جلسة 11 من مارس سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عوضين إبراهيم الألفي، رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.
------------------
(49)
القضية رقم -1378 لسنة 13 القضائية
عقد إداري "تعهد بالتدريس".
تعهد بالانتظام في الدارسة وبالعمل في التدريس بعد التخرج - توقيعه من شخص ليست له صفة في التوقيع نيابة عن الطالب - لا يترتب عليه أي التزام أصلي أو تبعي - بيان ذلك.
ومن حيث إن توقيع المدعى عليه الثاني على الإقرار محل المنازعة بصفته الشخصية باعتباره ضامناً يرتب في ذمته التزاماً تبعياً هو ضمان تنفيذ التزام المدعى عليه الأول.
ومن حيث إنه وقد ثبت أنه ليس ثمة التزام قد ترتب في ذمته نتيجة هذا العقد قبل المحافظة المدعية، فإن التزام المدعى عليه الثاني وهو التزام تبعي لالتزام المدعى عليه الأول الأصلي، يكون قد ورد على غير محل ومن ثم فهو غير قائم قانوناً إذ أن قيامه مرهون بقيام الالتزام الأصلي الذي يكفله.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن السيد/ محافظ سوهاج بصفته أقام الدعوى رقم 568 لسنة 19 القضائية ضد السيد/ معوض أحمد محمد بوصفه ولياً طبيعياً على السيد/ أحمد أبو ضيف محمد، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة القضاء الإداري في 8 من ديسمبر سنة 1964، طلب فيها إلزامه بدفع مبلغ ثلاثين جنيهاً والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وتوجز أسانيد دعواه في أن المدعى عليه بصفته ولياً طبيعياً على الطالب أحمد أبو ضيف محمد، وقع - بعد أن التحق الطالب المذكور بدار المعلمين بسوهاج في أول العام الدراسي لسنة 61/ 62 إقراراً بأنه إذا تخلف الطالب عن الاستمرار في دراسته حتى تخرجه أو فصل من المدرسة أو تركها لأي عذر كان قبل إتمام دراسته، أو إذا لم يقم بالتدريس بعد تخرجه مدة الخمس سنوات التالية للتخرج مباشرة لإتمام دراسته وكذلك إذا فصل من الخدمة خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية بقوة القانون، فأنه يكون ملزماً في جميع هذه الأحوال بنفقات الدراسة بواقع 15 جنيهاً عن كل عام دراسي، ونظراً لتغيب الطالب المشمول بولاية المدعى عليه عن الدراسة مدة تزيد على خمسة عشر يوماً بدون عذر مقبول، فقد صدر القرار رقم 909 في 12 من ديسمبر سنة 1963 بفصله، وهذا الفصل يرتب للمدعي حقاً في مطالبة المدعى عليه بمبلغ ثلاثين جنيهاً نفقات الدراسة عن عامين دراسيين وبصحيفة معلنة في 27 من أبريل سنة 1967 أدخل المدعي بصفته السيد/ أحمد أبو ضيف محمد في الدعوى - بعد أن كان قد بلغ سن الرشد - ليسمع الحكم مع المدعى عليه متضامنين بأن يدفعا للمدعي بصفته مبلغ ثلاثين جنيهاً والفائدة القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزامهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن السيد/ أحمد أبو ضيف محمد لم يحضر في أي جلسة من الجلسات التي نظرت فيها الدعوى، أما السيد/ معوض أحمد محمد فقد حضر وقدم شهادة رسمية من مديرية التربية والتعليم بسوهاج "دار المعلمين الريفية" تفيد أن الطالب أحمد أبو ضيف محمد كان مقيداً بالصف الأول بها عام سنة 61/ 1962 وفصل لرسوبه عامين متتاليين، وطلب رفض الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 25 من يونيه سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "برفض طلبات المحافظة وألزمتها المصاريف" وأقامت قضاءها على أن الرسوب المتكرر في فرقة واحدة ينم عن عدم الاستعداد الطبيعي للدراسة التي انخرط فيها الطالب، وبذلك يعتبر عذراً مقبولاً يبرر الانقطاع عن الدراسة، ويحل من الالتزام بدفع المصروفات المدرسية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المطعون ضدهما لم يقدما الدليل على أن رسوب المطعون ضده الأول عامين متتاليين هو بسبب عدم استعداده الطبيعي لهذا النوع من الدراسة وأن مرده لم يكن إلى إهماله وتكاسله، وأن الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا ونهج الحكم المطعون فيه نهجه، لم يضع قاعدة عامة مؤداها أن كل من رسب عامين متتاليين يعفى من تعهده رد نفقات الدراسة يتم عن عدم استعداده الطبيعي، وإلا كان معنى ذلك أن يستفيد المقصر من تقصيره والمتهاون من تهاونه وأن نصبح أمام نتيجة غريبة وهي أن الرسوب والفشل يعتبران سبباً لدفع المسئولية وإسقاط الالتزام، وأن المطعون ضدهما لم يقدما دليلاً يفصح عن نجاح المطعون ضده الأول في ميدان دراسي آخر يتفق وميوله واستعداده الطبيعي حتى يستقيم القول بأن عدم نجاحه في دراسته الأولى كان مرده إلى عدم استعداده الطبيعي لهذه الدراسة، على نحو ما استظهرته المحكمة الإدارية العليا في حكمها الذي نهج الحكم المطعون فيه نهجه.
ومن حيث إن الحاضر عن محافظة سوهاج قرر أمام هذه المحكمة بجلسة 12 من فبراير سنة 1973 أن السيد/ معوض أحمد محمد الذي وقع الإقرار برد نفقات دراسة السيد/ أحمد أبو ضيف محمد إذا أخل هذا الأخير بالتزاماته، لم يكن والده ووليه الطبيعي كما ذكر في الإقرار وإنما ابن عمه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعى عليه الثاني معوض أحمد محمد وقع عند التحاق المدعى عليه الأول أحمد أبو ضيف محمد بدار المعلمين الريفية بسوهاج في العام الدراسي سنة 61/ 1962 إقراراً معداً للتوقيع عليه من الأب أو الجد الصحيح أو الوصي إذا كان الطالب قاصراً: تعهد فيه بصفته والداً وولياً طبيعياً على نجله القاصر الطالب أحمد أبو ضيف محمد المولود في 3 من يناير سنة 1945، بأنه إذا تخلف الطالب عن الاستمرار في دراسته حتى تخرجه أو إذا لم يقم بالتدريس بعد تخرجه مدة خمس سنوات تالية للتخرج مباشرة لإتمام دراسته أو فصل من المدرسة أو تركها لأي عذر كان قبل إتمام دراسته، وكذلك إذا فصل من الخدمة خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو بقوة القانون أو تركها لأي سبب، يقوم بصفته بسداد كافة المصروفات التي أنفقتها الوزارة على الطالب، وقد ذيل هذا الإقرار بإقرار آخر وقعه المدعى عليه الثاني في ذات التاريخ أقر فيه بأن يكون بصفته الشخصية ضامناً تنفيذ التعهد السابق الإشارة إليه والصادر منه بصفته والداً وولياً طبيعياً على الطالب القاصر أحمد أبو ضيف محمد.
ومن حيث إنه وقد ثبت أن المدعى عليه الثاني معوض أحمد محمد ليس هو والد المدعى عليه الأول أحمد أبو ضيف محمد ولا وليه الطبيعي، وقد خلت الأوراق مما يدل على أن له أية صفة قانونية أخرى في التوقيع نيابة عنه على الإقرار محل المنازعة، فإن توقيعه على الإقرار المشار إليه بصفته والد المدعى عليه الأول ووليه الطبيعي، لا يكون له أي أثر قانوني في حق هذا الأخير، وبالتالي فليس ثمة عقد قد انعقد بين المدعى عليه الأول وجهة الإدارة، رتب في ذمة المدعى عليه المذكور أي التزام قبل المحافظة المدعية، بالانتظام في الدراسة أو بسداد نفقات تعليمه في حالة إخلاله بهذا الالتزام أو فصله، ولا حجة في القول بقيام وكالة ضمنية من المدعى عليه الأول للمدعى عليه الثاني في التوقيع نيابة عنه عند التحاقه بدار المعلمين، إذ أن المدعى عليه الأول لم يحضر في أي جلسة من الجلسات التي نظرت فيها الدعوى أو الطعن، وليس له أي دفاع فيهما، يمكن أن يستفاد منه أنه إذن للمدعى عليه الثاني في التوقيع نيابة عنه أو أنه أجاز توقيعه أو سلم بأي أثر له.
ومن حيث إن توقيع المدعى عليه الثاني على الإقرار محل المنازعة بصفته الشخصية باعتباره ضامناً يرتب في ذمته التزاماً تبعياً هو ضمان تنفيذ التزام المدعى عليه الأول.
ومن حيث إنه وقد ثبت أنه ليس ثمة عقد قد انعقد بين المدعى عليه الأول وبين الجهة الإدارية، وبالتالي فليس ثمة التزام قد ترتب في ذمته نتيجة هذا العقد قبل المحافظة المدعية، فإن التزام المدعى عليه الثاني وهو التزام تبعي لالتزام المدعى عليه الأول الأصلي، يكون قد ورد على غير محل ومن ثم فهو غير قائم قانوناً إذ أن قيامه مرهون بقيام الالتزام الأصلي الذي يكفله.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه - وقد انتهى إلى أن دعوى المدعية لا تستند إلى أساس سليم من القانون متعين الرفض - صحيح فيها انتهى إليه، ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من القانون، ويتعين لذلك رفضه مع إلزام المحافظة الطاعنة بمصروفاته.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق