الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعنان 26 ، 31 لسنة 25 ق جلسة 29 / 10 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 92 ص 605

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

---------------

(92)
في الطعنين رقمي 26، 31 سنة 25 القضائية

(أ) اختصاص "اختصاص محكمة النقض". عمل "التحكيم في منازعات العمل".
اختصاص محكمة النقض بالطعون التي رفعت إليها قبل العمل بالق 8/ 57.
(ب) نقض "إجراءات الطعن" "ميعاد الطعن". حكم "القبول المانع من الطعن". عمل "التحكيم في منازعات العمال".
وجوب اتباع أحكام قانون المرافعات بالنسبة لإجراءات الطعن بالنقض في قرارات هيئات التحكيم. عدم قيام الدليل على قبول القرار المطعون فيه. عدم انقضاء 30 يوم عند التقرير بالطعن على إعلان القرار. اعتباره مقدماً في الميعاد ومقبولاً.
(ج) نقض "المصلحة في الطعن". حكم "الطعن فيه" "شروطه" "شرط المصلحة".
تمسك الطاعنة بالدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم الوارد على طلب عمال المقاول اعتبارهم تابعين رأساً لصاحب العمل. عدم تعرض القرار المطعون فيه في منطوقه لهذا الطلب. قضاء القرار في منطوقه بتقرير حق العمال الشاكين ضد المقاول في المساواة بينهم وبين عمال صاحب العمل في الأجور. النعي على القرار فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص يكون وارداً على غير مطعن. لا مصلحة للطاعنة فيه.
(د) عمل "التزامات صاحب العمل" "أجر العامل" "المساواة في الأجور" "م 15 من قانون عقد العمل الفردي ومدى سريانها". نقض "حالات الطعن" "الخطأ في القانون".
وجوب المساواة في الحقوق بين عمال صاحب العمل وعمال من عهد إليه بتأدية عمل من أعماله الأصلية أو جزء منها. م 15 من الق 317/ 1952 معدلة بالق 309/ 1953. ما المقصود بالأعمال الأصلية بالنسبة للشركات؟ ليست منها الأعمال الطارئة أو الدورية. مثال. أشغال النجارة والنحاس والبويات. خطأ الحكم في إعطائها الوصف القانوني الصحيح يستوجب نقضه.

--------------------
1 - تختص محكمة النقض بالفصل في الطعون التي رفعت إليها عن قرارات هيئات التحكيم قبل العمل بالقانون رقم 8 سنة 1957 وذلك وفقاً لمؤدى نص المادة 3 من هذا القانون.
2 - نص القانون رقم 8 لسنة 1957 على أن يتبع في إجراءات الطعن بالنقض في قرارات هيئات التحكيم الأحكام الواردة في قانون المرافعات - فإذا كان المطعون عليه قد دفع الطعن بأنه غير مقبول لأن الطاعنة قبلت القرار المطعون فيه ولفوات ميعاد الطعن الذي بدأ في 11 فبراير سنة 1954 تاريخ القرار الصادر في النزاع رقم 164 سنة 53، وكان لم يقم أي دليل يستفاد منه قبول الطاعنة للقرار المطعون فيه، وكان قرار 11 فبراير سنة 1954 غير منه للخصومة لأنه اقتصر على إحالة الطلبات الجديدة للعمال إلى مكتب العمل، وكان لم ينقض عند التقرير بهذا الطعن ثلاثون يوماً على إعلان القرار المطعون فيه بل على تاريخ صدوره. فإن الطعن يكون مقدماً في ميعاده ومقبولاً.
3 - إذا كان القرار المطعون فيه قد قضى في منطوقه بتقرير حق العمال الشاكين ضد المقاول في المساواة بينهم وبين العمال الذين يقومون بمثل عملهم من المقيدين بسجلات الشركة في الأجور وغيرها من المزايا والمنصوص عليها في نظام الشركة الصادر في سنة 1919 وذلك بأثر رجعي من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل وأن تكون الشركة متضامنة مع المقاول في ذلك، وكانت الطاعنة تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم، وكان هذا الدفع الذي تتمسك به الطاعنة وارداً على طلب العمال اعتبارهم تابعين رأساً للشركة، وكان القرار المطعون فيه لم يتعرض في منطوقه لهذا الطلب - فإن النعي على قرار هيئة التحكيم فيما قضى به من رفض الدفع يكون وارداً على غير مطعن، ولا يكون للطاعنة مصلحة فوتها القرار المطعون فيه.
4 - حددت المادة 15 من قانون العمل الفردي المعدلة بالقانون رقم 309 سنة 1953 الأعمال الأصلية بالنسبة للشركات - بأنها الأعمال التي من أجلها أنشئت الشركة والمنصوص عليها في عقد تأسيسها أو في عقد امتيازها - ونصت في فقرتها الأخيرة على أنه لا يعتبر من الأعمال الأصلية الأعمال التي ليست لها صفة الدوام والاستمرار. كالأعمال الطارئة أو الدورية حتى ولو كانت مرتبطة بالعمل الأصلي أو مكملة له أو تتفق طبيعتها وطبيعة العمل الأصلي، فإذا كان القرار المطعون فيه قد سلم بأن الأعمال التي يقوم بها العمال الشاكون لم ترد في عقد امتياز الشركة أو لائحة تأسيسها ولكنه برر قضاءه بأنها أعمال مرتبطة بالعمل الأصلي ومكملة له وتتفق طبيعتها مع طبيعته ووصفها بصفة الدوام والاستمرار - وهو وصف قانوني خاطئ لتلك الأعمال - وهي أشغال النجارة والنحاس والبويات التي تعهد المقاول بالقيام بها بواسطة عماله بأجور محددة على أساس وحدة العمل وفي أجل محدد - فهي أعمال لا تعدو أن تكون طارئة أو دورية. مما يخضعها لرقابة محكمة النقض وإعطائها الوصف القانوني الصحيح مما يخرجها من الأعمال الأصلية التي نصت عليها المادة 15 معدلة من قانون العمل الفردي، فإن القرار المطعون فيه بإعماله حكم هذه المادة وتقرير حق العمال الشاكين في المساواة بينهم وبين عمال الشركة في سائر الحقوق والمزايا، وإلزام المقاول بذلك بالتضامن مع الشركة. يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عمال المقاول حسانين أحمد بدران المطعون عليه الثاني في الطعن رقم 26 سنة 25 ق قدموا إلى مكتب العمل شكوى طلبوا فيها مساواتهم بعمال شركة قنال السويس الطاعنة والتي حل محلها في الطعن هيئة قنال السويس - في جميع الحقوق والمزايا استناداً إلى المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 الخاص بعقد العمل الفردي، وبعد أن قام مكتب العمل ببحث الشكوى أحيلت إلى لجنة التوفيق ثم إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة، وقيد هذا النزاع برقم 164 لسنة 1953، وقررت هذه الهيئة بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1953 رفض الدفع التي أبدته الطاعنة بعدم اختصاص هيئة التحكيم كما قررت ندب اثنين من أعضائها للانتقال إلى مقر عمل الشاكين لتحقيق دفاعهم، فلما قدم العضوان تقريرهما عدل ممثل نقابة العمال طلباته بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1953 إلى طلب اعتبار هؤلاء العمال تابعين رأساً للشركة، وأضاف أن إدخال المقاول لم يقصد به إلا أن يكون الحكم في مواجهته. ودفعت الطاعنة بجلسة 21 من يناير سنة 1954 بعدم قبول هذه الطلبات لأنها تنطوي على نزاع جديد يجب أن يعرض على مكتب العمل ثم لجنة التوفيق ثم هيئة التحكيم. وأصدرت هيئة التحكيم قرارها في 11 من فبراير سنة 1954 بإحالة الطلبات الجديدة إلى مكتب العمل ليتخذ في شأنها الإجراء المقرر في القانون، واستندت في قرارها إلى أن النزاع في وصفه الأول الذي أقيم عليه يختلف عن وصفه الذي انتهى إليه وأنه لم يعرض بالوصف الجديد على مكتب العمل ولا لجنة التوفيق. وقد قيد النزاع الجديد برقم 97 لسنة 1954 وأحيل إلى لجنة التوفيق ثم هيئة التحكيم، ودفعت الطاعنة بعدم اختصاص الهيئة بنظره، وأصدرت الهيئة قرارها المطعون فيه بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1954 بتقرير حق العمال الشاكين ضد المقاول في المساواة بينهم وبين العمال الذين يقومون بمثل عملهم من المقيدين بسجلات الشركة العالمية لقناة السويس في الأجور وغيرها من سائر الحقوق والمزايا المنصوص عليها في نظام الشركة الصادر في سنة 1919 وذلك بأثر رجعي من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل وأن تكون الشركة متضامنة مع المقاول في ذلك. وأشارت الهيئة في أسباب قرارها الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1953 قد تضمن الرد على الدفع بعدم الاختصاص المقام على نفس الأسباب فلا ترى داعياً لإعادة بحث هذا الدفع والرد عليه، وقد طعنت الشركة العالمية لقناة السويس في هذا القرار بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 25 من يناير سنة 1955. كما طعن فيه المقاول السيد/ حسانين أحمد بدران بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 27 من يناير سنة 1955 وقيد الطعن الأول برقم 26 سنة 25 ق كما قيد الطعن الثاني برقم 31 سنة 25 ق، وقد عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون بجلسة 24 من مارس سنة 1959 وفيها أصر كل طاعن على طلباته وطلبت النيابة في كل منهما إحالة الطعن على الدائرة المدنية والتجارية. وأصدرت المحكمة قرارها بإحالة كل من الطعنين إلى الدائرة المدنية والتجارية، ولدى هذه المحكمة أصر كل طرف على طلباته. كما أصرت النيابة على طلب نقض الحكم. ولما كان الطعنان عن قرار واحد فترى المحكمة ضم الطعن رقم 31 سنة 25 ق إلى الطعن 26 سنة 25 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن المطعون عليه الأول دفع الطعن 26 سنة 25 ق بعدم جوازه استناداً إلى المادة السادس عشر من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 وهي تنص على أن قرار هيئة التحكيم نهائي ولذلك فإن محكمة النقض لا تختص بالنظر فيه.
وحيث إن هذا الدفع قد أصبح غير ذي موضوع بعد أن صدر القانون رقم 8 لسنة 1957 معدلاً لبعض أحكام المرسوم بقانون 318 لسنة 1952، وقد نص ذلك القانون في مادته الثالثة على أن محكمة النقض تختص بالفصل في الطعون التي رفعت إلهيا عن قرارات هيئات التحكيم قبل العمل بالقانون المذكور.
وحيث إن المطعون عليه الأول دفع هذا الطعن أيضاً بأنه غير مقبول لأن الطاعنة قبلت القرار المطعون فيه - ولفوات ميعاد الطعن الذي بدأ في 11 من فبراير سنة 1954 تاريخ القرار الصادر في النزاع رقم 164 لسنة 53.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد لأن القانون رقم 8 لسنة 1957 نص على أنه يتبع في إجراءات هذا الطعن الأحكام الواردة في قانون المرافعات المدنية - لما كان ذلك، ولم يقم أي دليل يستفاد منه قبول الطاعنة للقرار المطعون فيه. وكان قرار 11 من فبراير سنة 1954 غير منه للخصومة لأنه اقتصر على إحالة الطلبات الجديدة للعمال إلى مكتب العمل. ولم ينقض عند التقرير بهذا الطعن ثلاثون يوماً على إعلان القرار المطعون فيه بل على تاريخ صدوره. فإن الطعن يكون مقدماً في ميعاده ومقبولاً ومن ثم يتعين رفض هذا الدفع بشطريه.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن هيئة قناة السويس تنعى في السبب الأول من أسباب طعنها مخالفة القرار المطعون فيه للقانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص، وأسندت ذلك إلى وجوه ثلاثة أولها، أن النزاع رقم 164 سنة 53 قد حصل التنازل عنه بغير تحفظ ورفع عوضاً عنه النزاع رقم 97 سنة 54 وهو جديد يختلف عن سابقه أطرافاً وموضوعاً وسبباً. وقد استظهرت هيئة التحكيم هذه الحقيقة ولم يختصم المقاول في النزاع الأخير وإنما طلب إبقاؤه ليصدر الحكم في مواجهته. وقد دفعت الطاعنة النزاع الأخير بعدم اختصاص الهيئة بنظره ولكن الهيئة قررت رفض هذا الدفع مكتفية في تسبيب ذلك بمجرد الإحالة على قرار سابق أصدرته في النزاع السابق رقم 164 سنة 53 مع أنه عدل عنه ويختلف عن النزاع الجديد من حيث التوجيه والأسس والتكييف. ولم تكن الطلبات الجديدة في النزاع 97 سنة 53 إضافة على الطلبات السابقة. فبينما الطلبات الأولى في النزاع 164 سنة 53 تقوم على جدية عقد المقاولة فيما بين الشركة والمقاول وجدية عقد العمل الفردي بين أفراد فريق العمال والمقاول. إذ بالطلبات الجديدة على نقيضها ولا ترتكز على المادة 15 من المرسوم بقانون 318 سنة 52 التي تعطي عمال المقاول حقاً مباشراً على صاحب المقاولة زيادة في تأمينهم ولا تعدو أن تكون تطبيقاً للقاعدة المقررة في المادة 662 مدني، وقيام هذا الحق لا يستتبع كون العمال عمالاً لدى صاحب المقاولة وأن عقد العمل معقود بينهما قانوناً، وثانيها. خلو القرار المطعون فيه من التسبيب في قضائه برفض الدفع بعدم الاختصاص وقد قنعت هيئة التحكيم في ذلك بالإحالة على أسباب قرارها القديم الذي أصدرته في النزاع 164 سنة 53 الذي زال وانقضى بعدول العمال عنه وليس ذلك القرار من أوراق النزاع الحالي ولا يقوم على ذات الطلبات ولا على أساس جامع مشترك. مع أن تسبيب القرار واجب بنص المادة 16 من المرسوم بقانون 318 سنة 52. ولا يسمح هذا الواجب بالاكتفاء بالإشارة إلى ورقة قضائية ليست في النزاع الحالي بغير بيان مضمونها في القرار. كما أن اختصاص الهيئة على فرض تحققه بالنسبة للطلبات القديمة لا يقتضي وحده وبذاته اختصاصها بالطلبات الجديدة التي تقوم على ثبوت انعقاد عقد العمل الفردي بين الشركة والعمال وصورية انعقاد عقد العمل بينهم وبين المقاول وصورية تعاقد المقاول مع الشركة وليس في قرار 31 من أكتوبر سنة 1953 من المبادئ العامة والأصول الجامعة ما يصلح لتقرير اختصاص الهيئة بما قدمه لها من طلبات جديدة. وثالثها. أن ولاية التحكيم استثنائية ومقيدة بعقدة أو بنص القانون، والذي يبين من نص المادة الأولى من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 أن ولاية هيئات التحكيم مقصورة على صاحب العمل وعماله دون غيرهم. فحيث يتعلق الأمر بالتزام شخص ثالث فإن النزاع يخرج عن ولايتها. وحيث يتناول النزاع مسئولية غير طرفي التحكيم فإنه يكون نزاعاً مركباً يقتضي الفصل في علاقة هذا الغير بأحد طرفي عقد العمل وهي علاقة لها كيانها الخاص ولا يجوز أن تكون محلاً لتحكيم بغير اتفاق أو نص في القانون، وقد تجنبت نصوص قانون التوفيق والتحكيم دعوة أحد غير رب العمل وعماله، وطرفا عقد العمل يعتبران قابلين سلفاً الخضوع للتحكيم أما من عداهما فلا تمتد إليه ولاية هيئات التحكيم. ثم إن التحكيم مقصور على النزاع الخاص بالعمل وشروطه. أما النزاع على انعقاد عقد العمل الفردي أو وجوده فهو نزاع فردي ولو تعدد المتنازعون. والنزاع 97 سنة 54 هو نزاع في انعقاد عقد العمل الفردي وفي صحة عقد المقاولة الطلبات فيه بطبيعتها لا يجوز أن يكون محلاً للتحكيم، لأن التحكيم لا يكون في حالة الخلاف على أصل وجود علاقة العمل وإنما يكون بين طرفي علاقة عمل موجودة، وقد كان انعقاد عقد العمل بين الشركة وفريق العمال الشاكين مجحوداً من الشركة، وإذ انتهى القرار المطعون فيه إلى إلزام المقاول بصفة أصلية والشركة بصفتها ضامنة فإنه يكون قد أنكر وجود عقد العمل بين العمال والشركة مما كان يقتضي الحكم بعدم الاختصاص في النزاع 97 لسنة 1954.
وحيث إن هذا النعي لا يواجه القرار المطعون فيه - ذلك أن هذا القرار إنما قضى في منطوقه بتقرير حق العمال الشاكين ضد المقاول في المساواة بينهم وبين العمال الذين يقومون بمثل عملهم من المقيدين بسجلات الشركة في الأجور وغيرها من المزايا والمنصوص عليها في نظام الشركة الصادر في سنة 1919 وذلك بأثر رجعي من تاريخ التحاق كل منهم بالعمل وأن تكون الشركة متضامنة مع المقاول في ذلك. ولما كان الدفع بعدم الاختصاص الذي تتمسك به الطاعنة في المرحلة الأخيرة وارداً على طلب العمال باعتبارهم تابعين رأساً للشركة، وكان القرار المطعون فيه لم يتعرض في منطوقه لهذا الطلب فإن النعي على قرار هيئة التحكيم فيما قضى به من رفض الدفع بعم اختصاص هيئة التحكيم يكون وارداً على غير مطعن، ولا يكون للطاعنة مصلحة فوتها القرار المطعون فيه ومن ثم يتعين رفض هذا السبب بكافة وجوهه.
وحيث إن مبنى السبب الثاني في كل من الطعنين أن القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي المعدلة بالقانون رقم 309 لسنة 1953، ذلك أن تطبيق تلك المادة منوط بتوفر ثلاثة شروط - أن يكون العمل المعهود به إلى المقاول من الأعمال الأصلية لصاحب العمل، وأن يعتبر عملاً أصلياً ما يدخل في الأعمال التي أنشئت الشركة من أجلها والمنصوص عليها في عقد تأسيسها أو عقد امتيازها - ويخرج من عداد الأعمال الأصلية ما ليست له صفة الاستمرار حتى ولو كانت مرتبطة بالعمل الأصلي أو مكملة أو له أو تتفق طبيعتها وطبيعة الأعمال الأصلية، وقد استعرضت الطاعنة في نعيها ما جاء في عقد الامتياز الأول الممنوح للشركة في 30 نوفمبر سنة 1854 وما نص عليه فرمان 5 يناير سنة 1856 وما أورده النظام الأساسي للشركة من الأعمال التي لأجلها أنشئت الشركة، كما استعرضت موضوع عقد المقاولة المعقود بين الشركة والمطعون عليه الثاني وخلصت إلى القول بأن الأعمال التي أنشئت لأجلها الشركة وهي الأعمال الأصلية التي لها صفة الدوام والاستمرار والتي نص عليها في عقد الامتياز هي إنشاء قناة صالحة للملاحة البحرية الكبرى واستغلالها والقيام على صيانتها والمرافق التابعة لها، أما الأعمال الفرعية (الثانوية) كالطلاء بالبوية أو أعمال النجارة أو النحاس فليست أعمالاً أصلية لأن الشركة لم تنشأ لإجرائها بصفة أصلية أو تبعية. إذ ليست من أعمال شق القناة ولا من مستلزمات استغلالها. كما أنها ليست لها صفة الاستمرار. ولا مكملة للأعمال الأصلية ولا مرتبطة بها ارتباطاً مباشراً. وليس أدل على صفتها العرضية مما نص عليه البند الثالث من عقد المقاولة من جواز استقلال الشركة بإلغائه بعد شهرين من تاريخ الإنذار، وواقع الأمر أن أحكام المادة 15 من قانون عقد العمل الفردي أقيمت على فكرة التخصص الاقتصادي، وهذا شأن الطاعنة فهي بحكم أغراضها لا تتوافر لها مقومات ذلك التخصص في أعمال النجارة أو الطلاء ولو مارستها لتكلفت مبالغ طائلة، ثم انتهت الطاعنة إلى القول بأن هيئة التحكيم إذ أقامت قضاءها في تطبيق المادة 15 على أن أعمال المقاولة مرتبطة بأعمال الشركة وتتفق معها في طبيعتها فضلاً عن أن لها صفة الدوام والاستمرار تكون قد أخطأت في تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 15 وهي تقرر أنه يجب لاعتبار الأعمال المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة عملاً أصلياً أن تكون له صفة الدوام والاستمرار، فإذا لم يكن كذلك فلا يكون عملاً أصلياً ولو كان مرتبطاً بالعمل الأصلي متفقاً معه في طبيعته. وقد قصد بالفقرة الأخيرة من المادة 15 منع التوسع في التفسير واستثناء الأعمال التي تدخل في هذا النزاع الأخير ولو كان منصوصاً عليها في معرض بيان الأغراض التي أنشئت من أجلها الشركة.
وحيث إن هيئة التحكيم استعرضت في قرارها المطعون فيه عقد امتياز الشركة الصادر في 30 نوفمبر سنة 1854 وعقد الامتياز الثاني الصادر في 5 يناير سنة 1856 والنظام الأساسي للشركة الصادر في 22 فبراير سنة 1866 وقد تناولت جميعها الأغراض التي أنشئت لأجلها الشركة وهي شق برزخ السويس واستغلال طريق صالح للملاحة الكبرى وإعداد مدخلين أحدهما على البحر الأبيض والآخر على البحر الأحمر وبناء مرفأ أو مرفأين وإنشاء قناة للري صالحة للملاحة النهرية تصل النيل بالقناة المذكورة وإنشاء فرعين للري والشرب يأخذان من القناة الأخيرة لجلب المياه إلى السويس وبور سعيد واستغلال الأراضي الممنوحة للشركة واستخراج جميع المواد اللازمة لأعمال القناة من المناجم والمحاجر الداخلة في الأملاك العامة وموالاة صيانة القناة البحرية والمواني التابعة لها والقناة المتصلة بالنيل والمتفرعة عنها على نفقتها، وللشركة أن تنفذ بذاتها الأعمال المكلفة بها أو تعهد بها إلى مقاولين بطريق المناقصة أو الممارسة. ثم استعرضت عقود المقاولة بين المطعون عليه الثاني والشركة بورش القسم الثاني بالإسماعيلية وهي تتناول قيام المقاول بأشغال نجارة الهياكل والنحاس والبويات وغيرها من الأعمال التي يعهد بها إليه داخل نطاق الورش أو في أي منطقة أخرى من مدينة الإسماعيلية أو من القناة البحرية أو في مواقع العمل المختلفة للشركة وأن تكون مواعيد العمل هي نفس المواعيد المعمول بها بورش الشركة وبمواقع العمل، على أن تورد الشركة المهمات والعدد والآلات الخاصة لتنفيذ الأعمال فيما عدا العدد الشخصية على أن يكون تنفيذ الأعمال حسب أصول الفن مع تطبيق الطرق المتبعة بالورش وطبقاً للبيانات التي يدلي بها موظفو الشركة الذين لهم الصفة في أن يتحققوا من إتمامها وقبولها أو رفضها إذا لم تنفذ على الوجه الأكمل. وأشارت الهيئة إلى ما جاء في معاينة عضوي الهيئة الذين انتقلا إلى مقر العمل وما جاء به من أن العمال الشاكين يقومون بأعمال للشركة تدخل في نطاق أعمالها الأصلية ويشترك معهم أحياناً عمال الشركة المقيدين بسجلاتها ويعملون معهم جنباً إلى جنب في عمل واحد وداخل ورش الشركة وأمكنة العمل الخاصة بها وتحت إشراف موظفين من قبلها كما تعهد إلى بعضهم بأعمال فنية تتطلب دراية خاصة أسوة بزملائهم من عمال الشركة.
وحيث إن هيئة التحكيم بعد أن استعرضت في قرارها كل ما ذكر أقامت قضاءها على أن هذه الأعمال وإن كانت لم ترد صراحة في عقد امتياز الشركة أو في لائحة تأسيسها إلا أنها من الأعمال المرتبطة بالعمل الأصلي والمكملة له وتتفق طبيعتها وطبيعة العمل الأصلي وتتميز فضلاً عن ذلك بصفة الاستمرار والدوام. فالشركة في سبيل صيانة القناة البحرية والمرافق التابعة لها والقناة المتصلة بالنيل والقنوات الأخرى المتفرعة منها تقوم به عن طريق المقاولين من الباطن. وهي في كلا الحالين صاحبة العمل والمستفيدة منه. ومن ثم وجب أن تكون مسئولة بالتضامن مع المقاول في جميع الحقوق الخاصة بعمال هذا الأخير، ووجب على المقاول أن يسوي بين عماله وعمال صاحب العمل وذلك إعمالاً لنص المادة 15 من قانون العمل الفردي وتحقيقاً لقصد الشارع منها.
وحيث إن هذا الذي أقيم عليه القرار المطعون فيه غير صحيح في القانون - ذلك أن المادة 15 من قانون العمل الفردي المعدلة بالقانون رقم 309 سنة 1953 قد حددت الأعمال الأصلية بالنسبة للشركات بأنها الأعمال التي من أجلها أنشئت الشركة والمنصوص عليها في عقد تأسيسها أو في عقد امتيازها، ونصت في فقرتها الأخيرة على أنه لا يعتبر من الأعمال الأصلية الأعمال التي ليست لها صفة الدوام والاستمرار كالأعمال الطارئة أو الدورية حتى ولو كانت مرتبطة بالعمل الأصلي أو مكملة له أو تتفق طبيعتها وطبيعة العمل الأصلي. وقد سلم القرار المطعون فيه بأن الأعمال التي يقوم بها العمال الشاكون لم ترد في عقد امتياز الشركة أو لائحة تأسيسها، ولكنه برر قضاءه بأنها أعمال مرتبطة بالعمل الأصلي ومكملة له وتتفق طبيعتها مع طبيعته ووصفها بصفة الدوام والاستمرار وهو وصف قانوني خاطئ لتلك الأعمال وهي أشغال النجارة والنحاس والبويات التي تعهد المقاول بالقيام بها بواسطة عماله بأجور محددة على أساس وحدة العمل وفي أجل محدد هو المدة التي عقد لها عقد المقاولة والتي تنتهي بانتهاء سنة 1954 أو قبل ذلك إذا ما أنذرت الشركة المقاول قبل إلغاء العقد بشهرين. فهي أعمال لا تعدو أن تكون طارئة أو دورية - مما يخضعها لرقابة هذه المحكمة وإعطائها الوصف القانوني الصحيح بما يخرجها عن الأعمال الأصلية التي نصت عليها المادة 15 معدلة من قانون العمل الفردي كما جرى به قضاء هذه المحكمة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بإعماله حكم هذه المادة وتقرير حق العمال الشاكين في المساواة بينهم وبين عمال الشركة في سائر الحقوق والمزايا وإلزام المقاول بذلك بالتضامن مع الشركة قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق