملحق به وقد أضاف إليه وزير التجارة بموجب قراره رقم 163 - الصادر في 6 من يونيو سنة 1943 "جميع المواد والأصناف التي تضبط في جريمة من جرائم التموين ولا يشملها للآن التسعير الجبري" - وكانت الأسعار التي تضعها لجان التسعير ملزمة للكافة، وفي مخالفتها جريمة، وليس في نصوص هذا المرسوم بقانون ما يجيز المعارضة فيها أمام المحاكم، ولو أنه قد وكل إلى لجنة عليا سلطة النظر في الشكاوى التي تقدم عن جداول الأسعار التي تضعها هذه اللجان - لما كان ذلك كانت دعوى الطاعنة، وقد رفعتها على اعتبار أنها معارضة في الأسعار التي وضعتها لجنة التسعير بمحافظة الإسكندرية لبضائعها التي ضبطت في جريمة من جرائم التموين، غير مقبولة من هذه الناحية أيضاً.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن ما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبول دعوى الطاعنة صحيح قانوناً، ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق