جلسة 15 من نوفمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، محمد طموم وزكي المصري.
-----------------
(168)
الطعن رقم 1598 لسنة 48 ق "ضرائب".
(1) ضرائب. دفاتر الممول. تفتيش.
دفاتر الممول. حتى موظفي مصلحة الضرائب ومندوبيها في الاطلاع عليها. مناطه. المواد 81 و82 و83 من القانون رقم 14 لسنة 1939. تفتيش مسكن الممول ومركز نشاطه. خضوعه للقواعد الخاصة به الواردة في قانون الإجراءات الجنائية باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق. عدم التزام المصلحة بهذه القواعد. أثره. بطلان التفتيش وبطلان الربط المستند مما أسفر عنه.
(2) ضرائب. ربط الضريبة. مشروعية الدليل.
ربط الضريبة. التزام مصلحة الضرائب في سبيله بمشروعية الدليل. قوانين الضرائب لا تعفيها من هذا الالتزام. القول بغير ذلك مخالف للدستور.
(3) نقض. "سبب الطعن".
دفاع جديد يخالطه رافع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الموسكي كانت قد ربطت الضريبة على المطعون ضده عن نشاطه في مهنة المحاماة عن السنوات 1954 حتى 1964 ربطاً جزافياً وبتاريخ 28/ 6/ 1967 قامت شرطة الضرائب بتفتيش مسكنه ومكتبه للمحاماة وضبطت ما لديه من أوراق وقضايا ومستندات وأوراق خاصة نقلت لفحصها دون جرد. ثم قامت المأمورية بإجراء ربط إضافي عن ذات السنوات وأخطرته به في 1/ 11/ 1967 على النموذج رقم 20 ضرائب فطعن فيه أمام لجنة الطعن ودفع ببطلانه وببطلان التفتيش وعدم جواز إعادة التقدير وبسقوط حق مصلحة الضرائب المدعى به حتى نهاية سنة 1961. وبتاريخ 20/ 5/ 1969 قررت لجنة الطعن رفض الدفع وأعادت تقدير صافي أرباحه عن السنوات 1954 حتى 1964 على نحو ما جاء بقرارها وكانت المأمورية قد قامت بتقدير صافي أرباحه عن سنتي 1965، 1966 وربطت عليه الضريبة ربط أصلياً وأخطرته بالتقدير والربط على النماذج القانونية فاعترض عليها وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن فأصدرت قرارها في ذات التاريخ بتخفيض تقدير المأمورية على النحو الوارد بقرارها. طعن المطعون ضده على قرار اللجنة الأول أمام محكمة القاهرة الابتدائية برقم 2242 لسنة 1969 ضرائب كلي القاهرة، كما طعن على القرار الثاني برقم 2243 لسنة 1969 ضرائب كلي القاهرة. وبعد أن ضمت محكمة أول درجة الطعن الثاني للأول قيد برقم 8593 لسنة 1971 ضرائب كلي شمال القاهرة وبتاريخ 14/ 1/ 1978 قضت بإلغاء القرارين المطعون فيهما استناداً إلى بطلان تفتيش مسكن ومكتب المطعون ضده استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 160 لسنة 95 ق. وبتاريخ 19/ 6/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بثانيهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك تقول إن قانون الضرائب له ذاتيته الخاصة ويستقل بأحكامه ومبادئه. فإذا كان المشرع الضريبي لا يعني بمشروعية النشاط الخاضع للضريبة فإنه - من باب أولى - لا يعتد بمشروعية الدليل على قيام هذا النشاط عند ربط الضريبة عليه ولما كان قد ترتب على تفتيش منزل ومكتوب المطعون ضده أن تجمعت لدى مصلحة الضرائب بعض عناصر الإثبات التي استندت إليها في ربط الضريبة عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الربط استناداً إلى بطلان التفتيش يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1939 بشأن الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية قد نظم في المادتين 81، 82 منه حق الاطلاع على دفاتر الممولين التي تلزمهم القوانين بإمساكها وكذلك غيرها من المحررات والدفاتر والوثائق الملحقة وأوراق الإيرادات والمصروفات، وأعطي هذا الحق لموظفي مصلحة الضرائب ومندوبيها وفرض في المادة 83 منه عقوبة جنائية على الامتناع عن تقديم هذه الدفاتر والأوراق فضلاً عن التهديدات المالية التي قررها لإلزام الممولين بتقديمها، ولكنه لم يتعرض للتفتيش ومن ثم يتعين الرجوع بشأنه إلى القواعد الخاصة به والتي وردت في قانون الإجراءات الجنائية باعتباره عملاً من أعمال التحقيق لا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من السلطة المختصة وحيث تتوافر لدلائل الكافية على وقوع جريمة من جرائم التهرب الضريبي، وإذ كان الثابت بالأوراق أن تفتيش مسكن المطعون ضده ومكتبه للمحاماة - الذي أسفر عن ضبط أوراق ومستندات اعتمدت عليها المصلحة الطاعنة في الربط الإضافي عن السنوات 1954 حتى 1964 والربط الأصلي عن سنتي 1965 و1966 قد تم بدون إذن من السلطة المختصة وعلى خلاف القانون فإنه يكون قد وقع باطلاً ويبطل بالتالي كل ما استمد منه وما ترتب عليه مباشرة من آثار. أما ما ذهبت إليه المصلحة الطاعنة من أن قوانين الضرائب لا تقيدها في سبيل ربط الضريبة والحصول على حقوق الخزانة العامة بمشروعية الدليل فهو قول لا سند له من القانون ويتعارض مع نصوص الدستور إذ لا يتصور أن تستباح حريات الأفراد في سبيل الحصول على موارد الدولة من الضرائب بينما كفل الدستور هذه الحريات عند استعمال الدولة لحقها في العقاب فلم يطلق يدها في المساس بحريات الأفراد وإنما وضع من القيود والإجراءات ما يكفل صيانتها والقول بغير هذا يجعل القانون الضريبي في منزلة أعلى من الدستور فهو أمر غير مقبول وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الربط المستمد من الأوراق والمستندات التي أسفر عنها التفتيش الباطل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ومخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الثابت في الأوراق أن الربط قد استند إلى طائفتين من الأدلة الأولى سابقة على تفتيش وهي التحريات والمناقشات والثانية هي التي أسفر عنها التفتيش وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى بطلان الربط استناداً إلى بطلان التفتيش دون أن يميز بين الأدلة الصحيحة والأدلة الباطلة فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وخالف القانون كما شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، لما هو مقرر بقضاء هذه المحكمة من أنه متى كان وجه النعي قد تضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان دفاع الطاعنة بأن هناك أدلة أخرى صحيحة اعتمد عليها الربط بخلاف التفتيش الباطل لم يعرض لها الحكم المطعون فيه هو دفاع يخالطه واقع ويخالف ما جاء بمدونات الحكم نقلاً عن صحيفة استئناف المصلحة الطاعنة من أن التفتيش قد أسفر عن ضبط الأوراق والمستندات والملفات التي استقت منها المعلومات التي كانت أساس تقدير الضريبة، وكانت الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت بهذا الدفاع لدى محكمة الموضوع وليس في الحكم المطعون فيه ما يفيد ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة في وجه النعي يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويتعين عدم قبوله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق