الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 ديسمبر 2020

الطعن 383 لسنة 39 ق جلسة 30 / 4 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 169 ص 873

جلسة 30 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، والدكتور محمد زكي عبد البر، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي.

-------------------

(169)
الطعن رقم 383 لسنة 39 القضائية

(1،  (2 حجز "الحجز الإداري". ضرائب.
 (1)الأمر الصادر بتوقيع الحجز الإداري. شرط صحته. لا عبرة بالاختصاص المكاني للآمر بالحجز طالما أنه مفوض قانوناً بإصداره.
 (2)صدور أمر الحجز التنفيذي الإداري ممن له صفة في إصداره لتحصيل الضريبة. لا وجه للتحدي بوجوب تقديم قرار مدير عام مصلحة الضرائب الذي أناب مصدر الأمر للتحقق من نطاقه وحدوده.
 (3)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". محكمة الموضوع. نظام عام.
عدم إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لإعلان المحجوز لديه. جزاؤه. اعتبار الحجز كأن لم يكن. م 29/ 1 ق 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري. هذا الجزاء غير متعلق بالنظام العام. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. التقرير بما في الذمة لا يعد تنازلاً عن العيب. لقاضي الموضوع سلطة استخلاص النزول الضمني.
 (4)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير" بطلان.
النعي ببطلان حجز ما للمدين لدى الغير لعدم إرفاق الحاجز صورة من التقرير بما في الذمة بأوراق التنفيذ. ثبوت إرفاق تقرير آخر حاصل بشأن حجز سابق لذات الدين، تضمن ذات المبالغ التي في ذمة المحجوز لديه. تحقق الغاية من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه. علة ذلك.
( 5و6) حجز "حجز ما للمدين لدى الغير". تقادم "تقادم مسقط".
 (5)حجز ما للمدين لدى الغير. يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه. هذا الإعلان ينقطع به التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه كما ينقطع به التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز.
 (6)الحجز الصحيح. بقاؤه منتجاً لآثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو رضاء أصحاب الشأن أو سقوطه لسبب عارض بحكم القواعد العامة. توقيع الحجز الإداري بما للمدين لدى الغير. عدم سقوطه بالتقادم أسوة بالحجز على المنقول لدى المدين. علة ذلك.
 (7)نقض "سلطة محكمة النقض" حكم "عيوب التدليل".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة. لمحكمة النقض تقويم الحكم على أساس التطبيق القانوني السليم.
(8) قانون "تنازع القوانين من حيث المكان". حجز. اختصاص.
توقيع حجز ما للمدين لدى الغير في مصر على أموال موجودة فيها لمدين مصري الجنسية، هي قيمة وثائق تأمين أبرمت في مصر. الدعوى ببطلان هذا الحجز. اختصاص المحاكم المصرية بنظرها. وجوب تطبيق القانون المصري بشأنها.
 (9)حجز "حجز ما للمدين لدى الغير".
توقيع حجز ما للمدين لدى الغير. أثره. وفاء المحجوز لديها إلى المحجوز عليه بالمبالغ المحجوزة لا تحاج به الحاجزة.

------------------
1 - النص في المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، يدل على أن المشرع استلزم لصحة إجراءات الحجز الإداري أن تصدر بناء على أمر حجز مكتوب وأن يكون أمر الحجز الذي يوقع بمقتضاه صادراً من شخص مفوض قانوناً بإصدار الأمر وخول رئيس الجهة الإدارية الحاجزة أو لمن ينيبه تحديد الدين المراد الحجز بمقتضاه مستهدفاً بذلك - طبقاً لما جلته المذكرة الإيضاحية للقانون - ألا يؤدي غياب ممثل الجهة الحاجزة أو بعده عن محل الحجز إلى تعطيل توقيع الحجز وتحصيل المبالغ المستحقة، مما مفاده أنه متى صدر الأمر مستوفياً هذه الشرائط فلا عبرة بالاختصاص المكاني للأمر بالحجز تفادياً لتطويل الإجراءات وتعقيدها.
2 - لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضريبية ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة، وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، والقانون رقم 99 لسنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له. وتقضي المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بأن يقصد بمصلحة الضرائب في حكم هذا القانون وزارة المالية والمصالح أو الموظفون الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح في تنفيذ هذا القانون، وإذ كان هذا النص يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً، وقد أعطت اللائحة التنفيذية لهذا القانون في المادة 47 معدلة بالقرار الوزاري رقم 36 لسنة 1954 رؤساء المأموريات التي يحددها مدير مصلحة الضرائب حق إصدار الأوراد التي تحصل بمقتضاها الضريبة طبقاً للمادة 92 من القانون كما خولت مأموري الضرائب سلطة تحصيلها. لما كان ما تقدم، وكان أمر الحجز التنفيذي الإداري قد صدر بناء على قرار مدير عام مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1955 بإنابة مأموري الضرائب ومساعديهم بالمأموريات بإصدار أوامر الحجز الإداري، وكان الأمر قد صدر من مأمورية ضرائب عطارين ثان الكائنة بمدينة الإسكندرية، فإنه لا وجه للتحدي بوجوب تقديم هذا القرار للتحقيق من نطاقه وحدوده طالما أن هذه الإنابة العامة لها سندها من نصوص القوانين الضريبية وقانون الحجز الإداري على سواء.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجز الإداري تحت يد الغير يقع بنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري بموجب محضر حجز يعلن إلى المحجوز لديه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وإن تخلف ما أوجبه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة من إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان المحضر للمحجوز لديه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن لا يؤثر على الحجز الذي سبقه وأن ما قرره المشرع من اعتبار الحجز كأن لم يكن إنما هو جزاء غير متعلق بالنظام العام، فيجوز لكل ذي مصلحة في التحلل من الواجبات التي يفرضها عليه قيام الحجز النزول عنه صراحة أو ضمناً ولئن كان مجرد تقرير المحجوز لديه للجهة الحاجزة بما في ذمته للمحجوز عليه إذ عانا لما تفرض عليه المادة 30 من القانون لا يمكن أن يعتبر وحده تنازلاً عن ذلك العيب الذي شاب الإجراء اللاحق، إلا أنه لما كان البين من الاطلاع على الإخطارين الصادرين من الشركة الطاعنة أنها لم تقتصر فيهما على التقرير بما في ذمتها للمحجوز عليه ببيان كافة ما تحت يدها لمدين مصلحة الضرائب بل أردفت ذلك باستعدادها لأداء مبالغ وثائق التأمين فور الحصول على إذن مراقبة النقد. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ذلك نزول الطاعنة عن العيب - وهو عدم إعلان المحجوز عليه بالحجز في الميعاد المحدد - فإنه مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً له سنده من الأوراق ولا يخرج عن حدود المقبول منطقاً وعقلاً.
4 - النص في المادة 31 من قانون الحجز الإداري معدلة بالقانون رقم 181 لسنة 1959، يدل على أن القانون لم يعتبر التقرير بما في الذمة هو السند التنفيذي الذي يجرى به التنفيذ على المحجوز لديه بل اعتد بسند الحاجز على المحجوز عليه مستهدفاً بإرفاق صورة من تقرير المحجوز لديه بما في ذمته بمحضر الحجز مجرد تكملة السند التنفيذي من ناحية أنه يعين ويحدد المبلغ الثابت في ذمة المحجوز لديه للمحجوز عليه. وإذ كان الثابت من الاطلاع على محضر الحجز التنفيذي المؤرخ أول إبريل 1967 أنه أرفق به صورة طبق الأصل من التقرير بما في الذمة المقدم من الشركة بتاريخ 29/ 11/ 1960 - بشأن حجز أول - وكانت البيانات الواردة بهذا التقرير لا تختلف عن البيانات التي جاءت بالتقرير المؤرخ 6 من فبراير 1962 - بشأن حجز ثان - وتضمن التقريران نفس المبالغ التي في ذمة الشركة الطاعنة لمدين مصلحة الضرائب بما يستوعب المبلغ المحجوز عليه بأكمله، فإن غاية المشرع من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه تكون قد تحققت، ويكون النعي عليه - بأن مأمورية الضرائب الحاجزة لم ترفق صورة من التقرير بما في الذمة - على غير أساس.
5 - مقتضى الحجز أياً كان نوعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه الوفاء به لدائنه أو تسليمه إليه، كما يمتنع على المحجوز عليه التصرف فيه بما يؤثر في ضمان الحاجز، وحجز ما للمدين لدى الغير يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، وإذ كانت المادة 383 من التقنين المدني تقضي بأن التقادم الساري ينقطع بالحجز وهي عبارة عامة تسري على حجز ما للمدين لدى الغير، فإنه يترتب على إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه قطع التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه اعتباراً بأن الحجز من أسباب قطع التقادم وكذلك قطع التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز، لأن الحجز وإن كان يعلن إلى المحجوز لديه إلا أنه يقصد توجيهه فعلاً إلى المحجوز عليه وينصب على ماله.
6 - الحجز الصحيح يبقى منتجاً كل آثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو برضا أصحاب الشأن أو يسقط بسبب عارض بحكم القواعد العامة، وإذ خلا الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون الحجز الإداري الخاص بحجز ما للمدين لدى الغير من نص يسمح باعتبار الحجز الإداري تحت يد الغير يسقط بالتقادم أسوة بما قررته المادة 20 من ذات القانون في شأن حجز المنقول لدى المدين كما خلا قانون المرافعات السابق - المنطبق على واقعة الدعوى - من نص مماثل فيما عدا المادة 574 الخاصة بالحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية وهي المقابلة للمادة 350 من قانون المرافعات الحالي، فإنه يترتب على توقيع الحجزين التنفيذيين المؤرخين 16/ 11/ 1960 و24/ 2/ 1962 تحت يد الشركة الطاعنة قطع التقادم سواء لمصلحة الشركة الطاعنة ضد المحجوز عليه بالنسبة لمبالغ التأمين المستحقة للمحجوز عليه أو لمصلحة هذا الأخير قبل مصلحة الضرائب الحاجزة في شأن مبلغ الضريبة ما دامت إجراءاتهما متعاقبة على النحو الذي قرره القانون، وإذ كانت الطاعنة تقرر أن مبالغ التأمين مستحقة في 15 مارس سنة 1960 كما لا تجادل في أن المطالبة بالضريبة لم تكن قد سقطت بالتقادم عند توقيع الحجزين سالفي الذكر، تبعاً لما هو الثابت من توجيه التنبيه بالدفع إلى المدين في 12 من أكتوبر سنة 1960، وإذ أعقبت المصلحة هذين الحجزين بحجز تنفيذي آخر ضد الطاعنة في أول إبريل سنة 1967 بما يترتب عليه استمرار قطع التقادم فإنه لا محل للتذرع بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغين، وذلك دون ما حاجة للتعرض لمدى اعتبار التقرير بما في الذمة إقراراً قاطعاً للتقادم أو لمدة التقادم الجديدة بعد الانقطاع.
7 - متى انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة فحسب محكمة النقض أن تبين التطبيق القانوني السليم مقومة الحكم على أساسه.
8 - تقضي الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني بسريان قانون الدولة التي تم فيها العقد عند اختلاف الموطن ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، وتنص المادة 22 من هذا القانون على أنه يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات وإذ كان الثابت من الأوراق أن وثائق التأمين قد أبرمت في مصر وأن المستأنف وهو المدين المحجوز عليه مصري الجنسية وأن الدعوى الماثلة دعوى بطلان حجز ما للمدين لدى الغير موقع في مصر على أموال موجودة فيها فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق علاوة على أن المحاكم المصرية تكون هي المختصة وحدها بنظر دعوى البطلان والطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
9 - من آثار توقيع حجز ما للمدين لدى الغير طبقاً للفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الحجز الإداري نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في ذمته للمحجوز عليه، لما كان ذلك، فإن وفاء الشركة الطاعنة - المحجوز لديها - إلى المحجوز عليه بمبالغ وثائق التأمين لا تحاج به مصلحة الضرائب الحاجزة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة....... للتأمين على الحياة - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 977 لسنة 1967 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وإدارة النقد المركزية بطلب الحكم ببطلان الحجز التنفيذي الإداري الموقع من مأمورية ضرائب العطارين ثان بتاريخ أول إبريل 1967 تحت يد بنك الإسكندرية على أموال الشركة وبعدم الاعتداد به واعتباره معدوم الأثر، مع إلزام مصلحة الضرائب برد مبلغ 9746 ج و670 م وفوائده القانونية بمعدل أربعة لكل مائة سنوياً من يوم المطالبة الرسمية حتى السداد وقالت شرحاً لها إن مأمورية ضرائب العطارين ثان بالإسكندرية - المطعون عليها الأولى - أوقعت بتاريخ أول إبريل 1967 حجزاً تنفيذياً تحت يد بنك الإسكندرية المطعون عليه الثاني على أموال شركة....... للتأمين - الطاعنة - لاستيفاء ما يعادل مبالغ 2663.8 جنيهاً استرلينياً، 3551.310 جنيهاً استرلينياً و10321.71 دولاراً أمريكياً قيمة ثلاث وثائق للتأمين معقودة باسم السيد/....... باعتبارها قيمة ما أقرت به الشركة بما في ذمتها بناء على الحجزين الإداريين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 الموقعين تحت يدها على أموال ذلك الأخير باعتباره مديناً لمصلحة الضرائب نظير مبلغي 5677 ج و296 م، 12291 ج و300 م يمثلان قيمة ضريبة الأرباح التجارية وضريبة الإيراد العام المستحقة عليه، وإذ كانت هذه الحجوز التنفيذية باطلة وكانت الضرائب المحجوز من أجلها قد سقطت بالتقادم، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 25 من مارس سنة 1968 حكمت المحكمة ببطلان الحجز المؤرخ أول إبريل سنة 1967 والموقع على أموال الشركة الطاعنة تحت يد المطعون عليه الثاني واعتباره كأن لم يكن وإلزام المطعون عليه الأول بصفته - مصلحة الضرائب - بأن ترد للطاعنة مبلغ 9746 ج و670 م والفوائد بمعدل 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 476 لسنة 24 ق الإسكندرية، ومحكمة الاستئناف حكمت في 20 من إبريل سنة 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في مرحلة الاستئناف بأن الحجز التنفيذي الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 جاء على خلاف ما تقضي به المادة الثانية من قانون الحجز الإداري التي لا تجيز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر كتابي من ممثل الجهة الحاجزة، ولا تغني الإشارة إلى قرار مدير مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر 1955 عن تقديمه للوقوف على نطاقه ومدى جواز الإنابة فيه والأشخاص الصادرة إليهم وحدوده الزمانية والمكانية علاوة على أن مأمورية ضرائب العطارين ثان الكائنة بالإسكندرية قد تجاوزت اختصاصها المكاني وأوقعت الحجز التنفيذي على الشركة الطاعنة في مقرها بمدينة القاهرة، وإذ اكتفى الحكم المطعون فيه بأن هذا الدفاع لا أساس له من القانون، فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب علاوة على مخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 بأنه "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو ممن ينيبه كل من هؤلاء في ذلك كتابة"، يدل على أن المشرع استلزم لصحة إجراءات الحجز الإداري أن تصدر بناء على أمر حجز مكتوب، وأن يكون أمر الحجز الذي يوقع بمقتضاه صادراً من شخص مفوض قانوناً لإصدار الأمر، وخول رئيس الجهة الإدارية الحاجزة أو لمن ينيبه تحديد الدين المراد الحجز بمقتضاه، مستهدفاً بذلك طبقاً لما جلته المذكرة الإيضاحية للقانون - ألا يؤدي غياب ممثل الجهة الحاجزة أو بعده عن مجال الحجز إلى تعطيل توقيع الحجز وتحصيل المبالغ المستحقة - مما مفاده أنه متى صدر الأمر مستوفياً هذه الشرائط فلا عبرة بالاختصاص المكاني للأمر بالحجز تفادياً لتطويل الإجراءات وتعقيدها.
لما كان ذلك وكان لمصلحة الضرائب بموجب القوانين الضريبية - ومنها القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، والقانون رقم 99 لسنة 1949 بفرض ضريبة عامة على الإيراد - حق تحصيل الضرائب والمبالغ المستحقة لها بطريق الحجز الإداري طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري والقرار رقم 143 لسنة 1955 الصادر من وزير المالية تنفيذاً له، وكانت المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تقضي بأنه يقصد "بمصلحة الضرائب" في حكم هذا القانون وزارة المالية والمصالح أو الموظفين الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح في تنفيذ هذا القانون، وإذ كان هذا النص يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً، وقد أعطت اللائحة التنفيذية لهذا القانون في المادة 47 معدلة بالقرار الوزاري رقم 36 لسنة 1954 "رؤساء المأموريات التي يحددها مدير مصلحة الضرائب" حق إصدار الأوراد التي تحصل بمقتضاها الضريبة طبقاً للمادة 92 من القانون كما خولت مأموري الضرائب سلطة تحصيلها، لما كان ما تقدم وكان أمر الحجز التنفيذي الإداري الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 قد صدر بناء على قرار مدير عام مصلحة الضرائب المؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1955 بإنابة مأموري الضرائب ومساعديهم بالمأموريات ب في إصدار أوامر الحجز الإداري، وكان الأمر قد صدر من مأمورية ضرائب عطارين ثان الكائنة بمدينة الإسكندرية، فإنه لا وجه للتحدي بوجوب تقديم هذا القرار للتحقق من نطاقه وحدوده طالما أن هذه الإنابة العامة لها سندها من نصوص القوانين الضريبية وقانون الحجز الإداري على السواء، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص ولا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم قضى بصحة الحجزين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، و24 من يناير سنة 1962 على سند من القول بأن الشركة المحجوز لديها ردت على الحجزين بما يفيد اعتبارهما صحيحين بقيامها بالتقرير بما في ذمتها وإبداء استعدادها لسداد الدين، في حين أن كلاً من الحجزين المشار إليهما يعتبر كأنه لم يكن وفق الفقرة الأخيرة من المادة 29 من القانون رقم 308 لسنة 1955، تبعاً لعدم قيام مأمورية الضرائب بإعلان المحجوز عليه بصورة من محضرهما مبينة تاريخ إعلانهما للمحجوز لديه خلال ثمانية الأيام التالية ولا يعد التقرير بما في الذمة تنازلاً عما شاب الحجز من بطلان لأنه إنما جاء تنفيذاً لالتزام قانوني ملقى على عاتق الطاعنة بوصفها محجوزاً لديها يجب عليها القيام به في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانها بمحضر الحجز طبقاً للمادة 30 من القانون، ولا دخل لتنفيذ هذا الالتزام بما يتعين على الجهة الحاجزة استيفاؤه بإجراءات تالية. ويترتب على بطلان هذين الحجزين بطلان الحجز التنفيذي الموقع بتاريخ أول إبريل سنة 1967 على أموال الشركة الطاعنة لاستناده عليهما. هذا إلى أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان الحجز الأخير لأن مأمورية الضرائب لم ترفق بأوراق التنفيذ صورة من التقرير بما في الذمة إعمالاً لحكم المادة 31 من ذات القانون، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع رغم جوهريته وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب علاوة على خطئه في التطبيق القانوني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في - قضاء هذه المحكمة - أن الحجز الإداري تحت يد الغير يقع بنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري بموجب محضر حجز يعلن إلى المحجوز لديه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول، وإن تخلف ما أوجبه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة من إعلان المحجوز عليه بصورة من محضر الحجز خلال الثمانية الأيام التالية لتاريخ إعلان المحضر للمحجوز لديه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن، لا يؤثر على الحجز الذي سبقه، وأن ما قرره المشرع من اعتبار الحجز كأن لم يكن إنما هو جزاء غير متعلق بالنظام العام فيجوز لكل ذي مصلحة في التحلل من الواجبات التي يفرضها عليه قيام الحجز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ولئن كان مجرد تقرير المحجوز لديه للجهة الحاجزة بما في ذمته للمحجوز عليه إذعاناً لما تفرضه عليه المادة 30 من القانون لا يمكن أن يعتبر وحده تنازلاً عن ذلك العيب الذي شاب الإجراء اللاحق، إلا أنه لما كان البين من الاطلاع على الإخطارين المؤرخين 29 نوفمبر 1960، 6 فبراير 1962 أن الشركة الطاعنة لم تقتصر فيهما على التقرير بما في ذمتها للمحجوز عليه ببيان كافة ما تحت يدها لمدين مصلحة الضرائب، بل أردفت ذلك بإبداء استعدادها لأداء مبالغ وثائق التأمين فور الحصول على إذن مراقبة للنقد تبعاً لأن هذه المبالغ مقومة بعملة أجنبية ومستحقة لغير مقيم، كما أكدت الشركة هذا المعنى بكتابها الذي وجهته إلى شعبة التحصيل والحجز بالمأمورية بتاريخ 10 من مايو سنة 1961، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من ذلك نزولاً الطاعنة عن العيب، فإنه مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام استخلاصه سائغاً وله سنده من الأوراق ولا يخرج عن حدود المعقول منطقاً وعقلاً. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 31 من قانون الحجز الإداري معدلة بالقانون رقم 181 لسنة 1959 بأن "على المحجوز لديه خلال أربعين يوماً من تاريخ إعلانه بمحضر الحجز أن يؤدي إلى الحاجز ما أقر به أو ما يفي منه بحق الحاجز والمصروفات أو يودعه خزانة الجهة الإدارية الحاجزة لذمتها..... فإذا لم يؤد المحجوز لديه أو يودع المبالغ المنصوص عليها في الفقرات السابقة جاز التنفيذ على أمواله إدارياً بموجب محضر الحجز المنصوص عليه في المادة 29 مصحوباً بصورة من الإخطار المنوه عنه في المادة 30....." يدل على أن القانون لا يعتبر التقرير بما في الذمة هو السند التنفيذي الذي يجرى به التنفيذ على المحجوز لديه، بل اعتد بسند الحاجز على المحجوز عليه، مستهدفاً بإرفاق صورة من تقرير المحجوز لديه بما في ذمته بمحضر الحجز مجرد تكملة السند التنفيذي من ناحية أنه يعين ويحدد المبلغ الثابت في ذمة المحجوز لديه للمحجوز عليه، وإذ كان الثابت من الاطلاع على محضر الحجز التنفيذي المؤرخ أول إبريل 1967 أنه أرفق به صورة طبق الأصل من التقرير بما في الذمة المقدم من الشركة بتاريخ 29 من نوفمبر 1960، وكانت البيانات الواردة بهذا التقرير لا تختلف عنه البيانات التي جاءت بالتقرير المؤرخ 6 من فبراير 1962 وتضمن التقريران نفس المبالغ التي في ذمة الشركة الطاعنة لمدين مصلحة الضرائب بما يستوعب المبلغ المحجوز عليه بأكمله، فإن غاية المشرع من تحديد المال الذي يجرى التنفيذ عليه تكون قد تحققت، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثالث والرابع والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بسقوط حق مدين مصلحة الضرائب المحجوز عليه في مطالبتها بمبالغ التأمين بانقضاء ثلاث سنوات على استحقاقه لها في 15 من مارس سنة 1960 تطبيقاً للمادة 752 من القانون المدني على سند من انقطاع ذلك التقادم بتقرير الشركة الطاعنة ببقاء هذه المبالغ في ذمتها بما يعد إقراراً صريحاً منها بحق مدين المصلحة فيها، في حين أن التقرير بما في الذمة ليس من قبيل الإقرار باعتباره تنفيذاً لالتزام قانوني يتعين عليها القيام به. وبفرض اعتباره إقراراً قاطعاً للتقادم فإن المدة الجديدة تحتسب على أساس مدة التقادم الأول أي ثلاث سنوات تسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وفق المادة 385 من التقنين المدني، وإذ قررت الشركة بما في ذمتها بتاريخ 6 من فبراير سنة 1962 فإن التقادم الجديد تنتهي مدته في 5 من فبراير سنة 1965 ويكون الحجز التنفيذي على أموال الشركة في أول إبريل سنة 1967 عديم الأثر لتوقيعه بعد اكتمال مدة التقادم هذا إلى أن الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن الضريبة المطلوبة من المحجوز عليه والمحجوز من أجلها تحت يد الطاعنة مستحقة عن السنوات من سنة 1950 حتى آخر سنة 1955 ولم تتخذ مأمورية الضرائب أي إجراء قاطع للتقادم بشأنها منذ توقيع الحجزين في سنتي 1960، 1962 فتكون قد لحقها التقادم هي الأخرى عملاً بحكم المادة 97 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفوات أكثر من خمس سنوات. كما تمسكت أيضاً بأن مبالغ الضريبة المطالب بها ليست كلها مستحقة على المحجوز عليه بل تضمنت مبالغ على آخرين هم سائر الشركاء معه في شركة التوصية، وإذ أغفل الحكم هذين الدفاعين رغم أن من شأن تمحيصها تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه علاوة على مخالفة القانون يكون قاصر التسبيب.
حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مقتضى الحجز أياً كان نوعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه الوفاء به لدائنه أو تسليمه إليه، كما يمتنع على المحجوز عليه التصرف فيه بما يؤثر في ضمان الحاجز، وكان حجز ما للمدين لدى الغير يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، وكانت المادة 383 من التقنين المدني تقضي بأن التقادم الساري ينقطع بالحجز وهي عبارة عامة تسري على حجز ما للمدين لدى الغير فإنه يترتب على إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه قطع التقادم الساري لمصلحته في مواجهة المحجوز عليه اعتباراً بأن الحجز من أسباب قطع التقادم، وكذلك قطع التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز لأن الحجز وإن كان يعلن إلى المحجوز لديه إلا أنه يقصد توجيهه فعلاً إلى المحجوز عليه وينصب على ماله، لما كان ذلك، وكان قد تقرر في السبب السابق صحة الحجزين التنفيذيين المؤرخين 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 وكان الحجز الصحيح يبقى منتجاً كل آثاره ما لم يرفع بحكم القضاء أو برضا أصحاب الشأن أو يسقط لسبب عارض بحكم القواعد العامة، وكان الفصل الثاني من الباب الثاني من قانون الحجز الإداري الخاص بحجز ما للمدين لدى الغير قد خلا من نص يسمح باعتبار الحجز الإداري تحت يد الغير يسقط بالتقادم أسوة بما قررته المادة 20 من ذات القانون في شأن حجز المنقول لدى المدين، كما خلا قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة الدعوى من نص مماثل فيما عدا المادة 574 الخاصة بالحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية وهي المقابلة للمادة 350 من قانون المرافعات الحالي، فإنه يترتب على توقيع الحجزين سالفي الذكر قطع التقادم الساري سواء لمصلحة الشركة الطاعنة ضد المحجوز عليه بالنسبة لمبالغ التأمين أو لمصلحة هذا الأخير قبل مصلحة الضرائب الحاجزة في شأن مبلغ الضريبة ما دامت إجراءاتها متعاقبة على النحو الذي قرره القانون، وإذ كانت الطاعنة تقرر أن مبالغ التأمين مستحقة في 15 من مارس سنة 1960، كما لا تجادل في أن المطالبة بالضريبة لم تكن قد سقطت بالتقادم عند توقيع الحجزين في 16 من نوفمبر سنة 1960، 24 من يناير سنة 1962 تبعاً لما هو ثابت من توجيه التنبيه بالدفع إلى المدين في 12 من أكتوبر سنة 1960، وإذ أعقبت المصلحة هذين الحجزين بحجز تنفيذي آخر ضد الطاعنة في أول إبريل سنة 1967 بما يترتب عليه استمرار قطع التقادم فإنه لا محل للتذرع بسقوط الحق في المطالبة بالمبلغين وذلك دون ما حاجة للتعرض لمدى اعتبار التقرير بما في الذمة إقراراً قاطعاً للتقادم أو لمدة التقادم الجديدة بعد الانقطاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فحسب محكمة النقض أن تبين التطبيق القانوني السليم مقومة الحكم على أساسه. لما كان ما تقدم، وكانت أوراق الدعوى خلواً مما يفيد أن المبالغ المستحقة لمصلحة الضرائب قبل المحجوز عليه تخالطها مبالغ أخرى مستحقة على بقية الشركاء في شركة التوصية التي يسهم فيها، وكان لا محل للنعي على الحكم بالقصور لعدم رده على وجه من وجوه الدفاع لا أثر له في الأوراق، فإن النعي بأكمله يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب السابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بأن المحجوز عليه استصدر ضدها حكماً من المحاكم الإنجليزية بدفع المبالغ المستحقة بموجب وثائق التأمين المعقودة لديها على أساس عدم انطباق القانون المصري استناداً إلى أنها شركة كندية مركزها بالخارج ويوقع رئيسها على كافة وثائق التأمين وتدفع مبالغها بعملات أجنبية، واضطرت الطاعنة إلى سدادها مما يحق لها التمسك بذلك الحكم في النزاع القائم لتحديد القانون الواجب التطبيق من حيث مكانية عقد التأمين بعد إذ لم يعد للمحجوز عليه أموال تحت يدها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني تقضي بسريان قانون الدولة التي تم فيها العقد عند اختلاف الموطن ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، وكانت المادة 22 من هذا القانون تنص على أنه يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات، وكان الثابت من الأوراق أن وثائق التأمين قد أبرمت في مصر وأن المستأمن وهو المدين المحجوز عليه مصري الجنسية وأن الدعوى الماثلة دعوى بطلان حجز ما للمدين لدى الغير موقع في مصر على أموال موجودة فيها، فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق، علاوة على أن المحاكم المصرية تكون هي المختصة وحدها بنظر دعوى البطلان والطلبات الموضوعية المرتبطة بها. لما كان ذلك، وكان من آثار توقيع حجز ما للمدين لدى الغير طبقاً للفقرة الثانية من المادة 29 من قانون الحجز الإداري نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في ذمته للمحجوز عليه فإن وفاء الشركة الطاعنة إلى المحجوز عليه بمبالغ وثائق التأمين لا تحاج به مصلحة الضرائب الحاجزة وإذ كانت المحكمة الاستئنافية قد أصابت بتطبيق القانون المصري على واقعة الدعوى المرفوعة أمامها فإنه لا تثريب عليها إذا هي لم تتحدث عن الحكم الصادر من المحاكم الإنجليزية طالما أن الاختصاص معقود للمحاكم المصرية وحدها.
وحيث إن مفاد السبب الثامن أن للطاعنة حقاً في المطالبة بالفوائد عند نقض الحكم لأن المادة 101 من القانون رقم 114 لسنة 1939 غير منطبقة على واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعي أضحى غير ذي موضوع بعد أن تبين أن الطعن برمته غير سديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق