الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعن 993 لسنة 14 ق جلسة 19 / 2 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 36 ص 223

جلسة 19 من فبراير سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وأحمد علي حسن العتيق وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

-----------------

(36)

القضية رقم 993 لسنة 14 القضائية

(أ) محاماة "معاش".
القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم - اشتراطه لترتيب معاش تقاعد للمحامي شروطاً من بينها أن يكون 1 - اسمه مقيداً بجدول المحامين. 2 - وأن يكون قد باشر بالفعل مهنة المحاماة - قيام أحد هذين الشرطين لا يغني عن الشروط الأخرى ولا يدل على توافره - بيان ذلك.
(ب) محاماة "معاش".
المحامي الذي يستحق معاشاً طبقاً لأحكام قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 هو المحامي الذي يباشر المحاماة باعتبارها مهنة حرة - لا يعتبر كذلك من يقوم بأعمال المحاماة باعتبارها وظيفة - خضوع معاش التقاعد بسبب العجز لأحكام المعاشات التقاعد بصفة عامة - أساس ذلك ومثال.

-----------------
1 - إن قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 96 لسنة 1957 قد اشترط في مادته الأولى فيمن يشتغل بالمحاماة أمام المحاكم أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين، بينما اشترطت المادة 95 منه بالنسبة لترتيب معاش تقاعد للمحامي شروطاً عامة أوجبت توافرها من بينها ( أ ) أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين (ب) أن يكون قد باشر بالفعل مهنة المحاماة ويجوز أن تكون هذه المدة مستمرة بدون انقطاع أو مكونة من مدد اشتغال بالمحاماة اشتغالاً فعلياً. ومؤدى هذه النصوص أن القانون تطلب فيما تطلبه لترتيب معاش التقاعد للمحامي توافر شرطين هما أن يكون المحامي مقيداً بجدول المحامين وأن يكون قد باشر بالفعل مهنة المحاماة واشتغل بها اشتغالاً فعلياً، ومن ثم فإن قيام أحد هذين الشرطين لا يغني عن الشرط الآخر ولا يدل على توافره، ذلك أن القيد بجدول المحامين لا يفيد بذاته الاشتغال بمهنة المحاماة اشتغالا فعلياً والعكس صحيح. وعلى ذلك فإن مجرد قيد اسم المدعي بجدول المحامين في الفترة المتنازع عليها لا تكفي في الدلالة على أنه كان يباشر فعلاً مهنة المحاماة الواجب توافرها لترتيب معاش التقاعد.
2 - إن المحامي الذي عناه المشرع في القانون رقم 96 لسنة 1957 المشار إليه هو الذي يباشر المحاماة باعتبارها مهنة حرة، فقد ناط القانون بنقابة المحامين باعتبارها من نقابات المهن الحرة رعاية شئون المحامين والسعي لإلحاق راغبي التمرين بمكاتب المحامين ومراقبة سير المحامين والوساطة بين المحامين وموكليهم وبين المحامين أنفسهم وتأديبهم وتقدير أتعابهم عند الخلاف بشأنها وما إلى ذلك، ولم يتطرق القانون إلى تنظيم شئون العاملين الذين خولهم في المادة 26 منه حق المرافعة أمام المحاكم عن الجهات التي تربطهم بها علاقة وظيفية ومن بينهم العاملون بالبنك العقاري الزراعي المصري باعتباره من المؤسسات العامة المنصوص عليها في هذه المادة، وقد كان الأمر كذلك أيضاً في ظل قوانين المحاماة السابقة. وبهذه المثابة تكون هذه القوانين قد قصدت بلا أدنى شك المحامين الذين يباشرون مهنة المحاماة الحرة ويقومون بالتزاماتها كاملة وبخاصة في حضور قضايا الانتداب ودعم رأس مال صندوق المعاشات والإعانات بما يؤدونه لمجلس النقابة من مبالغ معينة عن طلبات تقدير الأتعاب، وهو ما لا يتوافر بالنسبة للعاملين المنوط بهم وفقاً لحكم المادة 26 سالفة الذكر المرافعة عن الجهات التي يعملون بها أمام المحاكم، والذين يخضعون كأصل عام في شئون تعيينهم وتحديد مرتباتهم ومراقبة سير أعمالهم وتأديبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وغير ذلك لأحكام نظمهم الوظيفية وبالإضافة إلى ما تقدم فقد نصت المادة 30 من قانون المحاماة سالف الذكر، كما نصت القوانين السابقة، على أن من يتخذ كل محام مكتباً له في دائرة المحكمة التي يشتغل أمامها، وهو ما لا يتأتى إلا بالنسبة للمحامين الذين يباشرون المحاماة الحرة، أما المحامين ذوي المكاتب على حد تعبير القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة القائم، دون العاملين الذين يقومون بأعمال المحاماة باعتبارها وظيفة.
3 - لا حجة فيما أثاره المدعي من أن المادة 96 من القانون رقم 96 لسنة 1957 سالف الذكر لم تشترط المباشرة الفعلية لمهنة المحاماة بالنسبة لتقرير حق المحامي في معاش التقاعد بسبب العجز عن العمل إذا قضى خمس عشرة سنة كما هو الشأن بالنسبة لما نصت عليه المادة 95 المذكورة وهي بصدد تقرير معاش التقاعد المستحق لمن قضى ثلاثين سنة، لا حجة في ذلك لأن هذا الشرط من الشروط العامة التي تضمنتها المادة 95 على ما سلف بيانه، وعلى أساسها يتحدد مدلول المحامي في حكم ترتيب معاشات التقاعد بصفة عامة، ولم ينطو القانون صراحة أو ضمناً على ما يفيد الخروج على وجوب توافر هذا الشرط بالنسبة لمعاش التقاعد المقرر في المادة 96 المشار إليها.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 1914 لسنة 20 القضائية ضد السيد نقيب المحامين بصفته، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من يوليه سنة 1966، طلب فيها "الحكم بإلغاء القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين في 20 من يوليه سنة 1966 واعتباره كأن لم يكن والقضاء له بحقه في المعاش عن المدة من 16 من أغسطس سنة 1925 إلى 26 من يونيه سنة 1940 مضافاً إليها المدة من 13 من يناير سنة 1963 إلى الآن. مع إلزام المدعى عليه بصفته بالمصاريف والأتعاب". وقال بياناً لدعواه أنه تقدم إلى لجنة صندوق معاشات المحامين في 20 من مايو سنة 1965 طالباً ترتيب معاش له بسبب عجزه عن العمل وذلك عن مدة عمله بالمحاماة من 16 من أغسطس سنة 1925 تاريخ قيده بجدول المحامين حتى 26 من يونيه سنة 1940 بتاريخ نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين والمدة من 13 من يناير سنة 1963 تاريخ إعادة قيد اسمه بجدول المحامين إلى تاريخ تقدمه بطلب الإحالة إلى المعاش بسبب العجز. وفي 15 من يونيه سنة 1965 رفضت لجنة صندوق المعاشات طلبه تأسيساً على أن مدة اشتغاله بالمحاماة تقل عن خمس عشرة سنة مستندة في ذلك إلى القرار الذي أصدرته لجنة قبول المحامين بمحكمة الاستئناف في 17 من يونيه سنة 1953 بناء على طلب النقابة بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين اعتباراً من سنة 1933، فتظلم من قرار لجنة صندوق المعاشات إلى مجلس النقابة الذي قرر وقف الفصل في التظلم حتى يفصل من الجهة المختصة في القرار الصادر في 17 من يونيه سنة 1953 المشار إليه، وأحيل التظلم إلى لجنة القبول بمحكمة الاستئناف التي قررت بجلستها المعقودة في 16 من مارس سنة 1966 اعتبار القرار المذكور كأن لم يكن. وبناء على ذلك قرر مجلس النقابة قبول التظلم وإحالته إلى لجنة الصندوق للنظر في طلب المعاش في ضوء قرار لجنة القبول بمحكمة الاستئناف الصادر في 16 من مارس سنة 1966 المشار إليه. ورغماً عن ذلك فقد أنكرت لجنة الصندوق حقه في المعاش وأسست قرارها على الآتي:
1 - أنه كان يعمل موظفاً محامياً في البنك العقاري الزراعي المصري في الفترة من 25 من يونيه سنة 1933 إلى 26 من يونيه سنة 1940 وليس في ملفه ما يدل على أن عمله كان يبيح له حق الاشتغال بالمحاماة الحرة.
2 - أن صدور قرار من لجنة قبول المحامين لا يؤثر على اعتبار أن هذه المدة كان فيها موظفاً محامياً في البنك.
3 - أنه لا يصح له الجمع بين الوظيفة والمحاماة. فطعن في هذا القرار أمام مجلس النقابة الذي قرر بجلسة 2 من يونيه سنة 1966 رفض التظلم، فأقام دعواه ناعياً على هذا القرار مخالفة القانون واستند في ذلك - على ما تضمنته عريضة دعواه ومذكراته - إلى الأسباب الآتية:
1 - أن قرار مجلس النقابة قد جانبه الصواب إذ اشترط لاستحقاق المعاش أن يباشر المحامي المحاماة فعلاً مع أن الفقرة الثانية من المادة 96 من قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 96 لسنة 1957 لم تشترط إلا أن يكون المحامي قد قضى خمسة عشر عاماً.
2 - أن مجلس النقابة قد أخطأ إذ اشترط لاستحقاق المعاش أن يكون للمحامي مكتب يباشر فيه أعمال مهنته لمخالفة ذلك نص قانون المحاماة.
3 - أن قرار مجلس النقابة قد أخطأ فيما ذهب إليه من أن حق الجمع بين المحاماة وبين الوظيفة محظور إلا على أساتذة الحقوق مع أن نص المادة 19 من قانون المحاماة المذكور صريح في عدم سريان هذا الحظر على من يجمع وقت صدوره بين المحاماة والوظيفة.
وعقبت نقابة المحامين على هذه الدعوى بمذكرة ضمنتها أن استحقاق معاش التقاعد وفقاً لحكم المادة 95 من القانون رقم 96 لسنة 1957 السالف الذكر مشروط بثبوت الاشتغال الفعلي بمهنة المحاماة أمام المحاكم والقيام بجميع الالتزامات النقابية ومن ثم لا يكفي أن يكون اسم المحامي مقيداً بجدول المحامين المشتغلين. ولما كان الأمر كذلك وكان لا يوجد ما يدل على أن عمل المدعي بالبنك كان يبيح له حق الاشتغال بالمحاماة الحرة، فإنه يعتبر موظفاً بالبنك، ولا يجوز له الجمع بين المحاماة والوظيفة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المشار إليه، وبالتالي فإن مدة اشتغاله بالمحاماة الحرة اشتغالاً فعلياً، بعد استبعاد مدة عمله في البنك من يونيه سنة 1933 إلى يونيه سنة 1940، لا تعطيه الحق في معاش التقاعد - حتى في حالة ثبوت عجزه عن العمل - لأن هذه المدة تقل عن خمس عشرة سنة، ويكون قرار مجلس النقابة المطعون فيه برفض طلبه والأمر كذلك سليماً في القانون بما يتعين معه رفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه بجلسة 9 من إبريل سنة 1968 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن استحقاق معاش المحاماة المقرر بقوانينها لا يكون إلا عن مدد قيام طالب المعاش فعلاً بمباشرة أعمال المحاماة كمهنة، ومن غير المعقول أن ينظم قانون المحاماة الحرة معاشاً لمن يباشر أعمال المحاماة كوظيفة حتى ولو كان عمل الوظيفة هو تأدية أعمال المحاماة. ولما كان المدعي لم يباشر أعمال المحاماة كمهنة حرة في المدة من يونيه سنة 1933 إلى يونيه سنة 1940 وهي المدة التي كان موظفاً طوالها بالبنك العقاري الزراعي المصري، فإنه لا يجوز اعتباره وهو غير مستمتع باستثناء حظر الجمع بين المهنة والوظيفة، أنه باشر أعمال المحاماة كمهنة حرة طوال هذه الفترة في خصوص استحقاق معاش المحاماة. وبالتالي فإنه لا يجوز احتساب هذه المدة ضمن مدد اشتغاله فعلاً بمهنة المحاماة الحرة. وبإسقاط هذه المدة لا يكون المدعي قد اكتملت له وقت تقديمه طلب المعاش المدة اللازمة قانوناً لاستحقاقه هذا المعاش، ومن ثم يتعين رفض دعواه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية:
1 - أن الحكم المطعون فيه قد أهدر حق المدعي الذي اكتسبه بقرار لجنة القبول بمحكمة الاستئناف الصادر في 26 من يونيه سنة 1940 والمؤيد بقرارها الصادر في 16 من مارس سنة 1966 باعتبار أنه قد أدرج اسمه في جدول المحامين أمام المحاكم الأهلية بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1925 وقبل بالمحاكم الاستئنافية تم نقل إلى جدول المحامين غير المشتغلين بتاريخ 26 من يونيه سنة 1940 ومن ثم ما كان يصح إسقاط المدة من يونيه سنة 1933 إلى يونيه سنة 1940 من سني عمله بالمحاماة.
2 - أن الحكم أخطأ في تفسير معنى حظر الجمع بين الوظيفة والمحاماة في تطبيق القانون رقم 96 لسنة 1957 المشار إليه، ذلك أن هذا الحظر لا يسري على ما كان يجمع بينهما وقت العمل بهذا القانون، وهو لم يكن يجمع بين الوظيفة وبين المحاماة التي كان يباشرها عن البنك لأن وعاء العمل كان واحداً وهو باندماجه ينتفي معه وصف الجمع وبخاصة أن البنك لم يكن مخولاً له حق الدفاع عن نفسه إلا بواسطة محامين مشتغلين.
3 - أن القانون رقم 26 لسنة 1912 قد حظر الجمع بين المحاماة وبين التوظف بإحدى المصالح الحكومية كما حرم القانون رقم 135 لسنة 1939 الجمع بين المحاماة والتوظف في إحدى الجمعيات أو الشركات أو الأفراد، وبناء على ذلك فإن البنك العقاري باعتباره مؤسسة عامة لا يسري في شأنه الحظر المشار إليه، وكان يتعين في ظل هذين القانونين أن يكون للمؤسسة العامة محام مستوف شروط المحاماة كمهنة ليصح له الدفاع عنها وتمثيلها أمام درجات التقاضي، وبالتالي ما كان يجوز وضع هؤلاء المحامين في طائفة المحامين الموظفين.
4 - أن ما ذهبت إليه المحكمة من التفرقة بين مباشرة أعمال المحاماة كمهنة وبين مباشرة أعمال المحاماة كوظيفة وما رتبته على ذلك من أنه خلال مدة عمله في البنك كان يباشر أعمال المحاماة كوظيفة ولا يعقل أن يستحق عنها معاشاً من نقابة المحامين، مردود عليه بأن قانون المحاماة يرتب معاشات لكل من ينطبق عليه النص ولا يسقط هذا الحق إلا بنص صريح.
ومن حيث إن الثابت من استقراء الأوراق أن المدعي أدرج اسمه بجدول المحامين أمام المحاكم الوطنية في 16 من أغسطس سنة 1925 وقبل أمام المحاكم الاستثنائية مع نقله إلى جدول المحامين غير المشتغلين بتاريخ 26 من يونيه سنة 1940، وبتاريخ 14 من يناير سنة 1963 قررت لجنة قبول المحامين إعادة اسمه إلى جدول المحامين المشتغلين بالمحاماة. وفي 20 من مايو سنة 1965 تقدم المدعي إلى نقابة المحامين بطلب ضمنه أنه أصيب بكسر في ساقه اليمنى أعجزه عن العمل، وطالب بإحالته إلى المعاش وبتقرير معاش له بالتطبيق لأحكام قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 96 لسنة 1957، تأسيساً على أن مدة اشتغاله بالمحاماة تزيد على خمس عشرة سنة باعتبار أن اسمه قيد بجدول المحامين في 16 من أغسطس سنة 1925 ونقل إلى جدول غير المشتغلين في 26 يونيه سنة 1940 ثم أعيد إلى جدول المشتغلين في 13 من يناير سنة 1963 واستمر مشتغلاً بالمحاماة حتى 31 من مايو سنة 1965، وإزاء الثابت بالأوراق من أن المدعي كان قد التحق ببنك التسليف العقاري الزراعي المصري محامياً لقسم القضايا في يونيه سنة 1933 واستمر كذلك إلى ما بعد نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين في 26 من يونيه سنة 1940، فقد قرر مجلس نقابة المحامين رفض طلبه استناداً إلى أن مدة عمله في البنك المذكور باعتباره موظفاً به لا يجوز ضمها إلى المدة الجائز احتسابها في معاش تقاعد المحامين المشروط فيها أن تكون اشتغالاً فعلياً بالمحاماة، وأنه باستبعاد هذه المدة يسقط شرط قضاء مدة الخمس عشرة سنة اللازمة لاستحقاق معاش التقاعد بسبب العجز عن العمل، وذلك بفرض ثبوت هذا العجز.
ومن حيث إن مثار المنازعة والأمر كذلك يتحدد في مدى اعتبار مدة عمل المدعي محامياً موظفاً بقسم قضايا البنك العقاري الزراعي المصري، من يونيه سنة 1933 إلى يونيه سنة 1940، اشتغالاً فعلياً بمهنة المحاماة في حكم القواعد الخاصة بترتيب معاشات التقاعد والإعانات المنصوص عليها في الباب الثامن من القانون رقم 96 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم، فإذا اعتبرت كذلك استكمل بها مدة الخمس عشرة سنة اللازمة كحد أدنى لترتيب معاش تقاعد المحامين بسبب العجز طبقاً لحكم المادتين 95، 96 من قانون المحاماة آنف الذكر، وإلا فقد تخلف في شأنه شرط قضاء هذه المدة محسوبة إلى تاريخ تقدمه بطلب الإحالة إلى المعاش بسبب العجز عن العمل.
ومن حيث إن المدعي وقد أعلن في 20 من مايو سنة 1965 عجزه عن العمل في المحاماة وطلب لهذا السبب إحالته إلى المعاش مع ترتيب معاش تقاعد له، فإن أحكام قانون المحاماة الصادر بها القانون رقم 96 لسنة 1957 تكون هي الواجبة التطبيق وعلى مقتضاها تتحدد حقوق المدعي في معاش التقاعد. ولا يجوز من ثم الرجوع في هذا الصدد إلى قوانين المحاماة السابقة التي ألغيت من العمل بصريح نص المادة 111 من القانون رقم 98 لسنة 1944 الخاص بالمحاماة أمام المحاكم الوطنية، ثم استبدل بهذا القانون، القانون رقم 96 لسنة 1957 طبقاً لحكم المادة الأولى من قانون إصداره. ولما كان المدعي لم يكتسب ثمة حقاً في معاشه وفقاً لأحكام القوانين الملغاة، فإن الاستناد إلى أحكام هذه القوانين في شأن طلب تقرير معاش تقاعد له لا يجد له أساساً من قانون، ولا يجدي من ثم الخوض في مناقشة أحكام هذه القوانين الملغاة.
ومن حيث إن الثابت من استقراء أحكام قانون المحاماة الصادر به القانون رقم 96 لسنة 1957 المشار إليه أنه:
قد اشترط في مادته الأولى فيمن يشتغل بالمحاماة أمام المحاكم أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين، بينما اشترطت المادة 95 منه بالنسبة لترتيب معاش تقاعد للمحامي شروطاً عامة أوجبت توافرها من بينها - 1 - أن يكون اسمه مقيداً بجدول المحامين - 2 - أن يكون قد باشر بالفعل مهنة المحاماة ويجوز أن تكون هذه المدة مستمرة بدون انقطاع أو مكونة من مدد اشتغال بالمحاماة اشتغالاً فعلياً. ومؤدى هذه النصوص أن القانون تطلب فيما تطلبه لترتيب معاش التقاعد للمحامي توافر شرطين هما أن يكون المحامي مقيداً بجدول المحامين وأن يكون قد باشر بالفعل مهنة المحاماة واشتغل بها اشتغالاً فعلياً، ومن ثم فإن قيام أحد هذين الشرطين لا يغني عن الشرط الآخر ولا يدل على توافره، ذلك أن القيد بجدول المحامين لا يفيد بذاته الاشتغال بمهنة المحاماة اشتغالاً فعلياً والعكس صحيح. وعلى ذلك فإن مجرد قيد اسم المدعي بجدول المحامين في الفترة المتنازع عليها لا تكفي في الدلالة على أنه كان يباشر فعلاً مهنة المحاماة الواجب توافرها لترتيب معاش التقاعد.
ومن حيث إن المحامي الذي عناه المشرع في القانون رقم 96 لسنة 1957 المشار إليه هو الذي يباشر المحاماة باعتبارها مهنة حرة، فقد ناط القانون بنقابة المحامين باعتبارها من نقابات المهن الحرة رعاية شئون المحامين والسعي لإلحاق راغبي التمرين بمكاتب المحامين ومراقبة سير المحامين والوساطة بين المحامين وموكليهم وبين المحامين أنفسهم وتأديبهم وتقرير أتعابهم عند الخلاف بشأنها وما إلى ذلك، ولم يتطرق القانون إلى تنظيم شئون العاملين الذين خولهم في المادة 26 منه حق المرافعة أمام المحاكم عن الجهات التي تربطهم بها علاقة وظيفية ومن بينهم العاملون بالبنك العقاري الزراعي المصري باعتباره من المؤسسات العامة المنصوص عليها في هذه المادة، وقد كان الأمر كذلك أيضاً في ظل قوانين المحاماة السابقة. وبهذه المثابة تكون هذه القوانين قد قصدت بلا أدنى شك المحامين الذين يباشرون مهنة المحاماة الحرة ويقومون بالتزاماتها كاملة وبخاصة في حضور قضايا الانتداب ودعم رأس مال صندوق المعاشات والإعانات بما يؤدونه لمجلس النقابة من مبالغ معينة عن طلبات تقدير الأتعاب، وهو ما لا يتوافر بالنسبة للعاملين المنوط بهم وفقاً لحكم المادة 26 سالفة الذكر المرافعة عن الجهات التي يعملون بها أمام المحاكم، والذين يخضعون كأصل عام في شئون تعيينهم وتحديد مرتباتهم ومراقبة سير أعمالهم وتأديبهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وغير ذلك لأحكام نظمهم الوظيفية وبالإضافة إلى ما تقدم فقد نصت المادة 30 من قانون المحاماة سالف الذكر، كما نصت القوانين السابقة، على أن يتخذ كل محام مكتباً له في دائرة المحكمة التي يشتغل أمامها، وهو ما لا يتأتى إلا بالنسبة للمحامين الذين يباشرون المحاماة الحرة، أي المحامين ذوي المكاتب على حد تعبير القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة القائم، دون العاملين الذين يقومون بأعمال المحاماة باعتبارها وظيفة.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك وكان الثابت أن المدعي خلال الفترة من يونيه سنة 1933 إلى يونيه سنة 1940 كان موظفاً بقسم قضايا البنك العقاري الزراعي المصري ويقوم بالمرافعة عنه أمام محاكم العاصمة، واقتصر نشاطه طوال هذه الفترة على عمله الوظيفي المذكور، ولم يباشر مهنة المحاماة الحرة، ومن ثم فلم يقم بالتزاماتها كاملة، فيكون بذلك قد تخلف في شأنه بالنسبة لهذه الفترة شرط الاشتغال الفعلي بمهنة المحاماة الحرة كشرط أساسي لترتيب معاش تقاعد المحامين، ويتعين من ثم استبعاد هذه الفترة عند حساب هذا المعاش. ومن شأن إسقاط هذه الفترة أن لا تكتمل للمدعي مدة الخمس عشرة سنة الواجب توافرها كحد أدنى لاستحقاق معاش التقاعد بسبب العجز عن العمل في المحاماة، محسوبة إلى تاريخ إعلان المدعي عجزه عن العمل.
ومن حيث إنه لا حجة فيما آثاره المدعي من أن المادة 96 من القانون رقم 96 لسنة 1957 سالف الذكر لم تشترط المباشرة الفعلية لمهنة المحاماة بالنسبة لتقرير حق المحامي في معاش التقاعد بسبب العجز عن العمل إذا قضى خمس عشرة سنة كما هو الشأن بالنسبة لما نصت عليه المادة 95 المذكورة وهي بصدد تقرير معاش التقاعد المستحق لمن قضى ثلاثين سنة، لا حجة في ذلك لأن هذا الشرط من الشروط العامة التي تضمنتها المادة 95 على ما سلف بيانه، وعلى أساسها يتحدد مدلول المحامي في حكم ترتيب معاشات التقاعد بصفة عامة، ولو ينطو القانون صراحة أو ضمناً على ما يفيد الخروج على وجوب توافر هذا الشرط بالنسبة لمعاش التقاعد المقرر في المادة 96 المشار إليها.
أما ما ساقه المدعي في دفاعه من أنه كان له مكتب خلال فترة عمله الوظيفي بالبنك المذكور فلا غناء فيه، ذلك أن شرط الاشتغال الفعلي بمهنة المحاماة لا يتحقق بمجرد الوجود المادي لهذا المكتب، وإنما بمباشرة مهنة المحاماة الحرة فيه وهو ما لم يقل به المدعي، بل أن مفاد دفاعه أنه لم يباشرها طوال فترة عمله بالبنك وأن نشاطه كان مقصوراً على عمله الوظيفي في البنك.
ومن حيث إن ما ارتكن إليه المدعي من أن وعاء عمله الوظيفي في البنك كان مباشرة المحاماة عنه ومندمجاً فيها في وقت كان البنك فيه غير مخول له حق الدفاع عن نفسه إلا بواسطة محامين مشتغلين، فهذا القول بالنسبة إلى ما تضمنه من أنه لم يجمع بين عمله الوظيفي في البنك وبين مهنة المحاماة الحرة ينطوي على إسقاط كل حجة له فيما آثاره من طلب الإفادة بحكم المادة 19 من قانون المحاماة فيما قضت به عن عدم سريان حظر الجمع بين المحاماة وبين الوظيفة على ما كان يجمع وقت صدور هذا القانون بين المحاماة وبين الوظيفة. أما ما ارتكن إليه من أن وعاء عمله في البنك كان مباشرة المحاماة عنه على التفصيل الذي أورده فإنه لا يستقيم في مقام الاستدلال على أن عمله في البنك كان اشتغالاً فعلياً - بالمحاماة الحرة وهو شرط ترتيب معاش التقاعد على ما سلف بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب تكون الفترة التي قضاها المدعي في المحاماة الحرة بعد استبعاد فترة عمله بالبنك العقاري الزراعي المصري لا يكتمل بهذا النصاب المحدد قانوناً لاستحقاق معاش تقاعد المحامين بسبب العجز عن العمل وهو خمس عشرة سنة، ويكون قرار مجلس نقابة المحامين المطعون فيه إذ قضى برفض طلبه لهذا السبب يكون قد صادف الصواب في الواقع والقانون، ويكون الحكم المطعون إذ قضى برفض دعوى المدعي في هذا الشأن صحيحاً ومنفقاً وحكم القانون، ويتعين من ثم الحكم برفض الطعن وبإلزام المدعي المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بمصروفات طعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق