جلسة 26 من فبراير سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية: المستشارين.
----------------
(42)
القضية رقم 1401 لسنة 12 القضائية
(أ) اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - عقد إداري - مناجم ومحاجر.
العقد الذي تبرمه مصلحة المناجم والمحاجر بتأجير أرض خارج مناطق البحث والاستغلال عقد إداري - اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة به - بيان ذلك.
(ب) عقد الإيجار "تحديد مدته" - مناجم ومحاجر - اختصاص.
عقد الاستغلال الذي أبرم في ظل القانون رقم 136 لسنة 1948 تحديد مدته - يعتبر منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة - بقاء المستأجر منتفعاً بالعين بعلم المصلحة ودون اعتراض منها بعد انتهاء مدة العقد - يعتبر تجديداً ضمنياً للعقد بشروطه - مناط ذلك ألا تقوم ظروف يتعارض وجودها مع افتراض هذا التجديد - اختصاص مصلحة المناجم والمحاجر بإبرام العقد لمدة لا تزيد على سنة يمتنع معه افتراض تجديد العقد - أثر ذلك أن بقاء المستأجر منتفعاً بالعين يعتبر عقداً جديداً تسري عليه أحكام القوانين التي تم التعاقد الجديد في ظلها - بيان ذلك.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي بصفته مدير الشركة الفرعونية لمنتجات الخرسانة أقام الدعوى رقم 745 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الصناعة ومصلحة المناجم والمحاجر، بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 22 من مايو سنة 1961 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار لجنة بحث المنازعات لوزارة الصناعة. مصلحة المناجم والمحاجر الصادر في 18 من إبريل سنة 1961 فيما تضمنه من تقديرات للإيجار المستحق على الشركة، وإلزام الجهة الإدارية بأن تسوي هذه المستحقات على أساس أن عقد إيجار الأرض التي تستأجرها الشركة تسري عليه أحكام القانونين رقمي 66 لسنة 1953 و86 لسنة 1956 بأثر فوري من تاريخ العمل بكل منهما مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي أول نوفمبر سنة 1964 أدخل المدعي محافظ القاهرة باعتباره الممثل القانوني لمصلحة المناجم والمحاجر ليصدر الحكم عليه بالطلبات الواردة في صحيفة الدعوى، وقال شرحاً لدعواه أن الشركة الفرعونية لمنتجات الأسمنت التي يمثلها استأجرت من مصلحة المناجم والمحاجر فدانين بالجبل الأبيض خلف القلعة لصناعة الطوب والمنتجات الأسمنتية، وقد استلمت الأرض في 26 من نوفمبر سنة 1951 في ظل القانون رقم 136 لسنة 1948 الذي كان سارياً في ذلك الوقت، وأن العمل استمر في إصلاح الأرض منذ سنة 1951 حتى نهاية سنة 1953، وفي أوائل سنة 1954 بدأت الشركة في عمل التجارب وإقامة المنشآت اللازمة للصناعة، وأثناء ذلك صدر القانون رقم 66 لسنة 1953 الذي خفض إيجار الفدان من 80 جنيهاً إلى 20 جنيه للمتر المربع وأعفى المؤسسات التي تستأجر الأراضي لأغراض صناعية من دفع إيجار آخر عن المنشآت والمباني التي تقيمها على الأرض المؤجرة، وفي 5 من يناير سنة 1961 طالبت مصلحة المناجم الشركة المدعية بدفع مبلغ 1443 جنيهاً و555 مليماً بمقولة أنه قيمة الإيجار والإتاوة عن الأرض المؤجرة في المدة من 21 من يناير سنة 1951 إلى 26 إبريل سنة 1960، ولما كانت هذه المطالبة غير سليمة، فقد تقدمت الشركة بتظلم من هذا التقدير طالبة أعادة النظر فيه، إلا أن المصلحة أرسلت إلى الشركة في 18 من أبريل سنة 1961 تطالبها بإيجار قدره 7333 جنيهاً و900 مليماً، ولما كان هذا المبلغ الأخير مبالغ فيه إلى حد كبير، فقد أقامت الشركة دعواها طالبة إلغاء هذا التقدير وإلزام الجهة الإدارية بأن تعيد تسوية المبالغ المستحقة عليها على أساس أن عقد إيجار الأرض التي تستأجرها تسري عليه أحكام كل من القانونين رقمي 66 لسنة 1953، 86 لسنة 1956 بأثر فوري من تاريخ العمل بكل منهما.
وقد كان دفاع جهة الإدارة على ما يتضح من الاطلاع على الملفات المقدمة منها، أن التعاقد مع الشركة المدعية على استئجار الأرض التي استأجرتها تم في ظل القانون رقم 136 لسنة 1948، ومن ثم فإنها تحاسب عن الإيجار والإتاوة وفقاً لأحكامه، ولا تسري في شأن هذه المحاسبة فئات الإيجار والإتاوة المعدلة بموجب القانونين رقم 66 لسنة 1953، ورقم 68 لسنة 1956 لأنها لم تتقدم بطلب لتطبيق أحكام هذين القانونين عليها، وعلى ذلك فإنها تحاسب عن الإيجار والإتاوة طبقاً لما هو منصوص عليه في القانون رقم 136 لسنة 1948 دون الفئات المنصوص عليها في القانونين المشار إليهما، وأنه إذا كانت الشركة قد استلمت بعض الأرض المؤجرة لها في سنة 1958 أي في ظل القانون رقم 68 لسنة 1956، غير أنه بالنسبة إلى هذه المساحات أيضاً فإن أحكام القانون رقم 136 لسنة 1948 هي التي تسري في شأنها باعتبارها تابعة للعقد الأصلي، ومن ثم فإن مطالبة الشركة بمبلغ 7333 جنيهاً و900 مليماً وفقاً لهذه الأسس يكون صحيحاً ومتفقاً مع أحكام القانون، وتكون الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى مع إلزام الشركة المدعية بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أنه لم يثر أي نزاع جدي بين الطرفين بشأن مساحات الأراضي المستأجرة التي تحاسب عنها الشركة، ولذلك يتعين محاسبتها على أساس ما هو ثابت بملفات الموضوع، وأما بشأن القانون الواجب التطبيق فطالما أن التعاقد قد تم في ظل القانون رقم 136 لسنة 1948 فإن أحكام هذا القانون هي الواجبة التطبيق في شأن فئات الإيجار والإتاوة والرسوم الأخرى، دون أحكام القانونين رقمي 66 لسنة 1953، 86 لسنة 1956 لأن الشركة لم تطالب بتطبيقهما طبقاً لنص المادتين 23 من القانون رقم 66 لسنة 1953، 49 من القانون رقم 86 لسنة 1956، أما استلام الشركة لبعض المساحات في ظل هذين القانونين، فأنه لا يعتبر من قبيل نشوء رابطة جديدة، وتعتبر هذه المساحات مندرجة ضمن العقد الأصلي وتسري عليها أحكامه، وبذلك تكون طلبات الشركة المدعية على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة أخطأت حينما قالت أن النزاع حول تحديد مساحة الأرض المستغلة ليس نزاعاً جدياً، لأنه لم يثر إلا بعد رفع الدعوى، ذلك أن المساحة المستغلة لم تحدد في وقت من الأوقات تحديداً يحسم النزاع حولها، أما بالنسبة إلى القانون الواجب التطبيق، فإن العلاقة التي نشأت بين الشركة والمصلحة كانت - طبقاً لما تقضي به المادة 48 من القانون رقم 66 لسنة 1953 - موقوتة بمدة سنة، وهي المدة التي يملك مدير المصلحة دون موافقة الوزير - كما هو الحال بالنسبة إلى الواقعة المعروضة - أن يرخص خلالها بالتأجير ومن ثم فإن تجدد هذه العلاقة من سنة إلى أخرى يعتبر بمثابة تعاقد جديد يخضع لأحكام القانون الذي يتم التعاقد الجديد في ظله، وأن استلام الشركة لبعض مساحات من الأرض في سنة 1958 لا يمكن أن يعتبر امتداد للتعاقد الذي تم في سنة 1951، وإنما هو تعاقد جديد انعقد في ظل أحكام القانون رقم 86 لسنة 1956، فتكون العلاقة الناشئة عنه محكومة بنصوص هذا القانون.
ومن حيث إن وقائع الدعوى تخلص - حسبما يستفاد من الأوراق - في أن المدعي تقدم في 19 من ديسمبر سنة 1950 إلى مصلحة المناجم والمحاجر بطلب الترخيص باستئجار قطعة أرض في جبل أثر النبي ليقيم على جزء منها مصنعاً لإنتاج الطوب الأجوف والمنتجات الأسمنتية وليتخذ من الباقي (حوش تشوين)، مستغلاً في صناعته المواد الموجودة بمحجري النقارة اللذين استأجرهما بالمنطقة، وفي 21 من يناير سنة 1951 وافقت المصلحة على تأجير قطعة أرض من أملاكها مساحتها فدانان بمنطقة جبل بطن البقرة إلى المدعي، وقد تسلمها من تاريخ الموافقة على التأجير بعد أن قام بدفع المقابل المستحق، وفي 28 من أغسطس سنة 1951 تقدم المدعي بطلب آخر إلى المصلحة للتصريح له باستئجار قطعة أرض أخرى بدلاً من الأولى حتى يتمكن من إقامة المصنع وحوش التشوين عليها نظراً لعدم تمكنه من إدخال المياه اللازمة للمصنع بالمنطقة الأولى، وعرض على المصلحة أن تكون الأرض الجديدة بناحية الجبل الأبيض بالقرب من الحد القبلي لخزان المياه بتلك المنطقة، كما طلب في ذات الوقت الموافقة على استئجار قطعة أرض صغيرة بالقرب من هذه الجهة مساحتها عشرون متراً مربعاً لوضع عداد المياه بها، وفي 9 من سبتمبر سنة 1959 استلم المدعي قطعة الأرض الجديدة الكائنة بناحية الجبل الأبيض بدلاً من القطعة الأولى بعد أن دفع رسوم الاستبدال المقررة، وقد أخذ بعد ذلك في تسوية الأرض وإقامة المنشآت اللازمة للمصنع، وفي 3 من فبراير سنة 1953 تقدم المدعي إلى وزير التجارة والصناعة بطلب الموافقة على شراء الأرض المقام عليها المصنع، وفي 17 من فبراير سنة 1952 تقدم إلى مدير عام مصلحة الصناعة بطلب مماثل رجاه في ختامه "المساعدة في تمليك الأرض المقام عليها المصنع وقدرها خمس أفدنة بقيمة اسمية" وقد أوضح في المذكرة المرفقة بطلبه أن الخمسة أفدنة المطلوب شراؤها منها اثنان مقام عليها المصنع حالياً وثلاثة أفدنة أرض فضاء تحيط بالمصنع، وفي 9 من أبريل سنة 1953 أرسلت وزارة التجارة والصناعة توصية إلى مصلحة المناجم والمحاجر للموافقة على بيع قطعة الأرض المذكورة إلى المدعي، وقد ظلت إجراءات الموافقة على البيع مستمرة حتى سنة 1960 إلى أن تقرر قبل البت في الموضوع نهائياً تصفية حساب المبالغ المستحقة للمصلحة قبل المدعي ومطالبته الوفاء بها، وقد بدأ - بهذه المطالبة - الخلاف بين المصلحة والمدعي على نحو ما سبق إيضاحه، وقد كان المدعي منذ تقدم بطلب شراء الأرض إلى أن نشب الخلاف بينه وبين المصلحة، مستمراً وعلى فترات متلاحقة في ضم الأرض اللازمة لأغراض المصنع وإقامة المنشآت الضرورية ومد خطوط الديكوفيل بحوش التشوين بالمنطقة المستغلة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية تدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، بمقولة أن العقد موضوع المنازعة خاص باستئجار قطعة أرض من أملاك الدولة الخاصة، ولا يتصل باستغلال منجم أو محجر، ومن ثم فهو ليس عقداً إدارياً مما يختص القضاء الإداري بنظر المنازعة في شأنه، إذ الثابت أن الأرض موضوع النزاع هي من أملاك الدولة الخاصة وأنها أجرتها إلى المدعي ليقيم عليها مصنعاً لإنتاج الطوب الأجوف والمنتجات الأسمنتية وليتخذ منها (حوش تشوين) نظير جعل معين، وأن تلك الأرض لا تتضمن مواد محجرية يمكن استخدامها في الأغراض التي أقيم من أجلها المصنع.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن مصلحة المناجم والمحاجر لا تقوم - طبقاً لما تقضي به القوانين المتعاقبة في شأن المناجم والمحاجر - بتأجير أراض خارج مناطق البحث والاستغلال، لإقامة مبان أو منشآت أو مد خطوط ديكوفيل أو لتكون (أحواش تشوين)، ألا تبعاً لترخيص بالبحث أو عقد استغلال منجم أو محجر، فمثل هذه العقود تعتبر عقوداً تبعية لتراخيص البحث وعقود الاستغلال ومتفرعة عنها، ومن المبادئ المقررة أن العقد التبعي أو المتفرغ عن عقد أصلي يسري عليه ما يسري على العقد الأصلي، ومن ثم تأخذ عقود تأجير هذه الأراضي حكم تراخيص البحث وعقود استغلال المناجم والمحاجر، ولا خلاف في أن هذه التراخيص تعتبر قرارات إدارية كما تعتبر عقود الاستغلال المترتبة عليها عقوداً إدارية، وبهذا جرى قضاء هذه المحكمة، ومن ثم يكون نظر هذه المنازعة، بحسبانها متعلقة بعقد إداري - على التفصيل المتقدم - من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - ويكون الدفع بعدم اختصاص هذا القضاء بنظرها، في غير محله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن المنازعة بين المدعي والجهة الإدارية في هذه الدعوى تثور حول مسألتين:
الأولى: مساحة الأرض المؤجرة للشركة.
والثانية: القانون الذي يحكم العلاقة بين الشركة والمصلحة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المسألة الأولى، فالثابت - على ما يبين من صحيفة الدعوى - أنه عندما بدأ الخلاف بين المدعي والمصلحة حول مبالغ الإيجار المستحقة للمصلحة قبل الشركة كان جوهر هذا الخلاف هو القانون الواجب التطبيق بالنسبة إلى تحديد قيمة الإيجار والإتاوة المستحقة بالنسبة إلى الأرض المؤجرة ولم تكن مساحة هذه الأرض محل منازعة جدية، كما أن الثابت كذلك من الأوراق أن ادعاء المدعي أن الشركة لم تضع يدها إلا على القدر الذي استأجرته وتسلمته عند بدء العلاقة بينها وبين المصلحة في سنة 1951، هذا الادعاء يدحضه ما اعترف به المدعي أثناء نظر الدعوى وفي تقرير الطعن من أن هناك أراض ضمتها الشركة إلى الأرض المؤجرة إليها وأن هذا الضم كان في سنة 1958 في ظل أحكام القانون رقم 86 لسنة 1956، كما يدحضه أيضاً أنه عندما تقدم المدعي في سنة 1953 بطلب شراء الأرض المقام عليها المصنع ذكر أنها خمسة أفدنة منها اثنان مقام عليهما المصنع وثلاثة أفدنة أرض فضاء تحيط به.
ومن حيث أن الملفات الخاصة بالموضوع والمقدمة من المصلحة تضم عدة محاضر إثبات حالة محررة بمعرفة موظفين مختصين، كما تضم عدة معاينات تمت بواسطة لجان فنية لتحديد مساحة الأرض المؤجرة وما أقيم عليها من مبان ومنشآت، وقد دعي المدعي إلى حضور أغلب هذه المعاينات وحضر بالفعل عند إجراء بعضها، وقد أشر على أحد محاضر إثبات الحالة بالنظر وعلى أحد تقارير المعاينة بالاطلاع دون أن يبدي أي اعتراض أو تحفظ، اللهم إلا ما أثبت على لسانه بتقرير المعاينة المشار إليها من أنه قرر - بعد أن ثبت أن الشركة ضمت بعض الأراضي إلى الأرض المؤجرة - أن الشركة رفعت يدها عن هذه الأرض.
ومن حيث إن المدعي لم يحاول سواء أثناء نظر الدعوى أو الطعن تفنيد البيانات التفصيلية التي تضمنتها المحاضر والتقارير الرسمية المودعة ملفات الموضوع، عن مساحة الأرض المؤجرة وما أقيم عليها من مبان ومنشآت، ولم يقدم أي دليل على عدم صحة ما ثبت بها، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة أن منازعة المدعي في مساحة الأرض التي كانت الشركة تضع يدها عليها وما أقامته عليها من مبان ومنشآت، ليست منازعة جدية، ونرى أن يكون المعول عليه بالنسبة إلى المساحة التي يحاسب المدعي عن إيجارها ما هو ثابت بالمحاضر والتقارير الرسمية المودعة بالأوراق والتي لم يقدم المدعي أي دليل على عدم صحتها.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المسألة الثانية وهي القانون الواجب التطبيق على العلاقة محل المنازعة، فإن الثابت من الأوراق أن العقد الذي أبرم بين المدعي والمصلحة في سنة 1951 قد عقد دون اتفاق على مدة، ولما كان القانون رقم 136 لسنة 1948 الذي أبرم العقد في ظله لم يتضمن أي نصوص خاصة بتجديد مدة العقد فإنه يتعين والحالة هذه الرجوع في هذا الشأن إلى الأحكام العامة الواردة في القانون المدني.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقضي به المادة 563 من القانون المدني عن أنه "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة" فإن العقد الذي أبرم بين المدعي والمصلحة يعتبر منعقداً لمدة سنة وهي الفترة المعينة لدفع الأجرة.
ومن حيث إن القانون رقم 136 لسنة 1948 سالف الذكر قد خلا كذلك من أي نص خاص بتجديد مثل هذا العقد ويتعين كذلك الرجوع في هذا الشأن إلى ما أورده القانون المدني من أحكام.
ومن حيث إنه طبقاً لما تقضي به المادة 599 من القانون المدني من أنه "إذا انتهى عقد الإيجار وبقى المستأجر منتفعاً بالعين المؤجرة بعلم المؤجر ودون اعتراض منه، اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى ولكن لمدة غير معينة، وتسري على الإيجار إذا تجدد على هذا الوجه أحكام المادة 563، ويعتبر هذا التجديد الضمني إيجاراً جديداً لا مجرد امتداد للإيجار الأصلي". فإن بقاء الشركة منتفعة بالعين المؤجرة بعلم المصلحة ودون اعترض منها بعد انتهاء مدة العقد يعتبر تجديداً ضمنياً للعقد بشروطه الأولى لمدة سنة وهكذا.
ومن حيث إنه ولئن كان هذا هو الأصل العام في شأن تجديد عقد الإيجار إلا أنه ليس من المحتم إذا انتهى عقد الإيجار وبقى المستأجر بعد ذلك في العين المؤجرة أن يعد بقاء المستأجر هذا تجديداً ضمنياً لعقد الإيجار، فقد توجد ظروف يتعارض وجودها مع افتراض هذا التجديد.
ومن حيث إن بقاء الشركة منتفعة بالأرض المؤجرة بعد انتهاء مدة العقد في ظل سريان أحكام القانون رقم 66 لسنة 1953 لا يمكن اعتباره تجديداً ضمنياً للعقد ذلك أن المادة 48 من القانون سالف الذكر وهي تسري بأثر فوري من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تقضي بأن "يصدر عقد الاستغلال لمدة لا تزيد على سنة بقرار من مدير مصلحة المناجم والمحاجر ولمدة لا تزيد على تسع سنوات بقرار من وزير التجارة والصناعة، فإن زادت المدة على تسع سنوات وجب أن يصدر العقد بقانون لمدة لا تجاوز ثلاثين سنة قابلة للتجديد" وهذا الحكم يسري على عقود استئجار الأراضي لأغراض استغلال المناجم والمحاجر، باعتبارها عقوداً تبعية على نحو ما أوضحنا فيما تقدم، ومن ثم فإنه لا يمكن في الحالة الماثلة افتراض موافقة المصلحة على تجديد العقد وهي لا تملك طبقاً للسلطة المخولة لمديرها بمقتضى المادة 48 سالفة الذكر أن تبرم عقداً لمدة تزيد على سنة، وبالتالي أن توافق على تجديد عقد لمدة تزيد على سنة، وإنما الذي يملك هذا الحق هو وزير التجارة والصناعة، ويعتبر بقاء الشركة منتفعة بالأرض المؤجرة في هذه الحالة بمثابة تعاقد جديد تم في ظل القانون رقم 66 لسنة 1953 ومن ثم تسري عليه أحكامه وكذلك الشأن بالنسبة إلى بقاء الشركة منتفعة بالأرض المؤجرة بعد انتهاء مدة العقد في ظل سريان أحكام القانون رقم 88 لسنة 1956 فإنه يعتبر بمثابة تعاقد جديد تم في ظل القانون المشار إليه ومن ثم تسري عليه أحكامه، ذلك أن تحديد مدة الإيجار أصبح منوطاً لما تقضي به المادة 26 من هذا القانون لوزير التجارة والصناعة وعلاقة الشركة بالمصلحة - على ما يبين من سرد الوقائع - لم تتعد نطاق المصلحة.
ومن حيث إن الشركة المدعية لم تكن في ضوء ما تقدم بحاجة - لكي تسري عليها أحكام كل من القانونين رقم 66 لسنة 1953 و88 لسنة 1956 بأثر مباشر من تاريخ انتهاء مدة عقدها في ظل سريان أحكام كل منهما - لم تكن بحاجة إلى أن تتقدم بطلب لسريان أحكام هذين القانونين عليها طبقاً لما تقضي به المادة 23 من القانون رقم 66 لسنة 1953 والمادة 49 من القانون رقم 68 لسنة 1956، بعد أن ثبتت أحقيتها في تطبيق أحكامهما على التفصيل الذي أوردناه، ويكون استناداً لحكم المطعون فيه إلى عدم تقدمها بهذا الطلب في رفض هذا الشق من دعواها في غير محله.
ومن حيث إنه لا حجة كذلك فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تسلم الشركة مساحات جديدة من الأرض في تواريخ لاحقة لإبرام العقد في سنة 1951 يعتبر امتداداً لهذا العقد، ذلك أن العقد الذي أبرم في سنة 1951 قد تضمن تعييناً للعين المؤجرة لا يسمح بهذا الامتداد، ومن ثم فإن تسليم الشركة مساحات جديدة من الأرض بعد تسلمها الأرض التي كانت محلاً للتعاقد في سنة 1951 لا يمكن إلا أن يكون إنشاء لرابطة جديدة تسري عليها أحكام القانون القائم وقت إنشائها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه - وقد قضى بأن القانون الواجب التطبيق على العلاقة بين الشركة والمصلحة هو القانون رقم 136 لسنة 1948 الذي أبرم العقد في ظله وأنه لا مجال لتطبيق أحكام القانونين رقم 66 لسنة 1953 و88 لسنة 1956 - قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبأحقية الشركة المدعية في أن تجري تسوية مستحقات المصلحة قبلها عن الأرض المؤجرة لها على أساس أن عقد إيجار هذه الأرض تسري عليه أحكام كل من القوانين رقم 138 لسنة 1948، 66 لسنة 1953، 88 لسنة 1956 على الوجه المبين بهذه الأسباب، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الشركة المدعية تسوية مستحقات الجهة الإدارية قبلها على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق