جلسة 3 من ديسمبر سنة 1959
برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.
------------------
(110)
الطعن رقم 111 لسنة 25 القضائية
(أ، ب) رسم الدمغة. ضرائب "الضرائب غير المباشرة" "ضريبة الدمغة". "رسوم الدمغة النوعية" "استهلاك الكهرباء والغاز". "عبء الرسم".
(1) في المعاملات الخاصة: يتحمله المستهلك.
(2) في التعامل مع الحكومة: يتحمله المتعامل معها المورد للكهرباء أو الغاز الذي تستهلكه. م 14 ق 11/ 41 معدلة للق 44/ 39 والجدول رقم 5 فقرة 10 مكرراً و10 ثالثاً والأحكام المضافة في ذيل الق 11/ 41.
ما يعتبر تعاملاً.
انطواء توريد الشركة للكهرباء والغاز واستهلاك الحكومة لهما في كل مرة على تعامل بينهما يندرج تحت نص الم 14 ق 11/ 41 وخضوعه لحكمها.
(جـ) تقادم "التقادم المسقط" "حساب المدة". رسم الدمغة "سقوط حق الخزانة في المطالبة بها". قانون "تطبيق القانون في الزمان".
حساب التقادم فيما قبل القانون المدني الجديد بالتقويم الهجري ما لم ينص على خلاف ذلك.
سقوط حق الخزانة في المطالبة برسوم الدمغة والتعويض المدني بخمس سنوات هجرية لعدم ذكر الم 24 ق 44/ 39 أنها ميلادية.
سقوط الحق في المطالبة بالرسوم المستحقة عن مدة سابقة على العمل بالقانون المدني الجديد بخمس سنوات هجرية.
(د) تقادم "التقادم المسقط" "في الضرائب والرسوم".
مبناه.
عدم قيامه على قرينة الوفاء وإنما على عدم إرهاق المدين بتراكم الديون عليه.
أثر ذلك.
جواز التمسك به رغم المنازعة في الالتزام والامتناع عن الدفع.
(هـ) تقادم "قطع التقادم".
"التنبيه":
اعتبار التنبيه على يد محضر قاطعاً للتقادم في القانون المدني الملغي.
تقادم "التقادم المسقط" "في الضرائب والرسوم". قانون "تطبيق القانون في الزمان" "عدم رجعية القوانين".
"انقطاعه".
التنبيه الذي يسبق المطالبة بأداء رسم الدمغة لا يكفي فيه أن يكون بخطاب عادي بطريق البريد. الأمر العالي سنة 1880 المعدل سنة 1885، الم 25 ق 44/ 39.
جواز انقطاع المطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه مع علم وصول. الم 23 ق 224/ 1951.
نص الم 23 ق/ 224/ 51 مستحدث فلا يسري على الوقائع السابقة عليه.
(و) حكم "عيوب التدليل" "التناقض بين الأسباب وبعضها الآخر" "ما لا يعد كذلك".
تقرير الحكم إلزام المستهلك ذاته برسم الدمغة نتيجة لاستعماله التيار الكهربائي إذا كان المستهلك خلاف الحكومة في غير نطاق الم 14 ق 44/ 39 لا يتناقض مع تقريره أن استهلاك الحكومة للكهرباء وإن كان قد حصل بمعرفتها إلا أن المتعامل معها بدونها هو الذي يتحمل الرسم إعمالاً للم 14. لكل مجال.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أنه قام خلاف بين مصلحة الضرائب وشركة الإضاءة والتسخين بالغاز (ليبون وشركاه) حول التزام هذه الشركة برسم التمغة على استهلاك الكهرباء والغاز الموردين منها لمصالح الحكومة تطبيقاً للقانون رقم 44 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941، إذ ترى المصلحة أن الشركة ملزمة بهذا الرسم، وترى الشركة العكس، وقد تطور هذا الخلاف إلى أن الشركة المذكورة رفعت الدعوى رقم 2054 سنة 1949 تجاري ضرائب القاهرة ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم باعتبار المادة 14 من قانون الدمغة رقم 44 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941 غير واجبة التطبيق على توريد الغاز والكهرباء لمصالح الحكومة، وإلزام وزارة المالية برد مبلغ 11568 جنيهاً و760 مليماً وهو قيمة رسوم الدمغة التي دفعتها الشركة لمصلحة الضرائب عن استهلاك المصالح المذكورة وذلك مع الفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام الوفاء والمصاريف والأتعاب. كما رفعت الشركة ضد نفس المصلحة دعوى أخرى رقم 2119 سنة 49 تجاري ضرائب القاهرة بطلب الحكم أصلياً برد مبلغ 56561 جنيهاً و282 مليماً مع الفوائد من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام الوفاء والمصاريف واحتياطياً الحكم قبل تحديد المبالغ الواجب ردها (وهي كلها رسوم دمغة دفعتها الشركة إلى المصلحة عن استهلاكات للتيار الكهربائي والغاز اعتباراً من 3/ 4/ 1941) أولاً - بأن مدة التقادم لسقوط حق الدولة في اقتضاء الرسوم المتنازع عليها هي ثلاث سنوات ميلادية وأن هذا التقادم لا يقطع إلا من تاريخ المطالبة أمام القضاء. ثانياً - إن استهلاك الغاز والكهرباء بواسطة منشئات ومكاتب الشركة لا تخضع لرسم الدمغة. ثالثاً - إن التيار الكهربائي الذي تستهلكه الإدارات الحكومية للتدفئة والمراوح لا يخضع للرسم المذكور. رابعاً - إن التيار الكهربائي المستهلك مجاناً لإنارة ميدان عابدين لا يخضع للرسم المذكور. وعلى أساس القواعد الأربعة المتقدمة طلبت الشركة في هذه الدعوى الثانية حساب وتحديد المبالغ التي تلتزم المصلحة بردها إليها مع إلزام المصلحة بالرد مع الفوائد والمصاريف. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1950 حكمت المحكمة بضم الدعويين وأصدرت فيهما حكماً واحداً قضى. أولاً - باعتبار المادة 14 والفقرات "10 مكرر و10 ثالثاً" من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون رقم 44 لسنة 39 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1941 الخاص برسوم الدمغة واجبة التطبيق على جميع ما تستهلكه المصالح والهيئات الحكومية أياً كانت من تيار كهربائي أو غاز، سواء في ذلك للتنوير أو للأغراض المنزلية فيما عدا حالة توريد التيار الكهربائي مجاناً، وبذلك تستبعد من الاستهلاكات الحكومية الخاضعة لرسم الدمغة الاستهلاكات الخاصة بإنارة ميدان عابدين. ثانياً - بأن النصوص القانونية المشار إليها تحت (أولاً) لا تنطبق على الاستهلاك الكهربائي أو الغازي الذي تجريه الشركة في مكاتبها أو مصانعها أو الطرق الخاصة المؤدية إليها، وبذلك تستبعد تلك الاستهلاكات ولا تخضع لرسم الدمغة. ثالثاً - بأن حق الحكومة في المطالبة برسوم الدمغة يسقط وفقاً للمادة 24 من القانون رقم 44 لسنة 1939 بمضي خمس سنوات هجرية من تاريخ استعمال الورقة محل الرسم، وهذا التاريخ في واقعة الدعوى الحالية هو تاريخ تقديم كشوف الاستهلاكات الحكومية من الغاز والكهرباء من الشركة المدعية إلى مختلف المصالح الحكومية للمطالبة بمقابل هذه الاستهلاكات وأن هذا التقادم المسقط لم ينقطع بالنسبة لمصلحة الضرائب إلا من تاريخ 23/ 10/ 1948. وندبت المحكمة بمقتضى هذا الحكم خبيراً حسابياً بمكتب الخبراء الحكومي لتسوية حساب رسوم الدمغة المستحقة على الشركة مع تطبيق القواعد الثلاثة سالفة الذكر وكلفت المحكمة الشركة بدفع أمانة الخبير - فلم تفعل - وقدمت للمحكمة حساب تلك الرسوم وفقاً لأسس الحكم المذكور وصممت على طلباتها، وطلبت من المحكمة العدول عن تنفيذ ذلك الحكم واعترضت مصلحة الضرائب على ذلك. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بالعدول عن حكمها التمهيدي القاضي بندب الخبير وباعتماد الحساب المقدم من الشركة وفقاً لأسس حكم 31/ 5/ 1950 وحكمت في الدعويين المضمومتين بإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى الشركة الطاعنة مبلغ 16845 جنيهاً و872 مليماً وألزمت كلاً من الطرفين بالمصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم وحكم 31/ 5/ 1950 أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 166 سنة 69 ق طالبة الحكم بعدم تطبيق المادة 14 من قانون الدمغة على الاستهلاكات الحكومية وبإلغاء الحكمين المذكورين فيما قضيا به من التزام الشركة بأداء الرسوم موضوع النزاع عن تلك الاستهلاكات وبتأييدهما فيما عدا ذلك وبإلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى الشركة الطاعنة مبلغ 51284 جنيهاً و170 مليماً فوق المبلغ المقضى به لها بالحكمين سالفي الذكر ومقداره 16845 جنيهاً و872 مليماً مع إلزامها بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبجلسة 27/ 11/ 1952 استأنفت مصلحة الضرائب استئنافاً مقابلاً قيد برقم 608 سنة 69 ق بمذكرة طلبت فيها الحكم بقبول استئنافها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المستأنفين فيما قضيا به على خلاف وجهة نظر مصلحة الضرائب مع إلزام الشركة المستأنف عليها (الطاعنة) بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1954 حكمت المحكمة أولاً - بالنسبة لاستئناف الشركة برفضه وتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من وجوب انطباق المادة 14 من قانون الدمغة والفقرتين 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول الملحق بهذا القانون مع إلزام الشركة بمصاريف استئنافها. ثانياً - بالنسبة لاستئناف مصلحة الضرائب بقبوله وبإلغاء الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من إلزام مصلحة الضرائب بأن ترد إلى شركة (ليبون وشركاه) مبلغ 16845 جنيهاً و872 مليماً وبرفض الدعويين رقمي 2054 و2119 سنة 1949 تجاري كلي مصر. ثالثاً - بإلزام شركة (ليبون وشركاه) بالمصاريف عن الدرجتين وخمسة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة فيهما. وبتاريخ 15 من مارس سنة 1955 طعنت شركة (ليبون وشركاه) في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم جزئياً للوجه الثاني من السبب الأول. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين تنعى الطاعنة في أولهما بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين ملخص أولهما - إن الحكم المطعون فيه قضى بتطبيق المادة 14 من قانون الدمغة على رسم الاستهلاك المقرر بالفقرة 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول رقم 5، ورتب على ذلك أن الرسم المستحق على استهلاك الحكومة يقع عبؤه على الشركة مع أن الظاهر من نص المادة المذكورة والفقرة 10 من الجدول رقم 5 أن القانون يفرض رسماً على التوريد ورسماً آخر على الاستهلاك وأن كلاً من هذين الرسمين منفصل عن الآخر ومستقل عنه تمام الاستقلال والواقعة المنشئة للرسم في أحدهما تختلف عن الواقعة المنشئة للرسم الآخر. وتحديد الواقعة المنشئة للرسم له كل الأهمية في بيان الحالات التي تنطبق عليها المادة 14 والحالات التي تخرج عنها. وذلك أن قانون الدمغة كما يفرض الرسم على طائفة من العقود والمحررات والمعاملات التي تجري بين الأفراد فإنه يفرضه على طائفة من الوقائع تمثل نشاطاً ذاتياً للفرد ولا تعتبر بحال ما معاملة بينه وبين الغير كالرسم السنوي المفروض على استعمال الدراجة بالفقرة 12 من الجدول رقم 5، ولتطبيق المادة 14 ينبغي أن تكون الواقعة محل الرسم نشاطاً ذاتياً استحال بداهة تطبيق المادة 14. لأن الغير الذي يلقى عليه عبء الرسم لا وجود له بالمرة. صحيح أن المادة 14 قد تعدلت بالقانون رقم 11 لسنة 1941. ولكن الفرق بين نص تلك المادة قبل تعديله وبعده أن حكم النص القديم كان قاصراً على العلاقة الناشئة عن العقود دون سواها فصار النص الجديد شاملاً لكل علاقة تكون الحكومة طرفاً فيها ولو لم تكن ناشئة عن عقد فاتسعت دائرة النص عن العقود إلى جميع مصادر الالتزام، ولكن ينبغي لتطبيقه أن تكون الواقعة المنشئة للرسم علاقة قانونية ذات طرفين. وإذا كان توريد التيار الكهربائي أو الغاز إلى الحكومة هو تعامل بينها وبين الشركة ينبني عليه أن تتحمل الشركة برسم التوريد إلا أن عملية استهلاك التيار أو الغاز ليست كذلك. فالاستهلاك هو انتفاع صاحب الشيء به أو هو مظهر من مظاهر تسلط المالك على ملكه. والرسم المفروض على استهلاك الكهرباء والغاز مشابه في طبيعته للرسم المفروض على استعمال الدراجة. ولهذه العلة يكون تطبيق المادة 14 على ما تستهلكه الحكومة من التيار الكهربائي والغاز وإلزام الشركة بالرسوم المستحقة على هذه الاستهلاكات مخالفاً للقانون. فالحكومة حين تستهلك التيار أو الغاز تقوم بعمل ذاتي لا شأن للشركة به وهي تقوم بهذا العمل بوصفها مشترية للتيار ومالكة له، إذ أن عملية الاستهلاك تتحلل إلى بيع ثم انتفاع. وهاتان العمليتان وإن امتزجتا في الواقع إلا أنهما منفصلتان من الناحية القانونية. ويبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تزعم أن عملية الاستهلاك التي هي محل الرسم تعتبر في ذاتها تعاملاً بين الحكومة والشركة ولكنها قالت إن هذه العملية هي أثر من آثار عقد الالتزام المحرر بين الطرفين فتعتبر بذلك عملية ذات طرفين وينصب عليها حكم المادة 14. فعملية التوريد إلزامية من قبل الشركة كما أن الاستهلاك اختياري للدولة والأفراد ولكن كليهما مصدره عقد الالتزام. وبغض النظر عما في القول من أن الاستهلاك ولو أنه اختياري للحكومة إلا أنه لا يعتبر عملاً من جانب واحد ما دامت الحكومة والشركة خاضعتين لشروط عقد الالتزام بغض النظر عما في هذا القول من فساد في الاستدلال لأنه لا ارتباط بين المقدمة والنتيجة. فإن ما ذهب إليه الحكم من أن المادة 14 تنطبق على عملية الاستهلاك لأنها أثر من آثار عقد الالتزام خطأ في تطبيق القانون. ذلك لأن هذه المادة لا تنطبق إلا حيث تكون الواقعة الخاضعة للرسم هي نفسها تعاملاً مع الغير. فإن كان الرسم مفروضاً على واقعة هي نشاط ذاتي تقوم به الحكومة استحال التطبيق حتى ولو كانت هذه الواقعة أثراً من آثار تعامل بين الحكومة والغير أضف إلى ذلك أن قول الحكم بأن عملية استهلاك الكهرباء والغاز أثر من آثار عقد الالتزام هو خطأ في تحديد الآثار الناشئة عن عقد الالتزام وفي تحديد المصدر القانوني لعملية الاستهلاك. فعقد الالتزام يلزم الشركة بالتوريد ولا يلزم الحكومة أو سواها بشراء التيار. والتوريد أو البيع ينقل إلى الحكومة ملكية التيار وهذه الملكية هي مصدر الحق في الاستهلاك. ويتخلص الوجه الثاني من سبب النعي الأول في أن الحكم قضى بأن مدة التقادم تحسب بالتقويم الميلادي وأنها تنقطع بالخطاب العادي الذي يتضمن المطالبة بالرسم ورتب الحكم على ذلك عدم سقوط حق المصلحة في شيء من الرسوم التي حصلتها جبراً. وتقول الطاعنة إنه وإن كان الحكم قد أصاب فيما قرره من أن سريان مدة السقوط يبدأ من تاريخ الواقعة المنشئة للرسم وهي فعل الاستهلاك نفسه إلا أنه خالف القانون في حساب المدة بالتقويم الميلادي. ذلك أن الأصل في القانون المدني الملغي هو حساب التقادم بالتقويم الهجري. وكان لا بد من نص خاص للخروج على هذا الأصل. ولاحظت الشركة أن المنازعة في الالتزام بالرسم كطلب أصلي لا يتعارض مع الدفع بسقوطه كطلب احتياطي على خلاف ما يقول الحكم المطعون فيه. وأضافت الشركة أن استشهاد الحكم بالمادة 383 مدني جديد والأعمال التحضيرية الخاصة بها يؤدي إلى عكس النتيجة التي انتهى إليها. فالمذكرة الإيضاحية لتلك المادة تتكلم عن الإجراءات المماثلة للمطالبة القضائية والأمثلة التي وردت فيها كلها إجراءات تحصل أمام القضاء. بل أن لجنة المراجعة كانت قد أضافت فقرة إلى المادة 383 تقضي بأن التنبيه الحاصل بإنذار رسمي يقطع التقادم فحذفتها لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ قائلة إن الإنذار الرسمي لا يقوم مقام المطالبة القضائية لا تنقطع به مدة السقوط، فأين هذا كله مما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن التنبيه بالوفاء يقطع التقادم حتى ولو كان بخطاب عادي. وقالت الشركة الطاعنة أن المادة 25 من قانون الدمغة تنص على أن الرسوم المستحقة بمقتضاه تحصل بالطريق الإداري طبقاً للأمر العالي الصادر في 25 سنة 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4 نوفمبر سنة 1885. فالتنبيه الذي يقطع التقادم هو الذي يحصل بالشكل والكيفية المنصوص عليها في ذلك الأمر. وقد نصت المادة الخامسة منه على شكل التنبيه بما مؤداه أن التنبيه القاطع للتقادم هو الذي يأخذ شكل الورد ويشتمل على بيان الاستهلاكات ومقدار الرسوم المستحقة عليها تحقيقاً لقاعدة اليقين التي نادى بها آدم سميث ويجب أن يعلن هذا التنبيه بالكيفية المنصوص عليها في المادة 5 المذكورة ما دام قانون الدمغة لم يتضمن نصاً يجعل للإعلان المرسل بخطاب موصى عليه بعلم الوصول قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية - أما ما نصت عليه المادة 23 من قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951 فهو يعفي الحكومة من إعلان التنبيه على يد مندوب ولكنه لا يعفيها من صياغة هذا التنبيه في الشكل الذي حدده الأمر العالي خصوصاً وأن نص المادة 25 ما زال باقياً على حاله. هذا إلى أن الحكم المذكور حكم مستحدث فلا يسري إلا من تاريخ العمل به. وتنعى الطاعنة في السبب الثاني من أسباب النعي ببطلان الحكم لتناقض أسبابه ذلك أن محكمة الموضوع قررت أن الواقعة الخاضعة للرسم عمل ذاتي محض يقع من جانب واحد هو المستهلك ورتبت على ذلك أن الرسم يستحق على استهلاكات الشركة وهو قضاء مبناه أن الرسم ليس مفروضاً على معاملة - في حين أنها في خصوص الطلب الأصلي (وهو استبعاد المادة 14 من دائرة التطبيق على الاستهلاكات الحكومية) تعتبر أن الرسم في الاستهلاكات الحكومية مفروض على معاملة بين الحكومة والشركة. وهذا تعارض في الأسباب يبطل الحكم.
وحيث إن النعي بما ورد في الوجه الأول من السبب الأول مردود ذلك أن القانون رقم 11 لسنة 1941 الذي صدر معدلاً للقانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم الدمغة والذي يحكم واقعة الدعوى قد أضاف إلى الجدول رقم 5 الخاص برسوم الدمغة النوعية الفقرة 10 مكررة ونصها "يخضع استهلاك الكهرباء لرسم مقداره مليمان عن كيلووات ساعة من الكهرباء الموردة للتنوير أو للأغراض المنزلية" كما أضاف إلى الجدول المذكور الفقرة 10 "ثالثاً" بالنص الآتي: "يخضع استهلاك الغاز لرسم مقداره مليمان عن كل متر مكعب..." وأضاف ذيله حكماً عاماً بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم بالنص الآتي: "في علاقات المتعاقدين فيما بينهم يقع عبء الدمغة على الأشخاص الآتي ذكرهم في حالة عدم وجود اتفاق خاص بينهم على غير ذلك، إلا إذا حرم القانون الاتفاق على ما يخالفه. وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادة 14 من هذا القانون فيما يتعلق بالتعامل مع الحكومة..." ثم نص القانون في تعيين من يقع عليهم عبء الرسم في الحالات الواردة في الجداول أرقام 1 و2 و3 و4 و5 فنص في خصوص هذا الجدول الأخير على ما يأتي: "الفقرات 10 و10 مكررة، 10 ثالثاً: استهلاك الكهرباء والغاز والبوتاجاز. الرسم على المستهلك ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك". وقد جرى نص المادة 14 من القانون رقم 44 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1941 بما يأتي "في كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة..." ومؤدى ما سبق أن رسم الدمغة عن استهلاك الكهرباء والغاز يتحمله المستهلك إلا إذا كان المستهلك هو الحكومة فإن الذي يتحمل رسم الدمغة عن استهلاكها هو المتعامل معها أي الذي يورد لها الكهرباء أو الغاز الذي تستهلكه.
وحيث إن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 31 من مايو سنة 1950 والمؤيد استئنافياً بالحكم المطعون فيه لأسبابه - بعد أن أشار إلى ما أجراه القانون رقم 11 لسنة 1941 من تعديلات وإضافات إلى القانون رقم 44 لسنة 1939 - أورد ما يأتي "وحيث إنه مما لا شك فيه أن استهلاك الكهرباء أو الغاز بمعرفة الجهات الحكومية إن هو إلا أحد آثار تعامل كان قائماً بين الحكومة والشركة المدعية سبق أن حدد طبيعته وشروطه ومداه عقد الالتزام الذي ربط بين الطرفين وكان نتيجة مزاولة كل منهما حقوقه والقيام بالتزاماته. فالشركة تورد وحدها دون منافس التيار الكهربائي والغاز لقاء أجر متفق عليه والحكومة تستهلك كما تشاء من هذه المواد مع التزامها بدفع الأجر المذكور. فالتوريد والاستهلاك إذن أثران بل هما الغرضان الرئيسيان لعقد الالتزام الذي حدد شروط هذا التعامل بين الحكومة والشركة..... وحيث قد تبين على هذا النحو أن استهلاك الغاز والكهرباء بمعرفة الجهات الحكومية - هو أحد مظاهر تعامل قائم بين الحكومة والشركة المدعية فلا مناص من أنه وفقاً لنص المادة 14 من قانون الدمغة تتحمل الشركة المذكورة بالرسم المقرر بالفقرة 10 مكررة و10 ثالثاً من الجدول رقم 5 من القانون المذكور" وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أن استهلاك الحكومة للكهرباء والغاز وإن كان عملاً ذاتياً يجرى بمعرفتها إلا أنه في كل فترة يحصل فيها هذا الاستهلاك لا يمكن أن يتم إلا بإجراء من جانب الشركة الطاعنة هو قيامها بتوريد الكهرباء أو الغاز اللذين تستهلكهما الحكومة تنفيذاً لتعهد الشركة في عقد الالتزام المحرر بينها وبين الحكومة بحيث إذا كفت الشركة عن التوريد أو انقطع جريانه امتنع على الحكومة هذا الاستهلاك فقيام الشركة بتوريد الكهرباء أو الغاز واستهلاك الحكومة للكهرباء أو الغاز الموردين إنما ينطوي في كل مرة من مرات الاستهلاك على تعامل بين الشركة والحكومة يستند إلى عقد الالتزام الأصلي المحرر بينهما ويندرج تبعاً لذلك تحت نص المادة 14 معدلة من القانون رقم 44 لسنة 1939 ويخضع لحكمها من حيث وجوب تحمل الشركة الطاعنة برسم الدمغة المستحق على استهلاك الحكومة. ومن ثم يكون النعي في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن النعي الوارد في الوجه الثاني من السبب الأول في محله ذلك أنه فيما قبل القانون المدني الجديد المعمول به ابتداء من 15 من أكتوبر سنة 1949 كانت القاعدة في حساب التقادم أنه ما لم ينص القانون على حساب التقادم بالتقويم الميلادي فإن المدة تحسب بالتقويم الهجري - ولما كانت المادة 24 من القانون رقم 44 لسنة 1939 قد نصت على أنه "يسقط حق الخزانة في المطالبة بدفع الرسوم المستحقة والتعويض المدني بمضي خمس سفرات من اليوم الذي استعملت فيه الورقة الخاضعة للرسم ويسقط الحق في طلب رد الرسوم المحصلة بغير حق بمضي سنتين". ولم تذكر هذه المادة أن الخمس سنوات التي يسقط حق الخزانة في المطالبة بالرسوم بعد مضيها ميلادية وكانت الرسوم المطالب بها في هذه الدعوى مستحقة عن مدة سابقة على العمل بالقانون المدني الجديد - فإن هذه الخمس سنوات يتعين أن تحسب بالتقويم الهجري. ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من حساب هذه المدة بالتقويم الميلادي مخالفاً للقانون. وليس في القانون ما يمنع الشركة الطاعنة من أن تتمسك بتقادم رسوم الدمغة المطالبة بها رغم منازعتها في الالتزام بها وامتناعها عن دفعها. ذلك أن التقادم في الضرائب والرسوم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما يقوم على عدم إرهاق المدين وإثقال كاهله تراكم الديون عليه.
وحيث إن ما تعيب به الطاعنة الحكم المطعون فيه من قوله بأن مدة التقادم تنقطع بالخطاب العادي الذي يتضمن المطالبة بالرسم في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن المادة 25 من قانون الدمغة تنص على أنه تحصل الرسوم المفروضة بمقتضى هذا القانون بالطريق الإداري طبقاً للأمر العالي الصادر في 25 مارس سنة 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4 نوفمبر سنة 1885. وقد أوجب هذا الأمر العالي أن يسبق الحجز الإداري تنبيه قال الحكم إن هذا التنبيه لا يكون على يد محضر وأنه يكتفي فيه بخطاب عادي وتضمن المصلحة وصوله للممول تطالبه فيه بأداء رسم الدمغة وتهدده فيه باتخاذ الإجراءات القانونية ضده إذا لم يوفه. وهذا الذي انتهى إليه الحكم المذكور مخالف للقانون ذلك أن الأصل طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني الملغى أن التنبيه الذي يقطع التقادم هو الذي يكون على يد محضر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كان الأمر العالي سالف الذكر الذي أحال إليه القانون رقم 44 لسنة 1939 في المادة 25 منه لم ينص على أن التنبيه الذي يسبق الحجز يكون بخطاب عادي وإنما نص على أن يشتمل التنبيه على بيان العقار المطلوب عليه المال أو العشور أو الرسوم ومقدار المبالغ المستحقة ويعلن على يد مندوب المديرية أو المحافظة إلى صاحب العقار... إلخ مما مؤداه أن التنبيه الذي يسبق المطالبة بأداء رسم الدمغة لا يكفي فيه أن يكون بخطاب عادي يرسل بطريق البريد - وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه أن الخطابات التي أرسلتها المصلحة المطعون عليها إلى الشركة الطاعنة في 31/ 5/ 1944، 15/ 2/ 1946، 30/ 11/ 1947 والتي اعتبرها الحكم المذكور قاطعة لتقادم الرسوم المطالب بها بموجبها قد استوفت الشكل والأوضاع التي نص عليها الأمر العالي سالف الذكر. لما كان ذلك فإن الحكم المذكور فيما رتبه على الخطابات المذكورة من أثر في قطع تقادم الرسوم المطالب بها يكون مخالفاً للقانون. لا يغض في ذلك ما نصت عليه المادة 23 من قانون رسوم الدمغة رقم 224 سنة 1951 من جواز انقطاع التقادم بالمطالبة بأداء الرسم بكتاب موصى عليه بعلم الوصول. ذلك أن هذا النص مستحدث ولاحق لواقعة الدعوى فلا يسري عليها. كما وأن الخطاب الموصى عليه الذي يكون له أثر في قطع تقادم الضريبة أو الرسم يجب - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يستوفى الشكل الذي حدده القانون. ويتعين لذلك نقض الحكم في خصوص هذا الوجه بشقيه.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الثاني مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وهو في صدد مناقشة استحقاق رسوم الدمغة على الاستهلاك الداخلي لمنشئات الشركة الطاعنة قرر أنه لا يشترط لاستحقاق رسوم الدمغة أن يكون الاستهلاك نتيجة تعامل بين الأفراد فحسب وإنما تستحق الرسوم على الاستهلاك الذاتي وإن كان لا ينطوي على تعامل مع الغير فواقعة الاستهلاك في ذاتها هي التي يستحق عنها رسم الدمغة ولذا أخضع الحكم استهلاك الشركة الطاعنة للكهرباء في منشئاتها الداخلية للرسم مع أن هذا الاستهلاك لم يكن نتيجة لتعامل الشركة الطاعنة مع الغير. وليس فيما قرره الحكم في هذا الشأن أي تناقض مع ما قرره من أن استهلاك الحكومة للكهرباء وإن كان قد حصل بمعرفة الحكومة ذاتها إلا أن الشركة الطاعنة دون الحكومة هي التي تتحمل رسم الدمغة المستحق عليه. ذلك أن الحكم إنما أجرى في ذلك حكم المادة 14 من القانون رقم 44 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1941 من أنه في كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة على نحو ما سبق بيانه في الرد على الوجه الأول من السبب السابق وهذا مجال مختلف عن مجال إلزام المستهلك ذاته برسم الدمغة نتيجة لاستعماله التيار الكهربائي إذا كان المستهلك خلاف الحكومة وفي غير نطاق المادة 14 سالفة الذكر طبقاً للأحكام العامة المضافة في ذيل القانون رقم 11 لسنة 1941 الخاصة بتعيين من يقع عليهم عبء الرسم السابق الإشارة إليها في الرد على السبب الأول ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق